مقابلة فخامة رئيس الجمهورية مع صحيفة (الوطـن) القطريـــة
الوطـن: اسمح لي فخامة الرئيس أن أبدأ بفتح ملف العلاقات اليمنية الأمريكية.. طبعاً ظلت اليمن تفاخر دائماً باستقلالية قرارها السياسي إلا أن الواقع الحالي يقول أن هناك دوراً أمريكياً متنامياً في اليمن.. كيف تعلقون على ذلك..؟ ماهي حدود وطبيعة الوجود العسكري الأمريكي في اليمن؟
الرئيس: أنا لا أستطيع أن أصرح مثل ما صرح به البعض بأن بلاده وأمريكا وإسرائيل هي فقط الدول المستقلة في العالم، ولكني أقول إن كثيراً من أقطار الوطن العربي دول مستقلة والقرار حتى في الدول التي فيها الوجود الأمريكي مستقل ولا أعتقد أن التسهيلات التي تقدمها تلك الدول للولايات المتحدة الأمريكية لها تأثير على قرارها المستقل وبالنسبة لنا في اليمن نحن أكدنا مراراً ونؤكد مجدداً أنه لا توجد أية تسهيلات عسكرية للولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها وقرارنا مستقل ولا تفريط فيه أبداً.. ونحن في اليمن لسنا بحاجة إلى تقديم مثل تلك التسهيلات لأية دولة. ونظامنا في اليمن محمي بإرادة سياسية وإرادة الشعب اليمني.. فالشعب اليمني هو الذي يأتي بحكامه ومسؤوليه إلى كراسي السلطة، ولهذا فإن الحاكم في اليمن يستمد ثقته وقراره السياسي من ثقته بالشعب.. وما دامت ثقتنا هي من شعبنا فليس هناك أي مجال لقبول أي تدخل في شؤوننا الداخلية، سواء من قبل الأمريكان أو غيرهم ولا قبول لأية وجود عسكري على أراضينا من قبل أي جهة أجنبية ونحن أعلنا وعبر الصحف وكل وسائل الإعلام تقريباً أنه وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الماضي كانت الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأجهزة الإعلامية في الوطن العربي تشيع أن اليمن مرشحة لأن تكون أفغانستان الثانية بالنسبة لوجود ما يسمى بتنظيم القاعدة، وذهبنا إلى أمريكا وأوضحنا لهم موقفنا وحقيقة الأمر. لأنه للأسف كان عندهم معلومات مغلوطة – نقلت إليهم من بعض أجهزة إستخبارية عربية – بأن هناك عناصر متهمة بانتمائها إلى تنظيم القاعدة موجودة في اليمن، وذكروا لنا اسم شخصين واتفقنا معهم على تتبع هؤلاء وهم من جانبهم أبدوا إستعدادهم لتقديم بعض خبراتهم الأمنية وخبراتهم الاستخبارية في مجال مكافحة الإرهاب وأبدوا استعدادهم لإرسال بعض الخبراء المدربين في مجال مكافحة الإرهاب ولعدد لا يتجاوز من (30) إلى (40) شخصاً كأقصى حد وعلى أساس انهم سيقومون بتدريب بعض الوحدات الأمنية الخاصة بمكافحة الإرهاب ولمدة تصل من أسبوعين إلى أربعة أسابيع وتنتهي مدتهم ويأتي بدلهم آخرون وبنفس العدد ولمدة.. هذه هي حقيقة التعاون الأمريكي اليمني في مكافحة الإرهاب بالنسبة للمواني لا وجود لأية تسهيلات عسكرية في موانئنا، سواء في عدن أو غيرها.. كان لدينا مع الأمريكان اتفاقية سابقة قبل حادث المدمرة (كول) في الـ12 من أكتوبر بتزويدهم بالوقود والمياه في ميناء عدن لكنهم بعد حادث كول انسحبوا ولم يعودوا للتموين حتى الآن.. بالنسبة لمجال القوات الجوية أو القوات البحرية أو غيرها لا يوجد أي تعاون.. وللأسف هناك مبالغة أو إثارة مقصودة حول وجود تسهيلات مزعومة تقدمها اليمن للأمريكان، ومن ذلك الزعم بأن اليمن يمكن أن تصبح وكراً للإرهابيين، ولا ندري هل يأتي ذلك حرصاً على الأمن القومي العربي؟ أم هو خدمة لأمريكا؟ أم هي نكاية باليمن ليس إلا..؟
الوطـن: فخامة الرئيس.. تعودنا منكم الصراحة في الطرح دائماً، فلماذا لا تسمون هذه الجهات العربية بمسمياتها؟
الرئيس: اعتقد هي تعرف نفسها جيداً ولا حاجة لتسميتها..
الوطـن: ولكن من حق الرأي العام اليمني والعربي أن يعرف من هي هذه الجهات؟
الرئيس: الرأي العام اليمني يعرف حق المعرفة من هي تلك الجهات بالضبط.. ونحن في اليمن لدينا ثقافة معينة نعرف من خلالها كيف نوصل إلى مواطنينا الحقائق.. كما أن مواطنينا يعرفون جيداً من هم الذين يعملون ضدهم.
الوطـن: قبل أسابيع وجهت إحدى الصحف اليمنية الرسمية انتقادات شديدة للسفير الأمريكي في اليمن.. كيف قرأتم مثل هذه الانتقادات؟
الرئيس: الصحافة لدينا حرة وربما ما نشرته بعض الصحف من ملاحظات أو انتقادات تتناول بعض تعامله أو تصرفاته..
الوطـن: لكن ما نشر جاء في صحيفة رسمية تعبر عن لسان حال حزب المؤتمر الشعبي الحاكم؟
الرئيس: كما قلت لك الصحافة حرة في اليمن، سواء كانت رسمية أم أهلية أم حزبية.. ومن حق أي صحفي وفي أي صحيفة إذا كانت لديه أي ملاحظات أن ينتقد، ولكن في إطار الموضوعية.. والسفير الأمريكي هو من بلد ديمقراطي، ومن المفترض إلا ينزعج من مثل هذا النقد، خاصة إذا كان هذا النقد بناء فربما كان النقد في محله.. وإذا لم يكن كذلك فمن حق السفير الأمريكي أن يرد على تلك الانتقادات في ذات الصحف التي تناولته.
الوطـن: هل يعني ذلك رضاكم عن أداء السفير الأمريكي في اليمن وقبولكم بتدخلاته في بعض شؤونكم الداخلية؟
الرئيس: أولاً اليمن لا تقبل أي تدخل في شؤونها الداخلية من قبل أي شخص أو جهة مهما كانت.. وإذا كنا نرفض تدخل دولة في شؤوننا فكيف سنرضى بتدخل سفيرها.. هذا أمر مرفوض.
الوطـن: ولكن لو استمر السفير الأمريكي في سلوكه هل ستعتبرونه شخصاً غير مرغوب فيه؟
الرئيس: أنا أعتقد أن عمله بشكل عام جيد، ربما بعض الأجهزة الأمنية أو الأجهزة أخذت عليه بعض الملاحظات من خلال تعاملها معه.. أما تعامله معنا كرأس الدولة أو القيادة السياسية فلا نرى في تعامله إلا الشيء الطيب الذي يخدم العلاقات.
الوطـن: هل يعني ذلك أنكم في القيادة السياسية راضون عن أداء السفير الأمريكي؟
الرئيس: نعم راضون عن أدائه.
الوطـن: ماذا عن التحقيقات حول المدمرة الأمريكية كول؟ إلى أين وصلت؟
الرئيس: هذا موضوع انتهينا منه، والتحقيقات منتهية تقريباً، والقضية جاهزة لإحالتها للنيابة العامة والقضاء.
الوطـن: أليس من جديد فيها؟
الرئيس: ليس هناك شيء جديد.
الوطـن: ما حقيقة ما يقال عن الوضع في ميناء عدن.. هل بات فعلاً تحت حماية أمنية أمريكية كما يقال أو كما نقرأ في بعض الصحف اليمنية؟
الرئيس: باستطاعتك أن تنزل إلى ميناء عدن وترى الأمور بنفسك وتتأكد من حقيقة هذه المزاعم التي يرددها البعض لأهداف شتى، وأن ما يقال عن وجود تسهيلات أو حماية أمنية أو غيرها للأمريكان في ميناء عدن أو غيره من الموانئ محض افتراء وهراء فارغ لا معنى له.. وبعض ما يقال في هذا الجانب هدفه للأسف المكايدة والتشويه والإضرار بسمعة اليمن، واليمن لو كانت تقدم تسهيلات عسكرية أو أمنية للآخرين لما ترددت أن تقول ذلك للرأي العام العربي والعالمي، فليس هناك شيء نخفيه.
الوطـن: فخامة الرئيس مازلنا في الملف اليمني الأمريكي ذكرت إحدى الصحف اليمنية أن السلطات الأمريكية ألغت زيارة كانت مقررة للجنرال (تومي فرانك) قائد القوات المركزية إلى اليمن.. ما مدى صحة الخبر؟ وماهي أسبابه؟
الرئيس: هذا أمر مضحك.. صحيفة تعمل كذبة وتصدقها ثم تقوم بنفيها في العدد التالي، بمعنى أنها تنشر خبر وصول الجنرال فرانك ثم تتحدث عن إلغاء هذه الزيارة.. هذا غير صحيح لم يكن هناك أي ترتيب لأية زيارة للجنرال تومي فرانك لليمن حتى يتم إلغاؤها.. هو يزورنا بين حين وآخر، وقد زارنا وليس هناك أية مشكلة في هذا الجانب.
الوطـن: يعني كل ما قيل عن هذا الخبر غير صحيح؟
الرئيس: نعم كذب وغير صحيح ومن وحي خيال من نشر ذلك.
الوطـن: فخامة الرئيس.. تحدثتم عن التعاون الأمني الأمريكي.. لو عرضت عليكم أية دولة عربية التعاون معكم في مجال مكافحة الإرهاب ولتكن مصر أو السعودية.. هل ستوفرون لها نفس التسهيلات الممنوحة حالياً لواشنطن؟
الرئيس: التعاون مع مصر أو السعودية أو قطر أو البحرين أو أي قطر عربي قائم على الدوام ومفروض أن التنسيق الأمني بين الأشقاء يأتي دون طلب وهذا أمر مطلوب، لأن الأمن القومي العربي واحد ومنظومة واحدة.. ونحن نرحب بأي تعاون أو تنسيق أمني أو غيره ومع أي قطر شقيق.. ثم ماهي التسهيلات التي نقدمها للأمريكان؟ لقد أوضحت لك هذا الأمر في إجاباتي السابقة، واعتقد أن الأمر بات واضحاً.
الوطـن: أقصد الوجود العسكري الأمريكي أو التدريب؟
الرئيس: أنا أوضحت لك أنه لا توجد أية تسهيلات أو وجود عسكري أمريكي في اليمن.. لدينا تعاون أمني في مجال مكافحة الإرهاب هو محدد بوجــود من (30) إلى (40) خبيراً لتدريب أجهزة الأمن اليمني المعنية بمكافحة الإرهاب ولفترة محدودة لا تتجاوز من (3) إلى (4) أسابيع.. فهل هذا يمكن تفسيره بأنه وجود عسكري؟
الوطـن: فخامة الرئيس.. عندما قررت التعاون في مجال مكافحة الإرهاب مع أمريكا.. هل حددت لكم واشنطن مفهوماً واضحاً للإرهاب؟
الرئيس: الإرهاب بمفهومنا واضح ومحدد في عناصر ما يسمى بتنظيم القاعدة الذين الحقوا الأذى، كما تفيد الإدارة الأمريكية بمصالحها، لكن إذا كانت عندهم تفسيرات أخرى وبما هو معلن الآن حول تنظيمات إسلامية مثل حماس أو الجهاد الفلسطينية أو حزب الله اللبناني، فإن رأينا واضح في هذا الجانب وهو الرفض لهذا التعريف، فهذه منظمات وطنية تناضل من أجل الحرية والاستقلال، وهو حق مشروع كفلته كافة المواثيق والأعراف الدولية، لكن إذا كان الإرهاب محصوراً في تنظيم القاعدة وما حدث في الحادي عشر من سبتمبر وفي نيروبي وفي عدن فنحن متعاونون على مكافحة الإرهاب وفقاً لذلك المفهوم.
الوطـن: هل قدمت لكم الإدارة الأمريكية أدلة قاطعة على قيام تنظيم القاعدة بأحداث سبتمبر؟
الرئيس: نحن مثلنا مثل بقية أقطار الوطن العربي وربما العالم كله لم نستلم الأدلة الكافية حول ما حدث، ولكن الولايات المتحدة تعتقد بأن لديها الأدلة والقناعة الكافية والعالم مقتنع بقناعة أمريكا.
الوطـن: تعاونكم الأمني مع الإدارة الأمريكية، هل يأتي في إطار خشيتكم من سطوة الدولة العظمى في العالم؟
الرئيس: لقد قلت أنا وفي خطاب معلن إن أمريكا هي الآن الدولة العظمى والقطب الوحيد كله، ليس العالم الصغير أو العالم الثالث، ولكن العالم المتحضر أيضاً.
الوطـن: خلال إجابتكم فخامة الرئيس أشرتم إلى تنظيم القاعدة.. فهل صحيح ما يقال بأن اليمن هي أكثر الدول إيوء لعناصر القاعدة التي يتزعمها أسامة ابن لادن؟
الرئيس: هذا غير صحيح وقد دس على اليمن مثل هذا الافتراء الكاذب، وأوضحنا ذلك مراراً.. فاليمن التي عانت من الإرهاب هي أكثر الدول حرصاً على مكافحة الإرهاب وتخليص العالم من شروره، ولا يمكن أن تقبل اليمن على أراضيها أي إرهابي مهما كان.
الوطـن: هل هذا يعني أن وجود عناصر القاعدة محدد بأشخاص معينين؟ وهل لديكم تفاصيل عن حجم وجود هذا التنظيم في بلادكم، خاصة بعد حرب أفغانستان؟
الرئيس: لقد أجبت عن هذا السؤال.
الوطـن: فخامة الرئيس ماذا يعني لكم ظهور تنظيم ما يسمى (المتعاطفون مع القاعدة) في بلادكم؟ وما مدى جدية تهديدات هذا التنظيم الذي يعمل على الساحة اليمنية؟
الرئيس: نحن نأخذ أية تهديدات أياً كان مصدرها على محمل الجد ووجود عناصر ما يسمى بتنظيم القاعدة محدود جداً في البلاد، ولكن ما من شك أن الموجودين لهم ارتباطات بالجماعة الموجودة في أفغانستان ولكن أمثال هؤلاء تحت المجهر في اليمن ونتعقبهم، وحتى الآن لم يقوموا بأي عمل عدا الانفجارين اللذين حدثا بالقرب من مقر الأمن السياسي.. ومرتكبو هذه الأعمال نتتبعهم ونراقبهم وسوف نتخذ ضدهم الإجراءات اللازمة.
الوطـن: يتردد أن هؤلاء حددوا مهلة قبل الحادي عشر من مايو الجاري لإطلاق سراح بعض المعتقلين في السجون وإلا سيقومون بحملة اغتيالات تطال شخصيات سياسية وأمنية.. هل لديكم استعدادات لمواجهة مثل هذه المواقف؟
الرئيس: بالطبع لدينا استعدادات لذلك، ولكن كل ما يقال في هذا الجانب يقع من باب الدعاية وفي معظمه هو تهديد من باب الهرجلة ولفت الانتباه ولا وجود فاعل لأمثال هؤلاء، ولكن تطور وسائل الإعلام الحديثة يتيح لأي مهووس كتابة أي منشور وإرساله عبر الإنترنت أو الفاكس ليقول فيه ما يشاء ثم يرسله لوسائل الإعلام لنشره بهدف الإثارة ولفت الاهتمام.. ومع ذلك الأجهزة الأمنية تأخذ كل احتياطاتها لمواجهة مثل تلك التهديدات، سواءً كانت حقيقية أم وهمية.
الوطـن: خلال خطابكم الأخير أو لقائكم مع الأجهزة الأمنية عبرتم عن عدم رضاكم عن الأداء داخل وزارة الداخلية.. هل هذا مؤشر على رغبتكم بإجراء تغييرات في قيادات الوزارة؟
الرئيس: هذا يأتي من باب التحفيز لرجال الأمن من أجل تحسين الأداء، وأجهزتنا الأمنية تقوم بدور كبير وجيد من أجل مكافحة الجريمة وكل الأعمال الخارجة عن القانون ونحن مرتاحون لأدائها.
الوطـن: فخامة الرئيس.. يستعد فريق من المحققين اليمنيين للسفر إلى الولايات المتحدة للإطلاع على سير التحقيقات مع المعتقلين من أعضاء تنظيم القاعدة.. كيف تنظرون إلى أوضاع المعتقلين اليمنيين في قاعدة جوانتانامو؟
الرئيس: نعم هناك فريق يمني سيذهب قريباً لقاعدة (جوانتانامو) لزيارة المعتقلين اليمنيين هناك.. وفي تصوري أن معاملة المعتقلين في جوانتانامو لا تختلف عن معاملة بقية المعتقلين في القاعدة.. ولا أتصور أن هناك تمييزاً في المعاملة بين معتقلين من هذا البلد أو ذاك.. المعاملة واحدة.. ونحن على اتصال بالأمريكان من أجل ذهاب الفريق اليمني لمعرفة أحوال المعتقلين الذين يقال أنهم يمنيون والتأكد هل هم بالفعل يمنيون؟ وأين كانوا؟ ومن أين ذهبوا إلى أفغانستان؟ ومن أي المحافظات أو المديريات هم؟ ومعرفة أكثر معلومات عنهم. ولقد مضت فترة قبل أن تأتي الموافقة الأمريكية على سفر الفريق. والآن الموافقة جاءت وهم سيذهبون إلى هناك.
الوطـن: فخامة الرئيس اسمح لنا أن ننتقل إلى قضية المدعو (أبو طلحة) المعتقل في سجون أسبانيا والذي تم اعتقاله لأنه كان ينوي أو يسعى لإرسال أموال لتمويل عمليات إرهابية في اليمن.. إلى أين وصلت هذه القضية؟
الرئيس: لقد تواصلنا مع السلطات الأسبانية ووافقت على استقبال ضباط محققين يمنيين للتعرف على نوايا هذا الشخص وما قام به أو ما كان يستهدف القيام به أو يخطط له في اليمن، خاصة وبحسب المعلومات التي لدينا أن (أبو طلحة) اعترف بأنه كان يمول بعض العمليات التخريبية في اليمن، وأنه له اتصال مع نانكلي المحكوم عليه في اليمن والذي هو أيضاً من أصل سوري وجنسية أسبانية.
الوطـن: من يقف وراء هذا الشخص؟ هل هناك جهات أجنبية معينة؟ هل لديكم تفاصيل معينة؟
الرئيس: لقد سمعنا كما سمعتم من السلطات الأسبانية أن هذا المقبوض عليه في أسبانيا ينوي التخريب أو يمول عملاً تخريبياً في اليمن، فأرسلنا ضباطاً محققين في إطار التعاون اليمني- الأسباني ليتأكدوا من المعلومات ويحصلوا على المزيد منها من السلطات الأسبانية.
الوطـن: بعيداً عن قضية (أبو طلحة) ومع تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني، أعلنتم في بيان رسمي في شهر إبريل الماضي الامتناع عن عقد أية لقاءات أو تلقي اتصالات جديدة احتجاجاً على عجز العرب عن مواجهة إسرائيل وتهاون بعض القيادات العربية إزاء ما يجري في الأراضي الفلسطينية من هم هؤلاء القادة المقصودين في البيان؟ وما هو مغزى هذا الموقف؟
الرئيس: بالفعل أنا عبرت عن استيائي لما كنت أراه- ولا أزال- من مشاهدة محزنة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وأردت أن اعبر عن الاحتجاج إزاء ما يجري وما يرتكب من مذابح وجرائم ضد الشعب الفلسطيني في ظل صمت عربي ودولي غير مقبول.
الوطـن: ولكن يا فخامة الأخ الرئيس.. أنت واحد من قيادات الأمة.. ودعني أقول صراحة أن هذا موقف سلبي منك، لأنه لو كان كل القادة العرب اتخذوا هذا الموقف، فإن ذلك يشجع شارون على جريمته ولا يكفي لردع العدوان الإسرائيلي ولا يحقق أية نتيجة ولا يعيد الحقوق العربية المغتصبة؟
الرئيس: ليكن سلبياً كما تقول، لكنه كان موقفاً يعبر عن الألم والاحتجاج، فما تعرض له الشعب الفلسطيني لم يتعرض له أي شعب في التاريخ.. ومن المخجل والمحزن أن نقف جميعاً نحن أشقاؤه العرب والمسلمون، وحتى العالم مكتوفي الأيدي دون أن نفعل شيئاً لإنقاذه من حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها وما يزال على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
الوطـن: فخامة الرئيس لو كنت قائداً لإحدى دول المواجهة المباشرة مع إسرائيل، كيف سيكون موقفك؟
الرئيس: نحن في اليمن لا نقول للآخرين تقدموا ونحن من ورائكم بل نحن في مقدمتكم، وفي أول الصفوف هذا هو مبدأنا وموقفنا، نحن دعونا إلى فتح الحدود وتقديم المال والرجال لمؤازرة أشقائنا في فلسطين ودعونا إلى إغلاق السفارات الإسرائيلية في العواصم العربية وطرد الدبلوماسيين الإسرائيليين واتخاذ موقف تضامني فعال مع أشقائنا الفلسطينيين وممارسة الضغط من أجل وقف العدوان ضدهم ونحن نؤمن بأنه لو توافرت الإرادة العربية وتوحد الصف العربي وتعزز التضامن العربي لأمكن إنجاز الكثير لإلزام إسرائيل بوقف عدوانها والتسليم بالحقوق العربية.
الوطـن: في إحدى القمم العربية طالبتم بفتح الجبهات وإرسال المتطوعين؟
الرئيس: نعم قلنا ذلك.. وقالت ذلك أيضاً الجماهير العربية الغاضبة التي خرجت وما تزال إلى الشوارع في المدن العربية والأوربية.. من حقنا مؤازرة أشقاء لنا يتعرضون للمذابح والإبادة دون أن ينقذهم أحد أو يستجيب لندائهم أحد في العالم.
الوطـن: فخامة الأخ الرئيس أنت من الرؤساء العرب الذين طالبوا بفتح الجبهات ما هو الهدف من هذه الدعوة إذا كانت الأنظمة العربية لا تريد محاربة إسرائيل؟
الرئيس: أولاً نحن في اليمن لسنا من دعاة الحرب ولقد اكتوينا بنار الحرب وويلاتها كثيراً، ولكن هل يكفي أن نشجب ونندد إزاء ما يتعرض له أشقاؤنا في فلسطين من مذابح وما تتعرض لها المقدسات هناك من انتهاكات لحرماتها ولهذا نحن ندعو دوماً إلى موقف عربي حازم يستخدم شتى أساليب الضغط السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وغيرها أليس من حق الأمة العربية الدفاع عن نفسها ومصالحها ووجودها بشتى الوسائل الممكنة!؟
الوطـن: ولكن مادام الزمن هو زمن أمريكي والإدارة الأمريكية ترفض محاربة إسرائيل إذن ما معنى كل هذه الدعوات لفتح الجبهات لإرسال المتطوعين؟
الرئيس: عليك أن تبلغ رسالتك وأن تقرع كل يوم الباب ولا تيأسوا من رحمة الله.
الوطـن: حسنا في إطار ما تفضلتم به يقول الحديث الشريف “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”. وأنت يا فخامة الرئيس أثرت الصمت في ذروة وحشية العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وقررت أيضاً عدم استقبال أية مكالمات هاتفية من القادة العرب.. فما هو تفسير ذلك؟
الرئيس: لقد أوضحت أن هذا كان موقفاً احتجاجياً يعبر عن الألم والحزن، ومع ذلك خرجت عن صمتي، ولكن ماذا بإمكان اليمن أن تفعل وحدها إزاء ما يجري.. اليد الواحدة لا تصفق.
الوطـن: فخامة الرئيس هناك موقف يستحق التصفيق وهو قيام النيجر بقطع علاقاتها مع إسرائيل تضامناً مع شعب فلسطين الشقيق، كما في الخبر، بينما لم تفكر الدول العربية الأخرى التي تقيم علاقات مع إسرائيل بمجرد التلويح بهذه الخطوة، كيف استقبلت هذا الخبر؟
الرئيس: استقبلناه بارتياح تماماً كما استقبلنا موقف الاتحاد الأوروبي، وعلى وجه الخصوص موقف بلجيكا، وكنا نتمنى أن يكون هناك موقف عربي مماثل أو أكثر من ذلك.
الوطـن: كيف تدعمون موقف النيجر؟
الرئيس: نحن ندعمه ونقول شكراً للنيجر على هذا الموقف المتميز والعادل.
الوطـن: بحكم علاقتكم الوثيقة مع الولايات المتحدة لو طلبت منكم واشنطن إقامة علاقات مع إسرائيل كما طلبت من دول عربية أخرى كيف سيكون ردكم؟
الرئيس: اليمن ستكون آخر دولة تفكر في إقامة علاقات مع إسرائيل.
الوطـن: لماذا؟
الرئيس: لسنا بحاجة أولاً إلى إقامة مثل تلك العلاقات، وأيضاً لسنا ممن يتسابق على إقامة مثل تلك العلاقات خاصة في ظل عدوان إسرائيل المستمر ضد الشعب الفلسطيني واحتلالها للأراضي العربية ورفض تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي- الإسرائيلي وكل خيارات السلام العربية والدولية، إذن ما حاجة اليمن لإقامة مثل تلك العلاقات مع إسرائيل؟
الوطـن: هل يعني ذلك أنكم ضد مبادرة الأمير عبدالله لتطبيع العلاقات مع إسرائيل؟
الرئيس: مبادرة سمو الأمير عبدالله أصبحت مبادرة عربية وهناك إجماع عربي حولها ونحن معها ولكن إسرائيل هي التي رفضت تلك المبادرة وقبل أن يجف حبر الاتفاق عليها في بيروت والآن هناك طرح جديد وهو النقاط الثمان المقدمة من الجانب السعودي خلال زيارة سمو الأمير عبدالله للولايات المتحدة الأمريكية.
الوطـن: تجري قطر حالياً اتصالات مع الدول الإسلامية لعقد قمة إسلامية بطلب من الرئيس عرفات، كيف تنظرون لهذه القمة المقترحة؟
الرئيس: نحن نؤيد أي لقاء قمة عربي أو إسلامي، وإذا دعت قطر أو غيرها للقمة نحن نشجع على انعقاد مثل هذه القمة.
الوطـن: ماذا تطلبون من هذه القمة؟
الرئيس: هذا السؤال يوجه لمن دعا لهذه القمة ومن سوف يستضيفها.
الوطـن: هل هناك أية قضايا يمكن أن تطرحوها من خلالها؟
الرئيس: عندما تنعقد القمة في قطر سوف نتحدث في ذلك، ولكل حدث حديث.
الوطـن:عندي سؤال أخير ضمن الملف الفلسطيني وهو موضوع المؤتمر الدولي المطروح حالياً لبحث ترتيبات السلام في الشرق الأوسط الذي سوف يعقد الشهر المقبل في تركيا، طبعاً هذا المؤتمر حسب ما علمنا دون مشاركة سوريا ولبنان، كيف تنظرون إلى هذا المؤتمر ونتائجه؟ هل أنتم متفائلون؟
الرئيس: لا توجد لدينا حتى الآن أية معلومات مؤكدة أو رسمية حول هذا المؤتمر غير الذي سمعناه عبر وسائل الإعلام، ولم يبلغنا أحد بأن هناك مؤتمراً دولياً سينعقد في تركيا لا من الأمريكان ولا من أية جهة عربية. ولا نعرف من الذي سيحضر أو لن يحضر حتى يكون لنا موقف نعلنه، والمهم ليس المؤتمر ولكن ما الذي ستتم مناقشته وماهي النتائج التي سيتم الخروج بها منه.
الوطـن:فخامة الرئيس ننتقل إلى قضية مهمة وملف آخر هو ملف اليمن، ومجلس التعاون هل أنتم راضون الآن عن موضوع تقسيط انضمام اليمن إلى مجلس التعاون؟ وهل تعتبرون العضوية المندرجة التي تم اتخاذها في القمة الأخيرة بمسقط تلبي طموحاتكم بالانضمام للمجلس؟
الرئيس: نعم نعتبرها خطوة إيجابية نحو الانتقال للعضوية الكاملة في المستقبل مع أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي.
الوطـن: ماذا تنوون أن تفعلوا للحصول على العضوية الكاملة؟
الرئيس: لن نعمل شيئاً، سنسهم في إطار المؤسسات التي أقرتها قمة مجلس التعاون في مسقط مثل بقية الدول الأعضاء في إطار النظامين الداخلي والأساسي للمجلس.
الوطـن: هل في نيتكم استضافة أحد أنشطة مجلس التعاون في صنعاء؟
الرئيس: هذا سابق لأوانه، في إطار المؤسسات الخليجية التي يشارك اليمن فيها لا بأس وممكن أن نستضيف أي لقاء على هذا المستوى لكن كقمة هذا أمر سابق لأوانه.
الوطـن: إلى أين وصلت علاقاتكم مع السعودية؟ هل أغلقتم ملف الخلاف الحدودي إلى الأبد؟
الرئيس: أولاً أنا استغرب أن يأتي ذلك منك كصحفي مطلع ومتابع مثل هذا السؤال! لقد أغلق ملف الحدود اليمني- السعودي وإلى الأبد بمعاهدة جدة التاريخية وعلاقاتنا مع أشقائنا في السعودية متنامية ومتطورة ومزدهرة.
الوطـن: أنا سألت إلى أين وصلت العلاقات اليمنية- السعودية؟
الرئيس: أنت سألت وأنا أجبت.
الوطـن: لاحظنا أن هناك نوعاً من التراجع في مسألة الحريات الصحفية في بلادكم، لقد تم اعتقال مدير مكتب الوطن في اليمن، وتم حبس مراسل صحيفة قطرية أيضاً. هل هذا القرار هو توجه حكومي؟
الرئيس: من أين جاء لك ذلك الإيحاء بأن هناك تراجعاً عن الحريات الصحفية.. الديمقراطية خيار وطني لا تراجع عنه وهو لم يفرضه علينا أحد بل جاء بقناعتنا وإيماننا بالديمقراطية.. ولكن كل من أساء أو خالف الدستور والقانون سيحاسبه القانون، وليس هناك أي تراجع عن الحريات فالقانون فوق الجميع وينبغي احترامه من الجميع.
الوطـن: وماذا عن مراسل جريدة الوطن وما تعرض له في السجن؟
الرئيس: أولاً هو صحفي من كوادر الدولة وجزء من النظام السياسي، ولكن ينبغي على الصحفي أن يكون حصيفاً وموضوعياً ومتحرياً للحقيقة ومتجنباً الإساءة في كل ما يكتب وينشر لأنه ليس هناك ما يوجب الإساءة إلى الآخرين فمال الإنسان وعرضه وشرفه مصان.. إذا كان لدى أي صحفي انتقاد يتم في إطار الموضوعية والمصداقية، ومراسل الوطن انتقد قيادات سياسية في الحكومة بطريقة غير مسؤولة وتؤدي إلى شرخ في الصف الوطني، وقد حوسب على هذا الأساس، ولكن كشخص ليس لدينا عليه أية مؤاخذة فهو صحفي جيد ويجب أن يحسن من تصرفاته في المستقبل حتى لا يقع تحت طائلة المساءلة القانونية.
الوطـن: لدي فخامة الرئيس سؤال أخير وصريح جداً، يتردد في اليمن أنكم تقومون بإعداد نجلكم أحمد لخلافتكم في الرئاسة؟
الرئيس: نحن في اليمن نظام جمهوري، وليس نظاماً وراثياً وعليك أن تقرأ الدستور اليمني جيداً لتعرف أن ما قلته غير صحيح لقد تكرر طرح مثل هذا السؤال والإجابة عنه واضحة في الدستور الذي يرد على مثل هذا التساؤل