رئيس الجمهورية يوقع على المبادرة الخليجية في الرياض بحضور خادم الحرمين الشريفين
برعاية أخوية حميمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وفي لقاء تاريخي جرت مساء اليوم في القصر الملكي بالرياض عاصمة المملكة العربية السعودية الشقيقة مراسم الاحتفال بالتوقيع على المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية المزمنة.
حيث قام فخامة الأخ الرئيس على عبدالله صالح رئيس الجمهورية بالتوقيع على المبادرة الخليجية وذلك بحضور صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ال سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وأصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب المعالي وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر وسفراء دول مجلس التعاون وسفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وممثلي المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركائه، وسفراء الاتحاد الأوروبي المعتمدين في اليمن.
وفي الحفل الذي افتتح بأي من الذكر الحكيم، ألقى فخامة الأخ الرئيس على عبدالله صالح رئيس الجمهورية كلمة قال فيها:
“اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى أخي خادم الحرمين الشريفين على احتضانه هذا اللقاء بين الأخوة أطراف العمل السياسي في الجمهورية اليمنية”.
وأضاف فخامته “لقد كان هذا الخلاف منذ عشرة أشهر مضت له تأثيرا كبيرا في المجال الثقافي وفي المجال التنموي وفي المجال السياسي مما أدى إلى تصدع في الوحدة الوطنية، وتدمير ما بني خلال السنوات الماضية في المجال التنموي، وفي مجال بناء الإنسان، ونحتاج إلى عشرات السنوات لإعادة بناء ما خلفته الأزمة الطاحنة”.
وتابع قائلاً ” توجت هذه الأزمة بالمؤامرة الكبيرة واستطيع أقول الفضيحة التي حدثت في جامع دار الرئاسة بصنعاء..لقد كان الصهاينة أهون منا نحن في البلدان العربية والإسلامية عندما عقدوا العزم على تصفية الشيخ أحمد ياسين ولم يجرؤوا على قتله في الجامع بل تركوه حتى خرج فأقدموا على قتله، هؤلاء هم الصهاينة فما بالك نحن المسلمين والعرب والأشقاء إلى أين وصل هذا الحقد الدفين وهذه الثقافة التي ليست من ثقافتنا لا في الأمة العربية والإسلامية ولا في اليمن فحسب بل ثقافة دخيلة على وطننا العربي”.
وأردف قائلاً ” وهي رياح هبت من المغرب العربي حتى وصلت إلى المشرق العربي وهي ثقافة تأثيرية وليست ثقافة برامجية أو أجندة خاصة بالمنطقة ولكن أجندة خارجية ننفذها نحن العرب والمسلمين”.
واستطرد فخامة الأخ رئيس الجمهورية ” فنأسف لما حدث في اليمن وكنا نطمح إلى أن يتم التبادل السلمي للسلطة بطرق سلسة وديمقراطية عبر ما اخترناه لأنفسنا جميعا في عام 1990م وهي التعددية السياسية الحزبية وحرية الصحافة واحترام حقوق الإنسان ومشاركة المرأة هذا ما اخترناه نحن اليمنيون لأنفسنا في عام 1990م وتم الاستفتاء على هذا الدستور، وقد ائتلفنا لمرتين في المشاركة في السلطة ولكن أشقائنا وإخواننا في المعارضة أبوا أن يشاركوا في السلطة وقالوا اتركونا نخرج إلى المعارضة وقلنا لامانع، ولا نحن ما كنا نريد أن ننفرد بالسلطة على الإطلاق”.
ومضى قائلاً ” كنا نريد أن يكونوا شركاء معنا على الرغم من أن دستور الجمهورية اليمنية يقول هناك تعددية سياسية وحزب الأغلبية هو الحاكم، وها نحن نلتف اليوم على الدستور ونعمل انقلاب من عشرة أشهر في الوطن، زهقت فيها أرواح العشرات والمئات أكثر من ألف ومائة وخمسين قتيل هذا من الجانب الرسمي من العسكريين الآمنين والقوات المسلحة والمدنيين ولأحرج بسبب الوصول إلى السلطة في الوقت الذي لانمانع ان نكون شركاء في السلطة لكن بطرق سلمية”.
وقال فخامة الأخ رئيس الجمهورية” لما نتحدث اليوم الانتقال السلمي والسلس والديمقراطي للسلطة كيف نتحدث عن الانتقال السلمي والسلس للسلطة بعد أن أزهقت الأرواح..ولماذا ما بدأنا من وقت مبكر أن لاتزهق الأرواح ونبحث عن شراكة وها نحن اليوم نرحب بالشراكة مع إخواننا وأبناء جلدتنا في المعارضة في الشراكة لإدارة شؤون البلاد وإعادة بناء ما خلفته الأزمة، وليس المهم هو التوقيع ولكن المهم هي حسن النوايا، والبدء بعمل جاد ومخلص لشراكة حقيقية في إعادة بناء ما خلفته الأزمة خلال الأشهر الماضية”.
وأضاف فخامته ” نتطلع بكل ثقة إلى أن أشقائنا وفي المقدمة المملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وقادة مجلس التعاون الخليجي وكذلك الأمم المتحدة ممثلة بمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة أن يراقبوا ويساعدوا ويشهدوا، على سير تنفيذ هذه المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة في تنفيذ ما نصت عليه هذه المبادرة”.
وأختتم فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية كلمته قائلاً” نحن نتطلع بكل ثقة إلى أن أشقائنا سيولون هذا الموضوع جل اهتمامهم ونحن سنكون متعاونين وأنا سأكون من المتعاونين الرئيسيين مع حكومة الائتلاف القادم الذي يشارك فيها الأخوة في المعارضة والمؤتمر الشعبي العام وحلفائه فشكرا لأخي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وأصحاب السمو الأمراء وأصحاب المعالي الوزراء على الإعداد لهذا الحفل البروتوكولي للتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية”.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود قد ألقى كلمة قال فيها:
“أخي فخامة الرئيس.. إخواني الأشقاء.. نرحب بكم في وطنكم المملكة العربية السعودية التي وفقها الرب جل جلالة مع إخوتها في اليمن الشقيق ومع أشقائها في دول مجلس التعاون الخليجي أن نحتفل اليوم بما وفقكم الله إليه من تحكيم للعقل ونبذ الفرقة وجمع الكلمة فقد زكى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بلادكم ووصفها بالإيمان والحكمة”.
وأضاف “أيها الأخوة الكرام في اليمن الشقيق شعبا وحكومة اليوم تبدأ صفحة جديدة من تاريخكم تحتاج منكم اليقظة وإدراك المصالح وتحقيق أهداف الحرية بكل أشكالها، لا يمكن لها أن تستقيم دون مسؤولية فإن أختلف فإن النتيجة لذلك هي الفوضى في متاهات لايعلمها غير الحق جل جلاله، ولا يكون ذلك إلا امتثال لقوله الكريم (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)، ولا يدفعكم الماضي إلى متاهات الظلام وتذكروا قوله تعالى (عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام)”.
وتابع خادم الحرمين الشريفين قائلاً ” أيها الإخوة الأشقاء سيبقى وطنكم المملكة العربية السعودية كما كان في الماضي عونا لكم بعد الله وهذا يستدعي منكم مواجهة التحديات القادمة بحكمة وصدق وشفافية، وليكن طريقكم إلى ذلك الصبر والعمل وبدون ذلك لامجال لتحقيق أمالكم وطموحاتكم وأهدافكم النبيلة، وختاما أقول قولي هذا وأدعوكم بالتمسك بقول الحق (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا)”.
ثم ألقى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني كلمة قال فيها ” إنها لحظة تاريخية فاصلة نلتقي فيها سوياً هنا في المملكة العربية السعودية التي طالما احتضنت بكل الود والحب لقاءات المصالحة والوفاق بين الفرقاء، نلتقي في رعاية قائد حكيم طالما برهن على أخلاقه وغيرته وحبه لامته العربية والإسلامية وكانت مساعيه الخيرة دائماً لكل ما يحقق الخير والعزة والمنعة لها نلتقي يجمعنا هدف نبيل سامي وقلوبنا تنبض بحب اليمن العزيز وشعبه الأصيل الكريم واكفنا مرفوعة إلى المولى العزيز القدير بالشكر والحمد والثناء على ان وفق الجهود الخيرة لمجلس التعاون إلى هذه النهاية العظيمة التي نأمل ان توقف إراقة دماء الشعب اليمني الشقيق لينعم بالامن والاستقرار في ربوعه الغالية.
وأضاف ” خادم الحرمين الشريفين لقد كانت توجيهاتكم وإخوانكم أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون حفظهم الله ورعاهم نابعة من حرصكم على وقف نزيف الدم بين الأشقاء اليمنيين والوصول إلى حل سلمي يحفظ لليمن ووحدته وامنه واستقراره ويحمي انجازاته ومكتسباته الحضارية”.
وتابع الزياني قائلا ” وها نحن هنا نتوج تلك الجهود ونقطف ثمار ذلك العمل المخلص البناء بالتوقيع على المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية وبهذه المناسبة لابد ان نذكر بالعرفان والتقدير المساعي الخيرة لأصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية أعضاء المجلس الوزاري لدول المجلس وتوجيهاتهم السديدة ومتابعتهم الحثيثة والجهود المخلصة التي بذلوها لأجل تحقيق هذا الانجاز التاريخي والشكر موصول أيضا الى الاخوة الاعزاء في الجمهورية اليمنية الشقيقة وفي مقدمتهم فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وأصحاب المعالي والسعادة أعضاء وفدي حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه واللقاء المشترك وشركائه وكافة الاخوة اليمنيين على دعمهم ومباركتهم الصادقة والمخلصة للمبادرة الخليجية وما أبدوه من تفهم وتجاوب وما لمسناه منهم من حرص بالغ للحفاظ على وحدة وامن واستقرار اليمن..
وعبر عن تطلعه إلى العمل سوياً في المرحلة المقبلة لكل ما من شأنه تحقيق الخير والنماء لليمن الشقيق وشعبه العظيم.. مشيدا بجهود الدول الصديقة وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام ومبعوثه الخاص جمال بن عمر وسفراء دول مجلس التعاون في صنعاء على مساندتهم ودعمهم اللامحدود للمبادرة الخليجية وجهودهم المخلصة… مثمنا جهود رجال الاعلام والصحافة وتفانيهم في أداء واجبهم الاعلامي الوطني والقومي.
من جهته عبر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر عن سعادته لهذه اللحظة.. مؤكداً مساندة الأمم المتحدة وبشكلً قوي للمبادرة الخليجية.. وقال ” وفي هذا الإطار عملنا بانسجام تام مع امين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني للدفع بالعملية السياسية في اليمن من اجل تسوية سياسية مبنية على المبادرة الخليجية كما علمنا مع جميع الاطراف اليمنية “.مضيفاً ” أنا سعيد انه تم التوصل إلى هذا الاتفاق في هذا اليوم التاريخي والآن حان الوقت للعمل من اجل بناء واعمار اليمن وللمساهمة أيضا من اجل المصالحة الوطنية وتحقيق الأمن والاستقرار وستبقى الامم المتحدة دائما تعمل جنبا بجنب مع مجلس التعاون الخليجي لما فيه مصلحة اليمن”. وعقب ذلك جرت مراسم التوقيع على الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة، حيث قام بتوقيعها عن المؤتمر الشعبي العام وحلفائه كل من: الدكتور عبدالكريم الإرياني والدكتورة أمة الرزاق علي حمد والدكتور أحمد عبيد بن دغر والدكتور قاسم سلام والدكتور ابوبكر القربي. ومن جانب أحزاب اللقاء المشترك وشركائه كل من: محمد سالم باسندوة والدكتور ياسين سعيد نعمان وعبدالوهاب الإنسي، وحسن محمد زيد وصخر الوجيه.
كما وقعها وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني.