كلمة فخامة رئيس الجمهورية في الدورة الاستثنائية للتجمع اليمني للإصلاح
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أبارك وأهنئ بكل النتائج التي سوف يسفر عنها اجتماعكم هذا حيث تكتسب هذه الدورة أهمية كبيرة في إطار العملية الديمقراطية.. وما انعقاد هذا المؤتمر إلا دليل قاطع على أن التجربة الديمقراطية في بلادنا بدأت تتضح وتتطور في إطارها الصحيح. والعملية الديمقراطية لم تكن تقليداً أو مفروضة من أحد على شعبنا اليمني بل هي خيار وطني اخترناه وانتهجناه برضانا جميعاً.
فعلينا أن نرعى هذه العملية الديمقراطية وهي في بدايتها وهى تترسخ يوماً عن يوم. وفي بداية الأمر تبدو الأمور صعبة ولكن عندما توجد العزيمة والإصرار والقناعة تنضج هذه التجارب والتي نعتبرها مكسباً وطنياً لشعبنا وللوطن.
إننا نخوض هذه التجربة الديمقراطية بمسئولية وطنية دون اللجوء للعنف أو الإرهاب أو أي أعمال أخرى دون اللعبة الديمقراطية. وهي لعبة سياسية نهتم بها جميعاً.
وأنا أتحدث إليكم في التجمع اليمني للإصلاح كأخ ورئيس للبلاد وليس كرئيس لحزب سياسي بل رئيس للأمة اليمنية كلها.. ولهذا يجب أن يترسخ مفهوم الديمقراطية الحقة وحيث أخذنا بالتعددية السياسية والحزبية ولا يعنى ذلك الفراق أو الطلاق.
فلقد كنا ننضوي سوياً تحت مظلة المؤتمر الشعبي العام وفي عام 1990م أخذنا بخيار التعددية وتشكلت الأحزاب في إطار الديمقراطية وطبقاً للدستور والقانون. ولا يعني هذا فراقاً بيننا وبين إخواننا في الإصلاح أو التنظيمات السياسية الأخرى. فالتعددية لا تفسد للود قضية وهذا يزيدنا إصراراً وتفاهماً وحرصاً على رعاية التجربة. وهذه مسئوليتنا جميعاً ليس الرئيس وحدة أو حزب بعينه بل الجميع لأن التجربة من صنعنا جميعاً وممارستنا جميعاً وهي ليست نظرية فلسفية من هنا أو هناك دون حاجة لذكر أي قطر في الوطن العربي أو خارجه بل هي تجربة وطنية توفرت عن قناعة لدى كافة القوى السياسية في الساحة الوطنية. والديمقراطية هي الحل بعيداً عن اللجوء للعنف أو أي عمل آخر. أن انعقاد هذا المؤتمر وفي هذه الظروف بداية صحيحة ودليل على رسوخ العملية الديمقراطية.
لقد سمعت الكثير من بعض إخواننا في التجمع اليمني للإصلاح أو بقية التنظيمات السياسية حول وجود خروقات وحول تصحيح جداول الناخبين. ونحن نقول كل شيء جائز.. السلبيات لابد أن توجد والإيجابيات لابد أن تكون موجودة ولكن علينا أن ننمي الإيجابيات ونحاصر السلبيات جميعاً ليس من قبل الرئيس أو المؤتمر بل من الجميع فهذه مسئوليتنا جميعاً لأننا أبناء وطن واحد ومن جلدة واحدة.
علينا أن ننمى التجربة ونحاصر السلبيات ونرعى ونطور الإيجابيات أينما كانت وفي أي اتجاه.. سياسياً واقتصادياً أو ثقافياً أو اجتماعياً وغيرها ونسمي الأسماء بمسمياتها. وعندما يكون هناك شيء إيجابي نقول عنه إيجابياً ونشجعه حتى لا يحبط من يقومون به ونجعلهم يلجأون للسلبيات.
وما من تجربة أو مرفق أو شخص إلا وله سلبيات وإيجابيات. ولذلك الخالق عز وجل أقام الشريعة وأنزل القرآن وعلمنا ما لم نعلم لأننا كنا أميين ونحن نتعلم كل يوم من تجاربنا وسياستنا وستظل الحياة ويظل الوطن مدرسة نتعلم منها جميعاً وليس منا سواء كان حاكماً أو عالماً أو غيره يستطيع أن يدعي العلم بكل شيء أو وضع ستار بينه وبين المعرفة والعلم. ولا أحد منا يدعي الكمال لنفسه لأن الكمال للخالق عز وجل. الديمقراطية مدرسة نتعلم منها جميعاً ونحن نستفيد من بعضنا البعض. أنتم تستفيدون منا ونحن نستفيد منكم. وعلينا أن نبتعد عن الكبرياء والأنانية. وكل شخص يعتقد نفسه حجة في كل شيء وهذا خطأ. فالإنسان يجب أن ينظر إلى ما حوله وطنياً وإقليمياً وعلى أي مستوى لكي يستفيد وأن يظل يتعلم لان ذلك يدل على التواضع وعلى القدرة على الاستيعاب وفهم المتغيرات.
أن الديمقراطية صعبة ومرة ولكن الأسوأ منها عدم وجودها. والديمقراطية والرأي والرأي الآخر حتى في داخل التنظيم السياسي الواحد قد لا يتقبلها البعض وتضيق الصدور بها ولكن لابد من تطوير الديمقراطية والتعلم منها لأن الأسوأ هو عدم وجود الديمقراطية. وعلينا جميعاً التسليم بالرأي والرأي الآخر. وأنا أشير هنا إلى ما قاله أحد القياديين في التجمع اليمني للإصلاح إلى أن الديمقراطية تجربة جيدة وهي أفضل من أن نعود للعنف والسلاح. وهذا يدل على النضج والوعي.
نحن جميعاً في سفينة واحدة. ليس الإصلاح في سفينة ليبحر بها لوحده. ولا المؤتمر أو أي تنظيم سياسي آخر. ولكننا جميعاً في سفينة واحدة نبحر بها جميعاً إلى شاطئ الأمان والسلامة لكي تستفيد الأجيال ونستفيد جميعاً.
الحمد لله… وطننا بخير وكثير من القضايا تم معالجتها ونحن خرجنا من حرب وكادت البلاد أن تنهار اقتصادياً واجتماعياً ولكن بفضل الله والتفاف شعبنا بكل قواه الخيرة استطعنا أن نصل إلى بر الأمان ولم نكن وحدنا بل كنا جميعاً.. معاً قدنا السفينة وجنبناها الغرق واجتماعكم هذا اليوم يأتي في ظل الأمن والاستقرار لأنه إذا لم يكن هناك أمن واستقرار لما تهيأ لكم عقد مثل هذا الاجتماع بمثل هذا الجمع الكبير.. وقد يطول الكلام معكم ولكنني مضطر لذلك لاستغل هذه الفرصة وأخاطب إخواننا في التجمع اليمني للإصلاح وكثير منهم اعرفهم معرفة جيدة وبعضهم من الشباب الذين أتعرف عليهم في هذه القاعة لكن قلوبنا مع بعضنا ومصيرنا واحد وأكبر دليل على ذلك أننا كنا سوياً في السراء والضراء وفي الظروف الصعبة كنا سوياً وجنباً إلى جنب ولا يعني التباين والرأي الأخر أن يحول بينكم وإخوانكم في المؤتمر والقيادة السياسية فلكل مجتهد نصيب وكل واحد منكم يعتقد أنه على صواب والآخرين على خطأ البعيدون عن العمل الإداري يعتقدون أن هناك سلبيات.
ولهذا ينبغي على الحكومة أن لا تضيق صدورها ولكن على من ينتقد أن يحرص على أن تكون معلوماته صحيحة خاصة إخواننا في التجمع اليمني للإصلاح لأن هناك بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح تحالفاً استراتيجياً والوطن مستفيد كثيراً من هذه العلاقات الاستراتيجية وهذا التحالف.. وأود أن أوضح أن الرئيس عندما انتخب من الشعب فأنه انتخب رئيساً للبلاد كلها وليس للمؤتمر فليس هناك جمهورية للإصلاح وجمهورية للمؤتمر أو لأي تنظيم سياسي بل الرئيس مسئول عن الوطن كله والشعب كله وهو يمثل في نهاية الأمر ولاية عامة للناس كلها ليس لحزب أو تنظيم سياسي على الإطلاق.
وعندما ينتخب المواطنون مثلاً في الولايات المتحدة رئيسهم من الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري فأنه يصبح رئيساً لكل الأمريكيين والوزراء عندما يتم تعيينهم من أي تنظيم سياسي فأنهم ليسو وزراء لحزبهم بل للأمة كلها وكذلك المحافظين وغيرهم من المسئولين. والديمقراطية.. التعددية لعبة سياسية، حزب يدخل الحكومة وآخر يخرج منها طالما ونحن أمنا بالتداول السلمي للسلطة ولهذا ليس بغريب أن نقول بأن كل حزب يدخل المعترك السياسي يناضل للوصول للسلطة ومن حقه أن ينال أغلبية مريحة وليس أغلبية التقاسم.. ليأخذ المؤتمر أو الإصلاح أو أي حزب السلطة ليس عيباً.
ونحن اليوم قادمون على عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية وانتخابات السلطة المحلية وأؤكد لإخواننا في التجمع اليمني للإصلاح بأنه لم يكن لدينا استعداد للانتخابات المحلية وأنا تحدثت مع عدد من الأخوان في الهيئة العليا للإصلاح بأن الآراء كانت تتبلور حول الاستفتاء وأن نبدأ بتجربة الانتخابات المحلية في عواصم المحافظات وعندما عدت من عدن والتقينا مع اللجنة العليا للانتخابات والجهات المسئولة في الحكومة وجدنا أن تكاليف العملية يبلغ حوالي ثلاثة مليارات وتسعمائة مليون ريال لإتمام عملية الاستفتاء فقلنا لماذا لا يكون هناك انتخابات محلية كاملة لا تقتصر فقط على عواصم المحافظات فقط وهي تجربة لمدة سنتين ستتيح الفرصة للجنة العليا لتصحيح الأوضاع في جداول الناخبين وتقسم المراكز وتسهل عملية الانتخابات للمواطنين في المناطق النائية الذين يواجهون صعوبات في ممارسة حقهم في العملية الانتخابية بسبب البعد الجغرافي ومثال ذلك الهضبة الوسطى.
ونحن بحاجة إلى تكثيف الصناديق ومعالجة الوضع خلال السنتين القادمتين والفترة الانتقالية وليس عيباً أن نتدرج في تطبيق قانون السلطة المحلية وطالما أخذنا بالتعددية السياسية فلنرعاها وليطلع أي حزب سياسي ويتحمل المسؤولية.
تجربة المجالس المحلية هي تخفيف من المركزية الحادة فعلى سبيل المثال إذا نحن نريد إصلاح عدد من الفصول الدراسية في أحد المراكز الإدارية فأنه بالإمكان القيام بذلك من الموارد المحلية دون الحاجة للرجوع للمركزية والإجراءات المطولة.
أن الهدف من المجالس المحلية هو التسهيل على المواطنين وتوسيع المشاركة الشعبية. نحن نقول بصوت عال بأنه لماذا لا يعاد النظر في التقسيم الإداري خلال السنتين القادمتين.. وإذا كان عدد دوائر مجلس النواب هي 301 دائرة فلماذا لا يكون هناك 301 مجلس محلي حتى تجري الانتخابات البرلمانية والمحلية في وقت واحد وتكون هناك بطاقتان بطاقة لمجلس النواب وبطاقة للمجلس المحلي وأيضاً لماذا لا تنشأ مراكز للوحدات الإدارية لتسهل العملية والتقليل من التكاليف الباهظة.
أن التعديلات الدستورية ليست مزاجية كما أنه ليس صحيحاً بأننا سلبنا الشعب صلاحياته هذا كذب بل هي مزيد من الديمقراطية ومزيد من الصلاحيات للشعب.. فهناك مواد أساسية رئيسية في الدستور أخضعت للاستفتاء وهناك مواد من صلاحيات مجلس النواب وهو منتخب من الشعب وممثل للأمة.. ومن حقه أن يجري التعديلات التي يراها ضرورية.. والذين يرددون مثل ذلك الكلام إنما يريدون أن يوجدوا شرخاً في الصف الوطني خاصة بين المؤتمر والإصلاح.
مرة أخرى أهنئكم بهذا الانعقاد الجميل والممارسة الديمقراطية وأنا جئت اليوم إليكم حباً لما يربطني بكم من علاقات.. ولم أت لأمارس عليكم الضغط لكي تدخلوا الانتخابات فهذا أمر يعود للمؤتمر العام الثاني للتجمع اليمني للإصلاح فمن يريد أن يدخل اللعبة الديمقراطية ويمارس حقه في العملية السياسية والانتخابات والاستفتاء لابأس فهذا من حقه ومن يريد أن يأخذ قراراً بالمقاطعة فلا بأس لكن أقول سنكون نادمين إذا ما خرجنا من اللعبة السياسية كما ندم الآخرون ومن باب الأولى لما يربط بيننا وبين الإصلاح من علاقات متميزة جئت لأحدثكم وأقول لكم أتمنى لانعقاد مؤتمركم التوفيق والنجاح وهناك معلومات لدي من اللجنة العليا للانتخابات لما قامت به اللجنة من إصلاحات وتصحيحات بموجب القانون والدستور وليس لهواً بأنه قد تم حذف ثمانية وسبعين ألفا وسبعمائة وتسعة وتسعين إسماً بموجب أحكام قضائية.. كما بلغ عدد الذين تم نقل موطنهم الانتخابي تسعة وخمسين ألفا ومائة وخمسة إسماً أي أجمالي الحالات التي تم معالجتها هي مائة وسبعة وثلاثون ألفا وتسعمائة وأربع حالات والعملية سوف تستمر سواءً في نقل الموطن الانتخابي أو الحذف أو إزالة المكرر والعملية لا تستغرق شهر أو شهرين بل تحتاج لوقت أكثر ونحن اليوم في 2001م.
ولدينا شباب أعمارهم 17 عاماً وبعد عام سيبلغون السن القانونية التي تكفل لهم حق المشاركة في الانتخابات واللجنة سوف تستمر في عملية شطب الوفيات وشطب المجانين وتسجيل المواليد وهذا ليس قراراً سياسياً أن يتم خلال 24 ساعة ولكن العملية سوف تستمر للتصحيح والإصلاحات ونجاحها مرهون بتعاوننا جميعاً.
وتبقى كلمة أخيرة عن حدوث أخطاء هنا أو هناك في مجال التربية أو الصحة أو غيرها فما كان نقلاً من مركز إلى مركز أومن محافظة إلى محافظة هذا ليس فيه أي خطأ ولكن من شطب أو طرد أو رفض من عمله بغير حق فيعالج هذا الأمر واتفقت مع الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح على تشكيل لجنة من الذين لهم هذا الحق أن تشكل من المحافظات من التجمع اليمني للإصلاح وذلك للجلوس مع إخوانهم في الوزارات والمؤسسات المختصة لحل هذه المشكلة بشكل ودي ومسؤول وبشكل دستوري وقانوني. أكرر.. أنا أتمنى لهذا المؤتمر التوفيق والنجاح وأتمنى أن أسمع قراركم إيجابياً وأكرر مرة أخرى فأنا لم أت لأضغط عليكم لتدخلوا الانتخابات فهذا غير وارد..
تريدون أن تدخلوا أنتم أحرار.. تريدون أن تقاطعوا انتم أحرار. لكن التجربة السياسية تفرض علينا أن نتعلم وأن التجربة الديمقراطية من حقنا جميعاً ومن شذ شذ في النار أينما كان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ، ، ،