كلمة فخامة رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة في ختام المؤتمر السنوي التاسع لقادة القوات المسلحة
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة: قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان وقادة القوات المسلحة الشجعان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ..
يسعدني أن أحضر أعمال المؤتمر السنوي التاسع للمؤسسة العسكرية الكبرى، وإني أشد على أيديكم، وسوف نصادق على كل قراراتكم وتوصياتكم ونحيلها إلى قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة والحكومة ممثلة في وزارة المالية من أجل تنفيذها، ونحن لن ننسى مواقف المؤسسة العسكرية البطلة، وأرى الآن في هذه القائمة هؤلاء القادة الذين كان لهم الشرف في الدفاع عن الثورة اليمنية وكانوا في ذلكم الوقت جنوداً ساهموا في الدفاع عنها حتى انتصرت، ثم جاءت المحطة الثانية وهي مقارعة عناصر التخريب فيما كان يعرف بالمناطق الوسطى وقدموا قوافل من الشهداء، ثم جاء الابتلاء الآخر في محطة الانفصال حيث كان لكم الشرف في الدفاع عن الوحدة وقدمتم أعز الضباط والجنود، ونحن دوماً نحيي مواقفكم ووفاءكم الدائم لوطنكم وواجبكم، وهكذا هو طبع الأوفياء فمن كان وفياً للوطن سنكون الأوفياء معه.
ولا بد من المراجعة المستمرة لقانون التقاعد وبحيث لا يتم التفريط في التخصصات الفنية العسكرية والمؤهلة حتى يتم إيجاد البديل لها، وبحيث يكون تطبيق القانون محققاً للأهداف المنشودة منه.
إن هناك الكثير من التطورات والمستجدات التي تجري من حولنا ونحن نتابعها، ولكن ما يهمنا في المقام الأول هو البناء الداخلي السليم لهذه المؤسسة الوطنية الكبرى ولمؤسسات الدولة وسلطاتها الأخرى سواء التشريعية أو التنفيذية أو القضائية.
وأنا أدعو كافة القوى السياسية وكل أبناء الوطن الى المزيد من التلاحم والتكاتف ونبذ الفرقة والخلافات وبخاصة في الوقت الراهن، لأن البناء الداخلي القوي والمتماسك سوف يعزز من سياسة بلادنا الخارجية.
لقد انضم اليمن إلى بعض مؤسسات مجلس التعاون الخليجي، وهي خطوة إيجابية نحو استكمال عضويته في المجلس وهي خطوة رحبنا بها، وهناك مستجدات كثيرة وأحداث مؤلمة تهم كل مواطن عربي ومسلم، ومنها ما يجري في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة من أعمال إرهاب وتجويع وتشريد وحصار ضد أبناء الشعب الفلسطيني وفرض الحصار على المناضل ياسر عرفات من قبل حكومة شارون، ونحن في الجمهورية اليمنية نطالب باستمرار الولايات المتحدة راعية النظام الدولي الجديد أن تنظر بعدالة وجدية نحو ما يعانيه الشعب العربي الفلسطيني، لقد انزعجت الولايات المتحدة الأمريكية مما جرى في الـ11 من سبتمبر، ونحن أدنا هذا الحادث المؤلم، ونتطلع أن تراعي الولايات المتحدة الأمريكية مشاعر الأمة العربية الإسلامية. وتنظر إلى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إرهاب وحرب إبادة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، فإسرائيل هي الحليف الأول للولايات المتحدة ولولا التحالف الأمريكي مع إسرائيل لما تجرأت إسرائيل أن تنكل بالشعب الفلسطيني على هذا النحو، فمن هي إسرائيل إن الوطن العربي إمكانياته كبيرة وقادر على مواجهة إسرائيل لكنه يُجابه بالولايات المتحدة الأمريكية التي تنحاز كلياً لإسرائيل. إننا نتكلم مع الأمريكيين بصراحة، وهم يرتاحون للصراحة حتى وإن تألموا منها في بعض الأحيان، ونتمنى أننا في العالم العربي والإسلامي نتحدث بلغة واحدة ولا يكون مجرد هذا الكلام يأتي من اليمن أو مصر أو السعودية أو غيرها من الأقطار العربية والإسلامية وبصور منفردة بل يكون هناك موقف واحد، ولو حدث ذلك لما كانت أمتنا العربية والإسلامية في مثل هذا الوهن والضعف الذي تعيشه اليوم ولكانت قادرة على مواجهة هذه الغطرسة الصهيونية التي تستهين بالعالم العربي والإسلامي، فالجيش الإسرائيلي ليس أكبر من جيوش العالم العربي ولا إمكانات إسرائيل واقتصادها أكبر من إمكانات الوطن العربي إذا لم نقل العالم الإسلامي.
نحن في حيرة وعلى خلاف مع الموقف المنحاز لإسرائيل، وهذا الكلام الذي نقوله هنا في هذه القاعة ليس جديداً بل قلناه قبل ذلك في واشنطن وفي مباحثاتنا مع الرئيس الأمريكي بوش ومع وزير الخارجية باول ووزير الدفاع والمسئولين في الإدارة الأمريكية، وقلنا لهم نحن نختلف معكم في انحيازكم الى جانب إسرائيل ولسنا مختلفين في أية قضية أخرى، لسنا مختلفين حول الحضارات أو الديانات، فنحن لسنا ضد الدين اليهودي أو الدين المسيحي، بل نحن نحترم كل الأديان، ولكن هناك تعبئة خاطئة يروِّج لها اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بأن العالم العربي الإسلامي ضد الديانات الأخرى، هذا غير صحيح ومحض افتراء من قبل الصهاينة، الدين الإسلامي هو دين التسامح والمحبة ويحث على احترام الآخرين.. ولقد تابعت في هذا الصباح التصريحات التي أدلى بها الرئيس بوش وقال فيها بأن منظمة حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين منظمات إرهابية.. هذه منظمات تناضل من أجل الاستقلال والكرامة والوجود على أراضيها.. وهو نضال مشروع وليس إرهاباً.. وينبغي أن نميز ونفرق بين الإرهاب وبين النضال المشروع من أجل الحرية والاستقلال، إسرائيل هي أكبر دولة إرهابية في العالم وقد أرهبت حتى العالم الأوروبي وداخل الولايات المتحدة الأمريكية.
ونحن مرتاحون أنه بدأ الآن يتبلور موقف ممتاز على الساحة العربية، ويجب أن تبدأ الصحوة ولا نأتي للقمة العربية في بيروت إلا وقد تبلور موقف عربي جيد لصالح القضية الفلسطينية، وبحيث تكون قراراتنا في القمة القادمة غير القرارات المعتادة التي حفظها العالم العربي، بل نتطلع أن تكون قمة بيروت قمة حاسمة وفاعلة لصالح الشعب العربي الفلسطيني.
نحيي شهداء فلسطين، ونحيي قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ونحيي صمود الشعب الفلسطيني وانتفاضته حتى يتحقق له النصر.. ونؤيد مبادرات الولايات المتحدة ومساعي الجنرال زيني وتفاهمات جورج تينت وتوصيات ميتشل لوقف إطلاق النار إذا كانت ستؤدي في النهاية إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ونحن نناشد المنظمات الفلسطينية أن تستجيب لنداءات الأخ المناضل ياسر عرفات وتساعده من أجل تحقيق تلك الغاية ولما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني، إن أمن إسرائيل مرتبط بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف دون انتقاص.
إن المؤسسة العسكرية والأمنية هي الركيزة الأساسية للأمن والاستقرار اللذين في ظلهما يتعزز البناء والإنجاز، وهي تستحق الأولوية، ولكن هناك جوانب والتزامات تنموية أخرى ينبغي مراعاتها ولما فيه تحقيق المصلحة العليا لوطننا.
وأتمنى لكم التوفيق والنجاح، ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته…