رئيس مجلس الرئاسة في كلمته بمناسبة عيد الفطر المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين نحمده ونشكره، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.
أيها الأخوة المواطنون الأعزاء.. إنها لمناسبة دينية عزيزة تشرق في حياة شعبنا وحياة أمتنا العربية والإسلامية مع اكتمال شهر رمضان الكريم شهادة باكتمال الفلاح في أداء فريضة الصوم وإقامة الفرائض وأداء الواجبات والامتثال للتعاليم الدينية الحميدة.. والتمسك بالأخلاق السامية المتصلة ببناء وتربية الإنسان وتقويته وتعزيز بنية المجتمع وفعالياته.
ويسعدني أن أنتهز فرصة حلول عيد الفطر المبارك لأتوجه بالتهنئة القلبية الخالصة باسمي وباسم الأخوة أعضاء مجلس الرئاسة لشعبنا اليمني ولأمتنا العربية والإسلامية بهذه المناسبة المباركة التي تعبر عن وحدة المشاعر وعن حقيقة الثقة بالفوز واكتساب الجزاء والحسنات متمنين أن يعود هذا العيد وامتثاله متجدداً في حياة أمتنا العربية والإسلامية وقد انتقلت إلى واقع أفضل مما تعيشه اليوم لتقف فيه بكل يقظة واقتدار لمواجهة كافة التحديات الإحباطات.
أيها الأخوة المواطنون:
إن لهذا العيد دلالات هامة في النفس وبالنسبة للعمل حاضراً ومستقبلاً فإذا كان الابتهاج بهذه المناسبة يعني التتويج للأعمال التعبدية والإنسانية الحميدة التي انقطع الإنسان لها خلال شهر رمضان المبارك ثقة بالفوز والنجاح فإن العيد وأيامه وشعائره إنما تعبر عن إرادة الانتقال الإنسانية إلى ساحات العمل والإنتاج الأرحب التي يجب أن يستعد لها الإنسان وينطلق إليها من محطة الفرح والابتهاج الصادق ولكي تكون أيام عمره التالية وشهورها أياماً وشهوراً للعطاء وللبذل والتضحية ولتعزيز قوة الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي والترجمة الأمينة لمشاعر الأخوة التي تعبر عنها أفراح العيد وتدل على أفراح الأمة جميعها.. وعلى السعادة الكبرى بالنسبة للذين استطاعوا أن يكونوا في الموضع الصحيح في الامتثال للواجبات الدينية وفي مواجهة اختبارات الصوم وتحمل أعبائه ومشكلاته بكل الرضا والصبر وبدون التهاون في واجبات العمل والمسؤولية وبما يفرضه ذلك خلال أيام العيد السعيد من الالتزام بواجبات التراحم في أعمق الصلات الإنسانية والأسرية من خلال صلة الرحم والتعالي عن الضغائن والخلافات والخضوع لإرادة التسامح التي يوجبها ديننا الإسلامي الحنيف واستشعار حالة الضعفاء وغير المقتدرين ومعايشة ظروف المحرومين والفقراء وإعانتهم ونجدتهم ونصرتهم في التغلب على معاناتهم.. وكذا الإيمان والعزم على العمل من أجل تعميم الخير وسيادة روح التكافل داخل المجتمع وتحقيق العدالة فيه.
أيها الأخوة المواطنون:
لقد حفل شهر رمضان المبارك بالأعمال الحميدة وبالجهود المكثفة المرتبطة بإنجاز عدد من مهام المرحلة الانتقالية في بلادنا التوحيدية والتشريعية بداية باستمرار وتواصل الحوارات الرمضانية الديمقراطية التي جسدت الممارسة الديمقراطية الصحيحة التي يعيشها الشعب في ظل التعددية السياسية، وحفلت بالآراء والتصورات والمقترحات الإيجابية وجسدت المشاركة الشعبية والسياسية في تحمل المسؤولية الوطنية.
وإن ما يميز اللقاءات والحوارات الرمضانية لهذا العام أنها كانت شاملة ومتعددة.. فعقدت في كل المحافظات والمؤسسات والهيئات الحكومية بتكليف من مجلس الرئاسة بهدف تلمس هموم المواطنين وقيام الأجهزة التنفيذية المباشرة باتخاذ الإجراءات العاجلة والعملية لمعالجة كل قضاياهم.. باعتبار أن السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة بكل أجهزتها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن حل كل مشاكل أبناء الشعب بحكم الصلاحيات والواجبات التي حددها دستور الجمهورية اليمنية.. وهو ما يجب على الحكومة أن تعمل على متابعة تنفيذ كل ما من شأنه الانتقال بنتائج تلك اللقاءات إلى حيز التنفيذ. لقد عبرت تلك اللقاءات والحوارات في كل الإطارات الرسمية والشعبية والسياسية عن الروح الوطنية.. وعن استلهام روح العقيدة التي تجمع الجميع في مسار واحد.. وجسدت سمو الروح الاجتماعية، والوطنية المتفائلة في البلاد.. والمتمسكة بقوة الوحدة الوطنية وبكل إنجازات ومكاسب الثورة اليمنية وأهمها الوحدة اليمنية..
وفي هذا الصدد فقد عقد مجلس الرئاسة لقاءات وحوارات وطنية مكثفة ومسؤولة مع قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة الوطنية بهدف مناقشة القضايا والهموم التي تشغل أذهان الجميع والمتصلة بمسيرة بناء الوطن وتحقيق تقدمه وازدهاره والهادفة إلى تعزيز الممارسة الديمقراطية وتحصينها وتنقيتها من الشوائب التي أحاطت بها لتعبر عن الحاضر المشرق للجمهورية اليمنية.
ولتكون الجسر الذي يتقدم به الشعب نحو مستقبله القوي المزدهر، وقد تركزت النقاشات حول ميثاق العمل السياسي الذي يمثل وجوده ضرورة وطنية لتهيئة المناخات المناسبة والمساعدة على إنجاز كافة المهام المنوطة بالمرحلة الانتقالية بداية بالاتفاق والالتزام بالأسس والثوابت الوطنية والضوابط الأخلاقية التي تحمي الشرعية الدستورية والممارسة الديمقراطية الصحيحة وتوصل المجتمع اليمني الحر الديمقراطي إلى تجسيد وتمثل مبدأ المشاركة الشعبية الواسعة.. ومبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال تعزيز وترسيخ الوضع الديمقراطي القائم والتقدم به نحو آفاق أفضل يساعد الجميع بما لديهم من جهود ومن قدرات ومن إمكانيات في تحقيق كافة الغايات والأهداف الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. وتجعل من بلادنا النموذج الحضاري المعاصر الذي تعتز به جماهير شعبنا وتتطلع إليه شعوب أُمتنا العربية والإسلامية..
وإننا إذ نعبر عن بالغ الارتياح والتقدير للروح الوطنية المسؤولة التي سادت تلك اللقاءات وعبرت عنها الأفكار والآراء التي حفلت بها تلك اللقاءات وعبر عنها ممثلو الأحزاب والتنظيمات السياسية في مناقشاتهم حول مشروع ميثاق العمل السياسي المقدم من لجنة التنسيق للمؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني بكل ما لديهم من أفكار أو تصورات أو تحفظات فإننا على ثقة بأن تواصل تلك النقاشات حول مشروع ميثاق العمل السياسي سوف يسهم في بلورة الرؤى الوطنية الصحيحة التي تحقق الاتفاق الكامل والوفاق الوطني القوي القادر على مساعدة مؤسسات الدولة الدستورية على القيام بكافة المهام المنوطة بها في شتى اتجاهات الحياة التشريعية والقضائية والتنفيذية وتضممن لمسيرة البناء السياسي والاقتصادي والديمقراطي والاجتماعي في الوطن الانطلاقة المقتدرة صوب إنجاز ما يتطلع إليه لشعبنا بالنسبة للمشروع النهوض الحضاري لليمن الجديد والذي يمثل إنجازه كما تحدد في برنامج البناء الوطني الشامل والإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والإداري اليوم التحدي الحقيقي أمام كل أبناء شعبنا وقيادته في كل مواقع المسؤولية الوطنية الرسمية والسياسية والشعبية والاقتصادية والاجتماعية.
إن برنامج البناء والإصلاح يعتبر الوسيلة المثلى لتعزيز منجز الوحدة بمنجزات الإبداع الحياتي والإنتاجي في كل مرافق العمل والعطاء من خلال العمل على حماية وصيانة كافة المنجزات والمكاسب التي تحققت خلال الفترة الماضية.
ومن أجل ذلك وتوجهاً نحو النهوض العملي سوف تقف القيادة أمام كل ما أثمرته اللقاءات الرمضانية من آراء وأفكار ونصائح وسنأخذها بعين الاعتبار وفي طليعة تلك الآراء التي تقدم بها الأخوة أصحاب الفضيلة العلماء وسيتم العمل على تطوير كافة النتائج الإيجابية بهدف تعزيز بناء الجمهورية وتعميق الممارسة الديمقراطية وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في تصحيح المسؤولية الوطنية إيمانا بأن أعظم الحقائق التي أفصح عنها عصرنا الراهن ودلت عليها المنجزات الإنسانية الخيرة تكمن في أنه لا يمكن أن يتوفر وجود حضاري فاعل لأي شعب أو أمة بعيداً عن حرية الشعب وعن ممارسة الديمقراطية الصحيحة وأن الرفاهية وامتلاك القوة والتطور الاقتصادي والاجتماعي كلها عطاء الشعوب الحرة والأمم المتحدة.
أيها الأخوة المواطنون الأعزاء :
إن من فضائل شهر الصوم المبارك أنه كان مناسبة هامة لإنجاز عدد من الأعمال والمهام التي تستوجبها الحالة المعاشة في ظل الجمهورية اليمنية وتتطلبها عاجلاً عملية تحصين بنية الدولة ومن أجل ذلك حرص مجلس الرئاسة بالتعاون مع الحكومة على الدراسة المتمعنة والنظر الدقيق في الوضع التشريعي والقانوني وخاصة بالنسبة لازدواجية القوانين والذي كان معطية إلى أبعد الحدود للسلطة القضائية ولاستقامة الحياة تنظيمياً وتشريعياً في نسق واحد على أرض الجمهورية اليمنية مما مكننا أن نحقق عدد من الإنجازات التشريعية الهامة والتي تعمل على تعزيز وحدة السلطة القضائية المستقلة بإنجاز التشريعات المتصلة بأداء مهامها العادلة على امتداد الوطن الواحد وكفالة حق التقاضي المتساوي لكل المواطنين على أرض الجمهورية اليمنية وذلك بإنهاء ازدواجية القوانين وبخاصة القوانين الأساسية المتصلة بالحقوق والواجبات والمسؤوليات المدنية والعسكرية.
وإننا نحمد الله الذي أعاننا على إنجاز ذلك.. ونتطلع إلى مجلس النواب الذي يمثل سلطة الشعب التشريعية لسرعة النظر عقب اختتام أعماله في الدورة العادية القادمة التي تلي إجازة العيد في ما تبقى من القوانين الأساسية وسرعة البت في شأنها وإقرارها بما يكرس خطوات التقدم الإيجابية إلى جانب تعزيز قوة وحدة الدولة اليمنية الواحدة وتجسيد مبادئها وقيمها الدستورية وتقوية مؤسساتها القائمة والانتقال السريع إلى وحدة القوانين الأساسية والأنظمة الحيوية داخل المجتمع اليمني كله.
أيها الأخوة المواطنون:
إننا على ثقة كاملة بأن المستقبل هو لصالح شعبنا ولصالح مشروعه الحضاري الجديد الذي تأسس على قاعدة الوحدة اليمنية الأصل التي كفلت اكتمال أهداف الثورة اليمنية ومكنت شعبنا من أن يجمع ويحشد كل قواه وقدراته وإمكانياته في بناء الحاضر المتطور وضمانة المستقبل المزدهر.. برغم قسوة المعاناة الاقتصادية واستمرار المعوقات والاحباطات التي يواجهها شعبنا، لأننا نرى بنور الحق الذي انتصر وببشارات المصير المشرق الذي يتقدم به شعبنا لإنجاز مهامه الوطنية وغاياته الحضارية ليجعل من جمهوريته الفتية النامية وطناً صامداً في وجه كل التحديات.. وطناً شامخاً بإبداعات الحرية ومزدهرة بأثماره الخيرة لممارسة الديمقراطية.. وطناً حافلاً بعطاءات خير الوحدة والحرية والديمقراطية التي هي عطاء الشعب الحر المنتج القوي وعطاء الثروة المكتشفة التي هي عطاء الأرض الخيرة المستجيبة لكفاح وإبداع الإنسان.
يا أبناء شعبنا الأوفياء:
إنني إذ أكرر التهنئة الصادقة لكم أتقدم بها مخلصة ومستحقة بصورة خاصة لكل الأبطال في القوات المسلحة والأمن، أولئك الأوفياء في كل مواقع الفداء والتضحية وخنادق السهر من أجل حماية سيادة الوطن وترابه الغالي وحراسة مكتسبات الثورة وحماية الجمهورية والوحدة والديمقراطية ومعهم نؤكد التحية والتقدير والإجلال لكل أبناء شعبنا المخلصين الذين يعملون بصمت وتفاني ودون أن تشوه آمالهم أو يحبط أعمالهم القلق الكاذب والحملات العدوانية السافرة.. ولكل الذين يتسلحون باليقظة الوطنية والحذر في مواجهة كل أعمال العدوان وكل محاولات المساس بانتصار الثورة والوحدة والديمقراطية.
وإننا في ظل هذه المناسبة لندعو الله عز وجل أن يتغمد كل شهداء الثورة اليمنية.. شهداء الحرية والديمقراطية والوحدة بالرحمة الواسعة وأن يجعل الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك الذي نودعه حامدين شاكرين شاهداً لنا بالحسنات واثقين من أننا بتمسكنا بالإيمان والالتزام بتعاليم الرسالة الإسلامية سنظل في الطريق المستقيم الذي يمكننا من تحقيق المزيد من الإنجازات والانتصارات المعززة لبناء الحياة الحرة ولتعميق الممارسة الديمقراطية الصحيحة ولتشييد صروح المجتمع الوحدوي الديمقراطي المتماسك والمتقدم والمزدهر مؤمنين بأن القيم الإيمانية الصحيحة والمشاعر الروحية المبرأة من الرياء والإدعاء والأهواء الشخصية هي حصانة كل مجتمع من الانحرافات المادية ونزعاتها العدوانية واللاخلاقية وأن الالتزام بكل القيم السامية هو شرط تحقق العدالة الاجتماعية والإنتاجية والرفاهية.. وهو طريق انتصار الحق والخير والسلام في الحياة الإنسانية كل الحياة الإنسانية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.