مقابلة الأخ رئيس الجمهورية مع صحيفة واشنطن تايمز في واشنطن في 3 / 4 / 2000 م
نص المقابلة:
– الواشنطن تايمز: فخامة الرئيس تقومون بزيارة إلى الولايات المتحدة الامريكيهَ.. ما الذي تتوَقعونه من نتائج في هذه الزيارة وما الذي سيتم بحثه مع الرئيس بيل كلينتون والمسئولين الأمريكيين الذين ستلتقي بهم؟
–الرئيس: ما من شك أن الزيارة للولايات الملَحدة سوف تفتح آفاقا جديدهَ في مسيرة العلاقات اليمنية – الأمريكية وتطوير وتعزيز الشراكهَ القائمة ببن البلدين الصديقين وتوسيع مجالات التعاون المشترَك بينهما.. والحقيقة انه بوجد حاليا العديد من الاستثمارات الامريكيهَ في اليمن سواء في مجال النفط والغاز والمعادن أو في مجال الطاقة وغيرها من المجالات الاقتصادية والجارية، ونحن نتطلع إلى زيادة فرص التعاون والاستثمار في مجالات عديدة بين بلدينا، وستكون الزيارة فرصهَ للالتقاء بالعديد من المستثمرين ورجال الأعمال الأمريكيين وتجديد الدعوة لهم للاستثمار في اليمن وسوف يحظون بكل الرعاية والاهتمام والتسهيلات اللازمة التي يكفلها قانون الاستثمار. أما على صعيد المباحثات التي سوف نجريها مع فخامة الرئيس بيل كلينتوَن والمسئولين الأمريكيين الآخرين فأنها سَتركز على موضوع العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين البلدين وسبل تعزيزها والقضايا والمستجدات الاقليميهَ والدولية الراهنة وفي مقدمتها تطورات مسيرهَ السلام في المنطقة والدور الذي نتطلع أن تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية للدفع بتلك المسيرة قدما إلى الأمام وبما يكفل تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة الذي يضمن لها الأمن والاستقرار والتعايش السلمي بين شعوبها حتى تتفرغ للبناء والتنمية وصنع التقدم والرخاء. وكذا بحث التطَورات في منطقهَ القرن الأفريقي وتبادل وجهات النظر إزاءها خاصة وأننا في الجمهورية اليمنية نعاني كثيرا من الانعكاسات السلبية للمشاكل والصراعات الدائرة في هذه المنطقة ومنها ما يجرىِ في الصومال والنزاع الإريتري الأثيوبي.. حيت أن بلادنا هي البلد الوحيد في المنطقة الذي ظل يستقبل وما يزال الالاف من النازحين الفارين من جحيم تلك الصراعات والحروب في عدد من دول القرن الأفريقي ويقدم لهؤلاء النازحين المأوى والرعاية الانسانيهَ التامة على الرغم من المصاعب الاقتصادية التي تعانى منها في اليمن وأيضا ما تتحمله نتيجة استقباله هذه الأعداد الكبيرة من النازحين من مشاكل اقتصادية واجتماعيهَ وأمنيه وصحية وغيرها.. ونحن نأمل أن يضطلع المجتمع الدولي بمسئوليته في مساعدة اليمن على تحمل تلك الأعباء من جهة وعلى التدخل الفعال لوضع حد للمشاكل والصراعات الدائرة في هذه المنطقة وبما يحقق استتباب الأمن والاستقرار والسلام.. كما أن موضوع أمن البحر الأحمر سيكون واحدا من الموضوعات الحيوية التي سيتم بحثها مع المسئولين الأمريكيين الذين ستلتقي بهم.. لما لذلك من أهميه على صعيد ضمان الاستقرار وسلامهَ الملاحة الدولية في هذه المنطقة الحيوية للمصالح الدولية.. بالاضافهَ إلى قضايا وموضوعات وشؤون دولية عديدة سيتم بحثها وتبادل وجهات النظر حولها.. ونحن في الجمهورية اليمنية نعول كثيرا على الدور الحيوي والمسئوليات الكبيرة المناطهَ بالولايات المتحدة الامريكيهَ كقوة عظمى وراعية للنظام الدولي الجديد إزاء بؤر التوتر ونشر السلام في مناطق العالم.. عموما الزيارة لها أهميتها الخاصة ونتطلع أن شاء الله بان تكون لها نتائج مثمرهَ وانعكاسات جيدهَ على مختلف الأصعدة التي تهم البلدين الصديقين.
– الواشنطن تايمز: هل ستتضمن المباحئات أيضا موضوع الحدود اليمنية – السعودية والعلاقات مع المملكة العربية السعودية، وبالمناسبة كيف تقيمون علاقاتكم بدول الجوار،. وما مدى تفاؤلكم بعودهَ العلاقات إلى حالتها الطبيعية.. وما لَأثبر ذلك على علاقاتكم بالولايات المتحدة الأمريكية؟
–الرئيس: كما أوضحت سابقاً فان المباحثات ستتنَاول العديد من المستجدات والقضايا الإقلِيمية والدولية وبالطبع فإننا سنطلع الأصدقاء الأمريكان على آخر مستجدات المفاوضات الجارية مع أشقاءنا في المملكة العربية السعودية. ، آما بالنسبة لعلاقاتنا مع أشقائنا في دول الجوار فهي طبيعية وجيدهَ ومتطورة ولا يشوبها أي شائبة ونحن حريصون على تنميتها وتعزيزها لما يحقق المصالح المشتركة ويترجم الآمال المنشودة لشعوبنا. أما العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية فهي علاقات تشهد نمواً مستمرأ وهي قائمة على التعاون والود والاحترَام المتبادل.
– الواشنطن تايمز: فخامة الرئيس.. منذ تحقيق الوحدة اليمنية قبل حوالي عشر سنوات واجهتم الكثير من المصاعب والتحديات وبخاصة على الصعيد الاقتصادي سواء نتيجة لعودة أكثر من مليون يمني كانوا يعملون في بعض دول الخليج تم طردهم من تلك الدول بعد اشتعال حرب الخليج الثانية وانخفاض حجم المساعدات الدولية لبلدكم.. بالإضافة إلى ما واجهتموه من أعباء نتيجة الحرب ومحاولة الانفصال التي جرى في صيف 1994م.. كيف واجهتم تلك المشاكل وما الذي تودون من الولايات المتحدة أن تقوم به لمساعدتكم في مواجههَ مثل تلك المعضلات التي تواجه بلدكم؟
–الرئيس: صحيح نحن واجهنا الكثير من المصاعب والتحديات ليس بسبب الوحدة التي تم استعادهَ تحقيقها في الثاني والعشرين من مايوعام 1990م كهدف إستراتيجي كافح شعبنا اليمني كثيراً من أجل تجسيدها في الواقع لأننا في اليمن أساساً شعب واحد ووطن واحد ولكن واجهنا تلك التحديات نتيجة التآمر على الوحدة وعلى هذا النهج الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية واحترام حقوق الإنسان والتي توجت باشتعال فتنة الحرب والانفصال في صيف عام 1994م من قبل بعض العناصر الانفصالية من بقايا “الشيوعيينِ ” والذين تلقوا دعماً لإعادة تمزيق وطننا وإجهاض التجربة الديمقراطية التي اخذ بها في اليمن.. ولكن تلك المؤامرة فشلت بفضل التفاف الشعب اليمني كله حول وحدته وتمسكه بها ودفاعه عن الشرعية الدستورية حلَى انتصر لها.. أما الانفصاليون وهم عناصر قليلة ومحدودة فقد هزموا وفروا خارج البلاد وتوزعوا على عدة دول عربيهَ وأوربية يحاولون بين الحين والآخر التشكيك في المنجزات التي تتحقق في ظل الوحدة نتيجة لهزيمتهم وفشلهم في تحقيق مآربهم ومصالحهم الذاتية على حساب المصالح العليا للشعب اليمنى وبالفعل فقد دفع شعبنا الكثير في تلك الحرب التي فرضت علينا حيث قدم شعبنا أكثر من عشرهَ آلاف بين شهِد وجريح وخسر أكثر من 11 مليار دولار وكان لذلك انعكاساته السلبية المؤثرة على الاقتصاد الوطني وخطط التنمية.. بالإضافة ألي ما أفرزته عودة أكثر من مليون ومائتين ألف مغترب يمني أئناء حرب الخليج من أعباء على الصعيد الاقتصادي ورغم ذلك فإننا تغلبنا على الكثير من تلك المصاعب وقطعنا شوطا لا بأس به في مضمار إعادة البناء وترجمهَ أهداف التنمية أو في استيعاب آثار عودهَ ذلك العدد الكبير من أبنائنا الذين كانوا يملون في بعض الدول المجاورة والذين كانت عائدات لحولِلاتهم من متاجرهم تساعد إلى حد كبير في دعم الاقتصاد. وبالمناسبة نحن نثمن تثمينا عاليا ونعبر مجددا عن شكرنا وتقديرنا للولايات المتحدة الأمريكية على ذلك الموقف الجلِد المساند للوحدة اليمنية سواء قبل تحقيقها أو أثناء فتنهَ الحرب والانفصال أو بعد ذلك.. فلقد كان ذلك الموقف الإيجابي موضع التقدير والاحترام من قبل أبناء شعبنا وهو موقفَ أنطلق من رؤية واعية ومسئولهَ بأن الوحدة اليمنية عنصر مهم لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة. وبالطبع من أولوياتنا في المرحلة الراهنة هي البناء الاقتصادي والتسريع بوتائر التنمية في بلادنا وكذا نفذنا ومنذ عام 1995م برنامجا طموحا للإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري حقق حتى الآن نتائج لا بأس بها ونحن ماضون في تنفيذه لترجمهَ كافهَ الأهداف المنشودة منه ونتطلع إلى مزيد من المساعدة والدعم من قبل المنظمات الدولية والدول الصديقة المانحة ومنها الولايات المتحدة الأمريكية لدعم جهود الإصلاح الاقتصادي ومسيره التنمية والديمقراطية في بلادنا ونحن متفائلون في هذا الجانب.
– الواشنطن تايمز. على ذكر الديمقراطية.. ألا ترون فخامة الرئيس أن التزام اليمن بالديمقراطية في ظل محيطِ جغرافي مجاور لا يؤمن بالديمقراطية ولا يقبل بها يحملكم أعباء إضافية.. ألا تخشون على تلك الديمقراطية من التلاشي ومواجهة الصعاب بسببها؟ ثم ما هو المطلوب من أمريكا دوليا لدعم توجهاتكم الديمقراطية؟ وهل أنتم راضون عن ذلك الدعم؟
–الرئيس: التزامنا بالديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية وحرية التعبير والصحافة واحترام حقوق الإنسان نابع من قناعتنا الراسخة بها كخيار صائب لإنجاز مهام البناء وصنع التقدم في وطننا، فالعصر هو عصر الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان وفى مقدمتها حق المرأة في المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والعامة وهذا ما جسدنه اليمن في نهجها السياسي.. وما من شك فإن للديمقراطية ثمناً خاصة في بلد مثل بلدنا ومنطقة كمنطقتنا فالديمقراطية اليمنية مثل الشمعة المضيئة وسط الظلام أو الزهرة في الصحراء ولهذا فإنمن الطبيعي أن تواجه تحديات كثيرة ونحن عازمون على المضي قدما على درب الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وإعطاء المرأة اليمنية المزيد من فرص المشاركة ولن نتراجع عن ذلك أبدأ مهما كانت الصعاب.. وأياً كانتَ للدلِمقراطيهَ بعض المساوئ فان الأسوء من ذلك عدم وجود الديمقراطية نفسها.. هذه هي قناعتنا وهذا هو النهج الذي ارتضيناه والتزَمنا به.. وهي تجربهَ تخصنا نحن. وما من شك فإن أصدقاءنا في الدول الديمقراطية سواء في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا أو غيرها من الدول لا يبخلون علينا بالدعم المعنوي لتعزيز التجربة الديمقراطية في بلادنا ولا نستغني عن خبرات تلك الدول للاستفادة منها في هذا المجال وقد احتضنت بلادنا مؤتمرا ناجحاً لدول الديمقراطيات الناشئة وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية ونحن نتطلع إلى المزيد من الدعم الأمريكي والأوروبي ومن الدول الديمقراطية الأخرى لمسيرة الديمقراطية في بلادنا، وبالطبع فإن تحقيق المزيد من النجاح في المسار الديمقراطي خاصة في الدول النامية مرهون بإحراز تقدم ملموس في المسار التنموي والاجتماعي الذي يعكس نفسه على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.
– الواشنطن تايمز: فخامة الرئيس للتغلب على المعضلات الاقتصادية أنتم بحاجة إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز الشراكهَ مع الآخرين والاستفادة من الإمكانات السياحية الجيدة التي يتمتع بها بلدكم، لكن ( حوادث اختطاف الأجانب التي تشهدها اليمن منذ فترهَ تعلِق أي جهود تبذلونها في هذا المجال.. ما هي خططكم للتخلص من تلك المشكلة؟ وما هي أسبابها ومن يقفون وراءها؟
— الرئيس. نحن بالفعل بحاجة إلى مزيد من الاستثمارات ونبذل جهوداً مستمرة من أجل جذبها إلى بلادنا وهناك مجالات وفرص عديدة للاستثمار في اليمن سواء في مجال النفط والغاز أو المعادن أو الطاقة أو السياحة والصناعة والزراعة وفي المنطقة الحرة بعدن.. وهناك مناخ ملائم لذلك وتسهيلات مغرية يتيحها قانون الاستثمار لكافة المستثمرين في اليمن.. وهناك شركات أمريكية وكندية وأوروبية وآسيوية لها استثمارات كبيرة وتحقق عائدات مجزية وتستفيد منها كل الأطراف وتسعى دوما لتوسيعها وتنميتها في مجالات متعددة.. وزيارتنا للدول الصديقة سواء الولايات المتحدة الأمريكية أو كندا أو أوروبا أو البلدان الأسيوية تستهدف في المقام الأول تحقيق تلك الغاية فالعلاقات الدولية تقوم أساساً على تبادل المصالح والمنافع المشتركة. أما فيما يتعلق بحوادث خطف الأجانب التي أشرت أليها في السؤال فهي حالة طارئة واستثنائية ولا يمكن أن تدوم وهي للأسف تقوم بها بعض العناصر المحلية المأجورة بدفع من بعض العناصر التي تعادىِ الوحدة والديمقراطية بهدف تشويه صورة اليمن وشمعتهما وأثاره المخاوف لدى المستثمرين والسياح في عدم المجئ لليمن وذلك من اجل إلحاق الضرر باقتصادنا الوطني وجهود التنمية وإجهاض التوجهات الديمقراطية في بلادنا.. ومع ذلك فان تلك الحوادث التي يستنكرها شعبنا وينبذ القائمين بها قد انتهت جميعها بسلام ودون حصول أي عنف ولم يتعرض أي مخَتَطف أجنبي لأي أذى عدى حالة وحيدة واستثنائية حدثت في محافظهَ أبين وكانت لها ظروف وأهداف مختلفة وقد نال مرتكبوها جزاءهم العادل أمام القضاء ونحن نحرص خلال عملية الاختطاف على عدم اللجوء للعنف وتأمين سلامة المَخَتطفين والإفراج عنهم دون أن يلحق بهم أي أذى وربما انه نتيجة لذلك تشجعت بعض تلك العناصر على القيام بعملية الاختطافات.. ونحن عازمون على اتخاذ المزيد من الإجراءات الحازمة والرادعة للتخلص من ظاهرهَ الاختطافات والتي لاشك أنها تسيء لليمن كثيرا وتضر بمصالحه خاصة في مجال السياحة.
– الواشنطن تايمز. فخامة الرئيس ما هو الدور الذي ترون بان اليمن تلعبه في المنطقة وما هو موقفكم فيما يتعلق بتطورات مسيرهَ السلام في الشرق الأوسط؟
–الرئيس: اليمن بلد هام وله دور مؤثر وفعال في محيطِه الجغرافي وفى المنطقة فهو بلد تاريخي وحضاري قديم وهو يحتل موقعا جغرافيا استراتيجيا هاما في جنوب الجزيرة العربية بكثافته السكانية وبأطلاله على مضيق باب المندب ومسئوليته في تأمين سلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وله علاقاتَ جيدة ومتينة مع جميع أشقائه العرب ومنها دول الطوق المعنية بالصراع العربي الإسرائيلي بالاضافهَ إلى قدرته على لعب دور لصالح الاستقرار والسلام في منطقهَ القرن الأفريقي المجاورة له وفى المنطقة عموما. واليمن بلد مسالم ويحب السلام واستطاع أن تحل مشاكله الحدودية مع أشقائه وجيرانه سواء مع عمان وارتيريا عبر طرق سلمية.. ولهذا فأننا أكدنا دوما دعمنا لكافهَ الجهود المبذولة من اجل تحقيق السلام في المنطقة والذي نرى بأنه لكي يكون سلاما وعادلا وشاملا! ودائما فانه ينبغي أن يرتكز على نيل العرب لحقولَهم واستعادهَ أراضيهم المحتلة في عام 1967م سواء في الجولان أو جنوب لبنان أو في فلسطين. والحقيقة أن الجميع بحاجة إلى السلام من اجل تحقيق الأمن والأمان، فبقدر حاجهَ العرب للأمن والسلام فان إسرائيل اكثر حاجهَ إليهما من العرب والأمن والسلام عمليتان متلازمتان لهذا لابد أن يكون هناك جدية في المفاوضات من الجانب الإسرائيلي حتى تم التوصل إلى السلام المنشود. ونحن نتطلع بان تواصل الولايات المتحدة الامريكيهَ بذل جهودها ومساعيها الحثيثة من اجل تحقيق تقدم حقيقي في كافة مسارات السلام وبما يكفل التوصل إلى ذلك السلام الذي يجنب شعوب المنطقة التوترات والصراع ويكفل لها التعايش والتفرغ للتنمية وتحقيق الرخاء والازدهار.