رئيس الجمهورية في كلمته بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الهدى وإمام الأنبياء والمرسلين…
أيها الأخوة المؤمنون:
يا أبناء شعبنا اليمني الأبي في كل مكان يسعدني غاية السعادة أن أتوجه بالتهنئة القلبية الصادقة لكل أبناء شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية بحلول شهر رمضان المبارك (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان ) جعله الله فرصة جيدة وثمينة لمراجعة النفس وتقويم نتائج الأعمال في الحياة والسمو بالروح والطموحات نحو الأفضل في كل ميادين العمل والتوجه الخالص لله سبحانه وتعالى ليعين الجميع للفوز بتحقيق معنى الاستخلاف له على الأرض وإقامة العدل وتجسيد كل القيم والمبادئ والتعاليم السامية التي أكد عليها ديننا الإسلامي الحنيف وفي مقدمة ذلك تجاوز الخلافات والصراعات فيما بين أبناء الأمة الواحدة وإصلاح الأمور فيما بينهم .
إن شعبنا اليمني ليستقبل هذا الشهر الفضيل في هذا العام في ظروف جيدة بالغة التطور والأهمية التاريخية بعد أن رفع الله الغمة عن النفوس والأفئدة وأحبط المؤامرة الغادرة والحاقدة على الوطن ووحدته وديمقراطيته ونصر جنده الميامين في معركة الدفاع عن الوحدة والشرعية الدستورية ضد الانفصاليين المتآمرين على الوحدة والخارجين عن الشرعية الدستورية وعلى أعداء الحياة والديمقراطية الحقيقية التي تؤكد بأن شهر الصوم في هذا العام سيكون أكثر اختلافاً عما سبق وأعمق اقتراباً من معناه الجوهري ودلالاته الحياتية والتعبدية في ظل نصر الوحدة والحرية والديمقراطية.. كشهر للتقوى والعبادة والعمل والرحمة والغفران والتذلل لله جل وعلا بكل أفعال التعبد وأعمال البر والصلاح والإحسان التي ينسجم أداؤها مع روحانية هذا الشهر ويتسامى مع الأداء الملتزم لفريضة الصوم التي كتبها الله على المؤمنين اختباراً لرسوخ الإيمان وعمق التقوى لدى الإنسان قال تعالى :” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. ” (صدق الله العظيم).
ليتكامل بأداء هذه الفريضة فوز الإنسان المسلم بكل ما كتبه الله لعباده الصالحين في الشهر الذي يكثر في خواتمه ليلة هي خير من ألف شهر.. ذلك أن المطمح الأول للإنسان المؤمن هو أن يحقق في هذا الشهر الفوز الكامل بكل الحسنات والوعود الربانية التي أكدها الحديث القدسي الشريف :” الصوم لي وأنا أجزي به”.
ليس بمجرد أداء الفرائض فحسب بل بالتواصل التعبدي بالله والتذلل له وأداء الواجبات الوطنية والاجتماعية وإتقان العمل في الموقع الذي هو فيه ليكون ذلك نهجاً وسلوكاً ثابتاً ومتنامياً على مدار العام ولا يأتي ذلك إلا باكتساب قيم روحية عالية من المدرسة الرمضانية السامية والاحتفاء العملي بكل المبادئ والقيم الإنسانية والأخلاقية النبيلة ليسود المجتمع روح الإسلام وروح العدل وأعمال التكافل والتعاون والتراحم والبر والتقوى والانتصار للضعفاء وإعانة الفقراء وإغاثة المحتاجين ولتترسخ صلات الرحم ولتسود فيما بين الشعوب العربية والإسلامية علاقات نابعة من جوهر تعاليم الدين قائمة على الالتزام بالواجبات الأخوية الحميمة وبالمعاملات المتكافئة والاحترام المتبادل وتنمية المصالح الأخوية والمصيرية المشتركة.
وأن تكون علاقاتنا كمسلمين بالآخرين في نفس النسق من العلاقات المؤسسة على احترام المبادئ والالتزام بالقيم الإنسانية السامية ورعاية المصالح وخدمة الأهداف المشتركة.
أيها الأخوة المواطنون الأعزاء:
إن بلادنا التي واجهت تحديات كبيرة فرضت عليها فرضاً من قبل من ناصبوا -الوحدة والديمقراطية والأمن والاستقرار- العداء.. هي اليوم أفضل مما كانت عليه في أي وقت مضى، لأنها انتصرت على أخطر المؤامرات التي استهدفت وحدة الوطن وحريته وحياة الشعب وأمنه واستقراره.. نقول ذلك رغم كل المشكلات المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها شعبنا وجسامة التحديات التي يتعين علينا أن نواجهها وأن نتغلب عليها في الأمد القريب بإذن الله من أجل إعادة الإعمار ومواصلة التنمية واقتحام آفاق بناء الوطن اليمني الجديد.. وهي مسؤولية يجب على الحكومة أن تنهض بها في إطار تجسيدها لبرنامجها المقدم إلى مجلس النواب.
وفي المقابل مع ذلك فإن إمكانيات النجاح والتطور لعلاقات بلادنا الخارجية على كافة الأصعدة مع كافة الأشقاء والأصدقاء هي أفضل وأوثق امتلاكاً لأسبابها من المراحل السابقة التي كان يعاني فيها الوطن من التمزق والصراع الأهوج وتناقض الإرادة الوطنية. نقول ذلك لمن يدرك المعنى الحقيقي لانتصار الوحدة والحرية والشرعية الدستورية في الجمهورية اليمنية.. الأمر الذي يؤهل بلادنا للقيام بدورها المنشود والذي تقتدر عليه في صياغة علاقات متينة ومتطورة مع كل الدول الشقيقة والصديقة والانتصار لقضاياها في كافة الميادين الإقليمية والقومية والدولية.
مؤكداً بأن الجمهورية اليمنية تنشد السلام والأمن والاستقرار لها ولكل جيرانها وأشقائها وأصدقائها وهي تنبذ الحرب وضد العنف بكل أشكاله وتؤمن بالحوار لحل كافة القضايا وتجاوز كافة المشكلات والخلافات واليمن ليست حالة طارئة وإنما هي وجود حضاري حي في العصر كما في التاريخ ؛ لأن لها موقعها الفاعل في الماضي كما في الحاضر والمستقبل.. وأن الشعب اليمني طوال تاريخه المديد لم يركعه الفقر والجوع وشظف الحياة أو تذله الحاجات المعيشية.. وإنما كانت مثل تلك الظروف الطارئة في حياته سبيلاً للمواجهة وحافزاً للابتكار ولبناء الحضارة فقد حركت مثل تلك الظروف في تاريخه القديم والحديث كوامن قوته الإيمانية والروحية فتغلب على الحاجة وتعلم كيف يبني المدنية ويساهم في صنع الحضارة والتقدم الإنساني.. ولذلك فإنه بعمق إيمانه وحكمته وبتوظيف كافة إمكانيات اقتداره أفراداً ومجتمعاً ودولة قادر على التغلب على المعاناة المعيشية والاقتصادية المفروضة عليه من قبل من يناصبونه العداء، وبالتعاون الصادق مع كل الأشقاء والأصدقاء الذين تربطهم بشعبنا أواصر الإخاء والتعاون وروابط المصالح المشتركة القابلة دائماً للتوسع والنماء ومراحل ذلك نؤكد هنا مجدداً بأن حل مشكلة الحدود لا يتأتى من خلال فرض سياسة الأمر الواقع أو اللجوء للقوة وإنما بالحوار والتفاهم وبما يجسد مبدأ ( لاضرر ولاضرار ) ويضمن الحقوق القانونية والتاريخية المشروعة لكل الأطراف ويكفل الأمن والاستقرار والسلام للمنطقة.
أيها الأخوة المواطنون الأعزاء:
إنني أنتهز هذه الفرصة لأوجه التهنئة من خلالكم وباسمكم بهذه المناسبة العزيزة على قلوب كل المؤمنين إلى كل أبناء قواتنا المسلحة والأمن الذين هم جيش الشعب والثورة وجيش الوحدة وحماة الحرية والديمقراطية والشرعية الدستورية وجيش المشاركة في صنع البناء والإعمار والتنمية في كل مواقعهم في التهائم والسهول والجبال والوديان مثمنين عالياً الصفات الوطنية التي يجسدونها وهم يؤدون الواجب المقدس في كل وقتٍ وآنٍ وحين وفي كل الظروف الصعبة.
سائلين الله عز وجل أن يتغمد بواسع رحمته ومغفرته الشهداء الأبرار.. شهداء الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية وأن يحمي بلادنا وشعبنا من كل أشكال التآمر وكل سوء ومكروه وأن يحصن بالإيمان العميق قلوبنا وأن يلهمنا دائماً السداد وأن يهدينا سبيل الفوز والرشاد إنه سميع مجيب… والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…