خطاب رئيس الجمهورية للجلسة الافتتاحية للمؤتمر الأول لرجال المال والأعمال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا سعيد أن أحضر هذا المؤتمر الذي يعقد في العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن وبمناسبة مرور 29 عاماً للاستقلال الوطني … وإنها لمناسبة طيبة أن تضم هذه القاعة رجال المال والأعمال والغرف التجارية … وكانت عدن قد شهدت قبل فترة عقد مثل هذا اللقاء بمناسبة ذكرى مرور 10 سنوات على تأسيس الغرف التجارية في عدن … فعدن تعودنا دائماً على احتضان مثل هذه اللقاءات ..
ونحن نقدر عالياً اتحاد الغرف الصناعية ورجال الصناعة والمستثمرين اليمنيين الذين بدؤوا النشاط في ظروف صعبة، وكانوا سباقين وشجعاناً في مجالات الاستثمار ودخول المعترك الصناعي .. وبرغم أن التجربة كانت محدودة ؛ فإنهم حققوا نتائج إيجابية لأنفسهم أولاً وللتنمية في الوطن أيضاً.
إننا ندعو الرأس المال الوطني إلى أن يمتلك الثقة وأن ينطلق نحو التنمية والصناعات الثقيلة … ومختلف الصناعات المتوسطة والخفيفة وسيجد منا كل الدعم والرعاية من الحكومة في إطار قانون الاستثمار … ومن الممكن إجراء بعض التعديلات على قانون الاستثمار بما يتناسب والمعطيات الجديدة .. فالشيء الذي لا نستطيع أن نغير فيه هو الدستور السماوي المتمثل بالقرآن الكريم .. أما القوانين والدساتير الوضعية فنحن على استعداد لإجراء بعض التعديلات فيها بما يساعد المستثمرين على النجاح ..وبطبيعة الحال إن رأس المال مستهدف مثل الحكومة دائماً مستهدفة .. ولكن الرأس المال المصان والمعافى هو الذي يشرك الناس في النشاط والعمل وعندما تكون الفائدة مشتركة بينه وبين عامة المواطنين بما يحميه ويخفف الهجمة وعملية الحقد على الرأس المال الوطني وذلك من خلال إيجاد مساحة كافية بينه وبين عامة الناس المستفيدين من الاستثمار وألا يكونوا كبايعي السكر الباحثين عن الربح السريع وداخلين في الفائدة وخارجين من الخسارة .
ينبغي أن يعرف الرأس المال أنه لابد من التضحية في بداية الأمر وخاصة في مجالات الاستثمار في الصناعات الثقيلة والمجال الزراعي لأن هذه المجالات مردودها غير سريع للمستثمر ليس مثل صفقة سكر أو صفقة قمح ذلك أن عائد الاستثمارات الصناعية والزراعية يأتي متأخراً ولكن مردودة يستفيد منه المستثمر .
نحن نريد أن يكون رأس المال شجاعاً ليغير الصفة التي قال عنه إنه جبان .. أريد أن يشارك في مختلف مجالات الاستثمار الإنتاجي والصناعي وهناك إمكانيات كبيرة لدى المستثمرين لممارسة هذا النوع من النشاط الاستثماري .. ولكن الذي ينقص الرأسمال الوطني أنه غير منظم في إطار شركات كبرى توفر الإمكانيات وتنميها وتسهم في تطوير هذه الإمكانيات من خلال المشاركة والمساهمة في تنفيذ واستثمار المشاريع الكبرى الصناعية والزراعية والتعدينية وأن تتوفر له الدراسات العلمية والاقتصادية الكافية .. وعلى جامعة عدن ومراكز البحث العلمي توفير هذه المعلومات لأصحاب الرأس المال الوطني .. وحينها يمكننا تحقيق نتائج أفضل مما نحن عليه .
وعندنا رأس مال كبير خارج الوطن ونحن نرحب به وعليهم أن يتحملوا أوضاع وطنهم .. نحن ندرك أن هناك بعض التعقيدات في الجمارك وبعض التعقيدات البسيطة في الجوازات أو في الموانئ أو الضرائب والهيئة العامة للإستثمار ومن وجود بعض الروتين الزائد لدى بعض المسئولين .. فأنا أسمع كثيراً رجال الأعمال يتحدثون بأن التوجيهات جيدة من الرئيس أو رئيس الحكومة ووزير الصناعة أو التجارة ولكن يشكون من التعقيدات التي يواجهونها في الأجهزة التحتية ومن كوادر بسيطة .. ويمكننا أن نقول أن بعض أصحاب رأس المال مساهمون في هذا لأنهم لم يكشفوا مثل تلك العناصر .. ونحن مستعدون لمحاسبتها من أجل أن يستقر رأس المال وأن يعود إلى ممارسة نشاطه بدون تعقيد .. إن تواطؤ التاجر مع الموظف أدى إلى هذا التعقيد .. بل إن بعض التجار بكل أسف يسعون إلى إفساد الموظفين أو المسئولين لأنهم يركضون وراء مصالحهم .. وأرجو ألا تتكرر مثل هذه الممارسات وأن نعمل معاً من أجل التنمية والأمن والاستقرار .. وعندنا إمكانيات كبيرة داخل الوطن وخارجه.. على الحكومة تقديم كافة التسهيلات للمستثمرين وإعادة النظر في قانون الاستثمار بما يتناسب وكل المعطيات ..
نتمنى للمؤتمر ولرجال المال والأعمال التوفيق والنجاح وندعوهم إلى أن يلغوا من رؤوسهم صفة رأس المال الجبان ليحولوها إلى صفة لرأس المال الشجاع .