رئيس الجمهورية يوجه بيانا بمناسبة العيد الوطني الحادي عشر للوحدة اليمنية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
الأخوة المواطنون الأعزاء الأخوات المواطنات.. أينما كنتم في الداخل أو الخارج.. يسعدني ونحن نعيش ابتهاجات العيد الوطني الحادي عشر أن أزف إليكم جميعاً خالص التهاني وصادق التبريكات بهذه المناسبة الوطنية الغالية من مدينة عدن الباسلة التي رفرف عليها علم الجمهورية اليمنية خفاقاً يوم الـ/22/ من مايو عام 1990م. إان احتفالنا بالعيد الوطني هذا العام يكتسب أهمية عظيمة بما تحقق في الوطن من تحولات وتطورات على مختلف الأصعدة السياسية والديمقراطية والتنموية سواء على صعيد استكمال البناء المؤسسي للدولة أو على الصعيد التنموي أو الديمقراطي خاصة بعد أن تم الاستفتاء على التعديلات الدستورية وإقرارها وانتخاب المجالس المحلية.. وتم تشكيل حكومة جديدة وإنشاء مجلس للشورى وتسمية أعضائه لتوسيع نطاق المشاركة وترسيخ الديمقراطية التعددية التي ستظل تمثل الخيار الصائب الذي لا حياد عنه والوسيلة الحضارية المثلى للانطلاق نحو الأمام. فالمهام الماثلة أمام الجميع كبيرة وفي مقدمتها المضي قدما في جهود الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري والقضائي وترسيخ قواعد الأمن والاستقرار والطمأنينة في المجتمع وجعل التنمية مشروع المستقبل أمام الحكومة.. فالمناخات ملائمة الآن أفضل من أي وقت مضى لمزيد من العمل والإنجاز بعد أن أمكن إحراز نجاحات ملحوظة في المجال الاقتصادي والمالي والإداري وفي مقدمتها انخفاض العجز في الموازنة العامة من 17 في المائة إلى 3 في المائة والحد من التضخم إلى أقل من 10 في المائة وارتفاع معدل النمو إلى أكثر من 5 في المائة وتخفيض الديون الخارجية من 10 مليار دولار إلى حوالي 3 مليار دولار وتحرير السلع الأساسية00 كما تمكنت بلادنا وبحمد الله من حل كافة مشاكلها الحدودية وعززت من علاقاتها ومجالات التعاون والشراكة مع كافة الدول الشقيقة والصديقة. وعلى الحكومة أن تعمل على متابعة تنفيذ البرامج والخطط الكفيلة بتعزيز الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار الذي يوفر فرص العمل وينهي حالة البطالة، والارتقاء بمستوى الأداء وتحديث الإدارة وإعطاء الصلاحيات الكاملة للمجالس المحلية طبقاً للقانون.. والعمل على تطوير النظام الانتخابي وإنجاز التقسيم الإداري الجديد بحيث تتواءم الوحدات الإدارية مع الدوائر الانتخابية لمجلس النواب والمجالس المحلية.. وإيجاد الحلول المناسبة لقضايا المواطنين وتحسين أحوالهم المعيشية.. ومكافحة الفقر وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي والاهتمام بصحة المواطنين وبناء المستشفيات التخصصية من قبل الدولة والقطاع الخاص من خلال تشجيع الاستثمار الوطني والعربي والأجنبي للدخول في هذا المجال لتقديم خدمات صحية متطورة للمواطنين والقضاء على الأمراض المستعصية والحد من العلاج في الخارج والعمل على الاهتمام ببناء الإنسان ومكافحة الأمية وإتاحة المزيد من الفرص أمام المرأة للمشاركة الفاعلة في المجتمع وتنشئة جيل يمني موحد العقيدة والتربية والفكر والثوابت الوطنية محصنا بالمعارف الحديثة والتوسع في التعليم المهني والفني وكليات المجتمع وبما يخدم أهداف التنمية. الأخوة المواطنون.. الأخوة المواطنات.. بعد أيام قلائل تحل علينا مناسبة مرور عام على ذكرى توقيع معاهدة جدة التاريخية لترسيم الحدود البرية والبحرية بين الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية والتي أرست أساسا جديدا للانطلاق بعلاقات الإخاء وحسن الجوار بين البلدين نحو آفاق رحبة وواسعة من التعاون الأخوي المثمر الذي يعزز من الشراكة وتبادل المصالح والمنافع ويخدم الأمن والاستقرار في المنطقة. ونحن نتطلع باذن الله إلى مستقبل أكثر رخاء وازدهاراً للبلدين الشقيقين .
إن الجمهورية اليمنية التي آمنت بالحوار السلمي والتفاهم الأخوي وسيلة مثلى لحل كافة القضايا مع أشقائها وجيرانها وفي طليعتها قضايا الحدود ستظل تبذل جهودها ومساعيها من أجل خدمة قضايا السلام والاستقرار في المنطقة والعالم انطلاقا من إدراكها الواعي بأنه مهما بلغت القضايا والخلافات بين الدول وبخاصة دور الجوار من تعقيدات فإنه لابد في نهاية المطاف من الجلوس على طاولة المفاوضات.. ولهذا ينبغي على الجميع تغليب المنطق والحكمة واللجوء المبكر للحوار السلمي والبحث عن الحلول المرضية بعيدا عن استخدام القوة والعنف. وإننا بهذه المناسبة إذ نعبر عن ارتياحنا للجهود الإقليمية والدولية التي بذلت من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار وإحلال السلام في منطقة القرن الإفريقي وما تم التوصل إليه بين البلدين الجارين: أثيوبيا وإريتريا من اتفاق لتسوية خلافهما الحدودي وإحلال السلام بينهما.. فإننا نكرر دعوتنا لكافة أشقائنا في الصومال إلى وضع مصلحة الصومال الشقيق فوق كل اعتبار والعمل من أجل استعادة الصومال عافيته وأمنه واستقراره ووحدته والتفرغ لمجابهة تحديات البناء والتنمية. الأخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات.. يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية.. إنه لمما يؤسف له أن حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني الأعزل ماتزال مستمرة حيث تمارس بحقه أبشع أنواع القمع والتنكيل والتشريد والتجويع والحصار ويسقط في فلسطين المحتلة كل يوم عشرات الشهداء00وفي الوقت الذي تزداد فيه سلطات الاحتلال الصهيوني وقادته صلفاً وعدوانية في ممارساتهم القمعية المنافية لكافة الشرائع السماوية والمواثيق والأعراف الدولية وأبسط حقوق الإنسان وتزداد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة تدهوراً ومأساوية.. فإنه من المحزن أن يظل المجتمع الدولي في موقف المتفرج وغير قادر على اتخاذ أي مبادرة من شأنها ممارسة الضغط على الكيان الصهيوني ووضع حد لسياسته العدوانية المتغطرسة.. ونكرر مطالبتنا لمجلس الأمن الدولي القيام بواجبه في توفير الحماية للشعب الفلسطيني والاستجابة للدعوات المتكررة لإرسال قوات دولية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لايقاف حرب الإبادة التي يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني. وإنها لمناسبة ندعو فيها أبناء أمتنا العربية والإسلامية لدعم الانتفاضة المباركة والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف من خلال توفير الدعم المادي والمعنوي وتشكيل لجان شعبية لجمع التبرعات المادية وتقديمها للشعب الفلسطيني عبر ممثله الشرعي السلطة الفلسطينية حتى تتمكن من أداء واجبها إزاء أسر الشهداء والجرحى ومن فقدوا أعمالهم ومصادر رزقهم .
كما ندعو كافة الدول التي تربطها علاقات مع الكيان الصهيوني وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى ممارسة الضغط على هذا الكيان المحتل لايقاف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني والانصياع لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي.
الأخوة الأعزاء في وطننا العربي والإسلامي.. لقد مرت 10 سنوات على فرض الحصار على الشعب العراقي الشقيق والذي لم يعد له ما يبرره وعلينا جميعا كأبناء أمة عربية وإسلامية واحدة أن نبادر بإنهاء هذا الحصار الجائر من طرف واحد وهذا يشجع الاصدقاء لاتخاذ نفس الموقف .
ياجماهير شعبنا الوفي.. يا أبطال قواتنا المسلحة والأمن البواسل.. إننا في هذه اللحظة التي نعيش فيها ابتهاجات هذا العيد الوطني.. نتذكر بمزيد من الوفاء والعرفان عطاءات وتضحيات أولئك الرجال الشجعان من أبطال قواتنا المسلحة والأمن الذين كان لهم شرف الإسهام في صنع فجر الوحدة والدفاع عنها.. مؤكدين بأنهم سيظلون دوما محل الرعاية والاهتمام.. وسنواصل بذل الجهود من أجل تحسين أحوالهم المعيشية والعسكرية وتعزيز جوانب البناء النوعي المتطور في القوات المسلحة والأمن في إطار الاهتمام بالكيف قبل الكم واستيعاب كافة المتغيرات والتقنيات العسكرية الحديثة .
الأخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات.. إن بلادنا على أعتاب مرحلة جديدة من البناء والتحديث وهذا يتطلب تضافر كل الجهود الوطنية وإسهام كافة القوى السياسية في السلطة والمعارضة في مسيرة بناء الوطن وأن نضع مصلحة اليمن فوق كل المصالح والاعتبارات الحزبية فالوطن فوق الجميع.. ولهذا فإن على الجميع في الوطن أفراداً وأحزاباً التطلع إلى الأمام بروح جديدة متفائلة وعزيمة قوية للمضي نحو تحقيق كافة الأهداف والغايات الوطنية المنشودة فالوطن ملك لكل أبنائه .
ختاماً أسأل الله العلي القدير أن يتغمد شهدائنا الأبرار بواسع رحمته وغفرانه وأن يسكنهم فسيح جناته إلى جوار الأنبياء والصديقين ؛ إنه سميع مجيب .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.