خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة أعياد الثورة اليمنية سبتمبر 2003م
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
الإخوة المواطنون: الأخوات المواطنات: يا أبناء شعبنا اليمني في الداخل والخارج يطيب لي أن أحييكم تحية الثورة والانتصارات الوطنية المتلاحقة، وأهنئكم بأعياد الثورة اليمنية الخالدة العيد الـ41 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر والعيد الـ40 لثورة الرابع عشر من أكتوبر والعيد الـ36 للاستقلال الوطني المجيد، حيث تأتي احتفالاتنا بها هذا العام وقد تحققت الكثير من المبادئ والأهداف التي قامت من اجلها، والتي تعبر عن نفسها في جملة الإنجازات والمكاسب المحققة وتنتشر بامتداد خارطة الوطن وتلامس بعطائها وخيراتها حياة كل مواطن دون استثناء، كما تأتي احتفالاتنا هذا العام في ظل تنامي الزخم الوطني الوحدوي الديمقراطي المجسد لديمومة الثورة وسخاء عطائها وصواب نهجها وتجدد خياراتها في ظل المتغيرات الوطنية والإقليمية والدولية الجديدة وتعاظم قدراتها على أحداث التحولات المنشودة والانتقال بالوطن نحو آفاق واسعة وجديدة في سلم التطور والنهوض الحضاري الشامل. لقد مثلت الثورة اليمنية الـ26 سبتمبر والـ14 أكتوبر أيها الإخوة والأخوات جسراً لانتقال الوطن اليمني بين زمنين وواقعين متباينين لا مجال للمقارنة بينهما.. بين عهود الظلام والاستبداد والطغيان والقهر والحرمان والتخلف وبين عهد الحرية والديمقراطية والعدالة والانفتاح والتقدم والازدهار، فقد أرست الثورة بأهدافها الخالدة وتضحيات مناضليها وشهدائها الأبرار شروط وعوامل التحول النوعي للوطن من كيان معزول متقوقع في شرنقة الإمامة والاستعمار ودياجير التخلف والظلم والتمزق المريع، إلى كيان حي متجدد تزدهر في رحابه قيم وطنية وإنسانية ومعطيات حضارية معاصرة وفي مثل هذه المناسبات والاحتفالات يتذكر الوطن بالمزيد من الوفاء والعرفان تضحيات وعطاءات مناضليه الشجعان وشهدائه الأبرار صناع هذا المجد الذي روت دماؤهم الزكية شجرة الحرية والعطاء والخير التي تستظل بها أجيال الوطن اليوم وتستلهم منها الزاد لمواصلة السير على ذات الدرب الوضاء الذي أناروه وعمدوه بنضالهم وتضحياتهم وعطائهم السخي من اجل بناء وطن حر قوي مزدهر. فلقد جاءت الثورة اليمنية حقيقة تاريخية وحتمية وطنية لتشكل ذروة انتصار الإرادة الوطنية التحررية، ونتاجاً منطقياً لذلك النضال البطولي الطويل الممهور بالتضحيات الجسيمة على امتداد عدة أجيال ضد الإمامة والاستعمار.. خاض غمارها أولئك الأبطال المجهولين ممن زرعوا البذور الأولى للثورة في أحشاء الوطن ومهدوا دروبها الوعرة وجعلوا من المستحيل ممكناً.. وفي يمن كانت تطوقه تلا فيف التخلف والظلام وتسنده أعمدة المشانق وسيوف الجلادين نجح هؤلاء المناضلون الرواد في أن يصنعوا من أوجاع الوطن وعذابات الشعب ومن كل التحديات والصعاب التي واجهت الوطن قوة جبارة حاسمة للإنجاز ويخطون بدمائهم أهداف الثورة والتغيير وينسجون منها خيوطاً للشمس والفجر اليمني الجديد. اليوم وبعد أربعة عقود من عمر ثورة الـ26 من سبتمبر والـ14 من أكتوبر يطل علينا أولئك الرواد الأبطال ممن أنعم الله عليهم بالشهادة من عليائهم في ذُرى المجد والخلود الوطني ليروا ما صنعوه بتضحياتهم ورووه بدمائهم من انتصارات وإنجازات عظيمة ينعم بخيراتها أبناؤهم وأحفادهم وأترابهم من رجال الثورة وأبطالها ممن لازالوا على قيد الحياة يواصلون عطائهم بنبل ووفاء وإخلاص ونكران للذات في مختلف ميادين البناء والعطاء الوطني. الإخوة والأخوات.. لقد تجلت عظمة وقوة الثورة اليمنية26 سبتمبر و14 أكتوبر في واحديتها وترابط وتكامل أهدافها وقواها الاجتماعية والسياسية، فالطلقات الاولى للمارد اليمني التي دكت معاقل الإمامة ورموزها المتهالكة في صنعاء، امتدت أصداؤها وفعلها الثوري الجبار إلى قلب الكيان الاستعماري وأذنابه في عدن، وحين أشرقت شمس السادس والعشرين من سبتمبر من صنعاء أضاءت بنورها كافة الدياجير المظلمة في أرجاء اليمن وأنارت دروب الثورة والثوار في الجزء الآخر من الوطن لتوقد شعلة الثورة من قمم جبال ردفان الأبية في الـ14 من أكتوبر عام 1963م وليتواصل النضال الدؤوب لمناضلي الثورة وفدائيي حرب التحرير ضد المستعمر المحتل حتى تحقق نصر الاستقلال في الـ30 من نوفمبر 1967م ورحيل المستعمر من الأرض اليمنية لترفرف راية الحرية والاستقلال الوطني وها نحن وفي هذه الأيام الخالدة المباركة نحتفل باكتمال ثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة للعقد الرابع من عمرها المديد بإذن الله حيث ستحتضن مدينة عدن الباسلة ومعها كل مناطق الوطن الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية العزيزة والغالية على قلوب كل أبناء الوطن.
الإخوة المواطنون: الأخوات المواطنات: ياجماهير شعبنا في الداخل والخارج: لقد أولت الثورة الإنسان كهدف للتنمية، أداتها ووسيلتها أهمية خاصة في الارتقاء الشامل بمستوى حياته وبنائه علمياً وروحياً، وثقافياً وصحياً من خلال إنجازات نوعية هائلة أسهمت في تطوير التعليم رأسياً وأفقياً، كماً ونوعاً، وغطت الخارطة الجغرافية اليمنية منظومة متكاملة من المدارس والمعاهد والكليات والجامعات والمراكز التعليمية والعلمية بمختلف مستوياتها وتخصصاتها بالإضافة إلى إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية والمستوصفات وإيجاد شبكة كبيرة من الطرق الحديثة ووسائل الاتصال المتطورة وكافة الوسائل الخدمية الأخرى كالكهرباء ومشاريع المياه والسدود والحواجز المائية، بالإضافة إلى بناء العديد من المنشئات والمراكز الرياضية والتربوية والثقافية التي أتت ثمارها في تطوير قدرات الإنسان اليمني الذهنية والبدنية، العملية والعلمية والإبداعية والتطبيقية ويتولى اليوم قيادة عملية التنمية الوطنية طابور طويل من أبناء هذه الثورة من الكوادر رفيعة التحصيل والتأهيل وعلى درجة عالية من التأهيل العلمي والثقافي والمهارات المهنية والمعارف التخصصية في جميع المجالات، وأن ما يعتز به الوطن اليوم هو وجود جيل وطني تربى في كنف الثورة وتشرب مبادئها الوطنية العظيمة.. جيل متسلح بالعلم والمعارف والوعي الوطني العالي والسليم.. جيل خال من كل عقد الماضي وموروثات العهود البائدة جيل متحرر في تفكيره ورؤاه ومنفتح على عصره ومتزود بكل المقومات والوسائل التي تمكنه من الإسهام الفاعل في مسيرة بناء وطنه وصياغة الأفضل المزدهر بإذن الله. ولقد برزت قدرة الثورة في تحقيق أهدافها من خلال نجاحها في بناء أداة دفاعية قوية تصون السيادة وتحمي مصالح الوطن وتقيه المخاطر، وأمكن بفضل الله بناء مؤسسة دفاعية وأمنية وطنية مقتدرة عالية الكفاءة والإعداد والتأهيل الفكري السياسي التخصصي الرفيع، ومواكبة لمجمل التطورات العلمية والتقنية في المجال العسكري والأمني، كما تم انتهاج سياسة واقعية رصينة اتسمت بالواقعية والثبات والمبدئية والاتزان والديناميكية، وعلاقات دولية متوازنة مبنية على استقلالية السيادة والقرار والاعتراف بالمصالح المتبادلة والإسهام المشترك في تعزيز التعاون وصيانة الأمن والاستقرار الدوليين ومكافحة الإرهاب. واستجابة لدروس الماضي وتحديات المستقبل جاءت الوحدة اليمنية ورديفها الديمقراطية كأحد أغلى وأعظم أهداف الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر الخالدة لتجسد حيويتها وديمومتها وقدرتها على إحداث التحولات الشاملة في حياة الوطن والشعب، وتشكل مصادر قوة وحصانة إضافية للثورة وعاملاً حاسماً للاستقرار والأمن الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية وتوحيد الامكانات وتجييشها في مجرى البناء التنموي عوضاً عن الصراعات الشطرية، واستنهاض القوى الخلاقة للشعب وتعزيز خياراتها السياسية والفكرية المستقلة لممارسة فعلها البناء بروح الوحدة والديمقراطية والعمل الإبداعي المثمر لبلوغ الغد الأكثر إشراقاً، لقد فتحت الوحدة والديمقراطية للأجيال الوطنية الجديدة من أبناء الثورة آفاقاً جديدة للحاق بركب التقدم العلمي والتكنولوجي وتعويض مافاتهم تحقيقه في مرحلة التمزق والتشطير. وفي سياق البناء الوحدوي للثورة جاءت الإصلاحات السياسية والاقتصادية في منتصف التسعينيات من القرن الماضي كضرورة حتمية لتجديد روح الثورة ومواكبة المتغيرات والتحديات المرحلية والمستقبلية، وحقق الوطن في هذا المضمار نجاحات بارزة مضافة إلى رصيد الثورة من خلال تحديث البناء المؤسسي والتشريعي للدولة وفق مبادئ وأسس وحدوية وديمقراطية وتطوير المؤسسات واعتماد أسلوب التخطيط العلمي المنهجي المستمر في كل حلقات البناء والأداء الوظيفي للدولة وفي مختلف مجالات الحياة.. كما تم بحمد الله تحقيق نجاحات ذات أبعاد اقتصادية استراتيجية، في وقف التدهور الاقتصادي، وكبح جماح العجز في الموازنة، وتعزيز قيمة العملة الوطنية وثباتها وتحقيق الاستقرار الاقتصادي وثبات أسعار السلع وغيرها من النجاحات التنموية التي يتعاظم أثرها اليوم في حياة المواطنين وحاضرهم وعلى المدى البعيد. وفي هذا المجال نؤكد على أهمية مواصلة تلك الجهود من أجل تعزيز النجاحات والتسريع بوتائر التنمية ومكافحة الفقر وندعو إلى المزيد من الاهتمام بشبكة الأمان الاجتماعي ومشاريع الرعاية الاجتماعية، وإقامة المزيد من جمعيات التكافل الاجتماعي التي تسهم في تقديم خدماتها للمواطنين ومساعدة المحتاجين في المجتمع.
الإخوة المواطنون: الأخوات المواطنات: يا جماهير شعبنا الأبية: إن قوة ومكانة وفعل أي ثورة لا يكمن فقط في تاريخها وانتمائها للماضي، بل أيضا في أن يكون لها حاضر ومستقبل مشرق، قوة فعل الثورة في انتمائها للتحديث والتطوير، حيويتها وقدرتها على الجمع الوثيق بين اشتراطات تطورات العصر، وخصوصيات الواقع الوطني وتجديد ذاتها ورؤاها السياسية وتنامي دراتها على حل مشاكل المجتمع وجعل الوطن قوة متجددة وفاعلة على خارطة العالم الحديث وعلى مدى 41 عاماً ظلت الثورة حريصة على التمثل لمبادئها السامية وأهدافها العظيمة التي قامت من أجلها وتميزت بروح التجديد ومواكبة حركة التاريخ بمراحلها المختلفة ونجحت في التعاطي الأمثل مع شروط التطور ومتغيرات الأحداث بمرونة وواقعية في سبيل تحقيق أهدافها وبلوغ غاياتها، وهذا ما يحفزنا على التفكير المستمر لتجديد شباب الثورة وتعزيز انتصاراتها ومنحها المزيد من عوامل القوة والاستمرارية على درب تحقيق أهدافها العظيمة. ونحن نعيش اليوم عصر التحولات الكبيرة المتسارعة، والعولمة الاقتصادية والثقافية والسياسية، عصر الثورة المعلوماتية والتقنية، وتزايد اتساع الهوة بين الشعوب الفقيرة والغنية، فإنه من واجبنا مجاراة هذه المتغيرات ومجابهة التحديات وفق رؤية معاصرة للحياة والتاريخ، وسنن وعوامل ومصادر القوة والتطور في ظل واقع دولي يشهد سقوط وتبدل الكثير من المفاهيم والأفكار القديمة، حيث أصبح كل شيء فيه قابل لإعادة النظر، فالعالم من حولنا يتغير بسرعة ويفرض علينا الانخراط في عنفوان هذا التحول الكبير، وان نجعل من تجربتنا وإنجازات الثورة خلال السنوات المنصرمة قاعدة الانطلاق نحو واقع جديد، وبمفاهيم ووسائل وأساليب جديدة، ترتكز على كل ماهو إيجابي، مفيد ومعاصر، فانتصارات اليوم لا تتحقق بمفاهيم وشروط الأمس وأدواتها. إن المرحلة الجديدة أيها
الإخوة والأخوات.. بتحدياتها الوطنية والإقليمية والدولية تضعنا أمام مسؤوليات جسيمة، تتطلب الوعي العالي والعمل الجماعي، والبناء الدءوب وفق مقتضيات وشروط العصر الحديث وبروح المسؤولية الجماعية، والحرص المشترك على ازدهار وطننا، تحصينه وحمايته وتنميته الجماعية، وما من شك فأن برامجنا طموحة، وأمالنا لا حدود لها في الانتقال باليمن إلى مصاف الدول المتقدمة، وواجباتنا الملحة تتجلى في توحيد الإمكانيات والطاقات والقدرات الوطنية المتاحة والممكنة في مشروع وطني نهضوي استراتيجي معاصر، وترتيب أولوياتنا ضمن رؤية منهجية بعيدة المدى لتحقيقه بتدرج تصاعدي وواقعية.. ولهذا فإننا ندعو كافة القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية إلى تظافر جهودها في ميادين البناء والإنتاج والتنافس من اجل الوطن ومصلحة الشعب بعيداً عن كل أشكال المزايدة والمكايدة والانشغال بالخلافات الجانبية وبصغائر الأمور.. فوطن أل 22 من مايو كبير بوجوده ومقوماته السياسية والاقتصادية والجغرافية وتاريخه وحضارته، ودوره ومكانته بين الأمم وعلى الجميع الارتقاء إلى هذه المكانة الرفيعة التي يحتلها الوطن، وعدم الانشداد للماضي والتطلع دوما نحو الأمام، ونحو ترسيخ قواعد المستقبل الأفضل.. فالماضي جزء من التاريخ لا ينبغي الإلتفات إليه إلا للاستفادة من دروسه وعبره واستلهامها من اجل تجنب السلبيات وتعزيز الايجابيات ولما فيه مصلحة الوطن، فالوطن ملك الجميع وهو مسؤولية الجميع دون استثناء. الإخوة والأخوات… حين أضحت الديمقراطية نهجاً للحقيقة في بلادنا، حررت وعي وفعل المواطنين وارتقت بمسؤولياته ومكنته من إدراك حقائق الواقع، وأرست القواعد العامة لتعزيز قدرات المجتمع وفتحت آفاقا رحبة لتفجير طاقات الشعب الجبارة وإطلاق إبداعاته الخلاقة التي لا تنضب، ووفرت فرصا تاريخية كبيرة لمعالجة مختلف أمراض المجتمع، وسلبيات الواقع وموروثاته المتخلفة، وأتاحت للشعب المشاركة الواسعة في صناعة القرار وصياغة مستقبل الوطن ومنحته صلاحيات وإمكانيات غير محدودة للرقابة والمحاسبة وإصلاح كل اختلالات البناء التنموي وتجديده على أسس قوية راسخة تتجاوز عثرات وسلبيات الماضي. وعلى الحكومة ومجلس النواب وكافة المسئولين في مختلف المواقع إدراك الواقع وتحدياته المختلفة واستلهام روح الثورة في العمل المخلص والجاد، وإيجاد بدائل وحلول معاصرة وواقعية لمشاكل الوطن والانطلاق في أداء واجبا تهم من الحقائق الثابتة على الأرض والإمكانيات والقدرات المتاحة واستغلالها بشكل عقلاني امثل، وان تكون الخطط والبرامج وفق قدراتنا على بلوغها ففي كل يوم تتفتح أمام وطننا آفاق تاريخية جديدة للعمل يفرضها مجرى الحياة وقوانين التطور، والمتطلبات المادية والروحية المتنامية للشعب وهذا يضع المجتمع وسلطاته وقواه السياسية والاجتماعية الحية أمام مسؤوليات ومهام أكثر تعقيدا. والجميع معنيون كل من موقعه العملي بمجاراة تطور العالم من حولنا ومواكبة ركب الحضارة والانطلاق بوطننا نحو حياة أفضل ومستقبل أكثر ازدهارا واستقرارا. وما من شك أن نجاحنا في التصدي لتحديات الحاضر والمستقبل يتطلب خوض غمار ثورة علمية وتقنية شاملة طويلة لبناء الإنسان وفق أسس معاصرة تضع وطننا في قلب حضارة القرن الواحد والعشرين، وهذا يعني استمرار نهجنا العملي بتصحيح وتطوير التشريعات والكوادر والتحديث النوعي للأساليب التربوية والتعليمية، وإعطاء المزيد من الاهتمام بتوسيع وتطوير البنية الأساسية للنهوض بالتعليم في مختلف مراحله وتخصصاته وبما يلبي احتياجات البناء وأهداف التنمية، وعلى الحكومة وجهات الاختصاص إعطاء الأولوية للتأهيل والتدريب الفني التخصصي، وإنشاء المعاهد والكليات المعنية بهذا المجال وبما يخدم التنمية ويكفل توفير فرص العمل أمام الشباب، ففي الوقت الذي يعاني المجتمع من ارتفاع نسبة البطالة في أوساط الخريجين هناك نقص حاد في العمالة المهنية والتقنية في مختلف التخصصات العملية المعاصرة، وعلى الحكومة توجيه عنايتها خلال السنوات القادمة لتطوير ونشر الجامعات والمعاهد التخصصية وكليات المجتمع ومراكز الدراسات والأبحاث العلمية ومؤسسات رصد وتحليل المعلومات.. نجاحنا في هذه الثورة العلمية وإعادة تأهيل المواطن مشروط بوضع سياسة عملية فاعلة للارتقاء النوعي بالتعليم وربطه باحتياجات التنمية ووضع آلية مناسبة للتعاطي الأمثل مع مخرجات التعليم.
الإخوة المواطنون… الأخوات المواطنات… لقد كان وسيظل الاقتصاد الوطني على الدوام أساس التقدم الشامل ومفتاح النجاح في مختلف مجالات التنمية الأخرى، والحكومة معنية بتأهيل الاقتصاد الوطني من خلال تخطيط صحيح يقوم على استراتيجيات واضحة للاستثمارات المثمرة ذات المردود الايجابي وتنمية الموارد الوطنية والحفاظ عليها، والاستغلال الأمثل للموارد البشرية والمواهب والكفاءات والقدرات الإبداعية وبناء آلية وطنية فاعلة للمراقبة والمحاسبة الصارمتين. ولهذا فإننا نوجه إلى الاهتمام بإيجاد المزيد من المشاريع الاستراتيجية الإنتاجية وتطوير المناخات الاستثمارية وإزالة كافة معوقاتها من مظاهر الفساد والبيروقراطية وإتاحة المجال للقطاعين الخاص والتعاوني ليتبوأ دوره الريادي المنشود في قيادة التنمية والأخذ بأسباب التطور. ومن القضايا المحورية التي سيتم الاهتمام بها خلال الفترة القادمة تنمية الموارد البشرية والعمل بوتائر متسارعة للانتقال النوعي والارتقاء بحياة ومعيشة المواطنين وتحقيق الأمن الشامل بإبعاده المختلفة ومحاربة البطالة والفقر وتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي وثبات أسعار السلع والخدمات الاجتماعية، والاهتمام بجوانب البناء الروحي والثقافي في الوطن. وما من شك فان بلادنا تمتلك كل مقومات وعوامل النجاح الموضوعية والذاتية والجغرافية والسياسية ففي فضاءات الحرية والديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان تتوالد يوميا إمكانيات وإبداعات وطنية خلاقة لا تنضب ومن أحشاء هذه الأرض المعطاءة تتدفق ينابيع الخير والرخاء الوطني وهذا يجعلنا نتطلع الى المستقبل بثقة وطموح يواكب تجدد روح الثورة. الإخوة الأبطال… أبناء قواتنا المسلحة والأمن.. أننا ونحن نحتفل بأعياد الثورة اليمنية الخالدة لا ننسى أبداً تلك التضحيات الغالية الجسيمة التي قدمها أبناء القوات المسلحة والأمن على درب الانتصار لإرادة الشعب في الثورة وترسيخ النظام الجمهوري وتحقيق الاستقلال والوحدة والدفاع عنها في مواجهة كل التحديات ومحاولة إعادة عجلة التاريخ للوراء. ولقد كان هدف بناء جيش وطني حديث وقوي في طليعة أهداف الثورة اليمنية الخالدة وحيث قطعت مسيرة البناء والتحديث في هذه المؤسسة الوطنية الكبرى أشواطاً متقدمة ارتكزت على أسس البناء العملي، والنوعي المتطور وعلى الكيف قبل الكم ورفدها بأحدث التجهيزات الفنية والقتالية الحديثة، وذلك من أجل تعزيز القدرة الدفاعية لبلادنا وتمكين مؤسستنا الوطنية الكبرى من الاضطلاع بمهامها وواجباتها الوطنية المقدسة في الدفاع عن استقلال الوطن وسيادته واستقلاله وحماية مكاسبه وإنجازاته.. فتحية وتهنئة صادقة مخلصة في هذا اليوم المجيد لأبطال قواتنا المسلحة والأمن وهم يرابطون خلف مواقع الفداء والشرف والبطولة في كل سهل وجبل وواد وفي الجزر ومياهنا الإقليمية يؤدون واجباتهم بإخلاص وتفان ونكران ذات ويقدمون النموذج الرائع في الوفاء والتضحية والعطاء في سبيل الوطن ومصالحه العليا..
الإخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات.. يا أبناء امتنا العربية والإسلامية.. إنه لمن المؤسف والمحزن أن تعيش أمتنا هذا الواقع البائس المؤلم الذي تنغمس فيه.. واقع الشتات والانقسام والضعف وعدم القدرة على مواجهة التهديدات والتحديات الراهنة والخطيرة التي تحدق بها من أكثر من اتجاه وما من سبيل لكي تتجاوز الأمة هذا الواقع والولوج الى رحاب مستقبل أفضل إلا بالوحدة والتضامن والتكامل بين أبنائها وعلى مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأمنية والعسكرية، فذلك هو ما سيحقق للأمة وجودها ويعزز اقتدارها على مجابهة التحديات وحماية أمنها ومصالحها.. واستشعاراً من الجمهورية اليمنية لمسئوليتها القومية وخطورة ما آلت إليه الأوضاع العربية وما تشهده من تدهور مستمر يؤثر سلباً على مصالح أبناء الأمة وأيمانا منها بضرورة لم الشمل وتوحيد الرؤية لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه الأمة العربية وتصيب التضامن العربي في مقتل فإنها تقدمت بمبادرة مشروع اتحاد الدول العربية لتفعيل العمل العربي المشترك وإصلاح النظام العربي الراهن وإيجاد نظام عربي جديد يستجيب لتطلعات وآمال أبناء امتنا العربية وعبر منظومة مترابطة من آليات العمل القومي المشترك وببعديها الرسمي والشعبي اخذين في الاعتبار كل الرؤى والأفكار التي تقدمت بها دول عربية شقيقة في إطار إسهاماتها لتجاوز الواقع العربي الراهن، وفي ظل استيعاب كافة المتغيرات والتحولات التي شهدها العالم وحيث أصبح إصلاح النظام العربي الراهن ضرورة لابد منها وهذا لن يتأتى إلا من خلال قيام اتحاد عربي فاعل ومؤثر يحقق آمال وطموحات الأمة العربية في التكامل المنشود وحماية وصون مصالح شعوبها ومجابهة كافة التحديات والمخاطر الراهنة والمستقبلية. وما من شك فإن هذه المبادرة هي رؤية مكملة للمبادرات العربية الأخرى وهي مطروحة أمام الأشقاء لإثرائها بآرائهم ومقترحاتهم القيمة بما يحقق الهدف المنشود في تأسيس نظام عربي إقليمي قادر على التكيف مع مجريات وأحداث العالم خاصة في مجالات التنمية والديمقراطية وإرساء دعائم الأمن والاستقرار وتحقيق الرفاه الاقتصادي لأبناء الأمة.. ويقيناً – أيها
الإخوة والأخوات.. فإنكم تتابعون ما يجري على أرض فلسطين المحتلة من غطرسة وصلف إسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، حيث تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بقتل الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء وممارسة أبشع أنواع القمع والإرهاب والتصفية الجسدية وانتهاك الحقوق الإنسانية ضد الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية.. ومن المؤسف أن يجري كل ذلك على مرأى ومسمع من العالم كله وأن تتمادى إسرائيل في تحديها للإرادة الدولية وقرارات الشرعية الدولية الى الحد الذي لا يطاق ولا ينبغي السكوت عليها، ووصل الحال بالتطرف الإسرائيلي الى حد التمادي في التهديد بإبعاد الأخ الرئيس المناضل ياسر عرفات من وطنه أو تصفيته جسدياً وهو الرئيس الشرعي المنتخب من قبل أبناء شعبه ورمز النضال الوطني الفلسطيني.. ولو لم تكن إسرائيل تدرك بأن لا أحداً يمكنه الوقوف في وجه غطرسة حكامها المتطرفون وإرهاب الدولة الذي تمارسه ضد أبناء الشعب الفلسطيني لما تمادت الى ذلك الحد من الصلف والتهور والغرور.
وإننا في الجمهورية اليمنية إذ نجدد إدانتنا الشديدة لهذا القرار التصعيدي الخطير وغير المسئول والذي سيزج بالمنطقة نحو المزيد من العنف والفوضى وعدم الاستقرار ويضع جهود السلام وخارطة الطريق أمام مأزق حقيقي وفشل مؤكد، فإننا نناشد مجدداً المجتمع الدولي والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية إلى التدخل الحاسم والفعال لإجبار الحكومة الإسرائيلية على التراجع عن ذلك القرار غير المسئول والالتزام بالمضي في عملية السلام وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي وبما يكفل للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة في الجولان ومزارع شبعا في الجنوب اللبناني فذلك هو ما يحقق للمنطقة السلام العادل والشامل والدائم ويكفل الاستقرار والازدهار والتعايش السلمي بين شعوبها.. كما أننا نأمل بأن يتمكن الشعب العراقي الشقيق من تقرير مصيره بنفسه وانتهاء الاحتلال لأراضيه وحكم نفسه بإرادته الحرة التي يعبر عنها من خلال الديمقراطية وصناديق الانتخابات. وإننا في الجمهورية اليمنية سنظل الى جانب الشعب العراقي الشقيق ودعم خياراته الوطنية، وفي كل ما يصون وحدته وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه وتحقيق كل ما يصبو إليه من الاستقرار والتقدم والازدهار. كما نؤكد مجدداً تضامننا ووقوفنا الى جانب أشقائنا في السودان.. وبكل ما من شأنه الحفاظ على وحدة السودان وأمنه واستقراره ودعم خياراته في السلام، وسنظل نولي إعادة الهدوء والاستقرار والسلام الى الصومال الشقيق كل الاهتمام، وسنواصل دعمنا لكل الجهود والمبادرات الهادفة الى تحقيق ذلك الهدف، فالصومال بلد شقيق وأمنه جزء لا يتجزأ من امن منطقتنا والأمن القومي العربي.. مباركين كل ما يتم التوصل إليه بين الفصائل الصومالية المختلفة من خلال الحوار والتفاهم من أجل أن يستعيد الصومال عافيته ويتفرغ الشعب الصومالي الشقيق لإعادة بناء وطنهم وإعماره والحفاظ على سيادته ووحدته واستقراره. الإخوة والأخوات.. إن الإرهاب هو آفة العصر التي أبتلى بها العالم وتعاني منها الكثير من الدول والمجتمعات ومنها بلادنا التي بذلت كل الجهود وساندت جهود المجتمع الدولي من أجل مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره انطلاقاً من مقتضيات المصلحة الوطنية ولما يفرضه الإرهاب من تهديدات خطيرة على الأمن والاستقرار والسلام في العالم. ومن اجل التميًز وعدم الخلط بين الإرهاب وحق الشعوب المشروع في النضال من أجل نيل الحرية والاستقلال فإننا دعونا وما نزال الى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لتحديد تعريف واضح ومحدد للإرهاب وبما يميز بينه وبين النضال المشروع في مقاومة المحتل وطبقاً لما أقرته كافة الشرائع والمواثيق الدولية والإنسانية..
الإخوة المواطنون.. الأخوات الموطنات.. يا أبناء الشعب اليمني العظيم.. إن الثورة المباركة وهي تدخل إلى رحاب عام جديد وتواصل مسيرتها الظافرة على درب الإنجاز والبناء والتنمية والنهوض الحضاري الشامل تجسد روح العزيمة والمثابرة والإصرار التي يمتلكها شعبنا المناضل من أجل ترجمة كل آماله وتطلعاته المنشودة.. محققاً التواصل بين تاريخه الحضاري العريق وأمجاده الغابرة وحاضره المشرق الحافل بالإنجاز والتقدم والتطور والانطلاق نحو مستقبله المزدهر المفعم بالأمل والثقة لبناء يمن الـ22 من مايو العظيم.. يمن العزة والكرامة والمجد والقوة والازدهار. المجد والخلود لشهداء الوطن الأبرار، وشهداء جمهورية مصر العربية الشقيقة الذين رووا بدمائهم الزكية أرض اليمن دفاعاً عن حق شعبنا في الحرية والثورة.. سائلين الله أن يتغمدهم جميعاً بواسع رحمته وغفرانه، ويسكنهم فسيح جناته الى جوار الأنبياء والصديقين.. انه سميع مجيب.. عيد سعيد.. وكل عام وانتم بخير… والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛