خطاب رئيس الجمهورية أثناء افتتاحه للمؤتمر العام الثاني للمنتدى القضائي
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة والأخوات…
الأخوة أعضاء المنتدى القضائي يسعدني أن أحضر هذا المؤتمر وأتمنى في البداية للقضاء الفلاح والنجاح؛ فالعدل أساس الحكم .هذا ونحن نحث الإخوة في القضاء وأجهزة النيابة العامة على القيام بواجبهم نحو الخالق عز وجل ونحو الوطن .. ما من شك أن هناك قضايا حول مستحقات القضاة، إننا نولي السلطة القضائية وأجهزة النيابة العامة أن يشعروا بمسؤولياتها الوطنية نحو المواطنين، إذا اهتم القضاة بقضايا المواطنين سوف تهتم الدولة بالقضاة كما نحث القضاة على الالتزام بقانون المرافعات وقانون الإجراءات الجزائية، هذه القوانين هي مساعدة للقضاة، مساعدة لتنفيذ الشريعة الإسلامية لأنها ليست قوانين وضيعة وإنما هي قوانين إسلامية، فعلى القضاة الالتزام بتلك القوانين وعلى أجهزة النيابة الشعور بواجبهم أمام القضاء.
وهناك الكثير من الشكاوي تصلنا من عدة محافظات ومثلما نسمع شكاوي القضاة عن مستحقاتهم نسمع شكاوى من القضاة ومن أجهزة النيابة فبقدر ما على الحكومة الاهتمام بمستحقاتكم عليكم أيضاً الاهتمام بالمواطنين، وتنفيذ القوانين لأنه يقال -ولسنا نحن الذين نقول-: أن هناك من يريدون أن يسيئوا إلى النظام وإلى الدولة من خلال عرقلة قضايا المواطنين، ويقولون للمواطنين ها هي الجمهورية وها هي الثورة ماذا تعمل لكم إذا كان الأمر كذلك فهذا خطير وأرجو ألا يكون ذلك صحيحاً.. أملي أن تنتهي الفوضى في جميع أجهزة السلطة القضائية والنيابة العامة.. لأنه يقال إن هناك أناساً قد أثروا في القضاء، وهناك أناس شرفاء لا يمدون أيديهم، وهم شرفاء ونظيفون مخلصون ولكن لا أحد ينظر إليهم من قبل أجهزة الدولة ربما إذا كانت هناك ظواهر فساد ورشوة فهي تقريباً محدودة ولكنها تغطي على الشخصيات الصالحة في أجهزة السلطة التنفيذية والنيابة العامة.
أرجو من هذا المؤتمر أن يقيم كل أعمال السلطة القضائية وأن يناقش ما يستحقه من مكاسب من قبل الدولة، وسوف تولي الدولة كل اهتمامها السلطة القضائية ولكن الذي يهمني في هذا الأمر أن تناقشوا سلبيات القضاء وما مدى سلبيات القوانين، كيف يتم إصلاح الأجهزة القضائية وإصلاح القضاة أنفسهم، كيف يكونوا صالحين لِيُلزم الدولة والحكومة والمواطنين على احترام القضاة، لأنه من لم يحترم الناس لا أحد يحترمه على الإطلاق، أرجو من هذا المنتدى القضائي أن يقف وقفة جادة نحو تقييم أعمال السلطة القضائية وهذه فرصة لاستعرض مع هذه الكوكبة الطيبة من رجال العلم والمعرفة والثقافة ورجال العدل، لأستعرض بعض العمل الوطني.. تعرض الوطن منذ نهاية حرب 94م على مؤامرة جديدة، هذه المؤامرة تمثلت في غزو إرتيريا لحنيش الكبرى.. اليمنية وحاولنا بشتى الوسائل أن نجنب الوطن والمنطقة الانزلاق في هذا المستنقع خاصة وقد انتصرت الوحدة وخرج الوطن معافى من ذلك المرض الذي خطط له ونفذ.. ولكن بتوفيق من الله والتفاف جماهير شعبنا انتصرت إرادة الشعب وانتصرت المبادئ في 7يوليو94م.
عملنا على ضبط النفس رغم الإثارة والانفعال ورغم الحماس داخل الأوساط السياسية والرسمية والشعبية عند احتلال حنيش الكبرى .. وعملنا بشتى الوسائل السياسية والدبلوماسية حتى وصلنا إلى التحكيم وعندما اخترنا هذا الخيار كنا واثقين من أن الوثائق والأدلة والبراهين موجودة مع حكومة الجمهورية اليمنية ومتأكدين من عدالة قضيتنا وبعد أن أسقطنا تلك المؤامرة تكررت المؤامرة مرة أخرى المؤامرة الأخيرة التواجد في حنيش الصغرى وتم الاستحداث يوم عشرة أغسطس الحالي وتم استطلاع نشط من قبل قواتنا في زقر وأبلغنا على التو فتم التواصل مع الفرنسيين ومع الدول دائمة العضوية ومع السكرتير العام للأمم المتحدة حول هذا التواجد كان هناك انفعال قوي وسريع لدى المؤسسة العسكرية وكان هناك حماس وانفعال، انفعل العسكريون وقالوا: لن نستكين للوضع بعدما حصل في حنيش الصغرى، كان علينا ضبط النفس ولا ينبغي أن نعمل بردود الأفعال وقد اجتمعت القيادة العليا للجيش وتدارسنا الأمر وأقرينا التحرك على شقين أو في مسارين ..مسار العمل السياسي والدبلوماسي ومسار الجاهزية العسكرية .
حقيقة من حقكم أن تفتخروا بجاهزية القوات المسلحة في الوقت الحاضر..ولكن كما سمعتم عبر وسائل الإعلام كانت هناك الوساطة الفرنسية .
الوساطة الفرنسية حقيقة كانت ممتازة وجيدة ..أيضاً دور السكرتير العام ..أو الأمين العام للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي كان له دور ممتاز، أيضاً مساعد الأمين العام ..أيضاً رئيس مجلس الأمن ..حقيقة كانت عواطفهم مع اليمن ..وأخص أيضاً الولايات المتحدة وبريطانيا الذين كان لهما دور إيجابي كبير.
وشجعوا الفرنسيين ..وشجعوا الأمين العام على المضي في الوساطة وأرسلوا رسائل قوية إلى الإريتريين ..تم في إطار هذا العمل السياسي النشط اجتماع مجلس الأمن ..في اجتماع تشاوري غير رسمي ..ووجهت رسالة إلى الإريتريين ورسالة إلينا نحن حثينا فيها على ضبط النفس ويقدر تقديراً عالياً للمواقف الإيجابية لليمن .. وقد حثت إريتيريا بسرعة إخلاء جزيرة حنيش الصغرى والالتزام بالتحكيم ..الرسالة الأمريكية كانت في نفس المنوال .. الرسالة البريطانية كانت ممتازة إلينا والى الإريتريين وتقول: حافظوا على تلك المكاسب التي حققتموها على المستوى الدولي .. ولقد حثينا إريتريا بسرعة الانسحاب الفوري من جزيرة حنيش الصغرى .. مع كل ذلك كلها تحث على ضبط النفس، وحقيقةً اليمن احتلت مكانة دولية كبيرة بضبط النفس وعدم الانجرار في هذه المعركة التي يرسمها الآخرون .. حقيقة نجحت المساعي الفرنسية ونأمل أن يتم التنفيذ .
فعلى كل حال هكذا هو الموقف السياسي وما تم التوصل إليه.. طبعاً لم يحدد الوقت الزمني مع المبعوث الفرنسي للانسحاب ولكن أخبرنا المبعوث الفرنسي أنه قد أخذ التزاماً خطياً من وزير خارجية إريتيريا أنهم على التو ينسحبون قلنا لهم كيف نفهم .. صح أنهم قرروا الانسحاب لكن متى؟ قال: أنا سوف أعطي فرصة إلى نهاية هذا الأسبوع.. إلى ما بعد يوم الجمعة أو يوم السبت لو انسحب على الفور.. فينتهي الأمر .. ما لم سيكون لنا موقف ثم الدخول إلى مجلس الأمن .
هذا ما قاله المبعوث الفرنسي ونحن نتابع باستطلاع نشط سواء بحرياً أو جوياً الاستطلاع في المنطقة نشط وعلى مدار 24 ساعة مع وجود الرقابة الفرنسية.الأمور إن شاء الله مشجعة وممتازة ومطمئن عليها. الجانب السياسي ممتاز والمكاسب رائعة وسمعة اليمن على المستوى الدولي ممتازة. فليطمئن الأخوة أن هذا شيء مطمئن نحن الآن في الأسبوع الأخير من عملية التسجيل وقيد الناخبين، بهذه المناسبة أحث الأخوة القضاة والمرشدين والخطباء والحكام والشخصيات المتواجدة وأحث بقية المواطنين على ممارسة حقوقهم السياسية لعملية القيد والتسجيل بغض النظر عن الاتجاه السياسي والحزبي أو الولاء الحزبي. والمواطن ينبغي أن يتجه نحو مراكز القيد والتسجيل وذلك لقيد أسمائهم في سجلات الانتخابات ونحن نتجاوز أي أخطاء أو تجاوزات تكون قد حدثت في الانتخابات الماضية وندعو أجهزة السلطة المحلية والقضائية أن تنهي مثل هذه التجاوزات .. ويحكموا بشأنها. هذه القضايا لابد لها من البت. فالديمقراطية قد تكون سيئة لكن ما هو أسوأ منها هو عدم وجودها..هي سيئة لأنه فيها نقد وفيها كلام سياسي تقبله وفيها شيء ما تقبله هكذا، ونحن تعودنا هكذا عالم ثالث لسنا متعودين ..لا أحد يقبل الكلام..ما أحد يقبل النقد ولا أحد يقبل المقالة لكننا نعتقد أننا بدأنا نستوعب الديمقراطية بما فيها من صعوبة وبما فيها من ألم من أسوء ما يمكن وخاصة على الحكام .. يعني من أكبر رئيس في الدولة إلى أصغر مسؤول يعني هذا بينتقدك وهذا يتكلم .. وهذا .. ولكن أنا اعتقد أنه أفضل من أن تكون الأفواه مكممة والحريات مقيدة، فأعتقد أن هذا هو الأسلوب الأمثل ولكن الديمقراطية أخلاق وسلوكيات ونقد بناء ونقد مسئول..يعني تتكلم..أفضل من أن تظل كاتما حريتك .. تريد تتكلم ماحد يسمح .. ماحد يتيح لك الفرصة مهما كان عندك من جاه أو مهما كان معك من مال .. لاينفع المال ولا الجاه ما لم توجد حرية للإنسان. الديمقراطية هي أن نتكلم داخل الأسرة اليمنية لننتقد بعضنا البعض ونتعلم، سنظل نتعلم من الآخرين .
وجيل اليوم يتعلم من جيل الأمس، هي مدرسة ومنظومة متكاملة لابد أن نستفيد من الشيوخ ويستفيد الشيوخ من الشباب وكلها منظومة متكاملة .
مرة أخرى أتمنى لمؤتمركم التوفيق والنجاح وأؤكد مرة أخرى أن انتخابكم للقيادات أو مناقشتكم لأوراق العمل أن تكون بعيدة كل البعد عن التعصب الحزبي .
أما السلطة القضائية فهو محرم شرعاً أن تمارس فيها العمل الحزبي لأنك الحاكم الذي تحكم بين الناس، أيها الشباب، أقول لكم هكذا ليسمع القضاة وأنا اكرر مرة أخرى أن القضاة هكذا لا ينبغي للقاضي أن يشتغل بالعمل السياسي والحزبي من يريد ذلك يتفضل يترك السلطة القضائية يسيبها، وممارسة العمل السياسي مشروع لكن أنك حاكم في السلطة القضائية وأنت منحاز حقيقة إذا لم يحاسبك الشارع والناس سوف يحاسبك الله سبحانه وتعالى.
على كل حال أتمنى لكم بالتوفيق والنجاح والسلام عليكم ورحمته وبركاته…