كلمة الأخ رئيس الجمهورية أثناء حضوره تخريج الدُفعة الثانية من طلاب كلية دار العلوم الشرعية في محافظة الحديدة
بسم الله الرحمن الرحيم
أهنئ الأخوة الخريجين وأتمنى لهم التوفيق والنجاح وأعبر عن شكري وتقديري للجهود التي بذلها أساتذة الكلية من أجل تخريج هذه الدفعة .
نحن في العام الماضي شهدنا تخريج الدُفعة الأولى من هذه الكلية وتم ترتيب أوضاع خريجيها في مجالات التربية والقضاء ، والآن سيتم ترتيب وضع هذه الدُفعة الجديدة بنفس المستوى ، ولكن لا ينبغي أن يعتقد الأبناء الخريجين أنهم قد بلغوا أوج الكمال بل عليهم مواصلة العلم والالتحاق بالمعهد العالي للقضاء للتزود بالمعارف القضائية والإلمام بالقوانين من خلال المعهد العالي للقضاء أسوة بالدُفع التي يتم تخريجها من ذلك المعهد .
ونحن دوماً بحاجة إلى دماء جديدة في مجال القضاء والإفتاء والارشاد إذ أنه على من يتولى الخطابة الأمر بالمعارف والنهي عن المنكر بعيداً عن التجريح أو الغلو أو المبالغة ، وعلى من يتولون أمر الخطابة أن يكونوا مثالاً للزهد والتقوى ومستندين إلى المعلومات الصحيحة حتى يستفيد منهم الناس ويسترشدوا بنصائحهم وتوجيههم ؛ لأن الخطيب إذا اعتلى المنبر وتحدث إلى الناس في أمر من الأمور فعليه أن يتأكد من المعلومات التي لديه حتى يستفيد الناس منه وسواء كان ذلك في خطبة الجمعة أو العيد التي هي بمثابة مؤتمر مصغر يلتقي الناس فيه لسماع النصائح وما يرشدهم إلى دينهم ودنياهم ويجنبهم الوقوع في الأخطاء والتوجه نحو الأعمال الخيرية في مستقبل حياتهم .
نحن نريد من أبنائنا الطلاب والخريجين من دار العلوم الشرعية أن يكون لهم مكان في مجتمعهم وتأثير في أدائهم لرسالتهم وأن يكونوا زاهدين في ممارستهم لواجباتهم الدينية والدنيوية وأن ينموا معارفهم ودراساتهم.. فالدين الحنيف يحثنا على طلب العلم من المهد إلى اللحد ؛ لأن البعض يعتقد أنه أصبح عالماً وحجة ويأنف عن مواصلة التعليم .
وأنا أحث أبناءنا سواء في كلية دار العلوم الشرعية أو أي مكان آخر أن يواصلوا اهتمامهم بالعلم وأن ينهلوا معارفهم من العلماء الزاهدين المخلصين الذين يستفاد منه بعيداً عن الغلو والتطرف ، فالتطرف لا يلحق بالوطن سوى الضرر.
وكلنا نتذكر كيف أن اليساريين عندما تطرفوا كيف كانت نتائج أعمالهم التي عانى منها الوطن وحيث لا زالت الأمهات والزوجات والأبناء يئنون من تلك الأعمال الإجرامية الخبيثة التي مارسوها في الوطن.. وهذا ناتج عن التطرف.. وأملنا أن يكون خُطباؤنا وعلماؤنا زهاداً وناصحين أمناء يرشدون الأمناء إلى ماينفعها ويوحد صفوفها ، وأن يكونوا عوناً في محاربة الثأرات والفتن ، فالإنسان يدخل إلى المسجد ليستفيد ويتزود بما ينفعه ويرشده إلى الصلاح .
أملي في أبنائنا الطلاب الخريجين من هذه الكلية وهم من مختلف مناطق الوطن أن يكون لهم تأثيرٌ في قراهم ومحافظاتهم ، وأن يستفيد منهم الوطن وعليهم واجب تجاه وطنهم لأنه جاء وقت من الزمن كاد العلماء الشرعيون أن ينقرضوا.. فبعد قيام الثورة وبعد الحرب التي دارت بين الجمهوريين والملكيين كان يُنظر لكل من لبس العمامة أو تفقة في الدين على أنه رجعي ، وسادَت فلسفة أو نظرة خاطئة في هذا الجانب والحقيقة أن الرجعية أو التقديمة ليست بالملبس أو بالمظاهر الشكلية لكنها سلوك ومفهوم ينغرس في الذاكرة والأحاسيس والقلب وليس بما يلبسه الإنسان ، والتقدمية تُفهم على أنها النهوض والتقديم تنموياً وثقافياً واجتماعياً وإنتاجياً ولا تفهم التقدمية على أنها الانغلاق والجمود والانزواء والتقديمة سباق في ميادين العمل والإنتاج.. وعلى الإنسان أن يؤدي واجباته الدينية وفريضته وينطلق في ميادين العمل والانتاج سواء في المصنع أو المزرعة أو غيرها من مجالات الإنتاج ، والمؤمن القوى خير من المؤمن الضعيف.. فبالشدة والحزم والعلم والعمل والموعظة الحسنة والسلوك المستقيم تكسب الدنيا والآخرة.. والوطن بحاجة إلى أبنائه في مختلف المجالات والتخصصات ، ونحن بحاجة إلى العلماء في مجال الزراعة والصناعة والعلوم والقانون والقضاء الثقافة وفي مختلف المجالات ، ومفهوم العلم ليس محصوراً في مجال الوعظ والإرشاد والفرائض بل في شتى مجالات الحياة.. وعندما نتحدث عن العلماء فلايعني ذلك أننا نعني بهم كل من أطلق لحيته أو لبس الجُنة أو زياً معيناً بل لقب العالم محكوم بمقاييس وشروط .
أتمنى للخريجين التوفيق والنجاح.