حديث رئيس الجمهورية لصحيفة عكاظ السعودية 29 يونيو 2000م
– عكاظ: فخامة الرئيس أنا سعيد بزيارة اليمن ومقابلة فخامتكم لاسيما في مثل هذا الوقت الذي تم فيه توقيع المعاهدة وهذا إنجاز كبير وأرجو أن تمنحونا جزءا من وقتكم الثمين والواقع أن الأسئلة تمثل لسان حال الشارع السعودي والشارع اليمني والشارع العربي وأتطلع إلى إجابات شاملة وكاملة ولنبدأ من المعاهدة ونسأل كيف تقيمومون ما تم التوصل إليه في جدة.
— الرئيس: وأنا أيضا سعيد أن أتحدث مع جريدة عكاظ وما من شك أن المعاهدة التي تم التوقيع عليها في جدة في الثاني عشر من الشهر الحالي بين اليمن والسعودية تعتبر منعطفا جديدا في العلاقات اليمنية السعودية بالرغم من أن علاقاتنا في الماضي كانت باستمرار ممتازة فنحن بلدان جاران واشقاء لكن ظلت مشكلة الحدود تمثل عقدة في مسيرة العلاقات اليمنية السعودية التي تراوحت بين حالات من المد والجزر امتدت على مدى 66 عاما وبصراحة لم يكن أحد في البلدين مرتاحا لذلك الوضع وان اغلب على تعاملنا المجاملات الاعتيادية رغم أننا نتحدث دوماً عبر وسائل الأعلام بأن العلاقات أزلية وأخوية وهى وان كانت كذلك إلا انه كان ينقصها حل مشكلة الحدود وبحسب اعتقادي فان معاهدة جدة تشكل منعطنا جديدا ليس بين القيادتين فحسب بل بين الشعبين لانه باتت هناك قناعة كبيرة في الشارعين اليمنى والسعودي بانه بعد توقيع المعاهدة سيبدأ عهد وعقد جديدان في العلاقات وسيخلق ذلك طمأنينة وامنا واستقرارا وعدم توتر وحتى عدم مزايدة عبر وسائل الأعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة فالناس يتطلعون إلى أن ما حدث شيء جيد في العلاقات والتي هي أساسا علاقات أخاء ومودة وصفاء وربما انها ولخصوصيتها وتميزها تبدو وكآنها بين شعب واحد تربطه عقيدة واحدة وجغرافيا واحدة ومصير مشترك والعلاقات تبني على الثقة وعدم الشكوك لانه كانت هناك بعض العناصر المجتهدة التي تحاول أن تخلق عدم الجدية وعدم الود والثقة لكن الآن والحمد للّه الثقة بنت نفسها من خلال هذه المعاهدة ومن خلال الحوار المباشر بين قيادتي البلدين بعيدا عن المنتفعين والمستفيدين الذين ظلوا من وقت لاخر يسعون لتعكير صفوها خاصة عندما تتصدع هذه العلاقة.
– عكاظ: فخامة الرئيس هذا كلام واضح ومحدد والكل يشارككم الرأي في أن الثقة المتبادلة مكنت القيادتين من التغلب على جميع الصعاب.. وانطلاقا من ذلك تطرحون الآن مفهوم الشراكة لتعزيز التعاون الشامل بين البلدين.. فكيف يمكن لهذه الشراكة أن تترجم إلى برنامج عمل؟
— الرئيس: هذا صحيح.. وانا تحدثت عن ذلك فى المؤتمر الصحفى قبيل مغادرتى جدة وقلت ان الشراكة وتشابك المصالح هما اللذان يضمنان تعزيز هذد العلاقة وتطويرها وعندما تكون هناك شراكة وتبادل منافع ليس بين القيادتين فحسب ولكن بين الشعبين ايضا ولاسيما عندما تكون هناك مشاريع مشتركة واستثمار مشترك فالسوق اليمنية اصبحت مفتوحة امام المنتجات السعودية والسوق السعودية مفتوحة امام المواطن اليمنى وهنا تأتيء مسئولية حماية هذه العلاقات والدفاع عنها من قبل المواطنين وليس من الجانب السياسى فقط فعندما يعرف صاحب الفاكهة أو صاحب الصناعة بان لديه مصالح وان ماله فى مأمن سواء فى السعودية أو فى اليمن وان سوقه هي السعودية وان سوقه هي اليمن هنا يأتى الحرص من الشعبين فى الدفاع وحماية وصون هذه العلاقات لكن عندما تكون العلاقات رسمية فقط فانها تتعرض للتصدع من وقت الى اخر وعلينا ان نعترف ان شيئا من ذلك كان يحدث فى الماضى لكننى اعتقد أنها فى المستقبل لن تصاب باي تصدع باذن اللّه لقد اصبحت لدينا تجربة ثرية عمرها 66 سنة وبالتأكيد فان كلينا استفاد من سلبيات الماضي وتجاوز مرحلة المجاملات فقط.. أما الان فقد اصبحت العلاقات مبنية على الثقة والقرار السياسي الشجاع الذى تنبته قيادتا البلدين بالتوقيع على المعاهدة.
– عكاظ: بكل تأكيد فان القرار الذى تبنته قيادتا البلدين يتسم بالشجاعة والمسئولية لاسيما ان هناك من كان يتحدث عن صعوبة التصدي لحل مشكلة مزمنة كهذه فكيف استطاع فخامة الرئيس على عبدالله صالح من موقع الأنسان المؤمن برسالته واهدافه ان يتخذ هذا القرار التاريخي.
— الرئيس: بالتأكيد ان علي عبدالله صالح عندما اقدم على هذا القرار مع اخوانه فى قيادة المملكة لم يكن بمفرده ولكن جاء ذلك بعد تهيئة مع مختلف الشرائح والقوى السياسية الفاعلة فى المجتمع وعندما تهيأت الظروف واصبح التمهيد والتحضير لها كافيا وعَلى مدىَ طويل كانت المعاهدة نتيجة طبيعية لالتقاء ارادتين وذلك ان معاهدة جدة لم تكن وليدة لقاء امتد 4 2 ساعة فقط ولكنها ثمرة حوار طويل بدأ منذ عام 1982م وتحديدا منذ حوالى 18 عاما وتواصلت اللقاءات على مستوى القمة أو المسئولين أو اللجان وشهدت العلاقات حالات مد وجزر كما تواصلت زيارات المسئولين وكذا تبادل الرسائل والتى بلغت حوالى 200 رسالة متبادلة بينى وبين الاخوان فى قيادة المملكة غير الرسائل الشفوية على مدى 21 عاما ولم تكن هناك رسالة من هذه الرسائل تخلو من تناول مسألة الحدود اليمنية السعودية.. قد يقول قائل انه كيف استطاعت قيادتا البلدين ان تنجز هذا الشيء الكبير والخطير اخيرى حيث كانت قضية الحدود اليمنية السعودية هى اخطر مشكلة حدودية في منطقة الشرق الاوسط وقد قيل من بعض السياسيين والمراقبين بان هناك قضيتين معقدتين فى المنطقة هما قضية الصراخ العربى الاسرائيلى ومشكلة الحدود الشائكة بين المملكة واليمن كما ان بعض اولئك السياسيين والمراقبين كان يقول انه يمكن ان تحل مشكلة الشرق الاوسط وينتهي الصراع العربي الاسرائيلي قبل ان تسوى الحدود بين اليمن والمملكة.. لان على قضية الشرق الاوسط اجماع دولي اما مشكلة الحدود اليمنية السعودية فقد كانت اكثر تعقيدا وكانت تبدو اصعب ومع ذلك وبحمد اللّه توفرت الارادة السياسية وانجزت هذه القضية بملابساتها وباسرع وقت وكلا الشعبين فى المملكة واليمن مرتاح لذلك لان فيها مكسب للجميع وليس ثمة خاسر حيث جسدت مبدأ لا ضرر ولا ضرار والان التواصل مستمر بينى وبين الاخوان فى المملكة منذ ان عدت من جدة سواء مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أو ولي العهد الامير عبدالله بن عبدالعزيز أو الامير سلطان أو الامير نايف أو الامير سعود الفيصل أو الامير سلمان وقد تبادلنا التهاني بما تحقق من انجاز.
– عكاظ: متى تتوقع ان يتم وضع هذه المعاهدة موضع التنفيذ بكامل جزئياتها بداء بتموضع القوات وانتهاء بوضع الساريات لرسم الخارطة النهائية واعتمادها كجزء من المناهج الدراسية والاعلام فى البلدين.
— الرئيس: نعم نحن فى هذا اليوم الاثنين / يوم حواري مع فخامته / وفى الساعة الثالثة بعد الظهر سوف يتم اصدار المراسيم النهائية على المعاهدة من قبل القيادتين في البلدين فى وقت واحد وسوف يتم التواصل مع الاخوان فى المملكة حول تبادل الوثائق تم التوقيع على رسالة مشتركة من وزيري خارجية البلدين وذلك لايداع نسخة من وتيقة المعاهدة فى الامم المتحدة واخرى فى الجامعة العربية والشق الاخر سيتم البحث مع سمو الامير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام ومع قيادة وزارة الدفاع فى اليمن وذلك حول اعادة تموضع القوات المسلحة في البلدين وما هى المناطق التى سيتم اخلاؤها من الجانبين وكذا المراكز المتقدمة ومسر الدوريات وتحديد منافذ الدخول بين الجانبين بالاضافة الى اختيار الشركةالمكلفة بالاعمال الفنية عبر التنسيق بين وزيري الداخلية فى البلدين والتى ستقوم بالمسح واخذ الاحداثيات واسقاطها عبر القمر الصناعى وذلك لوضع العلامات كما جرى الحال بيننا وبين سلطنة عمان وكما جرى الحال بين السعودية وسلطنة عمان وباسلوب متطور وحديث وهذا طبعا سيتفق على برنامجه من قبل وزارتي الدفاع وهيئتى الاركان ووزارتي الداخلية فى البلدين.
– عكاظ: وهل هناك مدى زمني معين لأنجاز هذه المهمة؟
— الرئيس: هذا قد يأخذ وقتا ونحن نتمنى ان يتم ذلك خلال اسابيع أو بضعة اشهر لكن هذا عمل فني والمسألة لم تعد فيها اي مشكلة قد تستمر العملية شهرا أو سنة أو سنتين لم تعد هناك مشكلة على الاطلاق وكل واحد اعترف بحدود الاخر وتبقى المسألة هذه هى مسألة فنية ليس الا.
– عكاظ: فخامة الرئيس ما الذى يتوخاه الشعب اليمنى منكم بصورة خاصة ومن وراء هذه المعاهدة بصورة عامة؟
— الرئيس: نحن لاننتظر من ورائها الا الامن والاستقرار والثقة والأخاء وليس هناك ثمن للمعاهدة سوى الاخوة والمودة وحسن الجوار وتبادل المنافع والمعاهدة ثمنها اكبر بكثير من مجرد كونها نصوصا متفقا عليها.. ان بعض الناس البسطاء يفكرون انها عملية بيع وشراء وهى ليست كذلك بل قضية اخاء واستقرار وتأمين المستقبل للاجيال فى الحاضر والمستقبل وهى بهذا لاتقاس بثمن اطلاقا لان ثمنها غال وكبير جدا والشعب اليمني يتطلع الى علاقات اخاء ومودة وثقة وانهاء كل سلبيات الماضي وان تنفذ هذه المعاهدة بما فيها معاهدة الطائف بكل بنودها وملحقاتما وبالطبع ستنشر بنود هذه المعاهدة الجديدة وكذا معاهدة الطائف ويستطيع القارىء أو الصحفي ان المراقب ان يستنتج ماتتضمنه وما بين هذه السطور من اهمية للبلدين والشعبين الجارين ولمستقبلهما.
– عكاظ: المعروف ان معاهدة الطائف وملحقاتها اصبحت الان جزءا اساسيا من المعاهدة الحالية هل هناك برامج عمل يمنية محددة تضع هذه المعاهدة أو معاهدة الطائف موضع التطبيق؟
— الرئيس: الحقيقة انه مهما ابرم من معاهدات أو اتفاقيات كتابيا اذا لم تكن هناك ثقة فهي تظل حبرا على ورق لكن عندما تتولد الثقة بين البلدين وبين قيادتيهما فان الناس يتجاوزون بصورة ايجابية الكثير مما جاء فى معاهدة الطائف أو معاهدة جدة فالمهم هو الثقة وعندما تتوفر الثقة بين القيادتين فانها تعكس نفسها على الشعبين.
– عكاظ: فخامة الرئيس ماهو موقف المعارضة من المعاهدة.. وكيف تقومون هذا الموقف؟
— الرئيس: كما تابعت انت فالكل مؤيد للمعاهدة ولما تم التوصل اليه من حل ودي واخوي ومرض والاهم من ذلك فان الشعب اليمنى مؤيد ويبارك هذه المعاهدة واذا وجد بعض الأشخاص أو الاصوات التى لها رأي مخالف فهذا امر طبيعى ولا يغير من واقع الحال والبرلمان هو اهم مؤسسة دستورية وافق علئ المعاهدة باجماع كامل وهو يتشكل من جميع الاحزاب تقريبا ومن الوان الطيف السياسي سواء من المؤتمر أو الاصلاح أو الاشتراكى أو البعث أو الناصرى أو المستقلون وغيرهم والاجماع الوطني والتأييد الشعبيى الكبير للمعاهدة موجود كما لاحظتم وتتابعون يوميا.
– عكاظ: وهذا ما اكده بالفعل المسئولون فى المملكة في تصريحاتهم بانها ليست مجرد نصوص.. الان فخامة الرئيس وبعد ان حققتم انجازين كبيرين هما الوحدة ومعاهدة جدة ماهو الانجاز الذى يراود ذهن فخامة الرئيس ويعد فى مقدمة اولويات برامج المرحلة القادمة بالنسبة لكم.
— الرئيس: لو قدر لك ان تسمع ماتم الاعلان عنه بعد الاجتماع الذى عقده مجلس الدفاع الوطنى يوم امس الاحد الماضى / وكذا بعد الاجتماع مع الحكومة فسوف تدرك ان هناك ثلاثة مرتكزات سيتم العمل على تحقيقها واعطائها الأولوية مكافحة الفساد واستئصاله وتطهير الأجهزة والمؤسسات من الفاسدين واحداث ثورة فى مجال الاصلاح الاداري والمالي والقضائي وتوطيد الامن والاستقرار وردع ومحاسبة كل من يعكر صفو الامن والطمأنينة فى المجتمع هذد ثلاتة مرتكزات رئيسيهَ سنعمل على تحقيقها باذن اللّه بعد ان تم اعادة تحقيق الوحدة اليمنية وترسيخها وحل مشكلة الحدود مع عمان وحل مشكلة جزيرة حنيش والحدود البحرية مع اريتريا وحل مشكلة الحدود البرية والبحرية مع المملكة العربية السعودية فقد كانت هذه المشاكل في الماضي تمثل هموما كبيرة للقيادة وللشعب اليمنى اما الان فانه لم يبق امامنا الا تلك الاتجاهات التى ذكرتها لتعزيز بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون.
– عكاظ: اذا نحن نتحدث فخامة الرئيس عن مرحلة جديدة لها مواصفات مختلفة هي مواصفات التغيير بكل ما تقتضيه من تغيير لعناصر السلطة الحالية؟
— الرئيس: ليس هناك مواصفات جديدة محددة فالانسان الموجود هو الانسان نفسه وكل المواصفات هي في نقاء السريرة وفي صفاء الضمير وفي الكفاءة المالية والادارية والتراهة والتفاعل بايجابية مع كل المعطيات واستلهام طموحات هذا الشعب ونداء اته والاستماع الى صوت الشعب لمعالجة وتصحيح كل الاخطاء المالية والادارية والاقتصادية والوقوف بحزم في وجه من يعكر صفو الامن والاستقرار هذه هى المواصفات المطلوبة من كل مسئول فى اي وزارة أو مؤسسة أو حتى فى كل من سيأتي فى المستقبل خاصة ونحن الان بصدد التحضير لاجراء انتخابات نيابية ومحلية خلال العام القادم ان شاء اللّه ولا بد ان يتم الحصول عَلى ثقة المواطنين من خلال الوفاء لهم وتلبية تطلعاتهم.
– عكاظ: على مدى عشرة اشهر من الان اي فى عام 2001م ستكون هناك مرحلة جديدة وبمواصفات جديدة ووجوه جديدة ايضا هل هذا التغيير سيشمل القوات المسلحة وكذلك الجانب الاداري والجانب الاقتصا دي؟
— الرئيس: القوات المسلحة والامن ليس فيها مشكلة فيما يتعلق بجوانب الخلل المالي والاداري لان القوات المسلحة والامن هي وحدة انضباطية ولا تعاني من هذه المشكلة مثلما هو الحال فى بعض المؤسسات المد نية.
– عكاظ: فخامة الرئيس هناك حديث داخل اليمن وخارجه عن ان الرئيس على عبدالله صالح يستمد قوته من دعم القوات المسلحة له.. وان هذا الدعم ناشىء عن اختياركم لعناصر متفرقة تثقون بها لادارة اسلحة الجيش.. هل لهذا المقول اساس من الصحة؟
— الرئيس: القوات المسلحة اليمنية وكل الاجهزة العسكرية تمثل درعا حقيقيا للوطن وهى تجسد وحدة اليمن وكافة قواه الوطنية المخلصة وليس غريبا ان تشكل القوات المسلحة درعا واقيا لليمن ومصدرا اساسيا لاستقراره وتماسك بنيانه وتحقيق وحدته.. اننى وكل يمنى فخر بابنائنا ورجالنا فى كافة اجهزة الامن والقوات المسلحة.. لأنهم يمثلون الوطن وآماله وطموحات ابنائه ولا فرق بين فرد وفرد وذلك ان الجميع يعتبر نفسه في مهمة وطنية تصون امن البلاد واستقرارها وسلامتها.. سواء كون هذا الفرد قريبا من علي عبداللّه صالح أو بعيدا عنه.. المهم هو ان يعيش المواطن فى امن والوطن فى استقرار وهذا ما تحقق لليمن بكل فخر ونحن من جانبنا لانعير اي اهتمام لمثل هذه الامور لاننا معنيون بما يحقق لوطننا الخير ولمواطنينا الرفاه والطمأنينة وهذا ان شاء اللّه يتحقق بتضافر جهود الجميع.
– عكاظ: وهل ستشمل حركة التغيير المقبلة التي اشرتم اليها فخامتكم هذا القطاع لاسيما بعد ان تحققت الوحدة وانهيتم كل المشاكل الحدودية مع اريتريا وعمان والمملكة.
— الرئيس: لقد اتخذ قرارا هاما فى هذا الاتجاه فى المجلس الاعلى للدفاع الوطنى الذى عقد في مطلع هذا الاسبوعَ كما قلت سابقا.
– عكاظ: وما هى طبيعة هذا القرار؟
— الرئيس: القرار ينسجم مع توجه اليمن حكومة وشعبا فى الانتقال الى مرحلة جديدة.. غايتها تكريس كل مقدرات الوطن لتحقيق المزيد من التنمية والتطوير.. وتخفيف العبء الاقتصادي الضخم على الدولة وهذا يقتضي تخفيض القوات المسلحة بما يتلاءم مع طبيعة الاحتياجات الفعلية الجديدة للوطن والتركيز فى المرحلة القادمة على البناء النوعي وتطوير القدرة القتالية والمعدات العسكرية ولاسيما بعد ان دخلنا مع الجميع مرحلة سلام دائم وشامل.
– عكاظ: واين يذهب الافراد الذين سيتركون القوات المسلحة؟ الا يشكل هذا ضغطاً اخر على الدولة، بعض اقتصادي والبعض الاخر أمني؟
–الرئيس: هناك خطة مدروسة ستعمل على اعادة استيعاب الفائض في المجتمع المدني وتوجيه قدراته نحو التنمية وبما يحقق المصلحة للوطن.. وعلينا ان ندرك ان قرار التخفيض لا يعني انقاص العدد فقط وانما تخفيض مجمل المصاريف المترتبة على ذلك، ولن نواجه أي مشاكل فِى هذا الاتجاه لان الجميع يدرك ان عليه مسئولية مختلفة في المرحلة القادمة، كما اننا سنجمد مؤقتا عملية التجنيد لفئة الشباب.
– عكاظ: هل هو تجميد أو الغاء لمبدأ الخدمة العسكرية؟
–الرئيس: قلت نجمد ولم اقل نلغي لان خدمة الوطن حق لا تنازل عنه، وواجب لا يمكن التخلي عن ادائه.. لكننا ونحن نمر بظروف اعادة تشكيل قواتنا المختلفة.. احتجنا الى ان نتخذ قرارا كهذا لايقاف التضخم في القوات المسلحة في ظل فلسفة البناء النوعي الجديد التي تحتمها طبيعة المرحلة، ويوجه كافة مدخرات الوطن وجهة تنموية.
– عكاظ: فحامة الرئيس.. هل صحيح ان اليمن يعد العقيد احمد علي عبدالدّ صالح ليتولى مسئولية الحكم بعد عمر طويل؟
–الرئيس: نحن دولة تحتكم الى الدستور.. وترجع اختياراتها الى ارادة الشعب، وعندما يرى الشعب امرا من الامور فانه هو الذي يحدد ما يريد، ونحن في اليمن نستغرب تكرار الحديث في مثل هذا الامر، والا فمن هو أحمد علي عبداللّه صالح؟ اليس مواطنا من بين ثمانية عشر مليون مواطن، له من الحقوق ما لاي مواطن، وعليه من الواجبات ما على كل مواطن؟ ان الكفاءة والمقدرة هما العنصران اللذان يحددان من يخلف علي عبدالله صالح، فِى هذا الموقع، تم الا تعتقدون ان الوقت مازال مبكرا للتفكير في مثل هذه الامور، اننا في اليمن لا نتعجل الخطى، وكل جهودنا منصرفة لاعادة بناء وطننا ومستقبل شعبنا، هذا هو هاجسنا، اما هذه الأمور فانها لا تشغلنا ولا تستاثر باهتمامنا الان.
– عكاظ: فحامة الرئيس.. اود ان تجيبوا على هذا السؤال بصورة مباشرة ومحددة لازالة بعض اللبس الموجود في اذهان البعض خارج بلادكم؟
–الرئيس: ماهو السؤال؟ تفضل.
– عكاظ: منيحكم اليمن حقيقة؟ السلطة؟ ام القبيلة؟ ام الجيش؟ سواء داخل صنعاء أو خارجها؟
–الرئيس: ( ابتسم بعمق وبارتياح فاجأني ) وقال: الدستور هو الذي يحكم اليمن.
– عكاظ: كيف؟
–الرئيس: السلطة سواء كانت ممثلة في علي عبدالله صالح، أو في الحكومة أو في الاجهزة المختلفة لا تستطيع ان تتخذ قرارا واحدا مغايرا لاحكام الدستور ومتعارضا مع مصالح الشعب، والقبيلة بكل ما تشكله بالنسبة لنا من قوة حقيقية لتماسك النظام وتجانس بنية المجتمع، فانها تحترم الدستور وتمثل لارادة الوطن وتعمل على اداء وظائفها في خدمته بكل التزام ومسئولية، اما القوات المسلحة فانها تقوم بدور القوة الضامنة لامن البلاد واستقرارها وتؤدي كل وظائفها بشرف واعتزاز ولا تتدخل في شئون السلطة أو تتصارع مع القبيلة، وكل من الاجنحة الثلاثة يعتبر نفسه مسئولا مسئولية تامة امام الشعب والوطن لتحقيق الاستقرار وترسيخه، ولولاهذا التضامن بين الأجنحة الثلاثة لما شهد اليمن ما يشهده الآن من استقرار ولما وجدنا انفسنا كدولة قادرين على اتخاذ قرارات تاريخية حازمة وحاسمة مثل اغلاق ملف قضايا الحدود، لاننا مؤمنون جميعا بان تقدم اليمن ومستقبل اليمن وخير اليمن مرهون بتضافر جهود المجتمع وتعاونهم في خدمة اهداف البلاد ومستقبل الشعب.
– عكاظ: وهل ترون ان للقبيلة دورا جديدا في المرحلة القادمة؟
— الرئيس: الدستور ينظر الى ابناء اليمن كوحدة واحدة، ونسق اجتماعي متكامل، وبالتالي فان انخراط ابناء اليمن بكل فئاته ومستوياته في مرحلة البناء والتطوير القديمة باتت مسئولية مشتركة، ولا نشك في ان القبيلة ستكون صمام امان بالنسبة لهذه المرحلة لأنها تدرك ان التنمية تعزز مكانتها وتجسد وحدة اليمن وتماسك فئاته، ونحمد الله ان القبيلة في اليمن كاصل ثابت تمثل الرافد لكل عطاء خير شهده اليمن في كل مراحل التاريخ، فهي رافد للقوات المسلحة، ورافد للحكومة، ورافد لمجلس النواب، ورافد للتنمية ايضا.
– عكاظ: فخامة الرئيس.. ينوء كاهل اليمن. بمساعدات ضخمة وديون كبيرة، فكيف ستعملون على مواجهتها وانتم تتجهون الى مرحلة جديدة تتطلب الكثير من الانفاق؟
–الرئيس: نحن الان نعتبر من الدول الاقل دينا بعد ان دخلنا في نادي باريس لمعالجة اوضاع الديون، ولم يعد على ذمة اليمن سوى حوالى ملياري دولار، وكانت في السابق تبلغ حوالى تسعة مليارات، رغم تعدادنا السكاني الكبير اذ بلغ حوالي (18) مليون نسمة، فقد قلصنا تلك الديون وكانت في معظمها لروسيا (الاتحاد السوفيتي ) سابقا وهي ديون ورثتها الجمهورية من عهود التشطير ومن النظام القائم انذاك فيما كان يسمي بجمهورية اليمن الديمقراطية، حيث كانت هناك مديونية كبيرة مقابل قيمة اسلحة سوفيتية، ونحن قلصناها مع روسيا وعبر نادي باريس الى ذلك المستوى.
– عكاظ: المعروف ان لصندوق النقد الدولي شروطا صعبة وشديدة، كيف يمكن التوفيق بين هذه الشروط وبين الحاجة الى المزيد من المساعدات لتحسين الوضع الاقتصادي والأمني في بلادكم؟
–الرئيس: بالنسبة لصندوق النقد والبنك الدوليين نحن نتعامل معهما وفقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية ولا يعني ذلك اننا نأخذ بكل الشروط بدون نقاش أو بما يتعارض مع مصلحتنا الوطنية.
– عكاظ: ولكن هل الاقتصاد الوطني والوضع الداخلي الحاليان قادران على تحمل هذا الشروط وتلك الاعباء؟
–الرئيس: نحن نتعامل مع البنك الدولي ومع الصندوق وفقا لرؤيتنا واحتياجنا ونأخذ ما نستطيع ان نتحمله ويتحمله المواطن وليس كل ما يقوله الصندوق والبنك الدوليين أو يفرضانه من شروط نحن نلبيها، كل ماهو ممكن نتعامل معه وكل ماهو غير ممكن نرده.
– عكاظ: هل (من اجل التخفيف من هذه الديون ) قام فخامتكم بالعديد من الجولات والزيارات الرسمية لعدد من الدول خاصة تلك الدول التي تساعد اليمن ومن بينها زيارتكم للولايات المتحدة الامريكية من اجل بناء علاقات خارجية متميزة، هل هناك من ايضاحات حول الاتفاقية الامنية التي تم توقيعها مع الولايات المتحدد والنتائج المتوخاة منها؟
— الرئيس. ربما وردت الى مسامع الاخوان في جريدة (عكاظ ) معلومات خاطئة بان هناك اتفاقا امنيا بيننا وبين الولايات المتحدة الامريكية، هذا غير صحيح، هناك تعاون بيننا وبين الولايات المتحدة الامريكية على الصعيد الثقافي والاقتصادي والعسكري والامني وهو تعاون ينحصر في مجال اعطاء اليمن منحا للتدريب العسكري أو شراء بعض الاحتياجات للقوات المسلحة، ومع ذلك فنحن حتى الان لم نشتر شيئا من الولايات المتحدة الامريكية لان اسلحتها تبدو لنا غالية أو تحتاج الى مال كثير، ونحن نميل دائما في مشترواتنا العسكرية الى ما كان يسمى بدول المنظومة الاشتراكية ومنها ما كان يسمى الاتحاد السوفيتي بالاضافة الى الصين وناخذ احتياجات القوات المسلحة من هذه البلدان لاننا نستطيع ان نتعامل مع هذه الاسلحة والمعدات بسهولة والاسلحة الغربية يبدو ثمنها كبيرا ونحن حتى الان ناخذ اسلحتنا من روسيا، اما التعاون فهو تعاون في مجال المناورات التدريبية المصغرة والتعاون الامني يقتصر على تبادل المعلومات حول قضايا الارهاب في العا لم، وفِى هذا الاطار فحسب.
– عكاظ: فخامة الرئيس.. انتم تؤكدون باستمرار علئ اهمية التعاون الاقليمي وتتحدثون في اليمن كثيرا عن شكل من اشكال هذا التعاون سواء بين دول الجزيرة والخليج أو مع غيرها في اطار منظومة معينة، الا ترون ان مثل هذا التعاون العسكري مع الدول الاشتراكية قد يحد من التنسيق المستقبلي في ظل عدم وجود منظومة تسليحية مشتركة واحدة؟
–الرئيس: اعتقد ان التقنية متقاربة والعقيدة العسكرية لم يعد هناك فرق كبير بين العقيدة الشرقية والعقيدة الغربية، المهم كيفية التنفيذ، وهذا بالطبع لا يؤثر على التعاون الأمني الاقليمي فمع ان التسليح في دول الجوار معظمه غربي ونحن تسليحنا شرقي، الا ان هذا لا يؤثر أو يمكن ان يشكل عائقاً امام أي تنسيق أو تعاون أو مشاريع أو مناورات مشتركة بين اليمن ودول الجوار مثل المملكة العربية السعودية.
– عكاظ: وهل تتوقعون تكون هناك تمارين مشتركة بين اليمن والمملكة؟ وهل لمحتم ذلك خلال زيارتكم لجدة؟
— الرئيس: الوقت كان ضيقاً لكن لا يعني انه نهاية المطاف فالتواصل مستمر والزيارات متبادلة فالأشقاء في المملكة سوف يأتون ونحن سوف نذهب إليهم وسيتم بحث هذا الأمر فيما بيننا وربما ندخل في مشاريع مشتركة ومناورات مشتركة برية وبحرية وجوية، حيث اصبح من الضرورة ان يكون هناك تنسيق كامل بين دول الجوار فاليمن هي عمق بشري واستراتيجي لدول الجزيرة والخليج ودول الجزيرة والخليج عمق بشري واقتصادي لليمن.
– عكاظ: ولكن هل هناك شكل محدد لهذه المنظومة التسليحية التكاملية التي تتحدثون عن ضرورة قيامها في هذه المنطقة؟
–الرئيس: نحن ندعو باستمرار الى التنسيق والتكامل والى بحث الامن الاقليمي بين دول الجوار لأنها بحاجة الى امن اقليمي من داخلها أكثر من حاجتها للأمن من خارجها.
– عكاظ: فخامة الرئيس، ماذا تنوون أتخاذه من إجراءات لجذب الإستثمارات الخارجية لليمن بعدما وجدت بعض المخاوف لدى بعض المستثمرين نتيجة تكرر بعض العمليات الطفيفة التي صورت اعلاميا تصويرا مبالغا فيه وانت تحدثت في البداية عن سلطة الدولة وعن سيطرتها في هذا الجانب.. هل هناك إجراء ات إضافية لمنع تلك الحوادث التي وقعت في بعض المناطق؟
— الرئيس/. الحكومة اتخذت بعض الاجراءات لمنع تكرار مثل هذه الحوادث التي تحدث من وقت لاخر واعتقد أنه بالتوقيع على المعاهدة فانها ستحل اشكالات عديدة من المشاكل كما ان كل أعمال التخريب هذه ستنتهي.
– عكاظ.. وهذا ما يتمناه الجميع، المستثمرون يريدون ان يلمسوا شيئا محددا هل هناك إجراءات معينة ستتخذها الدولة لمنع مثل هذه الظواهر البسيطة والمحددة؟
— الرئيس.. نعم وستتخذ اجراء ات أمنية قوية ومحاسبة من يخلون بالأمن والطمأنينة في المجتمع بقوة وحزم وفي إطار الدستور والقانون.
– عكاظ.. هناك من يتحدثون بأن وراء تلك الأعمال مشكلة ثقة بين السلطة والقبيلة فما صحة ذلك؟
— الرئيس.. هذا غير صحيح ليس هناك أي مشكلة بين السلطة والقبيلة ولكن من يرتكبون تلك الأعمال افراد نشاز سواء من قرية أو قبيلة أو محافظة وكل منطقة لا تخلو من مثل هذه العناصر وهم مجموعة أفراد أو أشخاص قليلون، أبشرك بأن بعضهم جاء وسلم نفسه للسلطة مؤخرا.
– عكاظ.. ولكنكم تلمحون في اليمن، بأن وراء بعض هذد الأعمال قوى خارجية.. وأن البعض قد اعتقد ان المقصود بذلك هو المملكة، فهل من إيضاح لهذه المسآلة؟
— الرئيس.. نحن نوجه الإتهام إلى المملكة على الإطلاق بالنسبة لهذه الحوادث أو غيرها وإنما كنا باستمرار نؤكد أن وراءها بعض العناصر المقيمة في الخارج ممن يعملون على الاساءة إلينا.
– عكاظ.. وهل تتوقعون أن تتوقف تلك الأعمال في المستقبل؟
— الرئيس.. نحن نعمل على هذا بالتعاون والتنسيق مع كل الأشقاء والأصدقاء مستفيدين من تنامي التعاون بيننا ومن الحرص المتبادل على أمن واستقرار بعضنا البعض إن شاء اللّه وفي الاتفاقات المعقودة بيننا ما يمنع منعا باتا السماح لأي قوة أو عنصر معارض أو أطراف مخربة أن تلحق ضررا بأمن واستقرار بلداننا.
– عكاظ.. فخامة الرئيس، هل نستطيع أن نتحدث عن موضوع قائمة ال (16).. فقد لاحظنا أنكم تتجهون نحو إجراء ات تتسم بالتسامح، هل يتوقع صدور عفو عام عن من لم تشملهم قائمة الاعفاء حتى الآن؟
— الرئيس.. العفو العام أعلناه منذ فترة، وحتى عندما كانت الحرب التي اشعلها الانفصاليون عام 1994م مستمرة وهو ينطبق على الجميع.
– عكاظ ه. حتى الأربعة الباقون؟
— الرئيس.. على الجميع ما عدا الأربعة المحكوم عليهم من القضاء.
– عكاظ.. وهل هناك توجه جديد نحو استيعاب واحتواء العناصر الاشتراكية في مواقع السلطة المختلفة؟
— الرئيس.. نحن رحبنا ودعونا الجميع للعودة للوطن وممارسة حقوقهم في إطار الدستور والقانون ولكنهم وللأسف يتلقون رواتب مغرية من الخارج وبالتالي فانهم لن يعودوا الى الوطن حتى لايخسروا تلك الإمتيا زا ت.
– عكاظ: هناكحديث يدور حول تقزيم وتحجيم دور الحزب الاشتراكي بعد الوحدة ما هو تعليقكم وكيف يمكن ان يطالبوا بدور فاعل وشريف بعد الوحدة في ظل هذا التهميش؟
–الرئيس: لا تهميش للاشتراكي ولكن الشعب اليمني هو مالك السلطة ومصدرها الشعب اليمني شعب واحد ليس هناك ما يسمي شمالي أو جنوبي بل شعب واحد وهو صاحب السلطة ومصدرها للاسف البعض في قيادة الحزب الاشتراكي يفرض نفسه وصيا على المحافظات الجنوبية وعلى الوحدة ويرون بان الوحدة ناقصة ما لم يكونوا هم مشاركين في السلطة وهم بذلك يريدون ان يتجاوزوا الديمقراطية والانتخابات وما يقرره الشعب بارادته الحرة عبر صناديق الأقتراع.. وهناك برلمان منتخب وحكومة اغلبية وهناك معارضة من حقها ان تنافس ببرامجها لكي تنال ثقة الناخبين هذه هي الديمقراطية التعددية التي امنا بها والتي يجب أن يؤمن بها الحزب الاشتراكي ايضا.
– عكاظ. فخامة الرئيس هناك رآيان يتحدث الاول عن الوضع في الجنوب وعن قيام الدولة بتنفيذ العديد من المشروعات في المحافظات الجنوبية فيما يتحدث الاخر عن هيمنة الشمال على الجنوب ومحدودية مساهمة ابناء المحافظات الجنوبية في ادارة الشأن الداخلي لمحافظاتهم فبماذا تردون على ذلك؟
–الرئيس: انت كصحافي وموجود لدينا الان وبامكانك ان تزور تلك المحافظات وترى بام عينك واقع الحال هناك لقد جاءني عدد من الصحافيين في العيد الوطني العاشر وسألوني نفس السؤال فقلت لهم نفس الاجابة وبالفعل ذهب معي عدد منهم الى المحافظات الجنوبية ورأوا باعينهم حقيقة ما تحقق لتلك المحافظات من مشاريع وخدمات وتنمية ونهضة شاملة وابناء هذه المحافظات موجودون في الحكومة وكافة مؤسسات الدولة وهم الذين يديرون شؤون محافظاقم ومناطقهم بانفسهم ربما الكثير منهم ليسوا من الحزب الاشتراكي لكنهم من ابناء المحافظات الجنوبية ولذلك فان بعض الاشتراكيين يثيرون الزوابع ويقولون في الخارج انه لابد ان تكون الادارة في ايديهم أي في ايدي (الاشتراكيين ) وان يكونوا هم مشاركين في السلطة والا فان الوحدة ناقصة ومشاركة ابناء المحافظات الجنوبية غير موجودة وكأنهم هم الاوصياء على تلك المحافظات ولا ادري من الذي اعطاهم ذلك الحق، ان الذي يمثل الشعب هو البرلمان.
– عكاظ. ولكن هناك من يتحدث عن انهم فقدوا كل شىء ولم يحصلوا على اي شىء؟
–الرئيس: ربما يكون الأشتراكي خسر اشياء كثيرة بتوجهات بعض قياداته ودورها في الازمة والحرب والانفصال والأهم من ذلك انه خسر ثقة الشعب لكن ابناء المحافظات الجنوبية يملكون كل شيء وهم مشاركون في السلطة التنفيذية والتشريعية وفي الادارة المحلية وفي كل مؤسسات الدولة والمجتمع مثلهم مثل بقية ابناء الوطن لانه لا تمييز بين مواطن واخر والمعيار هو الكفاءة والاهلية والقدرة على اداء الواجب وتحمل المسئولية.
– عكاظ: فخامة الرئيس معاهدة الطاتف تحدثت في المادة ال+خامسة عن منبر حدوث بعض الاحداثيات أو تحرك القوات العسكرية في الخمسة كيلومترات في اراضي الجانبين ومع ذلك فقد كان يحدث شيئ من هذا القبيل بين وقت واخر فما هي الضمانات المستقبلية التي اتفق عليها البلدان في معاهدة جدةَ لمنع اي شكل من اشكال الخروقات.
–الرئيس: اولا رغم حالات المد والجزر وعدم وضوح الرؤية في تحديد الحدود البرية والبحرية في معاهدة الطائف مع ذلك كانت قوات الجانبين مبتعدة عن بعضها البعض اكثر من عشرين كيلو أو خمسة وعشرين كيلومترا ولم يحصل اي احتكَاك واذا حصل اي احتكاك فهي بين دوريات وعلى مسار الحدود المرسمة التي شملتها معاهدة الطائف اما الأن فسوف تبتعد القوات اكثر من عشرين كيلومترا لتجنب الاحتكاك وربما ستبتعد اكثر لأننا قي كلا البلدين في سلام دائم وهناك مزيد من الثقة وسنعتمد كلنا على حرس الحدود ورجال الشرطة في المنافذ ونحن من جانبنا مطمئنون كل الاطمئنان وكما قلت رغم المد والجزر في الماضي لم يحصل اي احتكاك واكثر ما يقال كان مجرد ضجة وشوشرة اعلامية فقد كان العقل هو المسيطر والحكمة هي المسيطرة على كافة الانفعالات والبلاغات التي كانت تأتي من هنا أو من هناك.
– عكاظ: فخامة الرئيس البعض يخطىء في فهم ابعاد المعاهدة وينظر لها بمقاييس الكسب والخسارة.. ماذا تقولون في هذا الصدد؟
–الرئيس: البلدان حصلا على الامن والاستقرار وتأمين مستقبل الاجيال وليس هناك من خاسر أو كاسب بل الجميع كاسب ونحن لانحب ان نعطي الشعب اليمني املا انه بمجرد توقيع المعاهدة فانه سيذهب ويأخذ كل شىء من السعودية، نحن نقول ان معاهدة جدة معاهدة امن وسلام واستقرار وثقة والمصالح ستولد نفسها بنفسها وستكون هناك استثمارات وتشابك مصالح وشراكة مثمرة ونحن نرحب برأس المال السعودي في اليمن للاستثمار في وطنه كما هو الحال في السعودية وسينال كل الرعاية والحماية والتسهيلات.
– عكاظ: ماذا ينتظر اليمنيون من فخامة الرئيس علي عبداللّه صالح فِى المرحلة القادمة؟
–الرئيس: انا اجبت على هذا في سؤال في بداية المقابلة.
– عكاظ: فخامة الرئيس انت اجبت اجابة سريعة وانا اريد اجابة موسعة في هذا المجال؟
–الرئيس: الشعب ينتظر الكثير خاصة فيما يتعلق بتلبية احتياجاته في مجال المشاريع الخدمية والانمائية فهو ينتظر الصحة الجيدة والماء النقي والجامعة المتطورة والكتاب والكهرباء والطاقة ويتمنى الشعب اليمني قبل ذلك ان يكون هناك امن واستقرار واطمئنان وان يكون مأكله ومشربه مؤمنا.
– عكاظ: وكيف سيتحقق له ذلك فخامة الرئيس؟
— الرئيس. هذا يتحقق بتضافر كل الجهود واستغلال الامكانيات الاستغلال الامثل بتشابك المنافع والعلاقات الجيدة مع دول الجوار وكل الاشقاء والاصدقاء وتوجيه الطاقات نحو مجالات الانتاج سواء في الزراعة أو الصناعة ومواصلة الجهود في مجال استخراج النفط والغاز والمعادن واستغلال الثروة السمكية والسياحة وهذه هي المقومات التي يمكن من خلالها ترجمة تلك التطلعات، هذه عملية متكاملة وليست مسألة قرار سياسي يتمثل في ان الرئيس يصدر مرسوما ويجعل الشعب اليمني يعيش في رغد ورفاه.
– عكاظ: هل هناك مشروعات مشتركة تعتزمون تقديمها للمستثمرين في المملكة لتكون نواة للتعاون الفعا ل؟
–الرئيس: حتى الان لايوجد شىء من ذلك ولكن نعتقد انه كما تحدتت في مؤتمري الصحفي في جدة ان هناك عقدا جديدا قد بدأ واننا سنتبادل المنافع بشكل افضل وتتشابك المصالح فيما بين الشعبين وتكون هناك مشروعات مشتركة سواء في مجال الطاقة أو الطرقات أو التعليم أو الصناعة واشياء كثيرة يتم فيها تبادل المصالح واليمن الان سوق رئيسية للسعودية وميزان المدفوعات لصالح المملكة بحوالي 37 مليار ريال ونتطلع الى المزيد من التعاون.
– عكاظ: في مجال الاستثمار البترولي هل هناك ثروات تم اكتشافها وبالتالي تم تقاسمها أو الدخول في مشروعات مشتركة حولها؟
— الرئيس.. نحن بحثنا الأمر مع الاشقاء في المملكة وكما جاء في المعاهدة أيضاً فأنه اذا صارت هناك اكتشافات نفطية على خط الحدود يمكن ان تكون هناك مشاريع مشتركة أو استثمارات مشتركة في مجال النفط والغاز.
– عكاظ: فخامة الرئيس الذين يقرأون معاهدة الطائف في الماضي كانوا يقولون أن البلدين كانا مقبلين على وحدة كونفدرالية في الجانب السياسي الى جانب تبادل المنافع الاقتصادية بتوسع هل هذا المعطى موجود في معاهدة جدة؟
–الرئيس: ليس هناك شيء اسمه مستحيل وعندما تقرأ معاهدة الطائف ومعاهدة جدة تحصل على مثل هذا الانطباع وان هذا كله ممكن.. المهم هو توفر الارادهَ واعتقد اننا قد بدآنا في بداية جديدة وبداية جيدة وكل شيء ممكن وبالنسبة لليمن والمملكة هما اقرب لبعضهما البعض في المعتقد وفي جغرافيتهما وفي النسيج الاجتماعي الواحد وفي سلوك الناس وحياتهم هم اقرب الى بعضهم البعض فالشعبان اليمني والسعودي بينهما من التجانس والتقارب وصلات الدم والرحم والقربى ما يجعلهما قريبين الى بعضهما البعض وكأنهما شعب واحد وهما كذلك.
– عكاظ: هل تم في جدة بحث طلب اليمن القديم بالانضمام الى مجلس التعاون وهل هذا الطلب قائم بالنسبة لكم؟
–الرئيس: لم يبحث ذلك.
– عكاظ: قلتلم انه لم يبحث الن يبحث في المستقبل كما تعتقدون؟
–الرئيس: نحن في اليمن قد تحدثنا في هذا الموضوع كثيرا ونحن اصلا موجودون في المنطقة ولا احد يستطيع ان يتجاهلنا وعندما تتوفر الارادة لدى الاخوة في الخليج ويريدون اليمن ان يكون عضوا معهم في هذا التجمع لا بأس واذا كانوا يريدون ان يكون خارج التجمع فلا بأس ايضا فاليمن موجود وهو جزء لايتجزأ من النسيج الاجتماعي الجغرافي لدول الجزيرة والخليج ولديه علاقات ثنائية جيدة مع كافة الاشقاء في دول المجلس والانضمام للمجلس أو عدمه لايمثل بالنسبة لنا مشكلة أو عقدة.
– عكاظ: فخامة الرئيس ماذا عن علاقتكم بالعراق؟
–الرئيس: نحن لانخفي علاقتنا بالعراق، علاقتنا مع العراق علاقة أخوية جيدة ولكن ليس على حساب علاقتنا مع أي من دول الجوار.
– عكاظ: هل تعتقدون بان هناك من حل لاصلاح الوضع في العراق وبالتالي عودته الى الصف العربي وانهاء الحصار؟
–الرئيس: الامر في اعتقادي ليس بيد المنطقة وانما بيد القوى الكبرى، المواطن السعودي والعربي بشكل عام يتمنى ان يتم الافراج عن العراق ولكن الامر ليس بايدينا.
– عكاظ: ومتى سيكون الامر بايدينا؟
–الرئيس: ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. حل مشكلة العراق بعد الانتخابات الامريكية.
– عكاظ: هل يعني هذا ان لا تغيير للحال ازاء العراق؟
–الرئيس: العلاقات بين بعض الدول والعراق تصدعت نتيجة ما حصل من مشاكل وانا اعتقد ان الامور في طريقها للحل وبعد الانتخابات الامريكية ستجد الحل.
– عكاظ. كيف يمكن التغلب على الواقع العربي الراهن وكيف يمكن تفعيل ميثاق الجامعة العربية أو اعادة صياغته من جديد بما يحقق مزيدا من الالتحام لهذه الامة؟
–الرئيس: هذه امنية تراود كل مواطن عربي وهذه مسؤولية قادة الامة.. فالوضع العربي الراهن امر مؤسف ويبعث على الاسى وغير سار وينبغي تجاوزه والتطلع الى مستقبل افضل ولا سبيل الى ذلك الا باستعادة التضامن العربي ونبذ الخلافات والبحث عن تلك القواسم المششركة ونقاط التقارب التي يلتقي عندها الجميع من اجل المضي للامام.. ولا وجود للامة الا بتضامن ابنائها وهذا ما دعونا اليه دوما في الجمهورية اليمنية ودعا اليه العديد من الاشقاء من اجل ان يلتئم الشمل العربي وان يجلس قادة الامة مع بعضهم البعض في لقاء قمة لبحتَ قضايا الحاضر والمستقبل ال التي تهم الامة والانطلاق بمسيرة العلاقات العربية – العربية نحو افاق جديدة على اساس الاخاء والصراحة والوضوح والتعاون والتكامل وتبادل المصالح والمنافع التي تحقق مصالح الجميع.