رئيس الجهورية في حوار مع صحيفة السياسة الكويتية
“السياسة”: ما هو السر الذي جعلك تحكم اليمن طوال هذه الفترة وقد شبه الحكم في اليمن كمن يركب الليث بينما أسلافك لم يحكموا مثل هذه الفترة وبمثل هذا التناغم العجيب مع الشعب؟
الرئيس: هذا قدر..وقدر الإنسان أن يتحمل هذه المسؤولية الطويلة، وهو قدر من الله سبحانه وتعالى.. فلقد شاء الله أن أكون في هذا المنصب طوال هذه الفترة أما أولئك الذين كانوا من قبلي سواء من بيت حميد الدين أو الرؤساء السابقين فإن قدرهم كان هو الذي حصل لهم.. ولا أحد يستطيع أن يتدخل فيما يقدره الخالق عز وجل.
“السياسة”: كثير من الذين كانوا يتابعون سياسة اليمن ومن يقود اليمن لم يكونوا يتوقعون أن تستمروا في الحكم هذه الفترة (27 عاما)؟!
الرئيس: لعلك تذكر كيف تنبأت صحيفة (الواشنطن بوست) الأميركية أول ما توليت مسؤولية الرئاسة في شمال الوطن وقالت حينها بأن: (فترة رئاسة صالح لن تطول أكثر من 6 أشهر)؛ مبررة ذلك بأنه لانعدام خبرته، وصغر سنه وأنه شخص مغمور وليس من الشخصيات السياسية البارزة على الساحة اليمنية وكان هذا هو (التنبؤ) مِنْ قِبَلِها، ولكن الذي حصل هو العكس وأعتقد أنها إرادة سماوية أن يواصل الإنسان المشوار من عام 78 إلى اليوم هذه إرادة إلهية قبل أي شيء آخر.
“السياسة”: ما خاصية المنصب وكيف أقدمت عليه وأنت كنت يومها صغير السن ومن دون خبرة كافية وليس كما أنت عليه الآن؟
الرئيس: هذا صحيح في ذلك الوقت ولكن كانت البلاد معرضة لوضع سيئ وخطير خاصة بعد مقتل الحمدي ومقتل الغشمي ومقتل سالم ربيع علي في عدن وأحداث متتالية كثيرة جعلت اليمن في وضع غليان كالبركان فأخذت هذا القرار بأن أتحمل هذه المسؤولية الكبيرة لكي أبذل جهداً لمواجهة تطورات وحوادث خطيرة كانت ستحصل للبلد ومنع حدوث شيء أكبر مما كان موجوداً وأخذت هذا القرار بمسؤولية وطنية وترشحت لمنصب الرئاسة من قبل مجلس الشعب التأسيسي في شمال الوطن حينها وجاء التصويت جيداً ونلت ثقة الناخبين وواصلت المشوار إلى الآن.
“السياسة”: قبل أن تعلن عن إيجابياتك هل ممكن أن تعلن عن سلبياتك خلال السنين التي مضت؟
الرئيس: ليس هناك إنسان محصن أو معصوم من الخطأ، فالإنسان يخطئ حتى على مستوى عائلته، وللإنسان أخطاؤه لكن الخطأ يأتي من خلال توجه الإنسان نحو الصواب فتأتي الأخطاء غير متعمدة فالإنسان وهو يسعى نحو الصواب يخطئ لكن لا أحد يعرف أخطاء نفسه بل يعرفها الآخرون وهم الذين يقيمونها.
فالإنسان يعتقد أنه كامل في كل ما يتخذه من قرارات ولكن البعض من الناس يعتبرونها أخطاء وجزء من الناس يُخطِّئون الإنسان من أجل المماحكات ومن أجل أن يقال: بأن هناك أخطاء للرئيس. وجزء آخر يقول القرار كان صائباً وجيداً وهذا لمن يريد الخير وربما تكون هناك أخطاء بالفعل تحدث لأنه لا أحد ينزه نفسه عن الخطأ أو الوقوع فيه في أي لحظة في حياته.
“السياسة”: المنطقة العربية ومنها اليمن شهدت انقلابات هل تؤكد لي بأن الثورات كانت مفيدة للعالم العربي أم انتابتها أخطاء أثرت على مستوى التنمية؟
الرئيس: دعني أحدثك عن اليمن، والثورة بالنسبة لنا في اليمن كانت ضرورة ملحة نظراً لما كان يعانيه الوطن من تخلف واضطهاد واستبداد وحرمان…أيضا النضال من أجل الاستقلال كان ضرورة؛ لأن الشعب اليمني كان مُشطَّراً بفعل الحكم الإمامي الظلامي في الشمال والتواجد الاستعماري في الجنوب فكان الشعب متخلفاُ ولم تكن في اليمن أية حركة تنموية أو ثقافية أو تعليمية، بل كان هناك جمود شامل في طول البلد وعرضه، فكانت الثورة ضرورة ملحة لتغيير الواقع اليمني المتخلف وبالفعل غيرت الثورة من حياة الناس ومستواهم وثقافتهم. الآن هناك عشرات الجامعات والمعاهد وكان عندنا بعض كتاتيب في عهد الأئمة وحتى في عهد الاستعمار في عدن كانت هناك مدارس محدودة ومعهد واحد، لا ثقافة ولا تنمية لهذا كانت الثورة بالنسبة لنا في اليمن وكما قلت ضرورية ..
أنا لا أتحدث عن الآخرين لأن لكل قطر خصوصياته لكن بالنسبة لليمن وكما قلت كانت الثورة ضرورة وحتمية للتغيير وجاء التغيير صحيحاً نحو بناء وطن مستقل وجديد وديمقراطي فكان هذا استحقاقاً وحقاً لكل اليمنيين، لا شك أن الثورة رافقتها بعض الأخطاء سواء في الشمال أو الجنوب أخطاء وسلبيات متعددة كان بالإمكان أن تكون تلك الأخطاء أقل لو سارعنا بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية بعد انسحاب الاستعمار واستقلال الجنوب في الثلاثين من نوفمبر 67 م لو توحد اليمن حينئذٍ لكانت ربما الأخطاء أقل بكثير ومنها الصراعات بين الشطرين والصراع في داخل كل شطر ..
خذ مثلاً في الجنوب حصلت صراعات كثيرة داخلية ومجازر وصراعات دموية وقتل الآلاف ورحل الكثير من أبناء الجنوب إلى الشمال وإلى دول الخليج ولو تحققت الوحدة حينها لما حدثت تلك الأخطاء التي حدثت.
هذه من السلبيات.. أيضا في الشمال حصلت أخطاء فبقايا العناصر الإمامية ومن ساندها حاربت الثورة وأخَّرت تقدم ما كان يسمى بالشطر الشمالي في تحقيق أهداف الثورة من تنمية وبناء مؤسسات وغيرها فالضخ العدائي ضد الثورة أخر الكثير مما كان ينبغي أن يتحقق من أهدافها وكذلك ما حصل من أعمال قتل وتصفيات لمشايخ وعلماء وشخصيات اجتماعية فيما كان يعرف بالمناطق الوسطى في الشمال من قبل العناصر التي كان يدعمها الحزب الاشتراكي حينذاك وهذه من الأخطاء التي رافقت مسيرة الثورة.. كان بالإمكان تجنب مثل تلك الأخطاء في الشمال والجنوب قبل الوحدة بمعالجات حكيمة للقضايا ولكن للأسف هذا لم يحدث.
“السياسة”: كيف حافظتم على الوحدة رغم كل المخاطر التي أحاطت بها.. وهل كنتم مطمئنون لانتصارها؟
الرئيس: نعم كنا مطمئنين بانتصار الوحدة؛ لأننا رفعنا شعار “الوحدة أو الموت”وهذا شعار واضح التف حوله كل اليمنيين عدا زمرة بسيطة من الانفصاليين الذين استلموا ثمن تآمرهم وخيانتهم للقضية اليمنية وهم مجموعة محدودة ولكننا واثقين من سلامة النهج الذي انتهجناه ومن تحقيق النصر.. وأتذكر جيداً ما قلته حينها: بأن الحفاظ على الوحدة اليمنية يستحق تقديم مليون شهيد ومع هذا كانت خسائرنا أقل من ذلك بكثير وانتهت مؤامرة الانفصال؛ لأن الشعب اليمني دافع عن وحدته وهو مُوحدُّ أصلاً .
ولسنا شعبين فنحن أسرة واحدة وليس هناك تباين ثقافي أو اجتماعي بل نحن أسرة واحدة وثقافتنا واحدة حتى تخلفنا ورقينا واحد؛ فإذا سمعت أصواتاً نشازاً هنا أو هناك فهي لعناصر فقدت الجاه والمنصب وتريد بهذا الصوت الذي ترفعه بما تسميه تصحيح مسار الوحدة أو المواطنة المتساوية وغيرها من الشعارات أن تغطي على تاريخها.
وهذه العناصر ملفاتها غير سوية وأفعالها خطيرة وتاريخها غيرنظيف، فلقد سحلت القيادات السياسية والاجتماعية والعلماء والمثقفين والمعارضين..
فإذا سمعت اليوم أصواتاً نشازاً من أمثال هذه العناصر فإنها تريد بذلك التغطية على ماضيها السيئ وهذه الأصوات التي تسمع من وقت لآخر تعتقد بأنها ممثلة للجنوب وهذا غير صحيح.. الجنوب الآن ممثل في البرلمان وممثل في السلطة المحلية وممثل في الحكومة وكل مؤسسات الدولة وممثل في منظمات المجتمع المدني وهناك اليوم جيل جديد يمثل أكثر من 45 بالمئة من نسبة السكان لا يعرف إلا الوحدة.. فالوحدة تحققت في عام 1990 م فاذا كان عمر الطفل حينها 7 سنوات فإن عمره اليوم أصبح 23 عاماً وهذا جيل شاب وحدوي نظيف وطاهر وخال من أي عقد لا يعرف غير الوحدة.
واذا رأيت الشباب الذين عاشوا إرهاصات الوحدة وكانت أعمارهم حينها من 4 أو 5 أعوام فإنهم لا يعرفون إلا الوحدة ومثل تلك الأصوات النشاز عفى عليها الزمن؛ لأن هؤلاء فقدوا مصالح غير مشروعة كانت تتم على حساب دماء ومصالح الشعب وإمكاناته وحيث كانوا يضطهدون الشعب الذي يريدون اليوم التكلم باسمه ومن العجيب أن بعض هؤلاء يقول بأن جمهورية اليمن الديمقراطية كانت آمنة ولا يوجد فيها سلاح في أيدي المواطنين وهو أول من يعلم بأنه لم يوجد فيها سلاح بأيدي الناس بالظاهر لأن السلاح كان مكدساً في البيوت بالخفاء وأثبتت ذلك الأحداث المأساوية والمؤسفة التي جرت في 13 يناير عام 1986 م لأن كل الذين كانوا يرفعون أصواتهم تم قمعهم وهرب الكثيرون منهم إلى الشمال أو إلى دول الخليج، وما تبقى من هؤلاء استولى عليهم الرعب. وبالتالي فإن الرعب في مفهوم البعض هو الأمن لكن الشعب اليمني اليوم وعلى الرغم من وجود السلاح إلا أنه يوجد الأمن والأمان وقانون ونظام ..وقد تحصل بعض حالات عنف نادرة وهي حوادث جنائية نادرة لا حكم لها..
وهذا موجود في كل البلدان وكما نشاهد فإن العنف والجريمة والثأر موجودة في الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية والأجنبية ومن دون وجود السلاح في أيدي المواطنين.
“السياسة”: إذاً سلاح الشعب هو الأمن؟
الرئيس: نعم الأمن والأمان، الناس اليوم تواقون إلى البناء والتنمية وإنجاز المشاريع سواء كانت مياه أو صحة أو تعليم أو طرقات أو كهرباء ..لم يعودوا ينظرون إلى الماضي (كيف كنا أيام الاستعمار وكيف كنا أيام الإمامة وكيف كنا أيام الحزب الاشتراكي؟!).. وقد ناضل شعبنا وقدم شهداء وتضحيات غالية من أجل نيل الحرية والاستقلال.
“السياسة”: سيادة الرئيس تكلمت عن نيتك عدم ترشيح نفسك للرئاسة فهل كان هذا مجرد لقياس شعبيتك لدى الرأي العام أم أنك فعلاً أُرهقت وأردت الابتعاد عن هذا المنصب؟
الرئيس: طبعاً هناك سياسيون يقولون: إن الرئيس طرح هذا الموضوع لقياس الرأي العام وهل لا زال الناس يريدون قيادته وهل لازالت له شعبية أم لا؟.. أود أن أؤكد أولاً هذا الكلام ليس مطروحاً على هذا النحو أو للتعجيز.. فالشعب اليمني غني بمثقفيه ورجاله السياسيين العباقرة الذين لهم تاريخ وباع طويل في الحركة الوطنية والثورة والجمهورية، وهناك من يفسر قراري على أني أريد أن أقول: (أنا الوحيد الذي أستطيع أن أكون رئيساً ولو كان هناك غيري لأعطيته الحكم) لا..الشعب اليمني غني برجاله أنا أولاً أحكم منذ 27 عاماً وقد طرحت (قراري بعدم ترشيحي للرئاسة) من باب تشجيع الشعب اليمني ليهيئ قيادات لخلافة علي عبدالله صالح كرئيس لماذا؟ أنا أريد أن أرى التداول السلمي للسلطة وأرعى هذه التجربة (تجربة التداول السلمي للسلطة) أنا لست عجوزاً ولست غير قادر على مواصلة الحكم، ولكن أريد أن أرى الناس يتبادلون السلطة وأن يحكم الشعب ديمقراطياً.
“السياسة”: كأنك تريد أن ترتب البيت اليمني من الداخل؟
الرئيس: نعم أريد أن أرتب البيت اليمني (وقراري) ليس عجزاً ولا قياساً للشعبية ولكني أريد أن يتداول الناس السلطة بطريقة ديمقراطية حضارية بالإضافة إلى أنه من تجربتي في الحكم 27 عاماً هناك هموم كبيرة خصوصاً في الجوانب الاقتصادية، هناك هموم للشعب اليمني الذي يبلغ تعداده أكثر من 21 مليونا ونصف مليون نسمة والموارد بسيطة وثروتنا بسيطة نحن ننتج كمية قليلة من النفط لا تزيد عن 380 ألف برميل من النفط يومياً بالشراكة مع الشركات الاستثمارية، أيضاً الزراعة لدينا شحيحة نظراً لشحة هطول الأمطار، ولهذا فإننا نظل نحض على المزيد من الاستكشافات النفطية والغازية والمزيد من الاستكشافات المعدنية ومزيد من تشجيع الناس على الاستثمار في مجال الثروة السمكية وهي ثروة مهمة جداً وكذلك في مجال السياحة وفي المجال الصحي نحن نحض المستثمرين على الاستثمارات في جميع المجالات من أجل خلق فرص عمل للعاطلين وهذه من الهموم التي نواجهها على الدوام، والناس الذين خارج السلطة يقولون: السلطة لابد أن تعمل كذا وكذا ولمثل هؤلاء نقول: تعال أمسك السلطة وأرنا ماذا ستفعل.. المتفرج غير العامل في الميدان والسلطة ليست حكراً ولا وراثة، نظامنا ليس وراثياً بل عندنا نظام ديمقراطي ودستور يحدد كيفية تداول السلطة وهذا الذي دفعني لأن أقول بأن منصب الرئاسة مطروح لمن يريد أن يترشح للرئاسة من الشخصيات الوطنية المشهود لها بالنزاهة والكفاءة والولاء للوطن والانتماء الصادق إليه، وليس ممن تمد أيديها للخارج وعلى استعداد أن تبيع الوطن بأي ثمن وهذا ليس لمجرد الاستهلاك الإعلامي أو الكلام غير المسؤول… بل يجب أن نهيئ القيادات، ومنها المؤتمر الشعبي العام وهو أكبر الأحزاب والحزب الرئيسي في البلاد أن يهيئ نفسه وأن يستبدل الرئيس برئيس من المؤتمر بالإضافة إلى أحزاب المعارضة عليها أن تهيئ لها هي الأخرى قيادات.
ليس الغرض أن نقول بأننا موجودون وكم سنحصل على أصوات، ولكن المسألة جديةعليهم بأن يأتوا بشخص ينال ثقة الشعب عبر صناديق الاقتراع ويتم تداول السلطة سلمياً.
السياسة”: هل تشعر بالأمان في هذا المنصب؟
الرئيس: بالفعل أنا أشعر بالأمان.. وأمان الحاكم هو في العدالة، عدالة قراراته، عدالة ما يقوم به؛ فإذا حكمت وعدلت أمنت.. لكن إذا لم تعدل تظل تخاف وأنا ليس لدي أي خوف ..ليس لدي ثأر مع أحد.. إن أي شخص من حقه أن يعارض والذي يريد أن يعارض فليأت إلى الداخل ويؤطر نفسه بإطار حزبي والصحافة لدينا حرة ما شاء الله عندنا اليوم أكثر من( 150 مطبوعة) وكل واحد يعبر عن رأيه ويقول الذي يريد بكل حرية ودون قيود، وأنا أُوجه الصحافة أن تختار الكلمات المسؤولة والنقد البناء والمنطقي وليس مجرد (فرقعات) تضر أكثر مما تنفع.
“السياسة”: ما الذي تنتقد به الشعب اليمني؟
الرئيس: كيف أنتقد شعباً منحني ثقته واختارني رئيساً.
“السياسة”: ربما أحيانا توجه توجيهاً ويمشي توجه آخر في الواقع؟
الرئيس: لا.. هذا إن حدث فهو خلاف مؤسسي وخلاف أجهزة تنفيذية، هذا يخص أفراداً ولا يخص الشعب اليمني، الشعب اليمني عظيم ومناضل ووفي وواعٍ ويدرك أين تكمن مصلحته ويميز بين الغث والسمين ويعرف الصحيح من غيره.
“السياسة”: متى تعيد لعدن مجدها الذي كان في يوم من الأيام؟
الرئيس: أنا آسف أن يقال بأن على عدن أن تعيد مجدها..عدن الآن في قمة مجدها وازدهارها تجاريا وثقافياً واقتصادياً وهي تعيش مجدها الحقيقي.
“السياسة”: أقصد مثلما كانت أيام الإنكليز؟
الرئيس: عندما يتحدثون عن مجد عدن كانوا يقصدون عندما كانت عدن ثالث ميناء في العالم (كميناء) لكن كثقافة وكسياسة وكاقتصاد وكتنمية وحرية وديمقراطية لم تكن عدن كذلك (كما هي عليه اليوم) من الأمن والأمان والتطور والنهضة سواء في مجال التنمية أو المجال العمراني أو الخدمات أو البنية التحتية والثقافية..ومستقبل عدن سيكون أكثر ازدهارا إن شاء الله.
“السياسة”: وماذا عن إعادتها كميناء مهم؟
الرئيس: الآن بدأنا المرحلة الأولى من ميناء الحاويات وخصصنا منطقة صناعية كبيرة جداً في المنطقة الحرة بعدن وهناك الآن إقبال يتزايد يوماً بعد يوم من قبل المستثمرين سواء من اليابان أو كوريا الجنوبية أو الولايات المتحدة الأميركية أو الصين أو بعض الدول الأوروبية خاصة التي كانت في إطار ما يسمى بمنظومة وارسو .
فالإقبال كبير ومتزايد على مناطق صناعية؛ لإقامة صناعات مختلفة وأتوقع أنه في عامي 2007 و2008 تكون قد بدأت في المنطقة الصناعية مشاريع صناعية وبنسبة من 30 بالمئة إلى 40 بالمئة من قوام المنطقة الصناعية لأنني أرى الصينيين متحمسين كذلك الكوريين واليابانيين والأميركيين وبعض الدول الأوروبية.. ولدينا طلبات لإقامة مناطق صناعية إلى جوار ميناء الحاويات.
“السياسة”: ألا تعتقد وأنت تطرح الأفكار الاقتصادية أن قوانينكم الاقتصادية تحتاج إلى تطوير؟
الرئيس: نحن نطور بصفة مستمرة قوانيننا وبما يواكب كل التطورات الاقتصادية والآن عندنا تعديلات على مشروع قانون الاستثمار الذي أنجزناه في الماضي وكان متقدماً في ذلك الوقت ولكن نظراً للظروف السياسية ومشكلات الحرب ومشكلات محاولة الانفصال حالت دون أن يبرز هذا إلى الوجود رغم أنه كانت توجد فيه تسهيلات وضمانات جيدة للمستثمرين ومع ذلك نقول: بأن (القانون) لم يعد يواكب ما نريده وعملنا عليه تعديلات جديدة وهو الآن يُنظر أمام مجلس النواب من أجل إنجازه وبما يستوعب كل المتغيرات ولجذب المستثمرين وعلى وجه الخصوص من أشقائنا في دول الخليج ولكي يتناغم هذا القانون مع قوانينهم وبحيث يوجد تكامل بيننا وبين دول الجوار.
“السياسة”: الوضع الطائفي في اليمن هل هو إلى حد ما.. مربك أو غير طبيعي؟
الرئيس: أولا ليس هناك أي طائفية في اليمن ولكن إذا وجدت من يردد كلمة مثل المناطقية فلن تجدها إلا على ألسنة من هم من مخلفات الإنكليز أو مخلفات النظام لشمولي في الجنوب أو مخلفات الإمامة في الشمال أو مخلفات الأنظمة القيادية التي فقدت مصالحها وكانت تعتقد أنها مسيطرة ولا تجد مثل هذه النغمات الغريبة على شعبنا إلا عند هؤلاء لكن عامة الشعب لا تجد عندهم مثل هذه الأطروحات التي دفنها شعبنا اليمني بثورته ووحدته.
ومن وقت لآخر تحصل إفرازات لعناصر متضررة لكن كقضية (لا) فاليمنيون كلهم يرفضون الطائفية والمناطقية والعنصرية والسلالية وغيرها وبكل أشكالها وصورها خطابنا السياسي واضح وكذلك خطاب جميع المتعلمين وكل شرائح المجتمع وجامعيينا نحن جميعاً متربين في ظل الثورة والجمهورية تربية وطنية ترفض كل أشكال الطائفية المناطقية والسلالية والعنصرية وتربية أجيالنا تتم على هذا الأساس الوطني السليم الذي يقوم على الوحدة الوطنية المتينة والراسخة.
“السياسة”: فخامة الرئيس هل استطعتم وخلال الـ 27 سنة من تسلمك السلطة تغيير البيئة الاجتماعية في اليمن لكي تكون ملائمة للبنية الاجتماعية المجاورة؟
الرئيس: من أي ناحية؟
” السياسة”: من ناحية تطويرها وتطوير الناس؟
الرئيس: نعم نعم الآن لو تلاحظ هناك فرق شاسع وتطورات هائلة حدثت منذ 43 سنة إلى اليوم وفرق شاسع من 94 إلى اليوم.. وكلها محطات المحطة الأولى كانت قبل قيام الثورة وكانت مرحلة صعبة مناطقية قبلية وكانت سياسية النظام الإمامي تقوم على التمييز وسياسة فرق تسد والاستعمار في الجنوب كان أكثر ترويجاً للمناطقية ووصل الأمر حتى إلى مستوى الأسرة والقرية وهذه سياسة استعمارية معروفة ولكن بعد الثورة نمى الحس الوطني لمواجهة هذا الإرث المتخلف للعهد الإمامي والاستعماري وبدأت مدرسة الوحدة الوطنية تطرح نفسها حتى أيام الحزب الاشتراكي.
كان الحزب يطرح الوحدة الوطنية ولكن بشكل (أممي) ومع ذلك كانت مفيدة في بعض الأوقات على أساس أنهم لا ينادون بالعشائرية والقبلية والمناطقية وكانت المحطة الأخرى في الشمال نفس القصة ونفس هذا الموضوع بدأ هذا الإرث يتلاشى شيئاً فشيئاً منذ 26 سبتمبر 1962 إلى 2005 .
وفي إمكانك أن تعمل استطلاعاً عاماً ليس مع موتور فاقد لمصلحة ولكن في أوساط المجتمع الثقافي والسياسي والاقتصادي كيف تغيرت البنية الاجتماعية والثقافية وتطورت بنسبة هائلة منذ 43 سنة إلى اليوم وحدث تغيير في الاتجاه الإيجابي بنسبة قد تصل إلى 80 بالمئة مما كانت عليه في الماضي.
“السياسة”: هل تفكر في تغيير الأنظمة والقوانين الاقتصادية لتتلاءم بمثيلاتها في دول الجوار ..ألا تعتقد سيدي الرئيس أن هناك تقصيراً لتسويق اليمن وإقناع الناس بالاستثمار فيه؟
الرئيس: ربما يكون هذا صحيحاً.. وهذا جانب سلبي ونحن نعترف بأن الترويج للاستثمار ضعيف لدينا خصوصاً وأن ذلك يحتاج إلى الإعلام والجانب الإعلامي يحتاج إلى إنفاق أموال كثيرة نحن في هذا المجال أقل دولة لديها إمكانات لتصرف على الإعلام وهذا ربما جانب سلبي لأن هناك كثيراً من الأنظمة تهتم بالإنفاق على الإعلام حتى في اليمن تحديداً أيام النظام الشطري كان يتم الإنفاق على الإعلام أكثر مما يتم الاهتمام بالتنمية والإنفاق عليها حتى بعض الذين فروا أو الموجودين الآن خارج البلاد يهتمون بالإعلام كثيراً وينفقون عليه وكل منهم يبحث عن أي صحيفة تجري معه مقابلة من أجل أن يقول: (أنا موجود) والترويج للاستثمار والترويج السياحي له محطات عدة ممكن يقوم بها الإعلام ولدينا الكثير مما يمكن أن نقوله للآخرين وجذبهم لكن مشكلتنا هي المال والضخ المالي .
وتبرز أمامنا أولويات ونقول هل نصرف على الصحيفة أم نبني مركزاً صحياً أو نبني مدرسة تلم الشباب من الشوارع أم نصرف على مجال الإعلام. عندما تجد نفسك بين خيار أن تعالج مريضاً أو تنفق على صحيفة تكون الأولوية للمريض والمستشفى نحن إمكاناتنا متواضعة ومع ذلك نعطي للإعلام الاهتمام بالقدر الذي في حدود إمكاناتنا المتاحة لأن الإعلام مهم في عالم اليوم خصوصاً في ظل النهج الديمقراطي التعددي وهو نافذتنا على الخارج وجسر التواصل مع الآخرين.
“السياسة”: الأمر قد لا يكون قضية إمكانات فقط بل يمكن تشكيل فرق من الاختصاصيين عندهم القدرة على تسويق اليمن؟
الرئيس: أنت على حق لابد من اختيار الشخصيات المتخصصة والمقبولة للإقناع والجذب السياحي والجذب الاستثماري وهذا لابد أن نقوم به في اليمن وأنا دائماً أدعو كل المستثمرين للمجيء لليمن وخصوصاًَ بعد أحداث 11 سبتمبر أنا دعوت كل أشقائنا في المنطقة للاستثمار في بلدنا.. واليمن تقدم كل التسهيلات والضمانات والتشجيع لهم وقد أصدرنا توجيهات بأن تمنح الأرض مجاناً لأي مشروع استثماري تزيد قيمته عن عشرة ملايين دولار وبالفعل استفاد الكثير من المستثمرين من هذا القرار ومنهم مستثمرون خليجيون جاؤوا إلى اليمن واستثمروا ونجحوا في استثماراتهم سواء من السعودية أو الأمارات أو الكويت وهذا في إطار التشجيع لهم على الاستثمار واليمن لم تشبع بعد بالبنية التحتية والبنية الاقتصادية وما زال بحاجة لمثل هذه الاستثمارات ويستطيع أن يستوعب كل الاستثمارات وهي سوق كبيرة من حيث عدد سكانه ومن حيث موقعه الجغرافي ويرتبط به أسواق أخرى مثل منطقة القرن الإفريقي وغيرها من المناطق المجاورة.
“السياسة”: وأنت تفتح السجل الاقتصادي لليمن هل تعتقد فعلاً أنه هناك فرصاً اقتصادية مهمة وتدعو المستثمرين للاستفادة منها؟
الرئيس: نعم.. نعم.. وأنا أدعو المستثمرين لذلك وسيحصلون على كل الدعم والرعاية والتشجيع والضمانات ..والمجالات والفرص كثيرة هناك مثلاً في المجال النفطي والمعدني اليمن مازال كنزاً ومخزوناً لم يكتشف بعد والاستثمارات في مجال المعادن التي لم تستثمر استثماراً جيداً واليمن غني بالمعادن فهناك الزنك والنحاس والذهب والبلاتين والصخور والرخام والجرانيت والفضة، وممكن أن نعطي المستثمرين مشاريع يتم الاستثمار فيها في هذه المجالات، كذلك الاستثمار في المجال السمكي، ونحن نعتبر أنفسنا دولة سمكية رقم واحد لماذا؟ لأنه لدينا بحر طويل وغني، وشاطئ يبلغ طوله أكثر من 2200 كم وبدأنا نصدر كمية من الأسماك إلى أوروبا بشكل جيد وإلى دول الخليج والأردن ومصر وإلى أكثر من دولة في آسيا وحيث تغطي الأسماك اليمنية أسواق تلك الدول لكننا لم نصل بعد إلى ما نطمح إليه في هذا المجال.
أيضاً هناك الاستثمار في المجال الصحي وبناء المستشفيات التخصصية ونحن نصرف مبالغ هائلة على العلاج في الخارج ويمكن أن يكون هناك استثمار في مجال الصحة وإيجاد المستشفيات التخصصية داخل اليمن.
كذلك في المجال السياحي، واليمن بلد سياحي من الطراز الأول سواء بحضارته وتاريخه وآثاره ومعماره القديم والفريد أو بطبيعته الجميلة وتنوع مناخه ومناطقه بين السهل والجبل والساحل والصحراء.
ولدينا السياحة البحرية وسياحة الشواطئ والخلجان وسياحة الصحراء وهذه مجالات نرحب بالاستثمارات فيها.. هذا هو الترويج السياحي الذي نسعى للعمل فيه بكل ما نستطيع ونحن نرحب بأي مستثمر للاستثمار في هذه المجالات.
“السياسة”: هل تعد المستثمر القادم إلى اليمن أنك على وجه السرعة ستعطيه قانوناً ملائماً؟
الرئيس: سيجد أولاً كل المناخات المشجعة له على الاستثمار والقانون الحالي يشجعه على الاستثمار وتعديلاته الجديدة أمام مجلس النواب ستقدم المزيد من التسهيلات للمستثمرين من الأشقاء والأصدقاء للاستثمار في بلادنا.
الشيء الثاني أنا شخصيا أُولي الاستثمار أهمية شخصية وأرعى كثيراً من المستثمرين وأستقبلهم شخصياً وأرعاهم وأشجعهم.. وهناك أمر مهم أيضاً نحن الآن في إطار توحيد عدد من المؤسسات المعنية بالاستثمار في إطار جهة واحدة سواء مصلحة (أراضي وعقارات الدولة) أو السجل العقاري والتخطيط الحضري والمناطق الحرة وهيئة الاستثمار في هيئة واحدة بحيث لا يتشعب الموضوع أمام المستثمر وتكون هناك مؤسسة واحدة وشباك واحد يتعامل معه المستثمر دون أي تعقيدات روتينية.
“السياسة”: سيادة الرئيس ألا تعتقدون أنه من الصواب وأنتم تعدون هذا المشروع الذي توعدون به أن تستشيروا بعض المستثمرين من الخارج خصوصاً من دول مجلس التعاون المجاورة لكم؟
الرئيس: نعم لقد اطلعت على نتائج لقاء قمة دول مجلس التعاون الخليجي المنعقدة في (أبوظبي) ونرحب بما جاء في البيان الختامي حول موضوع اليمن وتعزيز التعاون معه وفي مقدمتها الجانب الاقتصادي ونحن مرتاحون لذلك ولما جاء في تصريحات الأخ عبدالرحمن العطية الأمين العام للمجلس حول أنه سيكون هناك اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون بحضور وزير خارجية اليمن في مقر الأمانة العامة وأيضاً حول عقد اجتماع لصناديق التنمية في دول المجلس لمعرفة متطلبات واحتياجات التنمية في اليمن والمشاريع التي يمكن تمويلها على مدى الـ10 السنوات المقبلة وحيث تحتاج اليمن إلى ما يزيد على 17 مليار دولار أميركي على مدى تلك السنوات من أجل تحقيق الاندماج الاقتصادي بين اليمن ودول المجلس والنهوض بالواقع الاقتصادي والتنموي والارتقاء بمستوى التنمية البشرية في اليمن ليتقارب مع مثيلاته في دول المجلس بالإضافة إلى عقد مؤتمر استثماري خليجي في اليمن لاستكشاف فرص الاستثمار في اليمن ونحن سنستلم أفكار إخواننا في الخليج كسياسيين واقتصاديين ومستثمرين ونرى ما عندهم من أشياء وممكن نعدل في قوانيننا وأنظمتنا على ضوء ذلك وستكون هذه الاجتماعات مهمة ومجدية جداً وسنستفيد من خبراتهم في هذا المجال.
“السياسة”: لماذا الرئيس اليمني لا يدعو إلى مؤتمر اقتصادي تكون بنيته مجاميع الناس الذين تحب أن تسمع منهم؟
الرئيس: لقد سبق عقد مؤتمر اقتصادي كبير في إطار الترويج الاستثماري وأدعو مجدداً الآن إلى عقد مؤتمر للمستثمرين من دول الخليج والجزيرة لبحث فرص الاستثمار في اليمن وسأكلف الحكومة للتحضير جيداً لهذا المؤتمر ونحن نرحب بأشقائنا في اليمن وسيجدون منا كل الترحيب والتسهيلات والرعاية ومن المهم أيضاً الاستمرار في تبادل زيارات المستثمرين أو رجال الأعمال والوفود التجارية بين دولنا في إطار السعي لتحقيق الشراكة التجارية والاقتصادية.
“السياسة”: فخامة الرئيس: دعوتم للانضمام لمجلس التعاون ماذا ستقدمون لهذا المجلس لكي يقبل انضمامكم اليه؟
الرئيس: نحن كان لدينا تحرك سياسي قبل انعقاد قمة (أبوظبي) الأخيرة حيث أوضحنا لأشقائنا قادة المجلس ما هي هموم اليمن التنموية وكيف يمكن أن يساعدنا أشقاؤنا في الخليج في هذا الجانب وما هو المطلوب منا حتى نكون عضواً وشريكاً فاعلاً في مجلس التعاون وطلبنا منهم أن يقولوا لنا ما هي متطلباتهم لكي نؤهل أنفسنا أو يؤهلونا هم إذا كنا غير قادرين على تأهيل أنفسنا؟
“السياسة”: مرت علاقتكم مع السعودية بأوضاع متوترة في السابق هل هذه العلاقات تعيش الآن أصعب أم أفضل حالاتها؟
الرئيس: قبل التوقيع على معاهدة جدة كانت العلاقات بين اليمن والمملكة بين مد وجزر بسبب مشكلة الحدود ولكن بعدما حلت هذه المشكلة بموجب معاهدة جدة أقول بأن العلاقات اليمنية السعودية تعيش الآن في أحلى وأجمل وأرقى وأفضل حالاتها ربما أفضل مما كانت عليه أيام المرحوم الملك عبدالعزيز رحمه الله وأيام الائمة أو أيام قادة الجمهورية في اليمن والفضل بعد الله سبحانه وتعالى هو لتفهم الأشقاء في المملكة وفي مقدمتهم أخي العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان شجاعاً وحكيماً وصاحب قرار اتخذناه معا بحل هذه المشكلة التي طال أمدها والتي استمرت للمصادفة 66 عاماً و6 أشهر و6 أيام ولم تكن علاقات البلدين حينها كما ينبغي ولكن حسم هذا الأمر بالتوقيع على معاهدة جده بقيادة أخي الملك عبدالله وقيادة المغفور له بإذن الله أخي الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله فوصلنا إلى نتائج مرضية لليمن والمملكة ونحن من الجانبين راضون كل الرضى عمَّا جرى والعلاقات تعيش الآن أحسن أوقاتها وأفضل حالاتها ولما فيه خير ومصلحة الشعبين اليمني والسعودي وشعوب المنطقة.
“السياسة”: فخامة الرئيس كيف تقيمون الأوضاع في العالم العربي؟
الرئيس: الأوضاع في الوطن العربي من المؤسف القول بأنها صعبة ومحزنة وتمثل هماً كبيراً لكل من لديه غيرة على أمته.. هناك تصدع في الوضع العربي العام خصوصاً بعد احتلال العراق للكويت وكذا العلاقات بين الدول العربية والإسلامية خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر وتفشي ظاهرة الإرهاب في العالم وهذا أدى إلى ضعف الموقف العربي كله بالإضافة إلى الضخ الإعلامي الخارجي الذي يكيل التهم جُزافاً للعالم العربي والإسلامي وجعل العرب يضعون أيديهم على رؤوسهم من الخوف خصوصاً في ظل الإرهاب الإعلامي الموجود مما أدى إلى أن كل واحد يصدر بياناً يحاول أن يرضي به الأصدقاء ولم تعد هناك الحركة الاستقلالية؛ لأننا أصبحنا جميعا في قفص الاتهام بعد أن رمونا بتهمة الإرهاب.
وفعلاً هناك إرهابيون وهم قلة ولكنهم سببوا لنا مشكلات مع الدول الغربية والولايات المتحدة. كنا نسافر إلى أميركا وأوروبا آمنين مطمئنين.. إلا أن الطلاب العرب والمسلمون يتعرضون للتفتيش والمساءلة والمستثمرون العرب والمسلمون غير قادرين على سحب أموالهم من البنوك العالمية أو إعادتها لبلدانهم أو أي مناطق أخرى نتيجة للإرهاب.
وكانت قمة مكة الإسلامية واضحة في هذا الأمر وقد دعونا إلى اتحاد إسلامي خلال تلك القمة كما دعونا إلى اتحاد عربي في القمة العربية لكي تتمكن الأمة من مواجهة هذه الهجمة الشرسة عليها خاصة تلك الحملة الإعلامية التي تتهم العرب والمسلمين والإسلام بالإرهاب والدين الإسلامي بريء من ذلك ونحن أبرياء كأنظمة وكشعوب من هذه التهمة؛ فالإرهابيون أفراد والإسلام منهم براء؛ لأن الإسلام دين عدالة ومساواة، ودين سلام وحرية ورحمة وحق لكن هؤلاء شوهوا بأعمالهم المتطرفة ديننا الإسلامي وأضروا ببلداننا العربية والإسلامية وشوهوا بها.
لهذا فإن الوضع سيء وغير مطمئن والعالم الغربي يقول: أنتم احتضنتم الإرهابيين مع العلم أنه في الماضي كان للغرب وتحديداً (أميركا وأوروبا) دور كبير في دعم وتنمية هذه القوى المتطرفة قبل نهاية الحرب الباردة وتم دعم هذا التيار المتطرف لمواجهة المد الشيوعي في أفغانستان وغيرها من البلدان وأصبحنا اليوم جميعاً نجني ثمار ذلك الدعم هم ونحن وهذه هي المشكلة.
“السياسة”: كيف ترون العلاقات العربية والأميركية وكيف ينبغي أن تكون؟
الرئيس: أميركا دولة عظمى ولا أحد يستهين بها ولها وجود وحضور دولي وإقليمي كبير ولابد أن تكون علاقة العرب معها ممتازة كذلك مع الدول الإسلامية لكن المطلوب أن يكون صوتنا مرفوعاً أمام أميركا ومطالبتها بالعدالة.. عدالة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية خصوصاً ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني وهذا ما يزيد من احترام أميركا ويجعلها في نظرنا دولة عادلة وذلك عندما تمارس الضغط على إسرائيل لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم وإنهاء الجدار الإسرائيلي العازل وهذا سيجعل لأميركا هيبة ومكانة واحترام لدى كل العرب والمسلمين والعالم أجمع.. الشق الآخر هو أن تقوم أميركا بسحب قواتها من العراق وأن تترك للعراقيين حق تقرير مصيرهم بأنفسهم كبلد حر ديمقراطي وبحيث يتحاور العراقيون بمختلف أطيافهم مع بعضهم البعض للخروج بصيغة وفاقية وطنية تخدم وحدتهم الوطنية والتراب الوطني العراقي وتكفل بناء عراق ديمقراطي حر مستقل.
“السياسة”: بعض السياسيين لا يلومون أميركا في بعض الأحيان لمواقفها ولكن يلومون العرب لأن الاتصال الإسرائيلي بأميركا أكبر من الاتصال العربي أقصد على مستوى الشعوب.. الأمريكان لم يروا من العالم العربي إلا شعارات “تسقط أميركا” وحرق علمها خلال المظاهرات في بعض العواصم العربية؟
الرئيس: على كل حال هناك دول لها صوت مسموع لدى الولايات المتحدة الأميركية وهذه الدول يجب أ تتحرك نحو أميركا لكي تسمع صوت العرب وإقناعها بعدالة القضايا العربية وبالحق العربي وفي مقدمتها إيجاد الحل العادل للقضية الفلسطينية خصوصاً من قبل الدول التي لأميركا مصالح كبيرة لديها ومن المفروض أن هذا الصوت يرتفع أكثر لأن أميركا يهمها مصالحها أولاً قبل أي شيء آخر فمثلاً ما هي مصلحة أميركا في اليمن أو في جيبوتي أو السودان؟ لهذا يجب أن تتحرك الدول العربية التي لدى أميركا عندها مصالح كبيرة وواسعة والاستفادة من ذلك من أجل إيجاد دورأميركي عادل ومتوازن في حل القضايا العربية وتحقيق السلام العادل في المنطقة.
“السياسة”: فخامتكم كيف تنظرون أنتم للأمريكان؟
الرئيس: لقد أوضحت ذلك في إجابتي السابقة.
“السياسة”: ولكن اتهموك يوما أنك صديق لأميركا؟
الرئيس: بالفعل نحن أصدقاء للولايات المتحدة في إطار المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة والشراكة مع المجتمع الدولي في مجال مكافحة الإرهاب.. ولو كان عندي مصالح كبيرة مع أميركا لوظفتها في سبيل خدمة القضايا العربية والإسلامية وسأقول لهم أوقفوا الإسرائيليين من بناء الجدار العازل وعجلوا بخروجكم من العراق واضغطوا على إسرائيل من أجل القبول بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وستكسبون بذلك احترام وتقدير كل عربي ومسلم.
ومع ذلك نحن لا نتردد في أن نقول لهم ذلك بكل الصراحة والشفافية كلما سنحت لنا الفرصة بذلك.
“السياسة”: ألا تعتقد أن العالم العربي قبل أن يتكلم عن علاقاته مع الدول الكبرى يهتم بتنمية بلدانه وشعوبه باعتبار أن ذلك هو الأهم؟
الرئيس: بالطبع هذا أهم من (الهدرة) أي الكلام الكثير الذي لا ينفع أنا معك بأنه من المهم إعطاء الأولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن المهم أيضاً توظيف المصالح العربية للضغط على أميركا من خلال مصالحها معنا لتلبي مطالبنا العربية خصوصاً وهناك جماعات الضغط الصهيوني والتي تستغل المصالح ووجود الجالية اليهودية النشطة في أميركا لمصلحة إسرائيل.. لهذا وأميركا تعتبر إسرائيل هي الحليف القوي لها في المنطقة وتسمع جيداً لجماعات الضغط تلك ولا تسمع للجاليات العربية والإسلامية الموجودة لديها ولدولهم.
“السياسة”: ما الكلمة التي تقولها للعرب ولشعوب دول الخليج خاصة؟
الرئيس: على الشعوب العربية وفي الخليج على وجه خاص المزيد من التكاتف والتعاضد والوحدة ونبذ الخصومة والخلافات والتباينات وأن نعمل جميعاً من أجل توحيد صفوفنا وأن ننبذ الأحقاد والضغائن من قلوبنا وأن نكون خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فجميعنا في سفينة واحدة ومصيرنا واحد والإنسان قوي بأهله وقومه.