رئيس مجلس الرئاسة في مقابلة إذاعية مع راديو لندن
راديو لندن فخامة/ الرئيس علي عبد الله صالح.. يطلق عليكم مهندس الوحدة. من هذا المنطلق أرجو أن تلقي نظرة إلى الوراء عبر السنوات الثلاث الماضية تقريبا، ما مدى الإحباط أو كليهما الذي تشعر به في خضم أول انتخابات ديمقراطية من نوعها في البلاد؟
الرئيس: بعد قيام الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو تم رسم سياسة على طريق التعددية الحزبية وتأسيس الديمقراطية ورسم السياسة الانتخابات عامة لمجلس النواب.. بعد رسم هذه السياسة في أل 22 من مايو 1990 م ودمج النظامين القائمين اللذين كانا في شمال الوطن والجنوب.. وهما نظامان متباينان ولكن بحمد الله تم التغلب على كثير من التناقضات ووصلنا إلى صيغة مشتركة أثناء قيام الوحدة.. إلا أنه رافق ذلك بعض الإحباطات والسلبيات خاصة في مجال الإدارة بالذات، وأيضا بعض الاختلالات الأمنية نتيجة بعض المؤامرات التي تحاك دائما ضد اليمن. حصلت بعض الإختلالات الأمنية ولكن لم تؤثر كثيرا على إرادة الشعب اليمني إذ ظل الشعب اليمني متماسكا وحريصا على وحدته وعلى التعددية الحزبية.. والديمقراطية. وواصلنا في النضال من أجل تحقيق هذا الهدف حتى يكون يوم السابع والعشرين من إبريل يوم عرس ديمقراطي بإذن الله مثلما كان العرس الوحدوي الكبير في الثاني والعشرين من مايو عام 1990م.
. راديو لندن.. كانت آمالكم وطموحاتكم كبيرة عندما دشنتم الوحدة في مايو 1990م ولكن كما ذكرتم يعترف المرء بأنه يلحظ عندما يأتي إلى هنا عوا مل تبعث على القلق أو عندما يقرأ الصحف في الخارج ظاهرة العنف استشراء الفساد خاصة فيما كان يعرف باليمن الشمالي، البيروقراطية وسوء الإدارة التدهور في الخدمات العامة والتشطير في بعض المؤسسات كالجيش والقضاء فمن منظوركم الشخصي ما هي الأسباب لذلك وهل يكفي ما يردد من عذر يقول ولكنها الفترة الانتقالية ا؟
الرئيس هناك مبالغة في بعض الأحيان في الصحافة الحزبية وصحف المعارضة وبالطبع لابد أن تقول صحف المعارضة ذلك وتخلق من الحبة قبة وحول استشراء الفساد المالي والإداري فلم يكن فيما كان يسمى بالشطر الشمالي إذ عمت السلبيات كل أنحاء اليمن حتى محافظاتنا الجنوبية.. ونتيجة نقل السلطة إلى العاصمة حصلت بعض الاختلالات في بعض الإدارات وبعض الأشياء في كل مرفق إذ كان يشعر بعض الناس بعدم المسؤولية.. البعض وليس الكل ربما لأنه يعتقد أنه سينتهي وجوده في السلطة بنهاية الفترة الانتقالية.. ولكن كل هذا الخلل إن شاء الله سيصحح وسيكون يوم 27 إبريل حدا فاصلا للفوضى والتسيب المالي والإداري ومحاسبة الفاسدين والمفسدين من قبل سلطات الشعب الممثلة في مجلس النواب وهو أعلى سلطة والمرجعية الأساسية في البلاد وإن شاء الله
سيكون السابع والعشرون من إبريل هو كما قلت الحد الفاصل لكل ذلك.. وكما قلنا هو يوم عرس ديمقراطي وحد فاصل لكل هذه الفوضى التي رافقت مسيرة الوحدة أثناء الثلاث السنوات الماضية..
راديو لندن/ كيف تصور العلاقة الحالية بين الحزبين الحاكمين الاشتراكي والمؤتمر والى أي حد يمكن القول أن الخلاف بينكم وبين السيد نائب الرئيس علي سالم البيض هو شخصي ذاتي اكثر مما هو عقائدي موضوعي.؟
الرئيس: أولا لا صحة لوجود أي خلاف بين الرئيس ونائبه.. الشيء الآخر أن العلاقات بين المؤتمر الشعبي العام والاشتراكي أفضل من أي وقت خاصة وأنه مع اقتراب الانتخابات من موعدها صارت العلاقات افضل واحسن من الماضي.
راديو لندن كيف ترى العلاقة المستقبلية بعد الانتخابات خاصة وأنكما وقعتما ميثاق العمل السياسي وهو الميثاق الذي لم تقبل الأحزاب الأخرى أن توقعه..؟
الرئيس: بالتأكيد ستكون علاقة المؤتمر مع الاشتراكي ومع بقية التنظيمات السياسية جيدة جدا للمصلحة الوطنية العليا والمؤتمر يحرص على مد يده إلى كل التنظيمات السياسية لما فيه المصلحة الوطنية العليا.. وفي مقدمة هذه الأحزاب الحزب الاشتراكي كشريك أساسي وفاعل في صنع الوحدة وأيضا سيكون شريكا أساسيا في المستقبل.
راديو لندن فخامة الرئيس: تجارة السلاح تحظى بحماية الدولة وهي ظاهرة فريدة من نوعها في العالم وربما خطيرة أيضا.. وعملت على زيادة حدة مسلسل العنف في اليمن.. ما الحكمة من وجودها ومن تساهلكم الملموس نحوها؟
الرئيس: أولا العنف الذي حدث أو الخلل الذي حدث نستطيع أن نقول هو الخلل الأمني أو بتعبير آخر القلق الأمني.. والذي لم يزعجنا كثيرا لأننا كنا متوقعين أكثر مما حصل إنما ليس مرد هذا إلى الأسلحة أو اقتناء المواطنين السلاح.. فالمواطن اليمنى يعشق السلاح منذ القدم.. ورغم حمله للسلاح إلا أنه شعب عريق وشعب له تقاليده.. ولو أنه كان شعبا غير هذا الشعب على كثافة الأسلحة والعيارات المختلفة بحوزة كل مواطن لكانت أعمال العنف في كل قبيلة.. أوفي كل شقة أو مسكن.. لكن الشعب اليمني يتميز باحترام التقاليد.. وهذه الحوادث التي حصلت هي حالات فردية.. ولا تقلقنا كثيرا.. وتجارة الأسلحة في حد ذاتها ظاهرة سلبية ولكنها لا تأتي بحماية الدولة ولكن جاءت مرافقة الفترة الانتقالية للوحدة.. ففي هذه الفترة السلبية حصلت بعض الاختلالات.. ومن خلال السواحل والشواطئ والصحاري تسربت بعض الأسلحة لكنها لا تزعجنا كثيرا لأن اليمنيين متعودون على حمل السلاح.
راديو لندن. فخامة الرئيس: لماذا لم يتم التصدي بحزم من طرفكم لمن قاموا بالهجوم على بعض كبار الشخصيات اليمنية-. لاسيما في أوساط الحزب الاشتراكي أو هكذا يقولون..؟
الرئيس: عدد من مرتكبي هذه الحوادث هم الآن في النيابة العامة وكلهم أحيلوا من أيام قليلة إلى المحاكمة خاصة الذين قاموا بمحاولة اغتيال الجاوي التي قتل فيها حسن الحريبي.. وما حدث لرئيس مجلس النواب.. فهؤلاء هم معتقلون بعد أن القي القبض عليهم.. والبعض منهم فارون إلى بعض الدول الشقيقة وما تزال الجهات المختصة تتابع عبر القنوات المختصة مجيء هؤلاء الأشخاص.. وقد يحاكمون.. إذا لم يصلوا محاكمة غيابية..
راديو لندن: هذه الانتخابات متعددة الأحزاب كيف تقدر أن تكون انعكاساتها على الصعيد العربي هل تتوقعون دعما في مسيرة الديمقراطية أم عرقلة من جانب أخر؟
الرئيس: نحن ندعو الله سبحانه وتعالى أن يكتب لهذه التجربة النجاح والتوفيق. وفي حالة نجاح هذه التجربة نأمل أن تكون تجربة يستفيد منها من يريد أن يستفيد في الوطن العربي.. لأنها شيء لابد منه.. والشيء الجميل أن اليمن الآن تستقبل وفودا من الدول الأوروبية ومن المنظمات الدولية لمشاهدة عملية الانتخابات وزخما إعلاميا كبيرا من الإعلام الخارجي.. لكن نأسف ألا نسمع إلا الإساءة من بعض الصحافة العربية.. هل هذه التجربة تزعجهم أم أنها ستكون مفيدة لهم في المستقبل.. لأنها شيء لابد منه وهذا التعتيم الإعلامي أو عملية الهجوم المضاد للديمقراطية في اليمن ما كنا نتوقعه من بعض الأقطار.. نحن نأمل أن تنجح هذه التجربة.. وبالتأكيد ستكون شيئا إيجابيا في الوطن العربي ولابد ما يستفيدون منها في المستقبل للضرورة..
راديو لندن: نجاح التجربة الديمقراطية في اليمن ستعمل على ترسيخ الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن إن شاء الله ولكن هل يمكن أيضا أن تعمل على ترسيخ الإقليمية أم ستؤدي بكم إلى مزيد من الانفتاح؟
الرئيس: نجاح هذه التجربة هو يخص اليمن.. ويهمنا نجاح هذه التجربة في وطننا اليمني ونأمل أن يستفيد منها من يحب أن يستفيد مرا الوطن العربي ولكننا سنستمر في نضالنا من أجل تحقيق وحدة الأمة العربية.. الوطن العربي الكبير الذي نطمح إلى أن يتوحد بدلا من أن يظل مجزءا.. ونعتبر أن هذه هي حجر الأساس.. تحقيق الوحدة اليمنية وتأسيس الديمقراطية أمران سيظلان مهما كان المتحاملون عليهما في الوقت الحاضر.. لكن المؤرخين والمنصفين سيجعلون منها تجربة مفيدة في وطننا العرب.
راديو لندن: ولكن في تقديركم الشخصي.. بالنسبة للحملة الانتخابية هل عملت على تدعيم صرح الوحدة اليمنية أم أنها ساعدت في ا براز الشقوق والفروق في المجتمعين اليمنيين في الشمال والجنوب وبين طرق التفكير بينهما؟
الرئيس: الآن الحملة الإعلامية والدعايات الانتخابية للأحزاب والتنظيمات السياسية هي كلهما تصب في تعميق جذور الوحدة اليمنية.. وليس هناك شمال ولا جنوب هناك يمن واحد..
راديو لندن: فخامة الرئيس.. كيف تقبلت المجتمعات القبلية في اليمن مفهوم الديمقراطية الحديثة الذي ستجري الانتخابات بموجبه؟
الرئيس: أولا اليمن مجتمع قبلي كله.. والمثقفون انتقلوا من المجتمع القبلي إلى المدينة.. ولكن نقول نحن لسنا مع القبلية المتعصبة أو القبيلة التي تقف ضد التقدم الاجتماعي والسياسي والثقافي.. هذا الذي نحاول دائما أن نقوله يجب ألا تظل القبلية حجر عثرة أمام تقدم الوطن ولكن من حيث الجذر فاليمن مجتمع قبلي بكامله والتعددية الحزبية والسياسية تقبلها كل أبناء شعبنا.. الانتخابات التي تجرى في الوقت الحاضر ورغم التعددية السياسية والحزبية إلا أن هناك ظاهرة لازالت سلبية وهي أن الانتخابات في الوقت الحاضر لا تتم على أساس حزبي ولكن على أساس التركيب الاجتماعي إلا أن ما يهمنا هو تأسيس وتأكيد الديمقراطية كمبدأ.. وفي بداية كل عمل عظيم وتاريخي لابد أن ترافقه كثير من السلبيات.. لكن المهم المبادئ فنحن نرسم سياسة ونثبت أسسا مستقبلية
راديو لندن: بالنسبة للمبادئ هل استفدتم من أي تجربة ديمقراطية إقليمية أو دولية في بناء صرح الديمقراطية اليمني؟
الرئيس: نحن لا نستطيع أن نصم آذاننا عن تجارب الآخرين نحن نأخذ كل ما هو إيجابي من تجارب الآخرين وهناك خصوصيات وعلى سبيل المثال أن أول حدث في التاريخ هو أن تشكل لجنة عليا من عدة أحزاب سياسية.. لا لسلطة الدولة أي تواجد فيها.. هذه من الظواهر الإيجابية.. اللجنة العليا للانتخابات مكونة من سبعة عشر عضوا والأحزاب الرئيسية موجودة وهم الذين يرسمون السياسة ويرسمون طريقة الانتخابات والميزانية والإشراف على الأجهزة الإعلامية.. هذه أول تجربة ديمقراطية ليس للسلطة وللأجهزة الأمنية أي دور فيها.. هذه أول تجربة في الوطن العربي وربما في العالم الآخر فقد جرت التجربة المعروفة في أوروبا أن تكون وزارة الداخلية أو الحكومة هي التي تتولى الإشراف على الانتخابات، لكن بالنسبة لبلادنا ليس للأجهزة الأمنية أو الجيش أي دور في عملية الانتخابات سوى ما أرسته اللجنة العليا للانتخابات من سياسات لحفظ الأمن.. وهذه تجربة نعتقد أنها ممتازة كتيرآ..
راديو لندن. أخيرا فخامة الرئيس كيف تتوقعون أن يكون مستقبل اليمن بعد أول انتخابات ديمقراطية من نوعها في العالم العربي؟
الرئيس: أنا متفائل دائما مثلما كنت متفائلا حين كان هناك تشاؤم حول إعادة تحقيق وحدة الوطن.. أنا متفائل بانتخابات مجلس النواب القادم في ظل اليمن الذي تمت وحدته في الثاني والعشرين من مايو، . وسيكون مستقبل اليمن افضل واحسن مما كان عليه وستنتهي كل هذه الظواهر السلبية التي رافقت مسيرة الوحدة وسيزول القلق والخوف على اليمن، فاليمن له تقاليده الخاصة.. وله سياساته الخاصة وله علاقاته المرسومة مع أشقائه ومع أصدقائه…
راديو لندن شكرا جزيلا فخامة الرئيس..
الرئيس نرجو لكم التوفيق.