خطاب فخامة الرئيس بمناسبة عيد الاضحى المبارك
صنعاء: جدد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية دعوته إلى تضافر كل الجهود الوطنية من أجل المضي قدماً في إنجاح الحوار الوطني والوصول به إلى غاياته الوطنية المنشودة في حماية المصلحة العامة, وصيانة المكتسبات القائمة والخروج منه بمعالجات واضحة لكافة القضايا والموضوعات التي تهم الوطن في إطار الالتزام بالدستور والثوابت الوطنية والحفاظ على المؤسسات الدستورية.
واوضح فخامته في خطاب وطني هام وجهه إلى جماهير شعبنا اليمني في الداخل والخارج وجماهير أمتنا العربية والإسلامية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك الحرص إن شعبنا يعتز ويفتخر بأن لديه اليوم تجربة ديمقراطية راسخة يتابعها العالم بتقدير وإعجاب كبيرين.
وقال :"ولذلك سوف نستمر في طريق التطوير المستمر لهذه التجربة اليمنية المنتصرة لإرادة الشعب والمحتكمة إلى الدستور والقانون ونحن حريصون أشد ما يكون الحرص على الوفاء بالاستحقاقات الديمقراطية كما ينص عليها الدستور وينظمها القانون وإجرائها في مواعيدها باعتبارها حقاً للشعب وهي واحدة من أدواته الشرعية في حكم نفسه بنفسه عبر صناديق الاقتراع".
وأضاف :" ومن أجل ذلك جاء تأكيدنا قبل أيام على ضرورة استكمال كافة التحضيرات الخاصة بالانتخابات النيابية القادمة لتتم في موعدها المحدد في مناخات حرة ونزيهة وشفافة باعتبار ذلك وفاء للشعب وتحصين لكل مكاسب الثورة والوحدة ومنجزات الحياة الديمقراطية اليمنية, ونجدد دعوتنا لكافة القوى السياسية إلى المشاركة الفاعلة في خوض هذا الإستحقاق من خلال إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والمشاركة في اللجان الإنتخابية الإشرافية والأساسية وبما يخدم المصلحة الوطنية بإعتبار الإنتخابات أمر يهم الجميع ويعزز من المسيرة الديمقراطية, مع تأكيدنا وحرصنا على ضرورة مواصلة الجهود المبذولة لمباشرة الحوار لمناقشة كافة القضايا التي تهم الوطن ومستقبله بروح وطنية مسؤولة وفي إطار احترام الدستور والقانون والالتزام بشرعية المؤسسات الدستورية وعدم تجاوزها والحرص على عدم الإضرار بالعملية الديمقراطية وسلامة الوطن واستقراره.
وتابع قائلا :" إن إيماننا بالحوار لا يمكن أن يتزعزع لأنه مرتبط بإدراكنا للحكمة الكامنة فيه كأسلوب يعتمد على الاحتكام للعقل والمنطق والحجج الناصعة التي يمليها التفكير السليم والاستعداد للقبول بالرأي الراجح والفكرة الصائبة التي تخدم المصلحة الوطنية العليا" .
وتطرق فخامته إلى عظمة هذه المناسبة الدينية الجليلة وما يجسده ضيوف الرحمن يوم الوقوف في عرفات الله من مشهد إيماني مهيب غني بالمعاني الجليلة والدلالات العميقة في أعظم صور الخضوع لله والإذعان والتسليم بالعبودية له وحده لا شريك له.. منوها بدلالات هذا المشهد الإيماني العظيم والذي يدركه كل ذي عقل رشيد ويتجسد في توافد المؤمنون من كل أنحاء الأرض في موقف إيماني واحد يرددون دعاءً واحداً بقلوب خاشعة في هيئة أمة واحدة رغم تعدد لغاتهم وأجناسهم وأوطانهم.. لا فضل فيهم لعربي على أعجمي ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح.
وقال فخامة الرئيس :" إن ديننا الإسلامي الحنيف هو دين المساواة والإخاء والعدالة والتحرر من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وشريعتنا الإسلامية السمحاء إنما جاءت لتحق الحق وتقضي على كل أنواع العصبيات الجاهلية عنصرية كانت أو سلالية أو قبلية أو مناطقية وجاءت لترسخ مبادئ الوحدة والاعتصام بحبل الله والتكافل والتآزر والإخاء والمحبة بين كل المسلمين ولترسم بذلك طريق الفلاح والعزة والمنعة والقوة ولتعلي قيمة الإنسان الذي استخلفه الله في الأرض ليتعبده بصالح الأعمال".. مبينا أن ذلكم المشهد التعبدي العظيم والحشد الإنساني المنقطع النظير في رحاب عرفات الله يصور قيمة التلاحم العقيدي الذي يربط بين كل أبناء الأمة الواحدة في بوتقة الإخاء والمحبة وبجامع الإيمان الواحد لأمة التسامح والوسطية والاعتدال ورفض الغلو والتطرف والإرهاب والتي تعتبر من الظواهر الشاذة والخطيرة في حياة أمة الإسلام بل هي آفة نكراء موجهة ضد المسلمين كافة والعقيدة الإسلامية خاصة .
وأستطرد قائلا :"لقد عانى اليمن كثيراً نتيجة هذا الداء الوبيل داء الغلو والتطرف والإرهاب الذي ألحق أضراراً كبيرة بسمعته واقتصاده وجهوده التنموية, وقد بذلت بلادنا الكثير من الجهود لمحاربة هذه الآفة كونها ظلت تقف حجر عثرة في طريق تحقيق الازدهار الاقتصادي والتنموي المنشود وفي طريق انتعاش السياحة ونمو الاستثمارات والتي من خلالها يمكن إيجاد فرص العمل للحد من البطالة وتحسين أحوال المواطنين المعيشية".
ومضى قائلا :" إننا نتذكر ذلك في هذه المناسبة لنقول لأولئك المارقين الذين ظلّ سعيهم وانحرف بهم المسار.. أتقوا الله في أنفسكم وفي دماء إخوانكم المسلمين وفي وطنكم فتخريب الوطن والإضرار بمصالحه وإضعاف اقتصاده وقتل الأبرياء سواء من المسلمين أو غيرهم ليس من الدين في شيء بل هو فساد في الأرض يثير غضب الخالق عز وجل ويستدعي منكم التوبة والعودة إلى الرشد وإلى المنابع الصافية لديننا الإسلامي الحنيف كما تدلنا إليها أركان الدين وتعاليمه السامية، القائمة على مكارم الأخلاق وعلى قيم الإخاء والمحبة والتسامح والوسطية والاعتدال والسلام".
وأكد فخامة الرئيس أن اليمن في الوقت الذي يحرص فيه على مواصلة جهوده الدؤوبة دون كلل في مكافحة الإرهاب واستئصاله, فأنه حريص في ذات الوقت على تعزيز شراكته وتعاونه الفاعل مع المجتمع الدولي في سبيل ذلك.
وأشاد فخامته بالنجاحات التي حققتها أجهزة الأمن في دك أوكار الإرهاب وتعقب وضبط العديد من العناصر الإرهابية.
وقال :" لقد برهنت أجهزتنا الأمنية ومنها القوات الخاصة بمكافحة الإرهاب قدرتها على الاضطلاع بمهامها وأداء واجباتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب.. وحققت نجاحات ملموسة في هذا الجانب سواء من خلال توجيه الضربات الاستباقية للعناصر الإرهابية في تنظيم القاعدة أو في ضبطها وملاحقة كل العناصر التخريبية والخارجة على النظام والقانون وتقديمها للعدالة".
وأردف قائلا :"لا تهاون أبداً مع كل من يفكر بالمساس بأمن الوطن واستقراره وسكينته العامة أو الخروج على النظام والقانون.. فاليمن في حرب شعواء مع كل عناصر الإرهاب وقدم في هذه الحرب وما يزال تضحيات غالية من أرواح المواطنين والجنود والضباط الذين استشهدوا وهم يؤدون واجبهم للحفاظ على الأمن والسكينة العامة".
وأسف فخامته لاتخاذ بعض الدول الصديقة لقرارات غير صائبه بفرضها الحظر على الشحن الجوي القادم إليها من اليمن.. معتبرا مثل هذه الإجراءات تضر بجهود مكافحة الإرهاب .
ودعا تلك الدول إلى إعادة النظر في تلك القرارات الجائرة كون الشعب اليمني الذي ساند جهود حكومته لاستئصال الإرهاب يجد في تلك القرارات عقاباً جماعياً ومكافأة للإرهابيين الذين ظلوا يحلمون للوصول إلى مثل هذه النتيجة المؤسفة.
وأكد فخامة رئيس الجمهورية مجدداً بأن الإرهاب لم ولن يكن في أي يوم من الأيام صناعة يمنية بل أن اليمن كان ضحية للإرهاب الذي يمثل آفة دولية تهدد أمن وسلامة الجميع.
وقال:" ولهذا ينبغي أن تتضافر جهود الجميع في العالم لمواجهة هذه الآفة وتجفيف منابعها في كل مكان على الأرض دون استثناء وبكل الوسائل والسبل ".
وتناول فخامته الاستعدادات الجارية في اليمن في هذه الأيام لاحتضان الحدث الرياضي الاقليمي الكبير المتمثل ببطولة خليجي (20) بعد أن تهيأت لذلك كل المتطلبات على مختلف الأصعدة الإنشائية والرياضية والإيوائية ومشاريع البنية التحتية والجوانب التنظيمية والأمنية وغيرها.. معتبرا احتضان اليمن لمثل هذه البطولات الهامة فرصة لتعزيز الأواصر الأخوية الحميمة التي تربط شعبنا الودود والكريم مع أشقائه في دول مجلس التعاون الخليجي والعراق والذين سيكونون ضيوفاً أعزاء في وطنهم وبين أهلهم يحظون بكل الرعاية والاحتفاء وينعمون بالأمن والأمان وبما يليق بهم ومكانتهم في قلوب أشقائهم في اليمن, ويعكس الروح الحضارية الأصيلة لأبناء شعبنا اليمني الكريم المضياف.
وشدد في ذات الوقت على أهمية تضافر الجهود من مختلف الفعاليات الوطنية الرسمية والشعبية الرياضية والشبابية والثقافية والإعلامية والسلطات المحلية لجعل هذه المناسبة حدثاً رياضياً ناجحاً وحافلاً بالإبداع والتميز بإذن الله تعالى.
نص الخطاب في خطابات رئيس الجمهورية الدينيةwww.presidentsaleh.gov.ye/shownews.php