مقابلة فخامة رئيس الجمهورية مع مجلة” الحوادث” اللبنانية
الحوادث: كيف تقيمون الزيارة التي قام بها أخيرا فخامة الرئيس اللبناني العماد أميل لحود إلى اليمن ثم زيارتكم إلى بيروت ومباحثاتكم معه، كيف تتطور العلاقات الثنائية على مستوى المبادلات التجارية والخبرات والمهارات؟
الـرئيس: تبادل الزيارات بين بلدين وعلى أعلى المستويات يصب في مصلحة العلاقات بين البلدين سواء الزيارة التي قام بها أخي العزيز الرئيس العماد أميل لحود إلى صنعاء أو الزيارة التي قمت بها إلى لبنان مؤخراً جميعها تنعكس آثارها الإيجابية على صعيد تعزيز العلاقات الأخوية وتوسيع آفاق التعاون المشترك بين البلدين خاصة وأن هناك فرصاً عديدة لتبادل المصالح والمنافع المشتركة بين الشعبين الشقيقين، وقد تم بالفعل وخلال تلك الزيارات التوقيع على عدد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون المشترك بينهما، ونحن مرتاحون للتنامي المضطرد الذي تشهده العلاقات اليمنية اللبنانية على مختلف الأصعدة السياسية والتجارية والثقافية والفنية والاستثمارية وتبادل الخبرات وغيرها.. ومواقف البلدين متطابقة إزاء العديد من القضايا والمستجدات إقليمياً وعربياً ودولياً.
الحوادث: كيف تصفون العلاقات اليمنية السعودية بعد ترسيخ الاتفاقية الحدودية بين البلدين، فهل طوى النزاع الحدودي نهائيا، وهل يتواصل الدعم السعودي لبلادكم لتجاوز مشكلاتها التنموية وإلى أي حد عاد العمال اليمنيون إلى المملكة وبأي نسبة وهل ثمة اتفاقات أمنية متوقعة مع الرياض؟
الـرئيس: العلاقات اليمنية السعودية جيدة ومتطورة باضطراد، وبخاصة منذ التوقيع على معاهدة جدة التاريخية والتي تم من خلالها ترسيم الحدود بين البلدين.. والتعاون بين البلدين جيد وفي مختلف المجالات ومنها التعاون الاقتصادي والأمني وغيره وقد تم توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين.. فما يهم أمن المملكة يهم أمن اليمن والعكس.. وهناك رغبة وحرص مشترك لدى قيادتي البلدين للدفع بالعلاقات ومجالات التعاون نحو آفاق رحبة وواسعة لما فيه خير ومصلحة الشعبين الشقيقين الجارين.
الحوادث: أين وصلت علاقتكم مع الكويت وهل استقرت في مدار الحالة الطبيعية بعد مرحلة من التشنج والحذر؟
الـرئيس: العلاقات مع الكويت طبيعية وجيدة خاصة بعد زوال بعض سوء الفهم الذي كان موجودا لدى الأشقاء هناك.. والزيارات بين المسئولين في البلدين الشقيقين متبادلة والحرص مشترك لدى الجانبين للدفع بالعلاقات نحو ما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين اليمني والكويتي.
الحوادث: هل اليمن ما يزال مصرا على مطلبه بالانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي لكي يصبح عضوا كاملا فيه، وأين وصلت المشاورات والمداولات في هذا الصدد وهل ثمة شروط بإنجاز هذه العضوية؟
الـرئيس: اليمن هو جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والجغرافي لمنطقة الجزيرة والخليج. وقد تم طرح موضوع انضمام اليمن إلى دول مجلس التعاون الخليجي وأتخذ حينها في قمة مسقط قرار بانضمام اليمن إلى بعض مؤسسات وهيئات مجلس التعاون وتحديدا في مجالات الصحة والتعليم والشئون الاجتماعية والعمل والشباب والرياضة ربما كخطوة متدرجة. أيا كان.. فعلاقات اليمن مع كافة دول المجلس جيدة ومتطورة على المستوى الثنائي..وسواء كان اليمن مع أشقائه داخل المجلس أو خارجه، فاليمن قوة وسند لأشقائه أينما كان.
الحوادث: ما هو موقف اليمن من الضرب الأمريكية المحتملة للعراق، وما هي النتائج التي قد تسفر عنها على صعيد المنطقة خصوصاً أنكم كنتم قد حذرتم من تداعياتها الدراماتيكية على مجمل أوضاع المنطقة وكياناتها القائمة لجهة تقسيمها؟
الـرئيس: لقد أعلنا في الجمهورية اليمنية موقفنا بوضوح إزاء التهديدات الموجهة ضد العراق بتوجيه ضربة عسكرية وموقفنا هو الموقف العربي الرافض لتوجيه مثل تلك الضربة للعراق أو التدخل في شئونه الداخلية أو أي قطر شقيق.. خاصة والعراق قد أكد التزامه بقرارات الشرعية الدولية واستقبل المفتشين الدوليين عن أسلحة الدمار الشامل وتعاون وما يزال معهم من اجل أداء مهمتهم طبقا لقرارات مجلس الأمن الدولي وفي مقدمتها القرار(1441) وليس هناك أي مبرر لاستخدام القوة ضد العراق. والمفروض أن يكون هناك صوتا عربيا ودوليا قويا من أجل كبح التوجهات نحو الحرب وحل الخلافات بالحوار.. فالحرب لن تؤدي إلاَّ إلى زعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفوضى في المنطقة ولن تخدم السلام العالمي بأي حال.
الحوادث: يبدو أن قبول العراق بعودة المفتشين الدوليين لا يؤشر إلى تجنبه الحرب الأمريكية، فيما المطلوب ليس الأسلحة الاستراتيجية بل تغيير النظام.. كيف يمكن التعامل يمنيا وخليجيا وعربيا مع هذه الغطرسة التي تنسف القانون الدولي وموجباته الشرعية؟
الـرئيس: كما قلت سابقا نحن ضد مبدأ تغيير النظام في أي دولة من قبل أي جهة خارجية فهذا شأن يخص شعب تلك الدولة وليس مرهون برغبة أي طرف خارجي..لأن هذا الأسلوب يمس بسيادة الدول ويمثل تدخلا سافرا في شئونها الداخلية ولو أقر فأنه سيمثل بادرة خطيرة في العلاقات الدولية وسيؤدي إلى إثارة الفوضى وعدم الاستقرار في أكثر من مكان. إلى جانب أن ذلك يخالف المواثيق والأعراف والقانون والشرعية الدولية التي لا يمكن أن تجيز بأي حال لأي دولة القيام بذلك في دولة أخرى.
الحوادث: هل تعتزمون سيادة الرئيس القيام بتحرك عاجل وقبل أن يتحرك البركان لدعم التسوية السلمية وتعطيل الحل القيصري والإسبارطي الأمريكي؟
الـرئيس: نحن في اليمن صوتنا مرفوع وجهودنا متواصلة مع الأشقاء والأصدقاء من أجل تجنيب المنطقة كارثة حقيقية لو تم لا سمح الله توجيه ضربة ضد العراق، وأن من الحكمة أن يعمل العقلاء ومحبي السلام في العالم بممارسة المزيد من الضغوط من أجل الحيلولة دون وقوع مثل ذلك لأن انعكاساته وأثاره ستكون سلبية وخطيرة سواء على صعيد المنطقة أو العالم، بالنسبة للأشقاء العراق فأنه ينبغي أن يكون هناك موقفا عربيا موحدا وحازماً وصوتاً قوياً ومسموعاً يعلن رفضه للحرب والتنبيه إلى المخاطر المترتبة عنها.. وإذا وجد مثل هذا الصوت العربي القوي فأن الآخرين سوف يضعون له اعتبارا في حساباتهم المتصلة بقرارهم بالحرب.
الحوادث: هل تعتقدون أن الموقف الخليجي سيظل متحفظا بالنسبة لتقديم التسهيلات إلى الولايات المتحدة لضرب العراق أم أن الضغوط الأمريكية قد تغير أو تؤثر في مواقف الرفض الخليجية للعملية الأمريكية؟
الـرئيس: الذي نعمله أن هناك موقفاً عربياً رافضاً لضرب العراق وقد أتخذ في القمة العربية ببيروت والجميع أعلن التزامه به ومن المؤكد فأنه ليس في مصلحة أي قطر عربي أن تشن الحرب ضد أي قطر شقيق له أو يعتدي عليه..
الحوادث: كيف ترون مستقبل العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في ظل استمرار سياسة القمع الشارونية وهل ينتظر شارون فعلا الحرب على العراق لا طلاق حرب تهجيرية ضد الفلسطينيين؟
الـرئيس: الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سواء كانت برئاسة شارون أو غيره لا تؤمن بالسلام أو التعايش السلمي مع الفلسطينيين أو العرب عموما. وهي لا تؤمن سوى بسياسة القمع والتنكيل والاستيطان والإرهاب ضد أبناء الشعب الفلسطيني ويعتبرون ذلك إنجازات لهم أمام ناخبيهم، ولهذا فأنه لا يمكن الحديث عن أي مستقبل يبعث على التفاؤل بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.. لقد تنكرت إسرائيل لكافة الاتفاقيات الموقعة معها ويعمل القادة الصهاينة على تحدي الإرادة الدولية والضرب عرض الحائط بكل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي والاستمرار في سياسة العدوان والقمع والإرهاب ومن المؤسف أن يحدث كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم كله ودون أن يحرك أحد ساكنا.. كما أنه من المؤلم أن يتم التعامل مع قرارات الشرعية الدولية بمعايير مزدوجة وحيث تنفذ تلك القرارات في أماكن أخرى ولا تنفذ من قبل إسرائيل.
الحوادث:هل تؤيدون قيام إصلاحات داخل السلطة الفلسطينية، وهل يطرح الأمريكيون في ظروف الحصار شروطا تعجيزية تصب في مصلحة المخططات الشارونية؟
الـرئيس: هذا شأن يخص الشعب الفلسطيني..والمطالبة الإسرائيلية بتغيير القيادة الفلسطينية الحالية بزعامة الرئيس ياسر عرفات أمر يثير السخرية والاندهاش.. إذ كيف لسلطة احتلال أن تطالب بتغيير قيادة شعب يناضل من أجل التحرر من نير احتلالها وهيمنتها، وبالتالي فرض قيادة بديلة تكون عميلة لها وتنفذ مخططاتها..هذا أمر لا يجوز ولا يستقيم مع أي منطق سليم.
الحوادث: كيف تنظرون إلى مسيرة انتفاضة الأقصى بعد دخولها عامها الثالث، وهل عسكرة هذه الانتفاضة كان خطأ استراتيجياً لأنها أنهت الحكم الذاتي؟
الـرئيس: الانتفاضة الفلسطينية مقاومة مشروعة ضد الاحتلال والقمع والإرهاب الصهيوني وقد حقق الشعب الفلسطيني العديد من الانتصارات على صعيد الدفاع المشروع عن نفسه ومقدساته وعن حقه المغتصب مهما كانت التضحيات الجسيمة التي قدمها على درب نضاله ومقاومته للاحتلال.. ويكفي أن إسرائيل تشعر اليوم بالوهن والضعف، على الرغم من تلك الترسانة الضخمة من الأسلحة الفتاكة التي تمتلكها وتحاول من خلالها قمع انتفاضة الشعب الفلسطيني، وكذا الدعم اللامحدود الذي تناله وبخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية.
الحوادث: هل تعتبرون أن مبادرة السلام التي تتبناها القمة العربية في بيروت ما تزال تصلح لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. أم أن التطورات الإسرائيلية والميدانية قد تجاوزتها على غرار مبادرات عربية أو أوروبية سابقة؟
الـرئيس: مبادرة السلام العربية التي تم إقرارها في قمة بيروت في جوهرها ترتكز على قرارات الشرعية الدولية وعلى المطالبة بإقرار إسرائيل بالحقوق العربية المشروعة وفي مقدمتها الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة حتى حدود الرابع من يونيو 1967م.. وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. وهي بهذا تمثل الأساس الحقيقي لا حلال السلام العادل والدائم في المنطقة.
الحوادث: كيف تنظرون إلى الدور الذي تقوم به جامعة الدول العربية في هذه المرحلة وإلى أي حد يعكس الطموحات العربية القومية في هذه المرحلة الحرجة والدقيقة من التاريخ العربي؟
الـرئيس: الجامعة العربية هي بيت العرب ودورها حيوي لخدمة القضايا العربية والعمل العربي المشترك..وما من شك أن الواقع الذي تعيشه الجامعة أنما هو انعكاس للواقع العربي الراهن الذي يعاني للأسف من حالة الفرقة والشتات وغياب التضامن الحقيقي والفعال بين الأشقاء، ولكن تظل الطموحات كبيرة في النهوض بالواقع العربي وبالتالي مؤسسة الجامعة العربية وتنشيط دورها وتفعيل آليات العمل العربي المشترك عموما.. ونحن في الجمهورية اليمنية دعونا وما نزال إلى نظام عربي جديد يتجاوز الحالة العربية الراهنة بما في ذلك أسلوب وآليات العمل في إطار مؤسسة الجامعة العربية.. ومن شأن ذلك التفاعل مع كافة المتغيرات والمستجدات التي شهدتها منطقتنا العربية وشهدها العالم. ومن المهم أن يتأسس مثل ذلك النظام الذي يضمن التآزر بين الأشقاء بعضهم البعض وتحقيق التكامل فيما بينهم سياسياً واقتصادياً وثقافياً وأمنياً وغيره وبما يؤسس لمستقبل عربي أفضل ويكفل للأمة مجابهة كافة التحديات المفروضة عليها.
الحوادث:هل تعتقدون أن الإعلام العربي الرسمي والخاص يعبر عن أهمية ومستوى المرحلة الحالية التي يعيشها العالم العربي، لأنه من الواضح أن هذا الإعلام لم يرتق إلى مستوى التحديات المطروحة في مواجهة ماكنة إعلامية أمريكية هائلة؟
الـرئيس: للإعلام العربي والمثقفين العرب دور كبير وهام ينبغي الاضطلاع به لخدمة الأهداف القومية والدفاع عن القضايا والمصالح القومية.. والأمة تواجه تحديات كبيرة سواء على صعيد ما يتصل بالصراع العربي الإسرائيلي أو على صعيد ما يواجهه العرب والمسلمون من اتهامات بطالة تمس سمعتهم وتحاول تكريس صورة سلبية عنهم في أذهان الآخرين خاصة في ضوء ما تضخه أجهزة الإعلام الصهيونية والمعادية للعرب والمسلمين مستغلة بعض الحوادث أو التصرفات غير المسئولة التي يرتكبها بعض العناصر هنا وهناك.. ولهذا ينبغي لوسائل الإعلام العربية القيام بدورها في التصدي لمثل تلك الحملات المشوهة للحقائق وخلق وعي حقيقي بالقضايا العربية والإسلامية وهذا يتطلب تقديم خطاب إعلامي متطور ومؤثر قادر على تقديم الحقائق والمعلومات والأخذ بكل جديد في مجال تقنيات الإعلام وكيفية مخاطبة الرأي العام بمصداقية وبعقلية متحررة ومنقحة.. وعموما يجب أن يكون الإعلام العربي عند مستوى التحديات.
الحوادث: ما هو مفهومكم للأمن الاستراتيجي في البحر الأحمر وهل منحتم تسهيلات للأمريكيين في جزيرة سقطرى؟
الـرئيس: الأمن في البحر الأحمر مهم من اجل أمن وسلامة الملاحة الدولية في هذه المنطقة الحيوية للتجارة الدولية حيث يوجد مضيق باب المندب الاستراتيجي ينبغي أن يتعاون الجميع من اجل تحقيق هذه الغاية، أما فيما يتعلق بما جاء في سؤالك عن التسهيلات للأمريكيين في سقطرى فهذا غير صحيح وليس هناك أي تسهيلات سواء للأمريكيين أو غيرهم.
الحوادث: ما هي حقيقة الحوار مع إريتريا بشأن حقوق الصيد التقليدي، وماذا عن الصيادين اليمنيين الذين تحتجزهم سلطات اسمرا، وهل هناك اتفاق وشيك لتسوية هذه الخلافات؟
الـرئيس: ليس ثمة مشكلة مع إريتريا وإذا كان هناك تباين بين البلدين فيما يتعلق بتفسيرهم لمفهوم حقوق الصيد التقليدي لكلا الطرفين.. فلقد دعونا جيراننا في إريتريا إلى الجلوس معنا على طاولة المفاوضات لحل هذا التباين في إطار تنفيذ حكم هيئة التحكيم سواء بشكل ثنائي أو اللجوء إلى طرف ثالث لتفسير منطوق الحكم طبقا لما نص عليه.. وهناك فرص ومجالات عديدة للتعاون المشترك بين البلدين الجارين سواء في مجال الصيد أو غيره فنحن بلدان جاران ومن المهم أن تكون العلاقات اليمنية الإريترية جيدة وطبيعية وهذا من مصلحة الشعبين اليمني والإريتري.
الحوادث: أين أصبح ملف التحقيقات في الهجوم الذي استهدف المدمرة الأمريكية أس. أس. كول في ميناء عدن هل اعتقلت أجهزتكم كل المتورطين في العملية، متى يحاكمون وهل سيتم تسليم عدد منهم إلى واشنطن كما تطالب بذلك؟
الـرئيس: التحقيقات في الهجوم الذي استهدف المدمرة كول استكملت تقريبا وأصبحت سبه جاهزة لعرضها على النيابة العامة لاستكمال إجراءاتها القانونية.. وبالنسبة للمتهمين في التورط في ارتكاب ذلك الاعتداء تم ضبط العديد منهم من قبل الأجهزة الأمنية اليمنية وسيحال هؤلاء لمحاكمتهم أمام القضاء اليمني، ولن يتم تسليمهم لأي جهة لأن الدستور اليمني يحرم تسليمهم ولم يطالبنا أحد بذلك وكما أعلن مؤخرا.. فقد تم ضبط المدعو عبد الرحيم الناشري مؤخرا في الإمارات العربية المتحدة وهو متهم في التخطيط والتنفيذ في حادث الاعتداء على المدمرة كول.
الحوادث: سيادة الرئيس قيل أن بلادكم قاعدة خلفية لتنظيم بن لأدن في ضوء الأحداث الأمنية التي هزت صنعاء ومدنا أخرى منذ أيلول سبتمبر 2001م. ما هي الحقيقة في هذا الأمر وكيف تعملون على تفكيك شبكة تحالف عناصر يمنية وأجنبية أي نتائج حققت أجهزتكم وهل انتم راضوان عنها؟
الـرئيس: هذا غير صحيح عناصر تنظيم القاعدة موجودون في كثير من الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.. وهناك عناصر قليلة ومحدودة يشتبه في انتمائها للقاعدة مطلوبة للأجهزة الأمنية وهي تتخفى وتتنقل من مكان لأخر وتقوم الأجهزة الأمنية بمطاردتها لإلقاء القبض عليها لمساءلتها قانونيا إزاء ما تتهم بارتكابه من أعمال تخريب وإرهاب في البلاد وقد القينا بالفعل القبض على العديد من العناصر المتهمة بارتكاب أعمال تخريب وإرهاب سواء في حادثة المدمرة كول أو ناقلة النفط الفرنسية ليمبورج أو حادث إطلاق النار على الطائرة الهيلوكبتر التابعة لشركة هنت النفطية أو غيرها من الحوادث التخريبية وهؤلاء تجرى معهم التحقيقات وسيتم محاكمتهم أمام العدالة على ضوء الأفعال والجرائم التي ارتكبوها بحق الوطن وأمنه واستقراره.
الحوادث: هل تتواجد قوات أمريكية خاصة على الأراضي اليمنية بهدف مساعدة وحداتكم العسكرية على مطاردة عناصر القاعدة أم أن الأمر لا يتعدى مستوى التعاون والتدريب؟
الـرئيس: لا توجد قوات أمريكية على الأراضي اليمنية لمطاردة عناصر القاعدة أو غيرهم فهذا أمر تتولاه الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة اليمنية. ولكن يوجد عدد محدود من الخبراء الأمريكيين يقومون بتدريب القوات الأمنية الخاصة بمكافحة الإرهاب والأمر لا يتعدى مستوى التدريب وتبادل المعلومات.
الحوادث: أكدت الخارجية الفرنسية أن ثمة أربعة فرنسيين محتجزين لدى الأجهزة الأمنية اليمنية من دون أن توجه إليهم آية اتهامات واضحة. ولماذا اعتقلوا وأي مصيراً ينتظرهم وهل ترحلونهم مثلا باريس؟
الـرئيس: العناصر التي ألقي القبض عليهم ممن يحملون الجنسية الفرنسية هم من أصول مغاربية وكانوا يقيمون في البلاد بطريقة غير مشروعة، ونتيجة لذلك ألقت الأجهزة الأمنية اليمنية القبض عليهم وسيتم معاملتهم بحسب القانون.
الحوادث: ماذا بشأن المواطنين اليمنيين الذين تحتجزهم الولايات المتحدة الأمريكية في قاعدة جوانتانامو ضمن من تم أسرهم في أفغانستان وهل طالبت اليمن بتسليمهم مثلا وما هو الموقف الأمريكي تجاههم وكذا إزاء احتجاز عدد من المغتربين اليمنيين في الولايات المتحدة؟
الـرئيس: نحن مهتمون بالمواطنين اليمنيين أينما كانوا سواء المغتربين في الولايات المتحدة أو الذين تم احتجازهم في قاعدة جوانتانامو أو غيرهم وبالنسبة لمعتقلي جوانتانامو فقد تم إرسال مجموعة من الضباط لتفقد أحوالهم ومعرفة أوضاعهم هناك والتواصل مستمر مع الجانب الأمريكي سواء بشأن المغتربين اليمنيين الذين تم احتجازهم أو المعتقلين في جوانتانامو والذين طالبت اليمن بتسليمهم أليها وذلك للتحقيق معهم، فمن كان منهم مذنبا سيتم محاسبته طبقا للقوانين اليمنية ومن كان غير ذلك فسيتم إطلاق سراحه.
الحوادث: إلى أي مدى وصل حجم الآثار والخسائر التي لحقت باليمن منذ أحداث الـ11 من أيلول سبتمبر 2001م حتى الآن؟
الـرئيس: اليمن تضررت كثيرا نتيجة الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها منذ أحداث الـ11 من سبتمبر 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية ومن قبل تلك الأحداث وتحديدا منذ أن تعرضت المدمرة الأمريكية كول للاعتداء أثناء رسوها في ميناء عدن في الـ12 من أكتوبر 2000م وخسائر اليمن كبيرة سواء على الصعيد الاقتصادي أو على صعيد السياحة والاستثمار وغيرها فلقد أساءت تلك الأعمال لسمعة اليمن وأضرت به.
الحوادث: هل هناك مساعدات أو دعم من جانب الولايات المتحدة الأمريكية للتخفيف من حجم هذه الأضرار على ضوء التعاون الإيجابي الذي أبدته الجمهورية اليمنية فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب؟
الـرئيس: التعاون اليمني الأمريكي جيد والولايات المتحدة الأمريكية تساهم سواء بشكل ثنائي أو من خلال الدول والمنظمات والصناديق الدولية لدعم مسيرة التنمية والديمقراطية في اليمن والتعاون اليمني الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب يخدم المصلحة الوطنية أولا وهو يأتي في إطار دعم اليمن للجهود الدولية لمكافحة الإرهاب باعتبار الإرهاب آفة دولية تمس الأمن والاستقرار العالمي.
الحوادث: تشهد بلادكم بين الحين والأخر عمليات خطف لرعايا أجانب خصوصا في المناطق ذات السيطرة القبلية وعلى خلفية مواقف مطلبيه حياتية وتنموية.. كيف تتعاملون مع هذه الأحداث.. أية إجراءات تتخذونها لمنع تكرارها خصوصا أنها ذات انعكاسات سلبية على صورة اليمن في الخارج؟
الـرئيس: أعمال الخطف للأجانب انتهت تقريبا ولم تعد تتكرر بعد أن اتخذت الدولة إجراءات فعالة لإنهاء هذه الظاهرة السلبية التي أساءت لسمعة اليمن.
الحوادث: كيف تقيمون الحالة السياسية العامة في اليمن خصوصا على مستوى العلاقة مع الحزب الاشتراكي وعودة مئات العسكريين الذين غادروا البلاد عام 1994م.. وهل قائمة الـ 16 ما تزال قائمة أم أن العدد تقلص إلى مادون العشرة وهل تخططون للسماح بعودة الرموز الاشتراكية التي تحملونها مسئولية الانفصال لطي صفحة أليمة من تاريخ اليمن؟
الـرئيس: هذا سؤال تستطيعون الإجابة عليه انتم ومن خلال متابعتكم للأوضاع في اليمن وعموما الحالة السياسية جيدة والحزب الاشتراكي مثله مثل بقية الأحزاب العاملة في الساحة الوطنية يمارس دوره ونشاطه في إطار الديمقراطية والتعددية الحزبية بصورة طبيعية واعتيادية.. وبالنسبة لعودة الذين كانوا متواجدين في خارج الوطن منذ حرب صيف عام 1994م عادوا جميعهم تقريبا سواء كانوا من المدنيين أو العسكريين في إطار الاستفادة من قرار العفو العام.. وإذا تبقى البعض وهو قليل فإن هؤلاء نقول لهم بأن الوطن يرحب بهم ليعودوا إليه مواطنين صالحين لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات طبقا للدستور شأنهم شأن كل المواطنين اليمنيين، وبالنسبة لقائمة الـ16 فقد حوصرت في أربعة تقريبا صدرت بحقهم أحكام تنفيذية وهؤلاء عليهم الامتثال لحكم القضاء.
الحوادث: هناك مشاكل اقتصادية يواجهها اليمن وتباطؤ في تنفيذ المشاريع التنموية.. وكيف تعالجون هذه الثغرة الاجتماعية وهل التعاون مع الصندوق النقد الدولي أفاد الحالة الاقتصادية اليمنية بشكل عام أم أنه رتب عليها أعباء وكبلها بالمستلزمات الصعبة؟
الـرئيس: لقد اتخذت الحكومة اليمنية العديد من الإجراءات لإصلاح الأوضاع الاقتصادية وتم تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري والذي حقق بحمد الله نتائج إيجابية ملموسة على صعيد استعادة الاقتصاد اليمني لعافيته بعد أن تأثر نتيجة تلك الأعباء التي خلفتها فتنة الحرب ومحاولة الانفصال التي أشعلها الانفصاليون في صيف عام 1994م وتم استغلال الإمكانيات الاقتصادية المتاحة كما حصلت اليمن على العديد من المساعدات والدعم سواء من خلال صندوق النقد الدولي أو الصندوق الدولي أو الدول والهيئات المانحة لدعم جهود الإصلاح والبناء التنموي.. وتم تخفيض مديونية اليمن في نادي باريس.. كما أننا حصلنا في مؤتمر المانحين الذي انعقد مؤخراً في باريس على دعم بلغ حوالي 2، 6 مليار دولار بالإضافة إلى الالتزامات السابقة البالغة مليار دولار وكل ذلك عزز من جهود التنمية وساعد على رفع وتيرتها.. وتم بحمد الله وخلال السنوات القليلة الماضية إنجاز العديد من المشاريع الخدمية والإنمائية وفي مقدمتها شبكات الطرق والجسور التي امتدت إلى أكثر من محافظة وربطت اليمن مع أشقائه وجيرانه بالإضافة إلى مشاريع البنية التحتية والأساسية الأخرى سواء الكهرباء أو الاتصالات أو التعليم وغيرها ومع ذلك تظل الطموحات التنموية كبيرة والتحديات الاقتصادية ليست سهلة ونواصل بذل جهودنا لاستغلال إمكانياتنا المتاحة للتغلب على تلك التحديات.
الحوادث: هل أنتم راضون عن أداء حكومة السيد باجمال خصوصا على مستوى التربية والتنمية ومحاربة البطالة وتحسين المستويات المعيشية؟
الـرئيس: الحكومة برئاسة الأخ عبد القادر باجمال بذلت جهودا طيبة لتنفيذ برنامجها الذي نالت بموجبه الثقة من مجلس النواب وتنفيذ مشاريع الخطة الخمسية الثانية للتنمية وبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري والذي يستهدف في المقام الأول تحسين مستويات الأداء الاقتصادي والإداري ورفع وتائر التنمية وفي مختلف المجالات وتحسين المستويات المعيشية للمواطنين وما تحقق شيء جيد.
الحوادث: الآثار اليمنية التي تعكس حضارة عريقة للتاريخ.. هل تجتذب العدد الكافي من السياحة أم أن الأحوال السياسية المتشنجة في المنطقة تحول دون ذلك، أي خطط وضعتم لتفعيل هذا الجانب التنموي القادر على ضم العملة الصعبة في أوساط اقتصادكم الوطني؟
الـرئيس: اليمن غني بآثاره ومعالمه السياحية والتاريخية وتضاريسه الطبيعية الجميلة والمتنوعة التي تجذب الكثير من السياح لزيارته والتمتع بآثاره ومعالمه ونحن نهتم بتطوير المرافق السياحية في البلاد وتشجيع السياحة باعتبارها أحد الموارد الهامة لتعزيز الاقتصاد الوطني وما من شك فإن الأحداث التي شهدتها المناطق والعالم منذ الـ11 من سبتمبر 2001م قد انعكست بآثارها السلبية على صعيد تدفق السياح إلى المنطقة ومنها اليمن. ومع ذلك فأن اليمن يستقبل العديد من السياح والزوار سواء من الدول الأوروبية واليابان أو غيرها من الدول الأجنبية أم من الدول الشقيقة المجاورة لنا في المنطقة.
الحوادث: ما هي توقعات فخامتكم لشكل الخارطة السياسية بعد الانتخابات النيابية القادمة وهل تفضلون أن تكون هناك حكومة ائتلافية أم حكومة أغلبية كما هو الآن؟
الـرئيس: من السابق لأوانه الحديث عن مثل هذه التوقعات الافتراضية، فالمهم لدينا هو إجراء الانتخابات في الـ17 من أبريل 2003م وأن يمارس الشعب حقه في انتخاب من يريد بكل حرية ونزاهة وأن يحتكم الجميع إلى صناديق الاقتراع عبر التنافس الشريف ومن خلال البرامج التي تخدم الوطن.. فالشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه عبر التداول السلمي للسلطة.. والديمقراطية والتعددية بالنسبة لنا في اليمن خيار وطني لا تراجع عنه أبداً