رئيس مجلس الرئاسة في كلمته بمناسبة عيد القطر المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله عز وجل.. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والرسل
الإخوة المواطنون الأعزاء:
إنه من دواعي الإحساس بالسعادة أن أتوجه إليكم باسمي ونيابة عن الأخوة أعضاء مجلس الرئاسة مع حلول عيد الفطر المبارك بأصدق التهاني وأخلص التمنيات، وأن أتقدم بها من خلالكم إلى كافة أبناء أمتنا العربية والإسلامية وإلى كل المواطنين في رحاب المعمورة سائلاً المولى سبحانه وتعالى أن يعيد هذه المناسبة العزيزة على قلب كل مؤمن ومؤمنة وقد تقدمت الأحوال بالجميع إلى وضع أفضل يليق بالإنسان المسلم وبرسالة المجتمعات الإسلامية الخيرة المحبة للحرية والعدل والمساواة والأمن والسلام المجبولة على الوحدة والتعاون والتلاحم والالتئام إنه سميع مجيب..
ولذلك فإن من واجبات الامتثال للتعاليم الإسلامية السامية أعضاء المناسبات الدينية حقها الكامل من الاحتفاء والابتهاج وتجسيد كل متطلباتها المعمقة لمبادئ وقيم الإخاء والتواصل والتراحم بين أبناء الأمة الواحدة وإحياء كل الشعائر المتصلة بها بداية بعلاقات الإنسان مع ربه وعلاقته بالآخرين داخل المجتمع وبذلك يكون للعيد معناه الجليل روحياً ونفسياً واجتماعياً لارتباطه بختام أداء فريضة هامة في ركن من أركان الدين الحنيف تعزيزاً للشعور بالفوز والفلاح والتوفيق في طاعة الله خلال شهر زاخر بزاد الخير والبر والتقوى غني بعناصر صقل قوة الإيمان والإرادة والنفس والضمير والعقل والبدن.
كما أن ثمار التعبد والطاعة فيه جليلة المكاسب سامية الجزاء غنية بالحسنات التي نأمل أن نكون جميعاً ممن كتبها الله لنا.. لأنه لا يضيع أجر من أحسن عملا..
أيها الأخوة المواطنون:
كم كنا نود أن يهل علينا هذا العيد وبلادنا قد اجتازت الأزمة حتى تكتمل فرحتنا لاسيما بعد أن تم التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق يوم العاشر من شهر رمضان المبارك في العاصمة الأردنية عمان برعاية جلالة الملك الحسين..
لكننا مع هذا لم نفقد الأمل في انفراج الأزمة قريباً بإذن الله حتى تعود المؤسسات الدستورية إلى الالتئام.. والعمل بصورة تضامنية بين أطراف الائتلاف الحكومي من أجل تطبيق الوثيقة.. وبذل الجهود من أجل تخفيف المعاناة عن المواطنين وبناء دولة اليمن الحديث على أسس عصرية بما يكفل سيادة النظام والقانون وتعزيز دور المؤسسات.. واحترام الشرعية الدستورية والاحتكام إلى إرادة الشعب.. والالتزام بمبدأ التداول السلمي والديمقراطي للسلطة.
مؤكدين الالتزام بالثوابت الوطنية التي لا مجال للمساومة أو التفريط بها.. وفي طليعتها الوحدة والديمقراطية، فالوحدة هي مصدر قوة الشعب وضمانة الاستقرار والتقدم والإزهار للوطن. وفي هذه المناسبة نكرر الدعوة لحل كافة الخلافات والتباينات والمشاكل بالحوار الديمقراطي والموضوعي الهادئ.. وبالعقل والحكمة.. فالوطن ليس ملكاً لفرد.. أو حزب.. أو جماعة.. وليس من حق أحد ادعاء الوصاية على الوحدة أو الشعب أو أي جزء من الوطن.. فالوحدة هي ملك الشعب ولن يفرط فيها مهما كان الثمن ويخطئ من يتصور أن الحل للمشاكل يكمن في تقويض الوحدة أو العودة بالوطن إلى ما قبل إلى 22 من مايو 1990 م، فقد دارت عجلة التاريخ ولن تعود للوراء وإنما يكمن الحل في تقويم السلوكيات وتصحيح الأخطاء والتصدي بحزم لكل مظاهر الفساد والعبث بالمال العام وتطبيق القانون ومحاسبة المسيء وتغليب المصلحة العامة للوطن على المصلحة الذاتية أو الحزبية.. والتجرد من الانتماءات الضيقة والكف عن إثراء إثارة وإذكاء النزعات التشطيرية والطائفية والمناطقية والقبلية وغيرها، فالإيمان بوحدة الوطن معياره الحقيقي هو العمل على تعزيز وحدة الشعب إذ لا يمكن لوطن أن يبقى موحداً إذا لم يكن أبناؤه موحدي الإرادة يدينون له بالولاء أكثر من ولائهم لأحزابهم أو مناطقهم، فالوطن أمانة في أعناقنا جميعاً.. وحماية الوحدة وصيانتها واجب وطني مقدس.. علينا جميعاً أن لا نتهاون إزاء أية محاولة لتمزيق عرى الوحدة أو الزج ببلادنا في أُتون الفتنة أو الحرب.. فمن الجرم الذي لا يغتفر أن يقتل يمني أخاه اليمني أو أن يراق الدم اليمني بيد يمنية ولهذا فإنه لواجب مقدس على كل وطني أن يرفع صوته بإدانة كل ما من شأنه تصعيد التوتر وتفجير الصراع المسلح..
أيها الإخوة المواطنون :
لقد جاءت زيارتنا خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك إلى كل من القاهرة وأبو ظبي لتتيح لنا فرصة اللقاء بفخامة الأخ الرئيس حسني مبارك وسمو الأخ الشيخ زايد بن سلطان وكانت لهاتين الزيارتين اللتين قمنا بهما إلى دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً ومن قبل إلى جمهورية مصر العربية نتائج إيجابية ومفيدة سواء على صعيد العلاقات الثنائية أو على صعيد العمل القومي المشترك.. وقد أكد لنا الأشقاء في كل من القطرين الشقيقين تأييدهما المطلق للوحدة وحرصهما الشديد على أمن وسلام اليمن ولا نملك إزاء كل ذلك إلا أن نعرب لهما ولغيرهم من الأشقاء عن تقديرنا الكبير لمواقفهم الأخوية الصادقة وتفاعلهم مع قضايا بلادنا وهموم شعبنا..
أيها الأخوة:
انتهز هذه المناسبة السعيدة.. لأوجه باسم كل أبناء شعبنا التحية إلى كل أبناء قواتنا المسلحة والأمن البواسل الذين برهنوا دوماً أنهم عند المستوى العالي من المسؤولية الوطنية المقدسة التي يتحملونها بكل اقتدار وصبر وشجاعة وسوف يبقون دائماً حماة للوحدة والحرية والديمقراطية.. حراساً أمناء للسيادة الوطنية ولكل المكاسب الشعبية وأشد ما يكونون بعداً عن كل الاختلافات والصراعات السياسية لأنهم بولائهم لله والوطن والثورة والوحدة أكبر من الخلافات والصراعات.. وأسمى من كل الولاءات الضيقة حزبية كانت أو غيرها..
مرة أخرى.. نكرر التهاني لكم.. وعيد سعيد.. وكل عام وأنتم بخير..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .