رئيس مجلس الرئاسة في بيانه بمناسبة أعياد الثورة اليمنية الـ-32 لثورة سبتمبر و31 لثورة أكتوبر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين…
الأخوة المواطنون الأحرار..
يا أبناء شعبنا الأبي.. تحية الثورة والوحدة..
باسمي وباسم مجلس الرئاسة.. أتقدم إليكم بأحر التهاني القلبية الصادقة بمناسبة أعياد الثورة اليمنية، العيد الثاني والثلاثين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر والعيد الحادي والثلاثين لثورة الرابع عشر من أكتوبر والعيد السابع والعشرين للاستقلال..
تكتسب هذه الاحتفالات بهذه الأعياد دلالة خاصة؛ لأنها تأتي في خضم تواصل أفراح شعبنا بانتصاره الحاسم يوم السابع من يوليو 94م بالدفاع عن وحدة الوطن، والذود عن الديمقراطية والشرعية الدستورية المجسدة لإرادة الشعب الحرة التي عبر عنها في انتخابات عامة حرة ونزيهة يوم الـ 27 من أبريل 93م ذلك فإن من الطبيعي أن تكون فرحة شعبنا اليوم أعظم من كل أفراحه في الأعوام السابقة بعد أن ترسخت الوحدة بفضل الله وتوفيقه واصطفاف جماهير شعبنا خلف قواته المسلحة والأمن وبعد أن تم القضاء على مؤامرة الانفصال والتمرد وإخماد الفتنة التي أشعل نارها الانفصاليون الخونة بهدف تمزيق الوطن ووحدته.. كما أن احتفالاتنا بهذه الأعياد المجيدة ستكون متميزة بالتكريم المتواصل بالأوسمة والنياشين والشهادات التقديرية للأبطال من أبناء قواتنا المسلحة والأمن والمؤسسات والمصالح والهيئات الحكومية والشعبية وأبناء شعبنا العظيم الذين قاموا بأدوار متميزة من أجل الدفاع عن الوحدة والديمقراطية وفاءً وتقديراً لكل التضحيات والإسهامات الوطنية البارزة من أجل حياة حرة وكريمة ومستقبل أفضل للوطن.
الأخوة الأوفياء.. إذا كان السادس والعشرون من سبتمبر 1962م ويوم الرابع عشر من أكتوبر 1963م ويوم الثلاثين من نوفمبر 1967م ويوم الثلاثين من نوفمبر 1989م ويوم الـ 22 من مايو 1990م هي أيام عظيمة في حياتنا كشعب لأنها تمثل محطات مضيئة ومنعطفات تاريخية هامة في مسيرة نضالنا الوطني، من أجل القضاء على الحكم الإمامي المستبد والتحرر من الاستعمار وإعادة تحقيق وحدة الوطن فإن يوم السابع من يوليو 1994م هو اليوم الحاسم الذي انتصر فيه شعبنا لإرادته في الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية بعد أن كانت الوحدة منذ قيامها في الـ 22 من مايو 1990م ورقة للابتزاز وعرضة للانتكاس من قبل ذلك النفر من أدعياء الثورية والوحدة وتجار الشعارات البراقة الزائفة الذين خدعوا شعبنا ردحاً من الزمن من خلال مزايداتهم الكاذبة بالوحدة والديمقراطية وممارستهم الظالمة ضد الوطن والشعب حتى فضحهم الله على حقيقتهم وأظهروا ما كانوا يخفون في صدورهم، عندما افتعلوا أزمة سياسية طاحنة متذرعين بمطالب ظلوا يخدعون بها عامة الناس فيما كانوا يخفون وراءها مطامعهم الخاصة ونزعاتهم الخبيثة، وقد حرصنا على تقديم التنازلات تلو التنازلات للحيلولة دون ما كانوا يخططون له، لكي نجنب الوطن الفتنة ونحافظ على الوحدة والديمقراطية لكنهم ظلوا يصرون على بقاء الأزمة ويعملون على تصعيدها باستمرار، وما إن فشلوا في فرض الانفصال من جديد والعودة بالوطن إلى ما كان عليه قبل الوحدة عبر تلك الأزمة المفتعلة حتى أشعلوا شرارة الحرب التي استعدوا لها بشراء صفقات من الأسلحة وشراء الذمم ليجعلوا منها مبرراً لإعلان الانفصال البائس عشية العيد الرابع للوحدة، وبذلك أخرجوا ما في جعبتهم، وكشفوا عما كانوا يريدون، ولكن بحمد الله دحرت المؤامرة وأجبر الخونة الانفصاليون على الفرار خارج الوطن وهم يجرون أذيال الهزيمة والخيانة والعار بعد أن لحقت بهم لعنة الله، والشعب، والتاريخ.. وفي الوقت الذي كان يتوقع فيه الكثير من المراقبين عمليات الانتقام والثأر إزاءَ ما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب والوطن والوحدة فقد حرصنا منذ البداية على إعلان وتطبيق العفو العام ؛ ذلك لأننا لم ننشأ على الحقد والانتقام وإنما على التسامح والوئام، كما حثنا على ذلك ديننا الإسلامي الحنيف وقيم شعبنا الأصيلة.. وقد عاد إلى أرض الوطن كل من غرر بهم من العسكريين والمدنيين. ولم يبق في الخارج سوى المجرمين الضالعين في الأعداد والتنفيذ لمؤامرة الاقتتال والانفصال.
الأخوة المواطنون الأحرار:
الآن وقد تحقق النصر وترسخت الوحدة حان الوقت لأن تتشابك الأيدي لتجاوز آثار ما خلفته الحرب وإحداث تنمية حقيقية في الوطن تماماً مثلما تشابكت كل الأيدي الشريفة للقضاء على الفتنة وتحقيق النصر وحان الانطلاق نحو ميادين العمل والإنتاج لنبدأ تاريخاً جديداً للوطن اليمني وبذل المزيد من الجهود والطاقات لنعوض خسارة ما فات من الوقت والإمكانيات وإن كنا ندرك أنه لا يمكن أن نعوض ما خسرناه من الرجال الأبطال إلا أن عهدنا لهم هو أن نكون الأوفياء للمبادئ والقيم التي سقطوا من أجلها وانتصروا لها في ساحات الشرف والفداء.. ومن أجل ذلك ستكون في صدارة المهام الوطنية العناية بأسر الشهداء وإعادة بناء ما دمرته الحرب وخربه الانفصاليون الخونة.. وسنظل متمسكين بالثوابت المبدئية لشعبنا المرتكزة على العقيدة الإسلامية والوحدة وبناء الدولة اليمنية الحديثة على أساس العدالة والمساواة والديمقراطية والتعددية السياسية وفي إطار الالتزام بالدستور والقانون ومبدأ التداول السلمي للسلطة حيث يختار الشعب حكامه ويشكل مؤسساته الدستورية بإرادته الحرة عبر صناديق الاقتراع.. وعبر الممارسة الديمقراطية التي تعمدت بدماء الشهداء الأبرار كما سنعمل على الالتزام بمبدأ الحوار في حل كل المعضلات التي تواجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. مؤكدين إيماننا بحرية الرأي.. واحترام حقوق الإنسان وبفعالية دور المعارضة المسؤولة والابتعاد عن الفهم الخاطئ للممارسة الديمقراطية كما حدث في الماضي وفي إطار المهام المستقبلية التي يتوجب على الحكومة تحقيقها خلال المرحلة القادمة، العمل على تنفيذ تجربة الحكم المحلي بدءاً بانتخابات المجالس المحلية والمحافظين ومدراء المديريات بما تقتضيه المصلحة العامة.. وبما يوسع من قاعدة المشاركة الشعبية في الحكم تجسيداً لمبدأ حكم الشعب نفسه بنفسه والعمل على ترسيخ وتطوير فكرة العمل الديمقراطي التعاوني وتبني المبادرات الذاتية والشعبية في كافة المجالات والحرص على اختيار القياديين في مختلف أجهزة الدولة وفق معايير ترتكز على الكفاءة والقدرة والتخصص والنزاهة بعيداً عن أشكال الولاءات الضيقة.. وبما يعزز الوحدة الوطنية، وفي المجال الاقتصادي سوف تتركز الجهود على تحرير الاقتصاد بما يحقق العدل والخير للمجتمع.. ويفجر طاقات الشعب في التنافس والإنتاج والإبداع، والعمل من أجل رفع المعاناة المعيشية عن كاهل المواطنين.. ومكافحة ارتفاع الأسعار والتضخم.. والحد من البطالة وتقديم المزيد من التشجيع والتسهيلات للاستثمارات الوطنية والعربية والأجنبية وتوفير كل الضمانات اللازمة لها طبقاً للقانون إلى جانب التركيز على جعل مدينة عدن منطقة تجارية وصناعية قولا وعملاً في أقرب وقت ممكن، والاهتمام بتنمية كافة المحافظات التي حرمت من المشاريع المختلفة في ظل عهود الشعارات الفضفاضة والتسلط الحزبي الشمولي الذي انتهى زمنه وإلى غير رجعة حريصين على توزيع المشاريع وتنفيذها بصورة ديمقراطية عادلة وتحقيق تنمية زراعية شاملة وبناء السدود والحواجز المائية مؤكدين على أهمية أن تقوم الحكومة والسلطة التشريعية وجهاز الرقابة والمحاسبة بمسؤولياتهم في تطهير أجهزة الدولة من الفاسدين واستئصال الفساد الذي عمل الانفصاليون الخونة ومن تعاون معهم وساعدهم على استشرائه في المجتمع منذ يوم إلى 22 من مايو 1990 م.. لتشويه منجز الوحدة العظيم وأن يكون شعار المرحلة الجديدة هو الثورة ضد الفساد، وهو ما يحتم العمل على تعزيز استقلالية أجهزة القضاء والنيابة العامة وتطويرها ورفدها بالكوادر المؤهلة والقادرة وكذلك تطوير أداء وفعالية أجهزة الأمن بما يواكب التطور في المجتمع ويرسخ مفهوم دولة النظام والقانون ولكي يتحقق التكامل في البناء الوطني الشامل فإننا سنواصل الجهود لإعادة بناء وتحديث القوات المسلحة والأمن تعزيزاً للقدرة الدفاعية للوطن.. وبهذه المناسبة نعبر عن الارتياح للجهود والخطوات التي تمت من أجل استكمال عملية الدمج على أسس وطنية وعلمية بعيداً عن الانتماءات الضيقة الحزبية والقبلية والمناطقية وغيرها وبما يكفل لها النهوض بواجباتها في الدفاع والحفاظ على سيادته وأمنه واستقراره ومكتسباته ويعزز من دورها الفاعل في التنمية..
الإخوة المواطنون الأحرار:
إننا ندرك بيقين أن مهام المرحلة الجديدة ليست سهلة ولكننا متفائلون بأن المستقبل واعد بالخير والإنجاز.. ونثق ببأن مهمة البناء والتنمية والتطور لا تتحقق إلا في ظل الاستقرار واتباع سياسات ثابتة داخلياً وخارجياً.. لذلك تعمل الجمهورية اليمنية بكل جد وإخلاص من أجل إقامة علاقات طيبة ومتطورة مع كل الأشقاء والأصدقاء تقوم على أساس الاحترام المتبادل والتعاون الإيجابي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.. وإنها لمناسبة نؤكد فيها دعم الجمهورية اليمنية لكل الجهود من أجل تحقيق المصالحة العربية- العربية بروح أخوية صادقة وفتح صفحة جديدة في مسيرة تلك العلاقات على أساس التفاهم والتعاون المثمر وبما يحقق المصلحة العليا لأمتنا العربية التي نأمل أن نأخذ جميعاً عبرة من الماضي القريب الذي أثبت أن الألفة خير من القطيعة والصفاء خير من الضغينة وأن الصدق مع النفس خير من العيش في الأوهام والشكوك وسوء الفهم.
يا أبناء الشعب الأبي:
في هذا اليوم المجيد المؤزر بنصر الوحدة نتذكر بمزيد من العرفان والوفاء ذلك العطاء الوطني الخالد لأبناء قواتنا المسلحة والأمن الذين سطروا أروع البطولات وقدموا أغلى التضحيات من أجل الثورة والجمهورية والوحدة وكانوا دوماً الطلائع الوطنية السباقة لصنع المؤثر شعارهم، النصر أو الشهادة فهم مبعث الاعتزاز والفخر والتقدير إنهم قوة الوطن والمدافعون الأشداء عن سيادته واستقلاله والساهرون على أمنه واستقراره ومكتسباته.. فباسمكم نتوجه بتحية تقدير وإجلال إلى القوات المسلحة والأمن الشجاعة على ما قامت به من أدوار عظيمة وعلى ما قدمت من تضحيات سخية تمثلت في استشهاد عدد من خيرة القادة والضباط والأفراد الأبطال.. وإصابة العديد بالجروح، فلكل جندي وصف وضابط في قواتنا المسلحة والأمن الباسلة التهنئة والتحية لما جسدوه دوماً من مواقف وطنية شجاعة ملتزمين بالولاء لله.. والوطن والثورة والوحدة..
وختاما نبتهل إلى الله العلي القدير أن يتغمد كل شهداء الثورة والوحدة اليمنية وشهداء جمهورية مصر العربية بواسع رحمته وغفرانه وأن يوفقنا جميعا لما فيه الخير والسداد والتقدم والعزة لوطننا وشعبنا.. إنه سميع مجيب..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .