مقابلة الأخ رئيس الجمهورية مع صحيفة “المستقلة”
أجرت صحيفة “المستقلة” الصادرة في لندن مقابلة مع الأخ الفريق/ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية ونشرتها في عددها هذا الأسبوع تناول فيها جملة من القضايا الوطنية والإقليمية والدولية الهامة وفيما يلي نص الأسئلة وإجابات الأخ الرئيس عليها.
* تتحدث بعض أحزاب المعارضة عن وجود معتقلين من عناصرها جرى اعتقالهم بعد التفجيرات التي حدثت في عدن.. ما صحة هذه الدعاوى وتعليقكم على ذلك؟
– أجهزة الأمن ألقت القبض على العناصر المتهمة والمشتبه بضلوعها في مخطط تخريبي استهدف زعزعة الأمن والطمأنينة في المجتمع والإساءة لسمعة الوطن من خلال القيام بأعمال تخريبية.. كما حدث في التفجيرات التي شهدتها مدينة عدن.. وتجري الأجهزة المختصة الآن تحقيقاتها مع العناصر وستحال للنيابة ومن ثبتت إدانته فسيحال للمحاكمة لينال جزاءه ومن هو غير مذنب فسيتم تبرئته والإفراج عنه.
* هل كشفت التحقيقات مع هؤلاء عن أي دوافع داخلية أو خارجية؟
– التحقيقات الأولية كشفت عن تورط عدد من تلك العناصر في ارتكاب أعمال عنف وتخريب وهي عناصر تنتمي لبعض الأحزاب المعروفة بارتباطاتها الخارجية وبدفع وتخطيط من قبل العناصر التي أشعلت فتنة الحرب والانفصال في الوطن والفارة في الخارج وهما في الحقيقة وجهان لعملة واحدة.
عموماً التحقيقات جارية الآن وسوف تكشف كل النتائج عبر القضاء الذي هو الجهة المناط بها الفصل في هذه القضية.
* أيضاً في المقابل تكررت ظاهرة الاختطاف للسياح الأجانب في البلاد وقد شهدت اليمن ومنذ نهاية الانتخابات في إبريل 1997م بعض عمليات الاختطاف للأجانب من قبل بعض العناصر القبلية.. ما هو الهدف من هذه العمليات ومن يقف وراءها وهل هناك اتجاه لدى الدولة لإيجاد حل حاسم لهذه القضية؟
– اختطاف الأجانب في بلادنا ظاهرة سيئة وغريبة على مجتمعنا وعقيدته وتقاليده وتراثه وأخلاقياته وهي ظاهرة تأتي في إطار نفس المخطط التخريبي الذي يستهدف الإساءة لسمعة اليمن خارجيا والأضرار بالاقتصاد الوطني من خلال هذه الأعمال التخريبية التي تقوم بها بعض العناصر المرتزقة المدعومة من الخارج بهدف الكسب المادي الرخيص.
وعموما الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها في هذا الصدد وقد تم إنهاء جميع عمليات الاختطاف بسلام ودون أن يلحق بالمختطفين أي أذى .
كما أن الجناة لم ولن يفلتوا من العقاب الرادع عبر القضاء وهناك إجراءات يجرى اتخاذها من اجل منع تكرار حدوث مثل هذه الظاهرة السلبية التي تسيء لوطننا وسمعته وتتنافى مع ما عرف عن شعبنا من أخلاق وشهامة واحترام وإكرام لضيوفه .
* فخامة الرئيس.. قلتم من منبر هذه الصحيفة في حوار سابق أن الديمقراطية خيار لا رجعة عنه في اليمن هل ما يزال خياركم الديمقراطي قائماً وهل ستؤثر عليه حملة الإعتقالات في صفوف الاشتراكي والرابطة؟
نؤكد وربما للمرة الألف أن الديمقراطية هي الخيار الحضاري الأمثل الذي انتهجته بلادنا وهو خيار لا تراجع عنه أبدا والممارسة الديمقراطية في اليمن حقيقة واقعة تتجسد من خلال التعددية الحزبية والتنافس السلمي للوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع ومن خلال حرية الصحافة والتعبير واحترام حقوق الإنسان.. أن الديمقراطية بالنسبة لنا قناعة راسخة وهي سمة العصر والوسيلة المثلى للمشاركة الشعبية الواسعة في صناعة القرار ومسيرة البناء ولا قيود ولا حجر على أي رأي مهما كان سوى ما يفرضه القانون من التزامات مسؤولة وبما يصون حرية الجميع.
أما فيما يتعلق بمن تم التحفظ عليهم فلقد أوضحت في إجابتي السابقة انه لم يعتقل أحد بسبب رأيه ومواقفه فالرأي السياسي مكفول في ظل الديمقراطية وفي إطار الالتزامات بالقانون وأما من تم التحفظ عليهم من قبل الأجهزة الأمنية فهم من المتهمين أو المشتبه بضلوعهم في أعمال عنف أو تخريب وعند استكمال التحقيقات معهم سيحالون للقضاء وهو كفيل بإدانة من ثبتت إدانته وبراءة من هو بريء .
* يلاحظ المراقبون أن هناك تحركات مكثفة وزيارات متبادلة تتم على الجانبين اليمني والسعودي لحل مشكلة الحدود بين البلدين.. إلى أين وصلت المفاوضات الحدودية وما تعليقكم على ما تردده بعض أحزاب المعارضة بأن قضية الحدود تتم بمعزل عن التشاور معها وان التسوية التي يجري الترتيب لها تشتمل على تفريط في الحقوق اليمنية وبخاصة بعد القبول بمعاهدة الطائف؟
– أولاً ليس هناك أي تفريط في الحقوق اليمنية ولن يكون والمفاوضات الجارية مع أشقائنا في المملكة العربية السعودية لحل مسألة الحدود تستهدف التوصل وعبر التفاهم الأخوي إلى الحل العادل والمرضي الذي تصونه الأجيال في البلدين وترعاه وبما يجعل من الحدود جسورا للتواصل الأخوي والتعاون الإيجابي المثمر الذي يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين الجارين.
والمفاوضات تسير باتجاه إيجابي نحو تحقيق هذه الغاية أن شاء الله.
أما ما يخص معاهدة الطائف وغيرها فنحن ورثناها من العهد الأمامي والعهد الاستعماري السلاطيني، نحن لم نفرط في الأرض بل حافظنا عليها.. للأسف أن هناك عناصر تسعى جاهدة للشوشرة والحيلولة دون توصل البلدين إلى أي اتفاق لأنه للأسف توجد عناصر هنا وهناك تستفيد من بقاء ملف الحدود مفتوحاً وفي عدم إيجاد أي تقارب أو تعاون بين البلدين الجارين وهي تشعر انه إذا ما توصل البلدان إلى اتفاق بشأن الحدود أو غيرها فإن مصالحها ستتضرر وستفقد المخصصات المالية التي تتلقاها من بعض الجهات في المملكة العربية السعودية مقابل ما تقوم به من أعمال لتعكير صفو العلاقات بين البلدين بهدف إبقاء الوضع متأزما وهذا هو المناخ المناسب لها لنيل المكاسب المادية .
نحن عازمون في ظل توفر الرغبة المشتركة بين قيادتي البلدين بأذن الله على إيجاد حل نهائي وعادل لمشكلة الحدود مع أشقائنا وبما يعزز العلاقات الأخوية ولما فيه خير وازدهار الشعبين ودعم مسيرة الاستقرار في المنطقة .
* جئت من الكويت قبل أيام قليلة وسمعت هناك وقرأت آراء تدعو لبدء التطبيع في العلاقات اليمنية الكويتية هل يمكن أن نعرف منكم مجددا موقف اليمن من استقلال الكويت وسيادتها ونظرتكم للعلاقات معها في المستقبل .
– اليمن مع استقلال وسيادة الكويت وكل قطر شقيق أو صديق ولقد ظلت تربطنا بالكويت علاقات أخوية طيبة ونتطلع إلى أن تعود تلك العلاقات إلى ما كانت عليه من الصفاء والود وليس ثمة مشكلة من جانب اليمن في ذلك .
* فخامة الرئيس هل ستشارك اليمن في قمة الدوحة الاقتصادية.؟
– اليمن مع الإجماع العربي ولن تشذ عنه وان كنا نرى أن الموقف الإسرائيلي المتعنت من مسيرة السلام وممارستها القمعية ضد الشعب الفلسطيني يزعزع ثقة العرب في إسرائيل ويفقدها أي مصداقية في التعامل معها على أي مستوى وفي أي مجال .
بماذا تنصحون الرئيس عرفات في هذا الموقف العصيب في فلسطين.. وماذا تقولون للوسيط الأمريكي؟
– نصيحتي لأخي الرئيس ياسر عرفات أن يظل محافظاً على رباطة جأشه لقيادة مسيرة الشعب الفلسطيني إلى بر الأمان رغم العواصف والتحديات التي تواجه تلك المسيرة وان يعزز المكاسب التي حققها الشعب الفلسطيني عبر نضاله وبما يكفل نيل المزيد منها على طريق ترجمة كافة الآمال والتطلعات في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف .
أما الوسيط الأمريكي فنقول له أن من شروط الوساطة الشريفة الحياد والإنصاف وان تأتي الحلول مرضية للطرفين وليس لطرف على حساب الطرف الأخر والتعنت الإسرائيلي واضح وأساليب القمع والحصار التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تهيء المناخات المناسبة لإقامة سلام عادل وشامل في المنطقة لهذا ينبغي لأمريكا الدولة العظمى وراعية النظام الدولي الجديد أن تقف مع الحق والعدل وان توقف المعتدي عند حده وبما يضمن للمنطقة الأمن والاستقرار والتعايش السلمي بين شعوبها .
– هل انتم متفائلون بشأن نتائج التحكيم الخاص بالنزاع بين اليمن وارتيريا حول جزيرة حنيش؟
– النزاع بيننا وبين ارتيريا حول جزيرة حنيش الكبرى اليمنية محال للتحكيم ونحن ننتظر نتائج التحكيم وسوف نسلم بتلك النتائج ولدى اليمن من الوثائق والأدلة الكثير التي تثبت حقيقته في الجزيرة .
* أعلن عن زيارات رسمية ستقومون بها لألمانيا الاتحادية في سبتمبر المقبل تتبعها زيارة مقبلة لبريطانيا هل يدل هذا على تطور العلاقات بين اليمن ودول الاتحاد الأوروبي؟
نحن مرتاحون للتطور المتنامي في علاقات بلادنا مع دول الاتحاد الأوروبي ونقدر كثير المساعدات التي تقدمها دول الاتحاد لدعم مسيرة التنمية والديمقراطية وبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري وعلى وجه خاص ألمانيا وفرنسا وهولندا وبريطانيا وبلجيكا وزياراتنا خلال الفترة القادمة لكل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تأتي تلبية لدعوات من قادة تلك الدول وفي إطار التواصل معهم وإجراء مباحثات تستهدف تعزيز العلاقات وتطوير مجالات التعاون وتوسيع آفاقها لما فيه تحقيق المصالح المشتركة وبحث المستجدات والقضايا ذات الاهتمام المشترك وفي طليعتها تطورات مسيرة السلام في المنطقة .
* فخامة الرئيس اسمحوا لي بالعودة إلى الشأن اليمني الداخلي والشأن الاقتصادي تحديدا ما هي الإجراءات التي اتخذتموها للحد من مضاعفات الإصلاحات الاقتصادية على معيشة الطبقات الفقيرة من أهل اليمن؟
– برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري حقق نتائج جيدة على صعيد معالجة الاختلالات في المجال الاقتصادي والحد من التضخم والعجز في الموازنة وزيادة معدلات النمو أما بالنسبة للطبقات الفقيرة فإن هناك شبكة للامان الاجتماعي التي من مهامها التخفيف على الطبقات الفقيرة من أي مضاعفات لتطبيق الإصلاحات الاقتصادية .
* إلى أي مدى ساهمت عائدات البترول في دعم الاقتصاد اليمني؟؟
– العائدات النفطية في بلادنا متواضعة ومع ذلك فإنها تكرس لخدمة أهداف التنمية وبالذات في مجال استكمال ألبني الأساسية ومشاريع الخدمات وجزء لا بأس منه يوظف لتلبية احتياجات اليمن من المواد الغذائية الضرورية وبالذات سلعتي القمح والدقيق المدعومتين ونحن نتطلع الى تنمية تلك العائدات عبر زيادة مساحة الاستكشافات النفطية وتشجيع الاستثمارات في مجال النفط والغاز.
* كيف يمكن لليمن أن تقلد تجربة النمور الأسيوية وتخرج من دائرة الفقر بكل معانيها هل تعتقدون أن تكرار تجربة دول مثل كوريا الجنوبية أو ماليزيا أمر ممكن في اليمن؟
ما من شك أن تجربة النمور الأسيوية تجربة ناجحة تستحق الاقتداء بها ولكن لكل بلد خصوصياته وتجاربه المنطلقة من واقعه وإمكاناته وقدراته وان كان ذلك لا يمنع من الاستفادة من التجارب الإيجابية للآخرين وهمنا الأساسي في اليمن هو التنمية الشاملة وبناء اقتصاد وطني .