حديث الرئيس خلال لقائه بالصحفيين المشاركين بورشة العمل حول (اليمن والبنك الدولي ثلاثة عقود من الشراكة )
التقى الاخ على عبد الله صالح رئيس الجمهورية مساء اليوم بعدن بالاخوة والاخوات الصحفيين المشاركين فى ورشة العمل التى نظمها البنك الدولى تحت عنوان ( اليمن والبنك الدولى ثلاثه عقود من الشراكة ).. حيث تحدث اليهم عن العديد من القضايا والتطورات على الساحة الوطنية والعربية والدولية، والقضايا المتصلة بمسيرة البناء والتنمية، واجاب على العديد من الاسئلة التى طرحها الاخوة الصحفيون خلال اللقاء .
واشار الاخ الرئيس خلال اللقاء الى الزيارة التى سيقوم بها فخامة الرئيس اسياسى افورقى رئيس دولة ارتيريا الى بلادنا يوم غد الاربعاء.. موضحا بانها تأتى تلبية لدعوة موجهة اليه، وذلك لبحث جوانب العلاقات الثنائية، ومجالات التعاون المشترك بين البلدين .
وقال (( بان العلاقات اليمنية الارتيرية علاقات تاريخية، ولابد ان تكون هذه العلاقات جيدة، وان يكون التعاون بين البلدين ممتازا )).. مؤكدا بان العلاقات وبعد تجاوز ما حدث فى الماضى سيتم استئنافها بشكل افضل سواء فى الجوانب السياسية او الثقافية او الاقتصادية، وفى مختلف الاتجاهات .
واشار بان من الموضوعات التى يتم بحثها هو ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.. بالاضافة الى التطورات فى القرن الافريقى، والنزاع الاثيوبى الارتيرى، والخلافات الارتيرية السودانية.. موضحا بان بلادنا وبحكم ما لديها من علاقات طيبة بكل الاطراف سوف تبذل ما تستيطع من جهود من اجل تقريب وجهات النظر بين الجميع، ولما فيه خدمة الامن والاستقرار والسلام فى منطقة القرن الافريقى .
وقال (( ما نستطيع ان نقوم به سنقوم به )) .
واضاف (( بان التزام الجانب الارتيرى بتسليم جزيرة حنيش الكبرى قبل انتهاء الموعد الذى حدده حكم هيئة التحكيم امر جيد ومبادرة طيبة جيدة )).
وحول العلاقات مع المملكة العربية السعودية، والى اين وصلت مفاوضات الحدود معها. قال الاخ الرئيس (( ان التواصل مستمر بين البلدين واللجان المشكلة لترسيم الحدود البحريه او تجديد العلامات الحدودية طبقا لمعاهدة الطائف عام 1934م، او لجنة ترسيم ما تبقى من الحدود من جبل الثأر، وحتى الحدود مع سلطنة عمان تواصل عملها طبقا لما حددته مذكرة التفاهم والبحث مستمر، ونحن نتطلع ان تحل مشكلة الحدود اليمنية السعودية بشكل ودي وهذا ما نطمح اليه )) .
وقال الاخ الرئيس (( بان ملف الحدود مع السعودية غنى بالمعلومات والوثائق، وهو ملف قديم ومكتمل، ونحن نعمل عليه منذ زمن، وفى مختلف الجوانب القانونية والتاريخية )) .
وحول سؤال عن الاستثمار وما هى الاجراءات التى سيتم اتخاذها لمزيد من التشجيع للمستثمرين، وعلى وجه خاص المغتربين اليمنيين.. قال الاخ الرئيس (( بان هناك مشروعا يتم دراستة حاليا لدمج الهيئة العامة للاستثمار مع هيئة المناطق الحرة، وذلك من اجل تقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين، وتبسيط الاجراءات امامهم، وبما يقضى على الروتين القديم الذى ورثناه من ايام الاتراك، وهذه مشكلة لا نعانى منها نحن بل هى مشكلة تعانى منها العديد من الدول، ولكن نحن عازمون على المزيد من تبسيط الاجراءات وتقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين سواء كانوا وطنيين مغتربين ام فى الداخل وسواء كانوا عربا ام اجانب )) .
وفيما يتعلق بالاجراءات التى ينبغي اتخاذها لتسهيل حصول المغتربين اليمنيين على الجواز والبطاقة الشخصية فى مهاجرهم. اوضح الاخ الرئيس بانه قد وجه الجهات المعنية بتخفيض قيمة الجواز للمغتربين، كما تم توجيه مصلحة الاحوال المدنية بتوفير البطاقة الشخصية لكل المواطنين واينما كانوا سواء داخل الوطن او المهجر .
وقال (( نحن نهتم بابنائنا واخواننا المغتربين وحريصون على تقديم كل التسهيلات لهم ورعايتهم فى مهاجرهم او اثناء عودتهم للوطن )) .
وحول سؤال عن اهمية تدفق المعلومات الى الصحافة وحصولها عليها. قال الاخ الرئيس (( المسألة منظومة متكاملة، وينبغى على الصحفيين ان يتحروا الحصول على المعلومات الصحيحة، وينبغى على الحكومة ان تقدم المعلومات الى الصحافة حتى يكونوا على اطلاع وبينة من الامر ازاء مختلف القضايا والتطورات فى الوطن، وسيكون من المفيد ان يقوم وزير الخارجية او رئيس الوزراء بعقد لقاء نصف شهرى او كل عشرين يوما مع الصحافة لتوضيح الامور، ونحن فى اليمن امام مجهر ولهذا ينبغى لصحافتنا ان تتحرى نشر الحقائق حتى تكتسب المصداقية، وعلى الصحفى ان يجد فى البحث عن المعلومات من مصادرها سواء فى الخارجية او الدفاع او الامن فليس لدينا ما نخفيه، فنحن بلد ديمقراطي تعددي مفتوح والحصول على المعلومات والبحث عنها افضل من نشر حقائق غير صحيحة، وممارسة النقد البناء من اجل الاصلاح امر جيد ومطلوب، فالوطن ليس ملك لشخص او لهذه الحكومة بل ملك لكل مواطن سواء كان حزبيا او مستقلا وسواء فى السلطة او المعارضة، لان البعض يفهم المعارضة او النقد هو ان يحمل معول الهدم او الانتصار لمصالحة الذاتية، ولكن مطلوب من الصحافة ان تتحري وتتأكد وان تشارك وتساهم فى ايضاح الحقائق وتنوير الرأى العام، ومثال ذلك موضوع التهريب الذى يضر بالاقتصاد الوطنى، ونحن نقول لماذا لا يتم تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية حتى نشجع التجار على جلب بضائعهم عبر المنافذ الجمركية بدلا من لجوئهم الى التهريب والتحايل على رسوم الدولة، وهذا توجه قائم الان لدى الحكومة ينغبى للصحافة ان تساهم فيه وتدفع نحوه حتى نقضى على مكامن الفساد، وكلما ازلنا التعقيدات الادارية كلما حدينا من الفساد، ونحن مثلا عندما حررنا التجارة ومنعنا رخص الاستيراد التى كان يشترط وجودها للقيام بالاستيراد حدينا من تلاعب وفساد كان يحصل، وحاليا هناك الدعم الذى يقدم لمادتى القمح والدقيق، والذى يصل الى حوالى (350) مليون دولار، ويذهب لجيوب البعض ولا يستفيد منه المواطن، ونحن وجهنا الحكومة بدراسة موضوع رفع الدعم وتوجيهه لانجاز مشاريع تخدم التنمية سواء فى مجال توفير مياه الشرب النقية او شق الطرقات او تشييد حواجز المياه والسدود، وهذا افضل من ان يذهب الدعم لجيوب بعض الفاسدين. ان القضاء على الفساد يحتاج الى جهد الجميع، وهو امر لا يعنى الحكومة لوحدها بل يعنى الصحافة، والاحزاب، والمنظمات السياسية، وكل المواطنين )) .
وعن علاقة اليمن مع البنك الدولى، وما هى السياسة التى يتم انتهاجها مع البنك.. قال (( ان الحكومة تأخذ من البنك ما يحقق مصلحة الوطن وفى اطار ما يتناسب مع سياستنا ومصالحنا الوطنية، اما ما يتنافي فان احد لا يستطيع فرض علينا ما لا نقبله )).. مشيرا بان التعامل مع البنك الدولى وسيلة وليس غاية، ونحن نأخذ من سياسة البنك ومشاريعة ما يتفق واحتياجاتنا، وما يعود بالنفع على بلادنا. وينبغي ان نزيل من اذهان البعض بان البنك الدولى تقف وراءه الصهيونية او غيره من الكلام الذى لا معنى له.. فالبنك مؤسسة دولية له اسهاماته فى مجالات التنمية فى البلدان التى يتعاون معها، ونحن نأخذ منه ما ينسجم وسياستنا وواقعنا .
وحول سؤال عن مدى وجود اتجاه لاجراء اصلاحات دستورية كشف الاخ الرئيس عن وجود مناقشات حول اجراء بعض الاصلاحات فى الدستور، وعلى وجه خاص مايتصل بالسلطة المحلية واجراء الانتخابات الرئاسية، وان هذا موضع دراسة من قبل القانونيين داخل الحكومة، وذلك بما يطمأن القوى السياسية فى الساحة الوطنية اكثر مما يطمأن الحزب الحاكم، والذى يجد فى الدستور الحالى مايكفيه ويطمأنه .
وقال (( نحن نبحث عن المستقبل وان نتخذ اجراءات تضمن اجراء انتخابات رئاسية فى ظل تكافؤ فرص بين الجميع، فنحن اخذنا بالتعددية الحزبية والسياسية، وفى تصوري انه قبل اجراء الانتخابات الرئاسية فان على كل حزب ان يعقد مؤتمره العام ويقدم مرشحيه للرئاسة، وحتى نؤسس ديمقراطية حقيقية وراسخة داخل كل حزب، وحتى يخوض مرشح الرئاسة من قبل كل حزب منافسة حقيقية وديمقراطية داخل حزبه اولا، وحتى يكون لمعركة الانتخابات الرئاسية طعمها واهميتها، فنحن لانريد ولانقبل ان تكون انتخابات الرئاسة هى انتخابات الـ (9ر99%)، بل نريدها معركة التنافس الشريف والتكافؤ النزيه والممارسة الديمقراطية الحقيقية. فبمبادرة مني حددت فترة الرئاسة بدورتين انتخابيتين كل منها خمس سنوات، ولم يفرض ذلك بمظاهرة او بضغط من احد بل اردنا ان نرسى تقاليد ديمقراطية راسخة لا يكون فيها الحاكم سلطان مطلق )) .
واضاف (( واذا ماتمت هذه الاصلاحات فانه ليس بامكان اى حزب لديه اغلبية فى البرلمان ان يفرض مرشحه دون غيره بل ان من حق كل حزب ان يقدم مرشحه، وكذلك من حق المستقلين ان يتقدموا كمرشحين وفقا للشروط التى يحددها الدستور والقانون.. بالاضافة الى ان هناك بعض المواد فى الدستور فيها بعض التفاصيل الكثير التى مكانها القانون، وليس الدستور لان الدستور يحدد خطوطا عامة عريضة، ولكن نتيجة المماحكات السياسية التى سادت فى الماضى جاءت مثل تلك التفاصيل التى من شأن القانون وليس الدستور ان يوضحها )) .
وقال (( ان هذه الاصلاحات الدستورية ستبحث عند الشروع فيها مع الاجهزة المختصة، ومع جميع القوى السياسية وتداول الرأى حولها، وفى حالة الحصول على الاجماع حولها فانه سيتم اجراءها ولما فيه مصلحة الوطن وترسيخ مستقبل افضل له )) .
وحول سؤال عن حقيقة الاجراءات التى اتخذتها الحكومة حول ايقاف التعيين والترقيات والتوظيف وكذا الابتعاث للدراسات العليا فى الخارج ومدى قانونيتها.. قال الاخ الرئيس (( انها اجراءات مؤقتة فرضتها الظروف الاقتصادية، وماسببته انخفاض اسعار النفط عالميا من انعكاسات سلبية على الموازنة العامة للدولة.. حيث ادى ذلك الى تراجع الايرادات بنسبة (45%) تقريبا. فكان لابد من اتخاذ اجراءات فى اطار الاصلاح المالى والادارى وهى اجراءات مؤقتة لن تستمر وليس سياسة ثابتة وربما فى الموازنة العامة القادمة، كما ان الاجراء المتصل بالترقيات فهو محدد بالترقيات الاستثنائية وغير القانونية يتم معالجة هذا الامر، اما فيما يتعلق بالابتعاث للخارج فى مجال الدراسات العليا فمن المؤسف ان بعض الطلاب المبتعثين للدراسات الجامعية فى الخارج لا يلتزمون بمدة ابتعاثهم بل يقضون عدة سنوات فى الخارج، ويحملون الخزينة العامة للدولة اعباءا كبيرة.. حيث يستمر بعضهم الى 8 سنوات وبعضهم عشر سنوات، وبالتالى كان لابد من اتخاذ اجراءات لمواجهة مثل هذه الحالات )) .
وحول سؤال عن دعوة بعض احزاب المعارضة لايجاد اصلاحات سياسية تتواكب مع الاصلاحات الاقتصادية. قال الاخ الرئيس (( ان المفروض ان احزاب المعارضة تتصيد اخطاء الحكومة وتستفيد منها حتى تقدم نفسها كبديل)) .
وقال (( انه من المؤسف ان البعض يعيش حالة من التشاؤم، ولكن اثبتت الاحداث ان هذا التشاوم لا مكان له، ولا مبرر بل هو ينتهى الى نتيجة معاكسة )) .
وحــول ســؤال عن الارتفـاع المفاجىء فى سعــر الدولار الذى حـدث فى الاوانه الاخيرة.. قال الاخ الرئيس
(( ان الاجراءات التى اتخذت خلال الـ(3) سنوات الماضية قد عملت على تثبيت سعر الدولار، ولقد فوجئنا بعد صدور حكم هيئة التحكيم الدولية ان سعر الدولار قد قفز الى معدلات غير طبيعية فى الوقت الذى كنا نتوقع انخفاضه، ولكن ربما يكون هناك مال كبير قد ضخ الى السوق اليمنية لايجاد ازمة والتنغيص على الشعب اليمنى، وهو يعيش فرحته وابتهاجاته بعودة جزيرة حنيش الكبرى، وكان هناك ارتياح كبير من الجميع فى السلطة او المعارضة، وفجأة جاء هذا الارتفاع المفاجىء فى سعر الدولار لخلق الاضطراب فى السوق وتعكير الفرحة، وقد تدخلت الحكومة لتحقيق الاستقرار فى سعر العملة الوطنية مما ادى الى تراجع سعر الدولار من (150) ريال للدولار الى حوالى (140) ريال، وهناك المزيد من السياسات والاجراءات يتم اتخاذها حتى ينخفض السعر اكثر ويتحقق له الاستقرار )) .
وحول سؤال عن مشكلة القات وعما اذا كانت هناك اجراءات سوف تتخذها الحكومة للحد منها فى مجتمعنا.. قال الاخ الرئيس (( ان القات آفة اجتماعية، وتسبب الكثير من المشاكل سواء على الصعيد الاقتصادى او الاجتماعى، ونحن نوجه الحكومة دوما بالبحث عن البدائل الواقعية لان مواجهة هذه المشكلة لا يتم من خلال التشريعات والقوانين بل بخلق الوعي بالاثار السلبية لهذه المشكلة، وايجاد البدائل سواء عبر تشجيع المزارعين على الزراعة للمنتجات الزراعية الاخرى، او عبر ايجاد المراكز والاندية الثقافية والرياضية، والمرافق السياحية التى تستوعب الشباب وتحول بينهم وبين تناول القات، كما ان للصحافة ووسائل الاعلام دورها فى توعية المواطنين وتبصيرهم بما يجره عليهم تناولهم القات من اعباء اقتصادية.. حيث ان شراء القات يستنزف دخولهم التى هم بحاجة اليها لشراء الملبس والغذاء وتوفير احتياجات اسرهم، وعليكم كرجال صحافة دور كبير فى هذا المجال )) .
وحول التجارة والسياسة الاقتصادية للدولة.. قال الاخ الرئيس (( اننا اخذنا بسياسة السوق الحر وتحرير التجارة وضد ان تسيطر الدولة على كل شىء، فالتجارة يجب ان تتحرر ولا قيود عليها ابدا، ونحن مع خصخصة الكثير من الامور حتى بما فى ذلك الموانىء والمطارات، وحتى نرفع مستوى كفاءة الاداء فى هذه المرافق، فالسيطرة الشمولية هى من اجراءات الماضى ولايمكن ان نعود عليها ابدا ولايمكن للدولة ان تكون هى التاجر والبائع هذا اسلوب غير صحيح، وربما تكون الاجراءات الاصلاحية التى تم اتخاذها حملت المواطنين اعباءا ولكنها ضرورة، ومن اجل ان يرتاح المواطنون فى نهاية الامر ويضمنوا مستقبلا افضل لانه بدون ذلك كان الوضع سيكون قاتما فى المجال الاقتصادى والمستوى المعيشي، وعلى الذين يخطبون ليدغدغوا مشاعر العامة ويتكلمون باسم الفقراء والكادحين ان يدركوا بانهم مفضوحون والجمهور يعرف كيف يعيشون هم، ونحن نعمل كل هذه الاجراءات لنأكل جميعا من صحن واحد )) .
وفى ختام حديثه مع الصحفيين.. قال الاخ الرئيس (( لقد سعدت بهذه المناقشات المفيدة، ونحن نأمل مرة اخرى من الاخوة رجال الكلمة ان يكونوا حريصين على المصداقية وتحرى الحقائق، وان يضطلعوا بدورهم فى تنوير الرأى العام وتوعيته وتحصينه ازاء اى محاولات تستهدف تضليله، او تزييف وعيه )) .
وحضر اللقاء الاخ عبدالقادر باجمال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية 0