مقابلة فخامة رئيس الجمهورية مع صحيفة كريستيان سانيس مونيتور الامريكية
..الصحيفة: اليمن أخذ بالتجربة الديمقراطية وتعتبر التجربة اليمنية في مجال الديمقراطية تجربة فريدة في المنطقة. هل لكم سيدي الرئيس أن تخبرونا ما إذا كانت الديمقراطية في اليمن تشكل لكم صعوبة بسبب علاقتكم في المنطقة؟ وكيف تشعرون نحوها بالرضى؟ بفخر واعتزاز؟ هل يمكن أن تتحدثوا قليلاً عن التجربة اليمنية؟
الرئيس: الديمقراطية بالنسبة لليمن خيار سياسي لا بديل عنه انتهجته اليمن بعد إعادة وحدة الوطن في 22 مايو 1990م ولم تكن تلك هي قناعة الحاكم فحسب بل هي قناعة كل القوى السياسية بمختلف اتجاهاتها وأسمائها الحزبية. طبعاً الديمقراطية ربما تكون لدى البعض سيئة لأن فيها نقد ورأي ورأي آخر، ولكن الأسوأ من ذلك هو عدم وجودها. ولكن عندما يكون الإنسان عليه أن يختار بين خيارين إما ديمقراطية أو لا ديمقراطية أو ما هو الأسوأ وما هو الأحسن فإن الأسوأ هو عدم وجود الديمقراطية.
..الصحيفة: هل تعتقدون بأن الديمقراطية في اليمن منحت الفرصة للناس للتحدث وقول أشياء قد تكون ربما متطرفة وهذا لا يحدث في بلدان أخرى لأنهم يطمعون في مثل هذه الآراء لأن ليس هناك ديمقراطية؟
الرئيس: الديمقراطية مدرسة يتعلم منها كل يوم من يحب أن يتعلم ونحن تعلمنا من الديمقراطية الكثير، والديمقراطية عندنا ذات جذور تاريخية هي الشورى. ولكن في العصر الحديث أطلق عليها اسم الديمقراطية وخاصة من قبل الغرب لذلك نحن عدنا بذاكرتنا إلى الشورى وأخذنا بالديمقراطية الحديثة التي نمارسها اليوم ونحن نؤثر ونتأثر والديمقراطية هي تؤثر وتتأثر والبشرية تتأثر بكل شيء إيجابي وهذا ما نأخذ به نحن وأي شيء سلبي يكون بالطبع مرفوضاً.
..الصحيفة: السفير الأمريكي هنا في صنعاء قال لي بأن لكم أسلوباً فريداً في القيادة ويعتمد دائماً على جمع كل القوى السياسية بمختلف اتجاهاتها على رأي واحد والدليل على ذلك كما قال لي أن الجميع يوافقونكم على الجهود التي تقومون بها حالياً هل توافقون على هذا الأسلوب؟ أم أنكم تحاولون دائماً جمع الجميع في نفس القارب؟
الرئيس: لمصلحة البلاد تكون كل القوى السياسية مجمعة على قضايا معينة وتتباين في قضايا أخرى ولكنها تجمع في القضايا الأساسية، وشيء طيب أن يكون هناك اجماع للقوى السياسية على الأشياء الاستراتيجية وثوابت وطنية، مثلاً الولايات المتحدة الأمريكية أجمعت كلها بكل الاتجاهات السياسية والاجتماعية على محاربة الإرهاب وعلى انتشار قواتها في أفغانستان وهذه ظاهرة فريدة أن يكون هناك مثل هذا القدر من الإجماع الكبير في المجتمع الأمريكي. وفي اليمن هناك قضايا أساسية يجمع حولها ولكن هناك قضايا تتباين الآراء حولها ولكن هناك أغلبية والأقلية يجب أن تحترم رأي الأغلبية.
..الصحيفة: ولكن في الحرب أو الجهود التي تشن لمواجهة الإرهاب هل تشعرون بأن كل القوى السياسية والبرلمانيين ومختلف الأحزاب يقفون من ورائكم في هذه الجهود؟
الرئيس: أنا اعتقد أن الأغلبية تفعل ذلك ولكن هناك أقلية قد لا تتفق معنا في الرأي ولكن هذا لا يؤدي إلى سوء الفهم ونحن نتفهم رأي القوى المعارضة ولكن نحن نرى برؤية غير التي ترى بها المعارضة لأن المعارضة خارج السلطة والسلطة لها رؤيتها التي تستند على ملامستها للقضايا واحتكاكها بالسياسة الدولية وبالعلاقة الدولية وبقضايا المجتمع في الداخل لأنها سلطة حاكمة، أما المعارضة فهي ترى من وجهة نظرها الخاصة وفي بعض الأوقات تكون عندها القناعة بأشياء وتكون مقتنعة أن هذا هو الأسلوب الصحيح ولكنها من أجل أن تكون في المعارضة فهي ترى انها يجب أن تعارض.
..الصحيفة: في الحقيقة أنا لم اسمع انتقادات كثيرة حول ما تقومون به. الانتقاد الوحيد الذي سمعته بأن كل ما طلبت الولايات المتحدة يتم تنفيذه، الانتقادات كانت حول الأسلوب وليس حول الهدف؟
الرئيس: ما من شك بان كل أحد يرى من خلال نظارته أحدهم يرى بنظارة رمادية وآخر يرى بنظارة سوداء وآخر بنظارة بيضاء وهكذا ومن حق أي شخص أن يتكلم أو يعمل في إطار النظر والبصيرة التي يرى بها. ولولا أنها قناعة وطنية من جانبنا لما تحركنا، وليس صحيحاً بان كل ما تطلبه الولايات المتحدة نقول بأنه صائب فإذا كان طلبها صائباً وعادلاً نقول لها نعم وما كان غير صائب نقول لها لا.. ومع ذلك الولايات المتحدة الأمريكية تحترم ذلك وتحترم الرأي والرأي الآخر.
..الصحيفة: اليمن تاريخياً لم يكن على الإطلاق بلداً يأوي متطرفين وكان الدين هنا متسامحاً ولكن ما رأيناه في العشر أو العشرين السنة الماضية أنه تحول هذا البلد إلى ملاذ للمتطرفين كيف يمكن أن تشرحوا هذا التغير؟
الرئيس: أولاً اليمن بلد معتدل ومتسامح والعوامل التي أدت إلى وجود تطرف هو أنه أثناء وجود الشيوعية أيام الاتحاد السوفيتي ووجودها في أثيوبيا ووجودها إلى جوارنا أيضاً في جزء من الوطن قبل استعادة الوحدة نمت الحركات الإسلامية وليس كل الحركات الإسلامية متطرفة لكن هناك أفراداً أفرزوا من الحركات الإسلامية واتجهوا نحو التطرف ومعروف بأن التشجيع والدعم للإسلاميين كان موجوداً من قبل الولايات المتحدة لمحاربة المد الشيوعي وشجعت عناصر الحركات الإسلامية على القتال في أفغانستان ومع ذلك فليس كل الحركات الإسلامية متطرفة ولكن خرجت عناصر منها اتجهت نحو التطرف مثلما هو الحال مع بعض المتطرفين المسيحيين في أمريكا الذين يقومون بأعمال عنف سواء في المدارس في أمريكا أو كما حدث في حادث اوكلاهوما وكذلك ما يقوم به آرييل شارون من أعمال إرهاب وعنف ضد الشعب الفلسطيني وهذه كلها تصب في خانة التطرف، والتطرف ليس في الجانب الإسلامي والعربي فحسب ولكن التطرف أيضاً في الديانة اليهودية والديانة المسيحية أيضاً، ومع ذلك ينبغي علينا كحضارات وديانات ان نلتقي للحد من التطرف والإرهاب في أية ديانة كانت سواء إسلامية أو مسيحية أو يهودية.
..الصحيفة: هل تعتقدون أن هناك صعوبة فيما يتعلق بمنهج التعليم والمعاهد الدراسية والمناهج التعليمية؟ وهل صحيح أنه تم إلغاء المعاهد الدينية؟
الرئيس: هناك صعوبة ولكن نحن لم نلغ التعليم الديني، والتعليم الديني سوف يستمر ولكن في إطار الاعتدال وفي إطار ضوابط وفي إطار القانون ولن يكون هذا التعليم كما كان سائداً في الماضي بدون ضوابط أو بدون رقابة أو محاسبة، ونحن نشجع التعليم الديني في إطار ضوابط، وفي إطار رقابة من أجل عدم الوصول إلى التطرف ونتمنى أن يحدث ذلك في الديانات الأخرى، بمعنى أن تكون هناك ضوابط مثلما نحن عازمون على اتخاذه من ضوابط فهناك مثلاً بعض الكنائس تقوم بتعبئة متطرفة وخاطئة ضد الإسلام وضد العرب وفي اليهودية أو المسيحية الكثير من المتطرفين فبعض الكنائس مثلاً تدعم الآن الانفصاليين في جنوب السودان وهذا تطرف وتدخل في الشؤون الداخلية لبلد مستقل ونحن نرفض مثل هذا الأمر أيضاً هناك متطرفون يهود لايؤمنون بقيام الدولة الفلسطينية وهناك عناصر إسلامية لا تؤمن هي الأخرى بوجود الدولة اليهودية، ونحن هنا نقول من الممكن أن تكون هناك دولة يهودية ودولة فلسطينية تتعايشان فيما بينهما ويمكن أن تتعايش الديانات الإسلامية واليهودية والمسيحية على أرض واحدة وأمن إسرائيل سيكون موجوداً بقيام الدولة الفلسطينية وبدون قيام الدولة الفلسطينية لن يكون هناك أمن لإسرائيل ولهذا على الحكومة الإسرائيلية أن تقتنع بقيام الدولة الفلسطينية لأن ذلك هو الذي سيضمن لها أمنها، لكن بدون قيام الدولة الفلسطينية سيبقى العنف والعنف المضاد مستمرين في المنطقة.
..الصحيفة: فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وفيما يتعلق بجهودكم في مكافحة الإرهاب وجهودكم في التنمية والاقتصاد وخاصة في المناطق النائية البعيدة مثل مأرب كيف يمكن أن توائموا بين الخطين أو المسارين جهود مكافحة الإرهاب وأيضاً جهود تحقيق التنمية الاقتصادية؟
الرئيس: من وجهة نظرنا يمكن القضاء على الإرهاب عندما تتوفر التنمية الكاملة وإنهاء البطالة ومكافحة الفقر لأن الفقر يوفر التربة الخصبة لنمو التطرف وقد تم بحث هذا الموضوع مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الصديقة والشقيقة من أجل دعم اليمن في عملية التنمية ومن أجل إنهاء الفقر وإنهاء البطالة ومن هذا المنطلق يمكن السيطرة والحد من التطرف.
..الصحيفة: هل وعدوكم بتقديم المعونات المالية؟
الرئيس: نعم
..الصحيفة: ماذا عن دخولكم إلى مجلس التعاون الخليجي؟ هل سيؤثر إيجابياً على بلادكم ويمثل حلاً للمشكلة الاقتصادية؟
الرئيس: نحن نعتبر انضمام اليمن إلى بعض مؤسسات مجلس التعاون الخليجي خطوة جيدة في إطار التكامل في المنطقة ونحن كدول منطقة واحدة يجب أن لا نعتقد أن مثل تلك الخطوة تمثل حلاً لمشكلة اقتصادية ولكن ذلك يأتي ضمن التكامل الأمني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي بين بلداننا ولمصلحة شعوبنا، أما من الناحية الاقتصادية فنحن لا نعتقد أنه سيحل مشكلتنا الاقتصادية.
..الصحيفة: انتم قدتم هذا البلد منذ وقت طويل وحصلت تطورات وتغيرات كبيرة ومررتم بأوقات صعبة ومازالت مثل هذه الأوقات الصعبة تمرون بها هذه الأيام وذلك يؤثر على السياحة وعلى الوضع الاقتصادي وعلى الاستثمار.. كيف لكم الخروج من مثل هذه الصعوبات؟ وما هو الطريق الصحيح الذي ترونه مناسباً للخروج من هذه الظروف الصعبة؟
الرئيس: صحيح أن اليمن مرت بصعوبات جمة وصعوبات كثيرة جداً في الماضي ولكن لن يكون المستقبل أصعب من الماضي سيكون المستقبل بالتأكيد أفضل والوعي أكثر والتعليم والأوضاع أفضل وحيث سيتزايد إعداد الكوادر المتخصصة أكثر وفي شتى ميادين الحياة والوعي الذي كان سائداً في الماضي كان لا شك وعياً محدوداً والتشطير كان مؤثراً والآن الوضع يختلف تماماً فالمستقبل واعد بالخير مما كان عليه في الماضي، ومع ذلك فإن أكبرهم عندنا الآن هو الهم الاقتصادي والتنموي وخاصة أن هناك انفجاراً سكانياً كبيراً ونحن نبحث عن زيادة الموارد النفطية لسد احتياجات هذه الكثافة السكانية المتزايدة سواء من خلال التنقيب عن النفط والمعادن أو من خلال إيجاد الصناعات الثقيلة وتشجيع السياحة وحمايتها وبناء الحواجز والسدود لإيجاد تنمية زراعية أفضل وكذا تنمية الثروة السمكية وتشجيع الصادرات والتسريع بوتائر التنمية والبناء في كافة المجالات ونحن متفائلون بالمستقبل.