رئيس الجمهورية في مقابلة مع صحيفتي الشرق القطرية والعربي المصرية
.منذ جلست للحوار مح الفريق علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية والقائد الأعلى للقوات المسلحة في مبنى القصر الجمهوري بصنعاء بادرني سيادته قائلا (طبيعي أن يكون سؤالك عن أسباب ودوافع الأزمة السياسية التي عاشها اليمن واكتوى بنارها ودمارها وضحاياها، إذا دعني أقول لك الآن أننا تصورنا مخطئين أنه آن الأوان أخيرا لعلاج وإصلاح أحوال اليمن ونهاية مآسيه وأحزانه يوم 22 مايو 1990م المجيد، حين استعاد الشعب وحدته بعد قرون سوداء عانى خلالها محنة التشطير والتجزئة، لكن الذي حدث ولم يكن أبدا في الحسبان أن تندلع الفتنة من قبل العناصر الانفصالية في الحزب الاشتراكي الذي قبل الوحدة وشارك في صنعها وسار شوطا في تفعيلها فكان تآمرها على الوحدة وعلى الوطن وعلى الشعب، رغم أن الوحدة جاءت عبر الحوار السلمي والديمقراطي وجرى الاستفتاء على دستورها كما تمت في ظلها الانتخابات النيابية التشريعية بطريقة حرة ومباشرة.
وعندئذ أدركت لماذا كان ولوج الرئيس مباشرة إلى الحوار حيث كان وقته مشغولا في ترتيب أوضاع ما بعد انتصار الوحدة عبر التعديلات الدستورية التي صححت مضامين الدستور الذي جاء توفيقيا عام 1981م وعدلت شكل رئاسة الدولة وجاءت به رئيسا للجمهورية لإنهاء صلاحيات مجلس الرئاسة التي كانت مثارا للنزاع على سلطة السيادة واختلال القرار السياسي وتشكل الحكومة الائتلافية الجديدة بين حزب المؤتمر والإصلاح واستبعاد الحزب الاشتراكي من قسمة السلطة جزاء وفاقا لتآمره على الوحدة وتفرغ الرئيس إلى واجب التكريم للقوات المسلحة والأمن والشعب على ما قدموه من تضحيات وشهداء صيانة للوحدة- وقلت للرئيس لاشك أن انتخابهم بإجماع أصوات مجلس الشعب كان تتويجا لقيادتكم الجسورة التي حققت الانتصار على الانفصاليين- الأمر الذي فتح الطريق أمامكم لدخول التاريخ من أوسع أبوابه، الآن ماذا تقول عن الحزب الاشتراكي شريككم في صنع الوحدة وممارسته السياسية التي انتهت بإعلانه الانقلاب عليها؟ وما موقفكم من جماهير المحافظات الجنوبية التي برمجت عقليتها في إطار توجهات الحزب الاشـتراكي وعقيدته الماركسية على مدى 27 عاما؟
* الرئيس: هناك أزمة زائدة أو ما يسمى بالثقافة المزيفة، اليساريون في الوطن العربي مثقفون، أما هؤلاء الذين انتهجوا الاشتراكية في اليمن فهم مثقفون انتهازيون لا يعرفون أبجديات الثقافة، أو أبجديات السياسة وثقافتهم مجرد ثقافة مصلحيه وبالنسبة للحزبيين الذين ترعرعوا أو تأثروا أو أرغموا على الولاء للحزب.. نحن نقول لهم انتم حزبيون أو مستقلون لكم كامل الحقوق السياسية والاجتماعية وعليكم واجب نحو بناء الوطن. ولا نؤاخذ أحدا الآن على تعامله مع الحزب الاشتراكي لان البعض أرغموا وارهبوا فكريا وسياسيا واضطروا للرضوخ من اجل أن يحصلوا على فرصة العمل ويجدوا قوت يومهم أو أن يكونوا مسؤولين فالبعض لم يكن حزبيا ودخل الحزب للضرورة لان الدولة كانت الحزب- في نظرهم- وهو القائد والأمن والجيش، وهذه كانت طبيعة تكوين الأنظمة الشمولية الماركسية..
. متى وكيف بدأت الأزمة؟
* الرئيس: للأسف الشديد اكتشفنا بعد فترة قصيرة من قيام دولة الوحدة أن القيادة المتنفذه في الحزب الاشتراكي يبطنون غير ما يظهرون، وانهم ما يزالون على نهجهم وأيدلوجيتهم وفكرهم الخاص، وان قبولهم بالوحدة الاندماجية إنما كان هروبا للأمام ومسألة تكتيكية ومرحلية تتعلق بمأزقهم السياسي التاريخي، وهكذا عمدوا منذ البداية إلى ممارسة أساليب اختلاق المشاكل والضجيج الإعلامي كمقدمة لتهيئة أجواء التراجع عن الوحدة والتشكيك في خياراتها الوطنية، ولأننا نؤمن بحتميتها فمن اجل الوحدة وصيانتها قدمنا الكثير من التنازلات، وكان علينا أن نستجيب دائما للابتزاز من اجل الوحدة حتى استمرءوا لعبتهم الخيانية.. وتلك كانت ابرز الأخطاء السياسية..
. متى أدركتم نواياهم المبيتة لإجهاض الوحدة؟
* الرئيس: الشواهد أمامنا كانت تشير إلى ذلك، لكننا أبدا لم نكن نصدقها أو بالأحرى رفضنا أن نصدقها، إذ كيف نصدق أن يمنيا واحدا يتنكر لأغلى وأسمى أهداف الشعب اليمني بعد إنجازه لوحدته التي قدم من اجلها الأرواح الطاهرة والدماء الزكية إلا أن يكون خائنا أو عميلا أو مغيبا عن الوعي..
في نهاية الفترة الانتقالية قبيل الإجراءات الانتخابية في 27 أبريل 1993م بدأت القيادات المتنفذة في الحزب الاشتراكي يسيل لعابها للدعم الخارجي حيث لجأت إلى التحالفات السياسية المشبوهة مع بعض المسميات الحزبية والعناصر المعادية للثورة والوحدة ومنها العميل (الجفري) وكانت تحالفات الحزب الاشتراكي مع بعض الأحزاب الصغيرة المهمشة موصولة بدعمها ماليا من رصيد التمويل الخارجي..
. متى أدركتم حقيقة العد التنازلي لتنفيذ مخطط التآمر على الوحدة؟
* الرئيس: منذ لاحظ كل ذي بصيرة وطنية وقومية في اليمن وخارجه كم أساليب الترويج الإعلامي الموتور لإعلام الحزب الاشتراكي ومن سانده وطرحه المضلل والكاذب الهادف إلى تشويه الحقائق والإساءة لبقية الأحزاب الرئيسية مثل المؤتمر والإصلاح وبقية الأحزاب الوطنية.. وعليك أن تراجع صحف الحزب الاشتراكي وغيرها من صحف الأحزاب المتحالفة معه.. ومساحات النشر التي تؤيد موقفه في صحف عربية وأجنبية عديدة تحالفت معه لسب أو لآخر وسوف تلاحظ أن وراءها مايسترو واحد يوزع الأدوار على مختلف العازفين، وعليك بعد ذلك أن تسأل لماذا؟ ولأي غرض.. ومن كان يدفع ويمول؟ وهل جاءت من حصيلة اشتراكات أعضاء الحزب الاشتراكي مثلا.. ورغم أن الحق قد ظهر وانقشع القناع المزيف وتكشفت ملامح المؤامرة المبيتة على الوحدة إثر رحلة الخائن البيض للخارج وعودته إلى عدن وليس إلى صنعاء.. أدركنا عندئذ أن تلك القيادات على وشك الانسحاب من الإجماع الشعبي والخروج عن الدستور والتاريخ والتراجع عن الوحدة وان غلفت في البداية بصيغ الفيدرالية والكونفدرالية بديلا عن الوحدة إلا أننا لم نتأكد أو نؤكد لأنفسنا عزمهم على الانفصال إلا بعد التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق.. وعدم التزام الخائن الانفصالي- البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي آنذاك بالعودة إلى صنعاء لأداء اليمين الدستوري وممارسة مسؤولياته كنائب لرئيس مجلس الرئاسة، ولعلمك فان هذا المنصب لم يكن دستوريا لأنه لم ينص عليه دستور دولة الوحدة وإنما أعطى ضمن التنازلات والارضاءات من اجل إعادة تحقيق الوحدة والحفاظ عليها، في الوقت الذي كان وزراء الحزب الاشتراكي ومعظم نوايه وموظفيه قد انسحبوا من صنعاء تباعا إلى عدن، وفي اليمن مثل شعبي يقول (المخرب غلب ألف عمار) وبمعنى أن البناء صعب وشاق بينما هدم بناء شامخ لا يحتاج سوى مجرد معول هدم أو دفعة من البلدوزر حتى ينهار أشلاء ويصبح كوما من الأحجار والتراب..
. متى كانت القشة التي قصمت ظهر البعير واندلاع الحرب؟
* الرئيس: في دوفس محافظة أبين عندما فجر الحزب الاشتراكي عشية التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في عمان الموقف عسكريا ضد قوات العمالقة التي أرسلت بعد الوحدة إلى محافظة أبين حيث أرسل وحدات عسكرية تابعة له من محافظة حضرموت ووحدات أخرى من محافظة عدن لمحاصرة لواء العمالقة وتدميره.. تلا ذلك تصعيد الموقف عسكريا في منطقة عمران حيث كان هناك اللواء الثالث مدرع وكان يخضع للحزب الاشتراكي وكان متواجدا مع اللواء الأول مدرع ويضمهما معسكر واحد.. حيث قام اللواء الثالث بالاعتداء على أفراد اللواء الأول في الوقت الذي كان الأفراد يتناولون طعام الغداء وفى ظل وجود لجنة عسكرية مشتركة شارك فيها الملحقان العسكريان الأمريكي والفرنسي للتخفيف من التوترات التي حدثت عقب الاعتداء على العمالقة في أبين.. فكانت كارثة الصدام المروع الذي أدى إلى تدمير اللوائين وعلى الفور أعلنا أن المصاب مصاب اليمن كله واعتبرنا كل من استشهد شهداء اليمن والوحدة.. ونقلنا المصابين إلى المستشفيات ومن كانت حالته خطيرة أرسلناه للعلاج في الخارج.. وبالنسبة لمن تبقى حيا من قوة اللواء ثالث مدرع منحناهم تعويضات كافية واعدنا تسليحهم ومنحناهم إجازة محددة يعودون بعدها إلى وحداتهم.. وهكذا فوتنا على الحزب الاشتراكي الفرصة لتفجير الصراع عسكريا على نطاق واسع، لكن الحزب عاد يحرض قواته في معسكر باصهيب في منطقة ذمار على الانتشار خارج المعسكر ثم توجيه نيرانها فجأة على كتيبة الحرس الجمهوري.. وعلى المقرات الحكومية والمواطنين وتدمير محطة الكهربا الرئيسية.. وبعدها صدرت الأوامر منا إلى الحرس الجمهوري بعدم الرد بالمثل.. لكن بعد مضي اقل من ساعة كانت قوة أخرى من الأمن المركزي تتعرض للإبادة في عدن اثر قصفها بالمدرعات والمدفعية.. وكذلك قوات اللواء الثاني مدرع في لحج وهكذا أشعلت قيادة الحزب الاشتراكي الانفصالية الحرب واستمرت منذ يوم 4 مايو 1994م حتى تحقق الانتصار على الانفصاليين يوم 7 يوليو..
. لماذا في تقديركم أخطأت توقعات معظم المحللين العسكريين التي غلبت في البداية انتصار القوات الانفصالية؟
* الرئيس: لأنهم حسبوها بأرقام التمويل والتسليح الضخم الذي تحصل عليها الانفصاليون فقط، ولم يحسبوا حساب الشعب اليمني بينما كانت حساباتنا مبنية على إرادة الشعب ومبادراته الوطنية التلقائية لصيانة الوحدة وتمسكه بحبل الله الذي لا فرقة بعده أبدا بينما كانت القضية التي ندافع عنها وطنية وقومية وشريفة في أسلوبها وغاياتها، لم يكن للانفصاليين قضية سوى تحقيق أطماعهم الانتهازية حتى لو تمزق اليمن إربا، إلى حد توجيه صواريخهم (الاسكود) لقتل الأبرياء من المواطنين وتخريب البيوت والمنشآت في المدن في إطار ما يسمى بمشروعهم الحضاري الذي تشدقوا به كثيرا كمنطلق للنهوض باليمن، وبينما كانت ميزانية الدولة تئن تحت ومدة الديون الخارجية وانقطاع المعونات الدولية والعربية ناهيك عن البطالة، هب الشعب اليمني عن بكرة أبيه يدافع عن الوحدة ويسد العجز في تمويل الإنفاق على المجهود الحربي عبر تقديم كل ما يمكن من وسائل النقل والإغاثة والإمداد لقوات الوحدة والشرعية والانخراط للقتال في صفوفها وتشكيل احتياطي عسكري كثيف بأكثر مما كنا نحتاجه، فضلا عن حراسة خطوط الإمدادات لآلاف الكيلومترات وكل ذلك غاب عن تحليلات العسكريين وعن الكتاب والمحللين السياسيين الذين لم يدركوا مفردات الشخصية اليمنية..
. لماذا إذا طالت مدة الحرب؟
* الرئيس: اخترنا منذ البداية تحقيق النصر وفق أسلوب مرحلي بديلا عن الضربة القاضية لعدة اعتبارات أهمها تقليص الخسائر وتجنب الدمار إلى أقصى حد ممكن بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لكشف الانفصاليين على حقيقتهم حتى يفصحوا عن نواياهم الخيانية المبيتة ولم تتأخر حساباتنا كثيرا.. حيث أعلنوا بيانهم الانفصالي وتكشف للعالم الكم الذي تدفق عليهم من الأموال والأسلحة من الخارج والتعاقد على صفقة الطائرات الميج 29 والمدافع ذاتية الحركة الحديثة والقواعد الصاروخية المتطورة وغيرها بهدف تدمير قوات الوحدة والشرعية.. وضرب المنشآت الاقتصادية الحيوية مثل محطات الكهرباء والنفط والمستشفيات وغيرها بواسطة طيارين وخبراء أجانب تم استئجارهم كمرتزقة، وحتى الآن نجحنا في رصد جملة المبالغ التي تسلمها الانفصاليون (نقدا) من الخارج بينما لا يزال الكثير من الأسرار نواصل البحث في كشفها..
. سيادة الرئيس بعضا من الحقائق حول التمويل الخارجي؟
* الرئيس: نحمد الله أننا انتصرنا بقوانا الذاتية، فلا أحد ساعدنا بريال واحد أو دولار ولا بقطعة سلاح أو طلقة بندقية أو مدفع أو صاروخ وما يجعلنا نحمد الله اكثر عليه ونفتخر به ذلك التلاحم الشعبي الرائع والاصطفاف الوطني الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ اليمني.. فعلى مدى أيام الحرب تقلصت الجريمة تباعا حتى اختفت.. أما في جانب الانفصاليين فلم يخف عن العالم وإعلامه مصادر السلاح الحديث الذي ظل يتدفق على مينائي ومطاري عدن والمكلا وغيرها من المنافذ الجوية والأرضية.. أما عن نفقات تمويل الإنفاق العسكري والإعلامي فقد تمثلت الدفعة الأولى لكسب نتائج الانتخابات النيابية بنحو 170 مليون دولار، ثم ارتفع التمويل إلى ملياري دولار إثر التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق وخلال الأزمة والحرب تتابع التمويل بمبالغ كبيرة تصل إلى المليارات وكانت آخر دفعة يوم 21 مايو 94 م أي يوم إعلان بيان الانفصال.. ناهيك عن دعم ومساعدات أخرى، اعذرني أن تحفظت على الأسماء لعل وعسى ننجح في رأب الصدع الذي تخلف عن المأساة.
. يتردد في أوساط اليمنيين أنكم كنتم طوال الحرب على اتصال تليفوني بقيادة المؤامرة الانفصالية هل هذا صحيح؟
* الرئيس: كنت حريصا على وقف الحرب.. وحقن نزيف الدم اليمني والحد من الدمار..
. هل كانت لديكم خطة عسكرية مسبقة لإجهاض المؤامرة الانفصالية؟
* الرئيس: لم تكن هناك أي خطة لأننا كنا حريصين على عدم اندلاع الحرب.. ولكن بعد أن فرضها الانفصاليون راهنا على الشعب الذي كان هو السد المنيع أمام مؤامرة ا لانفصال..
. ما مدى صحة مشاركة شركة كنديان اوكسي التي تمارس نشاطاتها البترولية باليمن في تمويل الانفصاليين بملبغ 370 مليون دولار؟
* الرئيس: الشركة قالت انه لا علم لها بذلك.. ولكن اتضح أن وزير النفط السابق من الحزب الاشتراكي بن حسينون وبعض القيادات المتنفذة في الاشتراكي رفعت التكلفة المقدرة لمد خطوط أنابيب البترول من حقول المسيلة إلى ميناء التصدير إلى اكثر من 370 مليون دولار.. تم ارتفع المبلغ إلى اكثر من الضعف ولجأوا إلى أساليب ملتوية لتمرير هذا المبلغ الذي نهب لصالح تلك المجموعة وربما لتمويل المؤامرة الانفصالية ومازال التحقيق جاريا في هذا الموضوع علما بأن الحزب الاشتراكي لم يصرف على المؤامرة إلا اقل القليل من المليارات التي تقاضاها من الخارج ونحن نطالب الآن بعض الدول التي تعاقدوا معها على شراء سلاح باسم الجمهورية اليمنية بتسليم ما تبقى ومالم يسلم من تلك الصفقات للدولة ومن الغريب أن القيادات المتنفذة في الحزب الاشتراكي اخفت مبلغ 280 مليون دولار كانت في البنك المركزي في عدن.. ولكن هل تساوي تلك الأموال التي قبضتوها عن الوطن؟ والتآمر على وحدته وأمنه ومصيره؟
. لاشك أن وثيقة العهد والاتفاق كانت تتعلق لمعالجة أخطاء متبادلة فما هو مصيرها الآن؟
* الرئيس: الوثيقة انتهت كمسمى بعد إشعالهم الفتنة وتفجيرهم الحرب إذ كان قبولها من جانبنا وتوقيعها مجرد ابتزاز قبلناه عن رضا صيانة للوحدة وتجنبا لما حدث.. لكن هناك بنود في الاتفاقية نحن عازمون على تنفيذها من خلال المؤسسات الدستورية بما يلبي طموحات الشعب ورغباته من دون أي اعتبار للبنود الخارجة عن الشرعية والدستور..
. عندئذ دخل أحد رجال الرئيس ينبهه إلى اقتراب موعد الاحتفال بتكريم أسر شهداء الشعب وقواته المسلحة والأمن لكن الرئيس قال: لدينا فرصة أخرى لاستئناف الحديث ونهضت شاكرا إلى لقاء آخر وانتظرت أياما حتى ظهر الرئيس فجأة في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت وعبر شاشة التلفزيون كانت الجماهير تستقبله بالحفاوة والاحتفالات العفوية. وأدركت أن الأمل في مواصلة الحوار كادت تتلاشى وان المكلا ليست سوى خطوة ونقطة انطلاق لزيارة ربوع المحافظات الشرقية والجنوبية والاطلاع على أحوالها والتعرف على الخراب والدمار الذي خلفته الحرب وإحياء الأمل في التحرر والبناء والنهوض من كبواته. وكما علمت فان الرئيس أشار إلى سكرتيره الصحفي بسرعة استدعائي من صنعاء ووصلت إلى المكلا في الطائرة العسكرية التي حملت محمد سالم باسندوة وزير الإعلام الجديد لحلف اليمين الدستورية وهناك عرفنا أن موكب الرئيس تحرك إلى مدينة سيئون. ومن جديد ركبنا الطائرة إلى هناك ومن هناك ركبنا طائرة عسكرية لمرافقة الرئيس في زيارة منطقة العبر الحدودية ومحافظة المهرة المتاخمة لسلطنة عمان. وفي القرية السياحية المطلة على المحيط الهندي عاد الرئيس للإقامة في المكلا حيث استدعاني العاشرة مساءا لمقر إقامته لاستكمال الحوار الذي بدأناه في صنعاء ..
* وقال الرئيس: لعلك شاهدت في جولاتي بمحافظة حضرموت.. كم الإهمال والتسيب الذي تخلف عن هيمنة الحزب الاشتراكي على ما كان يسمى بالشطر الجنوبي على مدى 27 عاما وكيف استمر الحال إلى ما هو أسوأ بعد الوحدة.. مشاكل بسيطة مثل رصف طريق أو شبكات الكهرباء والماء ناهيك عن سلب ممتلكات الناس أراضيهم وتوزيعها على أعضاء الحزب الاشتراكي ومحاسبيه وذلك للإرهاب والقهر الذي كان سيفا مسلطا على الشعب، وأظنك سمعت في لقاءاتي مع مختلف الفئات والمثقفين والبسطاء عن 800 مواطن تعرضوا للقتل والسحل والاختطاف بينهم 80 من الضحايا علماء ومثقفون في حضرموت وحدها.. وكلهم معروفون بالاسم.. رغم أن حضرموت مسقط رأس معظم الزعامات الانفصالية للاشتراكي مثل البيض والعطاس وبن حسينون..
. الأمر إذا يحتاج إلى ثورة سياسية وتنموية جديدة؟
* الرئيس: نعم.. نحن نحتاج إلى حلول غير تقليدية لمشكلاتنا الموروثة من عهود الإمام والاستعمار والتشطير، وفي ظل الاستقرار وتوحد الإرادة السياسية لا مفر من العمل الجاد والمثابر لرفع المعاناة عن كاهل الجماهير، بداية بالقضاء على الفساد وتطبيق القانون ومتابعة كل الذين اثروا على حساب الشعب بالحرام وكل من تآمر على الوطن وتعامل مع الخارج لوأد مسيرته الوحدوية..
. سيادة الرئيس ألا تخشى الثأر على الوحدة؟
* الرئيس: مهما تآمروا.. شكلا وموضوعا ومهما كانت آلياتهم ودعمهم وأساليبهم للتآمر ضد الوحدة، فسوف يفشلون لا محالة وسوف يواجههم الشعب وقواته المسلحة والأمن بعدما تكشفت المخططات التآمرية للانفصاليين، وها نحن الآن في حضرموت التي بيتوا لتحويلها إلى دويلة إذا ما فشلت المؤامرة للعودة باليمن إلى ما قبل إلى 22 من مايو 90 م.. من الناحية الأمنية بعد فترة الحرب يبدو انه لا مفر من استبعاد بعض الشخصيات في الحزب الاشتراكي من الحكام والولاة. لكن هذه المسألة يمكن استغلالها استغلالا سيئا، وتعج الصحف الخارجية الموالية لهم بالحديث عن التفتيش، وكان بعض الكتاب اليمنيين ممن كنت أثق في مصداقية رؤاهم السياسية ووطنيتهم وإيمانهم بالوحدة أعتبر ما حدث احتلالا لعدن؟؟
* الرئيس: عندما يقول لك أحدهم أن هناك احتلالا لعدن، فقل له إذا كان هذا مفهومك وأنت من غير مواليد صنعاء فأنت محتل لصنعاء، لأنك من مواليد منطقة أخرى فكيف تفسر وجودك في صنعاء إذا.. هل المواطن يوسف الشريف لكونه من مواليد صنعاء وموظف في عدن ومقيم فيها يكون محتلا.. نحن شعب يمني واحد موحد منذ الأزل من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب لا أحد يمكن أن يكون محتلا في وطنه..
. رغم ضرورات تأمين الوحدة كنت أتمنى أن تكون هناك عناصر جنوبية في البوليس والجيش لا ادري إن كان ذلك متحققا من عدمه؟
* الرئيس: أولا ليس هناك ما يسمى بعناصر جنوبية أو شمالية.. هناك عناصر يمنية من أي منطقة كانت.. ولمعلوماتك فان الجيش الآن سواء الموجود في عدن أو بقية محافظات الجمهورية هو من كل أنحاء اليمن وبشكل موحد حتى بعض العناصر العسكرية التي كانت موجودة فيما كان يسمى بالشطر الجنوبي سابقا وأعلنت التمرد ووقفت مع الانفصاليين موجودة الآن في صعدة وفي حجة والمهرة ولحج وكذلك العكس.. الجيش كله انخرط في إطار مؤسسة وطنية واحدة فأنت حينما ترى وحدات في حضرموت ستلاحظ أن هناك وحدات مندمجة وتجسد الوحدة الوطنية، الجيش الآن اندمج واصبح من كل اليمن والقيادات الموجودة من كل اليمن، الإدارة أيضا شكلت على أساس وطني فمثلا في حضرموت وأنت موجود فيها ستلاحظ أن الإدارة معظمها أن لم يكن كلها من أبناء المحافظة والقيادات العسكرية من أبناء المحافظة وبقية المحافظات.. ويمكن أن تقوم بتحقيق صحفي واستطلاع مع الوحدات العسكرية الموجودة وأجهزة الأمن.. من أين أفرادها وقياداتها وضباطها وستجد كلها مختلطة وان الدمج تم بشكل جاد وعلى أسس وطنية..
. لاحظت في حديثكم على المستوى الرسمي والشعبي أنكم لم تذكروا الحزب الاشتراكي. ولكن ذكرتم الانفصاليين- هل لأن الحزب الاشتراكي بعد إعادة تشكيل مؤسساته ومراجعة خطابه العام بريء من المؤامرة الانفصالية؟
* الرئيس: الانفصاليون لم يكونوا فقط من كانوا في الحزب الاشتراكي، لان البعض من الحزب انجروا وراء الانفصاليين من خارج الحزب الاشتراكي مثل الجفري.. وهناك من ساند الانفصاليين ووقف مع الانفصال ولم يكونوا من الحزب الاشتراكي..
. هل دمج القوات المسلحة يعني تقليص حجمها؟ خاصة وان هذا الخيار كان مطروحا بعد تحقيق الوحدة؟
* الرئيس: نحن مع اتجاه تحديد الحجم الأمثل للقوات المسلحة وفقا لمقتضيات القدرة الدفاعية لبلادنا.. لكن نتيجة للظروف المعيشية والحرب الاقتصادية على بلادنا تحتم أن يستمر الجيش بحجمه الحالي، وكلما تحسنت الأوضاع المعيشية والاقتصادية في الوطن كلما خففنا من حجم الجيش، وكلما ساءت الأوضاع الاقتصادية كلما تضخم الجيش لان الناس يبحثون عن لقمة العيش.. فأين يذهبون إذا خرجوا من الجيش في ظروف البطالة ومحدودية فرص العمل؟ إذا فالمهمة الملحة والعاجلة أمام الحكومة هي تحسين الأوضاع الاقتصادية وترسيخ الأمن والاستقرار في ربوع الوطن.. وحشد كل الطاقات والإمكانيات المتاحة للبناء والاعمار.. وإحداث تنمية وطنية شاملة واستئصال الفساد والمفسدين وكل مظاهر التقاعس في الأداء والإنتاج..
. ما هي الأخطار التي تتوقعها.. الثورة مستمرة والوحدة مستمرة..؟
* الرئيس: لن يكون التآمر الذي سيأتي اكثر مما حدث، الآن التآمر اقتصادي، تآمر على معيشة المواطنين، لكن المواطن يعرف كيف يفشل كل المؤامرات وهذا ليس شيئا جديدا علينا ونحن منذ 32 سنة نواجه التحديات وباستطاعة إرادة شعبنا أن تفشل كل المؤامرات كما أفشلتها في الماضي.
. هل هناك حاجة لاشتراك الشعب فتي تحمل نصيبه من المسؤولية الأمنية خاصة وان ما شاهدته أمس خلال جولاتك في منطقة وادي حضرموت ومحافظة شـبوة يؤكد على ضعف الآليات الأمنية.؟
* الرئيس: الأمن موجود ومستقر، فمثلا حضرموت فيها ثلاثة آلاف من رجال الأمن الذين كانوا تحت سيطرة الانفصاليين وما يزالون يستلمون رواتب.. لكن أداؤهم الأمني ضعيف بالنسبة لمعظمهم نحن أبقينا على رواتبهم فيما أصدرنا تعليمات لإعادة تدريبهم وتأهيلهم فإذا لم يحسنوا الأداء ويثبتوا الولاء للوحدة فسيتم تغييرهم بآخرين من أبناء المنطقة..
. لماذا لا تنشأ لجان شعبية تساهم في سد العجز والقصور في أجهزة الأمن على غرار دول عديدة في العالم الثالث؟
* الرئيس: المناطق الشرقية كان يسيطر عليها حكم بوليسي إرهابي تمثله سلطات الحزب الاشتراكي فعندما انتهت فعالية الحزب الاشتراكي بدأت عناصر من الانفصاليين بإحداث اختلالات أمنية لتشويه صورة الوحدة والشرعية، وهذه الممارسات اللامسؤولة والاستثنائية لن تؤثر على سير الأمور في المحافظة وغيرها من المحافظات وأنا اتفق معك أن الحفاظ على الأمن مسؤولية الجميع ولابد من التعاون بين المواطنين والأجهزة الأمنية ويمكن أن يتم ذلك من خلال تعاون المواطنين مع أجهزة الأمن وإيجاد آلية مناسبة لذلك التعاون..
. التقيت بعلي صالح عباد الأمين المؤقت للحزب الاشتراكي وقال لي أنه مازالت عملية التفتيش العشوائي مستمرة لبعض أعضاء الحزب إلى حد موت اثنين من رجال الأمن خلال تفتيش ببيت أحد عناصر الحزب في عدن وبالمناسبة ما هو عدد المعتقلين السياسيين؟
* الرئيس: لا يوجد أي معتقل سياسي ولكن الحزب الاشتراكي كحزب مني بهزيمة سياسية فمن الطبيعي أن لا يتقبلها بسهولة ولذلك يرفع شعار انه مطارد وان هناك إعتقالات حتى يبدو في صورة الضحية لا الجاني، وأؤكد لك كمسؤول أول انه لا يوجد أي معتقل سياسي ومعروف دائما أن قيادات الحزب الاشتراكي الانفصالية- وليس على صالح عباد- كان نهجها وأسلوبها دائما انه في حالة إذا ماسجن شخص على قضية جنائية يقولون هذا من حزبنا وانه معتقل سياسي والحزب الاشتراكي يدفع بخلاياه التنظيمية إلى السجون لتبحث عن المجرمين والجنائيين المودعين في السجون لارتكابهم جرائم ويدعي انهم من أعضائه وانهم معتقلون سياسيون وهذه لازالت من آثار وممارسات الماضي بهدف الإثارة والضجيج لغرض في نفس يعقوب، وربما غاب عن أذهان البعض أن هذه الممارسات أصبحت مكشوفة وقد عرفها شعبنا واتضحت له أهدافها ومراميها السيئة..
. سيادة الرئيس ما مدى قناعتك بمصداقية القيادة الجديدة في الحزب الاشتراكي، وإيمانها بالوحدة؟
* الرئيس: أنا مقتنع بالقيادة الجديدة إذا بدأت تنهج نهجا وطنيا يتسم بالموضوعية والتحرر من ممارسات القيادات الانفصالية السابقة التي لم تجن من ورائها البلاد سوى الحرب والخراب..
. الحزب فصل أربعة من قياداته الانفصالية بينما أمر النائب العام بإلقاء القبض القهري تضمن ستة عشر شخصا.. وعلمت أنك ناقشت القيادة الجديدة حول هذا الموضوع فأجل إلى حين عقد الحزب مؤتمره الرابع وعندئذ يتم عبر الحوار الديمقراطي بحث كل جوانب الأزمة التي أدت إلى الحرب.. فما هو وضع الذين عادوا إلى الوطن من الخارج؟
* الرئيس: وصلت مجاميع كبيرة من الخارج بالفعل سواء ممن أيد أو راهن على الانفصال أو غرر بهم.. لكن القيادات والعناصر الانفصالية لن تعود والقيادة الانفصالية ليست 16 شخصا، بل أكثر من ذلك نحن حددنا ذلك العدد كعمل سياسي لكنهم يعرفوا أنفسهم ولن يرجعوا من تلقاء أنفسهم..
. وإذا رجع الـ 16؟
* الرئيس: سنحيلهم إلى القضاء فأن برأهم فأهلا ومرحبا وإلا فيستحملون مسؤولية جريمتهم كل بحسب دوره وحجم مشاركته..
. والتفتيش؟
* الرئيس: من حقك كصحفي أن تذهب إلى أي منطقة في الجمهورية لتسأل عامة الناس وكل الأحزاب عن هذا حتى تتأكد من الحقيقة وتنشرها..
. خروج الحزب الاشتراكي من توازنات السلطة جعله الآن في المعارضة وان هذا التغيير الحق؟
* الرئيس: الحزب الاشتراكي خرج من الائتلاف الحكومي.. أما الكوادر فيحكم وضعها قانون الخدمة المدنية لان الائتلاف قام على المناصب السياسية العليا كالوزراء ونواب الوزراء والمحافظين.. أما الوكلاء ومدراء العموم ورؤساء المؤسسات فمن اثبت ولاءه للوطن وأثبت كفاءته وإخلاصه الوطني فلا غبار عليه وقانون الخدمة المدنية كما قلت يضمن كافة الحقوق للجميع..
. ألا تعتقد يا سيادة الرئيس في إطار ممارسة حقوق التعبير الديمقراطي أن الحزب الاشتراكي كان يساندك والآن الإصلاح هل مما يؤدي إلى الاختلال في رؤى ومواقف الحكومة الجديدة؟
* الرئيس: الحزب الاشتراكي أو بالأحرى قياداته الانفصالية المتنفذة كانت تتآمر على الوطن وعلى المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح وبقية الأحزاب والتنظيمات السياسية.. والمؤتمر والإصلاح حزبان سياسيان شأنهما شأن أي حزب في الساحة الوطنية.. لكن تآمر الانفصاليين في الحزب الاشتراكي كان وبالا عليهما وكان على الوطن ووفقا للحسابات السياسية وحجم التمثيل البرلماني كانت مشاركته في الائتلاف الحكومي.. أما بعد ما فجر الحرب أراد تمزيق الوطن والقضاء على الوحدة وما تعرض له الحزب من هزيمة أدت إلى تشتته واصبح في وضع لا يؤهله للمشاركة في الائتلاف فلم يجد أمامه مفرا من خروجه إلى المعارضة حتى يعيد ترتيب أوضاعه..
. الاختيار أو التعيين للمجلس الاستشاري هل وفقا لمعيار سياسي أم معيار الخبرة؟
* الرئيس: سيكون المعيار هو الولاء للوطن والإيمان بالوحدة والخبرة والكفاءة.. وسيراعي جانب تمثيل المحافظات وليس ضروريا أن يكون ذلك على أساس المعيار الحزبي فإذا كانت هناك عناصر وطنية كفؤة من الحزب الاشتراكي أثبتت ولاءها للشعب ووحدته وأدانت الانفصال وحاكمت المنحرفين والخونة فالطريق أمامها مفتوح للمشاركة..
. لمن سلطة الانتقاء لأعضاء المجلس الاستشاري وهل له علاقة بما يجب على الحكومة أن تقوم به؟
* الرئيس: الدستور يحدد ذلك ضمن الصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية ولاشك أن المجلس الاستشاري سيساعد الحكومة بالرأي قد وجهنا الحكومة الجديدة برئاسة الأخ عبد العزيز عبد الغني بتفعيل قانون الحكم المحلى لتقليص المركزية الحادة وإعلان الحرب على الفساد وكافة المظاهر الموروثة عن حكم الإمامة وعهود الاستعمار والتشطير ورفع المعاناة المعيشية عرا المواطنين وبالذات محدودي الدخل.. لقد كان لرئيس الوزراء الاشتراكي الخائن حيدر العطاس صلاحيات تفوق صلاحيات رئيس مجلس الرئاسة آنذاك لكنه على مدى أربع سنوات لم يقم بمعالجة مشكلة أو تنفيذ مشروع واحد عن عمد وسبق إصرار لتفشيل الوحدة وتكفير الجماهير بهذا الإنجاز الوطني العظيم وكمقدمة لتهيئة أجواء الانفصال وحتى لا تدين الجماهير فترة الحكم الشمولي للحزب الاشتراكي..
. هل حددت أسماء معينة؟
* الرئيس: لم تحدد أسماء ولكن حدد القانون عدد أعضاء المجلس بـ 59 عضوا وسيكونون من أهل الاختصاصات والكفاءات الفنية والعلماء والمثقفين والسياسيين وسيكونون من أهل الاختصاصات والكفاءات الفنية والعلماء والمثقفين والسياسيين والشخصيات الاجتماعية وغيرهم.. ونتمنى أن تكون هناك عناصر من الحزب الاشتراكي ممن تتوافر فيهم تلك الشروط..
. المعاهد العلمية التي صدر قرار من مجلس النواب بتبعيتها لوزارة التربية والتعليم حتى الآن لم يحدث ذلك، والاتجاه الأصولي الآن سيبني جامعة أهلية غير مختلطة والإسلام فاليمن كما اعلم عميق وسمح ولا فضل لتوجه ديني على آخر؟
* الرئيس: أي تطرف يميني أو ديتي كما يقال هو رد فعل على ممارسة العلمانيين الماركسيين، فلو أوجدوا الاعتدال فيهم وعاشوا الواقع وانطلقوا من العقيدة الإسلامية وآمنوا بالوطن والانتماء القومي لن يوجد تطرف إسلامي، فأي تطرف سواء يمين أو يسار لابد أن يوجد له سبب.. فمثلا الحركات الإسلامية في العالم وجدت نتيجة أن الماركسية فشلت والعمل القومي فشل، إذا لماذا نضج على الإسلاميين أينما كانوا ولم نضج على الماركسيين؟ دعونا نجرب.. المهم الولاء والإخلاص للوطن والالتزام بالدستور والتسليم بالشرعية الدستورية والتداول السلمي للسلطة وهذا ما حدت، ، فمثلا نحن في مجلس الرئاسة كنا خلال الحرب شريكين أساسيين، المؤتمر والإصلاح وجاءت التعديلات الدستورية وسلم الإصلاح بالتداول السلمي للسلطة وخرج من مجلس الرئاسة.. لماذا اسلم بوجود الاشتراكي كعلماني وأكون حجر عثرة أمام الإسلاميين.. طيب سالم صالح أنا اعتبره وصوليا وانتهازيا.. أما البيض فخائن وباع الوطن.. أيهما الأفضل أنا مع الإسلاميين بقدر ولائهم للوطن وحرصهم على مصالحه وأمنه ووحدته الوطنية، فلو كان الاشتراكي الانفصالي وطنيا وقوميا ومؤمنا بالثوابت الوطنية ما حصلت أي مشكلة، لكن الإنسان هكذا يصيب أو ينحرف، الإسلاميون يحب أن يكون لهم وجود مثلما وجد الاشتراكيون والقوميون.. المهم ثقة الشعب والالتزام بالنهج الديمقراطي والثوابت الوطنية..
. د. حسن مكي نائب رئيس الوزراء يقال انه لن يرجح إلى اليمن بعد محاولة الاعتداء على حياته؟
* الرئيس: مقاطعا.. من قال لك هذا.. غير صحيح.. د. حسن مكي عزيز على قلوبنا ومناضل وطني كبير وهو الآن يستكمل علاجه..
. لقد ناقشت الشيخ عبدالله الأحمر رئيس مجلس الشعب ورئيس حزب الإصلاح وحكى لي ما حدث بينه وبين الشـيخ الشايف.. الشيء الثاني أن علي صالح عباد اعتدي عليه من طارق الفضلي ولم يحدث قصاص في الحالتين؟
* الرئيس: أولا علي صالح عباد كأمين عام للحزب الاشتراكي يعرف خلقية ما حدث بينه وبين الفضلي وهما الآن على تفاهم..
. إلى متى تحتكمون إلى الأعراف الشعبية والقلبية؟
* الرئيس: نحن نحتكم إلى الشريعة والى العرف الموروث الذي يرتضيه وما يزال يرتضيه الشعب اليمني ولا يتعارض مع عقيدته.
. كيف تفسر سيادتكم ظاهرة تلاشي ظاهرة الاغتيالات والتفجيرات التي سادت الوحدة قبل التآمر عليها؟
* الرئيس: كان هناك حملة إعلامية عدائية لغرض الانفصال، ولم تكن هناك اغتيالات أو تفجيرات سياسية كان هناك شئ متفق عليه بين الانفصاليين وبين من مولوا الانفصاليين بقيام عناصر بالتفجيرات مقابل الحصول على أموال، وعلى هذا الأساس مولوا تلك العناصر باتفاق مع الحزب الاشتراكي لإحداث التفجيرات ولإحداث الضجة الكبيرة في العالم، وانحصرت ادعاءاتهم بارتكاب الحوادث ضد 152 من عناصر الحزب الاشتراكي إلى ثبوت ارتكاب جرائم سياسية في حق 7 حالات عندما تم البحث في اجتماع لمجلس الوزراء قبل تفجير الحرب والحالات السبع فيها شبهة وهو ما أكده تقرير وزارة الداخلية الذي شارك في التوقيع عليه اثنان من وكلاء وزارة الداخلية وهم عناصر من قيادة الحزب الاشتراكي.
. ما مدى مشاركة القبائل اليمنية عسكريا في معركة صيانة الوحدة ودحر الانفصال؟
* الرئيس: الشعب اليمنى كله قبائل وعشائر ومن مختلف الشرائح الاجتماعية هب عن بكرة أبيه من المهرة حتى حرض دفاعا عن الوحدة ليس بصفتهم قبائل ولكن كشعب واحد يحارب الانفصاليين، مثلما حارب الشعب اليمني كله دفاعا عن الثورة والجمهورية، ولم تتخلف عن خوض معركة الدفاع عن الوحدة سوى العناصر الموتورة التي قبضت ثمن الأزمة وثمن الحرب والشهداء وتعاطفت مع الانفصاليين.
. أما آن الأوان لتحديد عملية حمل السلاح وتنظيمها داخل المدن على الأقل في الوقت الراهن؟
* الرئيس: هناك قانون ينظم حمل وحيازة السلاح من قبل المواطنين غير العسكريين ويجري الآن وضع الضوابط واللوائح التنفيذية للقانون بما يضمن تنظيم هذه العملية بدقة وبخاصة في المدن..
. كان هناك اتفاق على استبعاد وجود الجيش داخل المدن متى يعاد النظر في هذا الاتفاق؟
* الرئيس: لمعلوماتك كان في صنعاء معسكران وفي عدن 15 معسكرا لأنها كانت مستعمرة من الإنجليز وكدسوا فيها المعسكرات والأسلحة والآن لم يعد هناك وجود للجيش داخل المدن.. وأجهزة الأمن والشرطة وحدها هي التي تمارس صلاحياتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار..
. هل يحتاج ضبط الأمن خارج المدن إلى ميثاق شرف بين القبائل؟
* الرئيس: القبائل لا تحتاج إلى ميثاق شرف والعلاقة بين أبناء الشعب يحكمها الدستور والقانون والمهم هو أن تتواجد أجهزة الدولة في كل المناطق وتبدأ الأحزاب تمارس عملا سياسيا مسؤولا عبر صحفها وممارساتها النقدية وليس عبر إثارة القبائل وإثارة النعرات القبلية والمناطقية أو المذهبية أو الطائفية وغيرها وبذلك يسود النظام والقانون..
وعلى الرغم أن شعبنا مسلح لكن الجريمة في مجتمعنا اقل من أي قطر آخر، لكن مع التعددية السياسية والصحفية يحدث استغلال لهذه الأجواء ويتعمد البعض إثارة ضجة لهدف معين وتجد الصحافة المعادية والإعلام المعادي مناخا لاستغلال ذلك ضد شعبنا ووحدتنا ونظامنا الديمقراطي..
. في تقرير لصحيفة الواشنطن يوست أشارت إلى أن الملك فهد صرح للوفد الأمريكي انه على استعداد للمصالحة مع الشعب اليمني والرئيس علي عبدالله صالح فمن يبدأ؟
* الرئيس: أنا بدأت وألقيت خطابا في مجلس النواب بعد أداء اليمين الدستورية وقبل ذلك وعند انتهاء الحرب: قلت أننا نريد أن نفتح صفحة جديدة ونغلق ملفات الماضي وما خلفته آثار حرب الخليج والحرب اليمنية ونبدأ صفحة جديدة مع الجيران وعلى وجه خاص الأشقاء في المملكة العربية السعودية وأكدت ذلك أيضا أمام البرلمان بأننا على استعداد للتعامل مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية في إطار حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وبما يضمرا حقوق الشعبين الجارين الشقيقين.
علما بأننا لم نبادر بالعداء أو الإضرار بمصالحه في الأمن والاستقرار والرفاهية.
. هناك فهـم أنكم عينتم الدكتور الارياني وزيرا للخارجية وهم يعتبرونه ” قمة التشدد ” بينما باسندوة جاء في أعقاب أزمة الخليج ليعبر عن مرونة سياسية في التعامل مح الخليج؟
* الرئيس: أولا عندنا في اليمن مؤسسات وسياسات مبدئية وثابتة تنطلق من دستور الجمهورية اليمنية وهي التي ترسم السياسة الخارجية اليمنية وتقرها وفقا لما تمليه المصالح العليا للشعب اليمني.. والدكتور عبد الكريم الارياني ينفذ سياسة والأستاذ محمد سالم باسندوة ينفذ سياسة فالأشخاص تحكمهم مؤسسات ودستور ولكن بعض الدول لم تسلم بأننا بلد ديمقراطي وبلد مؤسسات ونحن نحكم في إطار رسم سياسة عامة، الارياني سواء رضيت عنه أم لم ترضى سينفذ سياسة اليمن، باسندوة أيضا كذلك فأي واحد سينفذ سياسة اليمن، ليس هناك شيء اسمه شخص متطرف أو متشدد في سياسته، خاصة ونحن بلد مؤسسات تحكمها سياسات عامة ودستور ليس الفرد هو الحاكم، الدستور والسياسات التي يقرها البرلمان والحكومة هي التي تحكم عمل الجميع حتى لو وضع أي شخص مهما كان في أي موقع فهو سينفذ سياسة محددة ومقرة.
. ما هو تقديركم لموقف قطر من الوحدة اليمنية في ضوء عضويتها بمجلس التعاون الخليجي؟
* الرئيس: قطر وقفت إلى جانب شعبنا وساندت الوحدة معنويا وإعلاميا وسياسيا وكان موقفها مبدئيا ورائعا محل تقدير الشعب اليمني وكثير من الأشقاء حتى شعب المملكة العربية السعودية كان مساندا للوحدة اليمنية، ليس هناك أي شعب عربي نشك في انه لا يحب أن يرى اليمن موحدا..
كانت كل شعوب أمتنا العربية أياديها على قلوبها خوفا على الوحدة اليمنية لأنها الشمعة المضيئة في حاضرنا العربي الرديء… ومصر.؟
* الرئيس: كان موقفها إيجابيا من الوحدة ينطلق من عمق العلاقة التاريخية الحميمة والخاصة التي عمدتها أرواح الشهداء والدماء، فلمصر فضل كبير في انتصار الثورة ولولا جيش وشعب وثقافة مصر لما انتصرت الثورة.
. لكن هناك انزعاج مصري من وجود متطرفين مصريين في اليمن؟
* الرئيس: أي مصري يخل بأمن مصر ويتآمر على أمن مصر في اليمن اكتب لي اسمه للتحقيق في أمره وعقابه أو لكي يمنع عن العمل السياسي ضد مصر أو يطلع خارج البلد، فالدولة لا تدعم ولن تسمح لأي قوى مضادة للشعب المصرفي ولن تحتضنها كما هو الحال أن مصر يتواجد على أرضها بعض الانفصاليين ويمارسون أنشطة معادية للشعب اليمني ووحدته.. فنحن لن نسمح لأي قوة مهما كانت أن تعادي النظام أو الشعب المصري الشقيق ونتمنى في المقابل أن تتخلص مصر من العناصر الانفصالية اليمنية الموجودة على ارض مصر وان لا تكون منطلقا للعمل المعادي لليمن الموحد.
. العلاقات مع الأمريكان وكيف كان موقفهم من الأزمة؟ وكيف تفسره؟
* الرئيس: نحن متأكدون أن الأمريكان كانوا مع الوحدة اليمنية ومع الديمقراطية والتعددية، رغم الضغوط التي حصلت عليهم بحكم مصالحهم الحيوية في المنطقة على الرغم من ذلك فالموقف في حد ذاته نعتبره إيجابيا لأنهم سعوا إلى عدم الاعتراف بالكيان التشطيري وحالوا دون الاعتراف به من قبل بعض الدول رغم أنتا كنا نأمل موقفا منهم اكثر إيجابية كونهم يرعون النظام الدولي الجديد ويتبنون دعم حقوق الإنسان والديمقراطية ولأنهم كانوا يعرفون تفاصيل التآمر على وحدتنا التي لم تكن ضد أحد بل هي عنصر أمن واستقرار وسلام للمنطقة.
. في لندن أعلنت القيادات الانفصالية تكوين ما يسمى بالجبهة الوطنية المعارضة كيف ستتعاملون مها؟
* الرئيس: من خرج من الوطن مصيره مصير البدر المخلوع، فأي اشتراكي وأي إنسان يعادي الوطن يصبح الآن في حكم النظام الرجعي المباد وفى مزبلة التاريخ..
. بالنسبة لعدن بشرت بانتقال الحكومة إليها في الشتاء خاصة وهناك طموحات لأن تكون منطقة اقتصادية؟
* الرئيس: الحكومة ملتزمة بما تم إعلانه بالنسبة لعدن.. وستتجه إلى عدن لممارسة أعمالها من هناك طول الموسم الشتوي.
. ماذا عن الحكم المحلي؟
* الرئيس: المبدأ مقر وثبت في الدستور.. ونحن مع هذا التوجه وهناك نواب يتبنون تشريعا لإقامة الحكم المحلي طبقا للدستور بحيث تنتخب مجالس محلية ومحافظين وهذا يتوقف على التشريع الذي حثينا مجلس النواب عل سرعة إصداره..
. أزمة الخليج الأخيرة والتضامن العربي؟
* الرئيس: أزمة الخليج نتمنى ألا تعاد الكرة مثلما حدث في الماضي.. وينبغي الاستفادة من دروس الماضي وبما يصون مصالح الأمة العربية ويحافظ على أمن واستقرار ورخاء شعوبها، واستعادة التضامن العربي مسؤولية كل العرب ومسؤولية كل المثقفين في الوطن العربي.. القضية الآن أن نكون بإعادة تضامننا أولا نكون مع استمرار فرقتنا وانقسامنا.
. هناك مخاوف يمنية وعربية ودولية إزاء احتمالات تقلص مساحة التعبير الديمقراطي في ضوء ما أسفرت عنه الحقائق حول المؤامرة الانفصالية خاصة بعد التضييق الرقابي الذي تعرضت له إحدى صحف المعارضة مؤخرا؟
* الرئيس: اكتب على لساني تقطع يدي ولا أوقع على فرار بالتراجع عن الديمقراطية والتعددية السياسية.. لقد كانت هناك رقابة مؤقتة على الصحف خلال فترة الحرب وهذا استثناء طبيعي تلجأ إليه اكثر الدول التي تتسم نظمها بأرقى صيغ الحكم الديمقراطي في أوقاتالحروب حفاظا على أمنها القومي، الآن زالت تلك القيود الرقابية تماما وشملت حتى الصحف العربية والأجنبية ولم تعد الدعوى التي رفعتها تلك الصحيفة ضد وزير الإعلام ذات موضوع الآن.