حوار صحيفتي "البيان" و "الإمارات اليوم" مع فخامة الرئيس
أبو ظبي: نص الحوار الشامل الذي اجراه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، مع صحفيتي "البيان" و "الإمارات اليوم" نشر في عدديهما الصادران اليوم بأبوظبي..
الصحيفة: فخامة الرئيس، لقد سمعنا بأنكم تلقيتم دعوة لزيارة الإمارات العربية المتحدة متى ستكون تلك الزيارة؟!
الرئيس: لقد تلقيت دعوة كريمة من أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، لزيارة دولة الإمارات، وقد رحبت بهذه الدعوة، وهناك تواصل بين وزارتي الخارجية في اليمن ودولة الإمارات العربية الشقيقة، لتحديد موعد الزيارة في الوقت المناسب.
الصحيفة: فخامة الرئيس، في الفترة الأخيرة استقبلتم وفود رجال أعمال ووفود اقتصادية من دولة الإمارات، ما هي آفاق هذا التعاون؟ وهل هناك أفكار جديدة أو قوانين للاستثمار أو تعديل للقوانين الاستثمارية في اليمن؟
الرئيس: نحن نرحب بالاستثمارات الخليجية والإماراتية.. الخليجية بصفة عامة والإماراتية بصفة خاصة.. وبأي مستثمر عربي أو أجنبي، في إطار القوانين النافذة في البلاد وبموجب قانون الاستثمار، وسيحظى كل المستثمرين بكل الرعاية والتسهيلات من قبل الجانب اليمني سواء في مجال الصناعات الثقيلة أو المتوسطة أو الخفيفة أو في المجال السياحي أو في المجال الصحي أو في مجال استثمارات الغاز والبترول والمعادن أو في أي مجال آخر.. فنحن نرحب بهذه الاستثمارات، والقوانين اليمنية تقدم كل التسهيلات للاستثمار والمستثمرين.
الصحيفة: فخامة الرئيس، ماهي التسهيلات التي تقدمونها؟
الرئيس: على سبيل المثال هنا في عدن أو في أي مدينة من المدن اليمنية، نحن نقوم بإعطاء الأرض مجاناً لمن ينفذ مشروع استثماري تكلفته اكثر من عشرة ملايين دولار، ومن يستثمر بمبلغ أقل من ذلك نحن نعطيه الأرض بأجور رمزيه.. هذه من ضمن التسهيلات التي نعرضها على المستثمر، هناك أيضاً إعفاءات ضريبية وتسهيلات أخرى للمستثمرين.
الصحيفة: هل القوانين تنص على هذا؟
الرئيس: نعم القوانين تنص على هذا، واذا استدعى الامر لإجراء تعديل لصالح الاستثمار في أي فقرة من فقرات القانون، فسنأخذ به ونعدل ما يلزم، وهذا لا يمثل أي مشكله.
الصحيفة: فخامة الرئيس، أين وصل مشروع المنطقة الحرة بعدن؟
الرئيس: كانت قد أعلنت مناقصة دولية لتشغيلها وتطويرها، وتقدمت عدة شركات بعروضها، منها هيئة موانئ دبي، وذلك لتطوير ميناء الحاويات، كما تقدمت شركة كويتية وشركة صينية وشركة فلبينية وغيرها، وقد رست المناقصة مبدئياً على هيئة دبي، لكن تم طرح أربعة بدائل، منها البديل الرابع الذي نحن متمسكون به لأنه يراعي مصالح الطرفين، وعرضت هذه البدائل على الإخوة في هيئة دبي، فإذا قبلت بالبديل الرابع، فنحن نفضلها لما تملكه من خبرة في إدارة المناطق الحرة ما لم تعاد المناقصة بشروط جديدة.
في البرلمان وكلاء يسوقون بضاعتهم
الصحيفة: لكن سمعنا أن الشركة الكويتية هي التي استحوذت على الموضوع خصوصاً في الفترة الأخيرة من خلال متابعتنا لجلسات البرلمان اليمني، كان الأخوة في البرلمان مصرين على الشركة الكويتية وأنها الأكثر حظاً؟
الرئيس: هناك شخصيات وكلاء للشركات، وكل واحد يحاول تسويق بضاعته في البرلمان.. بعضهم يسوق لجبل علي، وبعضهم يسوق للكويت، المسوقون كثر، لكن أقول باختصار أننا كنا نفضل شركة دبي بحكم خبرتها الطويلة في هذا الجانب.
الصحيفة: متى تتوقعون البت في هذه القضية؟
الرئيس: لقد أحيل الملف للحكومة قبل عيد الأضحى، وإن شاء الله يبت فيه خلال أسابيع لا أكثر.
الصحيفة: فخامة الرئيس، ماذا تحمل الفترة المقبلة بخصوص الوعود الانتخابية؟
الرئيس: نحن بصدد تنفيذ الوعود الانتخابية على أرض الواقع، ونحن سنناضل ونعمل من أجل أن نوفي بهذه الوعود والاستحقاقات الانتخابية سواء في مكافحة الفقر أو الحد من البطالة أو مكافحة الفساد أو إنشاء هيئة المزايدات والمناقصات، فهذه جميعها ضمن الوعود والبرامج الانتخابية التي بموجبها نلنا ثقة الناخب، فلدينا برنامج يعطي الأولوية للأهم فالأهم، وهناك فريق عمل يعكف على إنجاز هذا البرنامج وتحقيقه خلال السبع السنوات المقبلة، طبعاً لا نستطيع الجزم بأن أي برنامج سيتحقق خلال الستة أو السبعة الأشهر أو سنة أو سنتين، ولكن البرنامج طويل وسيستغرق سبع سنوات.
الصحيفة: فخامة الرئيس، ماذا تم في ملف الفساد؟
الرئيس: هناك قانون لمكافحة الفساد وينص على تشكيل هيئة لمكافحة الفساد، وقد أقر من قبل مجلس النواب، وبموجب هذا القانون سيقدم مجلس الشورى 30 اسماً من الشخصيات المعتبرة إلى البرلمان الذي سيختار منها 11 أو 12 شخصية ويقدمها للرئاسة للمصادقة عليها، وستكون ضمن جدول عمل مجلسي النواب والشورى نهاية الشهر المقبل.
لا خصومة مع المعارضة بل تنافس
الصحيفة: إلى أين وصلت علاقتكم بالمعارضة؟
الرئيس: علاقتنا بالمعارضة علاقة طبيعية، فترة الانتخابات كانت تتميز بالحمى الانتخابية وكان كل طرف يحاول تسجيل موقف ضد الطرف الآخر، لكني بعد الانتخابات دعوت جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية إلى إسدال الستار على تلك الفترة وأن نفتح صفحة جديدة لمرحلة جديدة، فالوطن يتسع للجميع، ولا يوجد لدينا خصومة مع أحد.. كان هناك تنافس، لا أقول خصومة ولا عداء، بل تنافس على برامج وأطروحات ونظريات، وكانت الأجواء الانتخابية تتطلب تلك المنافسة، وهذا طبيعي، ولكن اليوم العلاقات جيدة والوضع طبيعي.
الصحيفة: لكني لاحظت عليكم في مقابلتكم مع الجزيرة شيء من النرفزة؟
الرئيس: متى؟
الصحيفة: قبل الانتخابات؟
الرئيس: تلك المقابلة كانت ضمن ما يسمى بالحمى الانتخابية، وكان الطقس السياسي السائد يغلب عليه التنافس الانتخابي لإعطاء حيوية للحملة الانتخابية.
الصحيفة: فخامة الرئيس، لكن هناك ملفات مفتوحة وهي الملفات الساخنة مثل الفساد وظاهرة التيارات المتطرفة وغيرها، هل تعتقد أن هناك قضية واحدة تستطيع القول انه قد طوي ملفها مثل قضية المتطرفين والإرهاب؟
الرئيس: هذه القضايا لا تحل خلال أسابيع أو أشهر، ولكن لدينا توجه وإرادة سياسية لمكافحة الفساد الذي بدأ بالانحسار من خلال الإجراءات التي اتخذت من قبل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومراقبة مجلس النواب ومن خلال إجراءات الحكومة، وقد أحيل بعض من الذين اتهموا بالتلاعب بالمال العام أو بالفساد الإداري إلى النيابة ومحاكم الأموال العامة، وهذه الإجراءات بدأت تؤتي ثمارها، وعلى سبيل المثال كان علينا بعض الملاحظات فيما يتعلق ببرنامج الألفية من ضمنها الملاحظات التي تعيق دخول الألفية بأن لدينا فساد وأن القضاء غير مستقل، لكن اليوم القضاء استقل كاملاً، وهذا يدل على أن اليمن قد قطعت شوطاً لا بأس به في مجال مكافحة الفساد والإصلاحات المالية والإدارية، وكانت هناك بعض الملاحظات في الماضي، ولكن الآن بدأت المؤسسات والمنظمات الدولية تتفهم وتلمس نتائج الإجراءات التي اتخذت، وهذه الإجراءات كانت موجودة ولكنا قمنا بمضاعفة الجهود لمكافحة هذه السلبيات، أما بالنسبة للإرهاب فقد نجحنا في مكافحة الإرهاب أكثر من باقي الدول، واستطعنا التفوق على الدول الأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية، ورغم محدودية الإمكانيات المتوفرة فقد نجحنا في إحباط الكثير من الجرائم الإرهابية قبل وقوعها، وهذا شيء مهم جداً، فلا يكفي أن نتابع أي جريمة وتداعياتها بعد وقوعها، ولكن الأهم من هذا منع الجريمة قبل وقوعها، وهذا ما تحقق بشكل جيد في مجال مكافحة الإرهاب، وأيضاً بفضل تبادل المعلومات مع الدول الأخرى.
التعديل الوزاري ليس تغيير وجوه
الصحيفة: هناك أخبار عن تعديل وزاري أو تشكيل وزارة جديدة ما مدى صحة هذا الكلام؟.
الرئيس: كل شيء جائز.
الصحيفة: فخامة الرئيس، هل سيكون التغيير ضمن استراتيجية معنية أم هي فقط استبدال وجوه بأخرى؟
الرئيس: ليس الهدف من أي تعديل وزاري أو تشكيل وزارة جديدة هو تغييب وجوه وإبراز وجوه جديدة لغرض التغيير فحسب، بل سيكون أن حصل ضمن استراتيجية، فلدينا برامج وسنختار الشخصيات التي نرى أنها الأقدر على تنفيذ البرامج الانتخابية سياسياً واقتصادياً.
الصحيفة: كيف ترون العلاقة المستقبلية بينكم وبين المعارضة؟ وما هي الخطوات المقبلة تجاهها؟
الرئيس: اليمن بلد تعددي، والحزب الذي يحصل على الأغلبية يحكم والمعارضة تعارض، ونحن نعتبرها جزءاً من الحراك الديمقراطي والوجه الآخر للنظام، فهذا صوت وقوة تحكم، وذاك صوت يرتفع ويعارض، وصاحب الأغلبية – كما قلت – هو الذي يحكم البلاد بحسب القانون والدستور.
الصحيفة: المعارضة تقول أن السلطة الحاكمة تحتكر كل الوسائل الموجودة ويدعون أنكم تستغلون إمكانيات السلطة؟
الرئيس: بالعكس، فالدستور ينظم هذا الموضوع، ولكن هذه وجهة نظر الأحزاب المعارضة فليس لديها إلا المعارضة، كيف يقولون إننا نحتكر السلطة والدستور يعطي الصلاحية الكاملة لصاحب الأغلبية للحكم، كيف أشارك في حكومة ائتلافية وأنا أملك الأغلبية، فلماذا إذن التعددية الحزبية؟، فعلى سبيل المثال في أميركا حزبان، الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، والذي يحصل على الأغلبية يحكم، كذلك في فرنسا الحزب الديغولي والحزب الاشتراكي، والذي يحوز على الأغلبية يحكم، ونفس الشيء في اليمن نحن لدينا أغلبية برلمانية.
الوطن ليس ملكا لحزب الأغلبية
الصحيفة: لكن المعارضة تتهمكم أنكم تحتكرون منابر الإعلام كالإذاعة والتلفزيون وتسخرون إمكانات الدولة لصالحكم؟
الرئيس: غير صحيحة، وهذه وجهة نظر المعارضة، وأنا لدي أغلبية برلمانية تمنحني حق تشكيل الحكومة بموجب الدستور، إذاً من حقي تشكيل الحكومة، وهذا ليس احتكار، أما بالنسبة للوظيفة العامة فهي ملك للجميع على حد سواء.. البلد كلها ملك للجميع وليس ملكاً لحزب الأغلبية.. أما الوظيفة العامة وفيها نص دستوري فالأكفأ والأقدر يحصل على الوظيفة، ولكن للمعارضة الحق تقول ما تشاء، ولهذا سميت معارضة.. ويقولون أن الحزب الحاكم يحتكر الإعلام، ولكن لو راقبت الحملة الانتخابية لوجدت أن كل مرشح للرئاسة أخذ وقته القانوني لطرح برنامجه الانتخابي ويطرح ما يشاء، حتى أنني كنت أتنازل عن بعض من حقي في الوقت في الوسائل الإعلامية من دقيقتين إلى ثلاث دقائق وأعطيها لأحزاب المعارضة، سواء في التلفزيون أوفي الإذاعة، هذا مجرد صوت معارض، لكن المشكلة وسائل الإعلام تركز على الصوت النشاز، لأنه يلفت الانتباه، ولكن العمل أو الطرح العقلاني والمنطقي لا يثير فضول الناس، لأنه طرح منطقي ولا يثير بلبلة أو لغط أو ضجيج.
الصحيفة: فخامة الرئيس، ما هو النموذج الأفضل الذي كنت ستقدمه؟ هل بالإصرار على عدم ترشحك أم برضوخك لطلب الحزب والشعب؟
الرئيس: يقولون انه من التجارب العربية أن الحاكم لا يترك السلطة إلا حينما يموت، وأنا أردت أن أقدم نموذجاً برغبة صادقة وذلك بأن أتخلى عن السلطة بقناعة وليس للمزايدة بعد تجربة طويلة في الحكم، ولكن كان لابد من أن أطمأن أني تركت الحكم والبلد موحد ومتعافي، وأن تأتي قيادة وطنية تستمر في الحفاظ على مسيرة الثورة ومنجزاتها ولا تسبب في تجزئة الوطن أو إدخاله في فوضى، كنت أتمنى لو أن المعارضة أهلت نفسها لقيادة الوطن، وهذا يسري على الحزب الحاكم الذي كان من المفترض ان يكون قد هيأ نفسه لاختيار الشخصية القادرة على مكتسبات الوطن، ولكن للأسف فإن السائد بين عموم الناس وبين الأحزاب المختلفة، أن هذا التوجه غير جدي وكانوا يقولون أنها أطروحة كغيرها من الطروحات ومناورة مثل كثير من الأنظمة العربية وعندما يدخل الحاكم الانتخابات يفوز بنسبة 99ر99 بالمائة، نحن أثبتنا غير ذلك في انتخاباتنا فقد حصلت على17ر77 المائة، معنى هذا أن الديمقراطية فاعلة وجادة وحيوية، إذاً فالمعارضة لم تكن مصدقة ولا قادرة، وكذلك الحزب الحاكم لم يكن مصدقاً ولم يهيئوا أنفسهم، فاضطر الحزب الحاكم وأعضائه والشعب أن يضغط على الرئيس لإعادة ترشيح نفسه، أنا لست مريضاً أو عاجزاً ولم أكن كذلك، كنت أريد أن أقدم نموذجاً خاصة وأن عندي تجربة طويلة في الحكم مليئة بالمتاعب والمصاعب والإرهاق، ومررنا بظروف سياسية واقتصادية صعبة اجتزناها بنجاح، فأردت أن أكون مواطناً عادياً وأري الشعب يحكم نفسه بطريقة ديمقراطية آمنة، هذا كان هدفي.
طالبنا الخليجيين الاقتداء بالاتحاد الأوروبي
الصحيفة: فخامة الرئيس، هل اليمن مستعد ومؤهل للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي؟
الرئيس: نحن رحبنا بأطروحات الإخوان في مجلس التعاون الخاصة بشروط انضمام اليمن للمجلس وتأهيلها، وقلنا فلنؤهل اليمن بالطريقة التي ترونها صحيحة، وقدمنا لهم أكثر من مقترح، وقلنا لهم لماذا لا نقتدي بتجربة الاتحاد الأوروبي؟، عندما قامت الدول التي أسست الاتحاد الأوروبي منذ بداية الاتحاد بالأخذ بأيدي الدول التي أرادت الانضمام للاتحاد الأوروبي وأهلتها شيئاً فشيئاً، حتى أصبحت هذه الدول دولاً فاعلة بالاتحاد الأوروبي.. وإذا كانت اليمن في الوقت الحاضر غير مؤهلة بنسبة 45 بالمائة أو 50 بالمائة مثلاً، فعلى الإخوة في مجلس التعاون الأخذ بيد اليمن إلى السبل والطرق التي تؤهلها في فترة زمنية محددة وتصبح اليمن عضواً فاعلاً في الأسرة الخليجية.
الصحيفة: كيف تقيمون علاقة اليمن بدول المجلس؟
الرئيس: علاقاتنا مع دول المجلس جيدة ومتميزة وهناك خصوصيات معينة، على سبيل المثال لدينا علاقات جيدة جداً ومتميزة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ولها خصوصيات منذ عهد المرحوم الشيخ زايد، ومع الشيخ خليفة بن زايد، الآن هناك تعاون جديد وخصوصيات في العلاقات حتى بصورة شخصية بين المسؤولين، فإن علاقاتنا تتعدى الرسميات والبروتوكولات.
الصحيفة: لكن كان في الفترة الأخيرة بعض التوترات مع الكويت؟
الرئيس: ليس بيننا وبين الإخوة في الكويت إلا كل خير، فهم اخواننا، فإذا حصلت بعض الانفعالات عندهم من قبل أشخاص، فنحن لن ولم ننجر لمثل هذه الانفعالات، ولا نعتقد أنها تمثل وجهة نظر السلطة بشكل عام، بل هي وجهة نظر أفراد، وهذا يحصل في كل زمان ومكان.
الصحيفة: بالنسبة للنظام العربي متى يكون نظاماً عربياً قوياً؟
الرئيس: إن شاء الله سأجري مقابلة صحافية معكم بعد 6 أشهر وأشرح لكم عن النظام العربي وليس اليوم وذلك حتى نرى إلى أين ستصل الاستراتيجية الأميركية الجديدة في المنطقة.
الصحيفة: ماذا عن الفترة الماضية؟
الرئيس: لو رجعت إلى خطاباتي السابقة ومقابلاتي ستجدني قلت إن هناك عصا غليظة مرفوعة فوق رؤوس العرب بعدة وجوه، تارة باسم الديمقراطية وتارة باسم حقوق الإنسان، ولهذا تحدثت في إحدى خطاباتي أمام المؤتمر الشعبي العام، قلت فيه إن علينا انتهاج السلوك والنهج الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، أن نحلق رؤوسنا قبل أن يحلق لنا الآخرون.
الصحيفة: هل أنت متفائل أم متشائم تجاه المستقبل؟
الرئيس: أنا متشائم، ولكن أرجو ألا يكون تشاؤمي في محله، وآمل أن يحصل العكس.
لدينا 700 ألف صومالي
الصحيفة: فخامة الرئيس، سمعنا عن مفاوضات مع المحاكم الإسلامية، ما هي طبيعة هذه المفاوضات وإلى أين وصلت؟
? الرئيس: أنا استقبلت رئيس المحاكم ومساعديه قبل عيد الأضحى هنا في عدن، ونصحناهم أن يتحاوروا مع الحكومة الانتقالية وأن يكونوا شركاء في البرلمان وفي الحكومة، ولكنهم رفضوا، وقلت لهم الشعب الصومالي أعطاكم ثقته وانقاد لكم عندما برزتم على المسرح السياحي لأنكم جئتم بطريقة سلمية، فالشعب الصومالي رحب بكم، ولكن اليوم أسمع أن الجو متوتر بينكم وبين الحكومة الصومالية المؤقتة، فإذا انفجر الموقف عسكرياً سيسحب الشعب الصومالي ثقته منكم ولن تجدوا موطأ قدم، وهذا الذي حصل، واليوم مسؤول العلاقات الخارجية في المحاكم الدكتور إبراهيم عدو، وبعض من عناصر المحاكم، موجودون في صنعاء ورحبنا بهم، وهم الآن يجرون حواراً مع الأميركان، والأميركان يمدون خيوطهم مع كل الأطراف، وهم يتحاورون مع الحكومة ومع أديس أبابا، وربما يكون هناك حوار بينهم وبين الحكومة الانتقالية، والتي ترعى هذا الحوار هي وزارة الخارجية اليمنية، وقد أخبروني أن بينهم حوار مع الأميركان بعد أن كانوا قد استأذنوا بالحوار معهم، وقلنا لهم لا مانع، إذا فالمحاكم أخطأوا خطأً فادحاً حينما رفضوا نصيحتنا بأن يفتحوا حواراً مع الحكومة المؤقتة وأن يكونوا شركاء في حكومة ائتلاف وطني، وكذلك في البرلمان، ولكن تفجر الموقف لأنهم كانوا مصرين على موقفهم، وكان عندهم ثقة أنهم يسيطرون على 95 بالمائة من الأراضي الصومالية، واتضح أنها كانت أوهام ولذلك انتهت سيطرتهم خلال أيام.. هرب بعضهم إلى نيروبي والبعض اختبأ في الصومال، وبعد الضغط الأميركي على كينيا أغلقت حدودها مع الصومال، أما نحن فقد قبلنا بهم، فلدينا قرار باستضافة قيادات المحاكم عدا العناصر المطلوبة دولياً والأعضاء في تنظيم القاعدة، فهؤلاء لنا عليهم تحفظ.
الصحيفة: ماذا عن التدخل الأثيوبي؟
الرئيس: التدخل الإثيوبي جاء بناءً على طلب من الحكومة الانتقالية، وقد يكون الإثيوبيون خائفون على أمنهم بسبب وجود عناصر إسلامية في إقليم أوجادين، فهم خائفون من المد الإسلامي أن يؤثر على الإقليم، ولكن كما سمعت من رئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوي أن القوات الإثيوبية ستنسحب, والأميركان والاتحاد الأوروبي مقتنعون بضرورة وجود قوات دول إفريقية في الصومال لتحل محل القوات الإثيوبية، ونحن أكثر الدول تضرراً بسبب النزوح الجماعي وتدفق اللاجئين إلى الأراضي اليمنية، عندنا 700 ألف صومالي، ودول المنطقة والخليج بشكل عام لا تساعدنا ولا تقبل اللاجئين، نحن الوحيدون الملتزمون باتفاقية اللاجئين وهذا يسبب لنا عبئاً، عبء ثقافي وعبء اقتصادي وعبء اجتماعي، ولذلك فنحن نبذل جهداً مع المحاكم ومع الحكومة الانتقالية، سواء حكومة عبدالله يوسف أو من قبله عبده قاسم صلد أو علي مهدي أو محمد فرح عيديد، لنعالج الوضع ونساعدهم على إعادة بناء المؤسسات من أجل إيجاد استقرار، لأن هذا – كما أسلفت – يشكل أعباء كبيرة جداً علينا.
اشتدي يا أزمة تنفرجي
الصحيفة: فخامة الرئيس، نرجع إلى الاستراتيجية الأميركية الجديدة، هل ستوحد العراق؟
الرئيس: لقد مرت 3 سنوات على الاحتلال الأمريكي، دعنا نرى ماذا سيجري في الستة الأشهر المقبلة، وقد كتبت لهم رسالة خطية نصحتهم فيها وبينت لهم فيها أخطاءهم في العراق، وأرسلتها للرئيس بوش وهي مكونة من عدة صفحات وستنشر بعد 6 أشهر وسيكون لك فرصة قراءتها.
الصحيفة: هل تعتقدون أن الاستراتيجية فاشلة ؟
الرئيس: هذا كلامكم.. أما نحن فسنتحدث عنها بعد ستة أشهر في لقاء قادم كما ذكرت.
الصحيفة: هل تعتقد ان العراقيين أنفسهم قادرون على ابقاء العراق موحد؟
الرئيس: نعم العراق موحد، فالعراق تربى تربية قومية وطنية وحدوية وهو عنصر مهم في الجسم العربي، وعندما تسمع عن انقسامات شيعية كردية سنية فهي عبارة عن مجموعة ميليشيات وزعامات فردية، ولكن الشعب العراقي شيعة وسنه واكراد حريصون كل الحرص على وحدة العراق.
الصحيفة: لكن فخامة الرئيس، كل يوم نسمع عن قتال طائفي؟
الرئيس: هذا من دسائس ومؤامرات مخابرات قوات الاحتلال.
الصحيفة: العراق أصبح ساحة مفتوحة؟
الرئيس: نعم العراق ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات، ليس الاقليمية فحسب، ولكن أيضاً الدولية، ولابد ان تنفرج الأمور وتنجلي كما يقول المثل (اشتدي يا أزمة تنفرجي).
الشعب اللبناني ضحية
الصحيفة: فخامة الرئيس، انتم كنتم تقومون دائماً بمبادرة وساطة بين الكثير من الدول، أين وصلت الوساطة بين فتح وحماس؟
الرئيس: قمنا بالاتصال بفتح وحماس ونصحنا الطرفين بالتهدئة وانه لا يجوز ان تصوب البندقية الفلسطينية نحو الصدر الفلسطيني وان هذا من المحرمات، وابلغنا الاخوة في فتح وفي حماس وابلغنا الأخ أبو مازن وقلنا له ان الدعوة إلى انتخابات مبكرة فكرة غير جيدة ومستعجلة، وانه طالما ارتضينا بالديمقراطية اذن اتركوا الفرصة للاخوان في حماس لكي يجربوا يحكموا، وان لا نصدق القوى الأجنبية بمحاصرة حماس مادياً وسياسياً، اتح لها الفرصة لتجرب، لكن تحاصرها دولياً وتقول أنها حكومة فاشلة وتدعو لانتخابات مبكرة لا يجوز.
الصحيفة: فخامة الرئيس بالنسبة للازمة اللبنانية، ملاحظ ان هناك موقفاً سلبياً امام القضية؟
الرئيس: السبب ان هناك قوى دولية دخلت الساحة اللبنانية وتؤثر عليها، فالاميركان لهم وجود وتأثير، والفرنسيون لهم وجود وتأثير، ودول المنطقة لهم وجود، وكل طرف يدعم تياراً معيناً، وقد زارنا الأخ الرئيس بشار الأسد، وقلنا له ان الاميركان يطلبوا منك التعاون مع حكومة فؤاد السنيوره، وقال انه على استعداد، ولا نعرف اليوم ماذا استجد، وكنا قد تواصلنا مع رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ورئيس البرلمان نبيه بري، ونصحناهم بالحوار والتهدئة، وقلنا لهم ان النزول الى الشارع لا يحل المشكلة، والاعتصامات لا تحل المشكلة، بل تزيدها توترا، وقلنا لهم ان هده حكومة شرعية ويجب ان يتحاوروا ويلتزموا بالدستور اللبناني، وبذلنا ما نستطيع، لكن هناك تدخل دولي كبير، بالاضافة الى التعقيدات الاقليمية، ولكل واحد حساب، الاميركان يتهمون سوريا بالتدخل، ويتهمون ايران بالتدخل، وكل واحد يريد ان يلوي ذراع الأخر في لبنان، والضحية هو الشعب اللبناني، ونحن ننبه الشعب اللبناني الا يكونوا ضحية للتدخلات الدولية.
الصحيفة: هل ترون بأن برنامج إيران النووي يشكل قلقاً على دول المنطقة؟
الرئيس: انا مع برنامج نووي سلمي لإيران، وبرنامج نووي سلمي لدول الخليج والوطن العربي، ويجب ان نمتلك تكنولوجيا نووية، ولتخضع هذه البرامج النووية للمراقبة الدولية، وتكون للاغراض السلمية، وقد أعلنت قبل سنة ونصف نيتنا تبني توليد الطاقة النووية، ولكن تحسس الناس من قرارنا، لكن اليوم بدأ العرب يتحدثون عن امكانية توليد الطاقة بالطاقة النووية، وأعلنت في خطابي بمناسبة عيد الأضحى اننا مستعدون ان ننضم إلى أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي ونتعاون معهم لتوليد الطاقة بالطاقة النووية وتخضع للرقابة الدولية، لأنه من حقنا امتلاك الطاقة النووية فهي ارخص وأسهل وأفضل.