رئيس الجمهورية في كلمته ليلة الإسناد الزمني للتعداد العام للسكان والمساكن
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة والأخوات المواطنون الكرام:
إن الارتقاء إلى مراتب التقدم والرقي والازدهار يتطلب أسساً ومقومات وفي مقدمتها توفر البيانات الضرورية حيث أصبحت وفرة أو قلة المعلومات وتنوعها ودقتها أحد معايير العصر الحديث لتحديد وقياس درجة تقدم الشعوب والأمم، وما أحرى بلادنا بعد أن تحقق لها النصر المؤزر على قوى الردة والانفصال وتعززت وحدتها وتعمدت بالدماء الزكية أن تلحق بركب الأمم والشعوب في هذا المضمار وتبادر بالدخول إلى مضمار عصر الثورة المعرفية ولا شك أن دور المواطن هام جداً لخوض هذه المعركة الحضارية من خلال مشاركته في إنجاح جهود الدولة في النهوض وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متناسقة قائمة على المعلومات والإحصاءات والتقنية الحديثة.
الأخوة المواطنون:
لقد تبنت الجمهورية اليمنية منذ قيامها في 22 مايو 1990م تنفيذ أول تعداد عام للسكان والمساكن والمنشآت لاستكمال مقومات بنائها بتحديث قاعدة البيانات عن خصائص المجتمع اليمني السكانية والإسكانية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفي الوقت الذي كانت فيه الجهود قد استكملت والأموال الباهظة قد صرفت والخطوات قد قطعت شوطاً كبيراً لإنجاز هذا العمل الوطني الهام في نهاية العام الماضي والذي ترتكز على محصلة نتائجه مقومات البناء التنموي المستقبلي. فوجئ شعبنا بما قام به الانفصاليون الخونة وفي إطار مخططهم التخريبي الانفصالي من عرقلة واضحة وإفشال لجهود إجراء عملية التعداد حين أصدروا أوامرهم غير المسؤولة ومن خلال المواقع التنفيذية العليا التي كانوا يتبؤونها في أجهزة الدولة حينها بمنع لجان التعداد في محافظات عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة من استكمال القيام بمهام عملها وإنجاز المراحل المتبقية من عملية التعداد العام للمساكن والسكان والمنشآت مستغلين ظروف الأزمة التي افتعلوها وهيمنتهم على تلك المحافظات بآلية النظام الشمولي والبطش والإرهاب الفكري والسياسي ضد المواطنين فيها.. مجسدين حقيقة النوايا السيئة التي كانوا يضمرونها للوطن ووحدته.. ومكبدين الوطن والمال العام خسائر مالية كبيرة بلغت أكثر من ثلاثمائة مليون ريال أنفقت على مراحل الإعداد لعملية التعداد ولقد واجهنا في القيادة حينها خياراً صعبا بين المضي في استكمال عملية التعداد في محافظات دون محافظات أخرى من الجمهورية وعلى أساس شطري وهي ما كان يريده الانفصاليون الخونة أو تأجيل عملية التعداد حتى تنجلي الأمور ويحين الوقت المناسب لإجرائها مع تحمل الخسائر الفادحة في الأموال والجهود التي بذلت من أجل إنجاز عملية التعداد..
وانطلاقاً من الشعور بالمسؤولية الوطنية وتفويتاً للمخطط التآمري الانفصالي فإننا اتخذنا وعلى مضض قرار تأجيل عملية التعداد وتحمل الخسارة المادية على الإضرار بالوحدة التي وضعها الانفصاليون أمام تحدٍ خطير تجاوزه الوطن بفضل الله وبفضل صمود واستبسال جميع أبناء شعبنا، وهاهي عملية التعداد تستأنف اليوم في ظل ظروف جديدة تعززت فيها أسس الاستقرار والتلاحم والوحدة الوطنية، ولا شك أن نجاح عملية التعداد وتجهيز بياناته على أسس صحيحة سوف يعزز من قيمتها ومجالات استثمارها وفي مقدمة ذلك تعزيز الاستراتيجية الوطنية للسكان وتحديثها وتطويرها وإعادة النظر في خطة وبرامج عملها في ضوء المتغيرات والمؤشرات التي سنوفرها لها التعداد وتمكنين أجهزة الدولة المختصة من وضع الخطط والبرامج وتصميم المشاريع الاقتصادية والاجتماعية على أسس علمية تعكس واقع المجتمع اليمني وتستشرف متطلبات لغد أفضل وتحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة على ربوع الوطن اليمني.
الأخوة والأخوات المواطنون الأعزاء:
وبعد أن أنجزت مراحل التعداد المتمثلة في حصر المباني والمساكن والمنشآت وتكللت بالنجاح في تحديد مناطق العد ينتشر الآلاف من العدادين في مختلف المحافظات وعلى مستوى المدن والقرى والمحلات وابتداء من منتصف هذه الليلة. ليلة الإسناد الزمني يباشر العدادون عملهم الوطني العد الفعلي للسكان في مرحلته الأخيرة، وبهذه المناسبة أوجه الدعوة إلى أبناء الوطن اليمني للتعاون التام معهم وتسهيل مهمتهم والإدلاء بالبيانات الصحيحة إليهم كما أدعو الجهات الرسمية والشعبية إلى تقديم كل دعم مكن إليهم وإلى فئات المسؤولين الآخرين لضمان شمول ونجاح التعداد.
الأخوات والأخوة المواطنون الأعزاء:
إن المواطنة الحقة الصادقة تتمثل في التعاون لإنجاح المشاريع الوطنية ذات البعد الاستراتيجي لتحديد مستقبل بلادنا ومنها التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت فعلى طريق المصلحة العليا يتساوى الجميع في المسؤولية وحمل الأمانة وفي هذه المرحلة الهامة من حياة شعبنا وهو يتفاعل مع حاضره ويستلهم مستقبل الغد المشرق، فإن التعداد العام للسكان والمساكن يمثل نظرة المستقبل ومنطلقاً للاستراتيجيات التنموية كما أن العداد أثناء فترة العد الفعلي للسكان يمثل صوت الوطن والسجلات التي يحملها تمثل المستقبل والأسئلة التي بين دفتيها تمثل لغة الغد وأن الإجابات الدقيقة الشاملة التي تدلون بها هي من أجل صنع مستقبل أفضل لليمن الجديد ولأبنائكم والأجيال القادمة وفق الله الجميع لما فيه عزة اليمن.