كلمة الأخ رئيس الجمهورية خلال لقائه برجال القضاء والنيابة العامة والأجهزة الأمنية في عدن
إن أمن الوطن هو منظومة متكاملة تهم كل الجهات المعنية وليس الأمن هو أمن الحكومة أو مجموعة أفراد بل أمن المجتمع وفي بداية الأمر أشكر الأجهزة الأمنية وأجهزة السلطة القضائية والنيابة العامة على الحماس والجدية والعمل الممتاز خلال الشهرين المنصرمين بعد الحوادث المفزعة لسلامة وأمن المواطنين في عدن وهذا يدل على جدية وإخلاص الأجهزة الأمنية، وكان يعتقد البعض أن أجهزتنا الأمنية لن تكون راقية إلى مستوى ما وصلت إليه الأجهزة الأمنية من كفاءة واقتدار، وأنا أشد على أيديكم جميعاً واحثكم على التعاون وإنهاء الازدواجية خاصة وأن هناك شكوى من الأجهزة الأمنية حول تصرفات النيابة العامة وبخاصة إزاء بعض الجرائم المفزعة لأمن المجتمع وفي ظل توفر الأدلة والقرائن الدامغة.
إن القضاء ورجال النيابة العامة محصنون من الله سبحانه وتعالى ومن سلطات الدولة وبالقانون وأنتم مسؤولون عن أمن وسلامة المجتمع وهذه مسؤولية كبيرة وإذا لم يكن هناك حزم وفرض لسيادة النظام والقانون من قبل القضاة ورجال النيابة والأمن فإن أمن المجتمع سيختل وتنتهي هيبة الدولة وتسود الفوضى في صفوف المجتمع.
ونحن لا نطلب من الحكام سوى أن يحكموا بشرع الله، والقانون هو الحامي لشرع الله، فالقانون في بلادنا ليس وضعياً بل هو مستمد من الشريعة ولحمايتها وحماية وصيانة سلامة المجتمع، ربما في البداية كانت هناك صعوبات في فهم القانون ولكن الناس بدأوا يستوعبون أهمية القانون والتعامل معه وأملي أن يكون هناك تعاون بين كافة الأجهزة الأمنية والنيابة والسلطة القضائية.
إن ثورتنا ووحدتنا هُددت بالخطر منذ تفجيرها في عام 1962م وفي أكتوبر 1963م ولكن بفضل أحرار شعبنا ومواطنينا وكل القوى السياسية والمؤسسات الوطنية الكبرى للقوات المسلحة والأمن استطعنا أن ننتصر على كافة المؤامرات.. وحيكت المؤامرات على وحدتنا وحتى قبل تحقيقها في عام 90م من أجل إعاقة قيامها ولكن استطعنا أن نحقق الوحدة وسط عاصفة من الرياح والعواصف وتحدينا كل من وقف ضد الوحدة سواء كان في الداخل أو الخارج وتحققت الوحدة بالفعل وابتهج الشعب وزغرد وهلل وكبر بهذا الإنجاز التاريخي ثم بدأت خيوط المؤامرات تنسج من قبل أولئك النفر الذين وقعوا معنا الوحدة وكان ذلك بالنسبة لهم هروباً للأمام عندما شاهدونا مصير تشاوسيسكو رئيس رومانيا فهربوا بالوحدة للأمام ولكنهم بدأوا يخططون للانفصال مرة أخرى ولكن بفضل إصرار الأحرار والوحدويين تم إحباط مخططهم بالرغم مما خسرناه في البنية التحتية وعرقلة مسيرة التنمية وأنا أتذكر أنه عندما تحققت الوحدة كان سعر الدولار 12 ريال وعندما جاءت حكومة الخائن العطاس أوصلت سعره إلى حوالي 160ريال.. وكان ذلك تأمراً على الاقتصاد الوطني حيث كانوا يقولون للمواطنين في عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية أنكم كنتم تشربون اللبن بسعر رخيص والآن ارتفعت الأسعار وقد نسوا أنهم خربوا كل شيء والآن يتم تعويضهم بقوارب من الخزينة العامة للدولة.
لقد حملوا الشعب اليمني سبعة مليارات دولار أسلحة ومعدات وبدل سفر وحملوا الوطن أعباء كبيرة بسبب تلك المديونية الكبيرة في الوقت الذي كنا تعداد سكان المحافظات الجنوبية والشرقية لا يزيد عن مليون ونصف المليون نسمة في حين كان سكان المحافظات الشمالية يبلغون 13 مليون وكانت المديونية تصل إلى حوالي مليار وتسعمائة مليون دولار وهذا هو الفساد والارتهان.
أنه ليس هناك وصي على عدن أو غيرها فالوحدة هي وحدة كل أبناء الوطن وليس هناك وافد أو شمالي أو جنوبي بل هناك وحدة وطن تحققت بطرق سلمية، وأراد الانفصاليون الخونة العودة إلى التشطير فعمدناها بالدم وعندما اتخذوا قرارهم بالحرب وفجروها في عمران وعلى الأمن المركزي وفي معسكر الراحة أخذنا قراراً قيادياً مسؤولاً دفاعاً عن الوحدة وقلنا لندفع حتى مليون شهيد من أجل الوحدة كما دفع الأشقاء الجزائريون مليون شهيد من أجل استقلالهم فالوحدة ليس شوراً أو قولاً ولكنها من الثوابت الوطنية لن نقبل أنه إذا فقد أحدهم مصلحة أو مركزاً يأتي ليقول لنا بأن الوحدة في خطر وإنها ضم والحاق.. الأشخاص زائلون والوحدة هي الباقية والوحدة ليست في رأس شخص مهما كان بل هي من الثوابت الوطنية مثلها مثل الثورة والجمهورية، ويعبر الناس عما يريدون وعبر الصحافة ومنابر الرأي في إطار الديمقراطية وحرية الرأي ولكن تلك الثوابت لا تُمس والمواطن أصبح على درجة من الوعي بحيث لا يصدق الأكاذيب التي ترده بعض الصحف.
إن أمن الوطن هو أمن كل مواطن ينبغي عليكم أن توجدوا العلاقات الجيدة مع المواطن ليكون معكم متعاون.
إنكم لن تستطيعوا أداء مهماتكم على الوجه الأكمل إذا لم ترتبطوا بالمواطنين وتتواصلوا معهم بتواضع وطني مسؤول.. عليكم أن تمارسوا مهامكم بمسؤولية وأمانة وتفانٍ وأن تعرفوا بأن عدن مستهدفة من قبل أعداء الوطن والوحدة.. وهو ما يفرض عليكم أن تكونوا على مستوى المسؤوليات الكبيرة المناطة بكم وعليكم أن تضطلعوا بها بكفاءة واقتدار كما شهدناكم دائماً إننا شعب يمني واحد موحد منذ وجدنا على هذه الأرض وسنظل موحدين إن شاء الله بفضل إرادتنا وعزمنا ما دمنا على هذه الأرض العزيزة.. ولن تستطيع أي قوة أن تمزق وحدتنا بعد اليوم.
إن المصالح الجديدة التي نشأت في واقع المجتمع نتيجة التطور تتطلب سرعة البت في قضايا المواطنين وتحاشي عمليات التطويل التي تؤدي إلى تمييع القضايا واستفحال الظواهر المخلة بأمن المجتمع مؤكداً على أهمية تفعيل جهاز التفتيش القضائي ليؤدي مهامه في إطار متابعة مستوى الأداء وتطوير أجهزة القضاء بما يؤكد دور القضاء ونزاهته واستقلاليته.
إننا نعرف أن الانفصاليين يسوؤهم أن تزدهر مدينة عدن وتستعيد مجدها ومكانتها التاريخية لأنهم علموا على تخريبها وتدميرها وأي نجاح في عملية البناء لمدينة عدن لن يسعدهم ولكننا سنمضي في العمل والبناء من أجل مستقبل سعيد للشعب والوطن لقد تحقق في المحافظات الجنوبية والشرقية من المشاريع منذ تحقيق الوحدة وتحديداً منذ عام 1994م مالم يتحقق سواءً قبل الاستقلال أو بعده.
إن المسؤول أو القاضي أو رجل النيابة أو رجل الأمن ينبغي أن يكون هو القدوة في النزاهة والشرف والإخلاص والتفاني في أداء الواجب.
إن أي عقد بيع انتفاع، لأرض يتم منحها لأي شخص في الأراضي المخصصة للمنطقة الحرة يعتبر باطلاً ولن يؤخذ به.. إن المنطقة الحرة لكل اليمن ويعول عليها كثيراً في خدمة الاقتصاد الوطني ولهذا يسعى البعض لإعاقة قيامها لأنها تعني بالنسبة لهم نوعاً من المحكمة.