رئيس الجمهورية يوجه خطابا إلى أبناء الشعب اليمني بمناسبة عيد الأضحى المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة الموطنون الأعزاء في كل ربوع الوطن وأينما تكونون أيها الاخوة المؤمنون: يسعدني ونحن نستقبل عيد الأضحى المبارك أن أتوجه إليكم وإلى كل أبناء أمتنا العربية والإسلامية بالتهنئة القلبية الخالصة بهذه المناسبة الدينية سائلاً المولى عز وجل أن يعيدها وقد تحقق لشعبنا وأمتنا ما نصبو إليه وقطعت بلادنا وكل الأقطار العربية والإسلامية أشواطاً جديدة في دروب النهضة والتنمية والرفاهية والتقدم. كما يسرني أن أزف التهاني والتبريكات إلى ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام على ما وفقهم الله من أداء مناسك الحج وإقامة ركن من أركان ديننا الإسلامي الحنيف وما تجشموه من عناء ومشقة في سبيل نيل رضى الخالق عز وجل وغفرانه وإحياء لشعائر الله. فحج مبرور وسعي مشكور وهنيئاً لهم الأجر العظيم والحسنات المتنامية التي لا تحصى. . إن فريضة الحج أيها الأخوة تعبر في معانيها العظيمة ومدلولاتها العميقة تعبير عملي صادق وواضح عن وحدة الإيمان والمشاعر التي تتجسد في أروع صورها وتجلياتها في ذلك الموقف الجليل المهيب في رحاب عرفات الله الذي تقف فيه جموع المسلمين الذين توافدوا من مختلف بقاع الأرض امتثالاً لأوامر الله الواحد الصمد وتعظيماً لشعائره قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه 🙁 وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ). صدق الله العظيم. وقال تعالى: ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) صدق الله العظيم. ولعل أبلغ ما ينبغي أن تتمثله أمتنا من الدروس العظيمة في هذه المناسبة الدينية العزيزة هو السعي الحثيث لنبذ الخلافات وكل أشكال الفرقة والعمل على كل ما من شأنه توحيد الأمة وتعزيز تضامنها وتلاحمها وتمتين العروة الوثقى التي تشد أبناء الأمة بعضها بعضا نحو مصير واحد وغاية واحدة أساسها الخير والبر والعدل والتقوى وعمل كل ما يحقق للأمة عزتها وقوتها وازدهارها ويعزز اقتدارها في مجابهة التحديات والوقوف في وجه المخاطر من أين كان مصدرها. وأن ما تحتاجه أمتنا اليوم أكثر من أي وقت مضى وهي تعيش واقع الانقسام والشتات والوهن الذي أصاب صفوفها وشل قدرتها على التأثير الفاعل في مجريات الأحداث والمتغيرات المتسارعة من حولها، هو تجاوز الركام الثقيل من المتداعيات المؤسفة والإحباطات التي ولدتها ظروف الماضي، وطي كافة الصفحات السوداء والبحث الجاد عن المخارج الصحيحة التي تكفل للأمة تأسيس قاعدة صلبة للانطلاق نحو آفاق جديدة وعهد جديد أساسه التسامح وحسن الظن والثقة المتبادلة وبكل ما يعزز التضامن والتعاون والعمل المشترك الذي تتوثق به العلاقات وتتنامى المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة سعياً وجهاداً من أجل حاضر أفضل ومستقبل أكثر إشراقا. وبما يمكن أمتنا أن تحمي كيانها وتصون مصالحها ويكون لها وجودها وتأثيرها في عالم لا يعترف إلا التكتلات والقوة والاقتدار. ولهذا فإننا في الجمهورية اليمنية سنظل ندعو ونعمل بكل ما نستطيع من أجل التضامن ووحدة الصف وتعزيز مسيرة التكامل والعمل المشترك بين أبناء الأمة وعلى مختلف الأصعدة والمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية وغيرها ونحرص على تنسيق المواقف في كافة المحافل الإقليمية والدولية وبما يحقق المصالح العليا لأمتنا والانتصار لقضاياها وتعزيز اقتدارها على التفاعل المطلق والمؤثر على مجريات الأحداث والتطورات الجارية حولها وفى إطار ما تنشده البشرية جمعاء وتتطلع إليه من الأمن والاستقرار والرفاه والسلام. وانطلاقا من ذلك دعونا إلى عقد قمة عربية يجلس فيها الأشقاء بعضهم مع بعض بروح الإخاء والصفاء والود لبحث كافة القضايا والموضوعات التي تهم حاضر ومستقبل الأمة والاتفاق على آلية تضمن انعقاد القمة بصورة دورية منتظمة أسوة بما هو عليه الحال في التجمعات الإقليمية الأخرى سواء القمة الأفريقية أو الأوروبية وغيرها بالإضافة إلى وضع استراتيجية موحدة للعمل القومي تضمن الانطلاق بالعلاقات العربية – العربية نحو مسار جديد في مستهل قرن جديد وألفيه جديدة. أيها الأخوة. . إن عقد القمة العربية وانتظامها تمثل ضرورة قومية ملحة وهي السبيل الملائم لتقديم الدعم والمساندة للأشقاء في سوريا ولبنان وفلسطين من أجل استعادة أراضيهم المحتلة واتخاذ موقف شجاع ومسئول لإنهاء الحصار المفروض على الشعب العراقي الشقيق منذ أ كثر من 10 سنوات والذي لم يعد له ما يبرره. وانه لمن الواجب الديني والوطني والأخلاقي والإنساني أن يسارع الجميع إلى وضع حد لتلك المتاعب والمعاناة الإنسانية المريرة التي بتكبدها الشعب العراقي الشقيق وفي المقدمة أطفاله وشيوخه ونسائه نتيجة استمرار فرض الحصار .
الأخوة المواطنون الأعزاء …. إن عيد الأضحى المبارك يطل علينا في هذا العام وشعبنا يتهيأ ويواصل الاستعداد على كل الأصعدة لاستقبال مناسبة عزيزة وغالية وهي مناسبة مرور 10 سنوات على استعادة وطننا لوحدته المباركة في ال 22 من مايو 1990م. بما يليق بها وبما ينسجم مج دلالات ومعاني ذلك الإتجار الوطني التاريخي الكبير الذي اقترن به تحقيق تحولات كبرى وعميقة في حياة الشعب وعلى مدى عقد من الزمان سياسيا وديمقراطيا وتنمويا واجتماعيا وفي كل الظروف والصعاب والمؤامرات. . والتي توجت. بمؤامرة الحرب والانفصال في صيف عام 1994م والتي أشعلها الانفصاليون الخونة سواء أولئك الذين فروا إلى الخارج أو من بقاياهم في الداخل والذين ظلوا يشككون في كل المنجزات ويثيرون الفتن ويمارسون الدس والتخريب للإساءة للوطن والإضرار بمصالحه. وفي هذا الصدد فإننا ندعو كل القوى السياسية والفعاليات الوطنية في المجتمع للوقوف أمام هذه المناسبة وفي هذه الذكرى وقفة استرشادية حادية متأنية ومسئولة واستخلاص الدروس التي تمد الجميع بالطاقة اللازمة لمواصلة السير على درب ترجمة الأهداف والتطلعات والآمال الوطنية المنشودة بعيدا عن كل التعصبات والرؤى الضيقة والحسابات الأنانية والذاتية وأن يقلع الذين ارتكبوا ذنوب بحق الوطن والشعب عن ذنوبهم ويكفروا عنها وعلى الجميع في الوطن استشراف أفق بعيد ورحب للانطلاق بروح التسامح والإخاء التلاحم والتعاضد والوحدة في ميادين البناء والإنتاج ومواكبة متغيرات العصر وتطوراته. . فالعصر الذي دخلنا معه رحاب القرن الجديد والالفيه الثالثة هو عصر استثمار كل قدرات وطاقات الشعب والوطن الروحية والإبداعية وعصر الوصول بكل ثمار مجتمع الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والانفتاح الإيجابي على الثقافات البناءة والتفاعلات الإنسانية الحية وهو لذلك كله عصر يرفض الانغلاق والتحجر والتسلط والانشداد لمخلفات الماضي البغيض أو عقد الأفكار الشمولية المندحرة. وإنه لحرى بأبناء شعبنا اليمني العظيم أبناء الحضارة اليمنية الشامخة أن يشمروا عن سواعد الجد والعمل ليبذلوا الجهود المخلصة في ميادين الإنجاز والإبداع وجسور التواصل مع إشراقات الحضارات التليدة واللحاق بركب التحديث والنهضة فالمستقبل واعد بالخير وإن علينا جميعاً أن نتطلع إليه بتفاؤل وثقة وعزيمة وأمل. . وأن نواصل العمل التزاما بقوله: ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”. صدق الله العظيم.
الأخوة المواطنون.. الأخوة المؤمنون. . إن ديننا الإسلامي الحنيف يحث جميع المؤمنين على التحلي بتلك القيم والمبادى النبيلة التي دعا إليها وفى طليعتها التمسك بقيم التسامح والمحبة والتآلف والوحدة بعيداً عن كل أشكال الغلو والتطرف والتعصب الأعمى ونشر البغض والكراهية بين الناس وإثارة الفرقة والفوضى والفتن في صفوف المجتمع. . من خلال منابر المساجد.
ولهذا فإن الدعاة والمرشدين وأئمة المساجد أن يضطلعوا بدورهم ومسئولياتهم في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة الخالية من كل الأغراض وشوائب الأهواء الذاتية والتعصب الحزبي ومن كل أشكال الإساءة أو استغلال المنابر في بيوت الله والانحراف برسالة المسجد لغير الغايات والمقاصد السياسية التي تدعو إليها في جمع الكلمة وتوحيد الصف وفى الحث على ما فيه الخير والصلاح للمجتمع قال الله تعالى 🙁 ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ). . صدق الله العظيم.
فالمسجد هو مركز إشعاع ونور جمع الله به كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم وجعلهم متآخين متحابين ورسالة المسجد هي توجيه المجتمع وبناء الفرد الصالح لدينه ووطنه وبث روح المحبة والمودة والوحدة بين الناس. قال الله تعالى: (وإن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً ). صدق لله العظيم. ولهذا فإن على أولئك الذين يعتلوا منابر الخطابة في بيوت هؤلاء هم يجهلون حقائق الدين الحنيف ويدعون المعرفة في الاقتصاد وكل شئون الحياة لدغدغة عواطف البسطاء من الناس وإثارة مشاعرهم بهدف خلق البلبلة في صفوف المجتمع عليهم أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يحفظوا ألسنتهم من الخوض في الكلام الجارح والذي لا يفيد. //فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها//. وجاء في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم //لا يستقيم إيمان العبد حتى يستقيم لسانه //.. وإن بناء المساجد وعمرانها ليس بما يشيد فيها من أحجار وزخارف إنما عمرانها بالعبادة الصحيحة والدعوة فيها لبناء المجتمع المسلم الصالح.
و لهذا فإننا نكرر الدعوة لعلماء الأمة وهم ورثة الأنبياء أن يكونوا عند مستوى الآمال والتطلعات فيهم لأداء واجبهم في تقديم المشورة والنصح الصادق من الأغراض والأهواء الذاتية والتصدي لكافة الدعوات التي يبثها المغرضون والذين يشوهون رسالة الإسلام ويسعون لإثارة الفتن والفرقة بين أبناء الأمة لجرها إلى الشتات والضياع والوهن وهو ما يحقق أهداف ومرامي أعدائها والمتربصين بما .
الاخوة الأبطال أبناء القوات المسلحة والأمن … أيها الصامدون والساهرون في قمم الجبال وفي السهول والأودية والصحارى وفي الشواطئ والجزر والمياه الإقليمية تضعون الوطن في أحداقكم أرضاً وتراباً ومياها وسماء تحرسون أمنه واستقراره ومكاسبه وإنجازاته وتصونون سيادته واستقلاله وتذودون باستبسال عن عزته وكرامته ووجوده…
إليكم نزجي أخلص التهاني وأصدق التبريكات بهذه المناسبة الدينية الجليلة والسعيدة.
ونؤكد لكم مجدداً بأنكم ستكونون دوماً موضع الاهتمام والرعاية وفاءً بما تقدمونه من واجبات مقدسة ملتزمين بقيم الإخلاص والوفاء والتضحية كما تدل عليها أعظم دروس هذا العيد المجيد.
سائلين المولى القدير أن يتغمد الشهداء الأبرار شهداء الثورة والوحدة والواجب بواسع رحمته وعظيم غفرانه وأن يسكنهم فسيح جناته وأن يجعلهم في المنزلة العالية إلى جوار الأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.
عيد سعيد.. وكل عام وأنتم بخير.. والسلام عليكم ورحمته وبركاته…