رسالة الأخ رئيس الجمهورية إلى ندوة آفاق العمل العربي المشترك في القاهرة
أصحاب المعالي والسعادة ! الأخوة الحاضرون جميعاً ..
سلام الله عليكم وتحية لكم من جذر العروبة ومهدها. من وطنكم اليمن .
وبادئ ذي بدء أعبر لكم عن سعادتي بانعقاد هذه الندوة التي تحتضنها لجنة التضامن المصرية، وتثري محاورها ومداولاتها كوكبة عربية صادقة من المفكرين والسياسيين والمثقفين الذين يتلمسون سبل النهوض، ويذكون تطلعات أبناء الأمة العربية في غد أفضل.. باستشراف آفاق العمل العربي المشترك الذي غدا ضرورةً يستوجبها الخلاص من إسار التخلف والركود .
الأخوات والأخوة الأعزاء ..لا شك إنكم تدركون أكثر من سواكم إن آفاق العمل العربي المشترك تتعدد أوجهها وتتسع رحابها بحكم ما تملكون من ذخيرة علمية وتراكم معرفي وان المركز الأساسي لتجسيد هذه الآفاق هو جامعة الدول العربية التي تواصل جهودها التي تثمر خيراً ونفعاً منذ تأسيسها عام 1945م لتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك باعتبارها بيت العرب جميعاً.
فحسبها دليلاً على ذلك إن اختلاف أساليب وأنظمة الحكم في البلدان العربية وما شهدته المنطقة العربية من تطورات ومتغيرات لم يمنعها من أن تلعب دوراً بارزاً في توحيد الكثير من الاتجاهات والممارسات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية ورسخت التعاون في هذه المجالات إضافة إلى دورها المهم الذي اضطلعت به خلال فترات مختلفة في حل الخلافات وتقريب وجهات النظر من اجل تعزيز مسيرة التضامن العربي وتوحيد الرؤى بين الأقطار العربية إزاء العديد من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية التي تهم الأمة العربية.
ففي إطار الجامعة تواصل انعقاد مؤتمرات القمة العربية منذ الستينيات بغية التصدي للأطماع الصهيونية وتوحيد المواقف إزاء القضايا المصيرية الهامة وبصفة خاصة قضية العرب الأولى، القضية الفلسطينية، وظلت تلك القمم الوسيلة المثلى لاتخاذ القرارات الفاعلة في سياق العمل العربي المشترك.
لقد كانت الوحدة العربية وما تزال حلماً مشروعاً يراود أبناء الأمة وطموحاً ينشدون تحقيقه لما تملكه أمتنا من مقومات الوحدة التي تفردت بها وميزتها عن أمم كثيرة اتحدت وكونت دولاً عظيمة وهي لا تمتلك نفس القدر من مقومات الوحدة العربية وهي المقومات التي كانت دافعاً لرعيل أراد الحق فأصابه عندما ترجم المشاعر القومية بإقامة وحدة اندماجية بين مصر وسوريا وقيام الجمهورية العربية المتحدة التي انضمت إليها اليمن فيما بعد في اتحاد فيدرالي لم يكتب له النجاح.
وبتعرض لتك التجربة الوحدوية كنتاج للإحجام والتردد في الإقدام على تجربة وحدوية جديدة كاد الأمل لدى أبناء الأمة العربية إن يخبو وكاد الحديث عن إمكانية قيام وحدة عربية إن يصبح عقيماً حتى تحققت الوحدة اليمنية غداة 22 مايو 1990م فتجددت الآمال لدى أبناء الأمة الذين عبروا عن تأييدهم ووقوفهم إلى جانبها باعتبارها مكسباً قومياً لهم جميعاً.
وعلى الرغم من المؤامرات والتحديات التي واجهتها الوحدة اليمنية فقد غدت راسخة قوية وأثبتت أنها عامل استقرار وسلام في المنطقة ومصدر حياة كريمة لأبناء الشعب اليمني الذي لم يعرف في غيابها إلا الدمار والضعف وتبديد الموارد والإمكانيات.
إن التعاون الاقتصادي بأهميته في خلق شبكة من المصالح المشتركة هو الخطوة الأولى التي ستمهد لخلق تكتل عربي فاعل يمتلك صفة الديمومة، وليس من شك في أن أسسه يتقدمها وجود السوق العربية المشتركة وحرية انتقال رؤوس الأموال والسلع والأيدي العاملة وإزالة ما يعترضها من حواجز بين الأقطار العربية بعيداً عن التوجس والشكوك وتجسيداً لأهداف التكامل الاقتصادي المنشود.
وفي الختام أثق في نضج ما ستتمخض عنه هذه الندوة من آراء وتوصيات تستهدف تفعيل العمل العربي المشترك وإنها سوف تلقى ترحيباً ملموساً من الجمهورية اليمنية.
وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..