رئيس مجلس الرئاسة في رسالة إلى الملتقى الجماهيري لأبناء محافظة شبوة
الأخوة رئيس وأعضاء الملتقى الجماهيري الموسع لأبناء محافظة شبوة الباسلة.. المحترمون يطيب لي وانتم تعقدون ملتقاكم الجماهيري الموسع أن ابعث إليكم ومن خلالكم إلى كافة أبناء محافظة شبوة بأجمل التحيات وأطيب الأمنيات بنجاح هذا الملتقى الذي ينعقد اليوم ووطننا اليمني الحبيب يمر بمنعطف تأريخي هاج بإتجاه الإنتصار لوجوده وكيانه الموحد ومستقبله المزدهر..
وإنه لأمر بالغ الدلالة أن يتزامن انعقاد ملتقاكم المبارك مع تطلع جماهير شعبنا اليمنى وترقبها بكل الأمل والتفاؤل من أقصى الوطن اليمني إلى أقصاه إلى تلك اللحظة التاريخية التي يتم فيها التوقيع على اتفاقية العهد والإتفاق التي انجزتها لجنة حوار القوى السياسية لإخراج الوطن من كابوس الأزمة الطاحنة التي جثمت على صدره منذ أكثر من خمسة أشهر وشكلت تهديدا خطيرا لوحدته ومسيرته الديمقراطية وألحقت بمصالح الوطن والمواطنين ابلغ الضرر وعلى أكتر من صعيد..
إن إنجاز وثيقة العهد والإتفاق التي باركتها كل جماهير شعبنا اليمني وفعالياته السياسية والاجتماعية وغيرها من القوى المحبة لليمن أشقاء وأصدقاء تمثل انتصارا حقيقيا لروح الحكمة والصبر ولمنطق الحوار والعقل الذي ينبغي أن يظل سبيلنا الوحيد لحل كل الخلافات والتباينات في الرؤى من أجل الوصول إلى الأفضل.. وهي بمضامينها ورؤاها المتقدمة لبناء الدولة اليمنية الحديثة تمثل اختبارا حقيقيا للنوايا الصادقة والإرادة المخلصة المستلهمة للمصالح العليا للوطن والشعب وتتطلب نكرانا للذات وسموا فوق الصغائر واستنهاضآ لكل الطاقات الوطنية وتضافر لجهود كل القوى الخيرة والشريفة في وطننا لتجعل من هذه الوثيقة برنامجا عمليا للمرحلة المقبلة يعبر عن طموحات شعبنا في صيانة وحدة الوطن وحماية تجربته الديمقراطية والإنطلاق بثقة وروح تضامنية مشتركة ومسؤولة نحو ترجمتها في واقع الإنجاز عملا فاعلا لبناء يمن جديد عصري ديمقراطي تتفجر في ظله كل الطاقات والإبداعات الوطنية ويتحرر فيه الإنسان اليمني من موروثات الماضي التشطيري البغيض.
يمن لاخيار فيه للبناء غير خيار الديمقراطية والتنمية ولامجال تحت سمائه للطغيان والاستبداد والقهر والإرهاب الدموي أو الفكري أوالسياسى.. يمن يتسع صدره برحابة للجميع ويتحمل مسؤولية النهوض به كل أبنائه دون تمييز أواستتناء أو تعصب مناطقي أو قروي أو مذهبي أوسلالى أو طائفي وغيره من مخلفات عهود الاستبداد الامامى والاستعماري وعهود التشطير.
وان الواجب الوطني يفرض على من يتقاعسون أو يترددون عن التوقيع على تلك الاتفاقية محل الإجماع الوطني أن يكونوا عند مسؤولياتهم الوطنية وان يسارعوا إلى ذلك دون تلكؤ أو تسويف أو وضع شروط أو تفسيرات جديدة تعيق عملية التوقيع على الوثيقة وتمثل التفافا عليها ونكوصأ عن الإلتزام بتنفيذها تحت أي مبرر.. فذلك ما لن يقبله الشعب ولن يتسامح أبدا مع من يسعون لإجهاض تطلعاته المشروعة في حياة آمنة مستقرة وتجنيب الوطن أية تحديات أو مخاطر.
الأخوة لأعزاء:
إن شعبنا اليمني الذي برهن دوما عبر مسيرته النضالية الطويلة اقتداره على خوض التحديات الصعبة والخروج من معتركاتها وهو أكتر قوة وتمسكآ بخياراته الوطنية وانتصارا لإرادته ومبادئه سوف يبرهن مرة أخرى قدرته على إفشال كل مراهنات أعداء وحدته وخياره الديمقراطي والخروج من معترك الأزمة المؤسفة وهو أكتر صلابة وتشبثآ بذلك الطريق الذي اختط مساره في ذلك اليوم العظيم.. يوم الثاني والعشرين من مايو 1995 م.. اليوم الذي رفرف فيه علم الجمهورية اليمنية خفاقا فوق كل ربوع الوطن.. واشرقت شمس الوحدة ساطعة لتبدد من حياة الشعب دياجير ظلام التشطير وليله الطويل وترسم الأمل والفرح على وجوه كل اليمنيين.. وكانت الوحدة بحق هي سفينة النجاة من طوفان لا يرحم وجسر العبور نحو عصر جديد ودولة حديثة ترتكز اسسها على الديمقراطية والعدالة والمساواة والمشاركة الشعبية واحترام حقوق الإنسان وصيانة دمه وعرضه وماله. ولعلكم أيها الاخوة الأعزاء أبناء محافظة شبوة الأبية أكثر من يدرك تلك الدلالات العظيمة والقيمة الوطنية والتأريخية المرتبطة بالوحدة هدفا ووجودا ومشروعا وطنيا لصنع المستقبل الأفضل.. فمعاناة ويلات التشطير ومآسيه وذكرياته المؤلمة لاتزال تستحضرها ذاكرة الشعب الحية وتستلهم منها الدروس والعبر.. والجروح العميقة التي خلفها التشطير البغيض على جسد الوطن تحتاج من أجل اندمالها تماما المزيد من ترسيخ الوحدة والحفاظ عليها بحدقات العيون.. وتحتاج إلى زرع المحبة والتلاحم بين أبناء الوطن اليمني الواحد بديلا للكره والأحقاد والبغضاء وتغليب المصالح والأهواء الذاتية الضيقة.
إنها تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نكون لبعضنا البعض والتخلي عن الأنانية أوالانشداد لعقلية الماضي التشطيري فذلك لن يورث للوطن سوى الكارثة التي لن يغفر التأريخ لمن سيرتكبونها- لاسمح الله- في حق الوطن والشعب.
أننا أيها الأعزاء في محافظة شبوة نبارك لكم هذا الملتقى ونثق بأنكم ستكونون في مستوى الحدث الهام الذي بعثه وطنكم وستكونون كماهو العهد بكم اولئك المناضلين الذين سينتصرون لإرادة شعبهم وخياراته الوطنية وفي الطليعة الوحدة والديمقراطية..
وان نتائج ملتقاكم هذا لن تصب إلا في ذلك المجرى الوطني الذي رفدته دماء الشهداء الأبرار وتضحيات وعطاءات المناضلين من أبناء شعبنا من أجل حياة حرة كريمة ووطن يمني موحد مزدهر.. وطن تبوأ مكانه المرموق في التاريخ المعاصر وبين الأمم في تلك اللحظة المجيدة التي حقق فيها أبناؤه حلمهم الغالي يإستعادة الوحدة مقرونة بالديمقراطية ليتوج ذلك الانتصار العظيم بنجاح أول انتخابات برلمانية في تاريخ اليمن الموحد يوم ال27 من إبريل 1993م والتي نالت إعجاب العالم وأرست مدماكآ قويا في صرح الدولة اليمنية الحديثة.. دولة النظام والقانون والمؤسسات والشرعية الدستورية.. وفقكم الله والهم الجميع لمافية خير الوطن وتقدمه وازدهاره مع خالص الأمنيات لملتقاكم بالنجاح والتوفيق..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.