رئيس الجمهورية في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط
قال لي صديق يمني كيف رأيت الرئيس علي عبدالله صالح بعد تسع سنوات من لقائك معه؟
قلت: سؤال مهم أرجو أن تكون الإجابة عليه بمستوى أهميته وأثارته، فيا صديقي اليماني هناك مسافة أعوام تسعة بين اللقاء في صنعاء.. واللقاء في الكريون في قلب مدينة باريس.. حيث كان الرئيس اليماني يمر بها عائداً.. ومستشفياً من أمريكا، حيث استقبلني قلل ذلك سكرتيره الصحافي النشيط عبده بورجي.
وبين 86 لم و95 م عبر خيول وعربات. وبشر كثيرون تحت الجسر، وعلى الطريق مخلفات، وتراكمات، ودول سقطت واناس ماتوا.. وآخرون أحياء شبه أموات وجيل يواصل مستمراً قطع تلك المسافة لكنني حين أعود إلى أوراقي قافزاً على حواجز الزمن.. وأحداث الماضي وعبر الحاضر أجد أن هنالك صورة واحدة لم تتغير، ففي ا لمرة الأولى أخذني عبد الرحمن الاكوع وكيل وزارة الإعلام- الوزير حالياً- بسيارته إلى خارج صنعاء لاتجاه قصر الرئاسة ومن ثم إلى الرئيس وكان حديثاً طويلاً خرجت منه كما كتبت بمنتهى الدهشة لان بلداً كاليمن بكل ما يملكه من تعددية، وظروف صعبة، ومواجهات حاسمة مستمرة مع الماضي، وانشداد ضروري في اتجاه المستقبل، ناجح في أن يكون لديه رئيس بمواصفات علي عبدالله صالح، وأهم هذه المواصفات هو فهم اليمن ولعل هذا ابسط الف باءات الحكم وهي أن تفهم الشـعب الذي تحكمه، طبيعة وظروفاً وتعددية، هذا ما كتبته عنه في صنعاء ومن صنعاء وحين عدت إليه في باريس ما وجدت سطراً غيرته السنون التسع .
ثم عدت إلى أوراقي المنشورة فوجدت ابرز ما في تجربة علي عبدالله صالح.. هذا القلب الكبير الذي يحمله اليمن كله لسياسييه الذين تعاركوا، وتخاشوا وتقاتلوا، يوماً ما وعندما عادت الأوضاع إلى طبيعتها أعادهم الرئيس واصبحوا مواطنين، يخدمون يمنهم دون أن يحملوا عقد الماضي وبقاياها، وهذا لعمري منتهى التسامح والعقل من أي شعب.
تذكرت هذه الأسطر التي كتبت من قبل تسع سنوات ثم رأيت الرئيس وأبو بكر العطاس رئيس الوزراء قبل الأحداث وسالم صالح عضو مجلس الرئاسة، وربما قريباً جداً علي سالم البيض.. يحاورهما ويستقبلهما في باريس وربما غداً يستقبلهما، بل يستقبلهم في صنعاء، ثم وجدت إنني لن أغير مما قلت شيئاً. وهل أغير.. والإنسان قد يتغير كما يقول مولانا عمر بن ابي ربيعة.
هذا هو اليمن.. يتغير كما يشاء ويعيش كما يحلو له مع التحولات الخطيرة لكنه باق ويجب أن يبقى يمن الجميع.. اليمن الرؤوم.. الذي وجدته في ثنايا وعبارات الرئيس رغم آلام التجربة، وقسوة الصراع، ومرارة المأساة،
نعم انه يتحدث عن زملائه في الحزب الاشتراكي، بل عن الحزب بمرارة وعنف.
اطرح هذا التساؤل على الرئيس الذي مازال ليدفق حيوية وينضج بالشباب.. المليء تجربة.. فيرد:
ـ نعم.. بألم لأنه قتل عشرة آلاف إنسان في حرب استمرت 67 يوماً.. كانوا من الجنوب أو من الشمال.. من الحزب الاشتراكي أو من غير هذا الحزب- والسبب سياسة وعمالة الحزب وتفكيره الماركسي العنيف.. وأسلوبه المعروف عنه.
ـ قلت للرئيس من باب إثارته: ولكنك تعرف الحزب قبل الحرب.
ـ هذا صحيح إن سياسته منذ عام 1996 م ليست غريبة، لقد قتل العلماء والشائخ ولذلك ليس غريباً أن يتسبب في الانفصال والحرب، كنت أظن انه جائز.. والمشاكل عادية إما أن تكون بهذه الصورة فذلك شيء لم أقدره واتخيله على الإطلاق.
ـ ومع هذه الآلام والمرارات أنت تتصل ببعض قياداته وهناك تفكير في عودتهم إلى اليمن؟
ـ كجانب إنساني واخوي نعم.. ولكن في الجانب السياسي نحن مختلفون.. لأنهم قتلوا الناس، وأنا بالنسبة لي لا اقطع حبل الود الشخصي.. أما السياسي فشيء آخر. الموقف السياسي شيء والعلاقات الشخصية شيء آخر.
ـ على هذا فحقوقهم الإنسانية محفوظة كما فهمت؟
ـ الحقوق هذه مكتسبة ومحفوظة يعني منازلهم ومرتباتهم وممتلكاتهم في الحفظ والصون وليس كما هي طريقتهم أثناء فترة حكمهم عندما كانوا يطردون الناس من بيوتهم ومساكنهم، ويحرمونهم الأمل، بل يقتلونهم، نحن استوعبنا بعضهم فعادوا، وبعضهم في الخارج ومنهم المجرمون الرئيسيون ومع ذلك فالتواصل موجود.
ـ ومن تسمونهم بالمجرمين هل هناك تواصل معهم؟
ـ لا.. لا اعتقد أن هناك بعضاً منه.
الجفري أرسل لي باقة ورد وبطاقة، وأنا في أميركا هذا جانب إنساني ولكن الخلاف السياسي قائم وما يزال الجفري مجرم حرب والجفري ما تزال ممتلكاته لدينا فهو قد اصبح غنياً بعد الوحدة.. وتدفقت عليه الأموال ولديه الأراضي.
ـ علمت انه جرى اتصال بين الرئيس والسيد أبو بكر العطاس رئيس الوزراء السابق وأحد رؤساء الانفصال وكان حديثاً صريحاً، لام فيه الرئيس علي عبدالله صالح رئيس وزرائه السابق.. وحمله المسؤولية فهو على حد تعبيره كان رئيس الحكومة وكان عليه أن يلزم الأقل. خاصة انه غير متوغل في الحزب الاشتراكي أما سالم صالح فهو الآخر ما يزال في وضع طيب وعلاقاته تتحسن قلت للرئيس أن المطلوبين للمحاكمة قالوا انهم مستعدون للحضور ولكن على أن تجرى محاكمتهم علنياً وترأس أنت المحكمة وهم قابلون برأيك؟
ـ ليتفضلوا ويأتوا معهم بمن يختارون من محامين أمام القضاء المستقل فهو أحد سلطات الدولة الثلاث.. عليهم أن يمثلوا أمام القضاء ويحضروا محاميهم، ونحن على استعداد أن نتولى أمنهم وسلامتهم.. وما يحكم به القضاء نقبله، فإذا حكم لهم بالبراءة نعيدهم إلى ممارسة كل حقوقهم السياسية والمواطنة، وإذا ثبت أدانتهم وأمر بإعدامهم فسنعدمهم، وإذا أمر بسجنهم أو نفيهم فسنمتثل للقضاء.
ـ اذاً انتم ملتزمون بمحاكمة عادلة؟
ـ نعم أنا سألتزم لهم بمحاكمة عادلة ونزيهة وبإمكانهم إحضار محامين دوليين ودعوة من يريدون من المنظمات الدولية المعنية بهذا الأمر. ويمكن وضع المحكمة تحت رقابة دولية.
ـ شيء غير مفهوم سيادة الرئيس، الحكومة اليمانية تطالب بمثولهم أمام القضاء في الوقت الذي تجرون معهم اتصالات بين الوقت والآخر؟
ـ الاتصالات بيني وبينهم تتم على أساس إنني رئيس دولة ورئيس للمواطنين جميعاً. ولكن سياسة الحكومة كحكومة قائمة،
ـ عندما شعرت أن الرئيس يريد أن يغير الموضوع باشرت في أسئلة جديدة، وقبل ذلك أقفلت آلة التسجيل.. وذهبنا في أحاديث طويلة حول أراء ليست للنشر وبعضها لا يصلح في هذا الوقت لكن صراحة الرئيس، وانفتاحه المعروف عنه ومقدرته على تفسير الأشياء ببساطة جعلتني امضي بعيداً في التجاوب مع صراحته.
خلاصة ما في الأمر إنني خرجت على قناعة من أن صفحة الجنوب مهيأة لأن تنطوي وتلك المأساة مهيأة أن تتوقف بكل ذيولها وما ترتب عليها من مضاعفات ويبقى الزمن وحده العامل الحاسم في ذلك.
ـ نعود للوضع الداخلي فأسأل الرئيس اليماني عن الحزب الاشتراكي.. هذا الحزب الذي أرى انه بقدر ما هو يتمتع لكراهية لا يحسد عليها فانه هو الآخر ضرورة للبلاد في ظل الخوف من ثنائية السلطة إذ من الواضح انه مع كل ما يحمله الرئيس للحزب من ألم فهو في النهاية يعلق عليه آمالاً في تحقيق نوع من المعادلة السياسية الضرورية لذلك حين طرحت عليه صيغة السؤال الإطار قال:
ـ اولاً نحن نؤمن بالتعددية الحزبية والسياسية والقانون ينظم وجود ذلك واعتقد انه من المناسب لليمن أن تكون هناك أحزاب أربعة في الأساس.. بمعنى أن ثلاثة أحزاب رئيسية وحزب رابع يسار يضم جميع القوى من مخلفات الشيوعية واليسار وحزب يميني محافظ وحزب وسط وهو المؤتمر فيكون على يمين المؤتمر حزبان رئيسيان وحزب رابع يضم جميع القوى السياسية الأخرى، ونحن ندعو إلى قيام الأحزاب للحفاظ واستيعاب كل القوى السياسية ومن ضمنها الحزب الاشتراكي، فهو موجود ولكن قوة الحزب قبل حرب الانفصال لم تكن بأيديولوجيته وبرنامجه السياسي، بل بقوته العسكرية التي ورثها من الدولة الشطريه السابقة، واشتهر الحزب الاشتراكي بأنه حزب حكم دولة في ما كان يسمى بالشطر الجنوبي سابقاً والآن هو مثل أي حزب آخر نحن في المؤتمرp.f حزب عادي ولا توجد لنا قوة عسكرية بل لدينا برنامج ولكن الجيش هو جيش الدولة جيش الاشتراكي والمؤتمر والإصلاح وجميع القوى الأخرى، فالمفروض أن نكون احزاباً مدنية نتنافس في البرامج وماذا تقدم للشعب ولكن لن تعود الأحزاب في اليمن تملك قوة عسكرية لان الدستور يمنعها من امتلاك أي قوة عسكرية أو ميليشيات، هذا مرفوض الحزب الاشتراكي موجود ويمارس العمل السياسي في المعارضة.
ـ لكن وضعيته مهزوزة؟
ـ هو مهزوز لأنه فشل في الحرب وارتكب جريمة الحرب والانفصال.
ـ وعلاقتكم مع حزب الإصلاح؟ هل هناك قلق من تدهورها وهل ترى أنها خلافات جذرية؟
ـ هذه خلافات بسيطة تحدث بين أي ائتلاف مثل ما يحصل خلاف وتباين بين المؤتمر وأعضائه، الخلافات تحصل في جميع التنظيمات ولكن الثوابت الجميع ملتزم بها مثل الوحدة والديمقراطية والنظام الجمهوري أما مسألة الخلافات على الإدارة فهذه جانبية وهي تحل عن طريق التفاهم والحوار وهناك وثيقة للائتلاف تحكم العلاقة بين المؤتمر والإصلاح
ـ هل ترى أن سبب الخلافات هو غياب الحزب الثالث الذي كان موجوداً؟
ـ للأسف أن هناك من يؤجج ويصعد الخلافات وهؤلاء هم من شاركوا في الانفصال فهم يحاولون أن يصبوا الزيت على النار عندما يوجد تباين في وجهات النظر بين الإصلاح والمؤتمر يحاولون أن يزيدوا من الخلاف، وينبغي عدم إعطائهم الفرصة لتحقيق أهدافهم لان العلاقة بين المؤتمر والإصلاح علاقة استراتيجية.
ـ ما صحة ما يتردد بأن للإصلاح ارتباطات خارجية مع القوى الأصولية هل انتم مع هذا الكلام أم لا
ـ الدستور والقانون يحرمان على أي حزب يمني أن تكون له صلة انتماء وارتباط خارجي أو الارتهان الفكري أو السياسي للخارج وفي حالة توفر ادله لدى سلطة الدولة بأن لأي تنظيم سياسي ارتباط فان هذا يحظر ويمنع تماماً وتتخذ الإجراءات القانونية ضده.
ـ اذاً ماهي قضية الأفغان الذين وجدتموهم في اليمن؟
ـ هؤلاء هم يمنيون معظمهم كانوا طلبة أثناء الحرب الأفغانية وكانوا يذهبون من الخليج واليمن للقتال ويرجعون وكل من يمارس التطرف ويخالف القانون منهم تنفذ ضده الإجراءات القانونية.
ـ وهل هؤلاء ضمن الهجرة غير الشرعية إلى اليمن مثل الصوماليين والسودانيين؟
ـ لا هؤلاء هم يمنيون أما بالنسبة للصوماليين، فاليمن مليء بعناصر صومالية نزحت بسبب الحرب إلى اليمن.
ـ والمتطرفون الإسلاميون من العرب والدول الإسلامية الأخرى هل هم موجودون في اليمن؟
ـ هؤلاء لا نسمح لهم بالوجود على الأرض اليمنية لقد جاءت فترة أثناء الأزمة والصراع والمماحكات السياسية بين الاشتراكي والمؤتمر شهدت مرحلة انفلات.. أن بعض تلك العناصر كانت تصل إلى اليمن سواء من مصر والجزائر وليبيا للدراسة.
ـ يتردد في مصران هناك متطرفين مصريين في اليمن؟
ـ ربما لأنه عندنا حوالي 60 الف مصري لا نعرف من بينهم الصالح ومن هو غير الصالح لأنه لا يوجد بيننا وبين مصر نظام التأشيرة وكثير منهم مدرسون ومتعاقدون نحن قلنا للاخوة في مصر أعطونا قائمة بأسماء هؤلاء المتطرفين ووقعوا معنا اتفاقية أمنية ونحن مستعدون أن نتبادل المجرمين، عندهم في مصر مثلا المجرمون وخونة الحرب عليهم تسليمهم لنا وعندنا ربما يكون هناك بعض الذين تطالب بهم مصر فإذا ثبت انهم خونة ويقومون بأعمال ضارة بمصر نتبادل تسليم المجرمين.
ـ هل صحيح إنكم اعتقلتم مؤخرا عناصر من حزب التجمع اليمني للإصلاح؟
ـ العناصر المتهمة التي قامت بالاعتداء على مكتب التربية والتعليم بمحافظة إب تم التحفظ عليها من قبل الأجهزة المختصة وهي رهن التحقيق الآن في النيابة.. ونحن لا نسمح بأي تطرف أو مخالفة للدستور والقانون من قبل أي شخص أو جهة كانت.
ـ هل أنت قلق على التجربة الديمقراطية في اليمن؟
ـ أنا لست قلقاً فهناك توجهات وثوابت أن الديمقراطية لابد منها وأنا دائماً أتحدث عن الديمقراطية وربما سببت الديمقراطية لنا الكثير من المتاعب أغضبتنا أغضبت المسؤولين ولكننا نقول ماهو أسوأ من الديمقراطية هو عدم وجودها ربما يرى البعض أن الديمقراطية سيئة لأنهم لم يتعودوا عليها لكنها ليست أسوأ من الديكتاتورية عندما يكون هناك هامش ديمقراطي نتعلم منه ونستفيد من تصحيح الأخطاء.
ـ لم اطمئن على وضع اليمن كما اطمأنت عليه حين بدأ الرئيس اليمني يتحدث عن الاقتصاد إذ وجدت انه من الزعماء الذين التقيتهم وقد أدركوا ادراكاً عميقاً أهمية الاقتصاد وإحلاله محل البلاغة السياسية والحل الأمني معاً. وما مروره بفرنسا إلا انعكاس للهم الاقتصادي الذي يعيشه اليمن ويتفاعل معه فهو يقول أن زيارته لفرنسا خاصة وهي جاءت في طريق عودته إلى الوطن بعد أن قمت بإجراء بعض الفحوصات الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت نتائجها جيدة ومطمئنة بحمد الله وقد التقيت بالرئيس جاك شيراك الذي تربطني به صداقة قديمة وأجرينا مباحثات إيجابية تناولت العلاقات الثنائية وسبل تطوير مجالات التعاون المشترك على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية وتربطنا بفرنسا علاقات صداقة وتعاون متطورة وهناك العديد من الاستثمارات والشركات الفرنسية العاملة في اليمن وعلى وجه خاص في مجال النفط والغاز والاتصالات وقريباً سيوقع في صنعاء اتفاق للغاز مع شركة (توتال الفرنسية، كما تناولت مباحثاتنا المستجدات والتطورات اقليمياً ودولياً وعلى وجه خاص تطورات مسيرة السلام في المنطقة والأوضاع في البوسنة والأوضاع في العراق في ظل ما يعانيه الشعب العراقي الشقيق من حصار اقتصادي.. العلاقات اليمنية الفرنسية متطورة ومميزة ومتنامية بالاتجاه الذي يحقق المصالح المشتركة للشعبين اليمني والفرنسي- وكنت قد حاولت أن أشرك الرئيس في الحديث عن حسين كامل من خلال سؤاله عن رأيه في العراك الأردني المصري حوله لكنه بذكاء شديد قال لم نتابع هذا الأمر كثيراً وما سمعناه هو ما تناقلته الصحافة وليس فيه جديد نحن في اليمن لدينا هموم كبيرة ومشغولون هذه الأيام بالأعداد للخطة الخمسية الأولى وترتيب أوضاع البيت اليمني من الداخل ونحن بصدد الإعداد لخطة تنموية تتجاوز ما حدث في الخطط السابقة من سلبيات وما الذي تتضمنه هذه الخطة؟
ـ الإعداد جارى لها وسيعقد مؤتمر عام اقتصادي لمناقشتها قبل إقرارها حتى تأتي ملبية لطموحات البناء وهي ستركز على دعم توجهات بناء هياكل التنمية وفي طليعتها البنية التحتية في الخدمات وحل مشاكل المياه والكهرباء والطرقات والمواصلات والاهتمام بتطوير الصناعة الوطنية لان معظم صناعاتنا حالياً هي صناعات تحويلية ونحن مهتمون بالتوجه نحو إيجاد صناعات استراتيجية سواء في مجال الأسمنت أو الحديد أو البتروكيماويات والخطة الخمسية تركز على الجانبين الصناعي والخدماتي..
ـ وكيف ستوفرون اعتمادات الخطة هل من خلال قروض أم مساعدات أم ماذا؟
ـ توفير الاعتمادات سيتم من خلال عائدات صادراتنا من النفط والغاز ونحن نعلق آمالاً كبيرة على الغاز بالإضافة إلى الموارد المحلية كالضرائب وصادرات المنتجات الزراعية والصناعية إلى جانب التسهيلات التي نتطلع إلى الحصول عليها من الصناديق العربية والإسلامية ومن البنك الدولي إلى جانب الدول العربية الشقيقة.
ـ هل جاءتكم التزامات من الدول الشقيقة؟
ـ الموضوع مازال قيد البحث.
ـ مادمنا في الوضع الاقتصادي لاحظنا تحسناً في قيمة الريال اليمني هل تعتقدون أن هذا التحسن سيستمر؟
ـ تحسن الريال اليمني جاء نتيجة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري بالإضافة إلى توفر الاستقرار النفسي والعلاقات الجيدة بين اليمن والمملكة العربية السعودية لأنها من الجوانب المؤثرة ايجابياً بالنسبة للجانب النفسي والعلاقات مع السعودية مهمة جداً وحيوية ولها تأثير قوي خاصة أنها علاقات إخاء وجوار وعلاقة مصير وإذا حصل فيها أي لبس في الماضي يظل اليمن يتأثر بالسعودية والسعودية تتأثر باليمن، والآن وبعد أن أزيل الضباب والغيوم التي أساءت للعلاقات بدأت الأمور تتحسن وتعرف جيداً أن السوق اليمنية سوق كبير وأساسية للمنتجات السعودية والتي بدأت تتدفق على السوق اليمنية بكميات كبيرة ونحن نشجع ذلك لأن المصالح المتبادلة تنمي العلاقات وتعززها بصورة إيجابية ومثمرة..
ـ حرصت فخامة الرئيس على لقاء رجال الأعمال الذين لهم علاقة باليمن بشكل وواضح
إنكم تعلقون آمالاً على الاستثمار؟أو بآخر
ـ نحن نشجع الاستثمار السعودي والخليجي في اليمن بشكل افضل وله عندنا اهتمام
ـ هل هناك إجراءات وتسهيلات للمستثمرين مع ملاحظة ما تردد حول أن هناك بعض التعقيدات في قوا نين الاستثمار؟
ـ بالعكس هناك قوانين ممتازة وقانون الاستثمار مشجع ولكن هناك البيروقراطية والروتين التي تعقد الأمور مع ذلك هناك توجيهات بتقديم التسهيلات من قبل كافة الأجهزة ولدينا الهيئة العامة للاستثمار التي يترأسها الدكتور محمد سعيد العطار وهو شخصية اقتصادية كبيرة ليس على المستوى اليمني ولكن على المستوى الدولي، وهو يتولى رئاسة الهيئة وبدأت بعض العراقيل تزول.. وهناك عدد من رجال الأعمال في السعودية بدءوا يزورون اليمن ونحن نشجع في المقام الأول أن يكون المستثمرون من الأشقاء الجيران لان تشابك المصالح هو الأساس والمصالح هي الأهم في تنمية العلاقات اكتر من الخطاب والمقال السياسي.. عندما تتشابك مصالح المواطنين فان كل طرف يحرص على حقه كما هو حاصل في أوربا التي تحرص على علاقتها معنا ونحن نحرص على علاقتنا معها فالأحرى نحن كجيران وأخوان أن تتشابك المصالح في ما بيننا، شاهد اليوم السوق اليمنية تلاحظ أنها متأثرة تأثرا كبيراً جداً بالسوق السعودية بعد فتور في الجوانب الاقتصادية لمدة خمس سنوات، ، الآن فتحت الأبواب بين السوق اليمنية والسعودية ودخلت كل المنتجات السعودية وبالمثل المنتجات اليمنية ويشعر الواحد بالمصلحة. أنا عندي كم كيلو زيت أبيعه في اليمن وكم كيلو موز أبيعه في السعودية هذا هو المهم في العلاقات.
ـ هل هناك خطة لتطوير المناطق الجنوبية بصفة خاصة؟
ـ من ضمن الأولويات تطوير المناطق التي شملها حكم النظام الماركسي الشمولي، الحرب أثرت على الاقتصاد بشكل عام ليس في المحافظات الجنوبية ولكن ايضاً في المناطق التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي فهي تعاني من الحاجة إلى ابسط الخدمات لهذا نوليها الاهتمام وهذه ما نسميها بالمناطق النائية التي سوف تحظى في الخطة التنموية القادمة بالأولوية واهتمام خاص..
ـ كم سنة تعطي لإنهاء بناء المنطقة الحرة؟
ـ المنطقة الحرة تسير الأمور من اجلها بصورة جيدة ومتسارعة والمفاوضات مع الشركات التي ستتولى عملية البناء تسير بوتيرة عالية وإيجابية، نحن نبدأ المنطقة الحرة في هذه السنة بإجراءات الميناء والمطار وسنبدأ عملية بناء ارصفه في الميناء خلال ما تبقى من هذا العام والعام المقبل لتكون جاهزة لاستقبال ثلاثة ملايين حاوية وخلال خمس سنوات سيتواصل البناء لتكون عدن منطقة حرة..
ـ أشرتم إلى العامل السعودي في بناء الاقتصاد اليمني كيف ترون مستقبل علاقاتكم مع جارتكم الشمالية؟
ـ مثلما تحدثت منذ البداية بصراحة أقول أن علاقاتنا مع السعودية شابها الضباب بفعل فاعل وبفعل قوى إقليمية ودولية حاولت أن تصطاد في هذه العلاقات التي كانت ممتازة.. ومن المؤسف أن حرب الخليج أساءت إلى العلاقات ولكن بعد تقصي الحقائق من كل الأطراف كان من الضروري أن تعود العلاقات إلى سابق عهدها من الإخاء والتميز ورغم فتور العلاقات فإن التواصل موجود حتى أثناء الحرب.. والوفود متبادلة بيننا وبين المملكة فاستطعنا أن نقطع شوطاً حتى تم لقاء القمة بيني وبين أخي خادم الحرمين الشريفين التي وضعت المعالجات الطيبة وبدأنا عملاً جميلاً وممتازاً بعد أن سادت فترة من نقل المعلومات الخاطئة لمصالح بعض الشخصيات المحلية والإقليمية والدولية التي اصطادت في مياه العلاقات، واتفقنا على آلية محددة لحل مشكلة الحدود والآن اللجان المكلفة بذلك طبقاً لمذكرة التفاهم تسير على ما يرام ونحن والاخوة في المملكة راضون عنها.
ـ قمتم بزيارة للشيخ زائد بن سلطان أثناء وجوده في جنيف هل لهذه الزيارة من معنى خاص وما
هي القضايا التي بحثتموها معه وكيف تقيمون العلاقة اليمنية الإماراتية الآن؟
ـ زيارتي لأخي سمو الشيخ زايد بن سلطان كانت زيارة خاصة انطلاقاً من العلاقة الأخوية التي تربطنا حيث اطمأنت على صحته بعد أن قام بإجراء بعض الفحوصات الطبية وليس بالضرورة أن يتم كل شيء في إطار رسمي ومصالح.. هناك علاقات شخصية وأخوية وودية وعلاقات إنسانية ينبغي أن تكون موجودة باستمرار بين الاخوة والأصدقاء أما بالنسبة للعلاقات الأخوية بين البلدين فهي جيدة ومتطورة وتتعزز كل يوم لأنه لا يمكن لأي أخ أن يستغني عن أخيه ونحن نعمل على الدفع بها سوياً إلى ما يترجم تطلعات الشعبين الشقيقين ويخدم أهداف امتنا العربية..
ـ ايضاً في إطار الاتصالات الشخصية ماهي قصة الزيارة التي قام بها لكم السفير الكويتي في واشنطن؟
ـ زيارة السفير الكويتي في واشنطن جاءت في إطار انه قدم التهنئة لي من أمير الكويت بسلامة الفحوصات وهذه جوانب أخوية..
ـ ولكن لاحظنا أن وزارة الخارجية الكويتية نفت أن يكون هناك اتصال أو أي شيء؟
ـ ربما يقصدون الجوانب السياسية لكن الجوانب الأخوية والإنسانية موجودة بيننا وبين الأشقاء في الكويت لأنه جاء وزارني بصفته الشخصية أو الرسمية المهم انه زارني وأنا اعتبر الزيارة مبادرة طيبة كجانب اخوي وهذا بحد ذاته شئ طيب وليس بالضرورة أن نبحث الجانب السياسي.
ـ هل تتوقعون أن يكون هناك تطور في علاقاتكم مع الكويت؟
ـ هناك علاقات بيننا وبين الكويت وهي علاقات أخوية قديمة وكانت على الدوام متميزة ونموذجية ومن جانبنا ليست هناك أي مشكلة.
ـ هل هناك وساطة ومجهود تبذل في هذا الاتجاه مع الكويتيين؟
ـ الموضوع لا يحتاج إلى جهود أو وساطة، العلاقات اليمنية- الكويتية ستعود عاجلاً
أم آجلاً.. الأشقاء العرب مضطرون أن يلتقوا وان تعود علاقاتهم ببعضهم البعض لأنه لا أحد يستطيع أن يبتعد عن الآخر.. قد تكون هناك حالة غضب أو انفعال ويزعل الواحد من أخيه لكنها لحظات طارئة ومؤقتة ولابد أن يعود الأخ لأخيه مهما كان ومهما حصلت من خلاف..
ـ هل حان الوقت كي ينظم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي؟
ـ سبق أن أجبت على هذا السؤال من قبل وقلت أن الوضع الطبيعي لليمن هو في مجلس التعاون الخليجي.. ولكن مرة ثانية وفي هذه المقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط اكرر القول: لم يسبوا أن طلبنا الانضمام إلى مجلس التعاون ولن نرفض أن طلب منا ذلك فوضعنا الطبيعي هو مجلس التعاون..
ـ وقبل أن أودع الرئيس علي عبد الله صالح مر في ذاكرتي غبار الحرب ومن لا يتذكر الحرب في حضرة رئيس يمني منذ بداية عهد الجمهورية التي نعيش ذكراها غداً وحتى انتصار علي عبدالله صالح
على علي سالم البيض.. فرغبت أن اختم هذه المقابلة بسؤال عن الحرب، قلت له. سيادة الرئيس كيف مرت عليك شخصياً تلك الحرب العصيبة؟
ـ الحقيقة كانت صعبة ولكن الإنسان كان مؤمناً بانه لابد أن يتحقق النصر لأنها قضية وطنية واستراتيجية وليس قضية برنامج الحزب ومزاج الحاكم ولكنها قضية أمة، فكان الإنسان يشعر باعتزاز وثقة بتحقيق النصر لأنها ليست رغبة الحاكم في فرض ما يريد ولكن كان الحاكم يتبنى قضية أمة وكنا واثقين من تحقيق النصر منذ بدأ الانفصاليون الحرب رغم الدعم والتسليح والتأييد الذي كان معهم ولكن وثقنا بالنصر كما وتقنا سابقاً من نصر الجمهورية فتبنى الناس قضية الجمهورية لتحل محل هذه القوى ورغم التضحيات والمشاكل لكن زهوه النصر كانت موجودة لأنها قضية وطنية.