رئيس الجمهورية يوجه كلمة إلى أبنائه الطلاب والطالبات
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبي الهدى واليقين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أبنائي الطلاب وبناتي الطالبات براعم وزهرات الثورة اليمنية المجيدة ، يسعدني أن أخاطبكم هذا الصباح الذي تتلقون خلاله الدرس الأول من التعليم الديمقراطي وتختبرون بأنفسكم روعة الحرية وبهاء الأختيار لرؤساء الفصول الدراسية في أول تجربة في المنطقة العربية، تتولى الدولة إدراج مناهج تربوية جديدة ضمن العملية التعليمية تشمل ملايين الطلاب في عموم محافظات الجمهورية اليمنية الذين يشتركون في الحصول على هذا الحق في الاختبار والحق في تعلم قواعد ومبادئ المواطنة الحرة في سن مبكرة بهدف بناء شخصية الفرد وتكوين المواطن الصالح.
إن مثل هذا النهج الذي نختطه لم يكن في أي وقت من الأوقات واحداً من واجبات الدولة ولكن هذه المهمة أصبحت اليوم جزءا من توجهات الدولة في مجال النهوض التربوي وإعادة الهيكلة للتعليم لتشمل جوانب لم تكن مجربة
لدينا أو في أي بلد آخر من قبل.. لك ننا نتعلم كيف نبدع شكلاً متميزاً لادائنا الديمقراطي النابع من مبدأنا الشوروري الاسلامي وتراثنا الثقافي والحضاري الذي يلهمنا أن نتبكر هذا الشكل الجديد الذي نكرس عبره واحدة من صور الوفاء والالتزام بأهداف الثورة الينمية القاضي (إنشاء مجتمع ديمقراطي)، هذا المجتمع الذي يبدأ بتعلم قيم الإيمان بأن اليمن صار وطناً لجميع أبنائه، ومنارة لأمته وأرضاً تحقق فيها على نشأة واحدة من أجل تجسيد الحرية والديمقراطية والدستور اليمني والقوانين التي نصونها.
وإننا إذ نضع على عاتق مؤسسات التعليم مهمة غرس قيم التسامح وتعزيز قواعد الحوار وحب الوطن بين ابنائنا وبناتنا بالاضافة الى اقتناء أفضل العلوم وأرقى المعارف، إنما نهدف من وراء ذلك إلى تقوية ترابط وعي المجتمع وتوحيد شعوره الوطني الذي يتفاعل مع حاجات وتطلعات الشعب وتحقيق أهداف الثورة الينمية.
إن بتعليم النشئ الايمان والالتزام بالقيم والمبادئ التي تقوم على احترام الانسان ورفع مكانة العقل والحض على حرية الاختيار ضمن منهج من العمل والعلم الخلاق، إنما نوجه بذلك تاكيداً على الطبعية المبدعة لديمقراطيتنا وتمييزاً لأصالة مكونها.
فالديمقراطية لا يمكن جلبها من بيانتها أو الإدعاء والالتزام بها عبر أشكال لا تمس عقل الأجيال الناشئة، إن الديمقراطية والتغيير الديمقراطي تستلزم أن نتجاوز فكرة انتظار التعلم من الآخرين إلى فكرة إبداع هويتنا الديمقراطية وتقديم إضافة إلى الخبرة الإنسانية، وان في هذه التجربة التي تبدأ بدرس واحد في هذا العام وانتخاب لرؤساء الفصول لكنها في المحصلة ستنتهي إلى ادماج النهج التربوي السياسي في مناهج التعليم وسيتم رعاية هذا الاداء المتميز كنواة قابلة للتطور إذا ما وجد في وزارة التربية والتعليم ومؤسساتها من يتعهدها بالرعاية والاهتمام لتكن جزءاً من تقاليدنا وواحدة من أعراسنا ومهرجاناتنا الوطنية التي تتزامن في عامها الأول مع احتفالاتنا بالذكرى الـ42 لثورة 26 سبتمبر التي فتحت أمام الأجيال اليمنية بوابة التاريخ، ووضعت في مبادئها الستة للحرية والديمقراطية موقعاً فريداً يجعلها بحق ثورة ضمن الوعي الانساني وجزءاًَ من التراث التحرري الذي تتفاعل الديمقراطية في مكوناته، ونمهد أمام المجتمع اليمني الطريق للمشاركة في صنع ثقافة التعاون والتسامح بين الأجيال المختلفة وبين الشعوب والأمم والحضارات، لتجعل من التسامح ثقافة ومن المواطنة ايماناً ومعرفة ومن التمدن منهجاً وسلوكاً.
أبارك لكم هذا المكسب العظيم الذي أدعوكم إلى تجسيده بإبداع وثقة وأمانة حتى تكونوا أنتم من يصوغ مستقبل هذا الوطن الذي اختار النهج الديمقراطي، وهو اليوم يعمق هذا الاختيار من خلالكم لتصبح الديمقراطية ثقافة لا يحتكرمعرفتها أو ممارستها الكبار فقط بل والصغار أولاً .
الديمقراطية التي لا يجب ان نفتش عنها في مقرات الأحزاب وفي أعمدة الصحف والمقالات، بل يمكن لكل واحد منكم أن يكون عنوانها، فالمدرسة حصنها المتين.. قدموا يا أبنائي النموذج على أن هدف الثورة الرابع قد تخلق وتجسد اليوم من خلال استيعابكم المبدع لدرس الديمقراطية وتطبيقكم الخلاق لمبدأ الاختيار الحر .
وفي الختام اسمحوا لي أن أتوجه بالشكر والتقدير إلى كل من عمل على بلورة هذا المشروع وكرس الوقت والجهد لتجسيده كعلامة من علامات عافية مجتمعنا ومؤسساتنا المتمثل في أشكال التعاون الناجح منذ الخطوة الأولى بين وزارة التربية والتعليم والمعهد اليمني لتنمية الديمقراطية، ونطالب كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني بالاقتداء بهذه التجربة التي نوجه الحكومة بتشجيعها واستمراريتها حتى يتخذ المشروع صورته النهائية الناجحة والرائعة العظيمة في بعدها الإنساني والقيمي الحضاري .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته