رئيس مجلس الرئاسة فى مقابلة مع مجلة الحوادث اللبنانية
الحوادث في اعتقادكم كيف يمكن تجاوز الأزمة السياسية الأخيرة التي تعينشها البلاد والتي تدور حول انتخابات مجلس الرئاسة وموقع نائب الرئيس في محاولة لإنهاء الخلافات بين قيادات الائتلاف الحاكم خاصة في الحزب الاشتراكي والمؤتمر؟
الرئيس: أولا لا توجد أزمة سياسية كما تروج لذلك بعض وسائل الأعلام التي ربما لأدرك خصوصيات الواقع اليمني وانما هناك تباينات في الرؤى واجتهادات في الرأي حول بعض القضايا بين القوى السياسية وتحديدا بين أطراف الائتلاف الحكومي المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح وهي طبيعية في إطار نهج الديمقراطية والتعددية، والحوار جاري بين أطراف ا لائتلاف ومع أحزاب المعارضة أيضا من اجل إزالة التباينات والعمل المشترك لحل القضايا في إطار الأهداف والقواس المشتركة ومراعاة المصلحة الوطنية.. ولا افترض أن التباين الذي حدث سواء حول انتخاب مجلس الرئاسة والتعديلات الدستورية يمكن أن يرقى إلى مستوى الأزمة السياسية كما ورد فى السؤال كون ما حدث مجرد تباين في وجهات النظر يهدف إلى التوصل لصيغة ترضى جميع الأطراف وتحقق المصلحة الوطنية وهذا هو شأن أي بلد ديمقراطي.
الحوادث. وماذا عن قضية التعديلات الدستورية التي تمثل أحد محاور الاستقطاب الحالي في اليمن.. كيف يمكن تحقيق الاتفاق حولها وإمكانيات تجاوزها؟
الرئيس: بات من المؤكد أن كل أطراف الائتلاف تقر مبدأ التعديلات الدستورية وفق الرؤى الوطنية وطبيعة المستجدات ومقتضيات المصلحة العليا وهي ألا منظورة أمام مجلس النواب وهو المخول بالبت فيها في ظل التفاهم.. والحوار جارى بين القوى السياسية وبخاصة أطراف الائتلاف الحكومي حولها وسوف تأخذ التعديلات الدستورية وقتها من النقاش في مجلس النواب حتى تخرج وفق الصيغة الوطنية المناسبة والمستجيبة لتطلعات بناء الدولة اليمنية الحديثة..
الحوادث. في اعتقادكم هل اليمن لم يتجاوز بعد مشاكل ما بعد الوحدة؟ وماذا عن مخاوف البعض من وجود تهديد حقيقي لدولة الوحدة خاصة وانه على الرغم من مرور ثلاث سنوات أو اكثر لم يتم الانتهاء من قضية توحيد الجيش؟
الرئيس: لا ادري لماذا يتصور البعض بان الوحدة قد جاءت بمشاكل معها في الوقت الذي نعلم فيه جيدا انه لولا إعادة تحقيق وحدة الوطن لكان هناك كثير من المشاكل والتحديات فالوحدة مثلت إنقاذ لشعبنا ووطننا من كابوس التشطير الرهيب..
أما وقد تحقق لوطننا اليمني حلمه الكبير في 22 من مايو 1990 م فان أي تراكمات أو مخلفات تشطيرية مهما كانت جسامتها فان شعبنا قد برهن عبر السنوات الثلاث الماضية على قدرته في تجاوزها مثلما تغلب على الكثير من الصعاب والتحديات منذ قيام ثورته وسيتغلب بعون الله على كل تلك الصعوبات التي برزت منذ إعادة تحقيق وحدة الوطن اليمنى.. وبالنسبة لاستكمال دمج القوات المسلحة واعادة بنائها وتحديتها على أسس وطنية وعلمية فهي قضية وطنية تحظى بالأولوية لدى حكومة الائتلاف وطبقا لما جاء في برنامجها الذي نالت بموجبه الثقة من مجلس النواب ونحن متفائلون بالمستقبل اليمنى الواعد بالخير والازدهار إن شاء الله.
الحوادث. من قراءة الخطاب السياسي يمكن بسهولة أدراك أن المهمة الأولى هي في حل المشكلة الاقتصادية في اليمن.. ماهى الأساليب والوسائل التي اتخذتها الحكومة اليمنية في هذا الصدد وهل يمكن التعويل على النفط كأحد أساليب حل المشكلة الاقتصادية؟
الرئيس: مأمن شك أن الهم الاقتصادي هو أبرز ما نواجهه من تحديات خاصة بسبب الآثار السلبية التي عكستها أزمة الخليج على الجانب الاقتصادي بعد عودة اكثر من مليون ومائتي آلف مغترب يمني.. وتولى الحكومة هذا الجانب جل اهتمامها ويحتل الصدارة في برنامجها السياسي الذي نالت بموجبه ثقة البرلمان ونحن نعول كثيرا على خيرات أرضنا وعلى ما يتيحه قانون الاستثمار الجديد من مزايا تجذب مختلف المستثمرين المحليين والعرب والأجانب الذين نرحب بهم ونقدم لهم كافة التسهيلات الممكنة.. ومأمن شك في أن النفط واحد من المرتكزات الهامة التي يعول عليها في معالجة الوضع الاقتصادي في بلادنا بالإضافة إلى التنمية الزراعية..
الحوادث. كيف تنظرون إلى الحملات الخارجية التي تواجه اليمن بين فترات وأخرى، أخرها ما قيل عن انتهاكات لحقوق الإنسان وما ذكر عن وضع اليهود في اليمن؟
الرئيس: طالما وان الخطى التي بخطوها واثقة وثابتة فانه لإيهامنا ولايضرنا أي لون من الحملات الخارجية بل على العكس أن ذلك مما يزيدنا وثوقا بتجربتنا لاسيما وان مثل تلك الحملات تصدر من قوى معروفة معادية للوحدة والديمقراطية في بلادنا..
واما بالنسبة لحقوق الإنسان فان مرتكزات النهج الديمقراطي التعددي في بلادنا تقوم على أساليب، الحرية واحترام الرأي والرأي الآخر وحقوق الإنسان ونحن نعتز في اليمن انه لا يوجد في اليمن الآن أي سجين سياسي في بلادنا..
أما بالنسبة لليهود اليمنيين فهم مواطنون لهم حقوق المواطنة وعليهم واجباتها طبقا للدستور..
الحوادث كيف تقوم اليمن بصياغة علاقاتها الخارجية مع جببر أنها من دول مجلس التعاون الخليجي خاصة وان آثار أزمة الخليج مازالت تحكم الكثير من الأمور في المنطقة وهل ثمة جهود تبذل لتطبيع العلاقات مع الكويت؟
الرئيس: علاقاتنا بالآخرين تحكمها أسس ثابتة ومبدئية تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد والحرص على التعاون الإيجابي الذي يحقق المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة والجمهورية اليمنية منذ إعلان قيامها في 22 من مايو تسعى إلى إقامة علاقات مع كل أشقائها وفي طليعتهم أشقاؤها في الجزيرة والخليج ولا نعتقد أن هناك من الهزات والأزمات ما يعيق تطور هذه العلاقات وثبات قاعدتها.. فأزمة الخليج هي أزمة عارضة وينبغي التغلب على آثارها لأنها انعكست سلبا على الجميع ونعتقد أن الوقت في ظل المتغيرات الجارية قد حان لتجاوز آثار تلك الأزمة والعمل بجهود مخلصة من اجل استعادة التضامن العربي..
الحوادث ألا تعتقدون أن اليمن قد يكون مطالبا بدور في اتجاه حل مشكلة الأسرى الكويتيين أو دفع العراق للاعتراف بالقرارات الدولية لترسيم الحدود كجزء من تطبيع العلاقات مح دول المنطقة وهي اضآ تمثل مطالب الكويت في هذا الشأن
الرئيس: لقد أعلنا في أكثر من مناسبة بأننا لن نتردد في التوسيط بين الأشقاء لحل المشاكل العالقة بينهم إذا ما طلب منا ذلك ومن مصلحة الأشقاء أن يتم حل القضايا والمشكلات فيما بينهم خاصة قضايا الحدود بالحوار في ظل مناخات وأجواء ودية يتحاور فيها الطرفان على مائدة المفاوضات حول كل ما من شأنه أن يضمن حقوقهما المشتركة..
الحوادث. كيف تسير العلاقات بين اليمن والعراق وهل يمكن أن نقول أن اليمن أجرت مراجعة لمواقفها من حرب الخليج؟
الرئيس: علاقتنا مع الأشقاء في العراق طبيعية مثلها في ذلك مثل ما يربطنا بكل الأشقاء.. وكافة مواقفنا من كل القضايا معلنة ومنها موقفنا من أزمة الخليج التي دعونا في اكثر من مناسبة إلى طي صفحاتها المؤلمة وفتح صفحة جديدة في مسار العلاقات العربية العربية بما يكفل استعادة التضامن العربي والعمل المشترك من اجل خدمة الأهداف القومية..
الحوادث. إلى أين تسير العلاقات اليمنية السعودية؟ ولماذا ثم تأجيل اجتماع الطرفين للبحث في إيجاد حلول لمشاكل الحدود بين البلد ين؟
الرئيس: تربط شعبنا بالأشقاء في المملكة العربية السعودية علاقات تاريخية يعززها الجوار والاخوة والروابط التاريخية المشتركة للشعبين الشقيقين وبالنسبة للجنة الخبراء للتفاوض حول الحدود اليمنية السعودية فقد تم تأجيل اجتماعاتها بناء على رغبة الجانب السعودي الذي طلب ذلك التأجيل.. وأخير طلب استئنافها وسوف تجتمع في 25 من أكتوبر في الرياض ونحن في اليمن أكدنا استعدادنا لحل قضية الحدود مع أشقائنا فى السعودية بالتفاوض وعلى قاعدة لاضرر ولاضرار وبما يضمن الحقوق التاريخية والقانونية لكلا الطرفين..
الحوادث. طرح الدكتور عصمت عبد المجيد مبادرة لمصالحة عربية شاملة يشير بعض المراقبين إلى انه ثمة تحرك لاقرارها قريبا.. هل لديكهما مقترحات حول إتمام هذه المصالحة وضمانات نجاحها؟
الرئيس: نحن في اليمن منذ الوهلة الأولى لنشوب الأزمة حرصنا ولازلنا نحرص على كل ما من شأنه تعزيز التضامن العربي ووحدة الصف والموقف العربي.. وعبرنا عن دعمنا لكل مسعى أو جهد عربي سواء كان في نطاق الجامعة العربية أو غيرها لتحقيق المصالحة العربية واعادة التضامن العربي إلى سابق عهده، والعرب بحاجة إلى المصالحة ومن ثم إلى المصالحة من اجل إقامة علاقات عربية عربيه سليمة وراسخة..
الحوادث أجلت الجامعة العربية مناقشة واقرار تقريرها حول الأمن القومي العربي- ألا تعتقدون أن الظروف الحالية تستدعي التوصل إلى اتفا ق حول الحدود الدنيا للحفاظ على الأمن القومي بعد الاتفاق على تحديد مصادر التهديدات للنظام العربي؟
الرئيس: نعتقد أن المدخل السليم لمعالجة الأوضاع العربية الراهنة هو العمل أولا على استعادة الثقة بين الأشقاء ومن ثم يمكن البحث عن الآلية المناسبة للعمل العربي المشترك من اجل الحفاظ على الأمن القومي العربي الذي هو منظومة متكاملة وجزء ليتجزأ من أمن كل دولة عربية سواء في مشرق الوطن العربي أو مغربه..
الحوادث. كيف باعتقادكم تعود العلاقات المصرية اليمنية إلى طبيعتها خاصة بعد اكثر من تأجيل لاجتماع اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين البلدين؟
الرئيس: العلاقات اليمنية المصرية علاقات أخوية حميمة وتاريخية معمدة بالدم وستظل كذلك في كل الأحوال والظروف وليس هناك ما يقود إلى الاعتقاد بان علاقتنا مع مصر غير طبيعية حتى نعيدها إلى طبيعتها.. علاقات أخوية ممتازة قائمة على الود والاحترام والتعاون الإيجابي ونحن حريصون باستمرار على تطوير تلك العلاقات المتميزة والدفع بها بالاتجاهات التي تلبي تطلعات الشعبين الشقيقين وترتقى بها إلى مستوى نضالهماوتضحياتهما المشتركة وتحقيق المصالح والمنافع المتبادلة بينهما وتخدم أهداف امتنا العربية..
الحوادث. نعرف أنكم مهتمون بالوضع في الصومال.. ما هو السبيل في رأيكم إلى إنهاء هذا الوضع الذي تحول من مأساة إنسانية إلى مأزق سياسي؟ وماهي أساليب التوصل إلى الحل في الصومال؟
الرئيس: لقد كنا ومنذ بداية تفجر الصراع في الصومال الشقيق مع مبدأ احتواء الأزمة سلميا وبطرق الحوار الودي بين مختلف الفصائل الصومالية المتصارعة وبذلنا الكثير من المساعي في هذا الاتجاه نتيجة للانعكاسات المباشرة للازمة في الصومال على بلادنا التي استقبلت بسبب تلك الأزمة الآلاف من النازحين الصوماليين وغيرهم.. وقد شجعنا وساندنا كل الجهود الهادفة إلى إحلال السلام والاستقرار في الصومال وفى طليعتها جهود الأمم المتحدة ونعتقد أن الحوار والتفاوض السلمي بين مختلف الفصائل على الساحة الصومالية بهدف الوصول إلى الصيغة السياسية المناسبة التي تضمن مشاركة جميع القوى الصومالية في تحمل مسؤولية بناء الصومال وهو السبيل الأمثل لاخراج الصومال من محنته وإنهاء معاناة الشعب الصومالي الشقيق..
الحوادث. ماهي الوسائل الكفيلة بحل الخلاف الفلسطيني الفلسطيني حول اتفاق غزة- أريحا خاصة وانتم تستضيفون اجتماعا يضم حماس ومنظمة التحرير.- وهناك اتجاه لمشـاركة الفصائل الفلسطينية
الرئيس: نحن في اليمن حريصون على الوفاق الفلسطيني الفلسطيني حتى مع وجود التباينات بشأن أي قضية مصيرية وهذه ظاهرة صحية وطبيعية وعندما أبدينا استعدادنا لاستضافة لقاء في صنعاء يضم مختلف الفصائل الفلسطينية فأننا انطلقنا فى ذلك من حرصنا على ألا تنشأ أي حساسيات أو صراعات بين الفلسطينيين بسبب الموقف من اتفاق المبادئ حول الحكم الذاتي المسمى (غزة- أريحا اولأ).
نحن دعونا لاجتماع الفصائل الفلسطينية في صنعاء بهدف توحيد الموقف الفلسطينى إزاء الثوابت الفلسطينية وبما يجنب الشعب الفلسطيني سفك أي دماء فلسطينية على أيد فلسطينية نتيجة اختلاف الموقف والرؤية حول المستجدات الفلسطينية الأخيرة..
الحوادث. ظاهرة الإرهاب الديني احدى الظواهر التي تعاني منها دول المنطقة بعد تزايد المد الأصولي واليمن قد لا يكون عن تأثيرات هذه الظاهرة بدليل وجود أعداد من الأفغان اليمنيين. كيف تنظرون إلى هذه الظاهرة وما هو أسلوب معالجتها؟
الرئيس: لقد اخترنا في اليمن النهج الديمقراطي الذي يحق للجميع في ظله المشاركة كما يحق لهم التعبير بحرية عن انتماءاتهم وميولهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية بالطرق التي يحددها الدستور والقوانين النافذة.. وكل الأحزاب والتنظيمات السياسية تعرف هويتها في هذا الإطار وليس ثمة مشكلة في هذا الجانب ولعلك تتابع تجربة الائتلاف الثلاثي الحكومي الذي يشارك فيها التجمع اليمني للإصلاح تيار الأخوان المسلمين جنبا إلى جنب مع المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي في تحمل مسؤولية البناء الوطني وهي صيغة يمنية تنطلق من خصوصيات الواقع اليمني ومقتضيات المصلحة الوطنية العليا.. أما بالنسبة للإرهاب والتطرف سواء كان من اليمين أم من اليسار فهما مرفوضان ومنبوذان بجميع صورهما وأشكالهما في مجتمعنا.. ونحن نعتقد أن إتاحة منافذ المشاركة أمام الجميع واللجوء للحوار لحل التباينات والاختلافات والاجتهادات المختلفة بالرؤى هو الوسيلة المثلى لتجنيب المجتمع أي صراعات أو توترات آو إي احتقان سياسي.. حيث أن اللجوء للعنف كخيار وحيد لمواجهة إي ظاهرة من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من العنف والتوتر والتطرف الذي لا يعود على المجتمع إلا بمزيد من الضرر وعدم ا لاستقرار.