رئيس الجمهورية.. الفرقة والعصبية تدفع ثمنها الشعوب، والحوار متواصل مع الولايات المتحدة لتسليم 106 يمنيين متحفظ عليهم في غوانتانامو
أقام فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية أمس، مأدبة افطار كبرى بقاعة الـ 14 من اكتوبر بالقصر الجمهوري بصنعاء، بمناسبة شهر رمضان المبارك، حضرها الإخوة عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية وعبدالقادر باجمال رئيس مجلس الوزراء، وعبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى، والقاضي محمد اسماعيل الحجي نائب رئيس مجلس القضاء الاعلى رئيس جمعية علماء اليمن، وأصحاب الفضيلة العلماء ومستشاري رئيس الجمهورية، وأعضاء مجالس الوزراء والنواب والشورى، ومناضلي الثورة اليمنية، وقيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية والقيادات العسكرية والامنية ورؤساء الوسائل الاعلامية.
وقد رحب الأخ الرئيس بالأخوة الحضور، وقال “إن ما نشاهده في هذه القاعة هو لوحة وطنية جميلة تضم مختلف القوى السياسية وشرائح المجتمع، حيث نتبادل التهاني بشهر رمضان لمبارك…اننا في كل عام نجتمع في هذه القاعة وبعض القاعات في المحافظات الأخرى لتبادل التهاني ووجهات النظر وايصال الرسائل التي ينبغي ان تصل الى رجال السياسة والثقافة والرأي ورسالتنا اليوم هي الحث على تعميق الوحدة الوطنية.. فما أجمل ما نراه مجسداً اليوم في هذه القاعة من وحدة وطنية، فليس بيننا من يدعو الى فرقة فالفرقة والعصبية والمناطقية تدفع الشعوب ثمنها وشاهد الحال ما نراه اليوم في العراق الشقيق وبعض الأقطار الأخرى.
ومضى فخامة رئيس الجمهورية قائلا “وطننا اليوم متعافي بفضل القوى الخيرة، ودائماً ندعو له بالعافية وبالأمن والاستقرار، كما ندعو كل من في نفوسهم شيئا أن يشفهم الله في عقولهم وأجسادهم”.
واضاف”لقد تحاورنا كثيراً مع تلك العناصر التي غرر بها وكان الحوار مفيداً من خلال تكليف عدد من العلماء الأفاضل والسياسيين، وتم إجراء الحوار مع العناصر التي غرر بها، ولم نخسر شيئاً من وراء ذلك الحوار حيث عاد الكثير من الشباب المغرر بهم إلى جادة الصواب والإقلاع عن تلك الأعمال التي كانوا ينوون القيام بها، وعاد هؤلاء الشباب إلى المجتمع مواطنين صالحين، فالحوار الفكري والرأي والرأي الآخر كان هو الأساس في إقناع هؤلاء، وكانت نتائجه إيجابية.. وقد كان لدينا عدد من العناصر التي كانت رهن التحفظ وعددهم حوالى /264/ شخصاً تم الافراج عن عدد منهم ومارسوا حياتهم كمواطنين صالحين ولم يحدث منهم شيئاً منذ الإفراج عنهم، وسوف يتم الإفراج عن عدد آخر من هؤلاء الشباب بمناسبة شهر رمضان المبارك.
وتابع فخامته” كما يجري الحوار والتواصل مع الولايات المتحدة الامريكية حول تسليم عدد106 أشخاص يمنيين متحفظ عليهم في قاعدة غوانتانامو.. كماتم محاكمة15 شخصا وصدرت بحقهم أحكام من المتهمين في حادث الإعتداء على السفينة الأمريكية كول والسفينة الفرنسية ليمبورغ، وهناك شخص واحد لازال فاراً من وجه العدالة ولا زالت أجهزة العدالة تتعقبه.
كما سيتم الافراج عن عدد /1758/ شخصاً ممن صدرت بحقهم أحكام في قضايا جنائية أو الحق العام أو الخاص.. وقد قامت الدولة بدفع مبالغ كبيرة عن المحكومين الذين عجزوا عن سداد ما عليهم، ونحن لا نريد أن نرى سجيناً واحداً يقبع في السجن كما نحمد الله أنه لا يوجد سجين رأي سياسي واحد.
وتطرق الأخ الرئيس الى مجموعة من الذين كانوا مشاركين في فتنة مران مديرية حيدان.. موضحا أنه يجري حوار مع هذه المجاميع لإقناعهم بالعودة إلى جادة الصواب، كما تم مع أولئك الشباب العائدين من افغانستان.
وكما تعلمون أنه عندما تم تفجير أحداث مران كلفت عدد من العلماء للحوار مع هؤلاء الشباب، ولكنهم للأسف لم يقتنعوا وثبتت لديهم قناعات خاطئة وقالوا للعلماء إتوا لنا فتوى من سيدي حسين الحوثي.. وهكذا بعد 42عاماً من التعليم يقولون نريد فتوى من سيدي حسين.. وبعد تلك الجماجم والدماء التي سالت يريدون فتوى من سيدهم حسين، هل رأيتم ضلالة كتلك.
وأضاف ” نحن لدينا ملف سوف يتم توزيعه ونشره وإحالته للعدالة حول كل المتورطين في أحداث مران، سواء من لقوا جزاءهم أو من هم موجودين في السجن ولم يعودوا إلى جادة الصواب أو من هم متورطين ومحرضين سوف يتم إحالة الملف إلى النيابة فملف الحوثي بدأ في 22 / 8 / 1994م أي بعد أسابيع من إخماد نار الفتنة وحرب الانفصال، وكان الحوثي على صلة بحرب الانفصال ومنسقاً عند ما كان عضواً في مجلس النواب في انتخابات 1993م ومتورط في أحداث الانفصال.. ونحن قد أغلقنا ملف العناصر الانفصالية، ولكن نقول هذه كأحداث وللتذكير.. وكنت أتمنى أن هؤلاء الشباب المتحفظ عليهم أن يستجيبوا لنداء العقل وقبل أن تشتعل نار الفتنة في مران مديرية حيدان لكنهم أبوا ورفضوا وقالوا لا يمكن أن نخرج من السجن إلا بفتوى من سيدي حسين وهذه هي الضلالة والجهل.
وشدد فخامة رئيس الجمهورية على دور العلماء والمرشدين المعتدلين والصادقين لتوعية هؤلاء الشباب في إطار فكر معتدل لا ينحرف باتجاه أقصى اليمين أو اليسار فنحن في اليمن ليس لدينا مشكلة.. وقال”لدينا مذهبان الشافعية والزيدية، وهناك من يقول بأن هناك تحريض ضد الزيدية هذا غير وارد، وليس هناك خلاف.. الخلاف على السلطة ونحن نقول السلطة هي ملك الشعب وتم تداولها سلمياً، تفضل في إطار برامجك الانتخابية نافس، ولدينا تعددية حزبية وسياسية ومن يريد يتفضل يقدم نفسه وينال ثقة الشعب على أساس وطني وليس على أساس مذهبي أو طائفي أو مناطقي فهذا أمر مرفوض ونحن شعب واحد”.
وأضاف “لقد أنجز مجلس الشعب التاسيسي قانون تقنين حكام الشريعة الاسلامية، والذي أسهم فيه علماء من الزيدية والشافعية والحنفية وأخذ من كل المذاهب والأرحج منها دون تعصب وأصبح انجازاً يمنياً عربياً اسلاميا، وكثير من الدول العربية والاسلامية تأخذ من هذا القانون وهو مفخرة لكل اليمنيين.
واعتبر فخامته “ان الثورة اليمنية لم تقم ضد حكم الأئمة ولكن ضد الاستبداد والجهل والتخلف والتعصب القروي والمناطقي والمذهبي”.. داعيا كل المثقفين والعلماء والسياسيين والشخصيات الاجتماعية إلى الارتقاء الوطن الذي ارتقى نحو العليا في الـ 22 مايو 1990م، عندما ارتفع علم الجمهورية اليمنية بالقصر الجمهوري بالتواهي، وأصبح وطننا اليمني موحداً إنساناً وأرضاً في ظل النظام الجمهوري وأهداف الثورة اليمنية.
ولفت الأخ الرئيس، الى ان مشكلة عالمنا الاسلامي اليوم هي الخلافات المذهبية، نتيجة المخابرات الأجنبية التي تخترق صفوف الأمة الاسلامية من حيث لا نعلم ولا يأتي المرء إلا من مأمنه.. فلس هناك من قطر اسلامي بمأمن من تلك الاختراقات، وأنا أشك في بعض العمليات التي تجري في العراق بأن للصهيونية فيها يد ومتورطة فيها وبنجاح في شمال العراق.
وأضاف “ان الاختراق موجود حتى على مستوى الشخصيات.. فالشفافية المطلقة صحيح فيها إيجابيات ولكن فيها أيضاً سلبيات، وسياسة الباب المخلوع دون ضوابط تؤدي إلى الخلل والديمقراطية ينبغي أن يكون لها ضوابط وأخلاق وقيم، وهناك 22 مليون في اليمن يريدون الامن والاستقرار وهم معتزون بوطنهم، واذا وجد بعض الاشخاص الذين يقبضون من هنا او هناك فهم قلة ولكن 22 مليون يمني هم وطنيون ويحافظون على وطنهم ويصونون مصالحه.
وحث على المزيد من التلاحم والإخاء والحفاظ على الوحدة الوطنية وتعميقها، ونبذ الكراهية وتعميق المودة والمحبة داخل المجتمع، والعمل من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار وبناء جيل محصن وقوي.
وقال الأخ الرئيس: إننا نرى في هذه الامة مجموعة من كبار السن والشباب وصغار السن، وبعد 40 عاما من الآن فان الشريحتين الأولى والثانية ستكون غير موجودة تقريبا وستلاقي ربها، فبماذا سيلاقي المرء من هؤلاء ربه؟ هل بالمزرعة والبيت الضخم والذهب والمال؟ أم بعمله الصالح، وكيف تعامل مع وطنه وأسرته والناس. إن المرء من هؤلاء سيلاقي ربه وحيدا وسيسأل عما قدم لآخرته، ولهذا فإن على المؤمن أن يعمل لآخرته كما يعمل لدنياه بأعمال البر والخير ليواجه بها ربه يوم يلقاه.
وأنا ادعو الميسورين وفاعلي الخير أن يقدموا لآخرتهم عملا صالحا، وهناك ظاهرة سلبية أن الميسورين اليوم ينظرون للدنيا ولا ينظرون للآخرة، وهؤلاء لا يدرون عندما يموتون أين سيدفنون في حدة أم في خزيمة أم في أماكن أخرى، لماذا لا يوقف هؤلاء الميسورين كل منهم من أملاكه من 20 الى 30 لبنة، ألم يفكر أي من هؤلاء في وقف جزء من أراضيه وممتلكاته لإنشاء مقابر فيها أو إعمار مساجد.
لقد كان في الماضي يوقف الناس الكثير من أراضيهم لصالح أعمال الخير وكانت هناك أراضي وقف في إب وصعدة وصنعاء وحضرموت وغيرها من المحافظات، وهؤلاء كانوا يوقفون من أجل آخرتهم.
كما دعا الأخ الرئيس رجال الأعمال اليمنيين الى الاستثمار داخل وطنهم بدلا من ترحيل أموالهم للخارج.. وقال”كيف ندعوا المستثمرين من الاشقاء والاصدقاء للاستثمار في اليمن، سواء في مجال الصناعة أو السياحة أو الزراعة أو الصحة والأسماك وفي مختلف الاتجاهات، في الوقت الذي فيه الاستثمار الوطني يتجه نحو الخارج وفي أكثر من مكان.
نحن ندعوا المستثمرين الوطنيين الى الاستثمار داخل وطنهم حتى يقتدي بهم الآخرون، لقد كان هناك المبرر لديهم أيام التشطير وعدم الاستقرار، لكن في ظل ما هو موجود اليوم من أمن واستقرار فلا مبرر لهم، وينبغي ان يستثمروا داخل وطنهم، فهذا واجب وطني وأخلاقي، وهناك فرص كثيرة متاحه لدينا للاستثمار.
فلقد تم التوقيع قبل عدة أيام على اتفاقيات لإنشاء مصنع إسمنت في حضرموت بطاقة مليون طن، وفي باتيس بأبين بطاقة مليون طن، وتوسيع مصنع إسمنت باجل وعمران وإنشاء مصنع إسمنت الجوف وغيرها من الاستثمارات والفرص المتاحة أمام المستثمرين.
أنا أحث المستثمرين ومن لديهم أموال ان يستثمروا في المجال الصناعي من اجل استيعاب أكبر عدد ممكن من الإيدي العاملة، وإنشاء المستشفيات التخصصية، خاصة واننا ندفع سنويا مئات الملايين من الدولارات من اجل العلاج في الخارج، وكان أحرى ان يستفاد من تلك المبالغ في الداخل، فالاستثمار في المجال الصحي مفيد ومن سينفق مثلاً مبلغ مائة مليون دولار فإنه سوف يستعيدها بسهولة، فبدلاً من الذهاب للعلاج في الخارج سيتم في تلك المستشفيات، وهذا سيوفر الكثير على المرضى وسيوفر لهم العلاج بتكلفة اقل.
كما أدعو إلى إنشاء التجمعات الاقتصادية.. فمثلاً من لديه خمسمائة ألف دولار أو من لديه ألف دولار بالإمكان تجميعها مع بعض لتشكل رقماً وبحيث يتم بها تنفيذ مشاريع استثمارية صغيرة تستوعب عماله وتحد من البطالة، وبهذا يمكننا أن نحل مشكلة الفقر والبطالة.
وأضاف الاخ الرئيس إن على الإخوة العلماء والتربويين والمسئولين في وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والجامعات والكليات تربية الجيل الجديد بثقافة وطنية، بعيدة عن الغلو والتطرف، فاذا صلح هؤلاء صلحت الأمة.. وخواتم مباركة وكل عام وانتم بخير.