رئيس الجمهورية في خطاب وجهه بمناسبة عيد الفطر المبارك: الوطن سيشهد في الفترة القادمة تطورات في العمل السياسي الديمقراطي والبناء الاقتصادي التنموي
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة المواطنون ..
الأخوات المواطنات ..
الأخوة المؤمنون ..
الأخوة المؤمنات ..
أحييكم بتحية الإيمان والإسلام والسلام.. تحية الإخاء والمساواة والمحبة والحرية.. وأتوجه إليكم في الداخل والخارج بكل المشاعر الصادقة التي تغمر كل النفوس في هذه الأيام المشرقة بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك أعاده الله على شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية باليُمن والبركات، والأخذ بيدها ومصيرها إلى واقع حياتي أفضل، تتجاوز فيه المحن والفتن ما ظهر منها وما بطن، وتتغلب بإرادتها الواحدة ومواقفها الموحدة على كل الصعوبات والتحديات لتصل إلى المكانة العزيزة والمرموقة التي هي جديرة بها في حياة الاستخلاف وترجمة وأداء الأمانة وصدق تحمل أعباء الرسالة السامية الموكلة لخير أمة أخرجت للناس.. أمة الوسطية والبر والخير والتعاون والتكامل والحرية والمساواة .
وهو ما يوجب استنهاض الهمم والالتزام بالفرائض التي يجب على الأمة القيام بواجباتها وهي قادرة على ذلك ، طالما هي متمسكة بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.. ملتزمة بمنهج العقيدة الموحدة.. الجامعة.. وبتعاليم الدين الإسلامي السمحاء والسامية والمتسامحة وان تجعل من المناسبات الدينية الجليلة وما تحفل به من الدروس والعبر.. سبيلاً للتعلم ولاستعادة الثقة بالنفس.. وتعميقها بالإيمان ومبادئ الرسالة الإسلامية السمحاء.
ولا شك – أيها الأخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات – أن توجة الإنسان المؤمن في أيام العيد إلى أخوانة.. وأخواته في العقيدة لأداء ما يعتبر فريضة تحقق بها الكفاية في بث مشاعر المعايدة والمؤازرة والتكافل والتراحم والتعاطف وتبادل عبارات التهاني ومشاعر التبريكات، ليست إلا صورة مصغرة مما يجب أن يكون عليه حال المجتمع المسلم في كل الظروف والأحوال.. وليبقى كالجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. ولتكن مثل تلكم الأعمال حلقات متماسكة في نسيج عروة الوصل الأخوية والإنسانية الوثيقة بين أبناء المجتمع الواحد ولترقى حياة المسلمين لمستوى هذه المحطة التتويجية الرائعة في النفوس كما في الحياة العامة بإذن الله تعالى .
الأخوة المؤمنون الأعزاء ..
الأخوات المؤمنات العزيزات ..
إننا نودع الشهر الكريم.. وندرك حقيقة المشاعر التي تغمر القلوب المؤمنة والنفوس المطمئنة لرحيل ضيف عزيز كريم.. مر سخياً وغنياً حافلاً بالخيرات وكأنه لم يكن سوى أيام معدودات فلله الحمد والمنة.. وهنيئاً لكل من صام وصلى وزكى وتصدق وتهجد وتعبد وقام خير قيام ولكل من أسهم في أعمال البر والإحسان والتقوى وتفانى في فعل الخير.. هنيئاً لهم ما حصدوه ولكل من كانت تلك سجيتهم وصفاتهم وخصائص أعمالهم والتزامهم إلى يوم الدين.. ولا شك أن هناك ترابطاً وثيقاً بين أيام العيد المبارك وأيام الصوم الفاضلة.. فهي جسرا واحدا يتواصل من عمل الإنسان وإحسانه وتعبده.. وطاعته وصلاحه بميزان حسناته ..ذلكم الميزان الذي يسأل المزيد ليبقى زاهياً بمحتواه ومتباهياً بصاحبة بفعل وثمار الطاعات.. التي لا تنحصر عند حدود العبادات الحقيقة التي تحث الجميع بان يجعلوا من أيام العيد انطلاقة جديدة للبذل والعطاء والجود والسخاء والبر والعمل والإنتاج في كل مجالات الحياة، فالدين الإسلامي الحنيف العميق في جوهره ومحتواه غير مغلق الأبواب والدروب.. وإنما واسع بسعة معاني ودلالات الأركان الخمسة للإسلام والشعائر والتعاليم السامية.. وتمثل مكارم الأخلاق؛ وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق ” .
فالدين الإسلامي الحنيف حياة كاملة تتجلى تفاصيلها المشرقة في الأعمال والأفعال والتصرفات كما في النيات التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.. فلكل أمرئ ما نوى.. والدين في جوهره العميق هو المعاملة وهو الحياة الوسيطة الحرة العادلة الآمنة المستقرة والتي تتنامى ثمارها المباركة وفضائلها الكبيرة على مدار العام .
الأخوة المواطنون ..
الأخوات المواطنات ..
أنه لمن حسن الطالع بالنسبة لشعبنا أن الشهر الفضيل قد جاء متزامناً مع احتفالات شعبنا بأعياد الثورة اليمنية الخالدة العيد الـ 44 لثورة الـ26 من سبتمبر والعيد الـ 43 لثورة الـ14 من أكتوبر ومع تحقيق نصر ديمقراطي كبير تمثل بالانتخابات الرئاسية والمحلية والتي عزز فيها شعبنا مكاسبه الوطنية التي حققها في ظل راية ثورته.. وأكد خياره الحضاري والمصيري في الالتزام بالديمقراطية منهاجا لبناء حياته ولتحمل المسؤوليات في كل المواقع والميادين وقال من خلالها كلمته الفاصلة والحاسمة.. نعم للتنمية والبناء.. نعم للأمن والاستقرار، والوحدة الوطنية.. كما قال دوماً وفي مراحل مختلفة من تاريخه لا للانفصال والفرقة والعمالة والتآمر وتمزيق الوطن ولكل من باع نفسه للشيطان وظل مأجوراً ومسلوب الإرادة تلاحقه لعنة التاريخ والشعب أينما حل.. فكان الشهر الفضيل فرصة لتقييم دلالات ومعاني ذلك النجاح الديمقرطي الكبير الذي حاز كل صفات الاستحقاق والاحترام والتقدير من الجميع والتأمل بإمعان لكل ما يفرضه علينا من مسئوليات جسيمة تجاه حاضر ومستقبل الوطن وتجاه الثقة الشعبية الغالية والإصرار على تحمل المسئولية .
ونؤكد بأننا وبأذن الله سنكون دوماً عند حسن الظن بنا وعند مستوى الثقة التي منحها لنا شعبنا من اجل مواصلة مسيرة البناء والتنمية والأمن والاستقرار والازدهار والاضطلاع بمهام المرحلة المقبلة وعلى كافة الأصعدة الداخلية أو على صعيد علاقات التعاون والشراكة مع الأشقاء والأصدقاء في إطار الترجمة الفعلية الصادقة والكاملة لما وعدنا وتعهدنا به في البرنامج الانتخابي الرئاسي والمحلي، واثقين بأن شعبنا العظيم بكل طاقاته وفئاته وشبابه وقواه الحية والخيرة سوف يكون معنا وعونا لنا في تحقيق كل ذلك بإذن الله ولما فيه مصلحة وطننا وتحقيق نهضته وازدهاره.. وندعو الجميع مجدداً في الوطن أحزاباً وأفراداً ومؤسسات مجتمع مدني وكافة الفعاليات السياسية والاجتماعية إلى فتح صفحة جديدة للتعاون والتلاحم والتسامح والتآزر والتآخي ونبذ البغضاء والكراهية والحقد والحسد فيجب أن تصفى القلوب وأن يتجاوز الجميع آثار ما خلفته الحملة الانتخابية وأن يجعلوا من هذا العيد السعيد مناسبة للفرح والابتهاج والمحبة والود والصفاء وأن يصطف الجميع معاً في جبهة واحدة من أجل النهوض بالمهام المقبلة لبناء اليمن الجديد وصنع المستقبل الأفضل، فالوطن ملكنا جميعاً، ويتسع لنا جميعاً .
الأخوة المواطنون ..
الأخوات المواطنات ..
إننا نؤكد هنا وفي ظل أجواء الفرح والابتهاج بقدوم العيد السعيد بأن العرس الديمقراطي الكبير الذي شهده الوطن في يوم العشرين من سبتمبر الماضي هو بداية جديدة في عمق المسيرة الديمقراطية العظيمة لشعبنا وبلادنا.. وأن لذلك النجاح الساطع والرائع ثمرته المباركة على كافة أصعدة البناء والتنمية والتطوير والتقدم والانتصار للمصالح العليا للشعب والوطن، وعلى صعيد تعزيز الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان وتجسيد مبدأ تعزيز التداول السلمي للسلطة وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار ومشاركة المرأة اليمنية في الحياة السياسية والعامة والتي أتيحت امامها وخلال الفترة الماضية كل الفرص الواسعة للمشاركة الفاعلة في مسيرة بناء الوطن وتحقيق تقدمه ونهضته من خلال تبوأها لأعلى المناصب السياسية والإدارية في الدولة ومؤسساتها المختلفة وزيرة وسفيرة وقيادية ومشاركة في إطار الهيئات التشريعية والشورويه والسلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني.. ولا ننسى ذلك الدور الإيجابي والملموس للمرأة اليمنية خلال الانتخابات الرئاسية والمحلية وإنجاحها بما تحلت به من الوعي والحس الوطني العالي والوفاء والحرص المسؤول على الإنحياز لما يحقق مصلحة الوطن وأمنه واستقراره وازدهاره.. ولهذا فأننا سنظل أوفياء وحريصون على تعزيز دور المرأة إيماناً منا بأهمية دورها كشريك لأخيها الرجل ومساهم فاعل في مسيرة البناء والتنمية والتطور .
كما أنه وخلال الفترة القادمة التي ستلي إجازة عيد الفطر سيشهد الوطن حركة دؤوبة سواء على صعيد البناء الاقتصادي والتنموي والاستثمار – ونتطلع بهذه المناسبة أن يخرج مؤتمر المانحين المقرر عقده في لندن في شهر نوفمبر القادم بالنتائج المرجوة لدعم مسيرة التنمية والديمقراطية في اليمن وتعزيز الشراكة الاقتصادية والاندماج بين بلادنا وأشقائها في مجلس التعاون لدول الخليج العربي – أو على صعيد إنجاز العديد من التشريعات والقوانين واتخاذ الخطوات والإجراءات التنفيذية المعززة للممارسة الديمقراطية ومنها ما يتصل بترجمة ما أعلناه خلال شهر رمضان المبارك عن انتخاب المحافظين ومديري المديريات في الوحدات الإدارية بالجمهورية ، أو جهود تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد أو على صعيد مكافحة الفقر والحد من البطالة وتوفير فرص العمل ، والآخذ بأيدي الفقراء والشباب وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين عموماً .
كما أننا سنعمل في إطار تنفيذ الوعود التي تعهدنا بها خلال الحملة الانتخابية على معالجة قضايا الثأر والدعوة إلى عقد مؤتمر وطني لهذا الغرض.. فالثأر ظاهرة سلبية موروثة من العهود الماضية وهي بحاجة الى تضافر جهود الجميع للقضاء عليها، كما سنواصل بذل الجهود التي حققت ثمارها ونتائجها الايجابية في مجالات البناء والتنمية وترسيخ الأمن والطمأنينة ونشر الوعي والثقافة والاهتمام بالتعليم بمختلف أنواعه وتخصصاته وبخاصة في المناطق النائية والقبلية التي تشهد مثل تلك الثارات، باعتبار أن ذلك هو الوسيلة المُثلى لمواجهة هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر السلبية التي تعيق عملية البناء والتطور في المجتمع .
وما من شك أن القبيلة في بلادنا تمثل جزءاً لا يتجزأ من مكونات ونسيج مجتمعنا اليمني ووحدته الوطنية، وأبناؤها كما غيرهم من أبناء الشعب كان لهم دوماً الدور الفاعل والايجابي في مسيرة الثورة اليمنية والدفاع عنها والتضحية في سبيلها وفي مسيرة التطور الديمقراطي والتنموي والاجتماعي والثقافي وبناء المجتمع المدني الحديث من أجل أن يواصل الوطن الغالي مسيرته بخطى واثقة ومقتدرة في ظل مناخات الأمن والاستقرار والسكينة العامة وعلى طريق التجديد والنهوض الشامل بفضل عطاءات كل الأوفياء الصادقين والمخلصين وتضحيات وتفاني القوات المسلحة والأمن الحصن الحصين لكل المكاسب والمنجزات والحارس الأمين للوطن والمواطن وللديمقراطية والشرعية الدستورية، وقوة الشعب ودرع التنمية والإعمار في الوطن والتي سنظل نوليها كل الاهتمام.
وكل عام وأنتم بخير، ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته