كلمة ألقيت نيابة عن فخامة رئيس الجمهورية في احتفال اقيم بالقاهرة بمناسبة اليوبيل الذهبي لثورة 23 يوليو
بسم الله الرحمن الرحيم
إنها لمناسبة عظيمة أن نشارك اليوم أشقاءنا في جمهورية مصر العربية أفراحهم واحتفالاتهم بمناسبة العيد الخمسين لثورة الثالث والعشرين من يوليو المجيدة. هذه الثورة التي نال بفضلها شعب مصر الشقيق حريته واستقلاله وكانت نقطة الانطلاقة الحرة والمقتدرة في مسيرة تحقيق الأهداف الوطنية والقومية السامية والنبيلة والتي أحدثت تحولات تاريخية حاسمة سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية في حياة شعب مصر لصالح كرامة الإنسان وحريته وعزة الوطن وسيادته.. في ظل ترجمة القيم الثورية والوطنية السامية المستمدة من عقيدة الشعب المصري الإسلامية وانتمائه القومي والحضاري الأصيل.. ولتسترد مصر مكانتها المرموقة على الخارطة الإقليمية والدولية ويكون لشعب مصر دوره القومي المتميز والفاعل في خدمة القضايا العربية والإسلامية والإنسانية العادلة ولتكون ثورة يوليو عن صدق هوية وسمو رسالة وجدارة واقتدار الثورة التي غيرت مجرى التاريخ في المنطقة بأكملها باعتبارها ام الثورات التحررية.. فمن عظمة انتصارها الخالد استلهمت الشعوب العربية دروساً هامة في النضال التحرري وأيقنت بإمكانية، بل بحتمية انتصار إرادة الشعوب الثائرة ضد الاستعمار والاستبداد حيث توالت الثورات الوطنية التحررية في العديد من الأقطار العربية وفي المنطقة عموماً.
ولعل قيام الثورة اليمنية ثورة الـ 26 من سبتمبر عام 1962م ضد الحكم الامامي الظالم وتواصلها بقيام ثورة الـ 14 من اكتوبر ضد الاستعمار البريطاني الغاصب يمثل اسطع دليل على ذلك. كما اضطلعت بكل شجاعة وحماس ورؤية قيادية صائبة بدور الأمة العربية الريادي في تكوين ودعم حركة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز مع الأقطار الشقيقة الأخرى لتكون تلك الحركة كما انبثقت في ذلك الوقت ثمرة حاجة إنسانية ملحة لقيام تكتل عالمي يكون له دوره في إيجاد التوازن في عملية الصراع الخطيرة التي ظلت تدور بين المعسكرين الغربي والشرقي للحيلولة دون تفاقم ذلك الصراع وحتى لا تصير الأمم والشعوب غير المنضوية في ذلك الصراع ضحية له أو لقمة سهلة لطبيعة الأطماع التي كانت متأججة وأخطرها الأطماع الإسرائيلية والصهيونية الخارجة من أتون الأطماع الاستعمارية القديمة المتهاوية. وطوال الخمسين عاماً الماضية كان ولا يزال الاحتفال بثورة الثالث والعشرين من يوليو الخالدة مناسبة غالية وعيداً كبيراً تجاوز الحدود القطرية ليعم بأفراحه قلوب وأفئدة أبناء الأمة العربية جمعاء والتي لابد لها من إن تتنوع وتتعدد في فعالياتها في هذا العام كعيد ذهبي لثورة 23 يوليو الخالدة.. تقديراً وامتناناً وإنصافاً للأهمية التاريخية لثورة العرب الكبرى.. ثورة يوليو المجيدة وعرفاناً بكل أشكال التأييد والدعم والمساندة والإسهام المباشر والتضحيات الغالية التي قدمها شعب مصر العظيم وقواته المسلحة البطلة بكل سخاء من اجل نصرة ثورات التحرر العربية لنيل الحرية والاستقلال بما في ذلك حركات التحرر الوطنية في القارتين الأفريقية والآسيوية.
وإننا لنتذكر هنا بكل اعتزاز الدعم والتأييد الذي قدمته ثورة يوليو بقيادة زعيمها الراحل جمال عبدالناصر للثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 اكتوبر ضد الإمامة والاستعمار وتواصل تلك المساندة حتى تمكنت من التغلب على كل التحديات وعلى مخالب الثورة المضادة التي حاولت خنق الثورة اليمنية في مهدها.. ولابد من الاعتراف بأن وقفة قصيرة في كلمة مختصرة ومثل هذه الكلمة لايمكن أن تعطي حقائق الإنجازات التاريخية الكبيرة للثورة المصرية كاملة أو تحيط بتناولها كافة الجوانب المطلوبة.. لكنها لن تقصر أبداً عن أداء واجب التحية المستحقة للمناسبة والمبادئ والأهداف والمعاني الوطنية والقومية والإنسانية السامية التي تمثلها والتي رسختها وجسدتها طوال مسيرتها الخيرة والمباركة. كما إن الشعب اليمني الذي ستبدأ احتفالاته بعد شهرين بالعيد الأربعين للثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 اكتوبر لن ينسى التضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء مصر الشقيقة الى جانبه في الدفاع عن الثورة والجمهورية. ونحن نغتنم مناسبة الاحتفال بالعيد الخمسين للثورة المصرية العظيمة لنعرب عن الامتنان العميق لتلك المساندة والدعم والتأييد التي قدمها شعب مصر لأخيه الشعب اليمني، ونترحم على أرواح الشهداء الأبرار من أبناء الشعبين التي امتزجت دماؤهم وأرواحهم لتشكل مثالاً خالداً للتلاحم الأخوي البناء ورمزاً ساطعاُ للنضال والتضامن وعمق البذل والسخاء.
كما يسعدني في مثل هذا اليوم التاريخي العظيم أن أعرب عن أحر التهاني بأسمي وبأسم شعبنا اليمني الوفي لاشقائنا في مصر العروبة قيادة وشعباً.
مع اصدق الأمنيات بالمزيد من الإنجازات والتقدم والازدهار على طريق تنامي روح الثورة وإبداعات التجديد ومواجهة متطلبات وتحديات العولمة وبناء الحضارة الحديثة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.