خطاب فخامة الأخ/ رئيس الجمهورية بمناسبة العيد التاسع والعشرين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين..
الأخوة المواطنون الأحرار في الداخل والخارج.. أحييكم بتحية الثورة… تحية النصر والمجد والشموخ.. وأهنئكم باسمي.. وباسم الأخوة في مجلس الرئاسة بمناسبة حلول العيد التاسع والعشرين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة.. التي تفجر بركانها في عام 1962م فأسقطت عرش الإمامة وكهنوتها.. وأشعلت شرارة الكفاح المسلح في الـ14 من أكتوبر عام 1963م ضد المستعمر البريطاني وجبروته، فأصبح شعبنا هو مالك السلطة ومصدرها. وعلى هدي مبادئ وأهداف الثورة هب اليمنيون للدفاع عن النظام الجمهوري. وخاضوا الكفاح المسلح ضد الاستعمار وعملائه.. وتصدوا لكل محاولات القضاء على الثورة.. فتمكن شعبنا من دحر قوى العدوان والظلام المتحالفة مع الاستعمار والرجعية.. وأفشل بذلك كل مخططات التآمر، فانتصرت الثورة.. وترسخت دعائم النظام الجمهوري.. وتحقق الاستقلال الوطني برحيل الاستعمار من أرض الوطن، كل ذلك تجسد في ملحمة نضالية رائعة.. خاض خلالها شعبنا أشرس المعارك وسجل فيها أروع البطولات.. وقدم أغلى التضحيات المعمدة بالدم، وعزز ذلك بالنضال المتواصل من أجل تحقيق أهداف الثورة وتجسيد مبادئها، التي تُوجت بالانتصار العظيم في الـ22 من شهر مايو عام 1990م بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية.. وقيام الدولة المركزية الواحدة.. التي أنهت وإلى الأبد حالة التشطير.. وأعادت اللحمة اليمنية.. وجمعت شمل الأسرة الواحدة التي فرقتها سياسة الاستعمار والإمامة.
التعددية السياسية المكسب الأول للوحدة
الأخوة المواطنون الكرام..
لقد اقتحم شعبنا بالوحدة تاريخاً جديداً يزهر بالحرية والديمقراطية والمشاركة الشعبية الواسعة.. المتجسدة في التعددية السياسية التي كفلها الدستور.. والتي تعتبر المكسب الأول لدولة الوحدة التي تحققت بالأسلوب الديمقراطي والسلمي.. وبالحوار الأخوي المسئول الحريص على المصالح العليا للوطن والشعب والثورة، وهو ما يفرض على الجميع العمل على تعزيز النهج الديمقراطي كخيار وطني لا حياد عنه ولا رجعة فيه.. بالمزيد من الممارسة المسؤولة للديمقراطية.. وصيانتها من الممارسات اللامسؤلة والخاطئة التي تُسيء إلى الديمقراطية.. والحفاظ عليها من محاولات الاختراق التي يشنها أعداء الثورة والوحدة اليمنية.. والذين يجدون في التعددية السياسية سبيلاً لتحقيق مآربهم وأهدافهم.. من خلال استغلال التباين في الرؤى والأفكار بين الأحزاب والتنظيمات السياسية، الأمر الذي تحتم أن يحرص الجميع على أن تكون التعددية السياسية سياجاً منيعاً لحماية الديمقراطية.. وميداناً واسعاً للتنافس الشريف والعمل الصادق من أجل مصلحة الوطن وتقدمه وازدهاره.. وأن يجسد كل حزب أو تنظيم سياسي مسئوليته الوطنية والتاريخية في الحفاظ على الوحدة الوطنية وتعميقها.. والتصدي لكل من يحاول المساس بها من خلال إثارة النعرات الطائفية أو المناطقية أو السلالية التي قضى عليها شعبنا بالثورة والوحدة.
مهام كبيرة أمام الحكومة
يا جماهير شعبنا اليمني الأبي…
إن الظروف التي تمر بها دولة الوحدة والصعوبات الاقتصادية التي تواجهها بسبب المتغيرات السياسية والاقتصادية المتسارعة في المنطقة والعالم.. وتأثيراتها السلبية على بلادنا.. وعودة أكثر من مليون مغترب، إلى جانب ما تعانيه البلاد من الجفاف المستمر منذ أربع سنوات متتالية، كل ذلك يتطلب من الحكومة وضع المعالجات والحلول العملية.. في ضوء برنامج البناء الوطني والإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والإداري.. الذي رسمته الدولة للمرحلة القادمة.. والذي يجب أن يتجسد كخطوات عملية ملموسة يستفيد منها المواطن، واتباع سياسة ترشيد الإنفاق.. والحد من الاستهلاك الترفي.. وتوفير المواد الأساسية للمواطنين.. وتثبيت الأسعار ومراقبتها.. وترسيخ مبدأ الاعتماد على النفس.. وتنمية الموارد الذاتية، والعمل على تفجير طاقات الشعب في مجالات التنمية المختلفة.. والاستفادة من الثروة النفطية والمعدنية والسمكية والحيوانية والمنتجات الزراعية والصناعات الإنتاجية، والعمل على تحرير الاقتصاد الوطني من كل القيود التي تمنع القطاعات الخاص.. والمختلط.. والعام في تحقيق التطور الاقتصادي الشامل، وإعطاء القطاع الخاص دوره في عملية التنمية، وتشجيع رأس المال الوطني والعربي والأجنبي للاستثمار في المجالات الإنتاجية الزراعية والصناعية وغيرها.. وتقديم كافة التسهيلات والضمانات في إطار قانون الاستثمار الجديد.. وتبسيط الإجراءات والمعاملات.. وإنهاء البيروقراطية والروتين الإداري الذي يمثل أحد عوامل الإحباط أمام المستثمرين.
وإننا نحث الحكومة على الاهتمام بأوضاع الأخوة العائدين من المهجر وتقديم كافة الرعاية لهم.. وإيجاد فرص للعمل أمامهم، باعتبار أن ذلك واجب على الحكومة نحو كل أبناء الوطن، عرفاناً وتقديراً لما يقدمونه من إسهامات في التنمية ودعم مسيرة الثورة.
لقد مر شعبنا بالعديد من المنعطفات.. وواجه الكثير من المتاعب واجتاز العديد من المحن.. وخلالها ومنها تعلم شعبنا الكثير.. واكتسب خبرة نضالية كبيرة.. مكنته من تحقيق الانتصارات المتوالية، وهو ما يجعلنا في هذه المناسبة نؤكد ثقتنا بقدرة شعبنا على التغلب على كل الصعوبات.. وتجاوز آثار وسلبيات الماضي وتراكماته الموروثة من الاستعمار والإمامة وعهود التشطير.. وعدم تحميل دولة الوحدة مسؤولية تلك التركة الموروثة بسلبياتها وصعوباتها، وهو ما يضاعف من مسئوليات الجميع في الحفاظ على الثورة ومنجزها الوحدوي العظيم وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار.. وإفشال مراهنات الأعداء.. والتصدي لكل أشكال الأمراض الاجتماعية.
اكتشافات نفطية هامة:
يا أبناء شعبنا العظيم…
إن المؤشرات الأولية لنتائج الاستكشافات النفطية في وادي المسيلة بمحافظة حضرموت أظهرت أنها بكميات تجارية.. وتفيد التقارير الأولية أن ما تم استكشافه حتى الآن يقدر بأربعمائة وتسعين مليوناً وسبعمائة الف برميل من النفط، وأن البحث والتنقيب مستمر، وسوف يتم الإعلان عن الاحتياطي الكامل في الأيام القادمة، وما من شك أن هذه الاستكشافات النفطية والغازية بحاجة إلى جهد ووقت لاستكمال إقامة البنى والهياكل اللازمة لتحقيق الاستثمار الأفضل لهذه الثروة المكتشفة.
التحية للشهداء ورجال القوات المسلحة:
الأخوة المواطنون…
إن الاحتفال بهذا العيد هو احتفال بكل انتصارات الثورة اليمنية وامتلاك الإرادة الحرة المستقلة.. وتكريماً لتضحيات الشهداء الأبرار.. وتجسيداً للوفاء وللمبادئ والأهداف التي قدموا أرواحهم من أجل تحقيقها.
فلكل شهداء الثورة اليمنية الذين أناروا درب الثورة والوحدة.. والحرية والديمقراطية.. وشهداء أبناء مصر العروبة.. الذين استشهدوا من أجل انتصار إرادة شعبنا في الثورة والحرية.. لهم جميعاً.. نوجه في هذا العيد المجيد التحية والعرفان.. سائلين المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته وغفرانه.. وأن يسكنهم فسيح جناته إنه سميع مجيد.
كما نعبر عن الاعتزاز والتقدير لكل المناضلين الشرفاء الذين أسهموا في تفجير ثورة الـ26 من سبتمبر والـ14 من أكتوبر.. ودافعوا عنها وقادوا مسيرتها نحو النصر ونحو تحقيق أهدافها وتجسيد مبادئها.
وفي هذه المناسبة الغالية على قلوبنا جميعاً نقف بإجلال أمام تضحيات أفراد القوات المسلحة والأمن.. في يوم عيدهم العظيم.. اعتزازاً بدورهم البطولي والوطني في تحقيق وإنجاز نصر الثورة والمكاسب الوطنية الشامخة في كل المجالات. فقد حققت هذه المؤسسة الوطنية الرائدة كطليعة شعبية مناضلة.. بفدائها واقتحامها للمهام الثورية الصعبة الانتصارات الحاسمة على الإمامة والاستعمار وحافظت على مكاسب الثورة ومنجزات الوطن.. حتى اكتمل عقدها العظيم بإنجاز نصر الوحدة.. وبقيام الجمهورية اليمنية.. وبما يؤكد وبشكل مبدئي ومطلق أن القوات المسلحة والأمن هي ملك للشعب كله ومن أجل حماية الوطن واستقلاله وسيادته.
فلكل الرجال البواسل من أفراد قواتنا المسلحة والأمن من مختلف مواقع العطاء والفداء نزف التهنئة الخاصة عرفاناً لما يؤدونه من واجبات عظيمة وما يقدمونه من تضحيات كبيرة.
ختاماً: أكرر التهنئة لكل أبناء شعبنا.. متوجهاً بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً. وأن يسدد خطى شعبنا على درب الخير والتقدم والعزة والكرامة والأمن والاستقرار
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ، ،