رئيس مجلس الرئاسة في حديث إلى مجلة الموقف العربي
مجلة الموقف العربي: بعد مرور اكثر من عام على الوحدة الاندماجية بين الشطرين وقيام دولة الوحدة كيف تنظروا إلى مسيرة الوحدة خلال الفترة الماضية وهل انتم راضون تماما على ما تحقق حتى ألان. أم كنتم تنتظرون الأكثر؟
الرئيس: الحقيقة أن ما مر من الفترة الانتقالية تم فيه تحقيق الجزء الأكبر والأهم عن طريق تأسيس وترسيخ قواعد دولة الوحدة من خلال استكمال عمليات الدمج للمؤسسات والأجهزة والمرافق ووضع أسس البناء المستقبلي ولاشك أن بلادنا واجهت بعض الصعوبات خاصة في المجال الاقتصادي نتيجة أزمة الخليج وعودة أكثر من مليون مغترب لكن عموما.. نحن راضون عن الخطوات التي قطعناها ومن يتابع التطورات في بلادنا من المهتمين خارج الوطن سيدرك إلى أي مدى استطاعت اليمن أن تتجاوز وتتغلب على الكثير من المصاعب، والمستقبل واعد بالخير إن شاء الله لليمن..
مجلة الموقف العربي: في كلمة ألقيتموها في الاجتماع السنوي لقادة القوات المسلحة في 12 / ا 199 م توقعتم مواجهة عدد من الصعاب والتحديات والسلبيات ومحاولات التآمر، كيف تحددون هذه الصعاب والتحديات وما هي السلبيات التي ترون وجوب القضاء عليها وما هي محاولات التآمر التي تتعرضون لها. ومن يقف ورأيها؟
الرئيس: لقد أشرنا في الإجابة السابقة إلى أن شعبنا استطاع أن يتغلب على كثير من المصاعب خلال الفترة الانتقالية غير أن الطريق ليس معبدا شأن غيرنا من الدول التي تواجه مصاعب اقتصادية وشعبنا اليمني يدرك أن عليه أن يواجه تحديات التخلف الاقتصادي والاجتماعي بإصرار وعزم ويقظة لحماية الإنجازات والمكتسبات الوطنية.. وترسيخ وتعزيز التوجه الديمقراطي الذي اختاره شعبنا أسلوبا وهدفا لتحقيق كل ما يصبو ويتطلع إلى تحقيقه. وشعبنا اليمني الذي استطاع أن يضمد ويحمي خياره في الثورة والتحرر والاستقلال وقدم في سبيل ذلك تضحيات غالية لديه نفس العزيمة والإصرار على حماية الوحدة والتصدي لكل التحديات وكل أشكال التآمر ضدها من قبل أعدائها والمتربصين بها سواء في الداخل أو الخارج.
مجلة الموقف العربي: في حديث إلى الإذاعة اليمنية في مطلع الشهر الجاري أكدتم بشكل جازم منع النشاط الحزبي في القوات المسلحة. هل تتوقعون تجاوبا من الأحزاب في ذلك.؟ وفي حال العكس ما هي العقوبات التي يمكن أن تتعرض لها؟
الرئيس: لقد لعبت المؤسسة العسكرية دورا بارزا في الحفاظ على منجزات الثورة اليمنية وهي صمام آمان الديمقراطية والوحدة وحامية للشرعية الدستورية.. فالقوات المسلحة والأمن بكامل قدراتها وإمكاناتها ملك الشعب اليمني كله وأداته وعدته للدفاع عن وطنه وحماية أراضيه وسيادته واستقلاله، لهذا فإن الجميع سواء في المؤسسة العسكرية أو الأحزاب والتنظيمات السياسية وكافة القوى الوطنية يدركون تمام الإدراك خطورة إدخال الجيش أو الأمن في متاهات استقطابات حزبية تضعفها وتصرف اهتمام العاملين فيها عن الأهداف التي وجدت من أجلها.. والقانون يحظر النشاط الحزبي داخل صفوف القوات المسلحة والأمن من أجل أن تتفرغ هذه المؤسسة لمهامها الوطنية في الدفاع عن السيادة والاستقلال وحماية الشرعية الدستورية في البلاد.
مجلة الموقف العربي: التعددية الحزبية بلغت مدى واسعا في اليمن حتى أن عدد الأحزاب وصل الى44 حزبا هل تعتقدون أن كل هذه الأحزاب ذات شعبية حقيقية؟ وكيف يمكن ضبط الصراعات الحزبية خصوصا في فترة التحضير للانتخابات التشريعية المقررة في شهر نوفمبر المقبل؟
الرئيس: مهما بلغت أعداد الأحزاب والصحف التي وصل عددها إلى ما يقارب 104 صحف ومجلات.. فهي تمثل ظاهرة صحية وديمقراطية لا تثير أي انزعاج أو قلق وما يهمنا أن يمارس الجميع الديمقراطية بأسلوب حضاري ومسؤولية وطنية.. والساحة السياسية مفتوحة لكل التيارات والتجمعات السياسية الوطنية للمنافسة الشريفة البناءة من أجل مصلحة الوطن وخدمة قضايا الشعب، في النهاية سيكون البقاء للأصلح وسيبقى الدستور والقانون وصناديق الانتخابات حكما للجميع.
مجلة الموقف العربي: أعلنت اليمن استعدادها للمشاركة في المفاوضات متعددة الأطراف على أي أساس تشاركون في المفاوضات وماذا تنتظرون منها؟
الرئيس: لقد تلقت اليمن دعوة من الولايات المتحدة وروسيا للمشاركة في المفاوضات متعددة الأطراف.. وتدرس حاليا هذه الدعوة من قبل الجهات الحكومية والتشريعية ومن قبل الأحزاب والتنظيمات السياسية واتخاذ القرار المناسب إزاءها واليمن حريصة على دعم جهود السلام التي تضمن الحقوق العربية وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني باعتبار أن ذلك هو الذي يضمن تحقيق السلام الشامل والدائم والعادل في المنطقة.
مجلة الموقف العربي: تعرضت اليمن وما تزال تتعرض لحملات عدة بسبب موقفها أثناء أزمة الخليج، وثمة قوى تصر على جعل اليمن تدفع ثمن موقفهما ذاك. كيف تواجهون تلك الحملات وهل استطعتم فعلا تجاوز آثار أزمة الخليج؟
الرئيس: لقد وطنا أنفسنا على أن لا نلوي على ما يكال لنا من تهم أو ما ينشر في بعض الوسائل الإعلامية العربية وغيرها من تشويه متعمد لموقفنا من أزمة الخليج لأن مواقفنا سواء من الأزمة أو غيرها تنبع من رؤيتنا الوطنية والتزامنا بالمصلحة القومية ونحن ندرك بأننا قد ندفع في بعض الأحيان ثمن مواقفنا المبدئية وقد دفعنا بالفعل.. ولكننا نثق في أن المستقبل سوف يكشف ويؤكد مصداقية وصوابية ذلك الموقف المبدئي الثابت الحريص على مصالح الأمة وعلى السلام.
مجلة الموقف العربي: من وسائل الضغط على اليمن كان إرغام حوا لي مليون مواطن يمني على مغادرة السعودية والعودة إلى بلادهم. مما أدى إلى أزمة سكنية ومشاكل اقتصادية واجتماعية.. ما هي خطتكم لحل هذه المشكلة؟
الرئيس: من يعرف طبيعة شعبنا اليمني المعهود منه ممارسة التكافل الاجتماعي بشكله الصحيح وكذا التأ زر أثناء الشدائد والمحن فإن الدهشة لن تأخذه حين يرى كيف تم امتصاص هذا العدد الهائل من العائدين والتغلب على كثير من المشاكل المرتبطة بعودتهم وإن كانت هناك ومازالت بعض المشاكل التي تبذل الحكومة جهودا لاحتواء قدر كبير منها عن طريق بعض الترتيبات ووفق حدود الإمكانيات ونحن نحث الأجهزة المعنية في الحكومة دوما على بذل المزيد من الجهود من أجل التغلب على تلك المشكلة وإيجاد فرص العمل للعائدين.
مجلة الموقف العربي: هناك انقسام واضح في توجهات السياسة الخارجية للأقطار العربية بعد أزمة الخليج أيضا في العلاقات ما بين هذه الأقطار ما هي مقترحاتكم لمعالجة هذا الانقسام؟
الرئيس: المسألة هنا بحاجة إلى إعادة تقييم وكذا صياغة جديدة للواقع العربي تستند إلى المصلحة القومية لامتنا ونعتقد أنه قد آن الأوان لتجاوز الخلافات العربية المصطنعة والتفرغ للقضايا الجادة عن طريق اللقاءات المختلفة ثنائية أم جماعية لرأب الصدع وتوحيد الصف ومعالجة كافة القضايا المختلف عليها بمصداقية وموضوعية.. وما طرحته هنا أعتقد أنه يمكن أن يكون إطارا لأي بادرة تقود إلى الالتقاء والتشاور حول قضايانا القومية المشتركة.
مجلة الموقف العربي: علاقات اليمن مع الأقطار المجاورة ظ كيف تصفونها حاليا؟ وكيف تصفون علاقتكم مع السعودية؟
الرئيس: بالنسبة لنا في اليمن أيدينا ممدودة دائما للحوار والتفاهم مع جميع الأشقاء في المنطقة وفي الوطن العربي.. ونحن ندعو دوما بأنه قد أن الأوان ليطوي الجميع صفحة الماضي ودمل الجراح وفتح صفحة جديدة في مسيرة العلاقات العربية- العربية على أسس قوية وصحيحة تعزز من اقتدار امتنا العربية على مواجهة التحديات المفروضة عليها في الوقت الراهن.
مجلة الموقف العربي: موضوع ترسيم الحدود مع الأقطار المجاورة ما يزال معلقا فبعد ترسيم الحدود مع عمان تدور تساؤلات حول ترسيم الحدود مح السعودية فهل لديكم اقتراحات محددة في هذا المجال؟
الرئيس: نحن نعمل مع الأشقاء في عمان على تجاوز المشكلة الحدودية تواصلا لما سبق.. وقد قطعنا في ذلك شوطا كبيرا.. ونحن سعداء لذلك حقا..
ونأمل أن نتجاوز قريبا المشكلة الحدودية أيضا- مع جيراننا وأشقائنا في المملكة العربية السعودية، ونعتقد أن المشكلة ليست بحاجة إلى اقتراحات وأطروحات بقدر ما ينبغي أن يكون الاستعداد موجودا والقبول بمبدأ الحوار والتفاوض والتفاهم الأخوي الذي يعطي للجميع حقوقهم التاريخية والقانونية ويضمن الاستقرار والسلام للجميع.
مجلة الموقف العربي: بعد الانهيار السوفيتي نشأت أوضاع عالمية جديدة.. جعلت الولايات المتحدة قوة وحيدة تتحكم في العالم.. هل ترون إمكانية لإقامة توازن جديد في السنوات المقبلة. وما هي القوى أو الدول المرشحة لملء الفراغ السوفيتي؟
الرئيس: نحن نعتقد أن معيار القوة وحده لم يكن المعيار الصحيح وإلا لما حدث ما حدث في الاتحاد السوفيتي (سابقا) لان الأيام قد أوضحت بجلاء أن مشكلة هذه الدولة العظمى كانت مشكلة اقتصادية واجتماعية وهو ما أدى إلى ما آلت ليه الأمور هناك اليوم.. ولا نستطيع هنا أن نستبق الأحداث عمن سيخلف الاتحاد السوفيتي ضمن منظور التوازن بشكله السابق خاصة وان هناك قوى عالمية جديدة ناهضة كاليابان وألمانيا والصين مثلا.. وهذه برزت كقوى اقتصادية لا يستهان بها مما سيدفع بلا شك الولايات المتحدة على التعاون معهما.. وهذا في حد ذاته لن يمكن بلدا بعينه من الوقوف في كفة وبقية العالم في الكفة الأخرى
مجلة الموقف العربي: في ضوء هذه التطورات العالمية ما موقع ا لوطن العربي وكيف يمكن للعرب أن يجدوا مكانا فاعلا في الساحة الدولية؟
الرئيس: كما أسلفت في حديثي عن الواقع العربي الحالي.. فإن إعادة صياغة ضمن المتغيرات الدولية يتطلب قدرا من المصارحة والنظر إلى هذه المتغيرات من حولهم بمنظار المستقبل ومصلحة الأجيال العربية خاصة وإن كافة مستلزمات وعوامل النهوض متوفرة لديهم أكثر من غيرهم ولكن التمزق الحالي وغياب الرؤية الواعية يمثل حالة سلبية وهو ما نتمنى من كل الأشقاء العرب أن يتجاوزوها خدمة وتحقيقا لمصلحة الأمة.
مجلة الموقف العربي: استقبلكم مؤخرا مبعوثا أمريكيا- كيف تصف العلاقة مع أمريكا خصوصا بعد أزمة الخليج؟
الرئيس: علاقات التعاون الفني والاقتصادي خاصة في مجال التنقيب عن النفط
بيننا وبين الولايات المتحدة تسير سيرا حسنا.. وبالنسبة للجوانب السياسية فيمكنني القول أن الهوة تضيق كل يوم بعد الفتور الذي حصل نتيجة أزمة الخليج.. وكما فهمت من نائب وزير الطاقة الأمريكي إن الإدارة الأمريكية متفهمة الآن للموقف اليمني أكثر من أي وقت مضى.
مجلة الموقف العربي: فخامة الرئيس نشرت الصحف انه تم مؤخرا ضبط كميات من الأسلحة المهـربة ما هي أبعاد هذه العملية؟
الرئيس: للجمهورية اليمنية شريط ساحلي امتداده طويل وفي تصوري أن ا أحداث التي شهدها القرن الأفريقي مؤخرا وخاصة الأوضاع في الصومال وأثيوبيا أثرت على الدول المجاورة لها ويجوز أن هذه الأسلحة جزء مما تقوم بتهريبه بعض المنظمات المتناحرة هناك ونأمل ألا تتعدى ذلك الاتجاه. عموما أجهزتنا الأمنية تتخذ إجراءاتها لمنع تهريب السلاح إلى بلادنا.
مجلة الموقف العربي: الوضع في الجزائر كيف تقيمونه؟
الرئيس: نحن نتمنى من الله أن يجنب القطر الجزائري الشقيق أي كارثة وفيما يتعلق بالأحداث الأخيرة في الجزائر فهي شأن داخلي يخص الشعب الجزائري وحده وان يتعاون الشعب والحكومة في معالجة الأمور بحكمة بما يحافظ على الوحدة الوطنية للشعب الجزائري ويفوت الفرصة على مخططات أعدائه أو أي قوة أجنبية تحاول التأثير على وطننا الثاني الجزائر
مجلة الموقف العربي: تتعرض الجماهيرية لحملة تهديدات وبدأ تحريك الموضوع في مجلس الأمن ما هو الموقف اليمني من ذلك؟
الرئيس: نحن نؤكد تضامننا مع ليبيا الشقيقة إزاء كل التهديدات والممارسات التي تحاول المساس بأمن وسلامة القطر الليبي الشقيق.. وقد عبرنا عن ذلك في أكثر من مناسبة.
مجلة الموقف العربي: وهل هناك تحرك عربي إزاء تلك التهديدات؟
الرئيس: من المؤسف أن الجو السائد على الساحة العربية لا يشجع الآن على ذلك وهو بحاجة لبعض الوقت حتى يصبح هناك تضامن حقيقي بين أقطار الأمة العربية.