رئيس مجلس الرئاسة في حدث لصحيفة الجمهورية المصرية
ـ كيف تطورت الأوضاع بين شـركاء الوحدة لتصل إلى الحرب ورغم أنا لنتائج كانت انتصارا للوحدة إلا أن المواجهة العسكرية كانت عنيفة. فما هي الأسباب ولماذا؟
الرئيس: أنتم ولاشك متابعون لمجريات الأمور ولسيناريوهات الأزمة خاصة وان الأزمة طالت وتتابعت حلقاتها وسأكتفي بان استعرض الأزمة بسرعة من خلال تطوراتها مرحلة بعد مرحلة.
بعد الانتخابات النيابية بدأ حوار سياسي طويل بين جميع القوى السياسية المتحالفة والتي يتكون منها الائتلاف الحاكم بصورة تعكس نتائج الانتخابات والتمثيل في البرلمان. وبالطبع كان الحزب الاشتراكي طرفا أساسيا في هذا الحوار الوطني السياسي.. تمخض الاتفاق عن وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت عليها القوى السياسية المشاركة ومن بينها قيادة الحزب الاشتراكي.
والمفاجأة أن قادة الحزب الاشتراكي انهم بدل العودة إلى اليمن والى العاصمة صنعاء توجهوا إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج..
منذ هذا التاريخ وهذه الجولة لقادة الاشتراكي بدأ العد التنازلي للازمة في اتجاه الانفجار وأخذ الحزب الاشتراكي يتحرك على الساحة اليمنية الوطنية بهدف الإثارة والتهييج وتصعيد الأزمة والإعداد لتفجير الحرب.
عندما وصل إلى الشعب اليمني أنباء هذه الجولة تبينت الجماهير اليمنية أن ما يدعيه الحزب الاشتراكي من أخطاء ومن مشاكل وما يطالبون به من إصلاحات وبرامج وما يحمله خطابه السياسي من شعارات ليست كلها إلا مادة للاستهلاك المحلي لدغدغة الجماهير حتى تنتهي تدابيرهم ويتم تهيئة الجماهير لمخططهم التآمري على الوحدة واتبعوا في ذلك أسلوب التفرقة بين السلطة والشعب واتبعوا لغة التهييج السياسي والإعلامي.
بل وادخلوا في مخططهم الانفصالي بعض الشخصيات والعناصر التي تنتمي لأحزاب أو مسميات أحزاب وليس لها وزن في الساحة اليمنية كما حاولوا استقطاب بعض آخر من الشخصيات ليست حزبية لكنها محسوبة على أحزاب صغيرة. وكان الطريق إلى هذا الاستقطاب والجذب هو المال والمال الوفير.
وسبق ذلك تجهيز وتمهيد من نوع آخر هو الاستعداد بالسلاح وبالفعل تعاقدوا على شراء سلاح حديث من الخارج.. ووزعوا الأسلحة الصغيرة والخفيفة على عناصرهم في الداخل وعلى من اشتروا ذممهم.
لكن ما نأسف له هو أن تمويل الصفقات الكبيرة للسلاح المتطور والمعدات الحديثة قامت به دول شقيقة بهدف تحقيق الانفصال مرة أخرى في اليمن.. وكنا نأمل أن يقف هؤلاء الأشقاء إلى جانب الوحدة اليمنية لا أن يساعدوا ويمولوا عملية التجزئة والتقسيم.
ـ هل صحيح ما نسمعه من أرقام ضخمة عن التمويل وعن أثمان صفقات السلاح أم هي المبالغة والحرب الإعلامية؟
الرئيس: إذا كان ما سمعته من عندنا.. فلا توجد مبالغة وليس هي من باب التهويل الإعلامي.
توجد لدينا المعلومات المفصلة والدقيقة المدعمة بالوثائق وبالاتفاقات التي نملك نسخها.. الأكثر من هذا أن الصفقات التي تم التعاقد عليها تم دفع أثمانها بالكامل لم يصل كل ما اتفق عليه للانفصاليين وهذه الصفقات كانت بين طرفي الدولة اليمنية أو الجمهورية اليمنية هي الطرف المشتري في كل صفقة ولذلك بدأنا نطالب الدولة البائعة مثل أوكرانيا وبلغاريا تسليم الحكومة باقي ما اتفق عليه وما دفع ثمنه من صفقات.
ولقد تسلمنا بالفعل أول تنفيذ وتطبيق للمطالبات بوصول طائرات توبيلوف العملاقة.. وقد تسلمنا أخيرا طائرة من طراز اليوشن 76/ وفي انتظار باقي طائرات الميج 29 والمدفعيات الحديثة آلية الحركة وغيرها من معدات الحرب الإلكترونية والدقيقة التي تدخل من ضمن الصفقة لكن لم تسلم بعد.. ونحن بالطبع أصحاب الحق الذين سيستلمون باقي الكميات المتفق عليها بان العقد ملزم للأطراف الأخرى التي تسلمت الثمن مقدما وهي أثمان مضاعفة تصل إلى أربعة أضعاف قيمتها الحقيقية بسبب العمولات والرشاوى وبسبب الاستعجال.
ـ باسم من جرى التعاقد ومن دفع الفواتير وهل الفاتورة كما يتردد في صنعاء وفى بعض الدوائر المالية ضخمة بالفعل؟
الرئيس: أمثير للدهشة أن أطراف الاتفاق تعاملوا مع الدولار كما يتعاملون مع الريال اليمني وكانوا يتسلمون نقدا وبعض الشيكات والمحولة على البنوك باسم أطراف المؤامرة تدفع من طرف ثالث (.. بينما تحول المبالغ وقيمة الشيكات المتفق عليها مع طرف التمويل والاتفاق باسم الطرف الثالث الذي يوقع باسمه ليغطي المطلوب، الملفت للنظر أيضا ومن واقع ما حصلنا عليه من وثائق سأعطيك مجموعة منها أن أطرافا كثيرة استفادت وكانت الأموال الموزعة هنا وهناك ولأغراض متعددة.. أولها بالبيع المدفوع لجماعة الحزب الاشتراكي لإسقاط علي عبدالله صالح ونظامه، وإذا لم تنجحوا في القضاء على عبدالله صالح يكون التشطير أو العودة بالبلاد إلى دولتين شطريتين.. وإذا فشلوا يكتفون بإقامة دولة في حضرموت.
وقيمة هذا الاتفاق وصل إلى ثلاثة مليارات وتسعمائة مليون دولار دفعت منها دولة شقيقة 3، 2 مليار.. ودفعت الشقيقة الأخرى بالإضافة لهذا المبلغ1، 3 مليار دولار مقسمة على دفعتين، الدفعة الأولى 700 مليون دولار والثانية 600 مليون دولار، أول دفعة وأول مبلغ تسلمه البيض عند الاتفاق على الخطة بتفاصيلها ومن فترة سبقت التنفيذ ببضعة أشهر كانت 2 مليار دولار ثاني أغراض المبالغ الموزعة هو تقديم مساعدات لعدد من الدول بغرض إغرائها بالاعتراف بدولة الانفصال وبمجرد الإعلان عنها أو بغرض شراء ذمة بعض أعضاء مجلس الأمن بهدف الانتقال إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بعقاب اليمن لأنه لم يلتزم بقرارات المجلس بوقف إطلاق النار فورا.
وفي هذا إقراض تكشف الوثائق والمعلومات عن مبالغ تتراوح بين المائة وخمسين مليون دولار للبعض والعشرة أو الخمسة عشر مليون للآخرين. كما ذكرت في البداية كان البعض من المستفيدين نقدا خاصة من أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي وأعضاء الحكومة التي شكلوها في أعقاب إعلان الانفصال.
ـ من صاحب فكرة هذا المخطط متعدد الجوانب والأهداف؟
الرئيس: المخطط مشترك بين من نفذوا ومن مولوا كلاهما كان يستهدف تمزيق اليمن وضرب وحدته ودفع البلاد إلى حرب أهلية طويلة المدى.
ـ فخامة الرئيس ألا لتعارض هذا السيناريو مع موقف الحزب الاشتراكي منذ البداية، فهو الذي طالب بها وسعى إليها حتى تحققت في مايو 1990م بل ويقولون انه رفض يومها اغراءات من البعض بعدم قيام وحدة رفض الاشـتراكيون ما عرض عليه للابتعاد عن الوحدة؟
الرئيس: ليس صحيحا انهم هم الذين سعوا إلى الوحدة.. وليس صحيحا أن أحدا من الدول قد عرض عليهم يومها أموالا لإبعادهم عن مشروع الوحدة.. الحقيقة هي أننا نحن هنا الذين روجنا لكل هذه الحكايات حتى نسحبهم إلى الوحدة خاصة وان موسكو أو الاتحاد السوفييتي كان قد سقط ومتجاوبا لما رسمناه في إنقاذ أنفسهم بعد كل الذي جرى في موسكو وإياك أن تظن أو تتصور أن العملية كانت سهلة أو بسيطة.
قبل إعلان الوحدة كنت في زيارة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية في كانون الثاني يناير 1990م وقلت للرئيس بوش أننا بصدد إقامة دولة الوحدة، عندها قال لنا الرئيس الأمريكي كيف تتوحدون مع نظام إرهابي.. فكان ردي أنا المسؤول وأنا الضامن عليهم ولكنهم استمروا في تحذيرهم ونصحهم لي من الدخول في وحدة مع دولة هي على رأس قائمة الإرهاب في العالم.
ونجحت يومها في إقناع الرئيس بوش والإدارة الأمريكية بأنهم ليسوا إرهابيين وانهم وحدويون والتعهد على نفسي.
ـ هل ما حدث في عدن على مدى يومين من صدامات دموية بين بض العناصر وبين الأمن يؤكد ما حذرك منه أمريكيون؟ وهل بداية العمليات عنف داخلي تقوم بها مليشيات الحزب الاشتراكي المتخفية في تنظيمات؟
الرئيس: ما حدث في عدن ليس اكثر من تحرش من بعض عناصر حينما حاولوا هدم الأضرحة ومقابر أولياء الله الصالحين وتصدت لهم قوات الأمن وقبضت عليهم وحينما عادوا في اليوم الثاني بنفس التحرش والمحاولة واستخدموا السلاح واجهتهم قوات الدولة بكل الحزم والقوة.
وأحب أنا أقول لك انه في تقديري هذه المحاولات صغيرة يقضى عليها بالفشل ولم أعرها اهتماما كبيرا.. لكن تتعجب إذا قلت لك أن زعماء الإصلاح اتصلوا بي ليلة أمس وقالوا لي تعامل بيد من حديد مع هؤلاء المرقة من مشيعي الفتنة والفوضى وعدم الاستقرار لأنهم خارجون على الإسلام.
أما قولك انهم قد يكونون من بقايا المليشيات العسكرية في عدن والحزب الاشتراكي.. فاحب أن أوضح لك.. أن أحدا لا يستطيع أن يعمل شيئا من هؤلاء.. فمن لم يستطع المقاومة ولديه الدبابة والصاروخ والمدفع.. ولديه الدشم والتحصينات ثم تركها وهرب هل تظنه اليوم قادرا على المواجهة ببندقية.. للأسف الشديد فكل بلاد العالم المتمدن تبني الدول جيوشها من اجل الاستقرار بنية السلام والبناء لان الحرب استثناء نادر لكننا في العالم الثالث نبني جيوشا للدمار والحرب وكأن الحرب قدر محتوم كل يوم وكل لحظة.. فان لم تكن مع الغير فمع أنفسنا في حرب أهلية.
واحب أن أؤكد لك أن توجهنا في اليمن قبل انتصار الوحدة وبعده هو السلام والاستقرار والطمأنينة للجميع لنا ولغيرنا
ـ هل معنى هذا أن الملببتثيات المسلحة قد انتهت وقضي عليها أم أنها موجودة ومختفية؟
الرئيس: أما القيام بأي مظاهر مسلحة فسنواجهها بكل قوة وحزم طبقا للقانون والدستور.. ولن نسمح لأية مليشيات بالعمل.. سواء من الاشتراكيين أو غيرهم فهذا عمل ضد القانون والدستور.
ـ فحامة الرئيس العاصمة صنعاء مليئة بشائعات عن بداية صراع نشب بينكم وحزبكم المؤتمر من جانب وبين التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي من جانب آخر وان الإصلاحيين يودون أن يرثوا الاشتراكي في اقتسام السلطة والمناصب؟
الرئيس: يجب أن تعرف أننا في حزب المؤتمر الشعبي حلفاء مع حزب الإصلاح وبيننا قاسم مشترك هو الميثاق الوطني ولا خلاف بيننا في التوجه السياسي أن ما سمعته ليس اكثر من دعايات مغرضة يقوم بها الطابور الخامس من رجال الحزب الاشتراكي وباقي القوى المعادية للوحدة؟ لن تكون هناك معركة أو مواجهة بين حزب المؤتمر وبين حزب الإصلاح، فالإصلاح حليف استراتيجي لنا.
ـ لكن عناصر التطرف داخل الإصلاح. فخامة الرئيس تضغط في اتجاه كسب المغانم وفرض الشروط فضلا عن أنها تدفع في اتجاه التطرف والعنف؟
الرئيس: لا مجال للإخفاء أو للادعاء بعدم وجود متطرفين في حزب الإصلاح لكن منهم موجود في حزب المؤتمر والاشتراكي والبعث والناصريين وغيرهم بل ونجدهم داخل الأسرة الصغيرة.
ـ فخامة الرئيس ربما كان هناك فرق جوهري فعناصر الإصلاح من الإخوان والجماعات قد توجهوا إلى أفغانستان في بداية الثمانينيات بالآلاف وتدربوا على القتال وغير القتال وانتظموا في جماعات ومنظمات وعادوا بتنظيماتهم وأفكارهم وخططهم وأهدافهم؟
الرئيس: هذه المعلومات التي تجمعت لديك غير صحيحة، أنا صاحب البيت اليمني واعرف خباياه وأعرف عدد الذين خرجوا إلى أفغانستان هم عشرات وليس مئات وآلافا وهم لا يشكلون أي خطر والمشكلة أن عددا من قادة الحزب الاشتراكي أيام كانوا في الحزب عملوا من اجل الوقيعة بيننا وبين مصر.. ولأن مصر تعاني من التطرف والإرهاب نقلوا إليهم معلومات مضللة عن وجود معسكرات لتدريب المتطرفين المصريين وغير المصريين في اليمن.
إن مثل هذه الأعمال مخالفة للقانون عندنا ولا نسمح بها إطلاقا.. لقد اعتقد الاخوة في مصر أن التطرف الموجود في مصر ممتد ومرتبط بالعناصر نفسها هنا.
وأقول لك انهم لا يشكلون خطرا علينا.. ولا توجد باليمن مراكز تدريب أو مأوى لهؤلاء الذين يتعاملون بالعنف في مصر.. ومن جانبي أقول لهؤلاء المتطرفين اقلعوا عن العنف واستبدلوه بالحوار لأنه هو الوسيلة المثلى للبناء والتفاهم وحل المشاكل. وأتمنى للأشقاء في مصر أن يتمكنوا من حل المشكلة مع المتطرفين.
ـ كيف تفسرون إذا هذا التناقض بين موقف الدولة وحزب المؤتمر وعلاقتهم مح المملكة العربية السعودية التي يسودها التوتر.. بينما علاقة الإصلاح وزعمائه مح المملكة علاقات طيبة وعميقة؟
الرئيس: صحيح أن العلاقة بين الإصلاح وبين السعودية علاقة قوية وعميقة لكنها لا تمثل تناقضا كما ذكرت والمسألة أن زعماء الإصلاح يعتقدون بأن علاقاتهم الطيبة مع السعودية سيكون لها انعكاسه الإيجابي لصالح اليمن..
ـ ما هو موقع الحزب الاشتراكي.. أو بقاياه على الخريطة السياسية لليمن.. خاصة وأنكم بصدد تشكيل حكومة جديدة والإعلان عن تعديلات دستورية هامة؟
الرئيس: على الحزب الاشتراكي أن يصحح أوضاعه أولا قبل أن نبحث له عن مكان فوق خريطة اليمن السياسية.. مطلوب من الحزب الاشتراكي أن يحدد موقفه من قيادته الانفصالية.. ومن ارتباطاتها الخارجية وتمويلاته الأجنبية.
إذا لم يتخذ موقفا واضحا من هذا كله.. سنتعامل مع هذا الحزب طبقا لنصوص الدستور والقانون التي تحرم التمويل من خارج البلاد ولا يمكن السماح لحزب له تمويل خارجي ويتآمر على البلاد ووحدتها بان يباشر عمله قبل أن يحدد موقفه من هذه الأمور وغير ذلك مخالفة صريحة للولاء الوطني.
ـ لكنك يا سيادة الرئيس تواجه بوضع أكثر تعقيدا وتعقيدا في قضية الاشتراكيين، لديك مجموعة تصل إلى 57 شخصا هم أعضاء بأسم الحزب في البرلمان وأنت استقبلت 34 عضوا منهم منذ يومين. ما هي محاور وموضوعات هذا اللقاء وهل توصلتم إلى صيغة للاتفاق والحل؟
الرئيس: دار حديثي مع هذه المجموعة من أعضاء البرلمان المنتمية إلى الحزب الاشتراكي حول المستقبل وكان حديثنا صريحا وطيبا وقد طلبت هذه المجموعة البرلمانية دعما من الدولة للإعادة بناء الحزب وذلك وفقا للقانون وقلت لهم الدولة على استعداد لدعمكم ولكن عليكم أولا تفرزون قيادة جديدة للحزب.. عليكم إعادة ترتيب أوضاع الحزب قلت لهم الدولة مستعدة للمعاونة والتعاون حينما تعلنون قطع العلاقة مع القيادة الانفصالية المتآمرة وليس قبل ذلك.
ـ والى أي مدى وصلت حدة العلاقات بينكم وبين السعودية وهل توجد مساع جيدة أو وساطات لإصلاح ذات البين؟
الرئيس: حنى الآن لا توجد وساطات بالمعنى الحقيقي للكلمة لكن توجد اتصالات بين الحكومتين السعودية واليمنية عبر القنوات الدبلوماسية.. أقول لك ما سبق أعلنته أننا على استعداد لفتح صفحة جديدة مع المملكة العربية السعودية.. على استعداد لإغلاق ملفات الماضي التي تحمل الكثير من أسباب العتاب من جانبنا ومن جانبهم.. نحن على استعداد لنبدأ مرحلة من العلاقات الأخوية علاقات أخوية مع عدد من الضوابط..
ـ ماذا تعني بالضوابط؟
الرئيس: ما اعنيه بالضوابط عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضنا البعض.. وان يلتزم كل طرف السعودية واليمن بالمواثيق الموقعة بيننا.. وان تسود روح الثقة والتعاون محل التربص وسوء الظن.
ـ التزاما بهذه الروح هل صحيح أنكم عرضتم على السعودية تأكيدا لحسن النوايا وطمأنة الأشقاء هناك إقامة وحدة بين الدولتين السعودية واليمنية ويكون العاهل السعودي ملكا لدولة الوحدة؟
الرئيس: نحن في اليمن من عشاق الوحدة حتى الوحدة العربية الكاملة، إلا أن الوحدة العربية تحتاج إلى وقت طويل ونحن هنا يكفينا أننا وحدنا اليمن ونؤمن بالمثل العربي/ إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع..
ـ السيد الرئيس: لمصر عتاب شديد على اليمن وهناك من يقول بان الإرهابيين الذين يضمرون الشر لمصر يجدون المأوى والمنطق.. ثم المعسكر المؤهل للتدريب على أعمال التخريب والقتال. ثم لا تأتي إلى مصر وتكتفي بالتلفونات والمبعوثين؟
الرئيس: لمصر مكانة خاصة في قلبي ونحن على استعداد لزيارتها في أي وقت.. ثم أنني كنت بالقاهرة في رمضان وتناولت طعام الإفطار على مائدة الرئيس مبارك.. أما عن تدريب الإرهابيين هنا تهمة غير صحيحة وليس صحيحا أن بعض قيادات الإصلاح هي التي ترعى الإرهاب وتدرب عناصره.. والمسألة بدأت من قيادة الحزب الاشتراكي خاصة محافظ عدن السابق عندما قدم تقريرا لمصر وثبت كذبه وكان دسا رخيصا ضد اليمن.. أما بالنسبة للتسلح وحمل السلاح.. الشعب اليمني كله يحمل السلاح وهو جزء من تقاليده وبالتالي الحديث عن مراكز التدريب ليست ذات موضوع..
ـ لماذا استطاع البيض وصحبه أن يستقطب أهل حضرموت خاصة أصحاب الملايين وأصحاب المليارات رغم ما بينهم وبينه ونظامه من ثأر ودم وتأميمات ولم يقفوا معكم ومع الوحدة التي انتهت بهذا النصر؟
الرئيس: قبل أن تأتي إلى هنا مباشرة كنت التقي مع وفد كبير من الشخصيات الهامة ومن رجال الأعمال من أبناء محافظة حضرموت وأكدوا انهم ضد الانفصال لأنهم كما أشرت أنت كانوا الأكثر تضررا من كل الاشتراكيين.. إن أهل حضرموت هم الأكثر تمسكا بالوحدة ولم تثبت الوحدة وتنتصر إلا بالتفاف اليمنيين جميعا حول دولة الوحدة
ـ سيادة الرئيس. تأكد لنا في البداية هذا الحديث أن أهل اليمن جميعا هم الذين نصروا الوحدة وقد لمست أن الشعب معك وواجه الانفصال بحزم وحسم صارم وهم مجمعون أن إعلان البيض الانفصالي كان في حقيقته إعلانا نهائيا وصارما بنهايته. لكنهم ونحن معهم في حيرة.. لماذا أنت متردد حتى الآن من وضع نهاية الحكومة الانفصالية وإعلان حكومة جديدة تعبر عن المرحلة الجديدة التي أعقبت النصر؟
الرئيس: الموضوع ليس ترددا ولا كما يدور في رأسك بأنه ضغوط وصراع حول تقسيم السلطة بعد غياب قيادة الاشتراكي ورجال الانفصال.. المسألة ببساطة أن هناك مجموعة من الإجراءات لابد من الانتهاء منها قبل تشكيل حكومة جديدة.. أمامنا تعديلات دستورية علينا أن ننتهي منها ويتم الاتفاق عليها بيننا وبين القوى السياسية المشاركة في الحكم قبل أن نتوجه بها إلى مجلس البرلمان ليوافق عليها..
ـ هل صحيح أن الخلاف بينكم حزب المؤتمر الذي ترأسه وبين حزب الإصلاح عنيف خاصة فيما يتعلق بالمادة الدستورية التي تتعلق بالشريعة ومصادر التشريع.؟
الرئيس: في الواقع لا توجد خلافات إنما هي البحث عن صياغة مقبولة من كل الأطراف والصياغة شبه جاهزة الآن..
ـ هل الحزب الاشتراكي أو بمعنى اصح الاشتراكيون غير الانفصاليين والذين لم يهربوا وهؤلاء الممثلون للحزب في البرلمان 57 عضوا سيكونون شركاء في الحكومة والتشكيل الجديد للسلطة؟
الرئيس: لن يشترك الحزب الاشتراكي في الحكومة الجديدة ولا في أي تشكيل من تشكيلات السلطة كحزب.. وهو حزب لا يمكن أن يدخل الحكومة وان يمارس عملا سياسيا قبل أن يعيد ترتيب أوضاعه أولا..
وان يقوم الحزب من جديد في ضوء إصلاح أوضاعه وترتيبها على أساس انه حزب مدني حزب لا يعتمد على القوة العسكرية ولا يقوم على المليشيات مثله في ذلك مثل حزبي المؤتمر والإصلاح وبقية الأحزاب التنظيمات السياسية في الساحة الوطنية..
ـ لكن الشواهد تثبت أن المؤتمر يسانده جيش الدولة والاشتراكي كانت قوته تنبع من جيش الجنوب في حين أن الدرع العسكري للإصلاح تمثل في القبائل المسلحة عوضا عن الجيش؟
الرئيس: في الواقع الشعب اليمني غالبيته مسلح كما قلت لك في السابق وعلى كل حال نحن بصدد تنفيذ القانون الذي ينظم اقتناء السلاح وحمله، فالدولة وحدها هي صاحبة الحق في تشكيل القوات المسلحة وليس للأحزاب أيا كانوا هذا الحق وما حدث أثناء الوحدة ومن اجلها مع الحزب الاشتراكي لن يتكرر.
ـ ثم ماذا عن قانون السلاح المعطل؟
الرئيس: لقد بدأنا بالفعل جمع الأسلحة الثقيلة التي كانت موجودة عند القبائل وعند كثير من الناس والتي قام بتوزيعها عليهم الحزب الاشتراكي وخصصنا مكافآت لمن يسلم هذه الأسلحة للدولة وبالفعل استعدنا كميات ضخمة من السلاح؟
ـ ليسمح لنا الرئيس أن ننتقل لبعض الوقت بعيدا عن الداخل اليمني ونسأل لماذا في رأيكم وقفت الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانبكم بينما كادت أن تدخل في أزمة مع صديق وحليف أكثر نفعا وأهمية لهم وهو المملكة العربية السعودية؟
الرئيس: أمريكا أيدت الوحدة اليمنية أساسا، ذلك أن الوحدة قامت على أسس ديمقراطية ولان اليمن أعلنت في البرنامج السياسي لدولة الوحدة التمسك بالديمقراطية على أساس التعددية الحزبية وأمريكا تشجع النهج الديمقراطي وليس أمامها إلا أن تسانده بصفتها راعي الديمقراطية في العالم.
ـ هل للبترول والغاز اليمني والاستثمارات الأمريكية المتزايدة في اليمن دور في هذا التـأييد والمساندة؟
الرئيس: اعتقد أن الأساس في التأييد هو الالتزام بالديمقراطية في اليمن وباعتبارها نموذجا في شبه الجزيرة العربية.. إلى جانب ذلك توجد مصالح بترولية يمنية أمريكية مشتركة منذ اكتشاف البترول في مأرب عام 1986م وسياسة أمريكا كما سبق وعبر عنها الرئيس بوش تسعى إلى تعدد مصادر البترول ومنافذه حتى لا يكون الغرب رهينة لدولة واحدة أو عدة دول والبترول بهذا مصلحة مشتركة.. لكن وبالتأكيد ليس بنفس الحجم من المصلحة الموجودة مع دول الخليج..
ولذلك تظل الديمقراطية والتعددية السياسية إلى جانب مراعاة اليمن واهتمامها واحترامها لحقوق الإنسان لا يوجد اليوم في اليمن سجين سياسي واحد رغم أننا كنا في حرب خطيرة.
الأكثر من هذا أخرجنا اكثر من ألف معتقل سياسي من السجون في عدن بعد أن دخلناها.. كان الحزب الاشتراكي قد وضعهم فيها.. أضف إلى ذلك أننا حطمنا سجن الفتح الشهير ذا السمعة السيئة هناك.
ـ السيد الرئيس.. دعني أكون أكثر صراحة وأنقل إليك ما سمعته من الشارع اليمني. يقولون أن الرئيس هو الذي طمع البيض ورجاله وحزبه وهو الذي استجاب لكل مطلب وتجاوز عن كل أخطاء أو جريمة ارتكبها الحزب الاشتراكي بل وأعطاهم أكثر مما يستحقون..؟
الرئيس: هذا صحيح والسبب بسيط فأنا عاشق وحدة كان همي وأملي توحيد اليمن وإزالة كل عقبة من طريقها فاستجبت لكل ما عرض ولم أخالف لهم طلبا طمعا في الوحدة وحرصا عليها.. وكنت في ذلك أعبر عن وجدان الناس في اليمن وآمالهم في الوحدة فالشعب كله يريد الوحدة بذلك حصل البيض على كل ما أراد على المستوى الشخصي والمستوى الحزبي..
وهذا يصدق مثلنا العربي إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وان أنت أكرمت اللئيم تمردا. ولكي ترى بعينك مدى تساهلنا معه واستجابتنا لكل ما يطلب ويشتهي أدعوك لزيارة قصر البيض هنا وهو أضخم وأفخم قصر في صنعاء جلب له كل المواد والأثاث من الخارج وبملايين الدولارات.
ـ ماذا عما يقال عن اشتراك طيارين عراقيين وأطقم دبابات عراقية معكم في القتال؟
الرئيس: ليس هذا صحيحا وهو ضمن الحملة المسعورة التي شنوها ضد اليمن.. الذين خاضوا المعارك في ساحة المواجهة يمنيون ولك الحق في أن تعرف أن لدينا من الرجال المدربة طيارين وأطقم دبابات وغيرها أضعاف ما نملك من المعدات وبالتالي لم نكن بحاجة لأحد من الخارج في حين استعان الجانب الآخر بطيارين أجانب.
ـ نعود للمعارك يبدوا انك كنت تعرف خطط الطرف الأخر وتحركاته أثناء العمليات وقبل النصر وإلا لماذا أخرت دخول قواتك عدن وحرصت على اقتحام المكلا أولا؟
الرئيس: كانت الخطة التي وضعناها معدة لدخول المدينتين والوضع العسكري في ضوء تطور المعارك على الأرض يتطلب تحريك القوات وتقدمها وفقا لسير العمليات.. وفى ضوء ما تكشف عنه المواجهات من ظهور نقاط ضعف عند الطرف الآخر يصبح من الضروري استغلالها.. وبالتالي تتحرك الآليات نحوها. وبالفعل وجدنا نقطة الضعف في حضرموت فقررنا إسقاط حضرموت خاصة وان سقوطها يعني انهيار معنويات القيادة هناك وفي عدن بالتحديد التي تمثل حضرموت نسقها الثاني وحدث ما توقعنا فاستسلموا في عدن وهرب الباقون بعد إسقاط مأواهم الأخير في حضرموت وهنا لابد وان أؤكد أن جيشا تطول خطوط إمداده ومواصلاته إلى حوالي 1100 كيلو متر ليس سهلا عليه النصر دون وقوف الشعب إلى جانبه يمده بالمؤن والمال والغذاء.. فقد تحول الشعب اليمني كله إلى آلة حربية عسكرية. وقدم الشعب للقوات المسلحة كل ما يملكون من أسلحة وذخائر يحتفظون بها منذ سلمها لهم جمال عبد الناصر للدفاع عن الجمهورية والثورة وهاهم اليوم يقدمونها للقوات المسلحة دفاعا عن الوحدة ولذلك كانت المعركة العسكرية على جبهاتها ومحاورها الخمسة معركة القوات المسلحة وكانت المساندة والدعم من جانب الشعب وكان هؤلاء هم الجيش الاحتياطي المقاتل من اجل المحافظة على الوحدة والانتصار لها.
باختصار كانت الدولة اليمنية والأمة اليمنية تخوض حربا شاملة.. قامت القوات المسلحة بحسمها.
ـ نعود للحكومة التي تم تشكل حتى الآن.. رغم النصر وما هي ملامح تشكليها.. ورئيس وزرائها؟
الرئيس: الحكومة القادمة تحتاج إلى فريق عمل واحد متجانس يعيد تنظيم البلاد بعد الذي كان ويعمل بنفس الروح وبنفس الكفاءة التي أدارت بها الدولة وفريق عملها المنسجم والمتناسق الأزمة والحرب..
فاليمن في حاجة إلى تحقيق النصر في معركة إعادة البناء كما حقق نصر المحافظة على الوحدة وذلك في ظل الديمقراطية التعددية.. علينا في المرحلة الحالية أن نرفع المعاناة عن الناس وان نسيطر على الأسعار والتضخم التي كانت الحرب سببها.. علينا إعادة بناء ما خربته الحرب ودمرته، علينا تصفية مخططات الخونة.. وإزالة آثار أعمالها
ـ إلى أي مدى سيعبر التشكيل الجديد عن واقع انقسام اليمن إلى مناطق وجهات ومحافظات وليس إلى دول شمال وجنوب وشرق؟
الرئيس: اليمن في مجموعه يشكل دائرة واحدة، يمثل وحدة لا تتجزأ وهو كما قلت من الناحية الإدارية مقسم إلى محافظات، في التشكيل الجديد سيأخذ كل ذي حق حقه طبقا للدستور والقانون.. وطبقا للتمثيل الحزبي في البرلمان.. فحزب المؤتمر هو صاحب الأغلبية في البرلمان وهو يعبر بشكل عام عن الوحدة الوطنية هناك أيضا حزب الإصلاح وله المكان الثاني في البرلمان من ناحية عدد المقاعد بعد المؤتمر.. هناك طبيعة المجتمع اليمنى والوضع في اليمن، هناك المؤسسات الديمقراطية والدستورية اقصد أن التشكيل لابد وان يضع في الاعتبار كل هذا… من طبيعة اليمن… إلى التمثيل الحزبي في البرلمان إلى دور المؤسسات الديمقراطية والجماهيرية وتحقيق المصلحة الوطنية العليا.. باختصار سنقوم بتشكيل الحكومة الجديدة على أساس الكفاءة والإخلاص باختيار شخصيات وطنية مشهود لها.. وهناك إجماع وطني على قدرتها ووطنيتها.. وعلى أساس التمثيل الحزبي في البرلمان.. وعلى أساس حاجة المرحلة إلى الفنيين والمتخصصين من الشخصيات المستقلة والعامة ولما فيه مصلحة اليمن.