كلمة الأخ رئيس الجمهورية أمام أعضاء الجالية اليمنية في مدينة برمنجهام البريطانية
يسعدني أن أقوم بهذه الزيارة لآبائي وإخواني المغتربين في المملكة المتحدة وأشكر إخواني الذين قدموا من كل الأماكن، ولقد حرصت أن التقى بكم وأتعرف على أحوالكم عن كثب مثلكم مثل شرائح المجتمع في الداخل، وأهنئكم بإعادة تحقيق وحدة وطنكم العزيز والتي كانت أمنية غالية من أماني الآباء والأجداد، والحمد لله أن الوحدة تحققت والتأم شمل الأسرة اليمنية في كيان واحد وانتهى علمان ونشيدان وأصبح هناك علم ونشيد وطني واحد، والوحدة ليست فخراً لي شخصياً بل لكل أبناء الوطن في الداخل والخارج ولقد توحد وطننا في وقت كانت تتمزق فيه شعوب وانتهت إمبراطوريات كثيرة وانهارت المنظومة الاشتراكية.
وتحققت وحدة اليمن رغم العواصف والتحديات بفضل أبناء الوطن علماء ومشائخ ومثقفين ورجال أعمال.
إن ما نفتخر به هو الثروة البشرية في جنوب الجزيرة وهي أغلى ثروة من النفط والمعادن ولقد ظل اليمنيون أحراراً في كل مكان ذهبوا إليه كانوا يكدحون بعرقهم من أجل الكسب الشريف والخير مرفوعي الهامات في كل مكان تواجدوا فيه، ونحن اليوم معنا في هذه المدينة حوالي سبعة آلاف سفير يمني يمثلون اليمن خير تمثيل وكل واحد منكم سفير لليمن.
إن بلدكم بلد واعدة بالخير، ونحن نتمنى في القريب العاجل أن نلتقي على أرض الوطن على الخير والمودة والصفاء والوئام من أجل بناء وطن الـ22 من مايو 90م الذي خرج منتصراً في 7 يوليو 97م مثلما انتصر في 26 سبتمبر و14 أكتوبر 63م وسننتصر بإذن الله على كل التحديات، ولن يخدعنا المنافقون مهما كانت الأموال الرخيصة والدنيئة التي تحاول النيل من شعبنا، وما من شك أنه توجد في كل بلد معارضة ونحن نرحب بالمعارضة داخل الوطن والرأي الآخر لكن من خرج من الباب كما يقولون لن يعود من النافذة.
ونحن نقول إن الوطن يتسع لكل أبنائه بكافة اتجاهاتهم السياسية والفكرية ونحترم الرأي والرأي الآخر، وما من شك أن وجودكم في بريطانيا سوف يفيدكم في معرفة كيف يكون الرأي والرأي الآخر والاستفادة من الممارسة والديمقراطية، فنحن بلد الحضارة وأولى أن نكون حضاريين وديمقراطيين أكثر من غيرنا.
وقد يقول البعض إننا بلد نامٍ وأن الديمقراطية لا نستحقها أو غير مؤهلين لها ولكن الديمقراطية مدرسة وهي ربما قد تكون سيئة لأن الناس والحكام يسمعون فيها رأياً مخالفاً لرأيهم وانتقاداً لتصرفاتهم ولكن الأسوأ من ذلك هو غياب الديمقراطية ونحن ما نعتز به أننا نسمع كل الآراء ولن نستطيع أن نبني وطننا إلا إذا سمعنا آراء كل الناس وسمعنا الرأي والرأي الآخر ونحن عندما نقول المعارضة الوطنية فإننا نرى فيها الوجه الآخر للحكم لأنه من خلال رأي المعارضة في الداخل تستطيع الحكومة أن تقوم الاعوجاج ولا نستطيع أن نعالج أي قضية مالم يكن هناك الرأي البناء الهادف، ولعلها من أجمل اللحظات التي عشتها في حياتي عندما حضرت اليوم جزءاً من المناقشات في مجلس العموم البريطاني ورأيت المعارضة والحزب كيف يختلفون، ولكن همهم الأول بريطانيا ونحن نريد أن نختلف في الداخل لكن اليمن فوق كل شيء نختلف في الرؤى والخطاب السياسي والبرامج السياسية تظل الثوابت هي الأساس الذي نلتزم به فلا مساس بمبادئ الثورة ولا الوحدة الوطنية ولا الوحدة اليمنية فنحن دفعنا أبناءنا وفلذات أكبادنا وحوالي عشرة آلاف شهيد وجريح أسالوا دماءهم من أجل الوحدة بسبب أولئك الانفصاليين الخونة مقابل حفنة من المال وهم الآن يتسكعون في هايد بارك وميدان الطرف الآخر في بريطانيا بعد أن استلموا ثمن دماء الشهداء ليشتروا بها الفلل والسيارات الفارهة على حساب أبنائكم وإخوانكم في الوطن ومرة أخرى نقول إننا نرحب بالمعارضة في الداخل ونتمنى عودة جميع أبناء الوطن ليعبروا عن أنفسهم من خلال الأحزاب والمنظمات الجماهيرية، لكننا لن نسمع رأيهم في هايد بارك أو غيره فتلك خيانة، وأنا أريد أن أرى أبناء جلدي ووطني في المهجر راجياً أن تكونوا معنا داخل الوطن ولكن ظروفنا الاقتصادية هي التي جعلت أبناء الوطن في الماضي يهاجروا واستطعنا أن نفجر ما نطمح إليه، وما كان محرماً حيث استخرجنا النفط والغاز ونتطلع في عام 2000م أن نستثمر مشروع الغاز وهو الذي يمكن أن يحل الكثير من المشاكل، وأن اليمن بلد كبير يبلغ عدد سكانه حوالي 18 مليون نسمة، وأن هناك من يحاول أن يفرق شمل الأسرة، ولكن ذلك أصبح من المستحيل، وإننا سنوجه ممثلي الحكومة من الأخوة الوزراء بأن يهتموا بقضاياكم وتقديم كافة التسهيلات لأبنائنا المغتربين في الجمارك أو الضرائب أو الجوازات أو الأحوال المدنية، وتقديم الرعاية لهم سواء في مجال التعليم أو الصحة وغيرها، وأعبر في الختام عن شكري الجزيل لحسن استقبالكم، وعواطفكم الجياشة وما سمعته من الكلمات الجميلة، وأهنئكم بكل المنجزات التي تحققت في الوطن.