كلمة الأخ رئيس الجمهورية أثناء إفتتاح لمؤتمر الوطني للإصلاح والتطوير الإداري والمالي
إن هذا المؤتمر يكتسب أهمية كبيرة في مجال الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري وهو ما تتبناه الدولة منذ فترة زمنية وكان المفروض أن يعقد هذا المؤتمر منذ وقت مبكر ولكن نتيجة للأوضاع تأخر انعقاده ..ونحن على يقين بأن الحكومة ستعمل جاهدة على تلبية طموحات أبناء الوطن في مجال الإصلاح المالي والإداري والاقتصادي وكمنظومة متكاملة ومترابطة .
ولقد حقق الإصلاح الاقتصادي والمالي نتائج إيجابية على الرغم مما عاناه المواطنون إلا أنه كان ضرورة ملحة ..وحان الوقت لتحقيق الإصلاح الإداري وهي عملية مهمة جداً وثقتنا كبيرة بأن الحكومة سوف تعمل على تصحيح كافة الاختلالات في المجال الإداري وإلغاء الازدواج الوظيفي في جهاز الدولة وفي المؤسسة العسكرية والأمنية بعيداً عن الوجاهة والوساطة والمحسوبية ..
فالازدواج الوظيفي هو أحد أسباب الاختلالات الرئيسية في المجال الإداري .
ونوجه الحكومة بانتهاج سياسة تعليمية واضحة وبما يكفل تخريج الكوادر المؤهلة التي تلبي الاحتياجات الملحة لمؤسسات الدولة والابتعاد عن السياسة التعليمية الهوجاء المتبعة في الوقت الحاضر ..وينبغي التنسيق بين وزارتي التخطيط والتنمية والخدمة المدنية ومع كافة أجهزة الدولة لتحديد الاحتياجات المطلوبة من الكوادر للتنمية وتوزيعها على المؤسسات وفق استراتيجية واضحة وبحيث لا يكون التوظيف في أي جهة إلا بحسب الاختصاص وعلى الخدمة المدنية اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بتنفيذ ذلك .
إن الدولة تعاني اليوم من أولئك الخريجين الذين يتخرجون من الجامعات اليمنية سواءً في صنعاء أو عدن أو حضرموت أو تعز أو الحديدة أو إب ولا تستطيع أجهزة الدولة استيعابهم ..كما نعاني من خريجي النفط الذين يتسكعون اليوم بلا وظائف نتيجة التخطيط العشوائي حيث أن الكثير من الشباب يتوجهون للالتحاق بمجال النفط مما أدى إلى تكديس الكوادر في هذا المجال ..وهذا جزء من الفساد الذي يجب محاربته ولا بد من تصحيح كافة الاختلالات في هذا الجانب .
ونؤكد هنا ضرورة الاهتمام بالتعليم الفني والمهني.. إن هذا النوع من التعليم هو الأساس في بناء الدولة ونجاح الخطط التنموية ..فالتعليم المهني والفني هو ما تحتاجه التنمية وليس التعليم الجامعي والعالي والذي سيؤدي إلى وجود البطالة في أوساط الشباب ويشكل إحراجاً للحكومة التي ينبغي لها أن تتحمل كامل المسؤولية في معالجة هذه القضية .
ولقد حقق برنامج الإصلاح نتائج إيجابية ونحن نعول كثيراً على تعاون البنك الدولي الذي قدم لبلادنا منحة مالية في هذا العام وحتى العام 2000م بحوالي 180مليون دولار وهو مبلغ لا يكفي، كما أن صندوق النقد الدولي قدم مبلغ 70 مليون ريال لدعم الموازنة العامة وهو مبلغ غير كافٍ قياساً بالاحتياجات، رغم التجاوب الكبير الذي أبدته بلادنا مع البنك والصندوق ورغم ما تحمله شعبنا من معاناة وما لحق به من ضرر نتيجة الجرعات .
إن من سياسة الحكومة رفع الدعم عن القمح والدقيق ..فالدعم الذي يقدم لهاتين المادتين يذهب لجيوب مجموعة من الأشخاص وليس لصالح المواطنين ..فالذي يستفيد منه هم مجموعة محدودة من التجار وبعض المنتفعين في الجهاز الحكومي ، ولهذا فإن بعض القوى السياسية أو الساسة سوف يستغلون ذلك وسوف يقومون بإثارة الناس ..ونحن نؤكد بأن من مصلحة المواطنين أن يذهب ذلك الدعم لصالح بناء السدود وحواجز المياه وتشييد الطرق وبناء المستشفيات والمدارس .
وأخيراً، فإننا نؤكد ضرورة الإصلاح الإداري كمدخل رئيسي للإصلاح الاقتصادي والمالي، ولا يفوتنا هنا أن نعبر عن تمنياتنا في أن يقف المؤتمر الوطني للإصلاح الإداري أمام كافة الاختلالات ورسم استراتيجية لتحديث الخدمة المدنية وتطوير الإدارة.