في مقابلة أجرتها معه قناة ( تي في سانك ) الفرنسية رئيس الجمهورية: اليمن قدم نموذجا يحتذي به في انتهاج الحوار كوسيلة لمجابهة التطرف والعلاقات اليمنية – الفرنسية ممتازة
المذيع: سؤال في نفس الاتجاه، بعد الوحدة مئات المشاكل لم تنتهِ إلا بعد عام 1994م، هل يمكن أن نقول: إن اليمن أصبحت الآن بلداً مستقراً ومستتباً؟
الرئيس: تستطيع أن تجزم بذلك، لقد هدأت النفوس وانتهت الفورات السياسية التي كانت موجودة في كلا الشطرين أو بين الشطرين، فمع استمرارية الاستقرار والاستثمار والأمان هدأت النفس بشكل جيد وانتهى الخوف فصار المجتمع نسيج واحد وأسرة واحدة أمة واحدة، لم تعد توجد هناك الكراهية والانفعالات والاتهامات التي كانت موجودة قبل فتنة حرب 94م حتى العناصر التي شاركت في تلك الفتنة في صيف 94م من أجل الانفصال عادت آمنة مطمئنة للبلد وتشارك الآن في كل الفعاليات السياسية مطمئنة آمنة لا يوجد لديها أي توتر أو مخاوف.
المذيع: في هذا السياق الدولي هناك قلق حول قضايا الإرهاب ما هي الإجراءات الفعلية التي اتخذتها الجمهورية اليمنية إزاء هذه القضية؟
الرئيس: بدأت حوادث الإرهاب في اليمن بحادثة المدمرة ( U.S.S ) كول الأمريكية في عدن ثاني يوم من وصولي أنا من باريس إلى مدينة عدن في عام 2000م وجدت إزعاجاً كبيراً جداً ولأول مرة يحصل مثل هذا الحدث الإرهابي
وكان الأصدقاء الأمريكان منزعجين وكل الأجهزة منزعجة واجتمعت مع أجهزة الأمن الأمريكية ال ( F.B.I ) وال( C.I.A ) والسفارة وأكدت لهم أننا باستطاعتنا أن نكتشف الإرهابيين رغم إمكانياتنا المتواضعة البسيطة وحداثة أجهزتنا التي لم تكن بمستوى الأجهزة الأمريكية والإمكانيات الأمريكية، ومع ذلك أكدت للأمريكان أننا خلال 72 ساعة نستطيع أن نكتشف الإرهابيين وبالفعل في أقل من 72 أو 48 ساعة تقريباً أو أقل منها اكتشفنا العناصر التي قامت بتفجير المدمرة يو. أس. أس كول وألقى القبض عليهم وأحلناهم الآن إلى المحاكمة كذلك الإرهابيين الذين قاموا بتفجير السفينة النفطية الفرنسية ليمبورغ في حضرموت خلال ثلاثة أيام تم إلقاء القبض على العناصر التي قامت بتفجير هذه الناقلة ومن ورائهم.
المذيع: في قصر الرئاسة في عدن نلتقي رئيس الجمهورية اليمنية الرئيس علي عبدالله صالح، سيدي الرئيس خمسة عشر عاماً بعد قيام الوحدة أسألكم هل اكتملت الوحدة، أسأل هذا السؤال لأنه في ألمانيا نعرف أن هناك بعض المشاكل التي ما تزال عالقة بين ألمانيا شرقاً وغرباً؟
الرئيس: بعد مضي خمسة عشر عاماً من استعادة الوحدة اليمنية في ال22 مايو في هذا القصر الذي نمكث فيه الآن تم إنزال العلم الشطري لما كان يسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ورفع علم الجمهورية اليمنية في احتفال مهيب حضره كل رجالات الدولة اليمنية المعنيين بالأمر والذين كانوا يتولون زمام الأمور في الشطر الشمالي والشطر الجنوبي فكان احتفالاً مهيباً ورائعاً وغير عادي، قامت الجمهورية اليمنية على التعددية السياسية وحرية واحترام حقوق الإنسان ومشاركة المرأة في مختلف المستويات البرلمانية والأجهزة التنفيذية للحكومة ومؤسسات المجتمع المدني فنحن نقوم على نظام سياسي تعددي، ما تحقق بعد قيام الجمهورية اليمنية وقبل خمسة عشر عاماً على وجه الخصوص فيما كان يسمى بالشطر الجنوبي شيء هائل وباستطاعتكم الالتقاء بالمواطنين على مختلف شرائحهم الاجتماعية والسياسية والثقافية للوقوف أمام ما تم إنجازه وما تحقق خلال خمسة عشر عاماً حيث لم يتبقَ مما كان قائماً فيما كان يسمى بالمحافظات الجنوبية والشرقية عدا من اثنين إلى ثلاثة في المائة على مختلف مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع المختلط والقطاع الخاص ومساكن الناس ومعيشتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومعاهدهم والمراكز الثقافية والاجتماعية، هذه جميعها كلها لا تشكل من الماضي سوى ما نسبته من2 – 3% فكل شىء تغير وتغيرت حتى ثقافة الناس، وأستطيع أن أجزم بأن الوحدة راسخة وليس هناك شيء يقلق، إذا بقيت بعض أصوات نشاز فهي ممن فقدوا مصالحهم أو مراكزهم أو وجاهتهم وهؤلاء لا يشكلون شيئاً يذكر لكن نحن نتابع عامة الجمهور وعامة الناس على مختلف ثقافتهم وسياستهم فإذا تابعنا بشكل جيد فقد نشأ خلال ال15 سنة جيل جديد لا يعرف إلا الجمهورية اليمنية ولا يوجد شخص يرفع صوته ضد الوحدة اليمنية ولكن إذا سمعت صوت أو ادعاءات من البعض فهي من أجل قضايا أخرى ليس هناك صوت يقول لسنا مع الوحدة اليمنية هذا غير موجود في اليمن وباستطاعتك عمل مسح واستطلاع في كل أنحاء اليمن وهذه الأصوات النشاز هي ليست من أبناء المحافظات الجنوبية فقط لكن أيضاً في المحافظات الشمالية ومن لم يستطيعوا أن يحققوا الوحدة في الماضي وفقدوا مراكز ومصالح فهؤلاء هم الذين يمثلون الأصوات النشاز وهم الذين يتذرعون بالإصلاحات أو يدعون بمحاربة الفساد ويتذرعون بالمساواة وهؤلاء لا يمثلون أي نسبة.. نسبة ضئيلة في المائة أظن ربع ربع الواحد في المائة.
واستطاعت أجهزتنا بحداثتها وبإمكانياتها المتواضعة أن تكتشف كل العناصر الإرهابية وتم التحفظ عليهم من قبل الأجهزة الأمنية ومتابعتهم في وقت زمني قياسي والتحقيق معهم والحد من قيامهم بأي أعمال إرهابية أخرى ثم إلقاء القبض على العناصر التي قامت بالتفجيرات في العاصمة صنعاء ضد بعض مؤسسات الدولة والذين كانوا يسعون إلى تفجير مصلحة الطيران والأمن السياسي والسفارة الأمريكية والسفارة البريطانية والسفارة الإيطالية وتم إلقاء القبض عليهم وتحويلهم إلى التحقيق، وكل من قام بأعمال إرهابية هو الآن في القضاء، العناصر المنتمية إلى تنظيم القاعدة وإلى الجهاد تم ” التحفظ ” عليهم والتحقيق معهم وأجرينا أيضاً حواراً دينياً وفكرياً معهم من خلال علماء يمنيين وذلك لإعادتهم إلى جادة الصواب والابتعاد عن التطرف وحققنا نتائج جيدة رغم اعتراض الأصدقاء الأمريكان وحتى بعض الأصدقاء من الاتحاد الأوروبي وبعض دول العالم في البداية حيث قالوا لنا كيف تحاورون هؤلاء إلإرهابيين؟ ولكننا حاورناهم وكانت النتائج ممتازة.. لقد اطمأن الذين في السجن وكذلك الذين كانوا خارج السجن الذي كان ممكن أن يقوموا بأعمال إرهابية اطمأنوا، ولهذا أصدقائنا عندما رأوا الحوار جيداً أعطاهم هذا التصرف الأمان وليس هناك أي خطورة على عناصرهم الذين كانوا في السجن.. وحققنا نتائج جيدة الآن.. لقد كانوا معترضين على الحوار مع العناصر التي في السجن، الآن أثبت الحوار جدواه وهم الآن يجروا حوار معهم في أمريكا وفي أوروبا وفي الدول الإسلامية. إن الطريقة التي انتهجتها اليمن لم تكن خطأً بل كانت صائبة لأن العنف يولد العنف والفكر المتطرف.
المذيع: في إطار السياق الدولي أيضاً نريد أن نسترسل معاً في حديث حول كيف تحللون الأحداث التي تجري في العراق وخاصة الانتخابات التي جرت والتي يبدو أنها حققت نجاحاً نسبياً مما أعطى الأمريكيين انطباعاً بأن الأمور تسير بالاتجاه الإيجابي أو كما كانوا يريدون؟
الرئيس: نحن كنا نتمنى أن يشارك كل العراقيين في الانتخابات العراقية بغض النظر عن دياناتهم أو مذهبهم سواء كانوا سنة أو شيعة أو أكراد أو مسيحيين كان ينبغي أن يشاركوا تحت لافتة التعددية السياسية والحزبية وليس الطائفية وتقسيم العراق إلى كانتونات طائفية ، هذا ما كنا نطمح إليه، على كلٍّ نحن تحدثنا وقلنا إذا ما جرت انتخابات ولم تشارك فيها كل الفعاليات السياسية بمختلف توجهاتها الدينية والعرقية فسوف تكون الانتخابات عرجاء ولكن الآن جرت الانتخابات مثلما رأينا..الأمريكان كانوا مصرين على إجراءها ونحن كنا نأمل من الأمريكان أن يؤجلوها لإجراء حوار مع مختلف التيارات السياسية والدينية والتوجهات الدينية من أجل أن تكون الانتخابات مستوفاة ومتكاملة ليكون هناك عراق ديمقراطي موحد بعيداً عن الطائفية والمذهبية، لكن على كل حال ما جرى جرى والانتخابات خطوة ومن وجهة نظر الأمريكان أنها حققت نتائج رغم أنها جرت في ظل وجود عنف كان المفروض أن تكون الانتخابات بدون عنف.. لكن هذا ما حدث في العراق ونتطلع إلى أن هذه الحكومة التي ستنتخب أن تقوم بعملية الحفاظ على الأمن والاستقرار والحوار مع مختلف القوى السياسية كحكومة منتخبة مؤقتة من أجل إيجاد استقرار وإذا استقر العراق فذلك شيء مهم من أجل الاستقرار في المنطقة بشكل عام والموضوع الآخرهو موضوع ما جرى في مؤتمر شرم الشيخ والحوار الجاري الآن أو المستأنف بين محمود عباس وبين شارون برعاية أمريكية نأمل أن تشمله رعاية أمريكية – أوروبية من أجل أن يكتب له النجاح واستئناف المفاوضات من أجل إنهاء الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإقامة الدولة الفلسطنية وعاصمتها القدس، وهذا سوف يجلب الأمن والاستقرار للمنطقة وأيضاً يجلب الأمن والاستقرار لإسرائيل وبدون إقامة الدولة الفلسطينية لن تكون إسرائيل آمنة خاصة إذا استمرت في سياسة العنف والاغتيالات ومتابعات القيادة الفلسطينية.. هذا العنف لن يحقق نتائج تذكر لإسرائيل بل علينا أن نأخذ عبرة بالماضي أثناء مراهنة الاستعمار في أفريقيا وفي آسيا وفي كل بلدان العالم وبعد أن تم إجلاء الاستعمار عن بلدان العالم رغم القمع ورغم القوة لم يتمكن من أن يحقق نتائج إيجابية بل الحوار والتفاهم حول نقاط معينة وبحث نقاط الالتقاء هي السبيل الأمثل لتحقيق النتائج الإيجابية، ونقول بأن هذا متفق عليه ونقاط الخلاف يستمر الحوار عليها ويجب أن يكون عصرنا الحالي والقادم هو عصر الحوار وليس عصر استخدام القوة وهو المثمر والأفضل من استخدام القوة على أي مستوى كان.
المذيع: – سيدي الرئيس السؤال حول العلاقة مع فرنسا ..أعرف ان لديكم علاقة مميزة مع فرنسا وعلاقة جيدة مع الرئيس ميتران وعلاقة جيدة مع الرئيس شيراك وزياراتكم إلى فرنسا تدل على ذلك.. إذاً كيف توضحون هذا الجو الحميمي بين فرنسا واليمن؟
الرئيس: في الحقيقة علاقتنا بالأصدقاء في فرنسا ممتازة جداً سواء في عهد الرئيس فرانسو ميتران أو في عهد الرئيس شيراك فهي علاقات تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهناك تعاون تجاري وثقافي وتعاون أمني بين اليمن وفرنسا، وفرنسا لها موقف إيجابي كبير كبير أثناء فتنة الحرب ومحاولة الانفصال في صيف عام 1994م عندما وقفت فرنسا في مجلس الأمن إلى جانب الشرعية الدستورية في اليمن وهذا موقف تقدره تقديراً عالياً الحكومة والشعب اليمني لفرنسا وأستطيع أن أقول أن العلاقات مميزة وقد التقيت بالرئيس شيراك أكثر من ثمان مرات والتقيت بالرئيس ميتران أكثر من ست مرات وعلاقاتنا ممتازة مبنية على الثقة، وقد زارنا الرئيس ميتران إلى صنعاء وألقى خطاباً ثقافياً وسياسياً نال إعجاب أبناء الشعب اليمني ونتحدث في القضايا الدولية وقضية الصراع في الشرق الأوسط والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك والقضايا الثنائية تكون محل اهتمامنا وكثير من وجهات النظر متطابقة على مدار لقاءاتي مع القيادات الفرنسية السابقة والحالية، فرنسا كان لها دور إيجابي أثناء خلافات اليمن مع إرتيريا أثناء احتلال جزيرة حنيش من قبل الإريتريين كانت فرنسا تلعب دوراً دبلوماسياً رائعاً.
المذيع: في فرنسا سيدي الرئيس لدينا في الحكومة نساء وتتولى حقيبة هامة هي السيدة اليو ماريت تتولى حقيقة وزارة الدفاع الفرنسية وهذا السؤال في الواقع يحملنا إلى السؤال عن واقع المرأة في اليمن.. هل وضع المرأة في اليمن في تحسن إيجابي أم سلبي؟
الرئيس: أنتم في فرنسا أو أوروبا قطعتم شوطاً في المجال الثقافي والحضاري والمجال الديمقراطي خلال مدة طويلة من الزمن، ونحن دولة ناشئة ورغم ذلك استطعنا أن نقفز بدور المرأة قفزة نوعية في اليمن خلال خمسة عشرة إلى عشرين عاماً حتى أصبحت تتبوأ كثيراًَ من المراكز الهامة والفعالة في اليمن فهي مشاركة في الحياة السياسية والعامة وهي مدرسة منذ زمن وبرلمانية وعضو في الحكومة وهي سفيرة وتشغل مناصب قيادية أخرى عديدة وتتواجد في مختلف المستويات، فالمرأة اليمنية تحتل مكانة جيدة جداً ولم يحصل للمرأة من قبل أن تحقق تلك القفزة في مدة زمنية وجيزة حتى في أوروبا ..
المذيع: أحاول أن أتخيل عندما كنتم جندياً وطنياً وأنا أراكم الآن رئيساً ما هو الموقف الأصعب في حياتكم الذي وجدتم فيه صعوبات جمة وكبيرة؟
الرئيس: في بداية تأسيس الدولة الحديثة أثناء تولي المسؤولية في عام 78 م كانت هناك صعوبات جمة.. التشطير، التخلف، الفقر والحروب القائمة في عدن والمنطقة وكان الهم أمامي هو كيف تقوم الدولة المؤسسية وبناء دولة حديثة.
ثانياً هو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، والهم الثالث هو ترسيم وحل مشكلة الحدود مع دول الجوار، حيث كانت هذه كلها هموم أمام الرئيس عندما تحمل المسئولية وقبل أن أتحمل هذا الهم الكبير وعندما كنت جندياً كان عندي هم وحدتي العسكرية كيف أنظمها وأقودها قيادة سليمة في ذلك الوقت.
المذيع: هناك رقم قياسي أنتم في السلطة منذ 28 عاماً ألم تواجهو صعوبات أو هموم؟
الرئيس: ليس هناك ماهو صعب أمام الإرادة.. كان الهم الوطني يلازمني سواء في مهمتي الصغيرة أو في مهمتي الكبيرة .
المذيع: يبدو أنكم بصحة جيدة.
الرئيس: الحمد لله، لكن أكيد أن الطاقة تختلف، فرحم الله امرءاً عرف قدر عمره.
المذيع: شكراً سيادة الرئيس.