رئيس الجمهورية في حديثه إلى العلماء والشخصيات الاجتماعية وممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية والجماهيرية والإبداعية والاتحادات حول العدوان الارتيري على جزيرة حنيش الكبرى
التقى الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بقاعة الشوكاني بكلية الشرطة الاخوة العلماء والشخصيات الاجتماعية وممثلتي الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات الجماهيرية والإبداعية والمهنية والاتحادات والنقابات ورجال الإعلام والمثقفين والأدباء والشباب والمرأة والعمال وغيرهم حيث أطلعهم الأخ الرئيس على آخر تطورات الأوضاع حول العدوان الارتيري على جزيرة حنيش الكبرى اليمنية واستعرض الأخ الرئيس في حديثه العلاقات اليمنية الارتيرية وقال أنها علاقات كانت على الدوام جيدة وتربط البلدين والشعبين علاقات تاريخية ومتميزة وان اليمن كانت هي الداعم والمساند للثورة الاريتيرية من اجل نيل الاستقلال حتى تحقق بالفعل استقلال إريتريا، كما هو كان موقف إريتريا أثناء فتنة الانفصال موقفا جيدا وربما هناك من يريد أن يدفع البلدان تمن تلد المواقف إزاء بعضهما البعض، ونحن لن نتهم أي دولة بل نتهم السلطات الاريتيرية التي قامت بالعدوان.
وأوضح الأخ الرئيس بان اليمن وبعد استقلال إريتريا مباشرة عرضت على الجانب الإريتري ترسيم الحدود البحرية في البحر الأحمر، ولكنهم ردوا بان الوقت غير طبيعي وانهم مازالوا بصدد إجراء الاستفتاء وتكويرا الدولة وقلنا لهم لا مانع حتى يأتي الوقت المناسب وترسم الحدود البحرية، وسارت الأمور فيما بيننا بصورة طبيعية وفي بداية هذا العام تقدمت إحدى الشركات اليمنية الألمانية بطلب ترخيص لإنشاء مشروع استثماري في جزيرة حنيش الكبرى ومنح لها الترخيص وبدأ العمل في منتصف عام 1995 م.
وفوجئنا في شهر نوفمبر الماضي بتلقي الشركة وأفراد الحامية العسكرية الصغيرة إنذار من قبل الإريتريين للخروج من الجزيرة وعلى الفور. تم التواصل بيننا وبين القيادة الاريتيرية واقترحنا تشكيل لجنة من وزيري الخارجية في البلدين لحل الخلاف حول الحدود البحرية ووافقوا على تشكيل اللجنة من وزراء الخارجية والداخلية والثروة السمكية في البلدين وعقد الاجتماع الأول في صنعاء وجرى حوار بين الجانبين وقدم الجانب اليمني مقترحات أن يتم ترسيم الحدود البحرية بين اليمن وإريتريا في إطار حوار ثنائي فإذا لم يتم الاتفاق يتم اللجوء إلى التحكيم وإذا لم تنجح فنذهب لمحكمة العدل الدولية ولكن الجانب الإريتري أصر على إخلاء الجزيرة وابلغهم الجانب اليمني أن الوثائق والدلائل كثيرة بان هذه الجزيرة يمنية وعلينا أن نجري الحوار في إطار القانون الدولي فإذا لكم حق في إطار وثائقكم فنحن موجودون.. مع العلم أن الفنارات منذ عام 1981م يتم تشغيلها من قبل الموانئ اليمنية ومعروف أن جزرنا في البحر الأحمر سواء حنيش الكبرى أو الصغرى أو زقر أو سيول أو بوطير كانت اليمن تسمح لعناصر الثورة الاريتيرية باستخدامها كمنطلق لكفاحهم من اجل الاستقلال سواء في عهد هيلاسلاسي أو في عهد منجستوهيلامريام ونظرا لأنها يمنية واحتراما لحق السيادة اليمنية لم يقم الأثيوبيون بأي رد أو التواجد في تلك الجزيرة لان ذلك كان سيسبب لهم مشكلة مع اليمن ولو كان الأثيوبيون يعرفون أن لهم حقا في تلك الجزر لم يكونوا ليسمحوا للإريتريين بالانطلاق من تلك الجزر.
وأضاف الأخ الرئيس وعلى ضوء ما حدث من تطورات ذهب وفد من بلادنا في شهر ديسمبر برئاسة الأخ نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية إلى إريتريا حاملا معه مشروع مذكرة تفاهم يؤكد استعداد بلادنا للحوار الثنائي وحل المشكلة حول الحدود البحرية بالطرق الودية والسلمية وان يستمر الحوار من ستة اشهر إلى عام لإنهاء الخلاف.. سواء عبر الحوار الثنائي أو التحكيم أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية.. ولكنهم للأسف رفضوا الحوار ولم يكن لهم من رد سوى المطالبة بإخلاء الجزيرة على الرغم من وثائقنا.. أدلتنا تقول بأنها جزيرة يمنية وللأسف فان ما حدث من جانب إريتريا الدولة الجارة من عمل مغامرة صبيانية.. لقد أخذنا نحن الأمور بمأخذ السلامة.. لأنه تم الاتفاق أثناء اللقاء في اسمرة على مواصلة الحوار بين البلدين بعد شهر رمضان المبارك.. كما انه كانت هناك ثقة متبادلة بين القيادتين في البلدين وتربط بين الشعبين علاقات صداقة وحسن جوار ولكننا فوجئنا في ساعة متأخرة من يوم الجمعة بعملية إنزال بحري في جزيرة حنيش الكبرى ولم يكن لدينا سوى 75 جنديا في الجزيرة لحراسة المنشآت الموجودة بالجزيرة وتمكنا يوم السبت من إنزال مجموعة مكونة من 110 جنود عبر طائرات الهيلوكبتر.. ونظرا لاشتعال المعارك في الجزيرة لم نتمكن من مواصلة الدفع بمزيد من الجنود.. واستمر القتال حتى يوم الاثنين.. ولما رأينا أن الأمور بمثل تلك الصورة وحقنا للدماء أعطينا الأوامر لأفراد الحامية بعدم الاستمرار في القتال.. وقد خسرنا في المعارك ثلاثة شهداء والبقية موجودون الآن لدى الإريتريين.
وأشار الأخ الرئيس بان التواصل قد استمر مع الإريتريين على أساس حل المشكلة بطرقي ودية.. وقبلنا بوقف إطلاق النار إدراكا للمسؤولية التاريخية ولحقائق عديدة. وأوضح الأخ الرئيس بان بلادنا طرحت ثلاث نقاط لحل المشكلة وهي عودة الضيوف الذين لدى الجانب الإريتري وإخلاء الجزيرة والشروع في الحوار.. وقد طلبوا منا عقد لقاءات على أي مستوى.. لكننا نجد صعوبة في عقد مثل تلك اللقاءات قبل إخلاء الجزيرة من الإريتريين وإعادة جنودنا الذين لديهم وبعدها نجري الحوار لحل مشكلة الحدود البحرية ووفقا للمواثيق والقوانين الدولية.. نحن نقول لهم أن جزيرة حنيش يمنية في إطار الحق التاريخي والقانون الدولي.. وإذا لهم حقوق في أي شيء فان عليهم المطالبة بها في إطار الحوار والحلول السلمية، لكننا لا نقبل أيضا بمبدأ القوة وستتمسك اليمن بحقها في إخلاء الجزيرة بالطرق السلمية وبكل الطرق المشروعة ونحن نتمنى من الله أن تحل بالطرق الودية.
وأوضح الأخ الرئيس بان الهدف من هذا اللقاء ومن خلال هذا الحشد الكبير الذي يمثل مختلف شرائح المجتمع وقواه السياسية اطلاعهم ومن خلالهم إلى كافة جماهير شعبنا عن تطورات الأحداث المؤسفة في جزيرة حنيش الكبرى، فالقضايا الوطنية تهمنا جميعا سواء كنا في السلطة أو المعارضة.. وسواء كنا منتميين لأحزاب أو غير منتميين لها.. فجميعنا في حزب الوطن.. وهو حزب الأحزاب واكبر من أي انتماء حزبي أو غيره.. والشعب اليمني اثبت انه في الملمات والأحداث الكبيرة يقف وقفة رجل واحد.
وأضاف الأخ الرئيس أنني اطمئن أبناء شعبنا بأننا سنعالج المشكلة بالحكمة وبالطرق المناسبة التي تكفل لليمن حقوقها المشروعة وسنكون عند حسن ظنكم.. كما سنولي الجزر اليمنية كل الاهتمام سواء حنيش الكبرى أو غيرها، فلدينا قائمة طويلة من الجزر اليمنية في البحر الأحمر وغيره وبما يكفل حمايتها وتطويرها وصيانة مياهنا الإقليمية وصيانة أمن وسلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وأشاد الأخ الرئيس بمواقف الأشقاء والأصدقاء الذين أعلنوا تضامنهم مع اليمن ومع حقها المشروع في الجزيرة وعبر عن تقديره لتلك المواقف المبدئية.
كما تناول الأخ الرئيس في حديثه نتائج اجتماعات اللجنة العليا اليمنية السعودية التي عقدت مؤخرا في مدينة الرياض برئاسة الأخ الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب عن جانب بلادنا وسمو الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس الوزراء وزير الدفاع والمفتش العام عن جانب المملكة العربية السعودية.
وأشاد الأخ الرئيس بنتائج اجتماعات اللجنة العليا مشيرا بأنها كانت جيدة وسيكون لها آثار طيبة على صعيد تفعيل أعمال اللجان المشتركة المشكلة طبقا لمذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين أو على صعيد العلاقات الأخوية بين البلدين وتعزفيها لما فيه خدمة مصالح الشعبين الشقيقين مؤكدا مجددا موقف بلادنا في حل قضايا الحدود بين البلدين الشقيقين على أساس الحوار والتفاهم الأخوي الودي ومبدأ لاضرر ولاضرار.. معبرا عن ارتياحه لما تشهده العلاقات من تطور بالاتجاه الذي يلبي تطلعات الشعبين اليمني والسعودي.