رئيس الجمهورية في حديث لصحيفة (ارفيتا) الاثيوبية و(الخليج) الاماراتية
نص المقابلة :-
س: ترتبط اليمن بعلاقات قديمة مع دول شرق افريقيا.. فلماذا اختصرت جولات المسئولين اليمنيين، وعلى رأسهم على عبدالله صالح الى ارتيريا قبل اندلاع الازمة وزيارة واحدة فقط للدكتور الاريانى لاديس ابابا؟
الرئيس: العلاقات بين الشعب اليمنى وشعوب منطقة القرن الافريقى سواء جيبوتى او الصومال او اثيوبيا او ارتيريا علاقات تاريخية ازلية متميزة تستند على اواصر متينة من علاقات الاخاء والصداقة والتاريخ المشترك وحسن الجوار، والزيارات بين المسئولين وعلى مختلف المستويات فى هذه الدول مستمرة ومتبادلة فى كل وقت، وكلما دعت الحاجة الى ذلك، ومن جانبنا فاننا حريصون على تعزيز العلاقات وتوسيع آفاق التعاون مع تلك الدول، والزيارات من المسئولين اليمنيين لتلك الدول مستمرة ولم تنقطع، ولقد قمت انا شخصيا بزيارات الى هذه الدول سواء جيبوتى او ارتيريا او اثيوبيا، ونتطلع الى زيارة الصومال الشقيق عندما يستعيد عافيته وتستقر الاوضاع فيه باستعادته لوحدته وامنه واستقراره، ونحن نبذل وبالتعاون مع الجميع من اجل تحقيق هذه الغاية لان امن الصومال واى من دول منطقة القرن الافريقى يهمنا فى اليمن .
س: جيبوتى دولة عربية صغيرة تواجه تحديات كبيرة نتيجة النزاعات التى تظهر من حين الى اخر.. منها النزاع اليمني الارتيري، والارتيري الاثيوبي، والوضع فى الصومال، ومع ذلك فالملاحظ نسيان عربي لهذه الدولة.. فهل هناك سياسة يمنية لتحريك الموقف العربي؟
الرئيس: جيبوتى دولة شقيقة جارة ومن الدول المهمة فى جنوب البحر الاحمر تربطنا بها فى اليمن اوثق علاقات الاخاء وحسن الجوار، ونحن حريصون على الدوام على تعزيز تلك العلاقات الاخوية الخاصة والمتميزة، وتوسيع آفاق التعاون معها وفى مختلف المجالات، والتنسيق المستمر فى كل ما من شأنه خدمة المصالح المشتركة والامن والاستقرار والسلام فى المنطقة، والدول لا تقاس باحجامها الصغيرة او الكبيرة ولكن بدورها وقدرتها على التأثير فى محيطها واقامة علاقات فعالة مع الاخرين، وجيبوتى الشقيقة لها دور مهم وحيوى فى استتباب الاستقرار فى المنطقة، وفى خدمة الامن القومى العربى، ولا يمكن لاى عربى ان يغفل ذلك الدور الهام لجيبوتى .
س: هناك من يعتقد ان العرب اكثر تجاهلا للمشكلة الصومالية من غيرهم.. فما هو التصور اليمنى لحل الازمة الصومالية؟
الرئيس: ما يجرى فى الصومال امر مؤسف ومحزن ولقد بذلنا جهودا وما نزال من اجل ايجاد حل للمشكلة الصومالية، وذلك من تقريب وجهاب النظر بين مختلف الفصائل الصومالية، وعقد فى صنعاء اكثر من لقاء بين العديد من القيادات الصومالية، كما وقعت فى صنعاء اتفاقية بين الاخوين حسين محمد فرح عيديد وعثمان عاتو على طريق التوصل لاتفاقية، بشأن الترتيبات الخاصة بالعاصمة مقديشو، على طريق المصالحة الصومالية الشاملة، كما اننا لا نألوا جهدا فى التواصل مع الاشقاء والاصدقاء، ودعم كافة المبادرات الاقليمية والدولية من اجل ايجاد حل للمشكلة الصومالية على اساس استعادة الصومال لوحدته وامنه واستقراره، ويكفى هذا الشعب الشقيق ما عاناه من التمزق وويلات الحرب، وحل القضية الصومالية من وجهة نظرنا يقع بالدرجة الاولى على عاتق ابناء الشعب الصومالى وقياداته، ونحن من جانبنا سنكون سندا وعونا لهم فى كل ما يقررونه.
س: ما هو الدور اليمنى فى حل المشكلة الصومالية، وما حقيقة مساعيكم للتقريب بين اديس ابابا وعيديد وما نتائجها؟
الرئيس: كما ذكرت سابقا نحن حريصون وبذلنا وما زلنا نبذل الجهود وبالتعاون مع كافة الدول المعنية بالتطورات الصومالية والتى يهمها استقرار الاوضاع فى الصومال .
وفى هذا الاطار نحن بذلنا مساعينا من اجل تحقيق التقارب بين اديس ابابا وعيديد او غيره من القيادات الصومالية لاننا نعتقد ان اثيوبيا كدولة مهمة وجارة للصومال لا يمكن اغفال دورها الحيوى الهام فى دعم جهود المصالحة الصومالية لانه من مصلحة اثيوبيا ان يترسخ الامن والاستقرار والسلام فى الصومال، واى تفاهم او تقارب بين الجانبين، لا شك انه يسـاهــم فى تهيئــة مناخات ايجابية افضل لتحقيق ذلك الهدف، والتسريع بوتائر
المصالحة الصومالية، واستعادة الصومال لعافيته .
س: مؤخرا ازدادت التشاؤمات ازاء توسيع عمليات التقسيم فى الصومال وظهور ولايات وادارات محلية بداية لتجزأة الصومال.. ماهى السياسية الوقائية لايقافها فى نظركم؟
الرئيس: السياسة الوقائية ان يتم التعجيل بايجاد حل للقضية الصومالية، وان يجلس كافة الفرقاء الصوماليين على طاولة الحوار من اجل الخروج بالصومال من المحنة الراهنة والمؤسفة التى يعيشها وان يضعوا مصحلة الشعب الصومالى فوق كل اعتبار اخر، ومصلحة الصوماليين والمنطقة هى فى صومال موحد ومستقر .
س: كيف يوازن اليمن علاقاته بين السودان وارتيريا واثيوبيا فى ظل وجود خلافات تشوب علاقات هذه الدول فيما بينها؟
الرئيس: من مبادىء اليمن الثابتة والمبدئية ان لا تقيم علاقة مع اى دولة شقيقة او صديقة على حساب علاقاته مع دولة اخرى، واليمن لديه علاقات طيبة وممتازة مع جميع تلك التى ذكرت، قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، وهو سيظل يوظف علاقاته الطيبة تلك مع الجميع من اجل ازالة اى خلافات، وتحقيق التقارب والتعاون فيما بينها، ولما فيه خدمة الامن والاستقرار والسلام فى المنطقة .
س: ما هو تصوركم لحل النزاع بين الحكومة السودانية ومعارضيها فى ظل وجود اتهامات من قبل المعارضة بانكم تقفون خلف الحكومة السودانية؟
الرئيس: ايضا من سياسة اليمن الثابتة عدم التدخل فى الشئون الداخلية لاى دولة شقيقة او صديقة والعلاقة بين الحكومة السودانية ومعارضيها امر يخص الشعب السودانى الشقيق .
س: ما حقيقة الاتهامات بان اليمن يدعم قوى معارضة لبعض دول القرن الافريقى بالتنسيق مع الحكومة السودانية؟
الرئيس: هذه الاتهامات باطلة ولا اساس لها من الصحة.. اليمن، وكما قلت سابقا ترفض التدخل فى الشئون الداخلية لاى دولة، وهى لا تقبل ابدا ان تكون اراضيها منطلقا لاى عمل معاد او معارض لاى دولة شقيقة او صديقة .
س: ظهرت مؤخرا اصوات تطالب بانضمام اليمن الى منظمة الايجاد بعد ان انضمت دول عديدة من الدول السكندنافية، وبعض الدول الاوروبية واخيرا مصر.. فاليمن اقرب الى هذه المنظمة.. لماذا لم تطلب الانضمام واين وصل طلب الانضمام اليمنى فى دول الكومنولث، ومجلس التعاون الخليجى؟
الرئيس: منظمة الايجاد لها دور فعال وايجابى فى خدمة الاهداف التى انشأت من اجلها وخدمة شعوبها ودولها، واسهمت وما تزال بدور طيب فى حل العديد من النزاعات التى تنشأ بين عدد من دولها كما هو الحال فى النزاع المؤسف بين اثيوبيا وارتيريا واليمن لها علاقات جيدة مع كافة الدول المنضوية فى اطار هذه المنظمة الاقليمية النشطة، وسنعمل على تطويرها وتعزيزها سواء على الصعيد الثنائى أو الجماعى.. اما فيما يتعلق بالشق الاخر من السئوال، فلقــد ســبق ان أوضحنا عنه ما فيــه الكفاية فى أكثر من مناسبة وليس هناك اى جديد
يمكن ان يقال .
س: ماهو تقييمكم للمخاوف العربية من الحزام الامنى بين العرب، والمكون من اسرائيل وتركيا وايران؟
الرئيس: فيما يتعلق بالتحالف العسكرى الاسرائيلى التركى سبق أن اوضحنا موقفنا فى اليمن منه، ومن المؤسف القول انه يمثل تهديدا للامن القومى العربى، ونحن نتطلع بأن اشقائنا فى تركيا سوف ينأون بانفسهم عن مثل هذا التحالف الذى يثير المخاوف والشك لدى اشقائهم العرب والمسلمين.. اما فيما يتعلق بايران، فنحن لانرى بأن هناك ما يوجب اى خوف منها فايران دولة اسلامية شقيقة وقوتها هى قوة لاشقائها العرب والمسلمين، ومن مصلحة الجميع فى المنطقة ان تكون هناك علاقات طيبة قائمة على الثقة المتبادلة والاحترام والتعاون المثمر بين ايران واشقائها وجيرانها من الدول العربية .
س: هناك تكهنات ان الجماعات الاسلامية سوف تصل الى دفة الحكم فى عام 2000م وسيشهد العالم قيام حكومات اسلامية فى مصر والجزائر والاردن واليمن وارتريا واثيوبيا والجبهة الاسلامية فى السودان وحزب الاصلاح فى اليمن يعتبران مرتكزا للحكومات القادمة.. ماتعليقكم؟ الرئيس: أنت قلت بأن هذه تكهنات، ولاينبغى ان تبنى المواقف على مجرد التكهنات ثم ماهو المانع ان تصل أى قوة سياسية سواء كانت فى اتجاه اليمين او اليسار الى الحكم طالما تؤمن بالديمقراطية، وبالتبادل السلمى للسلطة عبر صناديق الاقتراع، وبعيدا عن اللجؤ للانقلابات والمؤامرات وممارسة العنف والتطرف.. والمهم يلتزم الجميع بالديمقراطية وقواعدها المعروفة، وأن يتعودوا على احترام الاخر وحقه فى المشاركة فى الحكم اذا كان ذلك يجسد خيار الشعب وارادته الحرة النزيهة عبر الانتخابات .
س: هناك قلق عالمى من ظاهرة انتشار الارهاب والتطرف الدينى.. ماهو تقييمكم لهذه الظاهرة وما حقيقة تواجد اعداد كبيرة من الافغان العرب فى اليمن؟
الرئيس: نحن فى اليمن ضد التطرف والارهاب بكل اشكالهما وصورهما وايا كان مصدرهما، والتطرف والارهاب لا دين لهما ولاجنسية، بل هما آفة العصر التى يعانى منها الجميع، وينبغى ان تتضافر جهود الجميع فى العالم من أجل استئصالهما اينما كانا وسواء كان ذلك من الافراد أو الجماعات أو الدول.. أما فيما يتعلق بالشق الاخر من سئوالك فان ما أؤكده لك انه لاصحة لما جاء فيه حول تواجد اعداد كبيرة أو قليلة من الافغان العرب فى اليمن فاليمن قد اتخذ منذ نهاية حرب الانفصال فى عام 1994م اجراءات حازمة وفعالة ضد أؤلئك الذين تسللوا الى اليمن من الافغان العرب وغيرهم من الاجانب ممن كانوا يعيشون فى اليمن بطرق غير مشروعة خلال فترة الازمة والحرب والمماحكات السياسية التى افتعلها الانفصاليون فى الوطن وليس هناك اليوم على ارض اليمن من يسمون بالافغان العرب أو غيرهم ممن يشتبه فى ممارستهم للتطرف .
س: على الرغم من الجمود الذى تشهده عملية السلام فى الشرق الاوسط الا ان هناك معلومات تقول باتصالات بين اليمن واسرائيل.. ما صحة هذه المعلومات وما هو تقييمكم للعلاقات اليمنية – الاسرائيلية؟
الرئيس: لاصحة بوجود اتصالات بين اليمن واسرائيل بأى شكل من الاشكال، ونحن ننفى ذلك بشدة، ولسنا بحاجة لاجراء مثل تلك الاتصالات فى ظل غياب السلام العادل .
س: دول عربية وافريقية هرولــت مؤخرا نحـو اسرائيل للعـبور من خلالها الى امريكا والغرب فاليمن لديها
لوبى يهودى مؤثر، فهل حان الوقت لاستخدام هذا اللوبى لدعم اليمن وسياساتها مع بعض الدول ولتحريك الرأى العام الغربى لصالح اليمن؟
الرئيس: أولا ما نود تأكيده أننا لسنا فى اليمن ضد اليهوديه كديانه بل ضد سياسة الاحتلال والممارسات العنصرية التى يمارسها الكيان الاسرائيلى ضد الفلسطينيين والعرب عموما وبالذات فى الاراضى العربية المحتلة، ونحن فى الجمهورية اليمنية أيدنا وما نزال كافة الجهود المبذولة من أجل تحقيق السلام العادل والدائم والشامل فى المنطقة، والذى نرى من وجهة نظرنا فى اليمن انه لن يتحقق الا باستعادة العرب لحقوقهم المشروعة وانهاء الاحتلال الاسرائيلى للاراضى العربية المحتلة سواء فى فلسطين او الجولان او جنوب لبنان، واقامة الدولة الفلسطنية على التراب الوطنى الفلسطينى وعاصمتها القدس الشريف، ومامن شك فانه تقع على عاتق الدول الدائمة العضوية فى مجلس الامن والولايات المتحدة على وجه خاص وكافة الدول المحبة للسلام مسئولية ممارسة الضغوط على اسرائيل لاجبارها على المضى قدما فى المسيرة السلمية وعدم التنصل من الاتفاقات الموقعة بينها وبين العرب .
أما فيما يتعلق بما ذكرت حول اللوبى اليهودى الذى يمكن ان تستخدمه اليمن لصالح سياستها أعتقد انه من السابق لاوانه الخوض فى هذا الموضوع .
س: ماهو تصور اليمن لامن البحر الاحمر وما حقيقة التواجد الاسرائيلى فى المنطقة، وما صحة المخاوف العربية من اسرائيل فى ظل التطبيع العربى الاسرائيلى؟
الرئيس: امن البحر وسلامة الملاحة الدولية فيه امر حيوى وهام لمصالح الدول المطلة عليه والعالم.. ونحن فى الجمهورية اليمنية نرى بان ضمان الامن والسلام فى البحر الاحمر من مسئولية الدول المطلة عليه، وهى اليمن والسعودية واريتريا وجيبوتى والصومال والسودان ومصر والاردن، ونؤكد على اهمية وجود اشكال وآليات فعالة من التعاون والتنسيق بين هذه الدول جميعا من اجل تحقيق تلك الغاية التى تهم الجميع.. وما من شك فان اسرائيل لديها اهداف ومطامع كبيرة ومستمرة فى التواجد العسكرى فى هذه المنطقة الحيوية من العالم ومثل هذا التواجد يشكل خطرا وتهديدا للامن القومى العربى .
س: لقد نجحتم فى حل الخلافات الحدودية مع كل من اريتريا وسلطنة عمان فما هى اسباب التعقيدات لحل الخلاف مع السعودية؟
الرئيس: اليمن قدمت نموذجين جيدين للحل السلمى لحل قضايا الحدودية مع اشقائها وجيرانها اولها ماتم مع سلطنة عمان الشقيقة والذى تم عبر الحوار والتفاهم الاخوى والودى ووفق مبدأ لا ضرر ولا ضرار.. والنموذج الاخر ماتم مع اريتريا.. حيث تم تجنيب البلدين الانزلاق نحو الحرب واراقة الدماء وحل مشكلة النزاع الذى كان قائما بينهما حول جزر ارخبيل حنيش عبر اللجؤ الى التحكيم الدولى والذى قبل البلدان بنتائجه والتزاما به وكان نموذجا مثاليا نال تقدير العالم ويستحق الاقتداء به لحل مشاكل الحدود بين الدول المتجاورة .
اما فيما يتعلق بالمشكلة الحدودية مع الاشقاء فى المملكة العربية السعودية فان الجهود والاتصالات واعمال اللجان الحدودية المشتركة بين البلدين الشقيقين مستمرة من اجل ايجاد حل مرضى وعادل لهذه المشكلة التى مضى عليها اكثر من 60 عاما دون حل، ونحن فى اليمن اكدنا دوما اننا مع الخيار الذى يرغب فيه اشقاءنا فى المملكة العربية السعودية سواء عبر الحوار والتفاهم الاخوى الودى على قاعدة لا ضرر ولا ضرار وبدون انتقائية او من خلال اللجؤ للتحكيم الدولى لحل قضايا الحدود وبصورة شاملة، ونحن فى كل الاحوال جاهزون ومستعدون متى رغب الاشقاء فى ذلك .
ونأمل ان شاء الله ان يتوصل البلدان الشقيقان الى حل نهائى وعادل لقضية الحدود بينهما، وبما يجعل من الحدود جسورا للتواصل الاخوى والتعاون المثمر بين الشعبين اليمنى والسعودى لما فيه خيرهما وازدهارهما وتعزيز الامن والاستقرار والسلام فى المنطقة .
س: ماهو تقييمكم للديمقراطية فى اليمن بعد جولة الانتخابات الاخيرة وهل تتفاءلون بان يشهد العالم العربى تحولا جذريا تجاه الديمقراطية فى العقد المقبل؟
الرئيس: الديمقراطية فى اليمن نهج واسلوب حياة انتهجناه كوسيلة حضارية مثلى لبناء الوطن، وهو خيار لن نحيد عنه، وبرهن على جدواه، والجهود متواصلة من اجل ترسيخه فى الواقع اليمنى عبر التشريعات والممارسة الفعلية التى تتجسد من خلال الالتزام بالتعددية السياسية والحزبية، وحرية الرأى والصحافة، واحترام حقوق الانسان، ومن خلال الالتزام بمبدأ التداول السلمى للسلطة، والتنافس عبر صناديق الانتخابات، ولقد خاض اليمن ومنذ استعاد وحدته تجربتين انتخابيتين فى عامى 1993م و1997م شهد المراقبون المحليون والدوليون بنجاحها ونزاهتها، وهناك المزيد من الخطوات التى يتم اتخاذها على طريق تعزيز وتطوير النهج الديمقراطى فى اليمن.. والديمقراطية فى بلادنا تجربة يمنية تخص الشعب اليمنى وغير قابلة للتصدير لكنها متاحة امام الجميع اشقاء واصدقاء لمن يريد ان يستفيد من اى ايجابيات قد يراها فيها.. والحقيقة ان العصر هو عصر الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان والتحول نحو الديمقراطية امر تستوجبه مقتضيات هذا العصر والمتغيرات التى يشهدها العالم من حولنا والعالم العربى بالطبع ليس بمنأى عن كل ذلك .
س: يبدى المجتمع الدولى انزعاجا متصاعدا تجاه تزايد انتهاك حقوق الانسان فى العالم العربى.. كيف تنظرون الى هذه المسألة من منظور يمنى؟
الرئيس: كما قلت ان الاهتمام باحترام حقوق الانسان ورعايتها تمثل احدى سمات هذا العصر وابرز القضايا التى يعطيها المجتمع الدولى والدول المتحضرة جل الاهتمام.. كما انها تعتبر احدى الفضائل والقيم الاخلاقية النبيلة التى حثت عليها الشرائع السماوية.. حيث لاينبغى للانسان استغلال اخيه الانسان او اضطهاده على اى نحو كان.
كما انه فى عصر الديمقراطيات والحريات التى تناضل من اجلها الشعوب وتقدم فى سبيلها التضحيات الغالية من الصعوبة بمكان القبول باى شكل من اشكال التسلط والديكتاتوريات والهيمنة، وسلب الحقوق، ومصادرة الرأى، وحرية التعبير، وتكميم الافواه فى اى مجتمع .
ونحن فى الجمهورية اليمنية نتعاون مع جميع الدول والمنظمات فى العالم المهتمة بحقوق الانسان من اجل رعاية حقوق الانسان والوقوف ضد اى ممارسات لا انسانية او انتهاكات لحقوق الانسان، وفى اى مكان فى العالم .
س: هل تجاوزت اليمن اثار الحرب الانفصالية، وهل هناك تأثير يذكر للانفصاليين فى الحياة السياسية اليمنية، وماهو موقفكم تجاه قادة الحزب الاشتراكى المتواجدين فى الخارج، وكيف تتعاملون مع من يرغب فى العودة الى اليمن؟
الرئيس: بحمد الله استطاعت بلادنا ان تتجاوز اثار فتنة الحرب والانفصال التى اشعلها الانفصاليون فى صيف عام 1994م وتمكنا وفى فترة قياسية نسبيا من اعادة بناء ما دمرته تلك الحرب فى مجال البنى التنموية التى بلغت الخسائر فيها اكثر من (11 مليار دولار).. بالاضافة الى ماتسببت فيه من خسائر فى الارواح بلغت حوالى عشرة الاف مابين قتيل وجريح، وتم ترتيب الاوضاع بصورة جيدة بعد ان ازلنا كافة الاثار المترتبة على تلك الحرب.. حيث اعلنا العفو العام الشامل الذى بموجبه عاد الكثيرون سواء من اعضاء الحزب الاشتراكى او غيرهم ممن غرر بهم وشاركوا فى التخطيط والتنفيذ لتلك المؤامرة الانفصالية التى استهدفت تمزيق الوطن واجهاض وحدته واعادة عجلة التاريخ للوراء، وتم ترتيب اوضاعهم وهم اليوم يساهمون فى مسيرة البناء فى الوطن مثلهم مثل غيرهم من المواطنين ولم يتبق فى الخارج سوى اؤلئك النفر الذين صدرت بحقهم احكاما قضائية وقال القضاء فيهم كلمته، وعليهم الامتثال للعدالة.. بالاضافة الى عناصر قليلة ترى فى استمرار بقائها فى الخارج انه يحقق لها مزايا وفوائد مالية ومكاسب شخصية مجزية لايودون التفريط بها، وهؤلاء اذا ما رغبوا فى العودة الى وطنهم فانه مفتوح لهم ويرحب بهم ليعيشوا فى رحابه مواطنين صالحين لهم كل الحقوق، وعليهم كافة الواجبات التى كفلها الدستور لجميع المواطنين .
وما اود تأكيده هنا مجددا بان الوحدة راسخة رسوخ الجبال ومحمية بارادة الله ووعى شعبنا الذى عمدها بدمائه الزكية وتضحياته الغالية انتصارا لارادته فى الوحدة، والحفاظ عليها من كافة التحديات والمخاطر .
س: لايمر شهر من دون ان تورد وسائل الاعلام خبرا عن اختطاف سياح واجانب فى اليمن.. ماهى الاجراءات التى اتخذتموها للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة؟
الرئيس: ظاهرة اختطاف الاجانب جريمة وظاهرة سلبية سيئة مرفوضة من قبل كافة ابناء شعبنا الذين يستنكرونها ويدينون مرتكبيها وهم عناصر محدودة ومأجورة ترتكب مثل هذه الاعمال المنافية لعقيدة شعبنا واخلاقياته وقيمه وتراثه الاصيل، ومع ان كل عمليات الاختطاف قد انتهت بسلام لانها لا تستهدف فى الاساس الاجانب فى حد ذاتهم، ولكن الهدف من ورائها ابتزاز الدولة وتشويه صورة اليمن والاساءة والاضرار بعلاقاته مع الاخرين فان هناك اجراءات حازمة وجهود تبذل من اجل القضاء على هذه الظاهرة ومحاسبة مرتكبيها باشد انواع العقوبات، وتم مؤخرا اقرار قانون يعاقب مرتكبى جرائم الاختطاف بالاعدام وقد تم تطبيقه بالفعل .
س: هنالك بعض الوسائل الاعلامية العربية من ضمنها وسائل الاعلام اليمنية حاولت اعطاء الخلاف اليمنى الاريترى بعدا عرقيا بين العرب والافارقة.. ما تعليقكم؟
الرئيس: العلاقات العربية – الافريقية علاقات تاريخية ازلية ضاربة بجذورها فى اعماق التاريخ، وهناك صلات وروابط وثيقة وحسن جوار ونضال وقواسم مشتركة كثيرة بين العرب والافارقة، ومن الخطأ السماح بالمساس بتلك العلاقات او الاضرار بها من قبل اى جهة بل الواجب والمصلحة المشتركة للجميع عربا وافارقة تقتضى العمل معا من اجل المزيد من تعميق تلك العلاقات وتوسيع آفاق التعاون المشترك وفى كافة المجالات سواء ثنائيا او اقليميا او عبر منظمتى الوحدة الافريقية والجامعة العربية، وغير صحيح على الاطلاق ان الخلاف الطارىء الذى جرى فى الماضى بين اليمن واريتريا وزال بحمدالله قد اعطى مثل ذلك البعد الذى ذكرت فى السؤال، واذا حدث من بعض الوسائل الاعلامية خارج اليمن فهو امر مؤسف وغير سليم بل على العكس من ذلك فان البلدين الجارين قد حرصا ومنذ البداية على تطويق الخلاف بينهما فى حدود ضيقة وسعيا بقناعة وبارادة مشتركة وبتشجيع مشكور من الدول التى بذلت مساعيها الخيرة فى هذا المجال سواء فرنسا او اثيوبيا او مصر او غيرها من الدول والمنظمات الاقليمية والدولية الى الاحتكام الى منطق الحوار والعقل والحلول السلمية التى جنبت البلدين الجارين الانزلاق الى الحرب ونزيف الدماء.. وحتى فى ظل وجود تلك التطورات المؤسفة حينها فان التواصل بين قيادتى البلدين اليمن واريتريا لم ينقطع بل ظل مستمرا ومؤكدا الحرص على تجاوز الخلاف بروح الحوار والاخاء والحفاظ على الروابط المتينة والعلاقات التاريخية بين الشعبين الجارين اليمنى والاريترى والنأى بها عن اى تأثيرات لذلك الخلاف الاستثنائى العابر والذى يمكن ان يحدث فى اطار الاسرة الواحدة .
وما نؤكده انه وانطلاقا من حقائق التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة فانه ينبغى على العرب والافارقة العمل معا لتعزيز الشراكة والتعاون بينهما وخدمة الاهداف المشتركة فى التنمية والاستقرار والسلام والتقدم 0