خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة العيد الوطني ال”12 ” لقيام الجمهورية اليمنية: 22/5/2002م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين:
يا أبناء شعبنا اليمني الأبي.. يسرني أن أتوجه إليكم بالتحية الصادقة والتهنئة الخالصة بمناسبة العيد الوطني الثاني عشر لقيام الجمهورية اليمنية التي ارتفعت رايتها خفاقة فوق كل ربوع الوطن يوم الـ22 من مايو عام 1990م، كثمرة عظيمة لنضال شعبنا وتضحياته الجسيمة من أجل صنع تاريخ جديد في مسيرته الوطنية الظافرة. وإنه لمن المحزن – أيها الأخوة – أن تحل علينا هذه المناسبة الوطنية الغالية هذا العام في ظل متغيرات إقليمية بالغة الخطورة وفي مقدمتها ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وبطش وقمع وإرهاب على يد قوات الإحتلال الإسرائيلي.. فإسرائيل التي ترفض السلام لا تؤمن إلا بالقوة والعنف وسيلة لتكريس احتلالها للأراضي العربية ضاربة عرض الحائط بكل المبادرات والمساعي السلمية وقرارات الشرعية الدولية. ونؤكد تأييدنا لمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة إرسال قوات دولية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة للفصل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني مما يتعرض له من عدوان والعمل على إيجاد مناخات مناسبة لإعادة الهدوء والاستقرار إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وندعو الولايات المتحدة الأمريكية راعية عملية السلام والنظام الدولي الجديد إلى إلزام إسرائيل بالتخلي عن سياستها العدوانية والقمعية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي – الإسرائيلي والاستجابة لمبادرة السلام على أساس الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة حتى حدود الرابع من حزيران يونيو 1967م، والإقرار بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف وحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم. فالولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة المؤهلة لإقناع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بأن أمن إسرائيل مرتبط بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإحلال السلام في المنطقة. وأنها لمناسبة نعبر فيها عن إعتزازنا وتقديرنا لكل أبناء شعبنا على ما جادوا به خلال حملة جنين للتبرع بالدم والمال لصالح إخوانهم في فلسطين، وتعبيراً عن تضامننا مع الشعب الفلسطيني فأننا نوجه الحكومة بإعفاء المنتجات الفلسطينية التي تدخل إلى الجمهورية اليمنية من كافة الرسوم الجمركية والضريبية، كما نوجه بتخصيص خمسمائة منحة دراسية في الجامعات اليمنية للطلاب والطالبات من أبناء أسر الشهداء والجرحى في فلسطين.. وندعو كافة أبناء الشعب الفلسطيني وفي المقدمة قواه السياسية إلى المزيد من التلاحم وتعزيز الوحدة الوطنية وتفويت المخططات الصهيونية الهادفة إلى زرع الشقاق والخلاف في الصف الوطني الفلسطيني.
الإخوة المواطنون.. الأخوة المواطنات.. يا أبناء أمتنا العربية والإسلامية.. إن الظروف والتحديات الخطيرة التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية في الوقت الراهن تتطلب من الجميع العمل على تفويت كافة المخططات المعادية الهادفة إلى تعميق الخلاف وإثارة الفتن بين أبناء الأمة، حان الوقت لكي يدرك الجميع في وطننا العربي والإسلامي بأن مستقبل الأمة مرهون بالتضامن والوحدة بين أقطارها، فذلك هو السبيل لمواجهة كافة التحديات، ونحن في الجمهورية اليمنية إذ نرحب بقرار الأمم المتحدة رقم ( 1409) الخاص بتخفيف العقوبات المفروضة على العراق فأننا نجدد دعوتنا لإنهاء الحصار المفروض على العراق وبصورة تامة.. فلم يعد له ما يبرره خاصة وقد أكد العراق التزامه بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.. وندعو إلى المزيد من الحوار بين العراق والأمم المتحدة وبما يؤدي إلى إنهاء معاناة الشعب العراقي الشقيق. كما نجدد مطالبتنا بإنهاء العقوبات المفروضة على ليبيا الشقيقة ونؤكد تضامننا مع أشقائنا في السودان بما يصون أمنه وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه.. وندعو جامعة الدول العربية إلى القيام بدور فعال لوضع حد للنزاع الدائر في الصومال وبما يحقق الوفاق والأمن والسلام في هذا البلد العربي الشقيق ويعزز الوحدة الوطنية بين أبنائه.
الإخوة والأخوات.. إن الإرهاب يمثل اليوم ظاهرة دولية وآفة خطيرة يعاني منها الجميع في العالم.. ونحن في اليمن نؤيد الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وندين كل أعمال الإرهاب أياً كان مصدرها وفي مقدمتها ما يتعرض له الشعب الفلسطيني حالياً من إرهاب على يد قوات الإحتلال الإسرائيلي. ولكن من المهم تحديد مفهوم واضح للإرهاب والتمييز بين الإرهاب والنضال المشروع الذي تخوضه الشعوب من أجل مقاومة الإحتلال ونيل الحرية والاستقلال، وان ما ينهي التطرف والإرهاب هو وجود العدالة وحل النزاعات في العديد من مناطق العالم وفي مقدمتها الصراع العربي – الإسرائيلي والإسهام في مكافحة الفقر وتشجيع الحوار بين الحضارات.
الإخوة المواطنون.. الأخوة المواطنات.. لقد مر 12 عاماً منذ أن أستعاد وطننا وحدته المباركة تحقق خلالها الكثير من الإنجازات والتحولات على مختلف الأصعدة السياسية والديمقراطية والتنموية والاجتماعية والثقافية وغيرها.. وتحققت نجاحات جيدة وخاصة منذ عام 1994م على صعيد الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري وإنجاز العديد من المشاريع الخدمية والإنمائية الإستراتيجية في مختلف المجالات. ونحن مرتاحون للنتائج الإيجابية التي تحققت على صعيد تجربة المجالس المحلية رغم الفترة القصيرة من عمرها… وهي تجربة ديمقراطية فريدة تعتبر الأولى من نوعها ليس على الصعيد الوطني فحسب بل وفي المنطقة عموماً من أجل توسيع المشاركة الشعبية في العمل السياسي والتنموي وتجسيد مبدأ اللامركزية في الوحدات الإدارية، مؤكدين على ضرورة إستيعاب قانون السلطة المحلية والإلتزام به والإستفادة مما خرج به المؤتمر الأول للمجالس المحلية من تقييم موضوعي لهذه التجربة من أجل تعزيز النجاحات وتجنب السلبيات. وسوف وسوف نعمل على الدوام من أجل إنجاح هذه التجربة وتعزيز الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وإتاحة المزيد من الفرص للمرأة للمشاركة في الحياة السياسية والعامة.. جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل، داعين الجميع في الوطن إلى ممارسة الديمقراطية بمسؤولية وفي إطار الإلتزام بالأنظمة والقوانين، وفي هذا الصدد ندعو الجميع وفي المقدمة الأحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة الوطنية إلى التفاعل الإيجابي مع الإنتخابات العامة التي ستتم في موعدها المحدد في العام القادم والتنافس الشريف من خلال البرامج الإنتخابية التي تقوم على الموضوعية والمصداقية دون المبالغة أو التضليل. وعلى اللجنة العليا للإنتخابات المضي قدماً في عملية التحضير والإعداد للإنتخابات وإنجاز السجل الإنتخابي الجديد وإستيعاب كافة الاحزاب والقوى السياسية في الساحة الوطنية للمشاركة في كافة مراحل العملية الإنتخابية وعلى تلك القوى ممارسة مهامها بحيادية ونزاهة طبقاً للأنظمة والقوانين وتجنب أي قصور أو خطأ تكون قد حدثت خلال الفترة الماضية. وان من الأولويات التي ينبغي على الحكومة العمل من أجل تنفيذها إعطاء المزيد من الإهتمام بالتعليم الفني والمهني وكليات المجتمع خدمة لأهداف التنمية، وأن على الحكومة تقديم المزيد من التسهيلات للإستثمار والتركيز على المشاريع الإنتاجية والإستراتيجية التي توفر المزيد من فرص العمل وتسهم في إيجاد تنمية حقيقية وعادلة تعالج قضايا المجتمع. ونؤكد على توسيع نطاق شبكة الأمان الإجتماعي التي اسهمت في تلبية إحتياجات الكثير من المحتاجين في المجتمع.. ويجب على الجهات المعنية التحري في صرف معاشات الضمان الإجتماعي لمستحقيها على ضؤ نتائج البحث العلمي والميداني. وعلى الحكومة الاهتمام بالسياحة كمورد اقتصادي هام والاهتمام بالثروة السمكية كثروة حيوية متجددة لا تنضب وحماية البيئة البحرية من أي عبث أو تدمير، كما نؤكد علي المزيد من الاهتمام بالزراعة والتوسع في بناء السدود والحواجز المائية التي أعطت ثمارها على صعيد الحفاظ على الثروة المائية وتغذية المياه الجوفية وإيجاد الضوابط الكفيلة لمنع الحفر العشوائي. الأخوة أبناء القوات المسلحة والأمن.. لقد كنتم – أيها الأخوة الأبطال الميامين – في طليعة من أسهموا في مسيرة الإنتصار للثورة والوحدة والدفاع عنهما وقدمتهم التضحيات الجسيمة في سبيل الوطن الغالي فلكم التحية والتقدير وأنتم ترابطون في مواقع الفداء والبطولة تؤدون واجبكم بإخلاص ونكران ذات. مؤكدين بأنكم ستكونون دوماً موضع الرعاية والإهتمام وأن جهود البناء النوعي والتحديث في مؤسسة القوات المسلحة والأمن سوف تتواصل بوتيرة عالية من أجل تعزيز القدرة الدفاعية لهذه المؤسسة الوطنية الكبرى التي ستظل قوة للشعب ورمز وحدته الوطنية وصمام أمان مسيرته الوطنية والشرعية الدستورية. ونجدد الدعوة لأجهزة الأمن لمواصلة جهودها من أجل مكافحة الجريمة وضبط الخارجين على القانون وسوف نعمل على رفد الأجهزة الأمنية بكل ما يطور قدراتها ويرفع مستوى كفاءتها خدمة للأمن والإستقرار والسكينة العامة في المجتمع.. ونحث الجميع على إحترام الأنظمة والقوانين وفي المقدمة أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية حتى يكونوا قدوة حسنة لغيرهم، مؤكدين على المزيد من الإهتمام بتطوير أجهزة القضاء والنيابة العامة لما فيه خدمة العدالة.
الإخوة المواطنون.. الاخوة المواطنات.. إننا ونحن ندخل رحاب عام جديد من عمر الجمهورية اليمنية الفتية ندعو الجميع أفراداً وأحزاباً للتطلع بثقة وأمل نحو الأمام من أجل مستقبل أفضل للوطن وتشمير السواعد للعمل والإنتاج وإستيعاب كافة التطورات والمتغيرات في مختلف المجالات ووضع مصلحة الوطن فوق كل إعتبار فالوطن فوق الجميع. ختاماً نسأل الله العلي القدير أن يتغمد شهداء الوطن والأمة بواسع رحمته وغفرانه وأن يسكنهم إلى جوار الأنبياء والصديقين. ” إنه سميع مجيب ” ”
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته