مؤتمر صحفي للأخ رئيس الجمهورية حضره رؤساء تحرير الصحف الرسمية والحزبية والأهلية ومندوبو الوكالات والصحف والقنوات الفضائية العربية والأجنبية
إن الديمقراطية خيار وطني ولا تراجع عنها أبداً ولن نكمم الأفواه أو نمنع الأقلام من أن تعبر عن رأيها بكل حرية، فالديمقراطية قد تكون سيئة لدى البعض ولكن الأسوأ منها هو عدم وجودها.. إن الديمقراطية أخلاق ونظام وسلوك مسؤول وينبغي أن لا يستغل البعض مناخات الديمقراطية للإساءة لعلاقة اليمن مع الآخرين.. فدستورنا لا يسمح لأحد أن يتطاول على الآخرين أو يسيء لعلاقة اليمن معهم.. وفي اطار الديمقراطية يمكن للجميع ممارسة النقد.. فالصحافة جزء من الإصلاح لكل المؤسسات لأنها تضع الأخطاء أمام مجهر النقد.. وهو دور لا يقل عن دور جهاز الرقابة والمحاسبة.. وإذا قامت الصحافة بنشر المعلومات الصحيحة فإنها تحظى باحترام وثقة كل المتابعين لها.. ومن المؤسف أن البعض يسعى من خلال إساءته للديمقراطية أن يدفعنا إلى التراجع عنها والعودة إلى النظام الشمولي وهذا لن يتحقق.
إن ما حدث من أعمال شغب وتخريب في أعقاب إعلان الإصلاحات السعرية لا تنسجم بأي حال من الأحوال مع التوجه الديمقراطي وما يكفله الدستور لكل مواطن من أن يعبر عن رأيه بطريقة سلمية.
ولكن من المؤسف أن بعض القوى السياسية دفعت ببعض المواطنين الأبرياء لارتكاب أعمال شغب وتخريب وأدارتها من الخلف، وبعد أن ارتكبوا تلك الأعمال تنصلوا من مسؤولياتهم عنها.. إن كافة الأثر المترتبة على تلك الأعمال قد تم حسمها، إن الإصلاحات لم تكن عملية مزاجية من قبل الحكومة وإلا كنا على استعداد للتراجع عنها ولكنها ضرورة وطنية وللمصلحة العامة ولو لم تتخذ تلك الإجراءات لوصل سعر الدولار إلى أكثر من 600ريال.
إن هذه الإصلاحات تأتى في إطار برنامج الإصلاح المالي والإداري وطبقاً للسياسات المتعاقبة للحكومة في الداخل سواءً حكومة الأخ عبد العزيز عبد الغني أو حكومة الأخ الدكتور فرج بن غانم أو حكومة الأخ الدكتور عبد الكريم الارياني ومنذ الحكومة الائتلافية السابقة التي كان يرأسها أيضاً حيدر العطاس الفار من وجه العدالة .
إن هناك الكثير من التراكمات سواءً نتيجة حرب الانفصال أو التآمر على الوحدة أو غيرها.. ولكننا نؤكد بأن الأمور مطمئنة والإصلاحات هي في مصلحة الوطن ولو لم تكن كذلك لما أقدمت عليها الحكومة.
على رجال الصحافة ومراسلي وكالات الأنباء والوسائل الإعلامية العربية والأجنبية توخي الدقة والمعلومات الصحيحة في نقل الأخبار حتى تكون هناك مصداقية.
إن الصحافة هي السلطة الرابعة وأن ما نعتز به هو أن الصحافة في بلادنا هي منبر هام في الحياة السياسية والحزبية وعليها توخي الدقة والمصداقية. فنحن مع الصحافة المسؤولة ونشجعها على ممارسة النقد البناء الذي يعالج الأخطاء في المؤسسات.. ولكن الشطط يكون مردوده سلبياً.
إن ما شهدته بعض مناطق الوطن من عمليات تخريب تمثلت في بعض التفجيرات الصوتية قد كشفت عن كثير من الأورام السرطانية الموجودة في جسم الوطن اليمني، ونحن لا نريد أن نحمل أنظمة أو دولاً مسؤولية تلك الأعمال التخريبية التي تستهدف إقلاق الآمن وإثارة المخاوف لدى المستثمرين.. ولكن نحمل أنفسنا نحن اليمنيين لأن المنفذين هم يمنيون ومن يستلمون الأموال لتنفيذ تلك الأعمال التخريبية هم يمنيون للأسف.
إن مثل تلك الأعمال لا تؤثر بأي حال في الواقع فلقد مر الوطن بأحداث جسيمة وخرج منها منتصراً ولم تؤثر في مسيرته من الانطلاق صوب ترجمة أهدافها.. إن من يقف وراء أعمال التفجيرات هم العناصر الانفصالية الذين لا يريدون أن تشهد بعض المناطق وبالذات عدن ازدهاراً لأن ذلك سيمثل بالنسبة لهم محاكمة وستظهر خيانتهم للوطن لأنهم على مدى 25 عاماً لم يحققوا أي شيء للوطن، حيث كمموا أفواه كل المعارضين لهم وشردوا أبناء الوطن في المحافظات الجنوبية والشرقية سواءً لدول الجزيرة والخليج أو لما كان يسمى بالشطر الشمالي وأي صوت يرتفع يتم قمعه بشدة.. وتلك الأعمال التخريبية يقومون بها لأنهم غير راضين لما أنجزناه في المنطقة الحرة بعدن.. فلقد تحقق في عدن من العمران والتطور ومشاريع الخدمات ما لم يتحقق لها منذ الاستقلال وأيام الحكم الشمولي.
إن مثل هذه الأعمال لا تزعجنا أبداً.. ونؤكد هذه الأمور محسومة وسنعالجها في إطار القانون، فقوة النظام لا تأتى من خلال البطش وزرع الخوف.
إن علاقتنا مع سلطنة عمان ممتازة وقد رسم البلدان الحدود بينهما وكانا نموذجاً ممتازاً لحل مشاكل الحدود بين الأشقاء. ولدينا الآن مشكلة في الحدود بيننا وبين الأشقاء في المملكة العربية السعودية ولدينا لجان مشكلة.. اللجنة العسكرية واللجنة الفنية واللجنة البحرية.. ولكن من المؤسف أن هذه اللجان لم تفلح أبداً ولم تحقق أي شيء يذكر عدا أننا رفعنا التمثيل إلى مستوى القيادتين السياسيتين وتبادل التصورات بين كبار المسؤولين في البلدين وتوصلنا إلى خط من المثلث الذي يبدأ من 533.19 وحتى النقطة 11 والتي تأتى بعد الشرورة والوديعة في اتجاه جبل الثأر والذي هو معلم من المعالم الرئيسية في معاهدة الطائف.. واتفقنا على ذلك سياسياً وليس في الإطار القانوني والتاريخي.. حيث تم الاتفاق على ذلك مع الأمير سلطان في “كومو” بإيطاليا وكان ذلك حصيلة قرار سياسي وليس نتيجة لأعمال اللجان.. وبقيت لدينا مشكلة جبل الثأر ورأس المعوج على البحر الأحمر.. حيث كان هناك خلال في وجهات النظر حيث أنهم يدعون بجبل آخر اسمه جبل حبش مع أن معالم جبل الثأر واضحة والفرق يصل إلى حوالي ستة كيلو ونصف وهذا له تأثير في بقية المعالم.. قد يقول قائل إن هذه المسافة بسيطة يمكن حلها في إطار الإخاء وحسن الجوار ولكن تغيير هذا المعلم سينعكس على حوالي 294 كيلو متراً.. ومازال البلدان في أخذ ورد.
وقد ذهب وفد عالي المستوى برئاسة رئيس مجلس النواب ووزراء الداخلية والعدل والشؤون القانونية وأمين عام الرئاسة وعدد من المسؤولين ولم يصلوا إلى نتيجة ووقعوا محضراً بأنهم ملتزمون بالاتفاقية.
ومن المؤسف أنه بعد عودة الوفد حصلت تداعيات ما كنا نريد لها أن تكون وآخرها ما حدث يوم أمس عندما قامت القوات السعودية محمولة على حوالي 9 قطع بحرية ومسنودة بالمدفعية الثقيلة بالاعتداء على جزيرة “الدويمة” اليمنية والتي لم يوجد بها إلا بعض الأفراد من حرس الحدود.. لأننا ملتزمون في إطار اتفاقية سحب القوات المسلحة إلى مسافة 25 كلم من كلا الجانبين في مناطق التماس.. وقد انسحبنا نحن أكثر من ذلك لأننا نريد إن نتجنب الاحتكاك ولكن حصل ذلك الاعتداء الذي أسفر عن استشهاد 3 وجرح 9 من أفراد حرس الحدود، واليوم هناك لجنة مجتمعة من الجانبين اليمني والسعودي في منطقة الملاحيظ لبحث هذا الأمر.. ونحن ما كنا نريد أن تقع مثل هذه الأعمال من الأشقاء لأنه بيننا اتفاقيات ونحن ملتزمون بكل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين على الرغم أن الأشقاء في المملكة رفضوا تسليم بعض العناصر الضالعة في أعمال التخريب الذين ذهبوا إلى هناك للعلاج بعد الأحداث التي جرت في مأرب والجوف على الرغم من وجود اتفاقية أمنية موقعة من قبل وزراء الداخلية والعدل العرب، والاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين والتي تنص على تبادل تسليم المجرمين ومن يقومون بأعمال إرهابية وتخريب.
ومع كل ذلك فاليمن سوف يتحمل وينبغي لنا عدم تصعيد الأمور ونأمل أن الإخوان يتفهمون ذلك لأن أي تصعيد لا يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة ولأن هناك قوى أجنبية تريد أن تثير مشكلة ولا نكاد في المنطقة نخرج من مشكلة إلا وندخل في مشكلة أخرى.
وهذه القوى تريد أن يظل الوضع في الدول المجلة على البحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقي مهلهلاً وغير مستقرٍ.. ونحن سنتحمل ولن يكون لدينا أي رد فعل.. فالأشقاء في المملكة العربية السعودية قدموا احتجاجات وأودعوها لدى الأمم المتحدة والجامعة العربية اعترضوا فيها على اتفاقية الحدود بين اليمن وعُمان والتي صار لها حوالي 6 سنوات.. وهو ما آثار الحيرة والتساؤل لماذا الاحتجاج ولماذا في هذا الوقت ومن هم المستشارون الذين أشاروا على الأشقاء في المملكة للقيام بذلك وما هي نتيجة دوافعه.
ونحن نؤكد بأننا في اليمن سنكون حريصين كل الحرص على عدم التصعيد.. صحيح إن إمكاناتنا متواضعة ولكن تفكيرنا ونظرتنا للأمور تتجاوز تلك الإمكانات.. فاليمن شب عن الطوق.. وكثير من القيادات السعودية تتفهم الأمور ولكن بعض العناصر في المملكة تسعى إلى صب الزيت على النار.. وكثير من المستشارين كانوا موجودين أيام الأزمة في صيف عام 1994م وكانوا يترددون على العواصم الأوروبية وأمريكا ليصطادوا بعض الانفصاليين أثناء زياراتهم الخارجية ويشجعونهم على الانفصال وأنه قادم لا محالة ويدفعون لهم الأموال حتى تورطت الكثير من القيادات في هذه العملية.
ولكنني هنا لا أنسي مكرمة من الملك فهد وأنا اعتبره من القيادات العربية النادرة في الشجاعة والحكمة وربنا يعطيه العافية.
وأتذكر في أوج الحرب التي استمرت 67 يوماً وعلى وجه الخصوص عندما أعلنا وقفاً لإطلاق النار عشية عيد الأضحى وبعدها أعلن الخائن علي سالم البيض الانفصال.. لا أنسى موقفاً إيجابياً للملك فهد عندما تحدثنا معاً على الهاتف قال لي هذه شؤونك الداخلية وعليك أن تحسم الأمر عسكرياً.. ولأول مرة أتحدث عن هذا الموقف الأخوي الشجاع.. وحتى عندما كان ولياً للعهد تبنى تمويل صفقة طائرات ودبابات لليمن لمواجهة عمليات التخريب في المناطق الوسطى.. وجاءت تلك الصفقة في ظرف حرج وصعب.. وقلت له حينها إن الشيوعية تدق أبواب صنعاء والرياض وقدم لليمن حوالي 300 مليون دولار. لقد كان قائداً شجاعاً نأمل من بقية الإخوان في المملكة أن يقتدوا به.
ولولا بعض التراكمات والمشاكل والصراعات والأزمات الداخلية التي عاشها اليمن بعد الوحدة لكانت قضية الحدود محسومة مع الملك فهد ولم تكن هناك مشكلة حتى الآن فتوجهاته طيبة، ونحن نأمل الآن أن تحل مشكلة الحدود بين البلدين وتبذل الدبلوماسية جهودها لحل هذا الخلاف، وقد تم التواصل في أعقاب الحادث المؤسف في جزيرة الدويمة بين الأخ نائب رئيس الجمهورية والأمير سلطان بن عبدالعزيز وتم إيقاف إطلاق النار.
وإن شاء الله تعالج هذه المشكلة من أجل الأمن والاستقرار.. واليمن لن تنجر إلى المواجهات فلقد عانينا كثيراً من الحروب والمشاكل ولن ننجر لأي حرب جديدة فيكفي ما قد مر على مدى الـ 35 عاماً الماضية.
* سيدي الرئيس هل ستلجئون إلى التحكيم الدولي إذا لم يتم التوصل لحل مشكلة الحدود؟
الرئيس: إن التحكيم هو أحد الخيارات النهائية وقد نصت عليه معاهدة الطائف ومذكرة التفاهم إذا لم نتوصل لحل مشكلة الحدود عبر التفاوض والتفاهم الأخوي ووصلنا إلى طريق مسدود فإنه في نهاية الأمر نحن مضطرون للذهاب للتحكيم ولكن الحوار ما يزال قائماً بين البلدين لحل مشكلة الحدود.. وسوف يتوجه الأخ عبد القادر باجمال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية إلى السعودية خلال اليومين القادمين في إطار التواصل بينه وبين الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي لبحث مثل هذه التداعيات.
وفي حال فشل الجهود السياسية وذهب البلدان إلى التحكيم فإنه سيكون من حق اليمن التمسك بحقوقها القانونية والتاريخية ..إن الأراضي التي رسمت بين اليمن وعُمان هي يمنية عُمانية وإن الاحتجاجات السعودية مرفوضة وتم الرد عليها .
* سيدي الرئيس: هل بالإمكان إعطاؤنا فكرة عن بعض الإختلالات الأمنية التي حدثت في الآونة الأخيرة ، وتأثيراتها على الأوضاع في اليمن؟
الرئيس: يجب أن يكون واضحاً أنه لأول مرة في تاريخ اليمن الموحد تبسط الدولة نفوذها على جميع أجزاء اليمن، صحيح قد يحصل بعض أعمال التخريب والعنف ولكن مثل هذا الأمر يحدث في العديد من البلدان حتى المتقدمة منها فما بالك ببلد نامٍ ومتخلف والأمن والاستقرار موجود وأي إختلالات تحدث يتم معالجتها وفقاً لما تحتاجه وليس بالبطش لأن البطش لا يوفر الاستقرار والأمن.
* هل كانت هناك نية لدى المملكة العربية السعودية للحصول على منفذ في البحر العربي؟
الرئيس: إن أرض العرب واحدة وأن اليمن أبدت استعدادها لبحث التعاون مع المملكة العربية السعودية وتقديم التسهيلات لها لتصدير نفطها عبر البحر العربي من خلال مد أنبوب نفطي كما هو الحال بين العراق والسعودية وبين العراق وسوريا أو تركيا ولكن قضية منفذ سيادي فهذا أمر غير وارد .
* هل توجد أزمة بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح بسبب تورط عناصر من الإصلاح في أعمال الشغب؟
الرئيس: لا توجد أي أزمة على الإطلاق بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح فالعلاقة بينهما استراتيجية وقد وقف التنظيمان في خندق واحد دفاعاً عن الوحدة وإذا وجد من بعض العناصر قد تورطت في أعمال الشغب والتخريب فإنها ربما فعلت ذلك من ذات نفسها وليس بقرار حزبي، ومهما حاولت بعض العناصر المتطرفة في المؤتمر أو الإصلاح الإساءة لتلك العلاقات فإنها لن تنجح، لأن العلاقة بين الإصلاح والمؤتمر علاقة تحالف استراتيجي فقد واجهاً مؤامرة الانفصال معاً .
إن عملية الانفصال لم يرتكبها الحزب الاشتراكي وحده بل هناك أحزاب وعناصر في المحافظات الشمالية كان لهم دور بارز في عملية الانفصال وجرجروا الحزب الاشتراكي إلى عملية الانفصال وكانوا يعتقدون أن ذلك سوف يحقق لهم أهدافهم في الوصول إلى السلطة .
* ماذا عن معاهدة الطائف وهل يتم التعامل معها الآن بانتقائية؟
الرئيس: كل البيانات والمحاضر تؤكد ضرورة الالتزام بها وهي منظومة متكاملة ولا يمكن التعامل معها بانتقائية، ولكن للأسف أن هناك في الوقت الحاضر انتقائية في التعامل معها من قبل الأشقاء في المملكة العربية السعودية، ونحن نصر أن تكون معاهدة الطائف منظومة متكاملة .
* فخامة الرئيس: هل فعلاً لدى اليمن استعداد للتنازل عن ثلث جزيرة حنيش لإرتيريا طبقاً لما نشرته بعض الصحف؟
الرئيس: ما روجت له بعض الصحف بهذا الشأن غير صحيح ولا أدري كيف تصور أن نتخلى عن جزء من الجزيرة.. نحن لدينا وثائقنا وأدلتنا التي تؤكد حقنا في الجزيرة ونحن نتطلع لصدور الحكم خلال شهر أو شهر ونصف.. وإن شاء الله تعود حنيش يمنية ونحن متفائلون من خلال المرافعات أن الحكم سيكون لصالح اليمن .
من حق القوى السياسية داخل الوطن أن تتباين فيما بينها ولكن هناك ثوابت وطنية ينبغي الالتزام بها وأن لا يؤثر ذلك التباين في مصالح الوطن.
* سيادة الرئيس: كيف تصفون العلاقات اليمنية العُمانية وهل الاحتجاجات السعودية تؤثر فيها؟
الرئيس: إن العلاقات اليمنية العُمانية ممتازة ومتطورة وهناك ترتيبات لإعلان منطقة المزيونة لتكون منطقة حرة بين البلدين.
* وماذا عن العلاقات اليمنية الكويتية؟
الرئيس: إن اليمن مهتم بعلاقته مع الكويت ولكننا قد أدينا الواجب والكرة الآن في مرمى الكويتيين.
* ماذا عن زيارتكم المقبلة لكندا؟
الرئيس: إن زيارتنا لكندا تأتى في إطار المصالح المتبادلة بين البلدين وهي بناء على دعوة رسمية موجهة من رئيس الوزراء.. وسأشارك على رأس وفد بلادنا في قمة مؤتمر دول عدم الانحياز .
* كيف ترون العلاقات اليمنية الأمريكية؟
الرئيس: لقد شهدت فتوراً منذ عام 1990م بسبب موقف اليمن من حرب الخليج حيث رفض اليمن التواجد الأجنبي ورفض قرار الحرب وطالب بإيجاد حل عربي وسلمي لمشكلة الغزو العراقي للكويت.. والعاقلات شهدت تطوراً متنامياً من خلال تبادل الزيارات بين المسئولين وتعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات.. وهناك زيارة يجري الترتيب لها للولايات المتحدة الأمريكية في منتصف العام القادم 1999م
* ماذا عن مطالبة اليمن بتسليم المطلوبين للعدالة الذين شملتهم قائمة الستة عشر؟
الرئيس: إن المطالبة بهؤلاء من الدول التي يقيمون فيها ستأتي بعد الانتهاء من الجانب القانوني حيث أن هناك فترة محددة للاستئناف، فإذا مضت هذه الفترة لم يستأنف أحد منهم فإن اليمن سيبدأ بإعداد مذكرات المطالبة لاسترداد هؤلاء وكثير من الدول الشقيقة والصديقة متعاونة معنا ورفضت أن يستثمر فيها هؤلاء أو أن يزوروها سواءً للاستجمام أو الفحوصات الطبية وليس أمام هؤلاء إلا العودة للوطن والامتثال للعدالة .
* إن الموقف العربي من رفع الحصار عن العراق؟ ولماذا لا يتماثل مع الموقف الإفريقي إزاء إنهاء الحظر الجوي على ليبيا؟
الرئيس: المفروض أن يكون هناك موقف لجامعة الدول العربية لفك الحصار عن العراق وليبيا وهذا الموقف القومي والعربي المطلوب ولكن للأسف فإن المخطط الأجنبي نجح في زرع الوهن والضعف في الصف العربي ولهذا نعجز نحن كعرب أن نجتمع على مستوى قمة عربية لاتخاذ موقف موحد تجاه التعنت الإسرائيلي في مسيرة السلام رغم أننا سلمنا بمبدأ الأرض مقابل السلام وهذا الوهن هو مخطط أجنبي رسم للأمة العربية ولم نستطع أن نرفع الحصار عن أشقائنا في ليبيا أو العراق أو نحل مشكلة المفاوضات ولكن للأسف أن هذا الوضع العربي كان موجوداً ولكن ازداد بعد العام 90م، ونحن في الجمهورية اليمنية مستعدون لبذل كل جهد مع أشقائنا في العراق لتخفيف المعاناة عنهم فاليمن بلد قومي وهو يعمل مع كل أشقائه ويناصر قضاياهم، وللأسف نقول أن هناك استعماراً جديداً في المنطقة من أجل حماية الأنظمة .
* نحن في الوطن العربي نتحدث دائماً عن التضامن العربي وتضميد الجراح والترفع فوق الصغائر ولكنا نبدو عاجزين عن عقد قمة عربية لإنقاذ الشعب الفلسطيني أو رفع الحصار عن أشقائنا في العراق وليبيا.. فالعراق التزم بكل القرارات الدولية لماذا لا يرفع الحصار عنه؟ الحقيقة أن الوطن العربي في وضع غير طبيعي وازداد هذا الوضع تعقيداً في عام 1990م وحتى الآن لم تعقد أي قمة عربية عادية وكل القمم استثنائية والكل هاربون من القمة الاعتيادية لأنها مفروض تناقش كل القضايا.
ماذا عن الأحداث المؤسفة التي حصلت في محافظتي مأرب والجوف؟
الرئيس: إن الأوضاع في المحافظتين هادئة وطبيعية وما من شك أن العناصر المخلة بالأمن والاستقرار سوف يتخم محاسبتها طبقاً للدستور والقانون.
* ماذا بشأن تأثير تدني أسعار النفط؟
الرئيس: إن تدني أسعار النفط قد أثرت في الجانب الاقتصادي خاصة وأن كثيراً من القضايا ومنها الموازنة كانت مبنية على سعر18 دولاراً للبرميل والآن تدني السعر وحتى وصل إلى 12دولاراً للبرميل وعائدات النفط تشكل 43% من نسبة ما هو مرصود في الموازنة ولاشك أن الموازنة قد تأثرت بذلك خاصة وأن نفطنا محدود وهو مقسم بين الدولة والشركات وليس هناك من بديل أمامنا سوى زيادة الصادرات والاهتمام بالزراعة والسياحة والأسماك والصناعة وتشجيع الاستثمارات، إن الهم اليومي الآن لبلادنا هو الجانب الاقتصادي والاستمرار في البناء المؤسسي للدولة وهذا ضمن المهام الرئيسية التي نوليها الاهتمام .
* سيدي الرئيس: لقد مضى عشرون عاماً منذ توليكم قيادة اليمن.. هل هناك أشياء أردتم تحقيقها ولم تتحقق؟
الرئيس:عندما توليت قيادة مسيرة الوطن رسمت خطوطاً عامة والحمد لله أن كل ما كنت اطمح إليه تحقق وهي منجزات لا أريد أن أتحدث عنها بل نترك ذلك للآخرين ليقيّموا واهم منجز اعتز به هو تحقيق الوحدة أما بقية ما تحقق فإنني لا أعتبره إلا من باب الواجب .
* فكيف تنظرون إلى بعض الخلافات الدينية التي تحدث بين القوى ومن ذلك ما يحصل في بعض المساجد؟
الرئيس: إنها ظاهرة سلبية وندينها.. بقوة فديننا الإسلامي هو دين التسامح والمودة والوحدة والتكافل، وأي عنف أو تصرف متطرف باسم الدين يجب على الأجهزة الأمنية أن تتخذ الإجراءات اللازمة للتصدي له سواءً من قبل شخص أو جماعة أو حزب فنحن ندين التطرف بكل أشكاله وصوره .
* ما رأيكم في ما يطرحه البعض في الإصلاح بأن علاقة الإصلاح هي مع الرئيس وليس مع المؤتمر الشعبي العام؟
الرئيس: إن الرئيس هو رئيس المؤتمر وهو رئيس لكل الأحزاب والتنظيمات ورئيس لكل أبناء الوطن بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الحزبية ولا ينبغي لأي مسئول أن يتعصب لحزبه مهما كان.. فالتنافس حزبياً للوصول إلى السلطة أمر مشروع ولكن التعامل في الوظيفة العامة على أساس حزبي يعكس نظرة ضيقة وهناك قانون الخدمة المدنية الذي يحدد بأن الوظيفة العامة مكفولة للجميع بموجب الدستور وفي إطار الكفاءة والاستحقاق القانوني .
* بعد تحقيق الوحدة اليمنية هل ترون أن اليمن مهددة بالصوملة أو الأفغنة؟
الرئيس: إن ذلك من المستحيل.. المستحيل، إن وحدة اليمن راسخة وستبقى موحدة وقد انتهى التشطير وإلى الأبد وأنه قد يختلف ويتباين أبناء اليمن فيما بينهم لكن تظل الوحدة ثابتاً وطنياً لا مساس به.. وما يتحقق الآن من مشاريع خدماتية وإنمائية في المحافظات الجنوبية والتي تعطى لها الأولوية سواءً في مجال الطرقات أو المياه أو الصحة والكهرباء وغيرها ضرورية لتعويض تلك المحافظات عما فاتها وحرمت منه في الماضي وتلك المشاريع لا تعتبر كماليات.
* سيدي الرئيس: ما موقف اليمن من الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان؟
الرئيس: اليمن مع استعادة الحقوق العربية المشروعة في فلسطين وجنوب لبنان وهضبة الجولان ومع إقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني وعاصماتها القدس الشريف وعلى أساس استعادة الأراضي العربية التي احتلت في عام 1967م .
* سيدي الرئيس: هل تعتقدون أن المشاكل القائمة مع المملكة العربية السعودية هي بسبب الديمقراطية وحرية الصحافة؟
الرئيس: إن الديمقراطية وحرية الصحافة شأن يخص اليمن وهي ليست قابلة للتصدير للآخرين.. والديمقراطية وحرية الصحافة والتعددية الحزبية السياسية هي مكاسب نعتز بها في اليمن ..ونحن نرى بأنه لا يجمع الله بين عسرين الفقر وتكميم الأفواه.. فالديمقراطية خيار وطني لبناء وطننا وينبغي الاستفادة منها وأن لا يستغلها البعض للإساءة للآخرين .
* سيادة الرئيس :كيف تصفون الظروف التي تسلمتم مسؤولية قيادة الوطن؟
الرئيس: لقد سبق وتحدثت مع بعض الإخوان بعد أن أقسمت اليمين يومها بأن الجلوس على كرسي السلطة هو كمن يفصل كفنه ويحفر قبره بيده.. فقد توليت المسؤولية بعد مقتل رئيسين وكانت المناطق الوسطى والغربية ملتهبة وفي المناطق الشمالية كانت الدولة في مثلث الحديدة وتعز وصنعاء في عهد الحمدي كانت أخر نقطة للدولة هي خشم البكرة والأزرقين .
والآن تفرض الدولة نفوذها على كل المناطق وهذا ما نعتز به ويعتز به الجميع.. لأن الوطن وطن للجميع.. ونحن موجودين الآن في الربع الخالي وفي الجزر اليمنية وفي كل مناطق اليمن وهذا مكسب لنا.. صحيح تحدث بعض الإختلالات الأمنية أو الفتن ولكن هذا طبيعي يحدث حتى في البلدان المتحضرة .