خطاب فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية إلى أبناء الشعب اليمني بمناسبة العيد الوطني التاسع للجمهورية اليمنية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمــد لله رب العالميـن والصـلاة والسـلام على أشـرف المرسليـن
يا أبناء شعبنا اليمني الكريم داخل الوطن وخارجه.
يسعدني ونحن نحتفل بالعيد الوطني التاسع لقيام الجمهورية اليمنية، أن أزف إليكم أجمل التهاني القلبية بهذه المناسبة الوطنية الغالية التي انتصر فيها شعبنا لإرادته يوم الـ (22 من مايو عام 1990م ) بإعادة تحقيق وحدة الوطن بعد سنوات طويلة من التشطير والشتات للأسرة اليمنيــة الواحــدة .
ورغم كل التحديات التي واجهتها الجمهورية اليمنية منذ السنة الأولى لميلادها، إلا أن كل المحاولات المستميتة للنيل منها قد فشلت فشلاً ذريعاً، وتحطمت على صخرة الوعي الوطني للشعب، والتفـافـه وتلاحمـه مع قواته المسلحة والأمن التي سطرت وما تزال أروع ملاحم الفداء والبطولات، دفاعاً عن الوطن ووحدته وسيادته واستقلاله وأمنه واستقراره، فالوحدة اليوم راسخة رسوخ الجبال ومتجذرة في واقـع حيـاة الشعـب .
الأخــوة المواطنــون الكــرام:
إننا ونحن نحتفل اليوم بالعيد الوطني لقيام الجمهورية اليمنية كإنجاز وطني وقومي كبير استبشرت به جماهير شعبنا وأمتنا العربية نشعر بالاعتزاز لكل ما تحقق من إنجازات سياسية وديمقراطية وتنموية واجتماعية شامخة ، وتحولات عميقة في مختلف مجالات الحياة باتجاه ترجمة آمال شعبنا وتطلعاته في التقدم والنهوض الحضاري وبناء الدولة اليمنية الحديثة ، وتزداد الأفراح بهذه المناسبة المجيدة مع تلك البشائر والآفاق الواسعة التي يطل عليها الوطن وهو يتأهب لدخول رحاب القرن الحادي والعشرين، وقد تعززت مكانته ودوره إقليميا ودولياً بفضل ما أحرزه من انتصارات كبيرة ونجاحات ملموسة على الصعيدين الداخلي والخارجي لم يكن تحقيقها بالأمر السهل بل كانت دونها تحديات كبيرة وفي مقدمتها ما ورثـه شعبنا من مخلفات عهود الإمامة والاستعمار والتشطير، ولكن بحمد الله كانت الإرادة الوطنية أقوى في مواجهة كافة التحديات والانطلاق بالوطن صوب ما يتطلع إليه من التطور والرفعة وما ينشده من الأمـن والأمـان والازدهـار .
الأخـــوة المواطنــون :
الأخـــوات المواطنـات :
إن الأوطان والمجتمعات لا تبنى بالأماني والشعارات الجوفاء أو الانشداد إلى الماضي، ولكن تعمر بالجهود المخلصة التي يبذلها أبناؤها في مختلف حقول العمل والإنتاج، فشعبنا اليمني لم يصنع حضارته التليدة ، إلا بفضل ما قدمه من عطاءات سخية ، وما بذلـه من عرق وجهد في شتى المجالات من أجل بناء صرح تلك الحضارة التي ينبغي علينا اليوم في الوطن أفراداً وأحزاباً حث الخطى لتتواصل مع أمجادها العريقة والدخول إلى آفاق العصر الجديد باقتدار كبير، فالعصر هو عصـر العلـم والتكنولوجيـا، عصـر الحريـة والديمقراطيـة والتنميـة والســلام .
وإن ما يبعث على الاعتزاز أن بلادنا قطعت شوطاً متقدماً على درب التنمية واللحاق بركب الحضارة والتقدم، ومثلت الديمقراطية الخيار الوطني الصائب للبناء لأنه في ظل الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية وحرية الرأي والصحافة واحترام حقوق الإنسان والتبادل السلمي للسلطة، تتفجر طاقـات الشعب وإبداعاته في شتى ميادين البناء، وتتهيأ المناخات السليمة للتنمية وصنع التقدم في الوطن وعلينا دومـاً أن نجعل من الديمقراطية نهجـاً وخياراً راسخاً لنا كشعب له صلة عميقة بالشورى، وأن يتعامل الجميع مع الديمقراطية كمنظومة متكاملة ومترابطة بعيداً عن الانتقائية والمزاجية والفوضى، فالديمقراطية هي رديف المسئولية الوطنية واحترام الدستور والقانون، وينبغي على الجميع خوض معارك الديمقراطية بمسؤولية وطنية ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والديمقراطية مهما بدت صعبة أو صاحبتها في البداية بعض الأخطاء والتجاوزات فإنها بالممارسة تصبح سلوكاً راسخاً يتقبلـه الجميع، كما أن تصحيح أخطاء الديمقراطية لا يكون إلا بمزيد من الممارسة الديمقراطيـة .
وعلينا جميعاً السير إلى الأمام وعدم الانشداد إلى الماضي إلا لاستقراء التاريخ واستلهام الدروس والعبر والاستفادة منها، وعلى الجميع في الوطن التحلي بروح التسامح ونبذ الفرقة، فالشعب اليمني أسرة واحدة وأبناء وطن واحد وطن الـ (22 من مايو 1990م ) الذي هو ملكنا جميعاً، وعلينا أن نعيش في ظله أخوة متحابين متضامنين، وأن نجعل هدفنا دوماً هو خدمة اليمن والحفاظ على مصالحـه العليـا .
يا أبنـاء شعبنــا الأوفيــاء :
إن ما نعتز به أنه وفي ظل ما جسدته بلادنا من التزام حقيقي بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان نالت احترام وتقدير الدول والمنظمات المهتمة بذلك وفي مقدمتها لجنة حقوق الإنسان في الأمـم المتحــدة .
وأن ما نفخر به اليوم أنه لا يوجد أي سجين رأي سياسي على الأرض اليمنية، وأنه لا قيود ولا تكميم لأي رأي وسنظل متمسكين بهذا النهج الصائب الذي لا حياد عنه، ومن هذا المنطلق سوف تحتضن صنعاء في الشهر القادم / الملتقى الأول لقمة دول الديمقراطية الناشئــة الذي سيشارك فيه أكثر من 16 دولة من دول العالم التي استوعبت حقائق العصر والتزمت بالنهج الديمقراطي، ويعكس ذلك الاختيار ما تحظى به بلادنا اليوم من مكانة كبيرة ودعم من قبل دول العالم الديمقراطية المتحضرة، في الوقت الذي مازال البعض داخل الوطن يكابر في اعترافه بحقيقة ذلك الواقع الديمقراطي، ويمارس الديمقراطية بمفهوم خاطئ وقاصر، وتستعد بلادنا لإجراء أول انتخابات رئاسية تنافسية عبر الاقتراع الشعبي المباشر بعد أن حددت فترة الرئاسة في الدستور بدورتين انتخابيتين، وبهذه المناسبة ندعو الجميع في الوطن أفرادا وأحزاباً للمشاركة في تلك الانتخابات ، وندعو كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة الوطنية وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي العام إلى انتخاب مرشحيها للانتخابات الرئاسية، وبما يجسد الديمقراطية داخل صفوفها أولاً ويرسي تقاليد راسخة في مجال التبادل السلمي للسلطة ويتيح الفرصة أمام أي شخص قادر من أبناء الوطن ينال ثقة الشعب عبر صناديق الاقتراع أن يتحمل مسؤولية قيادة الوطن خلال الفترة المقبلة ، ويستكمل جهود البناء والتنمية في إطار الالتزامات بالثوابت الوطنية وفي مقدمتها الحفاظ على الثورة والوحدة والجمهورية والديمقراطية واحترام الدستور، ونحث السلطتين التشريعية والتنفيذية على سرعة إصدار قانون السلطة المحلية بما من شأنه إجراء انتخابات المجالس المحلية في أسرع وقت ممكن وتعزيز التجربة الديمقراطية وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية في صنـع القـرار والإسهام في مسيرة البنـاء التنمـوي في الوطـن .
الأخـوة المواطنـون الأعـزاء :
إن بناء الاقتصاد الوطني على أسس راسخة ومتطورة وتحقيق تنمية شاملة سيظل الهم الرئيسي الذي نوليه الأولوية في الخطط والبرامج المعدة بما يكفل التغلب على كافة المصاعب الاقتصادية وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين والتسريع بوتيرة البناء والتنمية في مختلف المجالات، وعلى الرغم مما لحق بالاقتصاد الوطني من آثار سلبية نتيجة فترة الأزمة السياسية والظروف الاقتصادية العالمية الراهنة، وانخفاض أسعار النفـط ، بالإضافة إلى الزيادة الكبيرة في معدلات النمو السكاني التي تلتهم الكثير من الموارد المتاحة والمتواضعـة، إلا أننا بحمد الله وبفضل الجهود المبذولة في مجال الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري منذ عام 1995م وحتى الآن استطعنا أن نحقق نتائج إيجابية ملموسة على صعيد إيقاف التدهور الاقتصادي ومعالجة الإختلالات والتغلب على تلك الآثار، وعلينا أن نتطلع إلى الغـد بأمل كبير وأن نضاعف الجهـود من أجـل إنجـاز المهـام المستقبليـة .
وعلى الحكومة تقييم كافة أعمالها خلال الفترة الماضية لتعزيز النجاحات وسد جوانب القصور أينما وجدت، والاهتمام بتوسيع نطاق شبكة الأمان الاجتماعي التي يبلغ حجم الإنفاق عليها أكثر من تسعة وعشرين مليار ريال، وتوفر أكثر من سبعمائة ألف فرصة عمل، ويقوم صندوق الرعاية الاجتماعية برعاية حوالي مائتي ألف وسبعمائة حالة، ونوجه بإعطاء عملية الإصلاح الإداري كل الاهتمام على ضوء نتائج الحصر الوظيفي وبما يكفل إصلاح الهيكل الإداري وتحديث الإدارة، والعمل على صياغة استراتيجية وطنية للتعليم المهني والفني وربط مدخلات التعليم باحتياجات وأهـداف التنميـة .
ونؤكد مجدداً بأننا سوف نعطي المزيد من الإهتمام بالإستثمار وتشجيع المستثمرين، ونكرر الدعوة لهم للاستثمار في بلادنا وسوف يجدون من الجهات المعنية كافة التسهيلات والرعاية سواء في المجال السياحي أو الصناعي أو الزراعي أو الصحي أو في مجالات الطاقة والنفط والغاز والمعادن ، وفي المنطقة الحـرة بعـدن وغيرها وبما يحقـق المصالح المشتركـة للجميـع .
وفينــا بالوعـــد
يا أبنـاء شعبنــا الكـريــم :
إن إنجاز ميناء الحاويات ( بعدن ) وطريق (صافر – حضرموت ) ومطار (جزيرة سقطرى ) وغيرها من المشاريع والمنجزات الاقتصادية والتنموية والخدمية الإستراتيجية ، سواء في مجال الطرقات أو الكهرباء والمياه والتعليم والصحة والاتصالات وغيرها خلال احتفالاتنا بهذه المناسبة الوطنية يضاعف من أفراح شعبنا، وأن ميناء عدن يتهيأ اليوم لاستعادة دوره وسمعته التاريخية بعد أن تم الوفاء بالوعد الذي قطعناه على أنفسنا وسوف تتواصل الجهود من أجل إنجاز المرحلتين الثانية والثالثة من مشروع المنطقة الحرة بعدن، والتي ستكون بإذن الله مرتكزاً رئيسياً لاقتصادنا الوطني وخدمة التنمية، ونؤكد بهذا الصدد على ضرورة أن تولي الحكومة كل الإهتمام لتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية العاملة في هذا المشروع الحيوي والاستفادة من تجارب الآخريـن في هـذا الجانـب .
الأخـوة المواطنـون:
من المعلوم بأن تسعين في المائة من المحاصيل الزراعية المنتجة في بلادنا وخصوصاً محاصيل الحبوب تعتمد بشكل أساسي على ما يمن به الله سبحانه وتعالى علينا من هطول الأمطار الموسمية وكلنا ندرك اليوم أن موسماً رئيسياً يأتي موعده خلال شهـري( إبريل ومايو ) من كل عام قد مر علينا وحبست فيه الأمطار مما سيؤثر بشكل مباشر على المحاصيل الزراعية خـلال العـام الـزراعي 1999م-2000م. ونحث الحكومة وكل أبناء شعبنا على مواصلة الاهتمام بالجانب الزراعي ببناء المزيد من السدود والحواجز المائية وعـبر تكامـل الجهدين الرسمي والشعبي وبما يحافظ على الثروة المائية ويكفل الاستفادة منهـا في التنميـة الزراعيـة .
وعلى وزارة الثروة السمكية والجهات المعنية الاستغلال الأمثل للثروة السمكية ، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية البيئة البحرية في بلادنا من أي عبث أو تدمير، ونحث وزارة الصحة والقطاع الخاص على إنشاء المستشفيات التخصصية لمعالجة الأمراض المستعصية واستقطاب الكفاءات الوطنية والعربية والدولية للعمل فيها من أجل تقديم خدمات علاجية متطورة داخـل الوطن والحـد من عمليـات العـلاج فـي الـخارج .
الأخـوة والأخـوات الأعـزاء :
إن مواصلة جهود بناء الدولة اليمنية الحديثة القائمة على أساس العدل والحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والالتزام بالنظام والقانون تمثل المهمة الكبرى التي ينبغي أن تتكاتف جهود أبناء الوطن من أجل الاضطلاع بها. . وأن ما نعتز به كثيراً في اليمن أنه وعلى مدى ما يزيد على عشرين عاماً مضت ومنذ أن تسلمنا مسئولية قيادة الوطن تحقق الكثير على درب بناء المجتمع المدني وترسيخ أسس الدول الديمقراطية الحديثة التي تجسدت في المؤسسات الدستورية والتشريعات القانونية التي كفلت لجميع اليمنيين رجالاً ونساء ممارسة حقوقهم الدستورية والقانونية بحرية تامة والمساهمة الفعالة في اختيار ممثليهم في السلطة التشريعية والإسهام في مسيرة البناء التنموي في الوطن .
وأن التطلعات الوطنية تظل كبيرة في التقدم نحو الأمام لتعزيز النجاحات والإستفادة من تجارب الآخرين من أجل ترسيخ صرح الدولة اليمنية الحديثة والانطلاق بها نحو آفاق أوسع من التطور والقوة والإزدهار وهي مهمة الحاضر والمستقبل التي لن نتوانى أبداً في مواصلة بذل أقصى الجهود والطاقات من أجل إنجازها وبما يهيئ لمواصلة العطاء والبذل في ميادين العمل والإنتاج والإبداع .
إن الجيل الجديد المتحرر من كل عقد ورواسب الماضي الإمامي والاستعماري والتشطير هو قوة الحاضر وعماد المستقبل لهذا فإننا سنظل نولية كل الإهتمام والرعاية، ونؤكد بهذه المناسبة على أهمية المضي في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لإعداد الشباب وبما يؤهله على التفاعل الخلاق مع متغيرات العصر وأداء واجباته ومسؤلياته الوطنية .
الأخوة المواطنون الأعزاء ..
يا أبطال القوات المسلحة والأمن ..
إننا ونحن نحتفل اليوم بالعيد الوطني المجيد لا ننسى أبداً تلك العطاءات السخية والتضحيات الغالية التي قدمها أبناء القوات المسلحة والأمن الذين كانوا وما يزالون يجسدون المثال الرائع للتضحية والفداء والعنوان البارز للعطاء ونكران الذات من أجل عزة الوطن واستقلاله واستقراره وخدمة تطلعات الشعب في التنمية والتقدم، فلهم منا التحية والتقدير في هذا اليوم الأغر الذي كانوا من أوائل من صنعوا مجده وتاريخه.. وسطروا في سبيله أروع ملاحم البطولات الخالدة، وإننا نؤكد بأننا في القيادة سنظل نولي هذه المؤسسة الوطنية الكبرى كل الاهتمام والرعاية ومواصلة بذل الجهود من أجل تعزيز بنائها النوعي وقدرتها الدفاعية تدريباً وتسليحاً وتنظيماً.. والرفع من مستوى منتسبيها معيشياً وتأهيلهم عملياً وعسكرياً وبما يعزز قدراتهم على أداء واجباتهم بكل كفاءة واقتدار في مختلف الظروف، وستظل قواتنا المسلحة والأمن هي الحارس الأمين للوطن ومؤسساته الدستورية ولمكاسب الشعب وإنجازاته، وهي قوة خير وسلام لا لليمن فحسب بل لكل أشقائه في الوطن العربي والإسلامي .
كما أننا نعبر عن ارتياحنا لما حققته الأجهزة الأمنية من نجاحات في مكافحة الجريمة وضبط المخلين بالأمن والخارجين على القانون، ونوجه الحكومة باتخاذ المزيد من الإجراءات الرادعة للعناصر التي تستهدف الإخلال بالأمن، كما ندعو كافة الأخوة المواطنين إلى التعاون مع أجهزة الأمن والعدالة من أجل أداء واجبها في ترسيخ الطمأنينة في المجتمع .
الأخوة المواطنون :
لقد التزمت الجمهورية اليمنية بنهج واضح في علاقاتها الخارجية وفي تعاملها في كافة القضايا والتطورات وإنطلاقاً من إيمانها المبدئي بأهدافها القومية والإسلامية ودورها الإنساني، وفي هذا الإطار ستظل اليمن متمسكة بمبدأ حل الخلافات بين الدول من خلال التفاهم والحوار السلمي بعيداً عن اللجوء للقوة أو التلويح بها.. والحرص على إقامة علاقات ثنائية متطورة ومتكافئة مع كافة الدول الشقيقة والصديقة تقوم على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وتبادل المنافع وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وإن الشعب اليمني الذي هو جزء لا يتجزأ من أمته العربية والإسلامية سيظل مسكوناً بهموم أشقائه في العروبة والإسلام، لهذا فإننا نشعر بكثير من الأسى والحزن لما تعيشه أمتنا العربية من واقع مؤسف نتيجة للإنقسامات والشتات الذي يسود الصف العربي اليوم، وإننا ندعو أشقاءنا في الوطن العربي والعربي والإسلامي إلى رص الصفوف وتوحيد الطاقات لمواجهة التحديات الراهنة واستعادة التضامن العربي والإسلامي والذي بدونه ستظل الأمة تعاني من ذلك النزيف المستمر لقدراتها .
ونؤكد على أهمية تفعيل دور جامعة الدول العربية من أجل الاضطلاع بواجباتها في خدمة القضايا القومية وتحقيق التقارب بين الأشقاء على أساس طي صفحة الماضي المؤلمة والإنطلاق بالعلاقات العربية – العربية نحو آفاق جديدة من التضامن والتكامل والوحدة.. وإيجاد آلية فعالة تكفل انعقاد القمة العربية بصورة دورية ومنتظمة وإننا في الجمهورية اليمنية سنظل أوفياء لكل ما يحمي السلام العادل والدائم في المنطقة .
والذي سيظل مرهوناً بإستعادة الحقوق العربية المشروعة وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة في فلسطين وجنوب لبنان وهضبة الجولان.. وضرورة تنفيذ إسرائيل لكافة قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي .
وبهذه المناسبة تجدد بلادنا دعمها المطلق لخيارات الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف، كما تطالب برفع الحصار المفروض على العراق الشقيق .
إن الجمهورية اليمنية التي ظلت حريصة على الاستقرار والسلام في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.. تشعر بالأسف والقلق لاستمرار الحرب الدائرة الآن بين الدولتين الجارتين أثيوبيا وأرتيريا، وتجدد دعوتها للبلدين الجارين إلى إيقاف نزيف الدم والجلوس معاً على طاولة المفاوضات من أجل إيجاد حل سلمي للخلاف القائم بينهما.. في إطار الإستجابة للمساعي المبذولة من قبل منظمة الوحدة الأفريقية والأمم المتحدة .
كما أننا وعلى نفس الصعيد نجدد الدعوة لمختلف الفصائل الصومالية إلى الإستجابة لنداء العقل ووضع حد للاقتتال والخلافات فيما بينها وبما يكفل لهذا البلد الشقيق استعادة وحدته وأمنه واستقراره، ونؤكد دعمنا لكافة المبادرات والمساعي الهادفة إلى إحلال السلام في الصومال فأمن الصومال جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي .
الأخوة الأعزاء :
إن بلادنا ستظل حريصة على المشاركة النشطة والإيجابية في المجتمع الدولي.. ومحاربة كافة أشكال التطرف والأرهاب.. ودعم جهود منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.. والإسهام في خدمة السلام العالمي.. وتوسيع أواصر التفاهم والتقارب بين كافة الأمم والشعوب.. والتمسك بالشرعية الدولية في ظل نظام عالمي عادل يرتكز على علاقات متكافئة ومتساوية بين الدول أساسها العدل الحرية والمساواه، وفي هذا الإطار فإننا نتابع بقلق التطورات المؤسفة في منطقة البلقان وما يتعرض له المسلمون الألبان في كوسوفو من أعمال إبادة وتطهير عرقي على يد القوات الصربية.. ونؤكد على أهمية إحلال السلام في منطقة البلقان .
الأخوة المواطنون ..
الأخوات المواطنات ..
إن الجمهورية اليمنية وجدت لتبقى، وهي إنجاز الشعب كله.. وثمرة نضاله وصموده.. ولن تستطيع أي قوة في الأرض مهما كانت أن تنال منها لأنها محمية بإرادة الله.. ووعي والتفاف الشعب وتلاحمه مع قواته المسلحة والأمن التي ستظل الصخرة الصلبة التي تتحطم عليها كافة محاولات النيل من الوطن وإن كل عام يمضي يزداد شعبنا وقواته المسلحة والأمن خبرة وقدرة على مواجهة الصعاب .
إننا ونحن ندخل إلى رحاب عام جديد من عمر الجمهورية اليمنية لا ننسى أبداً أولئك الشهداء الأبرار.. شهداء الثورة والجمهورية والواجب الذين أناروا بتضحياتهم السخية درب الحرية والاستقلال والتقدم.. وانتصروا لليمن الموحد القوي المزدهر، فلهم منا التحية.. سائلين المولى عز وجل أن بتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته إلى جوار الأنبياء والصديقين، وأن يلهمنا جميعاً السداد والرشاد والتوفيق لما فيه خير وطننا وأمتنا .
والسلام عليكم ورحمتة الله وبركاته ، ، ،