مقابلة فخامة رئيس الجمهورية مع صحيفة (الاستامبا الإيطالية)
الصحيفة: تمر المنطقة والعالم بأيام صعبة بسبب الصراع بين الفلسطينيين وشارون ومعروف بأن اليمن مشهور بأنه بلد معتدل بفضل جهود فخامتكم ومقترحات اليمن متوازنة وحكيمة.. ترى ما هو المقترح الذي يمكن أن تقدموه لأوروبا في الوقت الراهن..؟
الرئـيس: ليس هناك من مقترح جديد سوى أن يلتزم شارون بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وهذا هو الذي سيأتي بالسلام والأمن في المنطقة وسيكون لإسرائيل حدود آمنة مع العرب والفلسطينيين. وبدون تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطينية لن يكون لإسرائيل أي أمن.
الصحيفة: فخامتكم تعتبرون على علاقة وطيدة مع الرئيس عرفات ومحل ثقة لديه.. ما الذي تنصحون عرفات أن يقوم به في ظل وضعه الحالي في ظل العزلة أو الحصار..؟
الرئـيس: ليس بيد عرفات ما يقدمه الآن فهو رجل محاصر وحياته مهددة والقيادات الفلسطينية تُقتل وكوادر السلطة الفلسطينية تُعتقل وعرفات في وضع لا يحسد عليه.. هل رأيت المجازر التي أظهرتها شاشات التلفزيون وما جرى في جنين؟ أين حقوق الإنسان أين الإنسانية الأوروبية؟ وأين الإنسانية الأمريكية؟ إسرائيل تستخف بكل حقوق الإنسان وما يجري في فلسطين يظهر أن حقوق الإنسان ليست سوى شعارات مرفوعة ولا وجود لها على أرض الواقع أمام ما يعانيه الشعب الفلسطيني من ظلم وعدوان.
الصحيفة: هل تعتقدون أن جهود كولن باول ستنفع أو ستصل إلى أي نوع من الحل..؟
الرئـيس: لا أعتقد لأنه في ظل الانحياز الأمريكي لن تنجح جهود الوساطة لأنها وساطة منحازة ولو لم تكن منحازة أو لم تكن هناك علاقات التحالف الإستراتيجية بين أمريكا وإسرائيل فإنه كان يمكن أن يكتب لتلك الوساطة الأمريكية النجاح فالوسيط ينبغي أن يكون محايداً ونزيهاً وعادلاً.
الصحيفة: إذاً ربما أوروبا يكون لها دور في تحقيق السلام في المنطقة..
الرئـيس: أوروبا مهيأة لذلك ودورها إيجابي بالطبع ما عدا بريطانيا، وإسرائيل للأسف لا تقبل بالدور الأوروبي.
الصحيفة: حتى قداسة البابا يبدو غاضباً وموقفه مع السلام ومع العرب ولاحظت أنكم قابلتم البابا ما رأيكم في الدور الذي يمكن أن يلعبه البابا في الصراع العربي الإسرائيلي؟
الرئـيس: البابا له دور إيجابي في عملية السلام ولكنه للأسف غير مقبول من الحكومة الإسرائيلية وإسرائيل عموماً وكما قلت غير قابلة بدور البابا أو الدور الأوروبي على الإطلاق.
الصحيفة: لقد حضرتم قمة بيروت وفي الوقت الذي اعتبر معظم العرب قمة بيروت أنها ناجحة رآها الأوروبيون أنها فشلت وربما العرب رأوها ناجحة بسبب تواجد الكثير من القادة العرب والمصالحة التي تمت بين العراق والسعودية والكويت والتي كان لكم دور بارز فيها.
الرئـيس: أنا فهمت من بعض الأوروبيين أنه بحسب رأيهم أن عدم حضور الرئيس محمد حسني مبارك والملك عبدالله الثاني القمة يعني أنها غير ناجحة.. ونحن ننظر لها في العالم العربي بكل المقاييس بأنها كانت قمة ناجحة لأن هناك اتفاقاً على البيان الختامي وعلى إعلان بيروت وأيضاً المصالحة الإيجابية التي تمت بين العراق والسعودية والكويت وهذه من الأمور التي أزعجت الحكومة الإسرائيلية وربما الإدارة الأمريكية وهذا الذي يجعلنا نرى نحن العرب بأنها كانت قمة ناجحة ومن المؤسف أن أمريكا وبريطانيا تقدمان في الوقت الراهن على ضرب العراق لإلهاء الرأي العام عما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة وما يعانيه الشعب الفلسطيني نتيجة استمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية وجذب الأنظار إلى العراق. الأمريكيون يغضون الطرف عما يجري في الأراضي المحتلة من مجازر ضد الشعب الفلسطيني ومن مأساة.
الصحيفة: في شهر نوفمبر الماضي زرتم الولايات المتحدة الأمريكية وقابلتم الرئيس بوش وأعتبر اليمن صديقاً للولايات المتحدة وليس من الدول المستهدفة من الولايات المتحدة..ما هو حجم الاتفاق أو التعاون الحالي مع الولايات المتحدة..؟
الرئـيس: أولاً نحن أدنا هجمات الحادي عشر من سبتمبر ونعتبرها عملاً غير سليم ونحن متضامنون مع الضحايا الأبرياء لتلك الهجمات في الولايات المتحدة.. ولقد تم التفاهم مع الجانب الأمريكي على التعاون بين أجهزتنا الأمنية وأجهزة الأمن الأمريكية لمكافحة الإرهاب لأن الإرهاب يلحق ضرراً بالمصالح الأمريكية والأوروبية وبالمصالح العربية والإسلامية والأمن والاستقرار الدوليين وأية أعمال إرهابية نحن متفقون على مواجهتها وعلى التعاون لمكافحة الإرهاب.
الصحيفة: في الآونة الأخيرة أرسلت الولايات المتحدة مدربين هل يمكن أن تعطونا رقماً معيناً عن عدد المدربين وما هي مهامهم.
الرئـيس: عددهم لا يتجاوز الأربعين شخصاً وهم يقومون بتدريب الوحدات الأمنية الخاصة بمكافحة الإرهاب والمدة التي يقضونها في اليمن تبدأ من أسبوع إلى أسبوعين إلى شهر تقريباً ثم يغادرون وفي حالة الحاجة إلى استكمال برنامج تدريبي يعودون في هذا الإطار.
الصحيفة: خلايا تنظيم القاعدة يتم مطاردتها في الجزيرة العربية هل لديكم أي أدلة على وجود معسكرات للقاعدة في هذه المنطقة..؟
الرئـيس: لا توجد معسكرات ولكن توجد خلايا مختبئة هنا أو هناك وهذه الخلايا هي عبارة عن أفراد لا تجمعات وهناك متابعة أمنية لتحركاتهم.
الصحيفة: كيف تستطيعون خلق التوازن الموجود من قبلكم في العلاقات العربية والدولية من ناحية والانقسام الحاصل بين التيارات السياسية ومنها الإسلامية في الساحة اليمنية فالتوازن الذي حققتموه يثير الإعجاب..؟
الرئـيس: العلاقات الدولية هي انعكاس للعلاقات الداخلية والتفاهم الداخلي والتوازن مع كل القوى السياسية اليمنية يعكس نفسه على السياسة المتوازنة التي تنتهجها اليمن مع العالم الخارجي.
الصحيفة: أنتم صديق للرئيس صدام حسين. هل تعتقدون أن الولايات المتحدة ستهاجم العراق..؟
الرئـيس: أولاً أنا اعتز بصداقتي مع العراق قيادة وشعباً لأن الشعب العراقي شعب عربي وأمريكا للأسف أصبحت أشبه ما تكون في حالة ثأر مع الشعب العراقي وما يحدث حالياً ليس سببه عدم تنفيذ العراق لقرارات الشرعية الدولية ولكن ما يجري حالياً ضد العراق وبخاصة منطقتي الحظر الجوي خارج قرارات الشرعية وهو أمر غير مقبول.
الصحيفة: بالنظر إلى العلاقات الحيوية التي تربطكم بالصومال هل تعتقدون بأن الصومال ستتحول إلى أفغانستان أخرى..؟
الرئـيس: لا أعتقد ذلك.
الصحيفة: عمليات اختطاف الأجانب أثرت إلى حد كبير في تدفق السياح إلى اليمن ومن الملاحظ أن الحكومة اليمنية اتخذت مؤخراً إجراءات مشددة تجاه الخاطفين.. ما هي وجهة نظركم بأنه لابد أن يعود السياح لليمن والذي يوصف بأنه بلد ساحر.
الرئـيس: في استطاعة السياح أن يعودوا لليمن لأن العناصر التي كانت تقوم بعملية الاختطاف تم إلقاء القبض على الكثير والبقية منهم مطاردون والآن باستطاعة السياح أن يعودوا لليمن وسيكونون بأمان.
الصحيفة: أيضاً فيما يتعلق بحقوق الإنسان قطعتم شوطاً جيداً وأعلم أن هناك رضى من أوروبا بعد أن تم تشكيل لجان مهتمة بحقوق الإنسان وتم تعيين امرأة وزيرة ومسؤولة عن مجال حقوق الإنسان.
الرئـيس: هذا نهج سياسي نتخذه ولا يمكن التراجع عنه تحت أي ظرف فلا تراجع عن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في بلادنا. فذلك هو نهج سياسي دائم اتخذته الحكومة اليمنية وليس عملاً مؤقتاً أو موسمياً.
الصحيفة: ما هو دور القبائل في عملية التطور الاقتصادي والاجتماعي؟
الرئـيس: القبائل جزء لا يتجزأ من المجتمع وهي متعاونة مع الدولة والذين يقومون بأعمال غير سليمة هم قلة ومجموعة أفراد محدودين لكن عامة الشعب وبنسبة تصل إلى أكثر من 99% متعاونون مع الدولة.
الصحيفة: اليمن يعاني من نسبة نمو سكاني كبير تبلغ حوالي 3.7 وخلال السنة القادمة سوف تتضاعف هذه الزيادة؟
الرئـيس: نحن بصدد البحث والتعاون مع عدد من المنظمات الدولية وعدد من العلماء الأفاضل في موضوع تنظيم الأسرة والبحث في الحلول الممكنة لهذه الظاهرة وكيف تتم عبر نشر التوعية في أوساط الناس وبشكل هادئ حول السبل الكفيلة بتنظيم الأسرة وإيجاد معالجات واقعية لمشكلة الزيادة السكانية المضطردة في اليمن.
الصحيفة: كيف تواجهون مشكلة استهلاك القات رغم أنه مسموح في بعض الدول مثل بريطانيا..؟
الرئـيس: أولاً القات ليس مخدراً وله جوانب سلبية وله جوانب إيجابية أيضاً.. فمن السلبيات أنه يضيع الكثير من ساعات العمل ويستهلك الكثير من المال والصحة وهذه الجوانب سلبية بالإضافة إلى استخدام المبيدات التي تضر بصحة الإنسان والبيئة، وله أيضاً بعض الجوانب الإيجابية منها أنه يمثل عادة اجتماعية تتيح للناس الالتقاء مع بعضهم وإدارة النقاشات المفتوحة حول قضاياهم بالإضافة إلى أنه يتيح المجال للابتعاد عن تناول المخدرات ونحن حالياً بصدد إيجاد المعالجات الواقعية والبدائل الممكنة التي تشجع على الحد من تناول القات كما أن هناك توجيهات تحظر تناول القات أثناء أداء الوظيفة والواجب.
الصحيفة: كيف تنظرون للأداء الاقتصادي للحكومة اليمنية؟ وما هي أهم مجالات الاستثمارات وما هي الدول الشريكة لليمن في مجالات الاستثمار؟ وكيف تقيمون العلاقات مع إيطاليا في الوقت الراهن..؟
الرئـيس: أداء الحكومة تحسن كثيراً بعد تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري وبعد دخول اليمن نادي باريس وحل مشكلة المديونية.. وبالنسبة للاستثمارات في بلادنا هناك استثمارات في مجالات النفط والغاز والمعادن والجرانيت والرخام وأيضاً الاستثمار في مجال السياحة والفنادق والشاليهات وفي مجال الصحة وفي المجالات الأخرى ولدينا استثمارات من أمريكا واليابان والصين والمجر وكندا وفرنسا وغيرها من الدول. وندعو الدول إلى المزيد من الاستثمار في تلك المجالات ومنها إيطاليا التي هي بلد صديق وقديم ونحن ندعو الأصدقاء الإيطاليين للاستثمار في بلادنا وهم مهيأين لذلك وبخاصة في مجالات الفنادق والسياحة والصحة.
الصحيفة: اليمن بلد جميل وتضاريسه خلابة ويتمتع كثيراً بتراث نادر وثقافة نادرة. ما هي الإجراءات التي ستتخذونها. لحماية ذلك التراث.
الرئـيس: هناك قوانين تنظيم ذلك ولدينا محميات بيئية وحماية للآثار والمدرجات وهناك جملة من القوانين والأنظمة التي تحافظ على هذا التراث الغني في بلادنا.
الصحيفة: زرتم مدينة البندقية وإيطاليا أكثر من مرة ما هي ذكرياتكم وانطباعاتكم عن إيطاليا خاصة وأنتم قمتم بزيارة إلى إيطاليا وقابلتم الرئيس الإيطالي والبابا..؟
الرئـيس: إيطاليا بلد سياحي جميل وثقافي ممتاز وعلاقتنا بإيطاليا جيدة وذكرياتي عن إيطاليا جميلة سواء عن ميلانو أو البندقية أو روما وهي مدينة ثقافية رائعة وذكرياتي جميلة عن أهلها وثقافتها.