رئيس الجمهورية: الحديث عن الاحتقانات عبر الإعلام من مميزات الديمقراطية
أكد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية أن الحديث عن الإحتقانات عبر وسائل الإعلام المختلفة، ميزة من ميزات الديمقراطية والحريات وثمرة من ثمرات الوحدة المباركة، وقال فخامته في كلمة له اليوم بفتتح ندوة ملحمة السبعين يوما ” اذا لابد أن تكون مهزوم ومحتقن، فلماذا تغرر على الشعب، بان هناك احتقانات في الوقت الذي أنت محتقن بذاتك، فأنت صنعت احداث خبيثه بالوطن، وحصدت أرواح الناس وتآمرت على قيادات وطنية ثورية وحصدت ارواحهم، وتتكلم اليوم أن هناك احتقان في الوطن، في حين أن الاحتقان في ثقافتك بسبب فشلك الذريع في عدم تحقيق شيء للوطن في الماضي والان فاتك القطار، لوجود جيل جديد وقيادات جديده وثقافات جديدة إلى اين ستذهب بهذه الأفكار التي تحملها فرحم الله امرأً عرف قدر عمره”.
وأكد فخامة الرئيس أن لا خلاص من هذه المفاهيم إلا من خلال التعليم والتثقيف سواء في مراحل التعليم الثانوي او الجامعي او المعاهد ووسائل الثقافة بشكل عام، وبهذا يمكن ان نؤسس لثقافة عظيمه، وهو ما يتطلب أعادة النظر الى أولادنا أنهم لازالوا اطفالاً صغار، فهذا على محيط الاسر، وهو ما يمكن قياسه على مستوى الأنظمة في الأقطار العربية والإسلامية.
وخاطب الرئيس الحاضرين في ندوة توثيق تاريخ الثورة اليمنية الانطلاق.. التطور.. أفاق المستقبل الجزء السادس ملحمة السبعين يوما، الوقائع.. الدروس.. العبر، والتي تنظمها دائرة التوجية المعنوي وصحيفة 26 سبتمبر خلال الفترة من 10-14 فبراير الجاري بمناسبة الذكرى الأربعون لدحر حصار السبعين – خاطبهم بالقول ” اقلعوا عن قولة أنا، فهذه من أقوال الشيطان، وبإمكاني أن أتحدث عن هذا الرعيل، وهذه الكوكبة التي تشكل أمامي خارطة من أجمل الخارطات اليمنية، واعرف الكثير منهم، يمكن اكثر من 80 بالمائة منهم اعرفهم شخصياً وكل واحد اخذ دورة، يفضلون ان اتحدث عنهم وعن أدوارهم فلم يأت كلامي من فراغ فليس زيفا او كذبا القول ان عبد اللطيف فك الطريق، ولا ان حسين الدفعي كان وزيراً للحربية والدفاع ومن قيادات السبعين أدى واجبه وقد كان مناضل ثوري كبير، والآن نحن أولادهم نواصل السير، وسيأتي بعدي من يقود المسيرة، ولن أظل ماسكاً للعصا، ومن غير المعقول ان من صمد في السبعين أو ساهم في تفجير ثورة سبتمبر، أو تحقيق الوحدة، يقول هذه ملكي، لا ليست ملكي بل هي ملك للأمة وأنا جندي”.
وأضاف الرئيس: هناك أناس يتاجرون بقضايا الوطن متاجرة، اعوذ بالله، كم ابتزوا الثورة، اعرف أدوارهم واعرفهم شخصيا واعرف أدوارهم تماماً وكنا جنباً الى جنب، فلا يجوز ان نبتز الوطن نحن خلقنا من اجل الوطن وندافع عنه وعن كرامته وامنه ورخاءه، من اجل ان تنعم الأجيال أبناؤنا وابناء أبنائنا بخير الجمهورية والوحدة، ولا يجوز أن نظل ندفّع الوطن الثمن”.
وأكد انه بالرغم من ان قضايا الوطن ليست بيعا وشراء او حكراً على أحد، الا ان البعض استلموا ثمن دورهم في الثورة عشرات المرات.
وقال” سبحان الله كيف تتماثل الأشياء، لكن الحياة مواقف وصناع التاريخ نادرون وليس الكم الكبير هو الذي يصنع التاريخ، صناع التاريخ نادرون والذين فجروا ثورة سبتمبر من المناضلين والقيادات السبتمبرية عددهم كبير ولكن كان هناك قيادة ودينمو محرك، حيث لا يمكن لهذا الكم من المقاتلين الا ان يكون لهم قائد، مثلهم مثل آلاف المصلين الذين يدخلون المسجد لا بد أن يكون هناك من يؤمهم”.
واستطرد فخامة الرئيس قائلا: إذاً كان هناك دينمو محرك لثورة سبتمبر وصمود السبعين يوما، أتذكر قيادات بطلة وشجاعة ومناضلة لا تكتب عن نفسها ولا تبحث عن المديح، عملت على فك الحصار عن طريق الحديدة، هذا هو المناضل “عبداللطيف ضيف الله ” لا يبحث عن كتاب ولا شعراء ولا مداحين ومنافقين، فالتأريخ هو الذي يسجل، اما الهرطقة الكلامية ورفع الشعارات والكلام الكثير ( أنا عملت وأنا صنعت) فهذا يندرج تحت إطار التبجح”.
واضاف فخامته: اترك الآخرين يتحدثون عنك، فالتاريخ هو الذي سيقدر مواقفك ونضالك واخلاصك ووفاءك للثورة والجمهورية”.
وقال “عندما نعقد مثل هذه الندوات انما نهدف من خلالها الى تربية جيل جديد يتشبع بالوحدة والحرية والديمقراطية وبالنظام الجمهوري ولنذكره بالماضي وكيف كان يعاني شعبنا من الجهل والفقر والخراب والدمار على أيدي النظام الإمامي، وكيف انتهت الإمامة والتشطير إلى غير رجعة، وما كنا نعانيه من جهل وفقر وتخلف ومرض، فلا تعليم ولا مدرسة ولا ملبس ولا دواء، فما كان موجودا هو الفقر وحقد وكراهية فقط”.
وأردف فخامة رئيس الجمهورية ” هذا ما كان يعانيه الشعب اليمني”.. متسائلا هل كان تفجير الثورة في ظل هذه الأوضاع ترفا؟ او ضد البدر أو الإمام أحمد أو الإمام يحيى كأشخاص.
وقال” الثورة قامت ضد سياسات ونظام كهنوتي رجعي بكل ما في الكلمة من معنى، فهذا ليس تجنيا، فقد كان النظام الامامي متخلفا سياسيا وثقافيا واجتماعيا لا يعرف أبجديات الحياة، قياسا بما هو عليه الحال اليوم من التطورات الجديدة والأحداث فالعالم أصبح قرية واحدة، كم قنوات فضائية كم جامعات كم مدارس، لم يكن عندنا أيام النظام الإمامي إلا كتاتيب ومدارس محدودة في الحديدة وذمار وصنعاء وزبيد يدرس فيها النخبة والميسورون، وبعد مراجعات طويلة وأحكام شرعية دخل عدد من الإيتام إلى مدرسة الإيتام تلك المدرسة العظيمة التي أحدثت التحول ودخلوا الكليات الحربية والشرطة وفجروا ثورة 26 سبتمبر هذه المدرسة العظيمة”.
وأضاف فخامته ” على كل حال نحن نذكر ونربي شبابنا عبر الوسائل المختلفة ونذكرهم بالماضي البغيض لسنا حاقدين على أشخاص أو على أفراد لكن نحن قمنا بثورة ضد الظلم والتخلف والحكم العنصري الطائفي، فجاءت هذه الثورة لتبقى”.
وخاطب رئيس الجمهورية المشاركين قائلا” مثلما صمدتم في السبعين وصمدتم في حرب الردة والإنفصال فلقد وجدت الثورة لتبقى ووجدت الوحدة لتبقى”.. معتبرا الحديث عن الإحتقانات عبر وسائل الإعلام المختلفة، ميزة من ميزات الديمقراطية والحريات وثمرة من ثمرات الوحدة المباركة.
وقال” تحدث كيفما تشاء لكن لا تمس الثوابت الوطنية، أما أن تتحدث عن الإحتقانات هنا وهناك، فهو احتقان في ذاكرتك في ثقافتك لأنك فشلت، كنت مع القوى المضادة للنظام الجمهوري وكنت مع القوى المعادية للوحدة والحرية والديمقراطية”.
وقال” ارى في هذه القاعة كوكبة من القيادات ومن الإبطال ومن الشخصيات الذين فجروا ثورة سبتمبر وصمدوا في السبعين يوما، فالسبعين جهازا اداريا وسياسيا وقيادات ميدانية تشكل منظومة متكاملة لملحمة السبعين، حيث كان لاغنى عن الاداريين في ذلك الوقت ولاغنى كذلك عن السياسيين ولا عن القيادات الميدانية التي صمدت وحققت النصر العظيم في ذلك الوقت”.
وأضاف “شعبنا تكاتف جنبا الى جنب مدنيين وسياسيين وعسكريين وجاء من كل حدب وصوب من اقصى الجنوب ومن اقصى الشمال المناضلون الشرفاء المؤمنون بالثورة والجمهورية والذين كان لهم الشرف العظيم في الانتصار لثورة سبتمبر واكتوبر”.
وتابع فخامة الرئيس قائلا” أتذكر مناضلي جبهة التحرير الذين قدموا قوافل من الشهداء في نقيل يسلح، من خلال اكثر من هجمة وأكثر من عملية عسكرية من اجل فك الحصار عن صنعاء بقيادة الكثير من المناضلين ولا أستطيع ان اذكر أسماء بعينها لكي أتجنب الحساسية، ومن خلال ورقة العمل التفصيلية التي سأقدمها للندوة، تتضمن ذكرياتي عن تلك الايام عندما كنت ضابطا صغيرا، وليس من أصحاب الرتب العليا، ولكني كنت من الصف القيادي الثاني وكلنا قاتلنا مع بعض، الصف القيادي الأول المخلص والمقتنع والغير متخاذل والغير متردد، وكذلك الصف القيادي الثاني والثالث من المغمورين الذين صمدوا في السبعين وبعضهم لا يذكرون ولا يعرفون ولا احد يعرف أسمائهم”.
وأضاف” كما نتذكر المقاومة الشعبية ايضا التي كان لها دورا عظيما في رفع معنويات المقاتلين العسكريين في الجبال، وصمدت في حصار السبعين، ولا ننسى حجة البطلة، حجة التي صمدت وواجهت اكبر تحدي بكتيبة واحدة من لواء الوحدة قائدها موجود لا داعي لان اذكر اسمه وهو موجود بيننا الان وكثير من المناضلين صمدوا في حجة، امام هجمة رجعية، امام هجمة الامام المخلوع البدر الذي كان يقود المحور الغربي، ولدية امكانيات هائلة كما ذكر عدد من الاخوة، قياسا بما كان يمتلكه النظام الجمهوري في ذلك الوقت، سواء من المال او من العتاد والاسلحة، والذي كان وبدون اي مبالغة لا يشكل عشرة في المائة مما كانت تمتلكه القوى الامامية”.
ولفت رئيس الجمهورية الى ان معنويات المقاتلين وإصرارهم على بقاء النظام الجمهوري الخالد كانت اقوى من تلك الامكانيات من الذهب والعتاد، بايمانهم بقضيتهم ورفعهم شعار الثورة او الموت، وهو ما يذكرني بشعار الوحدة او الموت الذي رفعناه اثناء ازمة 92م -93م-94م.
وقال” الوطن بخير وصناع التاريخ كما تحدثت في الأول هم الأقل لكن أنا متأكد أن الكثير من القيادات والشخصيات نادمه سواءً عندما ناصبت الثورة العداء أو عندما وقفت ضد الوحدة، لان هذه القوى صمدت في السبعين وكان لها دور عظيم وجوهري في النظام الجمهوري، وعارضوا الوحدة وصمدت الوحدة وانتصرت واصبحوا نادمين اولئك الذين لم يقفوا بجانب الوحده نادمين، في حين لا ينفع الندم”.
وأضاف” عليك ان تسلك السلوك الحسن وأن تكون مخلصاً لهذا الوطن وأن تكون جندياً لهذا الوطن خادماً له لا مبتز للوطن”.
وقال فخامة رئيس الجمهورية في ختام كلمته” الزملاء من إبطال السبعين والقيادات السبتمبرية ادعوكم للتذكر والمراجعة من وقت لآخر، لما من شانه تصحيح مفاهيم كثيرة”..معربا عن الشكر لكل المناضلين المخلصين أبطال السبعين وثوار سبتمبر واكتوبر، ولمن دافعوا عن الوحدة والحرية والديمقراطية.
وفي إطار مداخلة مقدمة من فخامة رئيس الجمهورية الى الندوة اوضح فخامته بأن العناصر الأمامية التي حاربت النظام الجمهوري على مدى خمس سنوات أرادت الإلتفاف على النظام الجمهوري بما يسمى الدولة الإسلامية، وذلك اثناء مؤتمر الطائف وهي ذات الوجوه والشخصيات التي سعت إلى إثارة الفتنة وشق الصفوف مع من حققوا الوحدة والحرية والديمقراطية في الـ22 من مايو 1990م.
واشار الى ان تلك العناصر عملت على خلق الشقاق والتفرقة تحت مسمى مشروع وثيقة العهد والاتفاق في محاولة أخرى للألتفاف على منجز الوحدة العظيم، بعد أن فشلوا في إعادة عجلة التاريخ للوراء بانتصار الشعب لثورته ونظامه الجمهوري.
وقال” لقد عملنا وخلال مؤتمر عمان الذي شاركت فيه مختلف اطياف العمل السياسي بما فيها اصحاب مشروع الوحدة والشرعية الدستورية على درء الفتنة وتجنب الإنزلاق نحو الحرب ولكنهم للاسف جعلوا من تلك الوثيقة المفخخة بالفتنة مشروعاً للحرب التي فجروها في صيف عام1994م ولكن بحمد الله وصمود كل أبناء شعبنا انتصرت الوحدة والشرعية الدستورية في 7 يوليو1994م، وبعد 67 يوماً من الصمود والمواجهة تماماً مثلما انتصرت الثورة والنظام الجمهوري بعد 70 يوماً من الصمود البطولي ويالها من مصادفات عجيبة وما اشبه الليلة بالبارحة فلقد انتصر الحق على الباطل وانهزم دعاة الفتنة والإحتقان من اعداء الثورة والوحدة وانتصرت راية الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.
واستعرضت ندوة توثيق تاريخ الثورة اليمنية في جزئها السادس التي عقدت بعنوان (ملحمة السبعين يوماً: الوقائع.. الدروس.. العبر) اوراق عنل في جلسة عملها الاولى برئاسة الأخوة المناضلون اللواء عبد اللطيف ضيف والدكتور محمد عبد السلام منصور واللواء عبدالله ناجي دارس.. حيث قدم اللواء حسين محمد المسوري ورقة بعنوان (من ذكريات حصار السبعين) أشار فيها إلى أن الهجمة الأمامية قد بدأت على العاصمة باحتلال بعض المواقع المحيطة بالعاصمة وقطع طريق تعز الحديدة وقال أن قادة القوات المسلحة والأمن قد اعدوا خطة دفاعية شارك فيها قادة الأسلحة والوحدات وألوية التي واجهت الموقف بكل شجاعة وثبات.
واستعرض المسوري الخطة التي نفذها سلاح المشاة الذي كان قائداً له أبان الحصار مذكراً أن جميع الأسلحة قد أدت واجبها بكل شجاعة وتضحية وبسالة وبإمكانيات متواضعة لكنهم كانوا يملكون الأيمان والعزيمة التي لا تلين.
ثم قدم الأخ محمد عبد السلام منصور ورقة بعنوان (الخلفية الاجتماعية والسياسية التي أفضت إليها الأحداث المتسارعة منذ قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م.. والتي صارت تشكل واقعاً موضوعياً يؤثر تأثيراً بالغاً في مسار الصراع العسكري المرير الذي بلغ احتدامه الغاية القصوى أثناء حصار القوى الأمامية لصنعاء حصاراً عسكرياً تواصل لمدة اثنين وسبعين يوماً حشدت خلاله كامل قوتها وقاتلت مستميتة في سبيل إسقاط العاصمة للإطاحة بالنظام الجمهوري وإعادة الأمام إلى العرس فيما احتشدت في الجانب المقابل كامل القوى الجمهورية عدداً وعدة داخل العاصمة صنعاء وخارجها تقاتل مستمية في سبيل فك الحصار وإلحاق الهزيمة بالقوى الأمامية من اجل تثبيت النظام الجمهوري، فكتب النصر للقوى الجمهورية مقابل هزيمة الأمامية التي طوت آخر صفحات التاريخ الملكي في اليمن.