جامعة عدن تمنح رئيس الجمهورية درع التسامح والتصالح
تصوير/ صقر العقربي:
منحت جامعة عدن درع التسامح والتصالح “الأول” لفخامة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، تقديرا وعرفانا لدوره في ترسيخ وتكريس هذا النهج الإنساني خلال مسيرته القيادية الحكيمة لليمن، وانطلاقا من القيم الوطنية والإنسانية التي ميزت نهج فخامة الأخ رئيس الجمهورية منذ توليه قيادة مسيرة الدولة في شمال الوطن عام 1978م، ثم توليه قيادة مسيرة دولة الوحدة في 22 من مايو 1990م، والمتمثلة في نهج التسامح والتصالح والحوار الوطني باعتبار ذلك ركيزة أساسية للوفاق الوطني الشامل والتجديد الحضاري، ونموذجا لتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء والتقدم في الجمهورية اليمنية. ورفع المشاركون في ندوة “منهج التسامح والتصالح في الجمهورية اليمنية”،التى نظمتها جامعة عدن يوم السبت 15 يناير 2011م وتحت شعار” اليمن أولاً ” بمشاركة نخبة من أساتذة الجامعة والمهتمين، برقية بمناسبة نجاح فعاليات الندوة التي تأتي كثمرة من ثمار المبدأ الإنساني العظيم مبدأ “التسامح والتصالح”، هذا المبدأ الذي كان لفخامته السبق في رفعه وتحقيقه على ارض الواقع والممارسة العملية، منذ أن تحمل شرف المسؤولية التاريخية في 17 يوليو 1978م.
وأشار المشاركون في برقيتهم أن قرار فخامة رئيس الجمهورية الشجاع في تحمل مسؤولية القيادة تعد بداية التاريخ لسن مبدأ التسامح والتصالح في الوطن من أقصاه إلى أقصاه ويتجلى للمرء المنصف لهذا التاريخ، أن مبدأ التسامح والتصالح الذي رفع آنذاك كان في جوهره إنسانياً،موضحين أن هذا المبدأ قد حفظ وحافظ على مقدَّرات هذا الشعب وصيانة دمائه والحفاظ على أمنه واستقراره. مشيدين بدور فخامة رئيس الجمهورية في تحقيق حوار “الميثاق الوطني” الذي كانت تحركه روح “التسامح والتصالح” وكان له الفضل في تحقيقه قولاً وعملاً، وكان الوسيلة الأرقى والآلية المثلى التي اجتمعت حولها كل الأحزاب والتنظيمات السياسية في الشطر الشمالي من الوطن،واتجاهه ” لجنوب الوطن”، لمساعدته في تجاوز مشكلاته، والوقوف مع قيادته السياسية آنذاك في معالجة تحدياته، وكان مبدأ “التسامح والتصالح ” هو أساس الحوار وروحه بين الشطرين، وحرصه على تفعيل هذا المبدأ الإنساني “التسامح والتصالح” بعد قيام الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 1990م وذلك برفع شعار الوحدة تجب ماقبلها وتم العفو على كل الذين تورطوا في حرب صيف 1994م مجددين العهد والوفاء والالتزام لفخامته وللتاريخ النضالي الوطني الوحدوي لشعبنا اليمني العظيم، ولوطن الثاني والعشرين من مايو 1990م والحفاظ عليه. وفي كلمة له أشارالدكتور / عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن بأن هذه الندوة مستوحاة من طبيعة الحدث والزمان والمكان التي وقعت في مثل هذا الشهر (يناير – قبل ربع قرن من الزمان)، ومستلهمة الدعوة الكريمة من فخامة الأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لإقامة هذه الندوة التي تخدم الوطن وتوجهاته نحو استلهام العبر والدروس من الماضي الأليم والإنعتاق من تداعياته بروح وفكر تسامحي تصالحي أخوي منفتح على الجميع، ويحثنا ديننا الإسلامي على الأخذ بها.
وأوضح الأخ/ رئيس الجامعة إلى الضرورة التي استدعت عقد هذه الندوة المتمثلة في أن المناسبة التي نعيش بها كانت فاجعة بكل معنى الكلمة ألمت بجزء من الوطن (في 13 يناير1986م)، والتي تدفع الجميع إلى معالجة نتائج وآثار هذه المأساة من زوايا أخلاقية وإنسانية ووطنية ودينية وان نسمي الأشياء بمسمياتها مع البحث عن علاج حقيقي يتم من خلاله استئصال هذا الألم من النفس والغائر في المشاعر والمسكون بمرارة في الوجدان.
وقال الدكتور/ عبدالعزيز بن حبتور أن يناير هي محطة من المحطات المأسوية للوطن التي لها أسبابها الموضوعية والذاتية، ومنها السلسلة الطويلة من الأحداث التي دارت بين أجنحة الحزب الشمولي الواحد، الذي كان مبني على ثقافة ونهج إقصاء الآخر من خلال فلسفة وطبيعة النظام الحزبي السياسي القائم آنذاك؛ الذي اختلط فيه العامل الداخلي بمكوناته المتخلفة العشائرية والمناطقية والشللية والقروية، ومصحوبا بالثقافة المستوردة للنهج الستاليني الدموي المتطرف في معالجة أي حدث على أساس إقصائي. ونوه الدكتور/ عبدالعزيز بن حبتور رئيس جامعة عدن أن هذه المعضلة لم يستطع القادة ولا المثقفين آنذاك أن يصلوا إلى معادلة رشيدة في إدارتها وظلت المصاعب الموضوعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، عقبة كأداء أمام معالجتها، وبدلاً من التفكير بشيء من المنطق والحكمة في إدارة الصراع مع الخصم والجناح المختلف مع هذا الطرف أو ذاك يتم تصعيد وتيرة الخلاف، وتغييب العقل والفطرة البشرية والقيم الدينية والإنسانية السوية والاتجاه إلى الاقتتال والتصفيات الجسدية، مما ولد مصاعب إضافية لم تكن مساعدة لا للقيادات السياسية الحزبية ولا للقيادات العسكرية والمدنية في إتباع منهج المعالجة، وفق القواعد المثلى في إدارة الصراع على أساس أن الأقلية تخضع للأكثرية والأكثرية تحترم حقوق ومصالح الأقلية، أستمر ذلك الوضع المحزن إلى أن جاء الفرج من الله سبحانه وتعالى وجاء الحل في صبيحة الـ22 من مايو1990م، اليوم الذي أعيد للوطن وللشعب هويته الواحدة متخلصين من أعباء التجزئة وتركة الماضي المثخن بآلامه ودموعه وفواجعه.
وشدد الدكتور/ عبدالعزيز بن حبتور على ضرورة الحفاظ على الوحدة اليمنية وقيمها التسامحية ونهجها الديمقراطي التعددي باعتبارها الضمان الوحيد للتخلص من إرث الماضي المأسوي للنظام الشمولي وتبعاته، مؤكداً أن الوحدة اليمنية هي حاملة لمنهج التسامح في جوهرها، وهي صمام أمان للتعددية والديمقراطية التي ارتضاها شعبنا وشهدت في ظل الوحدة إجراء انتخابات عديدة منصرمة، وأضاف قائلاً ( أن اليمن ستشهد في الأشهر القليلة القادمة انتخابات جديدة في إبريل 2011م، وهي إحدى المحطات المهمة لضمان ديمومة النهج الديمقراطي التعددي للجمهورية اليمنية، نحو التعديلات الدستورية بما يضمن نقل الصلاحيات من المركز إلى السلطات المحلية في المحافظات وثبات مبدأ استقرار السلطة هي إحدى علامات التطور القانوني المصاحب للتحولات الايجابية في اليمن الموحد المتواكبة مع تطور الديمقراطية الناشئة في بلادنا.
ومن جهة أخرى أشاد الأستاذ/ عبدالكريم صالح شائف الأمين العام للمجلس المحلي نائب المحافظ، بجسامة هذا العنوان الهام والجدير بالاهتمام وقيمة هذه اللحظة التاريخية لافتاً للمبادرة المبكرة لفخامة الأخ الرئيس في إغلاق ملفات الماضي في خطابه الذي ألقاه في محافظة حضرموت في يونيو عام 1990م وتجديده في الندوة التى أقامتها جامعة عدن في 20من ديسمبر 2010م عن الأبعاد السياسية والقانونية للاستحقاق الدستوري لدولة الوحدة.
وتابع الأمين العام بأن البحث في ملفات الماضي ليس للنكاية بأحد بل من أجل الاستفادة للأجيال الحاضرة والانطلاق نحو المستقبل باعتبار وطن مسؤولية الجميع ولا يجوز استثناء أحد من هذه المسئولية مهما وجدت الخلافات والتباينات السياسية، منوهاً الى الاستفادة من المسيرة الطويلة للوطن وهي فرصة لكل القوى السياسية لإعادة تقييم الذات واحترام الآخر منوها بأن عزة هذا الوطن وقوته تكمن في تلاحم أبنائه.
وقال أن السبيل الوحيد لإدارة الحكم تكمن من خلال الوسائل الديمقراطية السلمية وان طريق العنف والاتفاق على أصول وتقاليد العمل السياسي المتعارف عليه هي أساليب غير سلمية ونتائجها ستكون مدمرة على الشعب والوطن.. مشيراً أن التسامح والتصالح يحتاج إلى روح وطنية صرفة لأطروحات حزبية وقتية تنتهي بانتهاء المناسبة أو الحدث، الى إن السامح والتصالح يبني على النيات الصادقة بهدف تعزيز وحدة الوطن وأبنائه وليس العكس بهدف تحقيق مكاسب ضيقة ومن اجل تفتيت الدولة وخلق الفرقة بين الناس.
واثني الأمين العام على قيادة الجامعة وكل الأساتذة الذين شاركوا باهتمام في الإعداد والبحث والدراسة لهذه الندوة العلمية في ثلاثة محاور هامه ترتكز على أعطاء صورة وافية عن تاريخ الدولة اليمنية منذ ثورثي سبتمبر وأكتوبر وحتى قيام الوحدة اليمنية المباركة.
وبدأت الجلسة النقاشية برئاسة الدكتور/ عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس الجامعة، والدكتور/ أحمد علي الهمداني نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحث العلمي، باستعراض ثلاثة محاور رئيسية مهمة معدة من قبل عدد من أعضاء هيئة التدريس في جامعة عدن، تناول المحور الأول “الخلفية التاريخية للدولة اليمنية الحديثة منذ قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر حتى قيام الوحدة اليمنية” في حين عنون المحور الثاني ب “غياب ثقافة التسامح والتصالح في الفكر الشمولي السائد قبل الوحدة اليمنية” وتطرق المحور الثالث ل “آفاق التطور المستقبلي لبناء اليمن الحديث”.
وأكدت ندوة (منهج التسامح والتصالح في “الجمهورية اليمنية”) إن من أهم الأحداث في حياة الأمة العربية والإسلامية، التي شهدها العقد الأخير من الألفية الثانية هي قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990م إذ يعتبر هذا الحدث إنجازاً حضارياً كبيراً، لليمن وللأمتين العربية والإسلامية وللإنسانية. وإن قوة اليمن والتأثير الخارجي لها لا يتأتى إلاّ بوحدتها السياسية وبالاندماج الوطني لشعبها.
وأظهرت الندوة بان تقسيم اليمن تكرس بالاحتلال البريطاني لعدن في عام 1839م ومنذ ذلك التاريخ خضع اليمن فعلياً للتقسيم الجغرافي الاستعماري، الإنجليز يحتلون جنوب اليمن في حين حكم العثمانيون شمالها. وتثبت هذا التقسيم لاحقاً بتوقيع اتفاقية عام 1934م بين الإنجليز والإمام يحي حميد الدين. اعترف الأخير بموجبها بخط الحدود المتفق عليه بين الإنجليز والأتراك الذي وُقّع عام 1914م ويقسم اليمن إلى شطرين منفصلين.
وأشارت الندوة في محاورها العلمية إلى أنه تجسيداً للروح الوطنية للثورة فقد حدد أحد الأهداف الستة لثورة 26 سبتمبر قضية تحقيق الوحدة كهدف رئيسي لها، وبذلك وفرت ثورة 26 سبتمبر منذ قيامها في 1962م وبدعم من الثورة المصرية بقيادة الزعيم العربي/ جمال عبدالناصر، أرضية وخلفية إستراتيجية للعمل السياسي والكفاح المسلح في الجنوب مما وفّر شرطاً موضوعياً لانطلاقة ثورة 14 أكتوبر 1963م التي وضعت أيضاً قضية تحقيق الوحدة ضمن أهدافها الرئيسة. وإن الحركة الوطنية اليمنية كما أظهرت في كل برامجها السياسية والتنظيمية استلهام فكرة الوحدة اليمنية كقضية محورية في كل نضالاتها، ولا يخلو برنامج سياسي لأي تنظيم أو جمعية صغيرة أو كبيرة إلاّ وظلت هذه القضية الهدف الأساس لها.
أوضحت الندوة في محاورها العلمية أن الفكر السياسي للرئيس علي عبدالله صالح منذ الوهلة الأولى لاعتلائه السلطة في 17 يوليو 1978م حتى يومنا هذا قد تميز بنهجه السلمي في معالجة مختلف الأزمات أثناء مرحلة التشطير وتلك التي رافقت بناء دولة الوحدة، إذ أنه لم يثبت أن اتبع في إدارته لمختلف الأزمات استخدام التصفية الجسدية لمعارضي النظام حتى وإذ كانت تلك الجموع قد شاركت في إحداث خسائر مادية وبشرية بل كان يبرز دوره ألتسامحي والعفو في مختلف هذه الأعمال. ولم يكن نهج التسامح في فكر الرئيس/علي عبدالله صالح نابعا من ضعف أو كان اصطناعا أو مداهنة من النظام، بل كان قناعة وإيمانا وسلوكا أصيلا في فكر الرئيس قبل كل شيء أخر.
كما أشارت الندوة إلى أنه بتحقيق الوحدة اليمنية انتقلت الجمهورية اليمنية من النظام الشمولي إلى بنيان دولة تأسست على مقومات فلسفية وسياسية واجتماعية إنسانية وقانونية وشوروية شكلت دعائم أساسية للدولة اليمنية الحديثة التي ترتكز على مقومات تشريع اللامركزية، وتجذير النهج الديمقراطي، وتطوير المنظومة السياسية، وتحديد فلسفة إدارة الدولة.
ومن جهةٍ أخرى ألقيت عدد من القصائد والأناشيد الوطنية وطرحت العديد من المداخلات والرؤى من قبل المشاركين في الندوة والتي اتسمت بمسئولية عالية وحس وطني رفيع عبرت عن إدراك الجميع بأهمية ترسيخ نهج التسامح والتصالح في اليمن الذي جسده كواقع يمارس من قمة هرم قيادة الوطن فخامة الرئيس/علي عبد الله صالح راعي هذه الندوة.
وخرجت الندوة بجملة من التوصيات في التأكيد على أهمية التفاعل مع دعوة الرئيس للتسامح والتصالح ونبذ ثقافة الكراهية والعمل على كتابة تاريخ الحركة الوطنية ومسيرة شعبنا لتحقيق الوحدة اليمنية بحيادية مطلقة وإثراء المناهج الدراسية لطلاب المدارس الموحدة والثانوية والجامعية بقيم التسامح والتصالح التي أرساها فخامة الأخ /علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وتبني الجامعات اليمنية إقامة الندوات والمؤتمرات العلمية حول تعميم مبدأ التسامح والتصالح ونبذ ثقافة الكراهية بين أبناء اليمن الواحد والتصدي لكل الدعوات الانفصالية المتطرفة.
كما أوصى المشاركون بالدعوة لتشكيل هيئة وطنية عريضة لتبني نهج التسامح والتصالح والقيام بالتوعية الوطنية لهذا النهج بين أوساط المواطنين وإعلان يوم 15 يناير 2011م (يوم إنعقاد هذه الندوة)، يوما وطنيا للتسامح والتصالح تقام فيه الفعاليات والاحتفالات لتكريس قيم ومبادئ هذا النهج المستندة على ديننا الإسلامي الحنيف وثقافته اليمنية العربية الأصيلة.
وأوصي الأكاديميين المشاركين في الندوة على القيام بالدراسات المعمقة لأسباب اتخاذ الصراع والعنف وسيلة لمواجهة الاختلاف بالرأي بين الخصوم والبحث في المخارج العلمية لهذه الظاهرة بالإضافة إلى الدراسة المتعمقة لتراث وفكر الرئيس/علي عبدالله صالح الذي انتهج ورسخ منهج التسامح والتصالح طيلة قيادته الحكيمة للبلاد وبتعزيز النهج الديمقراطي ومساندة التعديلات الدستورية بوصفه ضرورة من ضرورات التطور لدولة الوحدة فضلاً عن تشكيل لجنة وطنية لتفعيل نتائج هذه الندوة.
حضر الندوة ممثلي محافظة عدن، ومدراء عموم مكاتب المحافظة، والشيخ/ سيف محمد العزيبي عضو مجلس الشورى، والدكتور/ مهدي علي عبدالسلام عضو مجلس النواب، ونواب رئيس جامعة عدن، وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني.