رئيس الجمهورية في حديثه إلى العلماء والمرشدين والخطباء وأئمة المساجد في محافظة عدن
التقى الأخ الفريق علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية الاخوة أصحاب الفضيلة العلماء والمرشدين والخطباء وأئمة المساجد في محافظة عدن..
وفي بداية اللقاء تحدث إليهم الأخ الرئيس معربا عن سعادته بهذا اللقاء متمنيا له أن يثمر نتائج إيجابية وان يسوده الصدق والصراحة مشيرا إلى ما عانه العلماء والمرشدون والخطباء من تعسف وإرهاب أيام الحكم الشمولي الماركسي في عدن الباسلة وكذا ما عانه المشائخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية الذين كانوا الهدف الرئيسي للنظام الماركسي.. وقال أن الوحدة هي التي ردت الاعتبار لكل هذه الشخصيات والعلماء والخطباء والمشائخ ونحمد الله على هذه النعمة التي استعدنا فيها وحدة وطننا الغالي ويجب أن تتكاتف جهودنا وان نعمل على توعية المجتمع وان نذكر المجتمع بالماضي السيئ ونحصنه من أي اختراق أو محاولات البلبلة والتشويه.
وأضاف الأخ الرئيس قائلا:
أن مجتمعنا بحمد الله مسلم وليس فيه طوائف ولا اقليات.. ولكنه شعب مؤمن بالله يعيش أبناؤه متحابين متراصين ومتآخين.. حاول الاشتراكيون أو الماركسيون الشيوعيون أن يثيروا فيه النعرات الطائفية والمناطقية والمذهبية في وقت كان أبناء الشعب فيه يعيشون متحابين متعايشين في إخاء ليس فيهم من يدعو إلى تفريق صفوف الآمة على أساس مذهبي أو مناطقي ولكن السياسيون الطامحون كانوا يثيرون هذه النعرات والحمد لله فقد كان الشعب محصنا من هذه الدعايات الخبيثة ولم يتأثر بها وخاطب الأخ الرئيس الحاضرين قائلا: عليكم الآن واجب كبير ومسؤولية اكبر في الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحرص في تقصي الحقائق والموضوعية والمصداقية وعلى الحكومة مسؤولية في دعم الخطباء والمرشدين.. وعندما يكون الخطيب أو المرشد أو العالم قد تقصى الحقيقة فان خطبه وإرشاداته ستكون لها فاعلية وتأثير ومصداقية لدى الجمهور. وفي هذه الحالة لن تكون الخطابة مجرد دعاية أو إشاعة تفقد الخطيب مصداقيته، وعندما تكون الخطابة مجرد افتراء فإنها تفقد تأثيرها ومصداقيتها في نفوس المواطنين، وقال الأخ الرئيس: أنا ثقتي كبيرة أن العلماء والخطباء والمرشدين سيكونون الحصن الحصين للوحدة والدعامة الأساسية والمرتكز القوي للدفاع عن وحدة الوطن كونهم الفئات التي تعرضت لأذى التشطير ولأذى الحكم الشمولي وفيكم الكثير ممن شرد أو عذب أو سجن.. وعدد كبير منكم عاد إلى الوطن بعد تحقيق وحدة الوطن ونحمد الله على هذه النعمة.. بأن وحد شملنا ووحد صفوفنا ووحد شعبنا، ومهمتنا الآن هي الحفاظ على
الوحدة وذلك يتطلب منا بذل الجهد المستمر لاستئصال الدعاية الخبيثة ومخلفات التشطير واللازمة والحرب.. وهذه المخلفات تحتاج إلى جهود مكثفة متواصلة لاستئصال هذه الآفة من جسم المجتمع..
واستطرد الأخ الرئيس قائلا لقد ورثنا أمراضا من عهد الإمامة والاستعمار ولكن ما ورثناه من بعد الاستقلال اخبث مما ورثناه من قبل ذلك فقد سادت في هذا العهد الشطرية والكراهية وجرى تعبئة الناس بالحقد والكراهية لبعضهم البعض عندما انتهجت قيادة الحزب النهج الماركسي العلماني وعبأت المجتمع وفق ذلك النهج وحاولت شق الصف الوطني في الوقت الذي كنا كلنا نعرف أن الشعب موحد وصفوفه متراصة وأبناؤه ينتقلون بين الشمال والجنوب بحرية تربطهم روابط الإخاء والمصالح المشتركة..
وحينما جاء الحزب الماركسي وحكم خلال تلك الفترة عمل على تمزيق الروابط بين الاخوة ووضع الحواجز بينهم ومنع حركة تنقلاتهم لزيارة بعضهم البعض.. منع الأب من زيارة ابنه أو البنت من زيارة أمها أو الأخ من زيارة أخيه، ووضع السدود والتحصينات الكبيرة للحيلولة دون ذلك.. وقد سخر كل الأموال وأرهق الشعب بأعباء الديون من اجل بناء تلك التحصينات من الخرسانة المسلحة.. وورثت دولة الوحدة الآن أعباء سداد حوالي 6 مليارات من الديون للاتحاد السوفييتي أنفقت معظمها في بناء تلك التحصينات الشطرية من اجل أن يمنع الأخ من زيارة أخيه والابن لأبيه أو أمه.
مشيرا إلى المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق العلماء والخطباء والمرشدين في هذا المجال في سبيل تحصين المجتمع من كل الأمراض وتخليصه من مخلفات الماضي البغيض وتعميق روابط الوحدة وترسيخ جذور المحبة والتعاون بين أبناء الوطن الواحد بعد أن من الله علينا بالنصر المؤزر خلال الحرب التي حاول فيها الانفصاليون أن يقطعوا روابط هذا المجتمع ويمزقوا أوصاله وان يجعلوا من هذا الشعب شعبين أو عدة شعوب إرضاء لأطماعهم وأنانيتهم ومصالحهم ومن اجل أن يظلوا متربعين على كراسي السلطة لا يهمهم التضحية بأبناء هذا الشعب من اجل السلطة والحكم.
ضحوا بالعلماء والمشائخ وقاموا بتلك المجازر ضد الأبرياء ودفنوا الناس أحياء في الحاويات التي دفنت في الرمال.. في مناطق الصولبان والفتح والمنصورة وفي السايلة البيضاء وفي غيرها من المناطق التي دفنوا فيها الناس أحياء.
وأضاف قائلا علينا أن نذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين وعليكم واجب كبير كخطباء وعلماء ومرشدين في التذكير بأعمال الشر وأعمال الخير، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف.. وانتم أقوياء بالحكمة وبالصدق.. أن يقول المؤمن الصدق ولو على نفسه.. وعليكم أن تبتعدوا عن المهاترات فيما بينكم والابتعاد عن المهاترات التي تجري بين الخطباء والمرشدين أو تكفير الناس فهذا شيء لا يجوز لمسلم مؤمن أن يقول به أو يعمل من اجله.
وقد نهانا ديننا الإسلامي الحنيف عن ذلك.. والخلافات الفرعية يمكن حلها بالحوار
ولا نغرق بالتفاصيل طالما إننا كلنا نؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر وبالإسلام دينا وعليكم أن تترفعوا عن الصغائر وإلا تغرقوا في التفاصيل أو فيما يثير الخلاف.. فالعالم من حولنا يتقدم ونحن نختلف في التفاصيل وفي أشياء لا توجب الاختلاف بين المسلمين وأي خلاف بالتفاصيل في الفروع يمكن حله بالحوار والعلم والمنطق وليس بالتكفير أو الإساءة إلى الآخرين لابد أن ذلك يمثل إساءة لنا كمسلمين ويخدم أعداء الإسلام، فالخلاف أي خلاف داخل المجتمع الإسلامي دين المسلمين لا يخدم إلا أعداءهم.
وعلينا أن نتجاوز وان نتفاهم وان نحل خلافاتنا بأنفسنا ولا يجوز أن نكفر بعضنا البعض ولا نريد أن نسمع كلمات مثل هذا وهابي وهذا سني سلقي وهذا صوفي وهذا شافعي وهذا زيدي، فنحن كلنا مسلمون وعلينا أن نحترم شيوخنا وأساتذتنا ، لكن التطرف وإثارة الفتن مرفوض، فالفتنة نائمة ولعن الله من أيقظها كما جاء في حديث المصطفى من يثير الفتن ليس بعالم ولا خطيب ولا مرشد.
علينا أن نتخلق بأخلاق الإسلام وان نعمل على تعميق قيمه ومبادئه السمحة في نفوس المجتمع بعيدا عن التعصب أو التطرف وعلى العلماء أن يتسلحوا بالوعي والمعرفة منهم القدوة التي يقتدي بها الآخرون.
وقال إننا نرفض التطرف أيا كان نوعه أو شكله مؤكدا بان حقوق الناس وحريتهم الشخصية والعامة مكفولة بحكم الدستور والقوانين ولا يجوز لأحد أن ينصب من نفسه قاضيا ومنفذا للأحكام، فالدولة هي المسؤولة عن تنفيذ الأحكام وتطبيق القوانين وشرع الله.. مشيرا إلى ما تتميز به مدينة عدن من أهمية كميناء تجاري واقتصادي ومعبر للمسافرين أهلتها لاحتلال مكانة مرموقة في العالم وعلينا أن نحافظ على مكانة هذه المدينة والعمل على تطويرها وازدهارها بما يخدم تطلعاتنا في البناء والتنمية.